نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٤

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤٠٠

قال (١) فرعون لقومه : هذا سحر (٢). وأمر (٣) بجمع السّحرة من جميع الأقطار ، وأمرهم بعمل حيّاة تصغر عصا موسى عندها. فعملوا ذلك وكانوا ثمانين ساحرا ، وكان شيخهم أعمى يسمّى : حطحط ، فوعد (٤) النّاس بإبطال سحره.

ثمّ إنّهم وعدوه (٥) يوما شديد الحرّ ضحى ، إلى واد قريب من المدينة ، فحضر فيه وحضر السّحرة. فألقوا حبالهم وعصيّهم في الوادي ، فظلت تسعى ؛ كالنّخل السّحوق. فألقى موسى عصاه ، [فإذا هي ثعبان عظيم] (٦) ، فتلقّفت جميع حبال السّحرة وعصيّهم.

قال (٧) شيخ السّحرة : ماذا (٨) فعل موسى؟ فحكوا إليه (٩) حكاية ما فعل.

فقال لهم : أكبرت بطنها؟

فقالوا (١٠) : لا.

فقال : هذا ليس بسحر ، ولا موسى بساحر ، [وهو] (١١) أمر إلهيّ. فآمن (١٢)

__________________

(١) ج ، د ، م : فقال.

(٢) ج : مسحّر.

(٣) ج : فأمر.

(٤) ج ، د ، م : فوعدوا.

(٥) ج ، د ، م : واعدوه.

(٦) ج ، د ، م : فصارت ثعبان عظيما.

(٧) ج ، د ، م : فقال.

(٨) ج ، د ، م : الّذي.

(٩) ج ، د ، م : له.

(١٠) ج : قالوا.

(١١) ج ، د ، م : بل هذا.

(١٢) ج ، د ، م : وآمن.

١٤١

حطحط وأصحابه بموسى ـ عليه السّلام ـ.

فأخذهم عند ذلك فرعون فقال (١٣) لهم : (آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) (١٤).

وكان قد اجتمع إلى موسى ـ عليه السّلام ـ أصحابه ، الّذين آمنوا به (١٥) ، وقصدوا (١٦) ناحية. فأوحى الله ـ تعالى ـ إلى موسى ، أن يقصد البحر فإنّ فرعون وأصحابه يتبعونك ، وإنّي مهلكهم في البحر و (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) (١٧) واعبر بأصحابك فيه.

فوصل (١٨) موسى إلى البحر وفرعون يتبعه ، فضرب (١٩) موسى ـ عليه السّلام ـ بعصاه البحر (٢٠) فانفلق اثني عشر دربا. ووقف الماء كالجبال ، وكانت فيه مناظر ينظر بعضهم بعضا. فعبر موسى بأصحابه وصعد (٢١) من البحر ، ونزل فرعون في

__________________

(١٣) م : وقال.

(١٤) طه (٢٠) / ٧١.

(١٥) م : معه.

(١٦) م : قعدوا.

(١٧) الشعراء (٢٦) / ٦٣.

(١٨) ج : فدخل.

(١٩) ج : وضرب.

(٢٠) ليس في أ.

(٢١) ليس في أ.

١٤٢

أثرهم بجنوده. فأرسل الله ـ تعالى ـ البحر كما كان فغرق فرعون وأصحابه ، وقفا (١) فرعون بدرعه ـ وكانت من لؤلؤ ـ على الماء ، فعرفه أصحاب موسى فحمدوا الله ـ تعالى ـ على ذلك ، وأدخل الله ـ تعالى ـ فرعون وجنوده النّار. قال الله ـ تعالى ـ : (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) (٢) وأورث الله ـ تعالى ـ موسى وأصحابه أرض مصر وملك فرعون.

وروي : أنّ البحر الّذي عبر فيه موسى ـ عليه السّلام ـ هو (٣) بحر القلزم (٤).

ثمّ أمر الله ـ تعالى ـ موسى أن يقصد ببني إسرائيل إلى مدينة الجبّارين ، الّذين منهم عوج بن عناق ، فيقاتلهم. فأمرهم بذلك فأبوا ، وقالوا : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٥).

فابتلاهم الله ـ تعالى ـ عند (٦) ذلك بالتّيه من أرض فلسطين ، برّيّة ليس بها (٧) ماء ولا شجر ، ثمانية فراسخ [في ثمانية فراسخ] (٨) ، يتيهون (٩) طول ليلتهم (١٠) في

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ وينبغي أن يقال : طفا بدل قفا.

(٢) نوح (٧١) / ٢٥.

(٣) من ج.

(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٥) المائدة (٥) / ٢٤.

(٦) ليس في ج.

(٧) م : فيها.

(٨) ليس في د.

(٩) ج ، د ، م زيادة : فيها.

(١٠) م : ليلهم.

١٤٣

ضجّة (١) إلى الصّباح ثمّ يصحبون في أمكنتهم ، فمكثوا (٢) على (٣) ذلك أربعين سنة.

قوله ـ تعالى ـ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (٥) ؛ أي : الوارثين (٤) لأراضي مصر بعد إهلاك (٥) فرعون.

وروي في أخبارنا [عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ] (٦) عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ : أنّ هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الّذي يظهر في آخر الزمان ، ويبيد الجبابرة والفراعنة ، ويملك الأرض شرقا وغربا ، فيملؤها (٧) عدلا كما ملئت جورا (٨).

ويعضد ذلك : ما روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إنّه قال : [والله] (٩) ، لو لم يبق [من الدّنيا] (١٠) إلّا [يوم واحد] (١١) لطوّل الله ذلك اليوم

__________________

(١) ج ، د ، م زيادة : وجدّ.

(٢) ج ، د ، م : مكثوا.

(٣) ليس في د.

(٤) ج : وارثين.

(٥) ج ، د ، م : هلاك.

(٦) ليس في ج ، د ، م.

(٧) ج ، د ، م : ويملؤها.

(٨) عنه البرهان ٣ / ٢٢٦.+ ورد مؤدّاه في نور الثقلين ٤ / ١١٠ وكنز الدقائق ١٠ / ٣٢ والبحار ٥٣ / ١٧ و ٢٦ و ١٠٢ و ١١٩ و ١٤٣ وإحقاق الحقّ ١٤ / ٦٢٣.

(٩) ليس في ج ، د ، م.

(١٠) ج ، د : الزمان.+ م : من الزمان.

(١١) من الموضع المذكور إلى هنا ليس في ب.

١٤٤

حتّى يخرج (١) رجل من ذرّيتي (٢) وأهل بيتي ، كنيته ككنيتي واسمه كاسمي (٣) ، أشبه النّاس بي خلقا وخلقا ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (٦) :

قيل : هما فرعون ووزيره ؛ هامان ، اللّذان (٥) أغرقهما الله ـ تعالى ـ لمّا تبعا موسى وأصحابه (٦) إلى البحر. وقد مضى ذلك في تفسير الآية (٧) الّتي قبل هذه الآية (٨).

وروي عن الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام ـ : أنّ فرعون وهامان هما (٩) شخصان من جبابرة قريش ، يحييهم الله ـ تعالى ـ عند قيام القائم [ـ عليه السّلام ـ] (١٠) من آل محمّد [ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ] (١١) في آخر الزمان ،

__________________

(١) ب ، ج ، د ، م : يظهر.

(٢) من أ.

(٣) م : اسمى.

(٤) معجم أحاديث المهدي ـ عليه السّلام ـ ١ / ١١٩ و ١٢٢ و ١٤٢ و ١٥٦ و ١٥٧.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ).

(٥) ما أثبتناه في المتن هو الصواب ولكن في أ : الذي وفي ب ، د ، م : الذين وفي ج : والذين.

(٦) ب : قومه.

(٧) م : الآيات.

(٨) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٩) ج ، د ، م : هاهنا.

(١٠) من أ.

(١١) ب ، ج ، د ، م : عليهم السلام.

١٤٥

فينتقم منهما بما أسلفا ويسرّ المؤمنون بذلك (١).

وهي الرّجعة عند الإماميّة الّتي (٢) يروونها عن أئمتهم (٣) ـ عليهم السّلام ـ :

أنّه يحيي الله عند قيام القائم من آل محمّد [ـ عليهم السّلام ـ] (٤) جماعة من أوليائه لينصرونه (٥) وجماعة من أعدائه لينتقم منهم ، فيسرّ أولياؤه بذلك (٦).

ونرجع (٧) إلى ذكر موسى ـ عليه السّلام ـ قوله ـ تعالى ـ : «وأوحينا إلى أمّ موسى» (٨) وأسمها أيو خايد ، وهي من ولد لاوي بن يعقوب ـ عليه السّلام ـ.

قوله ـ تعالى ـ : (أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) ؛ يريد : من فرعون [وأصحبه] (٩) [وأعوانه] (١٠). (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) ؛ أي : في البحر. (وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٧) :

[حكي عن] (١١) الأصمعيّ ، أنّه روي عن بعض نساء العرب أنّها قالت : في

__________________

(١) عنه البرهان ٣ / ٢٢٠ وليس فيه : ويسرّ المؤمنون بذلك.+ وورد مؤدّاه في البحار ٥٣ / ١٧.

(٢) ب : الذين.

(٣) ج ، د ، م : أئمتنا.

(٤) من أ.

(٥) ليس في د.+ ج ، د ، م : لنصرته.

(٦) ورد مؤدّاه في معجم أحاديث المهدي ـ عليه السّلام ـ ٤ / ٨١ ـ ١٠٤.

(٧) أ ، ب : رجعنا.

(٨) القصص (٢٨) / ٧.

(٩) ليس في ج ، د ، م.

(١٠) ليس في ب.

(١١) ج ، د ، م : وحكى.

١٤٦

هذه الآية نهيان وأمران وبشارتان وخبران. وهي [استيفاء المعنى مع] (١) أقوى الأدلّة على فصاحة القرآن الّذي لا يداينه في كلام العرب كلام ؛ لأنّ حدّ الفصاحة عند العلماء هي (٢) استيفاء المعنى مع اختصار اللّفظ (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) :

«اللام» هاهنا ، لام العاقبة ؛ أي : عاقبة أمره يكون ذلك.

قيل : التقطه خدم فرعون وجواريه (٤) من الماء الّذي يجري بين الشّجر ، ولذلك سمعوه (٥) : موسى لأنّه أسم مركّب من الماء والشّجر ؛ ف «مو» هو الماء بالعبريّة (٦) و «سى» (٧) الشجر بها (٨).

ونسبته ـ عليه السّلام ـ إلى ذلك : موسى بن عمران بن نضير (٩) بن فاقب (١٠) ابن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. ويعقوب هو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم ـ عليهم السّلام ـ.

__________________

(١) ليس في ج ، د.+ م : من.

(٢) ج ، د ، م : في.

(٣) مجمع البيان ٧ / ٣٧٧ من دون ذكر للقائل.

(٤) م : حواره.

(٥) م : سمّاه.

(٦) ب ، ج ، د ، م : بالعبرانية.

(٧) ب ، ج ، د ، م زيادة : هو.

(٨) تفسير الطبري ٢٠ / ٢١ نقلا عن السدي.

(٩) ب : يضمر.+ ج ، د ، م : يضمير.

(١٠) ج : عاقب.+ ب ، د : ثاقب.

١٤٧

فلمّا أحضروه بين يديه ، همّ بقتله. فقالت (١) زوجته ؛ آسية ، وكانت مؤمنة ولم يولد لها (٢) : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) وقد مضى ذكر ذلك (٣) فلا وجه لتكراره هاهنا (٤).

قوله ـ تعالى ـ : «إن كادت لتبدى به» ؛ أي : تقول : فرغ قلبي من كلّ شيء إلّا من حزنه.

وقيل : بل (٥) فرغ قلبي من حزنه لوعد الله ـ تعالى ـ لي (٦) بردّه إليّ (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) ؛ أي : أتّبعي أثره. قالت (٨) لها حين ألقته في اليمّ.

قوله ـ تعالى ـ : (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ) ؛ أي : عن بعد ، وقد أخذه الماء إلى بستان فرعون. فلمّا التقطوه من البستان (٩) إلى فرعون استوهبته زوجته منه (١٠) فوهبها إيّاه. [وقد مضى ذكر ذلك ـ أيضا ـ] (١١).

__________________

(١) م زيادة : له.

(٢) ب ، ج ، د : لهما.+ سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) (٨)

(٣) أ زيادة : فيما مضى.

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩)

(٥) ب ، ج ، د ، م زيادة : تقول.

(٦) ليس في م.

(٧) التبيان ٨ / ١٣٣ من دون ذكر للقائل.

(٨) ج ، د ، م : فقالت.

(٩) أ زيادة : أتوه.

(١٠) ليس في أ.

(١١) ج ، د ، م زيادة : وكان لا يولد لهما فقالت (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) ثمّ أمر «أمرت ـ م» بارضاعه فلم ير أمّه على ثدي أحد من المراضع فقالت مريم أخته وكانت في دار فرعون أنا أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون تعني بذلك أمّة. فأحضروها وسلّموه إليها فأرضعته فرضع على ثديها ففرحوا بذلك فقال الله ـ تعالى ـ : (فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ).+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١١) والآية (١٣) وقد تقدمت الآية (١٢)

١٤٨

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) أي حكمة (١) ونبوة. و «الأشد» قيل : ما بين ثماني عشرة سنة (٢) إلى ثلاثين (٣) ، ثمّ ما بين الثّلاثين إلى الأربعين.

وذلك هو الاستواء ، ولا يزداد طولا بعد ذلك (٤).

الزّجّاج قال : استكمل قوّته واعتدل فاجتمع (٥) شبابه (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) :

قيل : وقت الصّبح (٧).

وقيل : نصف النّهار (٨).

__________________

(١) أ ، ب : حكما.

(٢) ليس في م.

(٣) ج ، د زيادة : سنة.

(٤) تفسير الطبري ٢٠ / ٢٨ : قال بعضهم يكون ذلك في ثلاثين سنة وقال مجاهد استوى بلغ أربعين سنة.

(٥) م : واجتمع.

(٦) تفسير الطبري ٢٠ / ٢٧ من دون نسبة القول إلى أحد.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٤)

(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٨) تفسير الطبري ٢٠ / ٢٩ نقل عن قتادة.

١٤٩

وقيل : بين العشاءين (١).

قوله ـ تعالى ـ : (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) :

«العدو» اسم يصلح للواحد والجمع.

قوله ـ تعالى ـ : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) ؛ أي : ضربه بجمع كفه فقتله.

القتيبيّ قال : وكزه ولكره ولهزة : إذا دفعه (٢).

«فقضى عليه» ؛ يريد : قضى عليه بالموت. فندم موسى ـ عليه السّلام ـ على ذلك ، خوفا من تبع قومه.

(قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) : يريد : العجلة. وكان مأذونا له فمي قتله ، فاستعجل ولم يستفسر جبرائيل ـ عليه السّلام ـ متى يقتله فندم (٣).

(قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) ؛ أي : استر عليّ. (فَغَفَرَ لَهُ) وستر عليه إلى أن بعد عنهم.

وعندنا : أنّ موسى ـ عليه السّلام ـ ما فعل (٤) قبيحا ، وإنّما فعل مكروها حيث لم يعاود و (٥) يستفسر متّى يقتله.

[وقوله] (٦) : «ظلمت نفسي» (٧) : أحرمتها (٨) ونقصتها الثّواب بالاستعجال

__________________

(١) تفسير الطبري ٢٠ / ٢٩ نقل عن ابن عباس.

(٢) التبيان ٨ / ١٣٦ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) (١٥)

(٤) ج ، د ، م : لم يفعل.

(٥) ج زيادة : لم.

(٦) ليس في أ.

(٧) ب ، ج ، د ، م زيادة : أي.

(٨) ج ، د : حرمتها.

١٥٠

الّذي (٩) لو تركته [لاستحفيت بذلك] (١٠) الثواب.

و (١١) في أخبارنا ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ [في قوله] (١٢) : «من عمل الشّيطان» قال : ذلك خصومة القبطيّ والإسرائيليّ (١٣).

قوله ـ تعالى ـ : (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ) ؛ [يريد : يترقّب التّبع من أولياء القبطيّ] (١٤).

قوله ـ تعالى ـ : (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) : [أي : يستنصره] (١٥) ويستعينه (١٦).

قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ) بالإسرائيليّ ؛ كما بطش بالقبطيّ (١٧).

قال له الإسرائيليّ : (يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ

__________________

(٩) ليس في أ.

(١٠) ج ، د ، م : لاستحققت ذلك.

(١١) ج ، د ، م زيادة : روي.

(١٢) ليس في ب.

(١٣) العيون ١ / ١٩٩ وعنه البحار ١٣ / ٣٢.+ سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١٦) والآية (١٧)

(١٤) د : يريد يترقّب.+ ليس في ب.

(١٥) ليس في د.

(١٦) د ، م : يستغيثه.+ ج : يعينه.+ سقط من هنا قوله تعالى : (قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) (١٨)

(١٧) سقط من هنا قوله تعالى : (بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ).

١٥١

إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) (١٩) :

(وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى) :

الكلبيّ قال : هو حزبيل ابن عمّ فرعون. وكان مؤمنا يكتم إيمانه ، وكان معه نصف عسكر فرعون. فجاء بمفرده يسعى (١) إلى موسى ـ عليه السّلام ـ (٢) (قالَ) له : (يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) :

«الملأ» (٣) الأشراف من أصحاب فرعون.

«يأتمرون بك ليقتلوك» ؛ أي : يهمّون بقتلك ويشاورون في ذلك ، ويأمر بعضهم بعضا بذلك (فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ موسى ـ عليه السّلام ـ (مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) ؛ أي : يتوقّع التّبع (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ : عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) (٢٢) ؛ أي : قصد الحقّ (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) ؛ أي : جماعة.

قوله ـ تعالى ـ : (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) ؛ أي : يكفّان (٦)

__________________

(١) ج ، د ، م : يسرع.

(٢) مجمع البيان ٧ / ٣٨٤ من دون نسبة القول إلى أحد وفيه حزقيل بدل حزبيل.

(٣) ج ، د ، م : يريد.

(٤) ب : الطلب.+ سقط من هنا قوله تعالى : (قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢١)

(٥) ج ، د ، م : الطريق.

(٦) م : تكفان.

١٥٢

غنما لهما ويحبسانها (١).

(قالَ) موسى ـ عليه السّلام ـ (٢) : (ما خَطْبُكُما) ؛ أي : ما شأنكما؟

(قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) ؛ أي : يكتفي من الماء.

ومن قرأ : «يصدر» بضمّ الياء وكسر الدّال ، أراد : الصّادر الّذي يرجع بعد الوارد.

وقوله ـ تعالى ـ حكاية عن قولهما : (وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) (٢٣) ؛ يعنيان : شعيبا النّبيّ ـ عليه السّلام ـ. وكانتا توأمين ، اسم الكبرى : صفوريا (٣) ، واسم الصغرى : صفيرا.

قوله ـ تعالى ـ : (فَسَقى لَهُما) موسى ـ عليه السّلام ـ. (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) ظلّ شجرة كانت هناك.

(فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (٢٤) وكان قد نال الجوع منه ؛ يريد : إنّي لما رزقتني من رزق محتاج إليه الآن. فسأل الله ـ تعالى ـ شيئا يطعم.

فرجعتا إلى أبيهما ، وقصّتا (٤) عليه قصّة موسى ـ عليه السّلام ـ معهما. فقال لهما : ادعواه لي (٥).

(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) وهي الكبرى. عن (٦) مقاتل (٧).

__________________

(١) م : تحبساها.

(٢) ج : لهما بدل ـ عليه السّلام ـ.

(٣) ب : صفريا.

(٤) أ ، ج ، د ، م : فقصّتا.

(٥) ب ، د ، م : إليّ.

(٦) أ : عند.

(٧) مجمع البيان ٧ / ٣٨٨ نقلا عن ابن إسحاق.

١٥٣

وقال الكلبيّ : الصّغرى ، وهي الّتي تزوّجها موسى ـ عليه السّلام ـ (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) ومشت بين يديه. فقال لها : امشي خلقي ، وأرشديني (٩) الطّريق إن حزت (١٠) عنه.

فلمّا جاء له (١١) قالت له (١٢) الكبرى (١٣) : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (٢٦).

قال : من أين علمت قوّته وأمانته؟

قالت (١٤) : يا أبت ، علمت قوته من قلعه الصّخرة ولا يطلعها (١٥) إلّا عشرة رجال. وعلمت أمانته ، أنّه (١٦) لمّا دعوته إليك مشيت بين يديه ، قال (١٧) : امشي خلفي ، فإن حزت (١٨) عن الطريق فأرشديني.

قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) ؛ [أي : قصّته] (١٩)

__________________

(٨) كشف الأسرار ٧ / ٢٩٥ من دون نسبة القول إلى أحد.

(٩) أ زيادة : إلى.

(١٠) ج : جزت.+ د : جرت.

(١١) ج ، د : جاءت إليه.+ م : جاء الله.

(١٢) ليس في ج ، د ، م.

(١٣) سقط من هنا قوله تعالى : (قالَتْ إِحْداهُما).

(١٤) ج ، د ، م : فقالت.

(١٥) م : ولا تقلعها.

(١٦) ب ، ج ، د ، م : أنّي.

(١٧) ج ، د ، م : فقال.

(١٨) د : جرت.+ م : حدت.

(١٩) ليس في أ.

١٥٤

(قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢٥) :

(قالَ) له (١) شعيب له : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) ؛ أي (٢) : ما أريد أن أكلفك بما يشق عليك. وكانت الإجارة تصحّ في سنّتهم بالنكاح (٣).

فقال له موسى ـ عليه السّلام ـ : (ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٢٨) ؛ أي : شاهد.

قال بعض النّحاة : «ذلك» مبتدأ ، وما بعده خبر. ونصب «أيّما» (٤) «بقضيت» ، و «ما» زائدة. وخفض «الأجلين» بإضافة «أيّ» إليهما (٥).

فلمّا زوّجه الكبرى ، وقيل : الصّغرى (٦) ، أعطاه عصاه فكانت (٧) أكبر آياته.

قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً) ؛ أي : أبصر.

فـ (٨) (قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً) ؛ أي : أبصرت.

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) ليس في ب.

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ).

(٤) م : أي.

(٥) مجمع البيان ٧ / ٣٨٩ نقلا عن الزّجّاج.

(٦) مجمع البيان ٧ / ٣٩١ نقلا عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.

(٧) ج ، م : وكانت.

(٨) ليس في أ.

١٥٥

(لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٢٩) :

«الجذوة» النّار بلا لهب.

و «الاصطلاء» التّسخين والتّليين.

قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣٠) :

«الشاطئ» الوادي.

«الأيمن» ؛ أي : ناحيته اليمنى.

«من الشّجرة» (١) [قيل : انّ الشّجرة] (٢) هاهنا هي (٣) العوسجة ، وكان حولها زيتون (٤).

قوله ـ تعالى ـ : «إنّي أنا الله ربّ العالمين» ؛ أي (٥) : الّذي فعل النّور وفعل الكلام في (٦) الشّجرة.

قال بعض المتكلّمين في كيفيّة فعل الله (٧) الكلام في الشّجرة : إنّه ـ سبحانه ـ بنى في الشّجرة بنية الكلام حتّى سمع (٨) منها (٩).

__________________

(١) ليس في م : من الشجرة.

(٢) ليس في أ.

(٣) ليس في ج.

(٤) تفسير الطبري ٢٠ / ٤٦ نقلا عن قتادة.

(٥) ليس في ج ، د.

(٦) ج : من.

(٧) ليس في ج.

(٨) ج ، د ، م : يسمع.

(٩) التبيان ٨ / ١٤٦ من دون ذكر للقائل.

١٥٦

وقال غيره : إنّ الكلام صدر من بعض الملائكة بأمر الله ـ تعالى ـ وأضيف إلى الأمر به ، على عادة العرب في ذلك (١).

قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) ؛ أي : لم يلتفت خوفا منها.

فنودي : (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) (٣١) (٢) : من أذاها.

قوله ـ تعالى ـ : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) ؛ أي : من غير برص. وأخذت (٣) الأبصار بنورها.

قوله ـ تعالى ـ : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) ؛ أي : دليلان معجزان : العصا واليد.

قوله ـ تعالى ـ : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) :

«الرّهب» الخوف.

مقاتل قال : ضع يدك مع عصاك (٤).

و «الجناح» هاهنا : الإبط. عن أبي عبيدة (٥). وعن (٦) قول الشّاعر :

__________________

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) ب ، ج ، د ، م زيادة : يريد من الآمنين.

(٣) م : فأخذت.

(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٦) ج ، د ، م : من.

١٥٧

أضمّه للصدّر والجناح (١)

و «الجناح» اليد ـ أيضا ـ. و «الرّهب» الكمّ ، بلغة بني حنيفة (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : «فذانك برهانان من ربّك» ؛ أي : آيتان ودليلان.

قوله ـ تعالى ـ : (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) ؛ يعني : الأشراف من قومه (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) ؛ أي : عونا (يُصَدِّقُنِي) :

ونصب «ردءا» على الحال. وجزم «يصدّقني» جواب الطلب.

قوله ـ تعالى ـ : (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) ؛ أي : نقويك به (٤).

(وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) بآياتنا (٥) (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) ؛ يريد : بمكروه.

قوله ـ تعالى ـ : (أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥) فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦) وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ

__________________

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) ج زيادة : وحمير أيضا.

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٣٢)

(٤) ليس في ب.

(٥) ليس في أ.

١٥٨

الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٣٧))

(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ) ؛ يريد : حتّى يصير آجرا.

وكان هامان وزيره ، وهو أوّل من طبخ الطّين آجرا.

قوله ـ تعالى ـ : (فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً) ؛ أي : قصرا عاليا.

(لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) ؛ يريد : ابن لي قصرا عاليا أصعد منه إلى السّماء.

قيل : بنى له قصرا فرسخا مرتفعا (١) في السّماء. وهذا جهل منه ، وكفر وعتوّ.

فأخذ جبرائيل ـ عليه السّلام ـ رأس ذلك البنيان فرماه في اليمّ ، وساح (٢) أسفله.

وأغرق الله فرعون (٣) وأصحابه في اليمّ (٤).

(فَانْظُرْ) يا محمّد (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) ؛ أي : حكمنا بذلك (٥) [عليهم بما كفروا] (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) (٤٢) ؛ يعني : المعذّبين المشوّهين بالنّار.

__________________

(١) ليس في د.

(٢) ج : فساخ.+ م : وساخ.

(٣) ليس في ب.

(٤) ليس في ج.+ تفسير الطبري ٢٠ / ٤٩ نقلا عن السدّي.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٣٨) والآية (٣٩) وقوله ـ تعالى ـ : (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ).

(٥) ب : ذلك.

(٦) ب ، ج ، د ، م : على كفرهم.

١٥٩

وقال الكلبيّ : اسودّت وجوههم وازرقّت عيونهم (١).

وقال أبو عبيدة : هلكوا وبعدوا من الرّحمة (٢). يقال : قبّحه الله ؛ أي : أبعده من رحمته (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِ) :

مقاتل قال : غربيّ الجبل حيث تغرب الشّمس (٤).

الكلبيّ قال : جانب الوادي حيث كلّمناه (٥).

السدّي قال : «غربيّ الوادي» يساره (٦).

قوله ـ تعالى ـ : (إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) ؛ أي : الرّسالة حيث كلّمناه (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) :

«الطّور» الجبل الّذي كلّم الله عليه موسى ـ عليه السّلام ـ.

والخطاب لمحمّد ـ عليه السّلام ـ (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) :

__________________

(١) مجمع البيان ٧ / ٣٩٨.

(٢) مجاز القرآن ٢ / ١٠٦.

(٣) ب ، ج ، د ، م : الرّحمة.+ سقط من هنا الآية (٤٣)

(٤) البحر المحيط ٧ / ١٢٢ نقلا عن أبي عبيدة.

(٥) مجمع البيان ٧ / ٤٠٠.

(٦) مجمع البيان ٧ / ٤٠٠.

(٧) سقط من هنا قوله تعالى : (وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٤٤) والآية (٤٥)

(٨) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٤٦)

١٦٠