كتاب السرائر - ج ١

أبي جعفر محّمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي

كتاب السرائر - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محّمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٧٦

وإن دخل مسافر في صلاة حاضر قاصر لها ، أجزأته عن فرضه.

وإذا اجتمع عيد وجمعة في يوم واحد صلّيت صلاة العيد ، وكان الناس بالخيار في حضور الجمعة ، وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبة العيد.

وليس للإمام أن يتأخّر عنهما معا.

فإن اجتمع كسوف وجمعة في وقت واحد ، قدّمت الجمعة ، وأخّرت صلاة الكسوف.

وإن اجتمع استسقاء وكسوف وجمعة لم يقدّم على الجمعة غيرها ، ثم صلّيت صلاة الكسوف ، ثم الاستسقاء ، بعد تجلّي المنكسف ، هذا إذا غلب في الظنّ وكانت الأمارة قوية في أنّ وقت الكسوف لا يفوت ، ولا يخرج وقته ، فأمّا إذا خيف خروج وقت صلاة الكسوف ، فالواجب التشاغل بصلاتها ، وترك صلاة الجمعة في أوّل الوقت ، فإن وقتها لا يفوت ، إلا إذا بقي من النهار مقدار أربع ركعات ، ووقت صلاة الكسوف ، بانجلاء بعض المكسوف يفوت.

فأمّا النوافل يوم الجمعة ، فالمسنون فيها ، زيادة أربع ركعات على النوافل في كل يوم ، واختلف أصحابنا في ترتيبها فذهب السيّد المرتضى رحمه‌الله إلى أن يصلّي عند انبساط الشمس ست ركعات ، فإذا اتضح النهار وارتفعت الشمس ، صلّيت ستا ، فإذا زالت ، صليت ركعتين ، فإذا صليت الظهر ، صلّيت بعدها ستا.

وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله يصلّي عند انبساط الشمس ست ركعات ، وست ركعات عند ارتفاعها ، وست ركعات بعد ذلك ، وركعتين عند الزوال ، وبالجملة أنّه قال : ويقدّم نوافل الجمعة كلّها قبل الزوال ، هذا هو الأفضل في يوم الجمعة خاصّة ، فأمّا في غيره من الأيام ، فلا يجوز تقديم النوافل قبل الزوال ، وهذا هو الصحيح ، وبه افتي ، لأنّ عمل الطائفة عليه ، وتقديم الخيرات أفضل ، والروايات به متظاهرة (١) ، وقال ابن بابويه من أصحابنا : الأفضل تأخير

__________________

(١) الوسائل : الباب ١١ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.

٣٠١

النوافل كلّها ، أعني نوافل يوم الجمعة إلى بعد الزوال ، وهذا غير واضح ، ولا معتمد.

ووقت ركعتي الزوال قبل الزوال ، ولا يجوز أن يصلّي بعد الزوال ، لأن الأخبار (١) وردت عن الأئمة الأطهار بأنّهم سئلوا عن وقت ركعتي الزوال ، أقبل الأذان أو بعده؟ فقالوا : قبل الأذان ، والأذان لا يكون إلا بعد الزوال فمن ذلك ، ما أورده (٢) أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، صاحب الرضا عليه‌السلام في جامعه قال : وسألته عن الزوال يوم الجمعة ما حدّه؟ قال : إذا قامت الشمس فصلّ ركعتين ، فإذا زالت فصلّ الفريضة ساعة تزول ، فإذا زالت قبل أن تصلّي الركعتين ، فلا تصلّهما ، وابدأ بالفريضة ، واقض الركعتين بعد الفريضة ، قال : وسألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة ، قبل الأذان أو بعده ، قال : قبل الأذان.

فتحقق وتحصّل من هذا ، أنّ ركعتي الزوال ، تصلّى قبل الزوال ، لا يجوز غير ذلك ، وشاهدت جماعة من أصحابنا يصلّونهما بعد الزوال ، ويدلك على ما اخترناه ، قول شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه‌الله في مقنعته يصلّي لتحقيق الزوال (٣).

وقال بعض أصحابنا وهو شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله في نهايته : ولا بأس بأن يجتمع المؤمنون في زمان التقية ، بحيث لا ضرر عليهم ، فيصلّون جماعة بخطبتين ، فإن لم يتمكنوا من الخطبة ، جاز لهم أن يصلّوا جماعة لكنهم يصلّون أربع ركعات (٤) فدلّ قوله الأول على أنّهم إذا صلّوها بخطبتين ، أجزأتهم صلاة ركعتين عن الأربع وانعقدت جمعة.

وقال في مسائل الخلاف : من شرط انعقاد الجمعة ، الإمام أو من يأمره الإمام بذلك ، من قاض أو أمير ونحو ذلك ، ومتى أقيمت بغيره ، لم تصح ، ثم

__________________

(١) الوسائل : الباب ١١ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ج ١٦ و ١٧.

(٢) الوسائل : الباب ١١ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ج ١٦ و ١٧.

(٣) المقنعة : باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ص ١٦٠. ( وقال هكذا وركعتين حين تزول تستظهر بهما في تحقيق الزوال )

(٤) النهاية : في الجمعة وأحكامها.

٣٠٢

قال : دليلنا أنّه لا خلاف أنّها تنعقد بالإمام أو بأمره ، وليس على انعقادها إذا لم يكن إمام ولا أمره دليل ، ثم قال : وأيضا عليه إجماع الفرقة ، فإنّهم لا يختلفون أنّ من شرط الجمعة الإمام أمره ثم قال : وأيضا فإنّه إجماع ، فإنّ من عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى وقتنا هذا ، ما أقام الجمعة إلا الخلفاء ، والأمراء ، ومن ولّي الصلاة ، فعلم أن ذلك إجماع أهل الأعصار ، ولو انعقدت بالرعية لصلّوها كذلك ، ثم سأل نفسه رضي‌الله‌عنه فقال : فإن قيل : أليس قد رويتم فيما مضى ، وفي كتبكم ، أنّه يجوز لأهل القرايا والسواد والمؤمنين ، إذا اجتمع العدد الذين ينعقد بهم ، أن يصلّوا الجمعة ، فأجاب بجواب عجيب ، بأن قال : قلنا ذلك مأذون فيه ، مرغب فيه فجرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلّي بهم (١).

قال محمد بن إدريس : نحن نقول في جواب السؤال ، القرايا والسواد ، إذا اجتمع العدد الذين تنعقد بهم الجمعة ، وكان فيهم نواب الإمام أو نواب خلفائه ، ونحمل الأخبار على ذلك ، فأما قوله رضي‌الله‌عنه : « ذلك مأذون مرغّب فيه ، فجرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلّى بهم » ، فيحتاج إلى دليل على هذه الدعوى وبرهان ، لأنّ الأصل براءة الذّمة من الوجوب أو الندب ، ولو جرى ذلك مجرى أن ينصب من يصلّي بهم ، لوجبت الجمعة على من يتمكن من الخطبتين ، ولا كان يجزيه صلاة أربع ركعات ، وهذا لا يقوله منّا أحد ، والذي يقوى عندي ، صحة ما ذهب إليه في مسائل خلافه ، وخلاف ما ذهب إليه في نهايته ، للأدلّة التي ذكرها من إجماع أهل الأعصار ، وأيضا فإنّ عندنا بلا خلاف بين أصحابنا ، أنّ من شرط انعقاد الجمعة ، الإمام أو من نصبه الإمام للصلاة ، وأيضا الظهر أربع ركعات في الذّمة بيقين ، فمن قال صلاة ركعتين تجزي عن الأربع ، يحتاج إلى دليل ، فلا نرجع عن المعلوم بالمظنون ، وأخبار الآحاد التي

__________________

(١) الخلاف : مسألة ٤٣ من كتاب صلاة الجمعة.

٣٠٣

لا توجب علما ولا عملا.

وقد ذكر السيّد المرتضى رحمه‌الله في جواب المسائل الميّافارقيات فقال السائل : صلاة الجمعة يجوز أن تصلّى خلف بالمؤالف والمخالف جميعا؟ وهل هي ركعتان مع الخطبة ، يقوم مقام الأربع؟ فقال المرتضى رحمه‌الله : صلاة الجمعة ركعتان من غير زيادة عليهما ، ولا جمعة إلا مع إمام عادل أو من ينصبه الإمام العادل ، فإذا عدم صليت الظهر أربع ركعات (١).

وذكر سلار في رسالته : ولفقهاء الطائفة أيضا أن يصلّوا بالناس في الأعياد والاستسقاء ، فأمّا الجمع فلا (٢) هذا آخر كلام سلّار ، في رسالته ، وهو الصحيح ، وقد اعتذرنا في عدة مواضع ، للشيخ أبي جعفر رحمه‌الله فيما يورده في كتاب النهاية ، وقلنا أورده إيرادا لا اعتقادا ، لأنّ هذا الكتاب ، أعني كتاب النهاية كتاب خبر ، لا كتاب بحث ونظر ، وقد قال هو رحمه‌الله في كتابه هذا ما قاله في خطبة مبسوطة ، فكيف يعتمد ويقلد ما يوجد فيه ، وقد تنصّل المصنف من ذلك.

ويستحب الجمع بين الفرضين في يوم الجمعة خاصة من جهة الوقت والزمان معا ، وكذلك يستحب الجمع بينهما بعرفة ، من جهة المكان والزمان معا ، وكذلك يستحب الجمع بين المغرب والعشاء الآخرة بالمشعر الحرام ، ليلة العيد من جهة المكان والزمان معا ، وحدّ الجمع أن لا يصلّي بينهما نافلة ، فأمّا التسبيح والأدعية فمستحب ذلك ، وليس بمانع للجمع.

فإذا فرغ الإمام من صلاة الجمعة ، صلّى العصر بإقامة فحسب ، دون الأذان ، فأمّا من صلّى الظهر أربعا منفردا ، أو مجمعا في جماعة ، فالمستحب له الأذان والإقامة جميعا لصلاة العصر ، مثل سائر الأيام ، وقد يشتبه على كثير من أصحابنا المتفقهة هذا الموضع لما يقفون عليه ، فيما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي

__________________

(١) رسائل الشريف المرتضى : المجموعة الأولى ، المسألة الثانية ، أحكام صلاة الجمعة ، ص ٢٧٢.

(٢) المراسم ، باب ذكر الأمر بالمعروف و ..

٣٠٤

رحمه‌الله في نهايته ، في باب الجمعة ، من قوله : ولا يجوز الأذان لصلاة العصر يوم الجمعة ، بل ينبغي إذا فرغ من فريضة الظهر ، أن يقيم للعصر ، ثمّ يصلي ، إماما كان أو مأموما ، وهذا عند التأمل لا درك على المصنّف ، ولا اشتباه فيه ، وهو أن الإمام ، إذا فرغ من صلاة الظهر يوم الجمعة ، وصلّى الجمعة ، يقيم للعصر من غير أذان له ، والذي يدلك على ما قلناه أنّ المسألة ، أوردها في باب الجمعة لا الجماعة ، لا أن مقصود المصنّف كل من صلاها أربعا ، وقد قال الشيخ المفيد في مقنعته ما اخترناه ، وحقق ما ذكرناه ، فقال : فليؤذّن ، وليقم لصلاة العصر (١) وكذلك قال في كتاب الأركان : ثم قم فأذّن للعصر وأقم ، وتوجه بسبع تكبيرات على ما شرح ذلك في صلاة الظهر ، واقرأ فيها السورتين كما قدّمناه (٢).

وقال ابن البراج في كتابه الكامل قال : فإذا فرغ من ذلك ـ يعني من صلاة الظهر يوم الجمعة ، ودعائها ـ فليؤذّن وليقم لصلاة العصر ، ثم يصلّيها كما صلّى الظهر ، ثم قال : ومن صلّى فرض الجمعة بإمام يقتدى به ، فليصلّ العصر بعد الفراغ من فرض الجمعة ، ولا يفصل بينهما إلا بالإقامة (٣).

قال محمّد بن إدريس : فليس الشيخ أبو جعفر رحمه‌الله بأن يقلّد في نهايته ، بأولى من ابن البراج ، والشيخ المفيد بالتقليد في كتاب أركانه ، ومقنعته ، إن كان يجوز التقليد ، ونعوذ بالله من ذلك ، فكيف وكلام الشيخ أبي جعفر محتمل لما قاله الشيخ المفيد ، وكلام الشيخ المفيد رحمه‌الله غير محتمل ، مع أنّ أصول المذهب والإجماع حاصل منعقد من المسلمين بأجمعهم ، طائفتنا وغيرها ، انّ الأذان والإقامة لكلّ صلاة من الصلوات الخمس المفترضات مندوب إليهما ، مستحب إلا ما خرج بالدليل في المواضع التي ذكرناها ، وخرجت بالإجماع أيضا ،

__________________

(١) المقنعة : كتاب الصلاة ، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ص ١٦٢.

(٢) كتاب الأركان : لا يوجد عندنا

(٣) كتاب الكامل : لا يوجد عندنا.

٣٠٥

وبقي الباقي على أصله من تأكيد الندب والاستحباب ، فليلحظ ذلك ، ويعمل فيه بالأدلّة ، فإن العمل تابع للعلم.

وإذا صلّى الإنسان خلف من لا يقتدى به جمعة للتقية ، فإن تمكن أن يقدّم صلاته على صلاته فعل ، وإن لم يتمكن ، يصلّي معه ركعتين ، فإذا سلّم الإمام ، قام فأضاف إليهما ركعتين آخرتين ، ويكون ذلك تمام صلاته.

باب النّوافل المرتبة في اليوم والليلة ونوافل شهر رمضان وغيرها من النوافل

قد بيّنا أوقات النوافل في اليوم والليلة ، وعدد ركعاتها ، غير انّا نرتبها هاهنا على وجه أليق به.

إذا زالت الشمس فليصلّ ثماني ركعات للزوال ، يقرأ فيها ما شاء من السور والآيات ، وأفضل ذلك « قل هو الله أحد » ويسلم في كلّ ركعتين منها ، ويقنت ، وهذا حكم جميع النوافل ، كلّ ركعتين بتسليم ، لا يجوز غير ذلك ، لأنّ الإجماع حاصل ، منعقد عليه ، وقد روي في صلاة الأعرابي ، أنّها أربع ركعات بتسليم (١).

ويصلّي ثماني ركعات بعد الفراغ ، من فريضة الظهر.

ويصلّي بعد المغرب أربع ركعات بتشهدين وتسليمين.

ويصلّي ركعتين من جلوس ، بعد العشاء الآخرة ، يعدّان بركعة ، وهي المسمّاة بالوتيرة ، ويجعل هاتين الركعتين بعد كلّ صلاة يريد أن يصلّيها ، وهذا هو الصحيح ، وقد روي أنّه يصلّي بعدهما ركعتين (٢) وهذه رواية شاذّة أوردها الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله في مصباحه (٣) ، وأورد في نهايته بخلاف ذلك

__________________

(١) الوسائل : الباب ٣٩ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، ح ٣.

(٢) الوسائل : الباب ٢١ من أبواب بقية الصلوات المندوبة ، والباب ٤٤ من أبواب المواقيت ، ح ١٥.

(٣) المصباح : ما يستحب فعله بعد العشاء الآخرة من الصلاة ، ص ١٠٥ الطبع الحديث.

٣٠٦

فقال : ويجعل هاتين الركعتين بعد كل صلاة يريد أن يصلّيها ، ويقوم بعدهما إلى فراشه (١) لأنّ السهر بما لا يجدي (٢) نفعا مكروه ، إلّا أن يكون في الفقه ، فقد روي أنّ من أحيى أوّل ليلة خرّب آخره (٣).

ويستحب أن لا ينام إلا وهو على طهر ، فإن نسي ذلك ، وذكر عند منامه فليتيمم من فراشه ، ومن خاف أن لا ينتبه (٤) آخر الليل ، فليقل عند منامه ( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) (٥) إلى آخر السورة ، ثم يقول : اللهم أيقظني لعبادتك في وقت كذا ، فإنّه ينتبه إن شاء الله على ما ورد الحديث به (٦).

فإذا انتصف الليل ، قام إلى صلاة الليل ، ولا يصلّيها في أوله على كل حال ، سواء كان مسافرا ، أو شابا ، بل القضاء هو الأولى لهما.

فإذا قام فالمستحبّ له أن يعمد إلى السواك ، بكسر السين ، وليسك فاه فانّ فيه فضلا كثيرا في هذا الوقت خصوصا ، وإن كان في سائر الأوقات مندوبا إليه.

ثمّ ليستفتح الصلاة بسبع تكبيرات ، على ما رتبناه سنة ، ثم ليصلي (٧) ثماني ركعات ، يقرأ في الركعتين الأولتين : « الحمد » و « قل هو الله أحد » ستين مرّة ، في كل واحدة منهما ثلاثين مرّة ، وقد روي أن في الثانية يقرأ بدل الثلاثين مرّة « قل هو الله أحد » ، « قل يا أيّها الكافرون » (٨) وهو مذهب الشيخ المفيد (٩) والأوّل أظهر في الرواية (١٠) ، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله وفي الست البواقي ، ما شاء من السور ، إن شاء طول ، وإن شاء قصّر ، والأفضل قراءة السور

__________________

(١) النهاية : كتاب الصلاة ، باب النوافل وأحكامها

(٢) ج : الذي لا يجدي.

(٣) لم نتحققه فيما بأيدينا من المصادر

(٤) ج : لا ينشط

(٥) الكهف : ١١٠.

(٦) لم نجده بعينه في الكتب الموضوعة للحديث لكن وجدناه في كتاب النهاية للشيخ رحمه‌الله في كتاب الصلاة ، باب النوافل وأحكامها

(٧) م : يصلي

(٨) لم نتحققه فيما بأيدينا من المصادر.

(٩) المقنعة : كتاب الصلاة ، باب كيفية الصلاة وصفتها ص ١٠٧ و ١٠٨.

(١٠) التهذيب : ج ٢ ، كتاب الصلاة ، باب ٨ ، ح ٢٣٨.

٣٠٧

الطوال ، مثل الأنعام ، والكهف ، والحواميم ، إذا كان عليه وقت كثير.

فإذا فرغ منها ، صلّى ركعتي الشفع ، يقرأ فيهما الحمد والمعوذتين ، ويسلّم بعدهما ، ويستحبّ أن يقرأ فيهما سورة الملك وهل أتى على الإنسان.

ثمّ يقوم إلى الوتر ، ويتوجه فيه أيضا ، على ما قدّمناه.

فإذا قام إلى صلاة الليل ، ولم يكن قد بقي من الوقت مقدار ما يصلّي كل ليلة ، وخاف طلوع الفجر ، خفّف صلاته ، واقتصر على الحمد وحدها ، فإن خاف مع ذلك طلوع الفجر ، صلّى ركعتين ، وأوتر بعدهما ، ويصلّي ركعتي الفجر ، ثمّ يصلي الفريضة ، ثمّ يقضي الثماني ركعات ، فإن لم يطلع الفجر ، أضاف إلى ما صلّى ست ركعات ، ثم أعاد ركعة الوتر وركعتي الفجر.

هذا قول الشيخ المفيد في مقنعته (١) وقال ابن بابويه في رسالته : يعيد ركعتي الفجر فحسب (٢) ، والأوّل الذي حكيناه عن شيخنا المفيد أظهر وأفقه ، لأنّه قد صلّى المفردة من الوتر في غير وقتها ، ولهذا أعاد بالاتفاق منهما ركعتي الفجر فإن اعترض بركعتي الشفع ، قلنا : الإجماع حاصل على أن لا يعادا.

وإن كان قد صلّى أربع ركعات من صلاة الليل ، ثمّ طلع الفجر ، تمّم ما بقي عليه أداء ، وخففها ، ثم صلّى الفرض.

ومن نسي ركعتين من صلاة الليل ، ثم ذكر بعد أن أوتر قضاهما ، وأعاد الوتر ، على ما روي في بعض الأخبار (٣).

ومن نسي التشهّد في النافلة ، ثم ذكر بعد أن ركع ، أسقط الركوع ، وجلس وتشهّد وسلّم.

وإذا فرغ من صلاة الليل ، قام فصلّى ركعتي الفجر ، وإن لم يكن الفجر

__________________

(١) المقنعة : كتاب الصلاة ، باب تفصيل أحكام ما تقدم ذكره في الصلاة ، آخر تلك الباب ، ص ١٤٤.

(٢) رسالة ابن بابويه : لم نجد المسألة في الرسالة.

(٣) الوسائل : الباب ١٧ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

٣٠٨

الأوّل قد طلع بعد.

ويستحب أن يضطجع بعد صلاة نافلة الغداة التي هي الدساسة ، ويقول في حال اضطجاعه الدعاء المعروف في ذلك ، وإن جعل مكان الضجعة سجدة ، كان ذلك جائزا.

ولا بأس أن يصلّي الإنسان النوافل جالسا إذا لم يتمكن من الصلاة قائما فإن تمكن منها قائما وأراد أن يصليها جالسا ، لم يكن بذلك أيضا بأس ، وجاز ذلك على ما أورده شيخنا في نهايته (١) وهو من أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ، كما أورد أمثاله إيرادا ، لا اعتقادا ، والأولى عندي ترك العمل بهذه الرواية ، لأنّها مخالفة لأصول المذهب ، لأنّ الصلاة لا تجوز مع الاختيار جالسا ، إلا ما خرج بالدليل والإجماع ، سواء كانت نافلة أو فريضة ، إلا الوتيرة.

فإن قيل : يجوز عندكم صلاة النافلة على الراحلة مختارا في السفر وفي الأمصار ، قلنا : ذلك الإجماع منعقد عليه ، وهو الذي يصححه ، فلا نقيس غيره عليه ، لأنّ القياس عندنا باطل ، فلا نحمل مسألة على مسألة بغير دليل قاطع ، فليلحظ ذلك ، إلا أنّه يستحب له ، والحال ما وصفناه ، أن يصلّى لكل ركعة ركعتين.

ومن كان في دعاء الوتر ، ولم يرد قطعه ، ولحقه عطش ، وبين يديه ماء ، جاز له أن يتقدم خطى فيشرب الماء ، ثم يرجع إلى مكانه ، فيتمم صلاته ، من غير أن يستدبر القبلة ، هذا إذا كان في عزمه الصيام من الغد ، على ما روي في الاخبار (٢). ولا يجوز شرب الماء للمصلّي في صلاته في سائر النوافل ، ما عدا هذه المسألة ، ولا يجوز ان يتعدّاها إلى غيرها ، وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله في مسائل الخلاف : يجوز عندنا شرب الماء في النافلة (٣) وأطلق ذلك ، وإطلاقه غير واضح ، لأنّ القياس عندنا باطل ، لأنّه ما ورد إلا في عين هذه المسألة ، فلا يجوز تعدّيها إلى غيرها ، هذا إذا كان على الرواية إجماع منعقد.

__________________

(١) النهاية : كتاب الصلاة ، باب النوافل وأحكامها.

(٢) الوسائل : الباب ٢٣ من أبواب قواطع الصلاة

(٣) الخلاف : مسألة ١٥٩ من كتاب الصلاة.

٣٠٩

فأمّا نوافل شهر رمضان ، فإنّه يستحب أن يزاد فيه على المعتاد في غيره من الشهور ، زيادة ألف ركعة بغير خلاف بين أصحابنا ، إلا من عرف اسمه ونسبه ، وهو أبو جعفر محمّد بن بابويه ، وخلافه لا يعتدّ به ، لأنّ الإجماع تقدّمه وتأخّر عنه ، وانّما اختلف أصحابنا في ترتيب الألف ، فذهب فريق منهم إلى أنّه يصلّي من أوّل ليلة إلى عشرين ليلة ، كل ليلة عشرين ركعة ، ثمان بعد الفراغ من فريضة المغرب ونافلتها ، كل ركعتين بتشهد وتسليم بعده ، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة قبل الوتيرة ، ويختم صلاته بالوتيرة ، ويزيد في ليلة تسع عشرة مائة ركعة ، بعد الفراغ من جميع صلوات ، ويختم صلاته بالوتيرة ، ما لم يتجاوز نصف الليل ، فإن لم يفرغ إلا بعد نصف الليل ، صلّى الوتيرة قبل نصف الليل ، لئلا تصير قضاء بخروج وقتها ، ويصلّي في العشر الأواخر ، كلّ ليلة ثلاثين ركعة ، ثماني بعد المغرب ، واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء الآخرة ، ويصلّي في ليلة إحدى وعشرين ، ولا ثلاث وعشرين ، زيادة على ما فيهما مائة ركعة كل ليلة (١) فيكون تمام الألف ركعة.

وقال فريق منهم : يصلّي الى تسع عشرة منه ، في كل ليلة عشرين ركعة ، ثماني ركعات بعد المغرب ، واثنتا عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة قبل الوتيرة ، ويختم الصلاة بالوتيرة ، وفي ليلة تسع عشرة ، مائة ركعة ، وفي ليلة إحدى وعشرين أيضا مثل ذلك ، وفي ليلة ثلاث وعشرين أيضا مثل ذلك ، ويصلي في ثماني ليال من العشر الأواخر ، في كل ليلة ثلاثين ركعة ، يصلّي بعد المغرب ثماني ركعات ، واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء الآخرة ، فهذه تسعمائة وعشرون ركعة ، ويصلّي في كل يوم جمعة من شهر رمضان أربع ركعات ، لأمير المؤمنين ، وركعتين صلاة فاطمة عليهما‌السلام ، وأربع ركعات صلاة جعفر بن أبي طالب رحمة الله عليه ويصلّي في آخر جمعة من الشهر ، عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين

__________________

(١) ج : مائة ركعة فيكون.

٣١٠

وفي عشية تلك الجمعة ، عشرين ركعة صلاة فاطمة عليها‌السلام ، فهذه تمام الألف ، والمذهب الأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله في كتاب الاقتصاد (١) وفي مسائل الخلاف (٢) ، وافتى به ، وعمل عليه ، ودل (٣) على صحته ، وجعل ما خالفه من المذهب الثاني رواية (٤) ما التفت إليها ، ومذهب شيخنا المفيد أيضا في كتاب الأشراف (٥).

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله ، وهو الذي افتي به ، ويقوى عندي ، لأنّ الأخبار به أكثر ، وأعدل رواة ، ويعضده أنّ الله تعالى ، لا يكلف تكليف ما لا يطاق ، لا في فرض ولا في نافلة ، وقد جعل لهذه النافلة وقتا ، والوقت ينبغي أن يفضل على العبادة ، ولا تفضل العبادة عليه ، أو يكون كالقالب لها ، وهو الصيام ، هذا الذي يقتضيه أصول الفقه ، وفي أقصر ليالي الصيف ، وهي تسع ساعات ، لا يمكن الإتيان بهذه النافلة ، إذا كانت آخر ليلة سبت في الشهر ، لأنّ الوقت يضيق عن الفرض والنافلة المرتبة ، والعشرين ركعة من صلاة فاطمة عليها‌السلام وعن الأكل ، والشرب ، وللإفطار ، وقضاء حاجة لا بدّ منها ، وغير ذلك ، ومن كابر ، وقال انا أصليها أو صليتها على هذا الترتيب ، فإن سلّم له ذلك ، فصلاة على غير تؤدة ، ولا يكون تاليا للقرآن كما انزل ، ولا راكعا ولا ساجدا السجود المشروع ، وهذا مرغوب عنه على ضجر وملال ، وقد روي في الحديث لا يمل الله حتى تملوا (٦).

ويستحب أن يصلّي ليلة النصف ، مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد (٧) وقل هو الله أحد ، عشر مرات.

__________________

(١) الاقتصاد : فصل في ذكر نوافل شهر رمضان وجملة من الصلوات المرغبة فيها ، ص ٢٧٣.

(٢) الخلاف : مسألة ٢٦٩ من كتاب الصلاة من دون بيان كيفية الإتيان لثلاثين ركعة.

(٣) ج : استدل

(٤) الوسائل : الباب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان ، ح ١.

(٥) الاشراف : لا يوجد عندنا

(٦) الوسائل : الباب ٢ من أبواب الدعاء ، ح ١٥

(٧) في ط : الحمد مرة.

٣١١

ويستحب أن يصلّي ليلة الفطر ركعتين ، ويقرأ في أول ركعة منهما ، الحمد مرّة ، وقل هو الله أحد ألف مرّة ، وفي الثانية الحمد مرّة ، وقل هو الله أحد مرّة واحدة.

فأمّا صفة صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فإنّها أربع ركعات بتسليمين ، يقرأ في كل ركعة الحمد ، وخمسين مرة قل هو الله أحد.

وصفة صلاة فاطمة عليها‌السلام ، ركعتان يقرأ في الأولى منهما الحمد مرّة واحدة ، وإنا أنزلناه مائة مرة ، وفي الثانية الحمد مرّة ، وقل هو الله أحد مائة مرة.

وصفة صلاة جعفر بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أربع ركعات بثلاث مائة مرة « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » يبتدئ الصلاة ، فيقرأ الحمد ويقرأ في الأولى منها « إذا زلزلت » فإذا فرغ منها ، سبح خمس عشرة مرّة ، ثم ليركع ، ويقول ذلك عشرا ، فإذا رفع رأسه قاله عشرا ، فإذا سجد قاله عشرا ، فإذا رفع رأسه من السجود قاله عشرا ، فإذا سجد الثانية قاله عشرا ، فإذا رفع رأسه ثانيا ، قاله عشرا ، فهذه خمس وسبعون مرّة ، ثم لينهض إلى الثانية ، وليصل أربع ركعات على هذا الوصف ، ويقرأ في الثانية « والعاديات » بعد الحمد ، وفي الثالثة بعد الحمد « إذا جاء نصر الله والفتح » وفي الرابعة بعد الحمد « قل هو الله أحد ».

ويستحب أن يصلّي الإنسان يوم الغدير إذا بقي إلى الزوال نصف ساعة بعد أن يغتسل ركعتين ، يقرأ في كل واحدة منهما الحمد مرّة ، وقل هو الله أحد عشر مرات ، وآية الكرسي عشر مرات ، وإنّا أنزلناه عشر مرات. وروي أنّ آية الكرسي تكون أخيرا ، وقبلها إنّا أنزلناه (١) فإذا سلّم دعا بعدهما بالدعاء المسطور في كتب العبادات.

ويستحب أن يصلّي الإنسان ليلة المبعث ، اثنتي عشرة ركعة ، ويوم المبعث أيضا وهو يوم السابع والعشرين من رجب ، اثنتي عشرة ركعة ، يقرأ في كل

__________________

(١) مستدرك الوسائل : الباب ٣ من أبواب بقية صلوات المندوبة ، ح ١ ، وفيه ، ويقرأ في كل ركعة سورة الحمد عشرا.

٣١٢

واحدة منها الحمد ويس ، فإن لم يتمكن قرأ ما سهل عليه من السور ، فإذا فرغ منها جلس في مكانه ، وقرأ أربع مرّات سورة الحمد وقل هو الله أحد مثل ذلك ، والمعوذتين بكسر الواو ، كلّ واحدة منهما أربع مرّات ، ثم يقول « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » أربع مرات ، ويقول : « الله الله ربي لا أشرك به شيئا » أربع مرات.

ويستحب أن يصلي ليلة النصف من شعبان ، أربع ركعات ، يقرأ في كل واحدة منها الحمد مرّة ، وقل هو الله أحد مائة مرة.

وبالجملة يستحب إحياء هذه الليلة ، بالصلوات والأدعية ، فإنّها ليلة شريفة عظيمة الثواب.

وإذا أراد الإنسان أمرا من الأمور لدينه أو دنياه ، يستحب له أن يصلّي ركعتين ، يقرأ فيهما ما شاء ، ويقنت في الثانية ، فإذا سلّم ، دعا بما أراد ثم ليسجد ، وليستخر الله في سجوده مائة مرّة ، يقول : أستخير الله في جميع أموري خيرة في عافية ، ثم يفعل ما يقع في قلبه ، والروايات (١) في هذا الباب كثيرة ، والأمر فيها واسع ، والأولى ما ذكرناه.

فأمّا الرقاع ، والبنادق ، والقرعة ، فمن أضعف أخبار الآحاد ، وشواذ الأخبار ، لأنّ رواتها فطحية ملعونون مثل زرعة ورفاعة وغيرهما فلا يلتفت إلى ما اختصا بروايته ، ولا يعرج عليه ، والمحصّلون من أصحابنا ما يختارون في كتب الفقه ، إلا ما اخترناه ، ولا يذكرون البنادق ، والرقاع ، والقرعة ، إلا في كتب العبادات ، دون كتب الفقه فشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله لم يذكر في نهايته (٢) ومبسوطة (٣) واقتصاده (٤) ، إلا ما ذكرناه واخترناه ، ولم يتعرّض

__________________

(١) الوسائل : الباب ٢٨ من أبواب بقية الصلوات المندوبة.

(٢) النهاية : باب نوافل شهر رمضان وغيرها من الصلوات المرغب فيها.

(٣) المبسوط : في ذكر النوافل من الصلاة.

(٤) الاقتصاد : فصل في ذكر نوافل شهر رمضان وجملة من الصلوات المرغبة فيها ص ٢٧٤.

٣١٣

للبنادق ، وكذا شيخنا المفيد في رسالته إلى ولده (١) لم يتعرض للرقاع ولا للبنادق ، بل أورد روايات كثيرة فيها صلوات وأدعية ، ولم يتعرض لشي‌ء من الرقاع ، والفقيه عبد العزيز بن البراج رحمه‌الله أورد ما اخترناه ، فقال : وقد ورد في الاستخارة وجوه عدّة ، وأحسنها ما ذكرناه ، وأيضا فالاستخارة في كلام العرب الدعاء ، وهو من استخارة الوحش ، وذلك أن يأخذ القانص ولد الظبية فيعرك اذنه ، فيبغم ، فإذا سمعت أمّه بغامه ، لم تملك أن تأتيه ، فترمي بنفسها عليه ، فيأخذها القانص حينئذ.

قال حميد بن ثور الهلالي ، وذكر ظبية وولدها ، ودعاؤه لها لمّا أخذه القانص ، فقال :

رأت مستخيرا فاستزال فؤادها

بمحنية تبدو لها وتغيب

أراد رأت داعيا ، فكان معنى استخرت الله ، استدعيته إرشادي.

وكان يونس بن حبيب اللغوي يقول : إن معنى قولهم استخرت الله ، استفعلت من الخير ، أي سألت الله أن يوفق لي خير الأشياء التي أقصدها ، فمعنى صلاة الاستخارة على هذا أي صلاة الدعاء.

وإذا عرض للإنسان حاجة فليصم الأربعاء والخميس والجمعة ، ثم ليبرز تحت السماء في يوم الجمعة ، وليصلّ ركعتين ، يقرأ فيهما بعد الحمد مائتي مرّة ، وعشر مرات قل هو الله أحد على ترتيب صلاة التسبيح ، إلا أنّه يجعل بدل التسبيح في صلاة جعفر خمس عشرة مرة قل هو الله أحد في الركوع والسجود ، وفي جميع الأحوال ، فإذا فرغ منها ، سأل الله تعالى حاجته ، فإذا قضى حاجته ، فليصلّ ركعتين ، شكرا لله تعالى ، يقرأ فيهما ، الحمد وإنا أنزلناه ، أو سورة قل هو الله أحد ، ثم ليشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه ، في حال السجود والركوع

__________________

(١) رسالة الشيخ المفيد : لم نعثر عليه.

٣١٤

وبعد التسليم إن شاء الله تعالى.

وقال شيخنا أبو جعفر في مختصر (١) المصباح : ويستحب صلاة أربع ركعات ، وشرح كيفيتها في يوم النيروز « نوروز الفرس » ولم يذكر أيّ يوم هو من الأيّام ، ولا عيّنه بشهر من الشهور الرومية ، ولا العربية ، والذي قد حققه بعض محصّلي أهل الحساب ، وعلماء الهيأة ، وأهل هذه الصنعة في كتاب له ، أنّ يوم النيروز ، يوم العاشر من أيّار ، وشهر أيّار ، أحد وثلاثون يوما ، فإذا مضى منه تسعة أيّام فهو يوم النيروز يقال : نيروز ونوروز لغتان ، وأمّا نيروز المعتضد الذي يقال النيروز المعتضدي ، فإنّه اليوم الحادي عشر من حزيران ، وذلك أنّ أهل السواد والمزارعين شكوا إليه أمر الخراج ، وأنّه يفتح قبل أخذ الغلة ، وحصادها وارتفاعها ، فيستدينون عليها ، فيجحف ذلك بالناس والرعية ، فيقدم أن لا يفتح ويطالب بالخراج ، إلا في أحد عشر يوما من شهر حزيران ، قال بعض من امتدحه من الشعراء على هذا الفعال والمنقبة والرقة والإفضال :

يوم نيروزك يوم واحد لا يتأخّر

من حزيران يوافي أبدا في أحد عشر

ذكر ذلك جميعه الصولي في كتاب الأوراق.

باب صلاة العيدين

صلاة العيدين فريضة بتكامل الشروط التي ذكرناها في لزوم الجمعة ، من حضور السلطان العادل ، واجتماع العدد المخصوص ، وغير ذلك من الشرائط التي تقدّم ذكرها ، وتجب على ما (٢) تجب عليه صلاة الجمعة ، وتسقط عمن تسقط عنه ، وهما سنة إذا صليا على الانفراد ، عند فقد الإمام ، أو نقصان العدد ، أو اختلال ما عدا ذلك من الشروط ، ومعنى قول أصحابنا على الانفراد ، ليس المراد بذلك أن يصلّي كلّ واحد منهم منفردا ، بل الجماعة أيضا عند انفرادها من دون

__________________

(١) مختصر المصباح : لا يوجد عندنا

(٢) ط ، ج : على من.

٣١٥

الشرائط مسنونة مستحبة ، ويشتبه على بعض المتفقهة هذا الموضع ، بأن يقول على الانفراد أراد مستحبة إذا صليت (١) كل واحد وحده ، قال : لأنّ الجمع في صلاة النوافل لا يجوز ، فإذا عدمت الشرائط صارت نافلة ، فلا يجوز الاجتماع فيها.

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله : وهذا قلة تأمّل من قائله ، بل مقصود أصحابنا على الانفراد ما ذكرناه من انفرادها عن الشرائط ، فأمّا تعلّقه بأنّ النوافل لا يجوز الجمع فيها ، فتلك النافلة التي لم تكن على وجه من الوجوه ، ولا في وقت من الأوقات واجبة ، ما خلا صلاة الاستسقاء ، وهذه الصلاة أصلها الوجوب ، وانّما سقط عند عدم الشرائط ، وبقي جميع أفعالها وكيفياتها على ما كانت عليه من قبل ، وأيضا فإجماع أصحابنا يدمر ما تعلّق به ، وهو قولهم بأجمعهم يستحب في زمان الغيبة لفقهاء الشيعة ، أن يجمعوا بهم صلوات الأعياد ، فلو كانت الجماعة فيها لا تجوز ، لما قالوا ذلك ، وأيضا فشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله سأله السائل في المسائل الحائريات ، عن الجماعة اليوم في صلاة العيدين ، فأجاب بأن قال ذلك مستحب مندوب إليه (٢).

وعدد صلاة كل واحد من العيدين ركعتان باثنتي عشرة تكبيرة بغير خلاف ، والقراءة فيها عندنا ، قبل التكبيرات في الركعتين معا ، وانّما الخلاف بين أصحابنا في القنتات ، منهم من يقنت تسع قنتات ، ومنهم من يقنت ثمان قنتات ، والأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله ، والثاني مذهب شيخنا المفيد ، لأنّ الشيخ المفيد يقوم إلى الركعة الثانية بتكبيرة ، ويجعل هذه التكبيرة من جملة التكبيرات الخمس ، فيسقط لها قنوتها ، لأنّ في دبر كلّ تكبيرة قنوتا ما عدا تكبيرة الإحرام ، وتكبيرتي الركوع ، وشيخنا أبو جعفر لا يقوم إلى الثانية بتكبيرة فإذا قام ، قرأ ، ثم كبّر أربع تكبيرات ، يقنت في دبر كلّ تكبيرة

__________________

(١) في ط وج : صلاها

(٢) المسائل الحائريات : لا توجد على ما تفحصنا فيها.

٣١٦

ثم يكبر الخامسة ، يركع بها ، وهذا أظهر في الروايات (١) والعمل ، وبه افتي.

وترتيبها ، ركعتان باثنتي عشرة تكبيرة على ما قدّمناه ، سبع في الاولى وخمس في الثانية ، يفتتح صلاته بتكبيرة الإحرام ، ويتوجه إن شاء ، ثم يقرأ سورة الحمد ، وسورة الأعلى ، ثم يكبر خمس تكبيرات ، يقنت في دبر كلّ تكبيرة قنوتا بالدعاء المعروف في ذلك ، وإن قنت بغيره كان أيضا جائزا ، ثم يكبر السابعة ، ويركع بها ، فإذا قام إلى الثانية ، قام بغير تكبير ، ثم يقرأ الحمد ، ويقرأ بعدها ، والشمس وضحاها ، وروي سورة الغاشية (٢) ثم يكبر أربع تكبيرات ، يقنت في دبر كل تكبيرة منها ، ثمّ يكبر الخامسة ، ويركع بها.

وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة ، ولكن ينادي لها الصلاة ، ثلاث مرّات ، ويجهر الإمام فيهما ، كما يجهر في الجمعة.

والخطبتان فيهما واجبة على الإمام كوجوبهما في الجمعة ، إلا أنّهما في الجمعة قبل الصلاة ، وفي العيدين بعد فراغه من الصلاة ، ولا يجب على المأمومين استماعهما ، بخلاف الجمعة.

ولا منبر في العيدين ينقل نقلا ، بل يوضع للإمام من الطين ما يعلو عليه ، ويخطب.

ووقتهما من طلوع الشمس إلى زوالها من ذلك اليوم ، إلا انّه يستحب في صلاة الأضحى تعجيل الخروج والصلاة ، ويستحب في صلاة الفطر خلاف ذلك ويستحب لمن خرج إلى صلاة العيد أن يخرج في طريق ، ويجي‌ء في طريق غيرها.

ويستحب أن يكون الوقوف والسجود في صلاة العيدين على الأرض نفسها ، من غير حائل ، وليس قبلها تطوّع بصلاة ، ولا بعدها ، لا قضاء ولا أداء إلى زوال الشمس ، ولا بأس بقضاء الفرائض ، وانّما الكراهة في صلاة النافلة ، إلا بالمدينة ، فإن من غدا إلى صلاة العيد مجتازا على مسجدها استحب له أن

__________________

(١) الوسائل : الباب ١٠ من أبواب صلاة العيد

(٢) نفس المصدر والباب ح ٢ و ٤.

٣١٧

يصلّي فيه ركعتين.

وليس على من فاتته صلاة العيدين مع الإمام قضاء واجب ، وإن استحب له أن يأتي بها منفردا.

والسنّة لأهل الأمصار أن يصلّوا العيدين مصحرين ، بارزين من الأبنية ، إلا أهل مكة خاصة ، فإنّهم يصلّون في المسجد الحرام ، لحرمة البيت ، وقد ألحق قوم بذلك مسجد الرسول صلّى الله عليه وعلى آله والأوّل هو المعمول عليه ، وتكون الصلاة في صحن المسجد الحرام ، دون موضع الظلال منه.

ويكره خروج الإمام والمسلمين يوم العيد إلى المصلّى بالسلاح ، إلا لخوف من عدو يخاف مكيدته ، ويكون الخروج في طريق ، والرجوع في غيره.

ومن السنّة المؤكدة في العيدين ، الغسل ، ووقته من طلوع الفجر الثاني ، إلى قبل الخروج إلى المصلى ، والتزين والتطيب ، كما ذكرناه في الجمعة ، ولبس الثياب الجدد ، وأن يطعم الغادي في يوم الفطر شيئا من الحلاوة ، وأفضله السكر ، وروي من تربة سيّدنا الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما‌السلام (١) والأول أظهر ، لأنّ هذه الرواية شاذة ، من أضعف أخبار الآحاد ، لأنّ أكل الطين على اختلاف ضروبه حرام بالإجماع ، إلا ما خرج بالدليل من أكل التربة الحسينية على متضمنها أفضل السلام للاستشفاء ، فحسب القليل منها ، دون الكثير ، للأمراض ، وما عدا ذلك فهو باق على أصل التحريم ، والإجماع.

ويكون أكله وإفطاره على الحلاوة قبل الخروج إلى الصلاة ، وفي عيد يوم الأضحى لا يطعم شيئا حتى يرجع من الصلاة ، ولهذا سنّ تعجيل الخروج إلى المصلّى في صلاة الأضحى ، وتأخير الخروج إليه في صلاة الفطر.

والتكبير في ليلة الفطر ابتداؤه دبر صلاة المغرب ، إلى أن يرجع الإمام من

__________________

(١) الوسائل : الباب ١٣ من أبواب صلاة العيد ، ح ١.

٣١٨

صلاة العيد ، فكأنه في دبر أربع صلوات أولهن المغرب من ليلة الفطر ، وآخرهن صلاة العيد ، وقال بعض أصحابنا : وهو ابن بابويه في رسالته في دبر ست صلوات (١) الصلوات المذكورات ، والظهر والعصر من يوم العيد ، والأوّل هو الأظهر بين الطائفة ، وعليه عملهم.

وفي الأضحى التكبير على من كان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة ، أولها صلاة الظهر من يوم العيد ، وآخرها صلاة الصبح من يوم النفر الأخير ، ومن كان في غير منى ، من أهل سائر الأمصار ، يكبر في دبر عشر صلوات ، أولهن صلاة الظهر من يوم العيد ، وآخرهنّ صلاة الصبح من يوم النفر الأول.

وصفة التكبير وكيفيته : « الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا » هذا في تكبير عيد الفطر ، فإن كان تكبير صلاة الأضحى ، زيد في آخره بعد قوله : والحمد لله على ما أولانا « ورزقنا من بهيمة الأنعام » وهل هذا التكبير في دبر هذه الصلوات واجب ، أو مندوب ، اختلف أصحابنا على قولين : فذهب قوم منهم إلى أنّه واجب ، وذهب قوم آخرون إلى أنّه مستحب ، فالأول مذهب المرتضى واختياره ، والثاني مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله واختياره في نهايته (٢) ومبسوطة (٣) وهو الذي يقوى عندي ، لأنّ الأصل براءة الذمة من الواجب والندب ، إلا بدليل قاطع ، وإذا كان لا إجماع على الوجوب ، فبقي أنّ الأصل براءة الذمة ، وفقدان دليل الوجوب ، والأخبار ناطقة عن الأئمة الأطهار بالاستحباب ، دون الفرض والإيجاب ، يعضد (٤) دليل براءة الذمة ، ويؤيده.

ويستحب لمن لم يشهد الموقف بعرفات ، أن يعرّف في بعض المشاهد

__________________

(١) لم نتحققه في رسالة ابن بابويه

(٢) النهاية : في صلاة العيدين.

(٣) المبسوط : كتاب صلاة العيدين

(٤) ج : يعضده.

٣١٩

الشريفة ، وقد (١) روي في التعريف في مشهد سيّدنا أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما‌السلام فضل كثير ، وثواب جزيل ، فينبغي أن لا يدعه الإنسان مع الاختيار.

ويكره أن يخرج من البلد مسافرا بعد فجر يوم العيد ، إلا بعد أن يشهد صلاة العيد ، فإن خالف فقد ترك الأفضل ، فأمّا قبل ذلك فلا بأس به ، فأمّا بعد طلوع الشمس ، فلا يجوز له السفر إلا بعد الصلاة ، إذا كان ممن تجب عليه صلاة العيد.

ويستحب أن يرفع يديه مع كل تكبيرة ، وإذا أدرك مع الإمام بعض التكبيرات ، تممها مع نفسه ، فإن خاف فوت الركوع والى بينها من غير قنوت.

وينبغي للإمام أن بحث الناس في خطبته في الفطر (٢) على الفطرة ، ويذكر وجوبها ، ووزنها ، وجنسها ، ووقت إخراجها ، ومن المستحق لها ، وعلى من تجب ، ومن يستحب له إخراجها إذا لم تجب عليه ، ويبالغ في شرح جميع ذلك.

وفي الأضحى ، يحثهم على الأضحية ويصفها ، ويذكر أجناسها ، ويبالغ في ذلك.

ومن لا تجب عليه صلاة العيد من المسافر والعبد وغيرهما ، يجوز لهما إقامتهما منفردين سنّة.

ولا بأس بخروج العجائز ، ومن لا هيأه لها من النساء ، في صلاة الأعياد ، ليشهدن الصلاة ، ولا يجوز ذلك لذوات الهيئات منهن والجمال.

ووقت صلاة العيد إذا طلعت الشمس ، وارتفعت ، وانبسطت ، والوقت باق إلى زوال الشمس ، فإذا زالت ، فقد فاتت ولا قضاء على ما بيّناه.

باب صلاة الكسوف

صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر فرض واجب ، يقال : كسفت الشمس تكسف كسوفا ، وكسفها الله تعالى كسفا يتعدّى ولا يتعدّى ، وكذلك

__________________

(١) الوسائل : الباب ٤٩ من أبواب المزار وما يناسبه

(٢) ج : في الخطبة يوم الفطر.

٣٢٠