محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
السجود قبل السلام ، ولا يقدح ذلك في بقاء القدوة .
نعم ، لو كان المأموم مسبوقاً ، فسجد الامام قبل التسليم أو بعده قبل انتهاء صلاة المأموم ، لم يتبعه المأموم عندنا قطعاً ، بل يسجد المأموم عند فراغ صلاته إذا كان السهو قد عرض للامام بعد المتابعة ، وقد رواه عمار عن الصادق علیه السلام ـ أورده الشيخ في التهذيب (١) ـ ولان زيادة السجدتين في الصلاة مبطل .
التاسع : لو سها الإِمام قبل اقتداء المسبوق ، ففي وجوب متابعته الامام عندي وجهان : من ظاهر الخبر (٢) وانّه دخل في صلاة ناقصة ، ومن عدم رابطة الاقتداء حينئذ ، وهذا أقرب .
العاشر : لو قام الامام سهواً الىٰ الخامسة ، فنوىٰ المأموم مفارقته لمّا شرع في القيام لم يحمل سجود الامام ، وان نوى بعد مسمّى الزيادة وجب السجود متابعة . ولا يشترط بلوغ الامام الى حدّ الراكع عندنا ، بل المعتبر مسمّى القيام .
الخامسة : لا حكم للشك مع الانتقال عن المحل ؛ بناءً على اعتياد فعل ما شك فيه ، وعلى انتفاء الحرج اذ الغالب عدم تذكّر الانسان كثيراً من أحواله الماضية .
ولصحيح محمد بن مسلم عن الباقر علیه السلام : « كل ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد » (٣) .
وصحيح زرارة قال : قلت لابي عبد الله علیه السلام : رجل شك في الأذان وقد دخل في الاقامة ، قال : « يمضي » . قلت : رجل شك في الأذان
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ح ١٤٦٦ .
(٢) أي الخبر المتقدم في ص ٥٩ الهامش ٢ .
(٣) التهذيب ٢ : ٣٥٢ ح ١٤٦٠ .
والاقامة وقد كبّر ، قال : « يمضي » . قلت : رجل شك في التكبير وقد قرأ ، قال : « يمضي » . قلت : شك في القراءة وقد ركع ، قال : « يمضي » . قلت : شك في الركوع وقد سجد . قال : « يمضي على صلاته » ، ثم قال : « يا زرارة اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء » (١) .
فروع :
لو شك في قراءة الفاتحة وهو في السورة ، وجب قراءة الفاتحة ثم سورة ـ اما التي كان فيها أو غيرها ـ لانّ محل القراءة باق .
وقال ابن ادريس : لا يلتفت ، ونقله عن الشيخ المفيد في رسالته الى ولده (٢) . واليه مال صاحب المعتبر ؛ لصدق الانتقال فيدخل تحت عموم آخر الحديث (٣) .
قلنا : نمنع صدق الانتقال ؛ لمفهوم قوله في الحديث : ( قلت : شك في القراءة وقد ركع ) (٤) فان مفهومه انه لو لم يركع لم يمض .
وكذا لو شك في الفاتحة أو في السورة وهو قانت ؛ لمثل ما قلناه ، مع احتمال انّ القنوت حائل لانّه انتقال عن القراءة بالكلية .
وأولى بالرجوع إذا شك في أبعاض الحمد وهو فيها ، أو في السورة وهو فيها ، جزءاً كان أو صفة ، كتشديد ، أو اعراب ، أو جهر ، أو اخفات ، أو مخرج .
السادسة : لو شك في السجود وهو متشهد ، أو قد فرغ منه ولما يقم ، أو قام ولما يستكمل القيام أتى به ، وكذا لو شك في التشهد يأتي به ما لم يستكمل
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٥٢ ح ١٤٥٩ .
(٢) السرائر : ٥٢ .
(٣) المعتبر ٢ : ٣٩٠ .
والحديث تقدم في ص ٦١ الهامش ٣ .
(٤) تقدم في ص ٦١ الهامش ٣ .
القيام ؛ لاصالة عدم فعل ذلك كله وبقاء محل استدراكه ، ولرواية عبد الرحمن ابن الحجاج عن الصادق علیه السلام في رجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائماً ، فلم يدر أسجد أو لم يسجد ؟ فقال : « يسجد » (١) .
ولو شك في السجود أو التشهد بعد استكمال القيام ، فالاظهر عدم الالتفات ؛ للانتقال الحقيقي ، ولصحيح اسماعيل بن جابر عن الصادق علیه السلام قال : « ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وان شك في السجود بعد ما قام فليمض ، كل شيء مما جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه » (٢) ولما مر من قوله علیه السلام في خبر زرارة : « اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء » (٣) . وبه قال الشيخ في المبسوط (٤) .
وفي النهاية : يرجع الىٰ السجود والتشهد ما لم يركع اذا شك في فعله (٥) لحسن الحلبي عن الصادق علیه السلام في رجل سها فلم يدر سجد سجدة أو اثنتين ، قال : « يسجد اُخرى ، وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو » (٦) وهو يشمل الشاك بعد القيام كما يشمل الشاك في الجلوس .
وجوابه الحمل على الشك ولما يقم ؛ توفيقاً بين الاخبار . وان احتج الشيخ برواية ابن الحجاج فهي غير دالة على المطلوب .
وفرّق القاضي في بعض كلامه بين السجود والتشهد ، فاوجب الرجوع
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٥٣ ح ٦٠٣ ، الاستبصار ١ : ٣٦١ ح ١٣٧١ ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله .
(٢) التهذيب ٢ : ١٥٣ ح ٦٠٢ .
(٣) تقدم في ص ٦١ الهامش ٣ .
(٤) المبسوط ١ : ١٢٢ ، ونصه : ومن شك في السجود في حال القيام ، او في التشهد الاول وقد قام الى الثالثة ، فانه لا يلتفت اليه . وهذا لا يطابق بالدقة ما نسب اليه في المتن ، الا اذ اريد من ( حال القيام ) استكمال القيام ، وراجع : مفاتح الكرامة ٣ : ٣٠٥ .
(٥) النهاية : ٩٢ والظاهر ان الحكم فيها يشمل السجود خاصة دون التشهد ، وراجع : الحدائق الناضرة ٩ : ١٨٥ .
(٦) الكافي ٣ : ٣٤٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ح ٥٩٩ ، الاستبصار ١ : ٣٦١ ح ١٣٦٨ .
بالشك في التشهد حال قيامه دون السجود ، وفي موضع آخر سوّى بينهما في عدم الرجوع (١) . وحمل على انه أراد بالشك في التشهد تركه ناسياً ، لئلا يتناقض كلامه (٢) .
السابعة : لو تلافىٰ ما شك فيه ثم ذكر فعله بطل إن كان ركناً ؛ لان زيادة الركن تقتضيه ، والا فحكمه حكم من زاد سهواً . ولا فرق بين ان يكون سجدة أو لا .
وقال المرتضى وصاحبه أبو الصلاح ـ رحمهما الله ـ : ان شك في سجدة فأتى بها ، ثم ذكر فعلها أعاد الصلاة (٣) . ويظهر ذلك من كلام ابن ابي عقيل (٤) .
ويدفعه خبر عبيد بن زرارة فيه بعينه عن الصادق علیه السلام : « لا ـ والله ـ لا تفسد الصلاة زيادة سجدة » ، قال : « ولا يعيدها من سجدة ، ويعيدها من ركعة » (٥) .
فرع :
لو انتقل عن محله فشك فرجع الى فعل المشكوك ، فالأقرب البطلان ان تعمّد ، سواء كان ركناً أو غيره ؛ للاخلال بنظم الصلاة ، ولانه ليس فعلاً من أفعال الصلاة فيبطلها . ويحتمل عدم الابطال ؛ بناءً على ان ترك الرجوع رخصة وانه غير قاطع بالزيادة ، وخصوصاً في موضع الخلاف كما مرّ في السجود والتشهد . ولم أقف للأصحاب هنا على كلام .
__________________
(١) في المهذب ١ : ١٥٦ لم يذكر السجود في موضع التسوية . وحكاه عنه بتمامه العلامة في مختلف الشيعة : ١٣٧ .
(٢) حمله العلامة في مختلف الشيعة : ١٣٧ .
(٣) الكافي في الفقه : ١١٩ ، وحكاه عن المرتضى العلامة في مختلف الشيعة : ١٣١ .
(٤) مختلف الشيعة : ١٣١ .
(٥) التهذيب ٢ : ١٥٦ ح ٦١١ .
الثامنة : لا تبطل الصلاة بالشك في الافعال ، ركناً كانت أو لا ، في الاوليين أو في الاخيرتين ، بل حكمه ما سلف من التلافي أو عدم الالتفات على كل حال .
وحكم الشيخان بالبطلان إذا شك في افعال الاوليين كما اذا شك في عددهما (١) ونقله الشيخ عن بعض القدماء من علمائنا (٢) .
لنا : الاستناد الى الاصل ، والاخبار العامة ، كموثق محمد بن مسلم عن الباقر علیه السلام قال : « كل ما شككت فيه فيما قد مضى فامضه كما هو » (٣) وصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق علیه السلام : « اذا نسيت شيئاً من الصلاة ، ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً ، ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء » (٤) .
فان احتجا بصحيحة الفضل بن عبد الملك ، عن الصادق علیه السلام : « اذا لم تحفظ الركعتين الاوليين فاعد صلاتك » (٥) .
فالجواب انّه ظاهر في العدد ونحن نقول به ، وكذا ما روى الحسن بن علي الوشّاء عن الرضا علیه السلام : « الاعادة في الاوليين ، والسهو في الاخيرتين » (٦) .
وتوسط صاحب التذكرة بالبطلان ان شك في ركن ؛ لانّ الشك فيه في الحقيقة شك في الركعة ، بخلاف ما اذا كان المشكوك فيه غير ركن ، فان نسيانه لا يبطل . وفرّع على ذلك الشك في أفعال ثالثة المغرب من حيث اجراء الثلاثية مجرى الثنائية في الشك عدداً فكذا كيفية ، ومن عدم النص (٧) .
__________________
(١) المقنعة : ٢٤ ، ١٧٦ ، التهذيب ٢ : ١٥٤ ، النهاية : ٩٢ ، وانظر مفتاح الكرامة ٣ : ٣٠٠ .
(٢) المبسوط ١ : ١٢٠ .
(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٤ ح ١٤٢٦ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٢٨ ح ١٠٠٧ ، التهذيب ٢ : ٣٥٠ ح ١٤٥٠ .
(٥) التهذيب ٢ : ١٧٧ ح ٧٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ح ١٣٨٤ .
(٦) التهذيب ٢ : ١٧٧ ح ٧٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ح ١٣٨٦ .
(٧) تذكرة الفقهاء ١ : ١٣٦ .
قلت : لمانع ان يمنع كون الشك في الركن شكاً في الركعة أو مستلزماً له ؛ فانّه محل النزاع . واما ثالثة المغرب فيمكن الحكم بالبطلان ، لما رُوي : « اذا شككت في المغرب فاعد » (١) فانه يتناول الشك في الكمية والكيفية ، كما تناول الخبران المذكوران ذينك .
التاسعة : تبطل الصلاة بالشك في عدد الاوليين اجماعاً الّا من أبي جعفر ابن بابويه ، فانه قال : لو شك بين الركعة والركعتين فله البناء على الركعة (٢) لرواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي ابراهيم علیه السلام في الرجل لا يدري أصلى ركعة أم اثنتين : « يبني على الركعة » (٣) ونحوه رواية عبد الله بن أبي يعفور (٤) .
وهي معارضة بأخبار أصح سنداً ، كرواية الفضل السالفة (٥) ورواية محمد ابن مسلم عن الصادق علیه السلام في الرجل يصلي فلا يدري أواحدة صلّى أو اثنتين ، قال : « يستقبل حتى يستيقن انه قد اتمّ ، وفي الجمعة وفي المغرب وفي صلاة السفر » (٦) . والرواية الاُولى حملها الشيخ على النافلة (٧) وتبعه في المعتبر (٨) .
وابن بابويه يقول : هو مخيّر بان يأخذ بأي الأخبار شاء (٩) .
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٧٨ ح ٧١٤ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ح ١٣٩٦ .
(٢) لم نلاحظه في كتب ابن بابويه ، ولعلّ المصنف حكى عبارة المقنع ، ونصها فيه ص ٣٠ : اذا لم تدر واحدة صليت ام اثنتين فاعد الصلاة ، وروي ابن على ركعة . وظاهر ان ذلك مورد تأمل فيما استفاد منه المنصف ، راجع في ذلك : الحدائق الناضرة ٩ : ١٩٢ ، مفتاح الكرامة ٣ : ٢٩٤ .
(٣) التهذيب ٢ : ١٧٧ ح ٧١١ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ح ١٣٨٨ .
(٤) التهذيب ٢ : ١٧٨ ح ٧١٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ح ١٣٨٩ .
(٥) تقدمت في ص ٦٥ الهامش ٥ .
(٦) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٧٩ ح ٧١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ح ١٣٩١ .
(٧) التهذيب ٢ : ١٧٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ .
(٨) المعتبر ٢ : ٣٨٧ .
(٩) الفقيه ١ : ٢٣١ .
وقال والده : اذا شك في الركعة الاولى والثانية أعاد . وان شك ثانياً وتوهّم الثانية بنى عليها ثم احتاط بعد التسليم بركعتين قاعداً . وان توهّم الاُولى بنى عليها وتشهد في كل ركعة ، فان تيقن بعد التسليم الزيادة لم يضر لانّ التسليم حائل بين الرابعة والخامسة ، وان تساوى الاحتمالان تخيّر بين ركعة قائماً وركعتين جالسا (١) . واطلق الاصحاب الاعادة ، ولم نقف له على رواية تدل على ما ذكره من التفصيل .
وقال ايضا : فان شككت فلم تدر أواحدة صليت أم اثنتين ، أم ثلاثاً أم اربعاً ، صليت ركعة من قيام وركعتين من جلوس (٢) . وربما استند الى صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن علیه السلام عن الرجل لا يدري كم صلّى ، واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ؟ قال : « يبني على الجزم ، ويسجد سجدتي السهو ويتشهد ( فيهما تشهداً ) (٣) خفيفاً » (٤) . وظاهر « الجزم » الاحتياط بما ذكر ؛ لانه بناء على الاكثر ثم التدارك .
قال بعض الاصحاب : بل « الجزم » الاعادة (٥) .
ويشكل : بأنّه لا يجمع بين سجدتي السهو وبين اعادة الصلوات وجوباً ولا استحباباً . نعم ، هو معارض بصحيحة ابن ابي يعفور عن الصادق علیه السلام « اذا شككت ، فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم أربعاً ، فاعد ولا تمض على الشك » (٦) .
العاشرة : لو شك فلم يدرِ كم صلّى أعاد ؛ لانه لا طريق له الى البراءة
__________________
(١) مختلف الشيعة : ١٣٢ .
(٢) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة : ١٣٢ .
(٣) ليست في التهذيب ، وفي الاستبصار « تشهداً » .
(٤) التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ح ١٤٢٠ .
(٥) راجع : التهذيب ٢ : ١٨٨ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ، مختلف الشيعة : ١٣٢ .
(٦) الكافي ٣ : ٣٥٨ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٣ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٨ .
بدونه ، ولرواية صفوان عن ابي الحسن علیه السلام : « اذا لم تدر كم صليت ، ولم يقع وهمك على شيء ، فاعد الصلاة » (١) . ورواية ابن ابي يعفور تدل عليه ايضا .
الحادية عشرة : لو شك في الثنائية فريضة ـ كالصبح ، والكسوف ، والعيدين ، والجمعة ، وصلاة السفر ـ أعاد ، وكذا لو شك في المغرب ؛ لتوقف اليقين ببراءة الذمة على الاعادة ، ولرواية محمد بن مسلم السالفة (٢) .
وروى العلاء عن الصادق علیه السلام ، وسأله عن الشك في الغداة ، فقال : « اذا لم تدرِ أواحدة صليت أم اثنتين فاعد الصلاة من أولها ، والجمعة ايضا والمغرب اذا لم يدر كم ركعة صلّى » (٣) .
وروى محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام وسأله عن السهو في المغرب ، قال : « يعيد حتى يحفظ ، انها ليست مثل الشفع » (٤) .
وروى عنبسة بن مصعب قال ابو عبد الله علیه السلام : « اذا شككت في المغرب فاعد ، واذا شككت في الفجر فاعد » (٥) .
فرع :
لا فرق في الشك هنا بين النقيصة والزيادة ؛ لعموم الاخبار . وقد روى الفضل ، سألته عن السهو ؟ فقال : « في المغرب اذا لم تحفظ ما بين الثلاث الى
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٨ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٤ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٩ .
(٢) تقدمت في ص ٦٦ الهامش ٦ .
(٣) التهذيب ٢ : ١٧٩ ح ٧٢٠ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ ح ١٣٩٤ كلاهما عن سماعة ، وأما رواية العلاء فهي في : ١٨٠ ح ٧٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ ح ١٣٩٥ . لكنها تختلف عمّا في المتن .
(٤) التهذيب ٢ : ١٧٩ ح ٧١٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٠ ح ١٤٠٦ .
(٥) التهذيب ٢ : ١٧٩ ح ٧١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ ح ١٣٩٣ .
الاربع فاعد » (١) .
فرع :
لو نذر ركعتين أو ثلاثاً ، فالظاهر انها تلحق بالمكتوبة ؛ لفحوى الاحاديث .
فإن قلت : روى في التهذيب عن عمار ، عن الصادق علیه السلام في رجل لم يدر أصلى الفجر ركعتين أم ركعة ، قال : « يتشهد وينصرف ، ثم يقوم فيصلي ركعة » . قلت : فيصلي المغرب فلم يدرِ اثنتين صلّى أم ثلاثاً ، قال : « يتشهد وينصرف ، ثم يقوم فيصلي ركعة » (٢) .
قلت : سنده ضعيف فلا يعارض الأصح والأشهر ، وربما حمل على نافلة الفجر والمغرب أو على غلبة الظن ، كما قاله في التهذيب (٣) .
على ان ابا جعفر بن بابويه ـ رحمه الله ـ قال : اذا شككت في المغرب ، فلم تدر أفي ثلاث أنت ام أربع ، وقد احرزت اثنتين في نفسك وانت في شك من الثلاث والاربع ، ( فاضف اليها ركعة اُخرى ولا تعتد بالشك ، فان ذهب وهمك الى الثالثة ) فسلم وصل ركعتين باربع سجدات وأنت جالس (٤) ، فهو قول نادر .
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٧٩ ح ٧١٩ ، الاستبصار ١ : ٣٧٠ ح ١٤٠٧ .
(٢) التهذيب ٢ : ١٨٢ ح ٧٢٨ .
(٣) الهامش السابق .
(٤) نصّه في المقنع : ٣١ بدون العبارة المحصورة ، وقد وردت في سياق آخر غير هذا ، قال : فاذا شككت في المغرب فاعد ، وروي واذا شككت في المغرب ولم تدر واحدة صليت ام اثنتين فسلم ثم قم فصل ركعة . وان شككت في المغرب . . . الخ .
قال العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ٢٩٦ بعد ايراده عبارة المقنع كما في المتن عن مختلف الشيعة وغيره : ان الجماعة جعلوا الصدوق مخالفاً في الشك المتعلق بالزيادة ، والظاهر من المقنع ان ذلك ليس مذهباً له وانما رواية ، قال في نسختين منه . . . ثم حكى ما ذكرناه .
فائدة :
لو شك في الكسوف ، فان كان الشك بين الركعة الاُولى والثانية ، أو بينهما وبين الثالثة ، بطلت لانها ثنائية .
وان كان الشك في عدد الركوع ، فان تضمن الشك في الركعتين ـ كما لو شك هل هو في الركوع الخامس أو السادس ، وانه ان كان في السادس فهو في الركعة الثانية ، وان كان في الخامس فهو في الركعة الاُولى ـ بطلت ايضاً .
وان احرز ما هو فيه ولكن شك في عدد الركوع ، فالاقرب البناء على الاقل ؛ لاصالة عدم فعله ، فهو في الحقيقة شك في فعل شيء وهو في محله فيأتي به كركوع الصلاة اليومية .
وهنا قولان آخران :
أحدهما : قول قطب الدين الراوندي ـ رحمه الله ـ : وهو انه اذا لم يتعلّق شكه بما يزيد على الاحتياط المعهود فانه يحتاط ؛ لدوران الشك في اليومية مع الركوع ، ولا تضر زيادة السجود في الاحتياط ؛ لانّه تابع .
الثاني : قول السيد جمال الدين احمد بن طاوس ـ قدس الله روحه ـ في البشرى : الذي ينبغي تحريره في صلاة الكسوف هو انه متى وقع الشك بين الاُولى والثانية من الخمس الاُول بطلت الصلاة .
وان وقع الشك فيما بعد ذلك من الركعات ـ كبين الاثنتين والثلاث أو الأربع ، أو بين الثلاث والاربع ، أو بين الثلاثة (١) ـ فانه يبني على الاكثر ، ثم يتلافى بعد الفراغ من الصلاة .
وان كان شكّه بين الأربع والخمس ، فنهاية ما يلزمه سجدتا السهو . وهل يسجد عند ذلك بناءً منه على انه صلّى خمساً ، أم لا ، يبنى على رواية عمار :
__________________
(١) في هامش م : اقسام .
بأن الشاك يبني على الأكثر في الصلاة ثم يتلافى ما ظن أنه نقص . فإن قلنا بها بنى على الخمس وسجد وتلافى .
فنقول : انه مخيّر بين ان يركع ولا يركع ، فان ركع فلا يتلافى بركعة بعد الفراغ من الصلاة ، وان لم يركع تلافى .
وانما قلنا بالخيار ؛ لورود الأثر بان من شك في الركوع وهو قائم ركع ، وورود الأثر بان البناء في الصلاة على الاكثر ثم يتلافى ، وهذان الأثران يتدافعان فكان الوجه التخيير .
وان لم نقل بذلك بنى على الاقل ، فليتم بركعة ثم يهوي الى السجود .
وحكم ما بعد الخامسة في الشك حكم الخامسة .
ولو قلنا إن الحكم في الخمس الثانية مثل الحكم في الخمس الاوائل كان له وجه ، فيطرد القول فيه .
فإن قيل : ان عماراً روى انّه يحتاط أخيراً بما ظن انه نقص ، لا فيما وقع فيه من الشك .
قلت : ظاهر المذهب انّ حكم الشاك حكم الظان في هذا المقام ـ اعني : مقام البناء على الاكثر في الصلاة ـ وان لم يعتمد على هذا فلا تلافي ، لكن هذا بناء على أصلين :
احدهما : ان الركوع مع تمامه برفع رأس يسمى ركعة ؛ إذ في عدة أحاديث انها عشر ركعات وأربع سجدات .
ولا يعارضه ما روى القداح عن جعفر علیه السلام عن آبائه ، قال : « كسفت الشمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله فصلى بالناس ركعتين » وما رواه ابو البختري عن الصادق علیه السلام : « صلاة الكسوف ركعتان في أربع سجدات » لضعف سنديهما .
الثاني : ان من شك في الاوليين بطلت صلاته ، وهو موضع وفاق .
قال : ولو سميناها
ركعتين لرواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه
السلام : « كسفت الشمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقام فصلّى ركعتين » لزم بطلانها اذا شك في الخمس الاوائل ـ اي في عددها ـ لصحيحة محمد بن مسلم قال : سألت الباقر علیه السلام عن رجل شك في الركعة الاُولى ، قال : « يستأنف » .
قال : وان قلنا انّ الركوع لا يسمى ركعة ، وشك في الاربع الاُول بنى على الاقل اذا كان قائماً فان تعلق شكه بالخامس من الركوعات بطلت ؛ لانه شك في الركعة الاُولى وهي الخامسة ذات السجود .
ثم فرّع على ذلك : انّه لو شك بين الست والسبع وهو غير ذاكر السجدتين في الركوع الخامس ، فالوجه البناء على انّه سجد وركع ركوعاً سابعاً . ولو قال : أعلم اني سجدت سجدتين ، ولكن لا أدري عقيب الرابعة أو ما دونها ، بطلت لزيادة الركن .
قال : لا يقال تلك الآثار المتعلقة بالشك في الركعتين تحمل على الراتبة .
فالجواب : الآثار عامة أو مطلقة ، ومن ثم حكمنا بالبطلان لو شك بين الخمس الأوائل والأواخر ، ولم نتمسك بان النص ورد في الراتبة .
ثم أورد على نفسه انّ من شك في الركوع وهو في محله ركع .
واجاب : بان قولنا من شك في الاوليين بطلت صلاته أخص منه .
قال : ويمكن وجه آخر على القول بانها ركعتان ، وهو : ان تبطل بالشك فيها .
قال : ولو قيل بان المكلّف مخيّر في ان يعمل على أي القاعدتين كان لم يكن بعيداً .
قال : فان قيل الاحتياط فيه سجود ولا يتأتى ذلك في الكسوف .
فالجواب : ان الخبر الصحيح
بانّ الانسان يعمل بالجزم ويحتاط للصلوات وليس فيه تصريح بسجود ، مع تأييده بما روي من قضاء الفائت بعينه
في الخبر الصحيح .
قال : ولا أعرف سبقاً من غيري الى هذا التفصيل (١) .
قلت : هذان القولان ضعيفان .
أمّا الأول : فلعدم المطابقة بين الفائت وبين الاحتياط المأتي به إذ فيه سجود زائد ، وقوله : ( انه تابع ) محل النزاع ، وايضا فما يصنع اذا تجاوز الشك العدد الشرعي في الاحتياط ؟
وأمّا الثاني : فمبناه كما قال السيد ـ رحمه الله ـ على انّها ركعات عشر ، وعلى صدق مسمّى الاوليين في الركوعين الاولين ؛ وعلى التفرقة بين الركعة الاُولى والاخيرة ، وعلى انّ رواية عمار تتضمن ذلك أو الخبران اللذان ذكرهما أخيراً وقد اسلفناهما . وكل ذلك منظور فيه .
امّا انّها ركعات فلما سلف في التسمية بركعتين أيضاً وهو أولى بالمراعاة ؛ لان الركعة وان كانت لغةً واحد الركوع إلّا أنّها في مصطلح الفقهاء المنضمّة الى السجود ، والحقيقة الشرعية أولى بالمراعاة من اللغوية ، وغايته انها سميت
__________________
(١) بشرى المحققين . . . من الكتب التي يحتمل انها مفقودة ، وآثرنا استخراج النصوص التي وردت في المتن ، فرواية عمار في : الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٢ ، التهذيب ٢ : ٣٤٩ ح ١٤٤٨ .
والاثر بأنّ من شك في الركوع . . . في : التهذيب ٢ : ١٥٠ ح ٥٨٩ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ ح ١٣٥١ .
والاثر بأنّ البناء في الصلاة . . . تقدم في رواية عمار .
وما ورد في عدة احاديث أنها عشر ركعات . . . راجع : التهذيب ٣ : ٢٩٤ ح ٨٩٠ ، الاستبصار ١ : ٤٥٢ ح ١٧٥١ ، ١٧٥٢ .
ورواية القداح في : التهذيب ٣ : ٢٩٣ ح ٨٨٥ .
ورواية أبي البختري في : التهذيب ٣ : ٢٩١ ح ٨٧٩ ، الاستبصار ١ : ٤٥٢ ح ١٧٥٣ .
ورواية ابن سنان ستأتي بتمامها في ص ٧٤٠ .
ورواية ابن مسلم في : التهذيب ٢ : ١٧٦ ح ٧٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ ح ١٣٧٧ .
وما روي من قضاء الفائت . . . في : الكافي ٣ : ٤٣٥ ح ٧ ، التهذيب ٣ : ١٦٢ ح ٣٥٠ .
عشراً باعتبار اللغة وهي في الحقيقة ركعتان باعتبار الشرع . وعلى هذا يبطل التمسك بأنه شك في الاوليين ؛ إذ لا يلزم من ذلك كونهما ركعتين اوليين شرعاً الذي هو مقتض للبطلان مع الشك .
واما الفرق بين الركعة الاُولى والأخيرة فمرغوب عنه ، والخبر بالبطلان إذا شك في الاُولى لا ينفي كون الثانية كالاُولى ، مع تضمن خبر آخر سلف « اذا لم تحفظ الاوليين فاعد » (١) .
واما رواية عمار فهي ظاهرة في اليومية ، ومنطبقة على الاحتياط المعهود .
واما خبر قضاء المنسي بعينه فمتروك الظاهر عند الاصحاب ، ومأوّل بالاتيان به في الصلاة أي في محله . نعم ، على مذهب الشيخين (٢) ومن اخذ اخذهما يجزم بالبطلان ؛ لان الشك في الجزء كالشك في الكل ، وكذا على مذهب الفاضل في التذكرة من البطلان إذا شك في الركن (٣) .
المسألة الثانية عشرة : اذا حصّل في الرباعية الاوليين وشك في الزائد ، فالمشهور البناء على الاكثر والاتيان بعد التسليم بما شك فيه . وهو المسمّى بالاحتياط عند معظم الاصحاب ، وقد رُوي اجمالا وتفصيلا :
فمن الاجمال ما رواه عمار عن أبي عبد الله علیه السلام ، قال : « اذا سهوت فابنِ على الاكثر ، فاذا فرغت وسلّمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت ، فان كنت أتممت لم يكن عليك شيء ، وان ذكرت انك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت » (٤) .
واما التفصيل فمنه ما روى محمد بن مسلم ـ في الصحيح ـ عنه علیه السلام ، فيمن لا يدري أركعتان صلاته أم اربع ، قال : « يسلّم ويصلي ركعتين
__________________
(١) تقدم في ص ٦٥ الهامش ٤ .
(٢) راجع ص ٦٥ الهامش ٥ .
(٣) راجع ص ٦٥ الهامش ٧ .
(٤) التهذيب ٢ : ٣٤٩ ح ١٤٤٨ .
بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف » (١) .
ومثله رواه أبو بصير عنه علیه السلام ، الا انه قال : « واركع ركعتين ثم سلّم ، واسجد سجدتين وانت جالس ثم تسلم بعدهما » (٢) . وفيه دلالة على وجوب سجدتي السهو مع الاحتياط ، وسيأتي ان شاء الله كلام فيه .
ومثله رواية ابن ابي يعفور ، وفيها : « فان كان صلّى أربعاً فهي نافلة ، وان كان صلّى ركعتين كانت تمام الأربع ، وان تكلم فليسجد سجدتي السهو » (٣) وليس ببعيد حمل السجدتين أولاً على هذا .
فإن قلت : يعارض بما رواه محمد بن مسلم ـ صحيحاً ايضا ـ قال : سألته عن الرجل لا يدري أصلّى ركعتين أو أربعا ، قال : « يعيد الصلاة » (٤) كما اختاره أبو جعفر بن بابويه (٥) .
قلت : هي مقطوعة فلا تعارض المتصل ، وحملها الشيخ على الصبح أو المغرب (٦) والفاضل على من شك في حال قيامه ، كان يقول : لا أدري قيامي لثانية أو رابعة ، أو شك بينهما قبل اكمال الثانية (٧) لرواية الفضل ـ في الصحيح ـ قال : قال لي : « اذا لم تحفظ الركعتين الاوليين فاعد صلاتك » (٨) .
ومنه ما رواه عبد الرحمن بن سيابة وابو العباس عن الصادق علیه السلام : « اذا لم تدرِ أثلاثاً صليت أو اربعاً ، ووقع رأيك على الثلاث ، فابن على
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٢ ح ١٤١٤ .
(٢) التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٨ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٥٢ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٣٩ ، الاستبصار ١ : ٣٧٢ ح ١٤١٥ .
(٤) التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٤١ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٧ .
(٥) المقنع : ٣١ .
(٦) الهامش ٤ .
(٧) مختلف الشيعة : ١٣٤ .
(٨) التهذيب ٢ : ١٧٧ ح ٧٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ح ١٣٨٤ .
الثلاث . وان وقع رأيك على الاربع فسلم وانصرف . وان اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وانت جالس » (١) . وفي مرسلة جميل عنه علیه السلام : « هو بالخيار ان شاء صلّى ركعة قائماً ، او ركعتين جالساً » (٢) .
وخالف ابن الجنيد هنا وابو جعفر بن بابويه ، حيث قالا : يتخيّر بين البناء علىٰ الاقل ولا شيء ، وبين البناء على الاكثر ويسلم ويصلّي ركعة من قيام أو ركعتين جالساً (٣) . ولعله لتساويهما في تحصيل الغرض ، ولرواية سهل بن اليسع عن الرضا علیه السلام ، انه قال : « يبني على يقينه ويسجد للسهو » (٤) . وهذه الرواية تقتضي بظاهرها مذهب كثير من العامة في جميع الشك (٥) وحُمل على غلبة الظن .
تنبيه :
لو ظن الاكثر بنى عليه ؛ لما سلف . ولا تجب معه سجدتا السهو ؛ للاصل ، ولعدم ذكرها في أحاديث الاحتياط هنا ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة . واوجبهما الصدوقان (٦) ، ولعلّه لرواية اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله علیه السلام : « إذا ذهب وهمك الى التمام أبداً في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع » (٧) وحملت على الاستحباب .
ومنه ما رواه ابن أبي عمير مرسلاً عنه علیه السلام في رجل لم يدرِ اثنتين
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ١٨٤ ح ٧٣٣ .
(٢) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٩ ، التهذيب ٢ : ١٨٤ ح ٧٣٤ .
(٣) حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة : ١٣٣ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠٢٣ .
(٥) راجع : المجموع ٤ : ١١١ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٨ ، المغني ١ : ٧٠٣ .
(٦) المقنع : ٣١ ، مختلف الشيعة : ١٣٨ .
(٧) التهذيب ٢ : ١٨٣ ح ٧٣٠ .
صلّى أم ثلاثاً أم اربعاً ، قال : « يقوم فيصلّي ركعتين ويسلم ، ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلم ، فان كانت ( الركعات ) (١) نافلة والّا تمت الأربع » (٢) .
وهنا تنبيهات :
الأول : الحكم هنا مشهور بين الأصحاب فلا يضر الارسال ، على انّ مراسيل ابن ابي عمير في قوة المسانيد .
الثاني : قال ابنا بابويه وابن الجنيد : يصلّي ركعة من قيام وركعتين من جلوس (٣) . وهو قوي من حيث الاعتبار ـ لانهما ينضمان حيث تكون الصلاة اثنتين ، ويجتزئ باحداهما حيث تكون ثلاثاً ـ الّا ان النقل والاشتهار يدفعه .
وجوّز ابن الجنيد هنا البناء علىٰ الأقل ما لم يخرج الوقت .
الثالث : هل يجوز ان يصلي بدل الركعتين جالساً ركعة قائماً ؟ ظاهر المفيد ـ في العزية ـ وسلار تحتمه (٤) والاصحاب عدمه (٥) والفاضل يتخيّر لتساويهما في البدلية (٦) وهو قوي .
الرابع : هل يجب الترتيب على ما تضمنته الرواية ـ وقال به المفيد في المقنعة (٧) والمرتضى في أحد قوليه (٨) ـ أو يقدم الركعة من قيام ـ كما قاله المفيد
__________________
(١) في المصدرين : « اربع ركعات كانت الركعتان » .
(٢) الكافي ٣ : ٣٥٣ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ ح ٧٤٢ ، باختصار في الالفاظ .
(٣) الفقيه ١ : ٢٣١ ، مختلف الشيعة : ١٣٣ .
(٤) المراسم : ٨٩ ، مختلف الشيعة : ١٣٤ .
(٥) راجع : المقنعة : ٢٤ ، المبسوط ١ : ١٢٣ ، الوسيلة : ١٠٢ .
(٦) تذكرة الفقهاء ١ : ١٤٠ .
(٧) المقنعة : ٢٤ .
(٨) جمل العلم والعمل ٣ : ٣٧ .
في العزية (١) ـ أو يتخيّر ـ كما هو ظاهر المرتضى في الانتصار (٢) واكثر الاصحاب (٣) ـ ؟ كل محتمل ، والعمل بالاول أحوط .
واما الشك بين الاثنتين والثلاث فاجراه معظم الاصحاب مجرى الشك بين الثلاث والاربع (٤) ، ولم نقف فيه على رواية صريحة ، ونقل فيه ابن أبي عقيل تواتر الاخبار .
وخالف علي بن بابويه ـ رحمه الله ـ حيث قال : ان ذهب وهمك الى الثالثة فاضف اليها رابعة ، فاذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها . وان ذهب وهمك الى الاقل فابنِ عليه وتشهد في كل ركعة ثم اسجد للسهو . وان اعتدل وهمك فانت بالخيار ان شئت بنيت على الأقل وتشهدت في كل ركعة ، وان شئت بنيت على الاكثر وعملت ما وصفناه (٥) . ولم نقف على مأخذه .
وقال ابنه في المقنع : سئل الصادق علیه السلام عمن لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثا ؟ قال : « يعيد » . قيل : فأين ما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : « الفقيه لا يعيد الصلاة » ؟ قال : « انما ذلك في الثلاث والاربع » (٦) .
واطلق المرتضى ـ رحمه الله ـ في الناصرية انّ من شك في الاوليين استأنف ، ومن شك في الأخيرتين بنى على اليقين (٧) . والعمل على الاول ؛ لانه الاظهر في الفتاوى ، واختاره في الانتصار مدعياً فيه الاجماع بعد ذكر ما عدا
__________________
(١) مختلف الشيعة : ١٣٤ .
(٢) الانتصار : ٤٨ .
(٣) راجع : المبسوط ١ : ١٢٣ ، الكافي في الفقه : ١٤٨ ، مختلف الشيعة : ١٣٣ .
(٤) راجع : جمل العلم والعمل ٣ : ٣٧ ، المبسوط ١ : ١٢٣ ، الكافي في الفقه : ١٤٨ ، مختلف الشيعة : ١٣٣ .
(٥) مختلف الشيعة : ١٣٣ .
(٦) المقنع : ٣١ .
(٧) الناصريات : ٢٣٧ المسألة ١٠٢ .
الشك بين الاثنتين والأربع (١) .
تنبيه :
لم يذكر الجعفي وابن ابي عقيل التخيير بل ذكرا الركعتين من جلوس هنا ، وفي الشك بين الثلاث والاربع ؛ للتصريح بهما فيما سلف ، وفي رواية الحسين بن ابي العلاء عن الصادق علیه السلام (٢) . والتخيير أشهر ؛ لما سبق من رواية جميل (٣) مع عدم المنافاة بينها وبين الاخبار الباقية .
واما الشك بين الاربع والخمس فالنص ان عليه سجدتي السهو كما يأتي (٤) وفصّل متأخرو الاصحاب بما حاصله انّ هنا صوراً (٥) .
احداها : ان يقع بعد اكمال السجدتين ، والأمر فيه ظاهر .
وثانيها : ان يقع قبل رفع رأسه من السجدة الثانية ، والظاهر الحاقه به ؛ لانّ الرفع لا مدخل له في الزيادة .
وثالثها : ان يقع بين السجدتين ، فيحتمل الحاقه بها ؛ تنزيلاً لمعظم الركعة منزلة جميعها . ويحتمل عدمه ؛ لعدم الاكمال وتجويز الزيادة .
ورابعها : ان يقع بين الركوع والسجود ، وهي اشكل مسائله . فقطع الفاضل فيها بالبطلان ؛ لتردّده بين محذورين : اما القطع وهو معرض للأربع ، واما الاتمام وهو معرض للخمس (٦) . وقطع شيخه المحقق ـ في الفتاوى ـ بالصحة ؛ تنزيلاً للركعة على الركوع والباقي تابع . وتجويز الزيادة لا ينفي ما هو ثابت بالاصالة اذ الاصل عدم الزيادة ، ولان تجويز الزيادة لو منع لأثر في
__________________
(١) الانتصار : ٤٨ .
(٢) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٦ .
(٣) تقدمت في ص ٧٦ الهامش ٣ .
(٤) سيأتي في ص ٩٠ الهامش ٤ .
(٥) راجع : تذكرة الفقهاء ١ : ١٤٠ ، مختلف الشيعة : ١٣٤ .
(٦) مختلف الشيعة : ١٣٤ .
جميع صوره .
وخامسها : ان يقع في أثناء الركوع ، فيحتمل الوجهين ، وان يرسل نفسه فكانّه شاك بين الثلاث والاربع .
وسادسها : ان يقع بعد القراءة وقبل الركوع ، سواء كان قد انحنى ولم يبلغ حدّ الراكع أو لم ينحنِ أصلاً .
وسابعها : ان يقع في أثناء القراءة .
وثامنها : ان يقع قبل القراءة وقد استكمل القيام .
وتاسعها : ان يقع في أثناء القيام .
وفي هذه الصور الأربع يلزمه الاحتياط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً ؛ لانه شك بين الثلاث والاربع ، ويرسل نفسه في جميعها . ولا يترتب على التعدّد فيها شيء ، سوى احتمال سقوط سجود السهو ما لم يستكمل القيام ، واحتمال تعدّده اذا قرأ .
وهذه الاحتمالات التسعة واردة في كل مسألة من المسائل الأربع المتقدمة . فلو اُريد تركيب مسائل الشك الخمسة تركيباً ثنائياً وثلاثياً ورباعياً حصل منه احدى عشرة مسألة : ست من الثنائي ، وأربع من الثلاثي ، وواحد من الرباعي ، فاذا ضربت في الصور التسع كانت تسعاً وتسعين مسألة تظهر بأدنى تأمل ، وقد اشرنا اليها في الرسالة المشهورة في الصلاة (١) .
فروع :
الاول : ظاهر الاصحاب انّ كل موضع تعلق فيه الشك بالاثنتين يشترط فيه اكمال السجدتين فتبطل بدونه ؛ محافظة على ما سلف من اعتبار الاوليين . وربما اكتفى بعضهم بالركوع ؛ لصدق مسمّىٰ الركعة . والاول أقوى .
__________________
(١) راجع الألفية ، بحث الخلل .