الشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٢
ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: ٥٣٢
ووقاراً وإن لم يتكلم.
يا أباذر ، إن الله تعالى لاينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
يا أباذر ، التقوى هاهنا. وأشار بيده إلى صدره.
يا أباذر ، أربع لايصيبهن إلاّ مؤمن : الصمت وهو أول العبادة ، والتواضع لله سبحانه ، وذكرالله تعالى على كل حال ، وقلة الشيء. يعني قلة المال.
يا أباذر ، هم بالحسنة وإن لم تعملها لكيلا تكون من الغافلين.
يا أباذر ، من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة.
قلت : يا رسول الله ، وإنّا لنؤاخذ بما ننطق من ألسنتنا؟
فقال : يا أباذر ، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنهتم!؟ إنك لا تزال سالماً ما سكتّ ، وإذا تكلمت تكتب لك أوعليك.
يا أباذر ، إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ـ جل ذكره ـ فيكتب له بها رضوانه إلى يوم القيامة ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها ، فهو في جهنم بين السماء والأرض.
يا أباذر ، ويل للذي يتحدث فيكذب ليضحك به القوم ، ويل له ويل له ويل له.
يا أباذر ، من صمت نجا ، فعليك بالصدق لايخرج من فيك كذبة أبداً.
قلت : يا رسول الله ، فما توبة الرجل الذي يكذب تعمداً؟
قال : الإستغفار وصلاة الخمس تغسل ذلك.
يا أباذر ، إياك والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا قلت : يا رسول الله ، ولم ذلك بأبي أنت واُمي؟
قال : لأن الرجل يزني ويتوب إلى الله فيتوب إلى الله عز وجل عليه ، والغيبة لاتغفرحتى يغفرها صاحبها.
يا أباذر ، سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ، وأكل لحمه من معاصي الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه.
قلت : يا رسول الله ، وما الغيبة؟
قال : ذكرك أخاك بما يتأذى به.
قلت : يا رسول الله ، فمن كان فيه ذاك الذي يذكر به (١).
قال : إعلم إنك إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته ، وإن ذكرته بما ليس فيه فقد بهته.
يا أباذر ، من ذبّ عن أخيه المسلم المؤمن الغيبة ، كان حقاً على الله ـ جل ثناؤه ـ أن يعتقه من النار.
يا أباذر ، من اغتيب عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره ، نصره الله عز وجل في الدنيا والاخرة ، وإن خذله وهو يستطيع نصره ، خذله الله في الدنيا والآخرة.
يا أباذر ، لايدخل الجنة فتان
قلت : يا رسول الله ، وما الفتان؟ قال : النمام.
يا أباذر ، صاحب النميمة لايستريح من عذاب الله عز وجل في الاخرة.
يا أباذر ، من كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا والآخرة ، فهو ذو لسانين في النار.
يا أباذر ، المجالس بالأمانة ، وإفشاؤك سر أخيك خيانة ، فاجتنب ذلك واجتنب مجلس العشيرة.
يا أباذر ، تعرض أعمال أهل الدنيا على الله عز وجل ، من الجمعة إلى الجمعة وفي الأثنين والخميس ، فيغفر لكل عبدٍ مؤمن ، إلاّ عبداً كان بينه وبين أخيه شحناء فيقول : أُتركوا أعمال هذين حتى يصطلحا.
يا أباذر ، إياك وهجران أخيك ، فإن العمل لايتقبل ، فإن كنت لابد فاعلاً فلا تهجره أكثر من ثلاثة أيام كملاً ، فمن مات فيها مهاجراً لأخيه كان أولى به النار.
يا أباذر ، من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً ، فليتبوأ مقعده من النار.
يا أباذر ، من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبر ، لم يجد رائحة الجنة ، إلآ أن يتوب قبل ذلك.
فقال رجل : يا رسول الله ، إني ليعجبني الجمال حتى وددت أن عِلاقة
__________________
١ ـ في الأصل : « ذلك الذي به كذبه » ، وما أثبتناه من الأمالي.
سوطي (١) وقبال نعلي (٢) حسن ، فهل ترهب ذلك عليَّ؟
قال : كيف تجد قلبك؟ قال : أجده عارفاً للحق ، مطمئناً إليه.
قال : ليس ذلك بالكبر ، ولكن الكبر [ أن ] (٣) تترك الحق ، وتتجاوزه إلى غيره ، وتنظرإلى الناس لاترى أن أحداً عرضه كعرضك ولا دمه كدمك.
يا أباذر ، أكثر من يدخل النار المتكبرون.
قال رجل : وهل ينجو من الكبر أحد ، يا رسول الله؟
قال : نعم ، من لبس الصوف ، وركب الحمار ، وحلب العنز ، وجالس المساكين.
يا أباذر ، من حمل سلعته فقد برئ من الكبر. يعني ما يشتري من السوق.
يا أباذر ، من جرّ ثوبه خيلاء ، لم ينظرالله ـ عز وجل ـ إليه يوم القيامة.
يا أباذر ، أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، ولا جناح [ عليه ] (٤) فيما بينه وبين كعبيه.
يا أباذر ، من رفع ذيله ، وخصف نعله ، وعفر وجهه ، فقد برئ من الكبر »
يا أباذر ، من كان له قميصان فليلبس أحدهما ، وليكس أخاه الاخر.
يا أباذر ، سيكون ناس من اُمتي يولدون في النعيم ويغذون به ، همتهم ألوان الطعام والشراب ، ويمدحون بالقول ، اُولئك شرار اُمتي.
يا أباذر ، من ترك لبس الجمال وهو يقدر عليه تواضعاً لله ، فقد كساه الله حلة الكرامة.
يا أباذر ، طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة ، وأذل نفسه في غير مسكنة ، وأنفق مالاً جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذلة والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة ، طوبى لمن صلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، وعزل عن الناس شره ، طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله.
__________________
١ ـ علاقة السوط : سير جلد يتصل به في « الصحاح ـ علق ـ ٤ : ١٥٣١ ».
٢ ـ قبال النعل : الزمام الذي يكون بين الأصبع الوسطى والتي تليها « الصحاح ـ قبل ـ ٥ : ١٧٩٥ ».
٣ ـ أثبتناه من الأمالي.
٤ ـ أثبتناه من الأمالي.
يا أباذر ، إلبس الخشن من اللباس ، والصفيق من الثياب ، لكيلا تجد للفخر فيك مسلكاً.
يا أباذر ، يكون في آخر الزمان ناس يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، يرون بأن الفضل لهم بذلك على غيرهم ، اُولئك تلعنهم ملائكة السماوات والأرض.
يا أباذر ، ألا اُخبرك بأهل الجنة؟
قلت : بلى يا رسول الله.
قال : كل أشعث أغبر ذي طمرين لايؤبه له ، لو أقسم على الله لأبرّه.
قال أبوذر : ودخلت يوماً على رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو في المسجد ـ وحده ـ جالس ، فاغتنمت خلوته.
فقال : يا أباذر ، إن للمسجد تحية.
قلت : وما تحيته يا رسول الله؟
قال : ركعتان تركعهما.
ثم التفتُّ إليه فقلت : يا رسول الله ، أمرتني بالصلاة ، فما الصلاة؟
قال : خير موضوع ، فمن شاء أقل ، ومن شاء أكثر.
قلت : يا رسول الله ، أي الأعمال أحب إلى الله جل ثناؤه؟
فقال : الإيمان بالله ، ثم الجهاد في سبيله.
قلت : يا رسول الله ، أي المؤمنين أكمل ، إيماناً؟
قال : أحسنهم خلقاً.
قلت : فأي المؤمنين أفضل؟
قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده.
قلت : فأي الهجرة أفضل؟
قال : من هجر الشر.
قلت : فأي الليل افضل؟
قال : جوف الليل الغابر.
قلت : فأي الصلاة أفضل؟
قال : طول القنوت.
قلت : فأي الصدقة أفضل؟
قال : جهد إلى فقير في سر
قلت : فما الصوم؟
قال : فرض مجرى ، وعند الله أضعاف ذلك.
فقلت : فأي الرقاب أفضل؟
قال : أعلاها ثمناً ، وأنفسها عند أهلها.
قلت : فأي الجهاد أفضل؟
قال : من عقر جواده ، واهريق دمه.
قلت : أي آية أنزلها الله عليك (١) أعظم؟
قال : آية الكرسي.
قال : قلت : يا رسول الله فما كانت صحف ابراهيم عليهالسلام؟
قال : كانت أمثالاً كلها ، وفيها : أيها الملك المتسلط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها وإن كانت من كافر أو فاجر ، ففجوره على نفسه.
وكان فيها : على العاقل ـ ما لم يكن مغلوباَ على عقله ـ أن يكون له ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يفكر فيها في صنع الله تعالى ، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر ، وساعة يخلو فيها بشهوته من الحلال في المطعم والمشرب.
وعلى ، العاقل ألاّ يكون ظاعناً إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمة (٢) لمعاش ، أو لذة في غير محرم.
وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه.
ومن حسب كلامه من علمه ، قلّ كلامه إلا فيما يعنيه.
قلت : يا رسول الله ، ما كانت صحف موسى؟
قال : كانت اعتباراً كلها : عجباً لمن أيقن بالحساب كيف يذنب! وعجباً لمن أيقن بالجزاء كيف لايعمل! وعجباً لمن أبصر الدنيا وتقلبها بأهلها حالاً بعد حال ، كيف يطمئن إليها!؟
قلت : يا رسول الله ، فهل في الدنيا شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى ، فيما أنزل الله عليك؟
__________________
١ ـ في الأصل زيادة : أفضل.
٢ ـ مرمّة المعاش : إصلاحه « الصحاح ـ رمم ـ ٥ : ١٩٣٦ ».
قال : اقرأ يا أباذر ( قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والاخرة خيروأبقى * ان هذا ) يعني ذكر الأربع ايات ( لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى ) (١).
قلت : يا رسول الله ، أوصني.
قال : اُوصيك بتقوى الله ، فإنه رأس أمرك كله.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : عليك بتلاوة القران وذكر الله ، فإنه ذكر (٢) لك في السماء ، ونور لك في الأرض.
قلت : يا رسول الله ، زدني
قال : عليك بالصمت إلآ من الخير ، وإنه مطردة للشيطان عنك ، وعون لك على أمر دينك.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : إياك وكثرة الضحك ، فإنه يميت القلب ، ويذهب بنور الوجه.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : اُنظر إلى من هو تحتك ، ولا تنظر إلى من هو فوق منك ، فإنه أجدر أن لاتزدري نعمة الله عليك.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : صل قرابتك وإن قطعوك ، وحبَ المساكين وأكثر مجالستهم.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : قل الحق وإن كان عليك مراً.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : لاتخف لومة لائم.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : يا أباذر ، ليردّك عن الناس ما تعرف من نفسك ، ولا ترد عليهم فيما تأتي.
قال : ثم ضرب على صدري ، وقال : يا اباذر ، لاعقل كالتدبير ، ولا ورع
__________________
١ ـ الأعلى ٨٧ : ١٤ ـ ١٩.
٢ ـ في الأصل : ذكره وما أثبتناه من الأمالي.
كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق ».
وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ، عن أبيه أنه قال : « في خطبة أبي ذر رحمة الله عليه : يا مبتغي العلم ، ( لايشغلك الجهل والآمال ) (١) عن نفسك ، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت إلى غيرهم ، الدنيا والاخرة كمنزلك تحولت منه إلى غيره ، وما بين البعث والموت إلاّ كنومة نمتها ثم استيقظت منها.
يا جاهل ، تعلم العلم ، فإن قلباً ليس فيه شرف العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له » (٢).
عن أبي جعفر عليهالسلام ، عن أبي ذر رضياللهعنه أنه قال : يا باغي العلم ، قدم لمقامك بين يدي الله ، فإنك مرتهن بعملك ، كما تدين تدان.
يا باغي العلم ، صلِّ قبل أن لا تقدر على ليل ولانهار تصلي فيه ، إنما مثل الصلاة لصاحبها ، كمثل رجل دخل على ذي سلطان فأنصت له حتى فرغ من حاجته ، فكذلك المرء المسلم بين يدي الله عز وجل ، مادام في الصلاة لم يزل الله عز وجل ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته.
يا باغي العلم ، تصدق من قبل أن لاتعطي شيئاً ولا تمنعه (٣) ، إنما مثل الصدقة وصاحبها ، مثل رجل طلبه قوم بدم فقال لهم : لاتقتلوني ، اضربوا [ لي ] (٤) أجلاً اسعى في رجالكم ، كذلك الرجل المسلم ، بإذن الله تعالى ، كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة من رقبته ، حتى يتوفى الله عز وجل أقواماً وهو عنهم راض ، من رضى الله عنهم فقد أمنوا من النار.
يا باغي العلم ، إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر ، فاختم على فمك كما تختمعلى ذهبك وعلى ورقك (٥).
يا باغي العلم ، إن هذه الأمثال يضربها الله عز وجل للناس ، وما يعقلها إلاّ
__________________
١ ـ في الامالي : « لاتشغلك الدنيا ولا أهل ولا مال ».
٢ ـ أمالي الطوسي٢ : ١٥٧ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٦٩.
٣ ـ في الأصل : ولا جمعته ، وما أثبتناه من أمالي الطوسي.
٤ ـ أثبتناه من الأمالي.
٥ ـ في الأصل : رزقك ، وما أثبتناه من الأمالي ، والورق : الفضة والدراهم المسكوكة « الصحاح ـ ورق ـ ٤ : ١٥٦٤ ».
العالمون (١).
محمد بن عمار بن ياسر قال : سمعت أباذر ـ جندب بن جنادة ـ يقول : رأيت النبي صلىاللهعليهوآله أخذ بيد علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال له : « ياعلي ، أنت أخي ، ووصيي ، ووزيري في أمتي ، مكانك مني في حياتي وبعد موتي ، كمكان هارون من موسى ، إلا أنه لانبي بعدي. من مات وهو يحبك ختم الله له عز وجل بالأمن والايمان ، ومن مات وهو يبغضك لم يكن له في الاسلام نصيب (٢).
العلم إمام العمل والعمل تابعه ، يلهمه الله السعداء ، ويحرمه الأشقياء ، وطوبى لمن لايحرمه الله من حظه ،
تعلموا العلم فإن تعليمه لله حسنة.
التوحيد ثمن ، والحمد لله وفاء شكر كل نعمة ، وخشية الله مفتاح كل حكمة ، والاخلاص ملاك كل طاعة.
ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلاّ بما قدمت أيديكم ، وما يعفو الله عنه أكثر (٣).
وعنه صلوات الله عليه وآله قال : « يقول الله عز وجل : يا ابن آدم ، ماتنصفني! أتحبب إليك بالنعم ، وتتمقت إليّ بالمعاصي ، خيري إليك منزل ، وشرّك إلي صاعد ، ولا يزال ملك كريم يعرج إلي عنك ـ في كل يوم وليلة ـ بعمل قبيح.
يابن ادم ، لوسمعت وصفك من غيرك ، وأنت لا تدري من الموصوف ، إذا ًلسارعت إلى مقته) (٤).
وعنه عليهالسلام قال : « الناس إثنان : رجل أراح ، وآخر استراح ، فأمّا الذي استراح فالمؤمن استراح من الدنيا ونصبها ، وأفضى إلى رحمة الله وكريم ثوابه ، وأمّا الذي أراح فالفاجر استراح منه الناس والشجر والدواب ، وأفضى إلى ما قدّم » (٥).
وعنه عليهالسلام : « لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ، ما خلّى الله بين عبده المؤمن وبين ذنب ابداً » (٦)
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٥٧ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٦٩.
٢ ـ أمالي الطوسى ٢ : ١٥٨ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٠.
٣ ـ تنبيه الخواطر ٢ : ٧٠.
٤ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٨٣ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٠.
٥ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٨٤ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٠
٦ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٨٤ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٠.
وعنه عليهالسلام قال : « يوحي الله عز وجل إلى الحفظة الكرام البررة : لاتكتبوا على عبدي المؤمن عند ضجره شيئاً » (١).
وعنه عليهالسلام : « المجالس بالأمانة ، ولا يحل لمؤمن أن يأثر (٢) عن أخيه المؤمن قبيحاً » (٣).
نوف بن عبدالله البكالي قال : قال لي علي عليهالسلام : « يا نوف ، خلقنا منطينة طيبة : وخلقت شيعتنا من طينتنا ، فإذا [ كان يوم القيامة ] (٤) الحقوا بنا ».
قال نوف : فقلت : صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين. فبكى لذكري شيعته ، ثم قال : « يا نوف ، شيعتي ـ والله ـ الحكماء ، الحلماء ، العلماء بالله وبدينه ، العاملون بطاعته وأمره ، المهتدون بحبه ، أنضاء عبادة ، أحلاس زهادة ، صفر الوجوه من التهجد ، عمش العيون من البكاء ، ذبل الشفاه من الذكر ، خمص البطون من الطوى ، تعرف الزهادة في وجوههم ، والرهبانية في سيمتهم ، مصابيح كل ظلمة ، وريحان كل قبيل ، لايسبون من المسلمين سلفاً ، ولايقتفون لهم خلفاً ـ قال أبوالفضل : من قول الله : ( ولاتقف ماليس لك به علم ) (٥) ـ شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، أنفسهم منهم في عناء ، والناس منهم في راحة ، فهم الأكايس الألباء ، والخالصة النجباء ، وهم الظماء الرواغون فراراً بدينهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، اُولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الاكرمون ، ألا ، ها! شوقاً إليهم » (٦).
وعنه عليهالسلام قال : « من اُعطي أربع خصال فقد اُعطي خير الدنيا والاخرة ، وفاز بحظه منها : ورع يعصمه عن محارم الله ، وحسن خلق يعيش به في الناس ، وحلم يدفع به جهل الجاهل ، وزوجة صالحة تعينه على ، أمرالدنيا والاخرة » (٧).
وعنه عليهالسلام : « سيد الأعمال ثلاثة : إنصاف الناس من نفسك ،
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٨٤ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٠.
٢ ـ يأثر : يذكر « الصحاح ـ أثر ـ ٢ : ٥٧٥ ».
٣ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٨٥ ، تنبيه الخواطر٢ ٠ : ٧٠.
٤ ـ أثبتناه من الأمالي.
٥ ـ الأسراء ١٧ : ٣٦.
٦ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٨٨ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٠
٧ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٨٩ ، وفيه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتنبيه الخواطر ٢ : ٧٠.
ومواساة الأخ في الله ، وذكر الله على كل حال » (١).
[ عبدالله بن محمد بن عبيد بن ياسين بن ] محمد بن عجلان (٢) ـ مولى الباقر عليهالسلام ـ قال : سمعت مولاي أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهالسلام ، يذكرعن ابائه ، عن جعفر بن محمد قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه (٣) : ما أنعم الله على عبد بنعمة فشكرها بقلبه ، إلا استوجب المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على لسانه ».
قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « من أصبح والآخرة همه ، استغنى بغير مال ، واستأنس بغير أهل ، وعَزَّ بغيرعشيرة ».
قال : وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « المؤمن لايحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله عز وجل هو المنتصر له ».
قال : وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إن من الغرة بالله ، أن يصر العبد على المعصية ، ويتمنى على الله المغفرة ».
قال : وسمع أمير المؤمنين عليهالسلام رجلاً يقول : اللهم إني أعوذ بك منالفتنة ، فقال : « أراك تتعوذ من مالك وولدك ، يقول الله تعالى : ( انما أموالكم وأولادكم فتنة ) (٤) ولكن قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من مظلات الفتن » (٥)
ابن السكيت قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهالسلام يقول : « قال أمير المؤمنين عليهالسلام (٦) : اياكم والالطاط (٧) بالمنى ، فإنها من بضائع
__________________
١ ـ أمالي الطوسي٢ : ١٩٠ ، وفيه : عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتنبيه الخواطر ٢ : ٧٠.
٢ ـ ما في المتن وتنبيه الخواطر٢ : ٧١ ، من رواية محمد بن عجلان عن الأمام الهادي عليهالسلام سهو ظاهر ، لأستحالة ذلك والصواب ما أثبتناه من أمالي الطوسي٢ : ١٩٢ ، حيث روي عين الحديث عن عبد الله بن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر عليهالسلام ، وهو الذي وصفه الجعابي شيخ المفيد بالشيخ الصالح كما في أمالي المفيد : ٣٣٦ / ٧ ، ولعله نفسه المذكور في تاريخ بغداد بعنوان عبدالله بن محمد بن ياسين الفقيه الدوري المكنى بأبي الحسن المتوفى سنة ٣٠٢ أو ٣٠٣ ، اُنظر « تاريخ بغداد١٠ : ١٠٦رقم٥٢٢٦ ، ومعجم رجال الحديث ١٠ : ٣١٣ ».
٣ ـ في الأصل زيادة : يقول.
٤ ـ الأنفال ٨ : ٢٨.
٥ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٢ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧١.
٦ ـ في ألأصل زيادة : يقول.
٧ ـ لط بالأمر : لزمه « الصحاح ـ لطط ـ ٣ : ١٥٦ ».
الفجرة » (١).
الحسن البصري : حادثوا هذه القلوب فإنها لسريعة الدبور ، واقدعوا (٢) هذه الأنفس فإنها طلقة ، فإنكم إن لا تقدعوها تنزع بكم إلى شرغاي (٣).
وقال بعضهم :
حياتك أنفاس تعد فكلّما |
|
مضى نفس منها انتقصت به جزءا |
فتصبح في نقص وتمسي بمثله |
|
ومالك معقول تحسّ به رزءا |
ويفنيك مايبقيك فى كل ليلة |
|
ويحدوك أمر ما تريد به الهزءا (٤) |
ابن السكيت النحوي قال : سألت أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهماالسلام ، قلت : مابال القران لايزداد على الدرس والنشر إلاغضاضة؟ قال : « لأن الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولالناس دون ناس ، فهو في كل زمان جديد ، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة » (٥).
حفص بن غياث القاضي قال : كنت عند سيد الجعافرة ـ جعفر بن محمد عليهالسلام ـ لما أقدمه المنصور ، فأتاه ابن أبي العوجاء ـ وكان ملحداً ـ فقال : ماتقول في هذه الآية : ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ) (٦) هب هذه الجلود عصت فعذبت ، فما بال الغيرية!
فقال أبوعبدالله : « ويحك ، هي هي وهي غيرها ».
فقال : أعقلني هذا القول.
فقال له : « أرأيت لو أن رجلاً عمد إلى لبنة فكسرها ، ثم صب عليها الماء وجبلها ثم ردها إلى هيئتها الاُولى ، ألم تكن هي هي وهي غيرها! »
قال : بلى ، أمتع الله بك (٧).
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٣ ، تنببيه الخواطر ٢ : ٧٢.
٢ ـ الفدع : ألكف وألمنع « الصحاح ـ قدع ـ ٣ : ١٢٦٠ ».
٣ ـ تنبيه الخواطر ٢ : ٧٢.
٤ ـ تنبيه ألخواطر ٢ : ٧٢.
٥ ـ أمالي الطوسى ٢ : ١٩٣ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٢.
٦ ـ النساء ٤ : ٥٦.
٧ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٣ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٣.
سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : « وجدت علوم الناس كلها في أربع خلال : أولها أن تعرف ربك ، والثانية أن تعرف ما صنع بك ، والثالثة أن تعرف ما أراد منك ، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك » (١).
محمد بن عجلان قال : أصابتني فاقة شديدة وإضاقة ، ولا صديق لمضيق ، ولزمني دين ثقيل ، وغريم ملح في اقتضائه ، فتوجهت نحو دار الحسن بن زيد ـ وهو يومئذ أميرالمدينة ـ لمعرفة كانت بيني وبينه ، وشعر بذلك من حالي محمد بن عبدالله بن علي ابن الحسين ، وكانت بيني وبينه قديم معرفة ، ولقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال : قد بلغني ما أنت بسبيله ، فمن تؤمل لكشف ما نزل بك؟
قلت : الحسن بن زيد.
فقال : إذاً لاتنقضي حاجتك ولا تسعف بطلبتك ، فعليك بمن يقدرعلى ذلك ، وهوأجود الأجودين ، فالتمس ما تؤمله من قبله ، فاني سمعت ابن عمي ـ جعفر ابن محمد ـ يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبيطالب عليهمالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه : وعزتي وجلالي ، لأقطعن أمل كل مؤمل أمّل غيري بالأياس ، ولاكسونّه ثوب المذلة في النار (٢) ، ولأبعدنّه من فرجي وفضلي ، أيؤمل عبدي في الشدائد غيري ، والشدائد بيدي! أو يرجو سواي ، وأنا الغني الجواد! بيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة ، وبابي لآملي مفتوح لمن دعاني.
ألم يعلموا إن من دهته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري ، فمالي أراه بأمله معرضاًعني! وقد أعطيته بجودي وكرمي مالم يسألني ، فأعرض عني ولم يسألني ، وسأل في نائبته غيري ، وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل المسألة ، أفأسأل فلا أجود! كلا ، أوليس الجود والكرم لي! أو ليس الدنيا والاخرة بيدي! فلو أن سبع سماوات وأرضين سألوني جميعاً ، فأعطيت كل واحد منه مسألته! ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، وكيف ينقص ملك أنا قيّمه! فيابؤس لمن عصاني ولم يراقبني ».
فقلت له : يا ابن رسول الله ، أعد عليّ هذا الحديث ، فأعاده ثلاثاً ، فقلت : لا
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٤ ، تنبيه ألخواطر ٢ : ٧٣.
٢ ـ في أمالي الطوسي : الناس.
ـ والله ـ لاسألت بعدها أحداً حاجة فما لبثت ان جاءني الله برزق من عنده (١).
أمير المؤمنين عليهالسلام ، عن النبي عليهالسلام وآله : « النساء عيّ وعورات ، فداووا عيّهن بالسكوت ، وعوراتهن بالبيوت » (٢).
إسحاق بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « يقول الله عز وجل : ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني ، إلاّ قطعت أسباب السماوات وأسباب الأرض من دونه ، فإن سألني لم أعطه ، وإن دعاني لم اُجبه ، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي ، إلا ضمنت السماوات والأرض رزقه ، فإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن استغفرني غفرت له » (٣).
الحسين عليهالسلام قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يرفع يديه إذا ابتهل ودعا ، كما يستطعم (٤) المسكين » (٥).
الحسين عليهالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « من أجرى الله على يديه فرجاً لمؤمن ، فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة » (٦).
وعنه عليهالسلام ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « من عال أهل بيت من المسلمين ـ يومهم وليلتهم ـ غفر الله ذنوبه » (٧).
أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : انما ابن آدم ليومه ، فمن أصبح آمنا في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا (٨) ».
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٦ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٣.
٢ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٧ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٤.
٣ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٧ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٤.
٤ ـ في الأصل : يستعظم ، وما أثبتناه من الأمالي.
٥ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٨ ، وفيه : عن علي بن الحسين عليهالسلام ، وتنيه الخواطر ٢ : ٧٤.
٦ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٩ ، وفيه : عن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، عنأبيه ، عن جده عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وتنبيه الخواطر ٢ : ٧٤ ، وفيه : عن الحسن عليهالسلام.
٧ ـ أمالي الطوسي ٢ : ١٩٩ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٤.
٨ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠١ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٤.
أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي (١) قال : كنت مع الرضا عليهالسلام لما وصل الى نيسابور ، وهو راكب بغلة شهباء ، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله ، فلما صار في المربعة تعلقوا بلجام بغلته فقالوا : يا ابن رسول الله ، حدثنا بحق آبائك الطاهرين حديثاً عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين فأخرج رأسه من الهودج ـ وعليه مطرف خزـ
وقال :
« حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد ابن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ـ سيد شباب أهل الجنة ـ عن أمير المؤمنين ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : قال : أخبرني جبريل الروح الأمين ، عن الله ـ تقدست أسماؤه وجلّ وجهه ـ انه يقول : إني أنا الله لا إله إلاّ أناوحدي ، عبادي فاعبدوني ، وليعلم من لقيني منكم بشهادة ألاّ إله إلاّ الله ـ مخلصاً بها ـ أنه قد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي ».
قالوا : يا ابن رسول الله ، وما إخلاص الشهادة لله؟
قال : « طاعة الله ورسوله ، وولاية أهل بيته عليهمالسلام » (٢).
أميرالمؤمنين عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اثنتان : كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها ، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها ، فإنه لاحكيم إلا ذوعثرة ولاسفيه إلا ذو تجربة » (٣).
عن أبي بردة الأسلمي (٤) قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول :
__________________
١ ـ في الأصل : أبوالصلت عبدالله بن صالح الهري ، والصواب ما أثبتناه في المتن ، وهو عبد السلام ابن صالح بن سليمان بن أيوب بن ميسرة القرشي مولاهم أبو الصلت الهروي ، سكن نيشابور ، ورحل في الحديث إلى ألأمصار ، وخدم علي بن موسى الرضا ، وثقه النجاشي وقال : صحيح الحديث ، وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليهالسلام. أنظر « رجال النجاشي : ١٧٢ ، رجال الشيخ : ٣٨٠ / ١٤ ، تهذيب التهذيب ٦ : ٣١٩ ، ميزان الإعتدال ٢ : ٦١٦ ، معجم رجال الحديث ١٠ : ١٦ ».
٢ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٢ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٤.
٣ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٢ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٥.
٤ ـ في الأصل « عن أبي يزيد عن أبي بريدة الأسلمي » ، وفي تنبيه الخواطر : « أبوبريدة الأسلمي » ، وما أثبتناه من أمالي الطوسي ، كذا عنونه ابن حجر وقال : دعاه النبي (ص) إلى الاسلام فأبى ثم كلمه الناس في ذلك فأجاب إليه وأسلم » ، ويحتمل كونه تصحيفاً ، صحته : « أبو برزة الأسلمي » ، وهو نضلة بن عبيد صاحب
« لا تَزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن جسده ، فيما أبلاه؟ وعن عمره ، فيما أفناه؟ وعن ماله ، مما اكتسبه وفيما أنفقه؟ وعنْ حبنا أهل البيت » (١).
قال معاوية لخالد بن معمر : على ما أحببت علياً؟
قال : على ثلاث خصال : على حلمه إذاً غضب ، وعلى صدقه إذا قال ، وعلى عدله إذا ولي (٢).
لما احتضر أمير المؤمنين عليهالسلام جمع بنيه ـ حسناً ، وحسيناً ، ومحمد بن الحنفية ، والأصاغر من ولده ـ فوصاهم وقال في آخر وصيته : « يا بني ، عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنّوا إليكم ، وإن فقدتم بكوا عليكم. يا بني ، إن القلوب جنود مجندة تتلاحظ بالمودة وتتناجى بها ، وكذلك هي في البغض ، فإذا أبغضتم الرجل ـ من غير خير سبق منه إليكم ـ فاحذروه » (٣).
الإمام موسى بن جعفر بن محمد عليهمالسلام قال : « أحسن من الصدق قائله ، وخير من الخير فاعله » (٤).
أمير المؤمنين عليهالسلام عن النبي عليهالسلام وآله ، أنه « لقي ملك رجلاً على باب دار كان ربها غائباً ، فقال له الملك : ماجاء بك إلى هذه الدار؟ فقال : أخ أردت زيارته.
قال : ألرحمٍ ماسة بينك وبينه ، أم نزعتك إليه حاجة؟
قال : ما بيننا رحم ماسة أقرب من رحم الاسلام ، وما نزعتني إليه حاجة ، قال (٥) : وما بيننا رحم ، ولكن زرته في الله تعالى رب العالمين.
قال : فابشر ، فإني رسول الله إليك ، وهو يقرؤك السلام ، ويقول لك : إياي قصدت ، وما عندي أردت بصنيعك ، فقد أوجبت لك الجنة ، وعافيتك من غضبي والنار
__________________
النبي (ص) المتوفى سنة ٦٠ أو ٦٤ هـ. اُنظر « اُسد الغابة ٥ : ١٤٦ ، الإصالة ٤ : ١٩ / ١١٩ ، تهذيب التهذيب ١٠ : ٤٤٦ / ٨١٥ ، معجم رجال الحديث ٢١ : ٤٢ / ١٣٩٥ ».
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٦ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٥.
٢ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٧ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٥.
٣ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٨ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٥.
٤ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٩ ، وفيه : عن موسى بن جعفر قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي (ع) ، وتنبيه الخواطر ٢ : ٧٥ ، وفيه عن موسى بن جعفرعن أبيه جعفر بن محمد (ع).
٥ ـ كذا ، والظاهر أنها زائدة.
حيث اتيته » (١).
وعنه عليه وآله السلام أنه قال : « من أدى فريضة ، فله عند الله دعوة مستجابة » (٢).
وعنه عليه وآله السلام قال : « في ابن ادم ثلاث مائة وستون عرقاً ، منها مائة وثمانون ساكنة ، فلو سكن المتحرك لم يبق الانسان ، ولو تحرك الساكن لهلك الانسان ».
وكان صلىاللهعليهوآله في كل يوم إذا أصبح وطلعت الشمسِ يقول : الحمد لله رب العالمين كثيراً طيباً على كل حال. يقولها ثلاثمائة وستين مرة شكراً (٣).
وعنه صلوات الله عليه وآله أنه قال : « من أفضل الأعمال عند الله عز وجل إبراد الاكباد الحارة ، وإشباع الأكباد الجائعة ، والذي نفس محمد بيده ، لايؤمن بي عبد يبيت وأخوه ـ أوقال : جاره ـ المسلم جائع » (٤).
وعنه عليهالسلام قال : « ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصائل الايمان : الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، وإذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له » (٥).
محمد بن سلام الجمحي قال : حدثني يونس بن حبيب النحوي ـ وكان عثمانياً ـ قال : قلت للخليل بن أحمد : اُريد أن أسألك عن مسألة تكتمها عليّ.
قال : قولك يدل على أن الجواب أغلظ من السؤال ، فتكتمه أنت أيضاً.
قال : قلت : نعم ، أيام حياتك.
قال : سل.
قلت : ما بال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ورحمهم ، كأنهم كلهم بنو أم واحدة ، وعلي بن أبي طالب عليهالسلام من بينهم كأنه ابن علة؟
قال : من أين لك هذا السؤال؟
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٩ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٦.
٢ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢١٠ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٦.
٣ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢١٠ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٦.
٤ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢١١ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٦.
٥ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢١٦ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٦.
قال : قلت : قد وعدتني الجواب.
قال : وقد ضمنت لي الكتمان.
قال : قلت : أيام حياتك.
فقال : إن علياً عليهالسلام تقدمهم إسلاماً ، وفاقهم علماً وبذهم شرفاً ، ورجحهم زهداً ، وطالهم جهاداً ، وتقدمهم هجرة فحسدوه ، والناس إلى أشكالهم وأشباههم أميل ممن بان منهم وفاقهم (١).
عن اُم سلمة ـ زوج النبي صلىاللهعليهوآله ـ قالت : إذا أراد الله عز وجل بعبده خيراً ، جعل له واعظاً من نفسه ، يأمره وينهاه (٢).
وكان النبي صلىاللهعليهوآله إذا ودع رجلاً من المسلمين قال له : « زودك الله التقوى ، وغفر ذنبك ، ووجهك إلى الخير حيث توجهت » (٣).
عن جعفر بن محمد أنه قال لبعض أصحابه : « إذا رأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذي القربى واليتامى والمساكين ، تقسم في الزور ، ويشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداولونها ، وتوصف للمريض يستشفي بها ، ورأيت الناس قداستووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وترك التدين به ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر به ، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة ـ لايراد بها وجه الله ـ وتعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همّتهم بطونهم وفروجهم ، لايبالون بما أكلوا ولا مانكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحق والهدى قد درست ، فكن على حذر ، واطلب إلى الله تعالى النجاة.
واعلم أن الناس في سخط الله وإنما يمهلهم لأمر يراد بهم ، فكن متوقياً واجتهد ليراك الله تعالى على خلاف ماهم عليه ، وإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجلت الى رحمة الله ، وإن بقيت كنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة ، وسلمت من عذاب الله ، واعلم أن الله تعالى لايضيع أجر المحسنين » (٤).
__________________
١ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٢٢١ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٧٦.
٢ ـ تنبيه الخواطر ٢ : ٧٧.
٣ ـ تنبيه الخواطر ٢ : ٧٨.
٤ ـ الكافي ٨ : ٤١ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٤١.
وروى علي بن عيسى ـ يرفعه ـ قال : إن موسى صلى الله عليه ناجاه الله تبارك وتعالى ، فقال له في مناجاته : يا موسى ، لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو قلبك ، وقاسي القلب مني بعيد ، وأمت قلبك بالخشية ، وكن خَلِق الثياب جديد القلب ، تخفى على أهل الأرضين وتعرف في أهل السماء ، جليس البيوت ، مصباح الليل ، واقنت بين يدي قنوت الصابرين ، وضج إلي من كثرة الذنوب ضجيج الهارب من عدوه ، واستعنبي على ذلك ، فإني نعم العون ونعم المستعان.
يا موسى ، إني [ أنا ] (١) الله فوق العباد والعباد دوني ، وكل لي داخرون ، فاتّهم نفسك على نفسك ، ولاتأمنن ولدك على دينك ، إلاّ أن يكون مثلك يحب الله تعالى
يا موسى ، واقترب من عبادي الصالحين.
اُوصيك ـ يا موسى ـ وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم ، صاحب الأتان (٢) والبرنس ، والزيت والزيتون ، والمحراب. ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر ، الطيب الطاهر ، فمثَله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب كلها ، وأنه راكع ساجد راغب راهب ، إخوانه المساكين ، وأنصاره قوم اخرون ، ويكون في زمانه أزْل (٣) وزلزال وقمّل ، وقلة من المال ، وكذلك اسمه أحمد ومحمد الأمين من الباقين ، من ثلة الأولين والماضين ، يؤمن بالكتب كلها ، ويصدق جميع المرسلين ، ويشهد بالإخلاص لجميع المؤمنين ، اُمته مرحومة مباركة مابقوا في الدين على حقائقه ، لهم ساعات مؤنسات يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى سيده نافلته ، فَصَدِقْه ومنهاجَه فاتبع ، فإنه أخوك.
يا موسى ، إنه اُميّ ، وهو عبد صدق ، يبارك له فيما وضع يده ويبارك عليه ، كذلك كان في علمي ، وكذلك خلقته ، به أفتح (٤) الساعة ، وبأمته أختم مفاتيح الدنيا ، فمر بني اسرائيل ، أن لايدرسوا اسمه ، وأن لايخذلوه ، وإنهم لفاعلون! وحسبه فيحسبه ، (٥) وأنا معه ، وأنا من حزبه وهو من حزبي ، وحزبي هم الغالبون ، فتمّت كلماتي لاُظهرنّ دينه على الأديان كلها ، ولأعبدنّ بكل مكان ، ولانُزلن عليه فرقاناً
__________________
١ ـ أثبتناه من الكافي.
٢ ـ الأتان بالفتح : الانثى من الحمير « مجمع البحرين ـ أتن ـ ٦ : ١٩٧ ».
٣ ـ الأزل : الضيق والجدب والشدة « الصحاح ـ أزل ـ ٤ : ١٦٢٢ ».
٤ ـ في الأصل : ربما فتح ، وما أثبتناه من الكافي.
٥ ـ في الكافي وتنبيه الخواطر : وحبه لي حسنة.
شفاءاً لما في الصدور ، ومن نفث الشيطان. فصلّ عليه ـ يابن عمران ـ فإني اُصلي عليه وملائكتي.
يا موسى ، أنت عبدي ، وأنا إلهك ، لا تستذل الحقير الفقير ، ولا تغبط الغني بشيء يسير ، وكن عند ذكري خاشعاً ، وعند تلاوته برحمتي طامعاً (١) ، وأسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين ، وتطهّرعند ذكري ، وذكر بي من يطئن إليّ ، واعبدني ولا تشرك بي شيئاً ، وتحرَّ مسرتي ، إنّي أنا السيد الكبير ، إنّي خلقتك من نطفة من ماء مهين ، من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة فكانت بشراً ، فأنا صانعها خلقاً فتبارك وجهي وتقدس صنعي ، ليس كمثلي شيء ، وأنا الدائم لا أزول.
يا موسى ، كن إذا دعوتني خائفاً مشفقاً وجلاً ، عفّر وجهك في التراب ، واسجد لي بمكارم بدنك (٢) ، واقنت بين يدي في القيام ، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل ، فاحي بتوراتي أيام الحياة ، وعلم الجهال محامدي ، وذكّرهم آلائي ونعمتي ، وقل لهم : لايتمادون في غيّهم ، فإنّ أخذي أليم شديد.
ياموسى ، إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ، ذمَّ نفسك فهي أولى بالذم ، ولا تتطاول بآياتي على بني اسرائيل ، فكفى بهذا واعظاً لقلبك ومنيراً ، وهوكلام رب العالمين جل وتعالى.
يا موسى ، منى ما دعوتني ورجوتني ، فإني سأغفر لك ما كان منك ، فعليك بالصلاة الصلاة ، فإنها منّي بمكان ، ولها عندي عهد وثيق ، فألحق بها ما هو منها ، زكاة القربان من طيب المال والطعام ، فإني لا أقبل إلاّ الطيّب يراد به وجهي ، واقرن مع ذلك صلة الأرحام ، فإنّي أنا الرحمن الرحيم ، أنا خلقتها فضلاً من رحمتي ، ليتعاطف بها العباد ، ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، فأنا قاطع من قطعها ، واصل من وصلها ، وكذلك أفعل بمن ضيّع أمري.
يا موسى ، أكرم السائل إذا أتاك ـ برد جميل أوعطاء يسير ـ فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن ، يبلونك كيف أنت صانع فيما وليتك؟ وكيف مواساتك فيما خوّلتك؟ فاخشع لي بالتضرع ، واهتف لي بولولة الكتاب ، واعلم أني
__________________
١ ـ في الأصل : وعند تلاوة رحمتي طائعاَ ، وما أتبتناه من الكافي.
٢ ـ في الأصل : يديك ، وما أثبتناه من الكافي.
أدعوك دعاء السيد مملوكه المبلغ به شرف المنازل ، وذلك من فضلي عليك وعلى ابائك الأولين.
يا موسى ، لاتنسني على كل حال ، ولا تفرح بكثرة المال ، فإن نسياني يقسي القلب ، ومع كثرة المال كثرة الذنوب.
ياموسى ، اجعلني حرزك ، وضع عندي كنزك من الصالحات ، وخفني ولاتخف غيري ، إليّ المصير.
يا موسى ، إرحم من هو أسفل منك في الخلق ، ولا تحسد من هو فوقك ، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
يا موسى ، ضع الكبر ، ودع الفخر ، واذكر أنك ساكن القبور ، فليمنعك ذلك من الشهوات.
يا موسى ، عجل التوبة ، واخر الذنب ، وتأنَّ في المكعث بين يديّ في الصلاة ، ولا ترج غيري ، اتخذني جُنّة للشدائد ، وحصناً لملمات الاُمور.
ياموسى ، نافس في الخير أهله ، فإن الخير كاسمه ، ودع الشر لكل مفتون.
يا موسى ، اجعل لسانك وراء قلبك تسلم ، واكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ، ولا تتبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار.
يا موسى ، أطب الكلام لأهل الترك للذنوب ، وكن لهم جليساً ، واتخذهم لغيبك إخواناً ، وجدّ معهم يجدّون معك.
ياموسى ، الموت لاقيك لامحالة ، فتزود زاد من هو على أن يتزود قادر.
ياموسى ، ما اُريد به وجهي فكثير قليله ، وما اُريد [ به ] (١) غيري فقليل كثيره ، وإن أصلح أيامك (٢) الذي هو (٣) أمامك ، فانظر أي يوم هو ، فأعدّ له الجواب ، فإنك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله ، فإن الدهر طويله قصير وقصيره طويل ، وكل شيء فانٍِ ، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك ، لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة ، فإن ما بقي من الدنيا كما ولى منها ، وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال ، فكن مرتاداً لنفسك ـ يا ابن عمران ـ لعلك تفوز غداً يوم السؤال ، فهنالك
__________________
١ ـ أثبتناه من الكافي.
٢ ـ في الأصل : يومك ، وما أثبتناه من الكافي.
٣ ـ في الأصل زيادة : فيه.