معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: علي محمّد البجاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر العربي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٨

(جِداراً (١)) : حائطا ، وجمعه جدر.

(جَذْوَةٍ (٢)) ـ بضم الجيم وفتحها وكسرها : قطعة غليظة من الحطب فيها نار ولا لهب لها.

(جِفانٍ (٣)) : قصاع كبار ، واحدها جفنة وقصعة ، وقد قدمنا أنها كانت كالحياض فى كبرها ؛ لأنه كان يطبخ كل يوم ألف جزور ، وأربعة آلاف رأس بقر ، وثمانية آلاف رأس غنم ، وكانت له قدور راسيات يطبخ فيها الجزور من غير تفريق أعضائها.

(جمالات صفر) (٤) : فيها قولان : أحدهما أنه جمع جمال ، شبّه به الشرر. وصفر على ظاهره ؛ لأن لون النار يضرب إلى الصفرة. وقيل : صفر هنا بمعنى سود. يقال جمل أصفر ؛ أى أسود. وهذا أليق بوصف جهنم. الثانى أن الجمالات قطع النّحاس الكبار ؛ فكأنه مشتقّ من الجملة. وقرئ جمالات ـ بضم الجيم ـ وهى قلوس السّفن ، وهى حبالها العظام.

(جِيدِها (٥)) : عنقها. والضمير يعود على أم جميل بنت حرب بن أميّة ، وهى أخت أبى سفيان وعمّة معاوية. وفى المراد به ثلاثة أقوال :

الأول : أنه إخبار عن حملها الحطب فى الدنيا ، وفى ذلك تحقير لها وإظهار لخساسة حالها.

والآخر (٦) أن حالها فى جهنم يكون كذلك ؛ أى يكون فى عنقها حبل.

الثالث : أنها كانت لها قلادة فاخرة ، فقالت : لأنفقنّها على عداوة محمد ، فأخبر عن قلادتها بحبل المسد على جهة التفاؤل أو الذم لها بتبرّجها.

__________________

(١) الكهف : ٧٧

(٢) القصص : ٢٩

(٣) سبأ : ١٣

(٤) المرسلات : ٣٣

(٥) المبيد : ٥

(٦) حقه : والثانى

٦١

(جنة) : جن ؛ كقوله (١) : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ). وهذا بيان لجنس الوسواس ، وأنه يكون من الجن ومن الإنس. وجنّة جنون ؛ كقوله عزوجل (٢) : (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ).

(جعل) قال الراغب (٣) : فعل (٤) عام فى الأفعال كلها ، وهو أعمّ من فعل وصنع وسائر أخواتها ، وتتصرف على خمسة أوجه :

تجرى مجرى صار وطفق ، ولا تتعدى ، نحو جعل زيد يقول كذا.

والثانى مجرى أوجد فتتعدّى لمفعول واحد ؛ نحو (٥) : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ).

والثالث فى إيجاد شىء من شىء وتكوينه منه ؛ نحو (٦) : (وجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً). ((٧) وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً).

والرابع فى تصيير الشيء على حالة دون حالة ؛ نحو (٨) : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً). ((٩) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً).

الخامس الحكم بالشىء على الشيء حقّا كان ؛ نحو (١٠) : (وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ). أو باطلا ؛ نحو (١١) : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ). ((١٢) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ).

__________________

(١) الناس : ٦

(٢) سبأ : ٤٦

(٣) المفردات : ٩٤

(٤) فى المفردات : لفظ عام.

(٥) الأنعام : ١

(٦) النحل : ٧٢

(٧) النحل : ٨١

(٨) البقرة : ٢٢٥

(٩) نوح : ١٦

(١٠) القصص : ٧

(١١) النحل : ٥٧

(١٢) الحجر : ٩١

٦٢

حرف الحاء المهملة

(حمد) هو الثّناء ، سواء كان عن نعمة أو ابتداء ، والشّكر إنما يكون جزاء ؛ فالحمد من هذا الوجه أعمّ. والشكر باللسان والقلب والجوارح ، ولا يكون الحمد إلا باللسان ؛ فالشكر من هذا الوجه أعم. وحميد اسم الله تعالى محمود. والحمد بمعنى الشكر لا يصح على الله سبحانه ؛ لأنه ليس بمنعم عليه ، وإنما هو المنعم على الخلق ، فلا يصحّ منه الحمد الذى هو بمعنى الشكر. والحمد الذى هو بمعنى الثناء على ضربين : قديم ومحدث ؛ فالقديم ثناؤه على أنبيائه والمؤمنين من عبيده ، وذلك كلامه وهو قديم. والحمد المحدث هو كلام الخلق وشكرهم له سبحانه.

(حَظِّ (١)) : نصيب.

(حَنِيفاً (٢)) : موحّدا. وقيل حاجّا. وقيل مختتنا ، وجمعه حنفاء. والحنيف اليوم المسلم. وقيل : إنما سمى إبراهيم [١١٣ ب] حنيفا لأنه كان حنف عما كان يعبد أبوه وقومه من الآلهة إلى عبادة الله ؛ أى عدل عن ذلك ومال. وأصل الحنف ميل من إبهامى القدمين كل واحدة منهما على صاحبتها.

(حِجُّ الْبَيْتِ (٣)) : أى قصده ، وسمّى السفر إلى البيت حجا دون ما سواه. والحج ـ بالفتح والكسر لغتان. ويقال الحج : القصد. والحج الاسم. وقوله تعالى (٤) : (إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) : هو يوم النّحر. ويقال يوم عرفة ؛ وكانوا يسمون العمرة الحج الأصغر.

__________________

(١) النساء : ١١ ، ١٧٦ ، القصص ٧٩ ، فصلت : ٣٥

(٢) البقرة : ١٣٥

(٣) آل عمران : ٩٧

(٤) التوبة : ٣

٦٣

واختلف هل وجوب حج البيت على الفور أو على التراخى.

وفى الآية ردّ على اليهود لما زعموا أنهم على ملّة إبراهيم. قيل لهم : إن كنتم صادقين فحجّوا البيت الذى بناه إبراهيم ، ودعا الناس إليه.

(حَصُوراً (١)) : على ثلاثة أوجه : الذى لا يقرب النساء. والذى لا يولد له. والّذى لا يخرج مع الندامى ، وأتى وصف السيد يحيى بذلك ، فإنه كان يمسك نفسه ، لا أنه خلق كذلك ؛ لأنه نقص فى الخلقة. والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم كاملون.

(حواريون) (٢) : هم صفوة الأنبياء عليهم‌السلام الذين خلصوا وأخلصوا فى التصديق بهم ونصرتهم. وقيل : إنما سموا حواريين بالنبطية لتبيضهم الثياب ، ثم صار هذا الاسم مستعملا فيمن أشبههم من المصدقين. وقيل : كانوا صيّادين. وقيل : كانوا ملوكا. ونداء الحواريين لعيسى باسمه دليل على أنهم لم يكونوا يعظّمونه كتعظيم المسلمين لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ فإنهم كانوا لا ينادونه باسمه ؛ وإنما يقولون ، يا رسول الله ، يا نبىّ الله. وقولهم : ابن مريم ـ دليل على أنهم كانوا يعتقدون فيه الاعتقاد الصحيح من نسبته إلى أمّ دون والد ، بخلاف ما اعتقده النصارى.

(حَبْلٍ (٣)) : عهد ، والمراد بحبل الله القرآن. وقيل الجماعة ، مستعار من الحبل الذى يشدّ عليه اليد.

(حَسْرَةً (٤)) : ندامة واغتمام على ما فات ، ولم يمكن ارتجاعه.

__________________

(١) آل عمران : ٣٩

(٢) آل عمران : ٥٢

(٣) آل عمران : ١٥٣

(٤) آل عمران : ١٥٦

٦٤

(حَسْبُنَا اللهُ (١)) : أى كافينا ، وهى كلمة يدفع بها ما يخاف ويكره ؛ وهى التى قالها إبراهيم عليه‌السلام حين ألقى فى النار.

(حَبِطَتْ) : بطلت.

(حريق) : نار تلتهب.

(حَلائِلُ (٢)) : جمع حليلة ، وهى الزّوجة. وإنما قيل لها حليلة ؛ لأنه يحلّ معها وتحلّ معه. ويقال حليلة بمعنى محلّة ؛ لأنه يحل لها وتحل له ؛ وإنما خص الابن من الصلب ليخرج عنه زوجة الابن الذى يتبنّاه الرجل وهو أجنبى عنه ، كتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زينب بنت جحش امرأة زيد بن حارثة الكلبى الذى كان يقال له زيد ابن محمد.

(حَسِيباً (٣)) : فيه أربعة أقوال : كافيا ، وعالما ، ومقتدرا ، ومحاسبا.

(حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ (٤)) : معناه ضاقت عن القتال وكرهته. ونزلت الآية فى قوم جاءوا إلى المسلمين وكرهوا أن يقاتلوا المسلمين ، وكرهوا أيضا أن يقاتلوا قومهم وهم أقاربهم الكفار ؛ فأمر الله بالكف عنهم ، ثم نسخ أيضا ذلك بالقتل.

(حاقَ بِهِمْ (٥)) : أحاط بهم.

(حَمِيمٍ (٦)) : على أوجه : ماء حارّ ؛ وقد قدمناه. والحميم : القريب فى النسبة ؛

__________________

(١) آل عمران : ١٧٣

(٢) النساء : ٢٣

(٣) النساء : ٦ ، ٨٦

(٤) النساء : ٩٠

(٥) الأنعام : ١٠

(٦) الأنعام : ٧٠

٦٥

كقوله عزوجل (١) : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) ؛ أى قريب قريبا. والحميم أيضا الخاص ، يقال : دعينا فى الحامّة لا فى العامة. والحميم أيضا : الغريق.

(حَشَرْناهُمْ (٢)) : جمعناهم ؛ قال الزمخشري : إنما جاء حشرناهم بلفظ الماضى بعد قوله : (نُسَيِّرُ) ؛ للدلالة على أن حشرناهم قبل تسيير الجبال ليعاينوا تلك الأهوال.

(حَيْرانَ (٣)) : أى ضالّ عن الطريق ، وهو نصب على الحال من المفعول فى استهوته.

(حَمُولَةً (٤)) ، وهى الإبل التى تطيق الحمل. قال المفسرون : الحمولة الإبل والخيل والبغال والحمير ، وكل ما حمل عليه.

(حوايا) (٥) : جمع حويّة ، على وزن فعيلة ، فوزن حوايا على هذا فعائل ، كصحيفة وصحائف. وقيل وزنها [١١٤ ا] حاوية على وزن فاعلة ، فحوايا على هذا فواعل كضاربة وضوارب. وهو معطوف على ما فى قوله : (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) ؛ فهو من المستثنى من التحريم. وقيل عطف على الظهور ؛ فالمعنى إلا ما حملت الظهور ، أو حملت الحوايا ؛ وهى المباعير ، وقيل المصارين ، والحشوة ونحوهما مما يتحوّى فى البطن. وقيل عطف على الشحوم ؛ فهو من المحرم.

(حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ (٦)) : أى نهى.

وأخرج ابن أبى حاتم عن عكرمة قال : حرم : وجب ـ بالحبشية. والخطاب لجميع الخلق.

__________________

(١) المعارج : ١٠

(٢) الكهف : ٤٧

(٣) الأنعام : ٧١

(٤) الأنعام : ١٤٢

(٥) الأنعام : ١٤٦

(٦) الأنعام : ١٥١

٦٦

أمر الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يدعو جميعهم إلى سماع تلاوة ما حرّم الله عليهم ، وذكر فى آيات الأنعام المحرمات التى أجمعت عليها جميع الشرائع ، ولم تنسخ قط فى ملّة.

وقال ابن عباس : هى الكلمات العشر التى أنزل الله على موسى.

(حَرْثٌ (١)) : الأرض ، مصدر ، ثم استعمل بمعنى الأرض والزّرع والجنّات.

(حَثِيثاً (٢)) : سريعا. والجملة فى موضع الحال من الليل ؛ أى يطلب النّهار فيدركه.

(حَقِيقٌ (٣) عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) : من قرأ «على» بالتشديد على أنها ياء المتكلم ؛ فالمعنى ظاهر. وهو أن موسى قال : (حَقِيقٌ عليه ألّا يقول عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ). وموضع ألّا أقول على هذا رفع ، على أنه خبر حقيق. وحقيق مبتدأ أو بالعكس. ومن قرأ على بالتخفيف فموضع ألّا أقول خفض بحرف الجرّ ، وحقيق صفة لرسول. وفى المعنى على هذا وجهان : أحدهما أن على بمعنى الباء ؛ فمعنى الكلام رسول حقيق بألا أقول على الله إلا الحق. والثانى أن معنى حقيق حريص ؛ ولذلك تعدّى بعلى.

(حَفِيٌّ عَنْها (٤)) : أى مهتبل بها معتن بشأنها. والمعنى يسألونك كأنّك حفىّ بعلمها.

وقيل المعنى : يسألونك عنها كأنك حفىّ بهم لقرابتك منهم ؛ فعنها على هذين القولين يتعلق بيسألونك.

__________________

(١) الأنعام : ١٣٦

(٢) الأعراف : ٥٤

(٣) الأعراف : ١٠٥

(٤) الأعراف : ١٨٧

٦٧

وقيل المعنى يسألونك كأنك حفىّ بالسؤال عنها. والحفى السؤال باستقصاء.

(حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً (١)) ؛ أى خفّ عليها ولم تلق ما يلقى بعض الحبالى من حملهنّ من الأذى والكرب. وقيل الحمل الخفيف المنىّ فى فرجها. والضمير عائد على حوّاء حين تغشّاها آدم.

(حَرِّضِ (٢)) وحثّ وحضّ بمعنى واحد ، وهو الحثّ على الشيء.

(حَنِيذٍ (٣)) : مشوىّ فى حر الأرض بالرضف ، وهى الحجارة المحماة. وفعيل هنا بمعنى مفعول.

(حَصْحَصَ الْحَقُّ (٤)) ؛ أى تبيّن وظهر.

(حَرَضاً (٥)) : وهو الذى قد أدى به الحزن أو العشق إلى سقم وفناء.

(حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٦)) الحمأ : الطين الأسود. والمسنون : المتغيّر المنتن. وقيل : إنه من أسن الماء إذا تغيّر. والتصريف يردّ هذا القول. وموضع حمأ صفة لصلصال ؛ من صلصال كائن من حمأ.

(حَفَدَةً (٧)) : خدم. وقيل : أختان. وقيل أصهار. ابن عباس : هم أولاد البنين. وقيل البنات ؛ لأنّ لفظ البنين المذكّر لا يدل عليهن.

(حاصِباً (٨)) : يعنى حجارة أو ريحا شديدة ترمى بالحصباء. وهى الحصا الصغار.

__________________

(١) الأعراف : ١٨٩

(٢) النساء : ٨٤

(٣) هود : ٦٩

(٤) يوسف : ٥١

(٥) يوسف : ٨٥

(٦) الحجر : ٢٣

(٧) النحل : ٨٢

(٨) الإسراء : ٦٨

٦٨

(حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ (١)) : أطبقناهما من جوانبهما. والحفاف : الجانب ، وجمعه أحفّة. والضمير راجع للجنتين المذكورتين.

(حَمِئَةٍ (٢)) وحامية وحمية : حارة. وقرئ بالهمز على وزن فعلة ؛ أى ذات حمأة. وقرئ بالياء على وزن فاعلة ؛ وقد اختلف فى ذلك معاوية وابن عباس فبعثا إلى كعب الأحبار ليخبرهما بالأمر ؛ فقال : أمّا العربية فأنتما أعلم بها منّى ، ولكنى أجد فى التوراة أنها تغرب فى ماء وطين ؛ فوافق ذلك قراءة ابن عباس. ويحتمل أن تكون بمعنى حمية ، ولكن سهلت همزته فيتفق معنى القراءتين. وقد قيل يمكن أن يكون فيها حمأة وتكون حارة لحرارة الشمس ، فتكون جامعة للوصفين ؛ ويجتمع معنى القراءتين.

(حَناناً (٣)) : رحمة. وقال ابن عباس : لا أدرى ما الحنان.

(حَصِيداً (٤) خامِدِينَ) : معناه ـ والله أعلم ـ أنهم حصدوا بالسّيف والموت [١١٤ ب] كما يحصد الزرع ، فلم تبق باقية منهم. وشبّهوا فى هلاكهم بالزرع المحصود. ومعنى خامدين موتى ؛ وهو تشبيه بخمود النار. وقوله (٥) : (مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) قد امّحى أثره.

(حَدَبٍ (٦)) : مرتفع.

(حَصَبُ جَهَنَّمَ (٧)) كل شىء ألفيته فى نار فقد حصبتها به. وقرأ على ابن أبى طالب : حطب. وقرئت بالضاد المعجمة وهى ما هيجت به النار وأوقدته. والمراد بكلّ أن ما عبد من دون الله يحرق بالنار توبيخا لمن عبدها.

__________________

(١) الكهف : ٣٢

(٢) الكهف : ٨٦

(٣) مريم : ١٣

(٤) الأنبياء : ١٥

(٥) هود : ١٠٠

(٦) الأنبياء : ٩٦

(٧) الأنبياء : ٣

٦٩

وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله : حصب جهنم ـ قال : حطب جهنم ـ بالزنجية.

(حَسِيسَها (١)) : صوتها.

(حَمْلٍ) : الحمل ـ بفتح الحاء : ما كان فى بطن أو على رأس شجرة ، والحمل ـ بالكسر : ما كان على ظهر أو رأس.

(حذرون) الحذر المتيقظ.

(حاذِرُونَ (٢)) مؤدون ، أى ذوو أداة ، أى ذوو سلاح. والسلاح : آلات الحرب.

(حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) : بساتين ذات حسن ، واحدتها حديقة. والحديقة : كل بستان عليه حائط ، وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة.

(حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ (٣)) ؛ أى وجبت عليهم الحجّة ، فوجب العذاب. ومثله (٤) : (حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) ؛ أى وجبت. والحق له أربعة معان : الصدق ، والعدل فى الحكم ، والشيء الثابت ، والأمر الواجب. والحق اسم الله تعالى ؛ أى واجب الوجود. ومنه الحديث : «السّحر حقّ» ـ يعنى أنه موجود لا أنه صواب. والعين حقّ ؛ يعنى يصيب الشيء ؛ وليس معناه أنه حسن. وقد يعبّر به عن كلامه سبحانه حيث يقول : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ). ومنه (٥) : (وَما خَلَقْنَا

__________________

(١) الأنبياء : ١٠٢

(٢) الشعراء : ٥٦ ، وفى المفردات (١١١) : وإنا لجميع حذرون ؛ وحاذرون ، وفى الكشاف (٢ ـ ١٢٤) : وفرى حذرون ، وحاذرون ؛ وحادرون ـ بالدال غير المعجمة.

(٣) الأحقاف : ١٨

(٤) يونس : ٣٣

(٥) الأنعام : ٧٣

٧٠

السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) ؛ يعنى بالقول. وهو قوله تعالى (١) : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). فسمى القول حقا ـ يعنى صدقا. وقد يعبر به عن الإسلام ؛ نحو قوله تعالى (٢) : (يُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) : يعنى الإسلام. وقوله تعالى (٣) : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) ؛ أى وجبت. وقد يعبر عنه بالنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقوله تعالى (٤) : (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ).

(حيوان) (٥) : كلّ ذى روح. ويراد به أيضا الحياة ؛ كقوله تعالى (٦) : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) ؛ أى الحياة الدائمة التى لا موت فيها. ولفظ الحيوان مصدر كالحياة.

(حناجر) : جمع حنجرة وحنجور ، وهى الحلق. وبلوغ القلوب إليها فى آية الأحزاب (٧) مجاز وعبارة عن شدة الخوف. وقيل هى حقيقة ؛ لأن الرّئة تنتفخ من شدة الخوف فتربو ويرتفع الحلق بارتفاعها إلى الحنجرة.

(حرور) (٨) : ريح حارة تهب بالليل. وقد تكون بالنهار. وآية فاطر تمثيل للثواب والعقاب. وقيل : الظل الجنة. والحرور النار.

(حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ (٩)) ؛ أى محدقين به ، دائرين حوله. ومنه حفّ به الناس ؛ أى صاروا فى جوانبه.

(حَرْثَ الْآخِرَةِ (١٠)) : عبارة عن العمل لها. وكذلك :

__________________

(١) النحل : ٤٠

(٢) يونس : ٨٢

(٣) يونس : ٩٦

(٤) المؤمنون : ٧٠

(٥) العنكبوت : ٦٤

(٦) العنكبوت : ٦٤

(٧) آية ١٠

(٨) فاطر : ٢١

(٩) الزمر : ٧٥

(١٠) الشورى : ٢٠

٧١

(حَرْثَ الدُّنْيا (١)) ؛ وهو مستعار من حرث الأرض ؛ لأن الحارث يعمل وينتظر المنفعة مما عمل.

(حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ (٢)) : الأنفة والغضب ، وذلك أنهم منعوا النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمين من العمرة ، ومنعهم من أن يكتب فى كتاب الصلح : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، ومنعهم من أن يكتب (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) ، وقولهم : «لو نعلم أنك رسول الله لتابعناك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك».

(حَبَّ الْحَصِيدِ (٣)) : هو القمح والشعير ونحو ذلك مما يحصد ، وهو مما أضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين.

(حَبْلِ الْوَرِيدِ (٤)) : هو عرق كبير فى العنق ، وهما وريدان عن يمين وشمال ؛ وهذا مثل فى فرط القرب. والمراد به قرب علم الله واطلاعه على عبده ؛ وإضافة الحبل إلى الوريد كقولك مسجد الجامع ؛ أو يراد بالحبل العاتق.

(حَقُّ الْيَقِينِ (٥)) : معناه الثابت من اليقين. وقيل : إن الحق واليقين بمعنى واحد ؛ فهو من إضافة الشيء إلى نفسه. واختار ابن عطية أن يكون كقولك فى أمر تؤكده : هذا يقين اليقين ، أو صواب الصواب ؛ بمعنى أنه نهاية الصواب.

(حَادَّ اللهَ (٦)) : [١١٥ ا] شاقّه ؛ أى عاداه ، وخالفه.

(حاجَةً) : فقر ومحنة. والحاجة أيضا : الحسد ؛ ومنه (٧) : (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا). ويحتمل أن يكون بمعنى الاحتياج على أصلها.

__________________

(١) الشورى : ٢٠

(٢) الفتح : ٢٦

(٣) ق : ٩

(٤) ق : ٢٦

(٥) الواقعة : ٩٥

(٦) المجادلة : ٢٢

(٧) الحشر : ٩

٧٢

(حَسِيرٌ (١)) : كليل أدركه التّعب. ومعنى هذا أنك إذا نظرت إلى السماء مرة بعد مرة لترى فيها شقاقا أو خللا رجع بصرك ولم تر شيئا من ذلك ؛ فكأنه ناس لاه لم يحصل له ما طلب من رؤبة الشقاق والخلل. وهو مع ذلك كليل من شدة النظر وكثرة التّأمل.

(حَرْدٍ (٢)) : فيه أربعة أقوال : المنع ، والقصد ، والغضب. وقيل : إن الحرد اسم علم للجنة ؛ ويقال : حاردت السنة إذا لم يكن فيها مطر.

(حاقة) (٣) : يعنى القيامة ؛ وسميت بذلك لأنها تحقّ ؛ أى يصح وجودها ولا ريب فى وقوعها ؛ أو لأنها حقّت لكل أحد جزاء عمله ، أو لأنها تبدى حقائق الأمور.

(حافرة) (٤) : رجوع إلى أول الأمر. ويقال رجع فلان فى حافرته. وقول الكفار (٥) : (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) ـ إنكار منهم لذلك ؛ ولذلك اتفق القرّاء على قراءته بهمزتين ، إلا أنّ منهم من سهّل الثانية. ومنهم من حقّقها. واختلفوا فى (٦) : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) ؛ فمنهم من قرأه بهمزة واحدة ؛ لأنه ليس موضع استفهام ولا إنكار ، ومنهم من قرأه بهمزتين تأكيدا للإنكار المتقدم. والمعنى أئنا لمردودون إلى الحياة بعد الموت. وقيل : إن الحافرة الأرض ، بمعنى المحفورة ؛ فالمعنى أئنّا لمردودون إلى وجه الأرض بعد الدّفن فى القبور؟ وقيل : إن الحافرة النار.

(حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٧)) فى وصف أمّ جميل بحمّالة الحطب أربعة أقوال :

__________________

(١) الملك : ٤

(٢) القلم : ٢٥

(٣) الحاقة : ١ ، ٢ ،

(٤) النازعات : ١٠

(٥) النازعات : ١٠

(٦) النازعات : ١١

(٧) المسد : ٤

٧٣

أحدها : أنها كانت تحمل حطبا وشوكا فتلقيه فى طريق النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لتؤذيه.

الثانى : أن ذلك عبارة عن مشيها بالنميمة ، يقال : فلان يحمل الحطب بين الناس ؛ أى يوقد بينهم نار العداوة بالنمائم.

الثالث : أنه عبارة عن سعيها بالمضرّة على المسلمين ؛ يقال فلان يحطب على فلان إذا قصد الإضرار به.

الرابع : أنه عبارة عن ذنوبها وسوء أعمالها.

(حُدُودُ اللهِ (١)) : ما حدّها لهم من امتثال أوامره واجتناب نواهيه ؛ لأنّ الحدّ هو النهاية التى إذا بلغها المحدود له امتنع.

(حُوباً (٢)) ـ بالضم : الاسم. والحوب ـ بالفتح : المصدر. ومعناه أثم إثما عظيما. قال ابن عباس : هو الإثم بلغة الحبشة.

(حُرُمٌ (٣)) : محرمين ، واحدهم حرام ؛ ومنه (٤) : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً).

(حكم ، حكمة) يقال حكم وحكمة ، وذل وذلّة ، ونحل ونحلة ، وخبز وخبزة ، وقل وقلة ، وعذر وعذرة ، وبغض وبغضة ، ووقر ووقرة.

(حُسْباناً) : حسابا ، ويقال جمع حساب ، مثل شهاب وشهبان. فأما فى الأنعام (٥) فالمراد بها أن الله تعالى جعل الشّمس والقمر يعلم بهما حساب الأزمان والليل والنهار. وأما آية الكهف (٦) فالمراد أن يرسل عليها عذاب حسبان ؛ وذلك الحسبان حسبان ما كسبت يداك كالصّرّ والبرد ونحو ذلك.

(حبك) (٧) : طرائق تكون فى السماء من آثار الغيم ، واحدتها حبيكة

__________________

(١) البقرة : ١٨٧

(٢) النساء : ٢

(٣) المائدة : ١

(٤) المائدة : ٩٦

(٥) آية ٩٦

(٦) آية ٤٠

(٧) الذاريات : ٧

٧٤

وحباك. والحبك أيضا الطرائق التى تراها فى الماء القائم إذا ضربته الريح ؛ وكذلك حبك الرمل الطرائق التى تراها فيه إذا هبت عليه الريح. ويقال شعره حبك إذا كان متكسّرا جعودته طرائق.

(حُطاماً (١)) : متفتّتا يابسا ، وشبّه الله الدنيا بالزرع الذى ينبته الزارع فى سرعة تغيره بعد حسنه ، وتحطمه بعد ظهوره.

(حور) (٢) : جمع حوراء ؛ وهى الشديدة بياض العين فى شدة سواد سوادها.

(حُسُوماً (٣)) : ابن عباس : معناه متتابعة كاملة لم يتخللها غير ذلك. وقيل : معناه شؤما ونحسا. وقيل : هو جمع حاسم ، من الحسم ، وهو القطع ؛ أى قطعنهم بالإهلاك.

وحسوم على القولين مصدر فى موضع الحال ، وعلى الثالث حال أو مفعول من أجله.

(حطمة) (٤) : هى جهنّم ؛ وسميت بذلك لأنها تحطّم ما يلقى فيها [١١٥ ب] وتلتهمه ؛ وقد عظّمها بقوله (٥) : (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ) ؛ فإذا كان العظيم يعظم شيئا هل يدرك حقيقته غيره؟ عصمنا الله منها بجاه نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم. والحطمة : السّنة الشديدة أيضا.

(حِينٍ) : غاية ووقت وزمان غير محدود. وقد يجيء محدودا. وأما الحين المذكور فى الإنسان (٦) فهو الحال الذى أنى عليه حين كان طينا قبل أن ينفخ فيه الروح ، وضعّف لوجهين :

__________________

(١) الزمر : ٢١

(٢) الدخان : ٥٤

(٣) الحاقة : ٧

(٤) الهمزة : ٤

(٥) الهمزة : ٥

(٦) هل أتى على الانسان حين من الدهر ..

٧٥

أحدهما ـ قوله (١) : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ). وهو هنا جنس باتّفاق ؛ إذ لا يصح هذا فى آدم.

والآخر أنّ مقصد الآية تحقير الإنسان.

(حِطَّةٌ (٢)) : مصدر حط عنا ذنوبنا حطة. والرفع على تقدير إرادتنا حطة ، ومسألتنا حطة. ويقال الرفع على أنهم أمروا بهذا اللفظ بعينه فبدّلوا حنطة. وروى حبّة فى شعرة. وقيل معناه : قولوا صوابا بلغتهم. وقيل معناه بالعبرانية لا إله إلا الله.

(حِلٌّ) : حلال ، و (حرم) : حرام. وقرئت : وحرم (٣) على قرية ؛ أى واجب. والمعنى واحد. وقوله (٤) : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) ؛ أى حلال. ويقال حل حال : أى ساكن ؛ أى لا أقسم به بعد خروجك منه ؛ لأن السورة نزلت والنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة.

وقيل : إنّ المعنى تستحل حرمتك ويؤذيك الكفار مع أن مكة لا يحل فيها قتل صيد ولا بشر ، ولا قطع شجر. وعلى هذا قيل لا أقسم نفى ؛ أى لا أقسم بهذا البلد وأنت تلحقك فيه إذاية.

وقيل معنى حل حلال يجوز لك فى هذا ما شئت من قتل كافر وغير ذلك مما لا يجوز لغيرك ؛ وهذا هو الأظهر ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن هذا البلد حرام حرّمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، لم يحل لأحد قبلى ، ولا يحلّ لأحد بعدى ؛ وإنما أحلّ لى ساعة من نهار ـ يعنى يوم فتح مكة». وفى ذلك اليوم

__________________

(١) الإنسان : ٢

(٢) الأعراف : ١٦١

(٣) الأنبياء : ٩٥ ـ وحرام على قرية أهلكناها.

(٤) البلد : ٢

٧٦

أمر عليه‌السلام بقتل ابن خطل (١) ، وهو متعلّق بأستار الكعبة ، ولا يحل قتل من تعلق بها. وهذه خصوصية له عليه‌السلام ؛ لأنه كان يؤذى الله ورسوله.

فإن قيل : السورة مكية وفتح مكة كان ثمانية من الهجرة؟

فالجواب : أن هذا وعد بفتح مكة ، كما تقول لمن تعده بالكرامة : أنت مكرم ، تعنى فيما يستقبل.

وقيل : إن السورة على هذا مدنيّة ، نزلت يوم الفتح ؛ وهذا ضعيف.

(حنث) (٢) : شرك ؛ ومنه (٣) : (وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ). وقيل : الحنث فى اليمين : أى اليمين الغموس. وقيل الإثم.

(حِكْمَةٍ) : اسم للعقل ، وإنما سمى حكمة لأنه يمنع صاحبه من الجهل. ومنه حكمة الدّابّة ؛ لأنها ترد من غربها وإفسادها.

(حِوَلاً) ، أى تحوّلا وانتقالا.

(حِجْراً مَحْجُوراً (٤)) : أى حراما محرّما عليكم. والحجر : ديار ثمود ؛ ومنه (٥) : (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ). والحجر : العقل ؛ كقوله (٦) : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ). والحجر : حجر الكعبة ؛ وهو ما حولها فى أحد جهاتها. والحجر الفرس الأنثى. وحجر القميص وحجره لغتان مشهورتان. والفتح أفصح.

(حاشى) : اسم بمعنى التنزيه فى قوله (٧) : «حاشا لله ما عملنا عليه

__________________

(١) هو عبد الله بن خطل ، تعلق بأستار الكعبة يوم الفتح ، فأمر النبى بقتله.

(٢) الواقعة : ٤٦

(٣) الواقعة : ٤٦

(٤) الفرقان : ٢٢

(٥) الحجر : ٨٠

(٦) الفجر : ٥

(٧) يوسف : ٥١

٧٧

من سوء». «(١) حاشا لله ما هذا بشرا». لا فعل ولا حرف ، بدليل قراءة بعضهم حاشا بالتنوين ، كما يقال براءة من الله. وقراءة ابن مسعود : «حاش الله» ، بالإضافة ، كمعاذ الله ، وسبحان الله ، ودخولها على اللام فى قراءة السبعة ، والجار لا يدخل على الجار. وإنما ترك التنوين فى قراءتهم لبنائها ؛ لشبهها بحاش الحرفية لفظا.

وزعم [قوم أنها اسم فعل معناه : أتبرأ وتبرأت لبنائها. ورد بإعرابها فى بعض اللغات.

وزعم](٢) المبرد وابن جنى أنها فعل ، وأن المعنى فى الآية جانب يوسف المعصية لأجل الله. وهذا التأويل لا يتأتى فى الآية الأخرى.

وقال الفارسى : حاشا فعل من الحشى ؛ وهو الناحية ؛ أى صار فى ناحية ؛ أى بعد مما رمى به وتنحّى عنه فلم يغشه ولم يلابسه ، ولم يقع فى القرآن حاشا الاستثنائية.

(حَتَّى) : حرف لانتهاء الغاية ، كإلى ؛ لكن يفترقان فى أمور ؛ فتنفرد حتى بأنها لا تجر إلا الظاهر ، وإلا الآخر (٣) المسبوق بذى أجزاء أو الملاق له ، نحو (٤) : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).

وأنها لإفادة تقضى [١١٦ ا] الفعل قبلها شيئا فشيئا.

وأنها لا يقابل بها ابتداء الغاية.

__________________

(١) يوسف : ٣١

(٢) من الإتقان.

(٣) فى المغنى : والشرط الثانى خاص بالمسبوق بذى أجزاء ، وهو أن يكون المجرور آخرا ، نحو أكلت السمكة حتى رأسها ، أو ملاقيا لآخر جزء ، نحو : سلام هي ..

(٤) القدر : ٥

٧٨

وأنها يقع بعدها المضارع المنصوب بأن المقدرة ويكونان فى تأويل مصدر مخفوض مرادفة إلى ، نحو (١) : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) ؛ أى إلى رجوعه. ومرادفة كى التعليلية ؛ نحو (٢) : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ). ((٣) لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا). وتحتملهما (٤) : (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ). ومرادفة إلا فى الاستثناء ؛ وجعل منه ابن مالك وغيره (٥) : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا).

مسألة

متى دلّ دليل على دخول الغاية التى بعد إلى وحتى فى حكم ما قبلها أو عدم دخوله فواضح أنه يعمل به ؛ فالأول نحو قوله (٦) : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ). (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ). دلت السنة على دخول المرافق والكعبين فى الغسل.

الثانى نحو (٧) : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ). دل النهى عن الوصال على عدم دخول الليل فى الصيام. ((٨) فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) ؛ فإن الغاية لو دخلت هنا لوجب الإنظار حال اليسار أيضا ؛ وذلك يؤدى إلى عدم المطالبة وتفويت حق الدائن. وإن لم يدل دليل على واحد منهما ففيه أربعة أقوال :

أحدها ـ وهو الأصح ـ تدخل مع حتى دون إلى حملا على الغالب فى البابين ؛ لأن الأكثر مع القرينة عدم الدخول مع إلى والدخول مع حتى ، فوجب الحمل عليه عند التردد.

__________________

(١) طه : ٩١

(٢) البقرة : ٢١٧

(٣) المنافقون : ٧

(٤) الحجرات : ٩

(٥) البقرة : ١٠٢

(٦) المائدة : ٦

(٧) البقرة : ١٨٧

(٨) البقرة : ٢٨٠

٧٩

والثانى تدخل فيهما.

والثالث لا تدخل فيهما ، واستدل القولان فى استوائهما بقوله (١) : (فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ). وقرأ ابن مسعود حتى حين.

تنبيه

حتى ترد ابتدائية ؛ أى حرفا يبتدأ بعده الجمل ، أى تستأنف ، فيدخل على الاسمية والفعلية المضارعة والماضية ؛ نحو (٢) : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) بالرفع. ((٣) حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا). ((٤) حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ) وادعى ابن مالك أنها فى الآيات جارّة لإذا ولأن مضمرة ، كما فى الآيتين الأوليين. والأكثر على خلافه.

وترد عاطفة ، ولا أعلمه فى القرآن ، لأن العطف بها قليل جدا. ومن ثمّ أنكره الكوفيّون البتّه.

(حيث) : ظرف مكان. قال الأخفش : وترد للزمان مبنية على الضم تشبيها بالغايات ، فإنّ الإضافة إلى الجملة كلا إضافة ، ولهذا قال الزجاج ـ فى قوله تعالى (٥) : (مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) : ما بعد حيث صلة لها ، وليست بمضافة إليه ، يعنى أنها غير مضافة للجملة بعدها ، فصارت كالصلة لها ، أى كالزيادة ، وليست جزءا منها. وفهم الفارسى أنه أراد أنها موصولة. ورد عليه.

ومن العرب من يعربها ، ومنهم من يبنيها على الكسر لالتقاء الساكنين ، وعلى الفتح للتخفيف ، وتحتملهما قراءة من قرأ : «من حيث لا يعلمون» ـ

__________________

(١) يونس : ٩٨

(٢) البقرة : ٢١٤

(٣) الأعراف : ٧٥

(٤) آل عمران : ١٥٢

(٥) الأعراف : ٢٨

٨٠