محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-106-0
الصفحات: ٤٩٣
قبل الصلاة » (١) .
السادسة : يجوز اقتداء المفترض بالمفترض وان اختلف الفرضان ما لم تتغير الهيئة ، كاليومية والكسوف والجنازة . وليس له متابعة الكسوف في ركوع ثم ينفرد ، أو ينتظره حتىٰ يسجد ، ولا متابعة الجنازة في تكبيرة ثم ينفرد ، أو ينتظر فراغ صلاة الجنازة ، لما فيه من مخالفة الإمام المتبوع .
السابعة : يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل ، لما روي ان معاذاً كان يصلي مع النبي صلىاللهعليهوآله العشاء ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سليم ، هي له تطوع ولهم مكتوبة (٢) . ورواه الاصحاب عن الرضا علیهالسلام بطريق محمد بن اسماعيل بن بزيع (٣) .
الثامنة : يجوز اقتداء المتنفل بالمفترض ، لقول النبي صلىاللهعليهوآله لرجل : « إذا جئت فصلّ مع الناس وان كنت قد صلّيت » (٤) .
وعن الصادق علیهالسلام : ان الأفضل لمن صلّىٰ ثم يجد جماعة أن يصلّي معهم (٥) .
ولا فرق بين كونه قد صلّىٰ أولاً منفردا أو جماعة ، لعموم الأدلة .
__________________
(١) سنن النسائي ٢ : ١١٠ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٣ : ٢٥٦ ح ٢٠٦٨ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٧٢ .
(٢) ترتيب مسند الشافعي ١ : ١٠٤ ح ٣٠٥ ، المصنف لعبد الرزاق ٢ : ٨ ح ٢٢٦٥ ، صحيح البخاري ١ : ١٧٩ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٩ ح ٤٦٥ ، سنن ابي داود ١ : ١٦٣ ح ٥٩٩ ، شرح معاني الآثار ١ : ٤٠٩ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٨٦ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٨٠ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ٥٠ ح ١٧٤ .
(٤) الموطأ ١ : ١٣٢ ، سنن النسائي ٢ : ١١٢ ، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٤ : ٦٠ ح ٢٣٩٨ ، سنن الدارقطني ١ : ٤١٥ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٢٤٤ .
(٥) التهذيب ٣ : ٥٠ ح ١٧٥ .
فالظاهر استرسال الاستحباب ايضاً ، ومنعه في التذكرة (١) .
التاسعة : يجوز اقتداء المتنفل بمثله فيما سبق . وكذا يجوز في الاعادة اذا كان في المأمومين مفترض . اما لو صلّىٰ اثنان فصاعداً فرادىٰ أو جماعة ، ففي استحباب اعادة الصلاة لهم جماعة نظر ، من شرعية الجماعة ، ومن انه لم يعهد مثله ، والنهي عن الاجتماع في النافلة يشمله .
العاشرة : منع الفاضل ـ رحمهالله ـ من فعل الجمعة فرضاً خلف متنفل بها ـ كالمسافر يقدم ظهره ثم يأتيها ـ أو خلف مفترض بغيرها ـ كمن يصلّي ركعتين منذورة ، أو صبحاً قضاء ، أو فريضة من الفرائض (٢) ـ .
وهذا يتصور فيما اذا خطب وانفض العدد ، ثم تحرّم واحد بصلاة واجبة فاجتمع العدد ، سواء كان المتحرّم الخطيب أو غيره ان جوزنا مغايرة الامام للخطيب .
وفي هذا المثال مناقشة ، لان الظاهر انه إذا اجتمع العدد بعد الخطبة وجوب الجمعة وفساد صلاة المتلبس بها إذا كانت ظهراً ليوم . نعم ، لو كان قد صلّىٰ الظهر وتلبس بالعصر ، ثم حضر العدد ، امكن أن يقال بصحة الفرض . وابلغ منه في الصحة ان يكون مسافراً أو اعمىٰ ، وقد صلّىٰ فرضه وشرع في آخر ، فاجتمع العدد .
الحادية عشرة : لو نقص عدد صلاة المأموم عن صلاة الامام ، تخيّر المأموم بين انتظاره حتىٰ التسليم وبين تسليمه ، والاول افضل .
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ١ : ١٨٣ ، قال : « ج : هل يستحب التكرار ثلاثا فما زاد ، إشكال اقربه المنع » .
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٦ .
ولو زاد عدد صلاته علىٰ صلاة الامام ، تخيّر المأموم بين المفارقة في الحال ، والصبر حتىٰ يسلّم الامام فيقوم المأموم إلىٰ الاتمام أفضل وحينئذ لو انتظر الامام فراغ المأموم ثم سلّم كان جائزاً بل أفضل ، فعلىٰ هذا يقوم المأموم بعد تشهد الامام .
وقال المرتضىٰ رضياللهعنه في الجُمل : لو دخل المقيم في صلاة مسافر ، وجب عليه أن لا ينتقل من الصلاة بعد سلامه إلّا بعد أن يتمّ المقيم صلاته (١) .
وقال ابن الجنيد : فإن دخل المقيم في صلاة المسافر من غير أن يعلم لم ينتقل المسافر بعد سلامه حتىٰ يتم المقيم صلاته .
ويمكن حمل كلام المرتضىٰ علىٰ تأكد الاستحباب ، وحمل كلام ابن الجنيد علىٰ كراهية الانتقال ، وقد أفتىٰ الشيخ وابن ادريس وجماعة باستحباب الانتظار (٢) .
الثانية عشرة : الظاهر انّ هذه الفروض انما تتأتىٰ في صورة الاعادة . فلو صلّىٰ مفترض خلف متنفل نافلة مبتدأة أو قضاءً لنافلة ، أو صلّىٰ متنفل بالراتبة خلف الفرض ، أو متنفل راتبة خلف راتبة أو غيرها من النوافل ، فظاهر المتأخرين المنع (٣) .
الثالثة عشرة : إذا أعاد من صلّىٰ صلاته جماعة نوىٰ الندب ، لخروجه عن عهدة الفرض ولو نوىٰ الفرض ، لرواية هشام بن سالم في الرجل يصلّي الغداة وحده ثم يجد جماعة ، قال : « يصلي بهم ويجعلها الفريضة إن شاء » (٤) .
__________________
(١) جُمل العلم والعمل ٣ : ٣٩ .
(٢) السرائر : ٦٠ ، مختلف الشيعة : ١٥٥ ، شرح جمل العلم والعمل ( لابن البراج ) : ١١٨ .
(٣) راجع : الجامع للشرائع : ١٩٧ ، شرائع الاسلام ١ : ١٢٢ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٥١ ح ١١٣٢ . وبسند آخر في الكافي ٣ : ٣٧٩ ح ١ ، والتهذيب ٣ : ٥٠ ح ١٧٦ . وفي الجميع : « يصلي معهم » .
وأوّلها الشيخ بأنّ المراد إذا وجد جماعة في أثناء صلاته ، فأنّه يعدل إلىٰ النفل ثم يصلي معهم ويجعلها الفريضة ، لأنّ من صلىٰ بنيّة الفرض لا يمكنه جعلها غير فرض (١) .
وقد رُوي : « أنّه يحسب أفضلهما وأتمهما » (٢) .
الرابعة عشرة : قال الصدوق رحمهالله : لو اقتدىٰ من يصلّي الظهر بمن يصلّي العصر جاز ، ولا يصلّي العصر خلف من يصلي الظهر إلّا ان يتوهمها العصر ، ثم يعلم انها كانت الظهر فتجزئ عنه (٣) .
ولا نعلم مأخذه ، إلا أن يكون نظراً إلىٰ أنّ العصر لا تصحّ إلا بعد الظهر ، فإذا صلاها خلف من يصلي الظهر فكأنّه قد صلىٰ العصر مع الظهر مع أنّها بعدها . وهو خيال ضعيف ، لأنّ عصر المصلي مترتبة علىٰ ظهر نفسه ، لا علىٰ ظهر إمامه .
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٥٠ .
(٢) الفقيه ١ : ٢٥١ ح ١١٣٣ .
(٣) الفقيه ١ : ٢٣٣ .
المطلب الثاني : في شروط الاقتداء .
وهي ستة :
الأول : أهلية الامام للامامة ، وذلك باجتماع أوصاف تنقسم إلىٰ قسمين :
أحدهما عامّة وهي سبعة :
أولها : البلوغ ، فلا تصح إمامة الصبي غير المميز إجماعاً ، لعدم الوثوق بجريانه علىٰ ما يعتبر في الصلاة . وأمّا المميز :
فقال الشيخ في الخلاف والمبسوط : يجوز امامة المراهق المميز العاقل في الفرائض (١) .
وقال ابن الجنيد : غير البالغ إذا كان سلطاناً مستخلفاً للامام الأكبر ـ كالولي لعهد المسلمين ـ يكون إماماً وليس لأحد أن يتقدّمه ، لأنّه أعلىٰ ذوي السلطان بعد الامام الاكبر . وأمّا غيره من الصبيان فلا أرىٰ أن يؤمّ في الفرائض من هو أسنّ منه (٢) .
وقال الجعفي : يؤمّ الغلام .
وتمسّك الشيخ بالاجماع علىٰ أنّ من هذه صفته تلزمه الصلاة ، وأيضاً فقوله عليه الصلاة والسلام : « مروهم بالصلاة لسبع » يدل علىٰ أنّ صلاتهم شرعية (٣) . ورواية طلحة بن زيد عن الصادق علیهالسلام عن أبيه علیهالسلام عن
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٢٣ المسألة ١٧ ، المبسوط ١ : ١٥٤ .
(٢) مختلف الشيعة : ١٥٣ .
(٣) الخلاف ١ : ١٢٣ المسألة ١٧ .
والحديث النبوي في : مسند أحمد ٢ : ١٨٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٣ ح ٤٩٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٣١ ، المستدرك علىٰ الصحيحين : ١٩٧ .
علي علیهالسلام ، قال : « لا بأس ان يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم وان يؤمّ » (١) .
وروىٰ العامة : انّ عمرو بن أبي سلمة قال : كنت غلاماً حافظاً قد حفظت قرآناً كثيراً ، فانطلق أبي وافداً الىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآله في نفر من قومه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله » فقدموني ، فكنت اُصلي بهم وأنا ابن سبع سنين أو ثمان (٢) .
وقال في النهاية ـ وتبعه ابن البراج ـ : لا تجوز امامته لنقصه ، وتجويز اخلاله ببعض الاركان والابعاض (٣) ولرواية اسحاق بن عمار عن الصادق علیهالسلام عن أبيه علیهالسلام عن علي علیهالسلام : « لا بأس ان يؤذّن الغلام قبل ان يحتلم ، ولا يؤم حتىٰ يحتلم ، فان أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه » (٤) .
ويقوى طريق الرواية ان ابن بابويه أرسلها عن علي علیهالسلام (٥) ، والعمل بها أولىٰ ، عملاً بالمتيقن وقوتها علىٰ تلك ، لانّ طلحة بن زيد بتري ، ورواة الأخرىٰ عامة .
فرعان :
الاول : تجوز امامته الصبيان ، لتساويهم في المرتبة . والاقرب جواز امامته في النافلة ايضاً ، لانعقادها منه وصحتها علىٰ الاقوىٰ .
الثاني : لو جوّزنا امامته في الفريضة ، فهل تستثنىٰ الجمعة من ذلك . من حيث انه غير مخاطب بها ، أوْ لا من حيث أنّها مشروعة بالنسبة اليه
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٩ ح ١٠٤ ، الاستبصار ١ : ٤٢٤ ح ١٦٣٣ .
(٢) سنن أبي داود ١ : ١٥٩ ح ٥٨٥ ، سنن النسائي ٢ : ٨٠ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٩١ .
(٣) النهاية : ١١٣ ، المهذب ١ : ٨٠ .
(٤) التهذيب ٣ : ٢٩ ح ١٠٣ ، الاستبصار ١ : ٤٢٣ ح ١٦٣٣ .
(٥) الفقيه ١ : ٢٥٨ ح ١١٦٩ .
ونافلة ويجوز اقتداء المفترض بالمتنفل ؟ الاقرب الثاني ، تسوية بينها وبين غيرها من الفرائض .
وثانيها : العقل ، فلا تصح امامة المجنون اجماعاً ، لبطلان صلاته ، وعدم قصده .
ولو كان يعتوره الجنون ادواراً صحّ في حال افاقته بعد الوثوق بها وان كان مكروهاً ، لجواز فجأة الجنون في أثناء الصلاة ، وامكان ان يكون قد عرض له احتلام حال جنونه .
فرع :
لو جُنَّ في الأثناء بطلت صلاته ونوىٰ المأموم الانفراد حينئذ ، فلو عاد اليه العقل استأنف الصلاة . وفي جواز نقل النيّة اليه بعد ذلك وجهان مبنيان علىٰ جواز تجدّد الائتمام للمنفرد . اما لو كان المأموم قد اقتدىٰ بآخر لم يعد الىٰ هذا ، اذ لا يشرع نقل النية من إمام الىٰ إمام في غير الاستخلاف .
وثالثها : الاسلام ، فلا تصح امامة الكافر اجماعاً وان كان عدلاً في دينه ، لبطلان صلاته ، ولعدم جواز الركون اليه وكونه اهلاً للضمان .
فرع :
لو شُكَّ في اسلامه ، لم يصلّ خلفه وان كان في دار الاسلام .
وقال ابن الجنيد : كل من اظهر دين اهل الملّة في دار الاسلام علىٰ الاسلام ، الّا ان يتبين منه خلافه فاما اهل دار الهدنة المختلط فيها اهل الملة بغيرهم ـ كالفُرس ، والبلاد التي يلزم بكفر اهلها وان اظهروا الملّة لمخالفتهم في الاُصول ـ فلا أرىٰ الاقتداء بأحد منهم ، الّا اذا علم ما يوجب توليه .
والوجه المنع ، لأن الاسلام شرط ، والشك في الشرط شك في المشروط ، والصلاة لا توجب الحكم باسلامه .
ورابعها : الايمان ، وهو اخص من الاسلام في الحكم وان ساواه في الحقيقة ، فلا تجوز امامة غير الامامي من المبتدعة ـ سواء اظهر بدعته أوْ لا ـ اجماعاً ، لأنّه فاجر وظالم ، وقد قال تعالىٰ : ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (١) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « لا يؤمّن فاجر مؤمناً » (٢) .
وروىٰ الفضيل بن يسار عن الباقر والصادق علیهالسلام ، قالا : « عدو الله فاسق لا ينبغي لنا ان نقتدي به » (٣) .
ومنع الجواد علیهالسلام من الصلاة خلف الواقفة في مكاتبة البرقي (٤) .
وروىٰ اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر علیهالسلام في رجل يحب أمير المؤمنين علیهالسلام ولا يتبرأ من عدوه ، فقال : « هذا مخلط وهو عدو ، لا تصل خلفه إلّا ان تتقيه » (٥) .
وخامسها : العدالة اجماعا ، لما سلف من الآية والخبر (٦) وقوله صلىاللهعليهوآله : « لا تؤمنّ امرأة رجلاً ، ولا فاجر مؤمناً » (٧) .
__________________
(١) سورة هود : ١١٣ .
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٣ ح ١٠٨١ ، مسند ابي يعلىٰ ٣ : ٣٨١ ح ١٨٥٦ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ١٧١ .
(٣) أورده المحقق في المعتبر ٢ : ٤٣٢ ، والعلّامة في نهاية الإحكام ٢ : ١٤٠ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٤٨ ح ١١١٣ ، التهذيب ٣ : ٢٨ ح ٩٨ .
(٥) الفقيه ١ : ٢٤٩ ح ١١١٨ ، التهذيب ٣ : ٢٨ ح ٩٧ .
(٦) تقدما في الشرط السابق .
(٧) تقدم في ص ٣٨٨ الهامش ٢ .
ولرواية الحسن بن راشد عن أبي جعفر علیهالسلام قال : « لا تصل الّا خلف من تثق بدينه وامانته » (١) .
وقيل للرضا علیهالسلام في رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر ، أَأُصلي خلفه ؟ قال : « لا » (٢) .
والمعتبر ظهور العدالة لا اشتراطها في نفس الامر . فلو تبيّن كفره أو فسقه بعد الصلاة فلا اعادة . ولو كان في اثنائها نوىٰ الانفراد وأتمّ صلاته .
وقال ابن الجنيد : لا أرىٰ الدخول في صلاة المظهر للبدعة ، والتارك للسنّة المخالف لائمة المؤمنين ، ولا المعاون لأهل الباطل علىٰ المحققين ، لقول الله تعالىٰ : ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) ، ولما رُوي انّ النبي صلىاللهعليهوآله قال لابن مسعود : « لا طاعة لمن عصىٰ الله » يقولها ثلاثا . وإذا كان الامام انما جعل ليتبع ، وقد نهىٰ النبي صلىاللهعليهوآله عن اتباع العاصي ، فقد نهىٰ عن الدخول في صلاته والاتباع له : وقد رُوي انّ النبي صلىاللهعليهوآله قال لابي ذر : « لا تصلوا خلف فاسق » ، وقال لابي الدرداء : « لا تصلِّ خلف السفهاء » ، ولمعاذ : « لا تقدموا بين أيديكم إلّا من ترضون دينه وأمانته » .
قال : وهذا في الفرائض ، فاما ان جعلها نافلة ولم يحتسب بها من فرضه فلا بأس ، وقد روي انّ النبي صلىاللهعليهوآله قال ذلك لابي ذر .
قال : وحديث اسماعيل بن عباس ، عن حميد بن مالك ، عن مكحول ، عن معاذ ، انّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : « يا معاذ : أطع كل أمير ، وصل خلف كل إمام » ضعيف ، لانّ اسناده شامي ، واسماعيل بن عباس مهجور عند يحيىٰ بن معين وابن مهدي لانّه روىٰ مناكر .
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٧٤ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٦٦ ح ٧٥٥ .
(٢) الفقيه ١ : ٢٤٩ ح ١١١٦ ، التهذيب ٣ : ٢٧٧ ح ٨٠٨ .
ثم قال : واذا أمّ الكافر قوماً فعلموا بذلك كان عليهم الاعادة (١) .
ونقل ابن ادريس عن المرتضىٰ وجوب الاعادة لو تبيّن فسقه أو كفره (٢) .
لنا : مرسلة ابن ابي عمير عن الصادق علیهالسلام في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وكان يؤمّهم رجل ، فلما صاروا الىٰ الكوفة علموا انه يهودي قال : « لا يعيدون » (٣) .
وقال ابن بابويه : يعيدون ما خافت فيه لا ما جهر (٤) .
ومن هذا الباب ، لو تبين حدث الامام بعد الصلاة ، فالمشهور عدم الاعادة . وقال المرتضىٰ يعيدون (٥) ، وقد روىٰ : انهم ان علموا في الوقت تلزمهم الاعادة (٦) . ولو صلىٰ بهم بعض الصلاة ثم علموا حينئذ أتمّ القوم في رواية جميل (٧) ، وفي رواية حماد عن الحلبي : « يستقبلون صلاتهم » (٨) .
ويعارض ما ذكره ـ رحمهالله ـ محمد بن مسلم عن الباقر علیهالسلام ، سألته عن
__________________
(١) الآية في سورة هود : ١١٣ .
وقوله صلىاللهعليهوآله لابن مسعود في : مسند احمد ١ : ٤٠٠ . سنن ابن ماجة ٢ : ٩٥٦ / ٢٨٦٥ .
وحديث معاذ في : مجمع الزوائد ٢ : ٦٧ عن الطبراني في الكبير .
وقول ابن معين وابن مهدي في :
(٢) السرائر : ٦١ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٧٨ ح ٤ ، التهذيب ٣ : ٤٠ ح ١٤١ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٦٣ .
(٥) الناصريات : ٢٣٦ المسألة ٩٧ .
(٦) أورده المرتضىٰ في الناصريات : ٢٣٦ المسألة ٩٧ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ٤٣٤ ، والعلّامة في منتهىٰ المطلب ١ : ٣٧٠ .
(٧) الفقيه ١ : ٢٦٤ ح ١٢٠٧ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ ح ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤ ح ١٦٩٥ .
(٨) أوردها في السرائر : ٦٢ ، ومنتهىٰ المطلب ١ : ٣٧٠ .
الرجل يؤمّ القوم وهو علىٰ غير طهر فلا يعلم حتىٰ تنقضي صلاته ، قال : « يعيد ، ولا يعيد من خلفه وان اعلمهم انه علىٰ غير طهر » (١) وكذا رواه زرارة عنه علیهالسلام (٢) ، ورواه حمزة بن حمران عن الصادق علیهالسلام (٣) .
فان قلت : فقد روي : ان علياً علیهالسلام صلّىٰ بالناس علىٰ غير طهر ، فخرج مناديه : ان أمير المؤمنين صلّىٰ علىٰ غير طهر فاعيدوا ، وليبلغ الشاهد الغائب (٤) .
قلت : هذا ينافي العصمة المشترطة في الامام ، فهو مردود مع شذوذه . قاله في التهذيب (٥) .
فروع :
الاول : الاقرب اشتراط العلم بالعدالة بالمعاشرة الباطنة ، أو شهادة عدلين ، أو اشتهارها . ولا يكفي التعويل علىٰ حسن الظاهر .
وخالف هنا فريقان :
أحدهما : من قال كل المسلمين علىٰ العدالة ، الىٰ ان يظهر منه ما يزيلها ، وهو قول سيجيىء ان شاء الله تعالىٰ . وبه قال ابن الجنيد (٦) .
والثاني : جواز التعويل علىٰ حسن الظاهر ـ وهو قول بعض
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٣٩ ح ١٣٧ ، الاستبصار ١ : ٤٣٢ ح ١٦٦٨ .
(٢) التهذيب ٣ : ٣٩ ح ١٣٩ ، الاستبصار ١ : ٤٣٢ ح ١٦٧٠ .
(٣) التهذيب ٣ : ٣٩ ح ١٣٦ ، الاستبصار ١ : ٤٣٢ ح ١٦٦٧ .
(٤) التهذيب ٣ : ٤٠ ح ١٤٠ ، الاستبصار ١ : ٤٣٣ ح ١٦٧ .
(٥) التهذيب ٣ : ٤٠ .
(٦) مختلف الشيعة : ١٥٩ .
الاصحاب (١) ـ لعسر الاطلاع علىٰ البواطن .
وقد روىٰ الشيخ باسنادٍ معتبر عن أبي جعفر علیهالسلام : « اذا كان الرجل لا تعرفه يؤم الناس ، فلا تقرأ واعتدّ بصلاته » (٢) . ويمكن ان يكون اقتداؤهم به تعديلاً له عند من لا يعرفه .
وقد روىٰ خلف بن حماد ، عن رجل ، عن الصادق علیهالسلام : « لا تصل خلف الغالي ، والمجهول ، والمجاهر بالفسق وان كان مقتصداً » (٣) . وهذا يصلح حجة للجانبين ، من حيث لفظ « المجهول » ، ومفهوم « المجاهر بالفسق » .
الثاني : لو كان عدلاً ظاهراً ، ويعلم المأموم فسقه ، لم يقتد به لوجود المانع بالنسبة اليه . وهل تنعقد الجمعة بالنسبة الىٰ هذا المأموم ؟ الظاهر لا ، لعلمه باختلال الشرائط .
الثالث : المخالف في اُصول العقائد لا يقتدىٰ به ، الّا ان يكون في مسائل لا مدخل لها في الاسلام ـ كمسألة بقاء الاعراض ، وحدوث الارادة ، والنفي والاثبات ـ فان ذلك غير ضائر ؛ لأنّ مثله خفىٰ المدارك ولا يتوقّف عليه الايمان .
الرابع : المخالف في الفروع اذا لم يخرق الاجماع يجوز الاقتداء به (٤) ، لعدم خروجه بذلك عن العدالة .
__________________
(١) قال الشيخ الانصاري : وكذلك القول بانها عبارة عن حسن الظاهر غير مصرح به في كلام أحد من علمائنا ، وان نسبه بعض متأخري المتأخرين إلىٰ كثير بل إلىٰ الكل . رسالة في العدالة ضمن رسائل فقهية : ٢٤ .
وانظر مفتاح الكرامة ٣ : ٨٢ فقد فصل البحث فيها .
(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٥ ح ٧٩٨ .
(٣) الفقيه ١ : ٢٤٨ ح ١١١١ ، الخصال : ١٥٤ ، التهذيب ٣ : ٣١ ح ١٠٩ ، ٢٨٢ ح ٨٣٧ .
(٤) اثبتناها من ط .
اما لو علم المأموم انه يترك واجباً ، أو شرطاً يعتقده المأموم ، لم يقتد به ، كالمخالفة في القبلة ، وفي التحري في الأواني ، وفي وجوب السورة .
وكذا لو اعتقد جواز الصلاة في الثعالب وصلّىٰ فيها ، لم يقتد به من يعتقد المنع .
وسادسها : طهارة المولد ، فلا تجوز امامة عن علم انّه ولد زنا ، لنقصه . ولقولهم عليهمالسلام : « ولد الزنا شر الثلاثة » (١) . ولان شهادته لا تقبل فكذا امامته ، لان اداء الافعال الواجبة عليه في معنىٰ الشهادة . ولرواية زرارة عن أبي جعفر علیهالسلام : « لا تقبل شهادة ولد الزنا ، ولا يؤمّ بالناس » (٢) .
اما ولد الشبهة ، ومن تناله الالسن ، فجائز ، لان الظاهر سلامة النسب .
وسابعها : صحة صلاته ظاهراً . فلو صلّىٰ غير متطهر ، أو فاقد أحد الشرائط ، والمأموم يعلم بذلك ، لم يصح الاقتداء به . ولا يشترط فيها كونها صحيحة في نفس الامر ، لما تقدم من عدم اعادة من صلّىٰ خلف المحدث ولما يعلم .
القسم الثاني : في الأوصاف الخاصة ، وهي ستة :
احدها : الذكورة شرط في إمام الرجال والخناثىٰ . فلو أمّ الرجال امرأة بطل الاقتداء اجماعا منّاً ، ولقوله علیهالسلام : « لا تؤمّ امرأة رجلاً » (٣) . والخنثىٰ في معنىٰ المرأة ، لعدم العلم بذكوريته اذا كان مشكلاً .
ولا فرق بين التراويح وغيرها . وقول المزني وأبي ثور ومحمد بن
__________________
(١) سنن ابي داود ٤ : ٢٩ ح ٣٩٦٣ ، مسند احمد ٢ : ٣١١ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ٤ : ١٠٠ ، السنن الكبرىٰ ١٠ : ٥٧ .
(٢) الكافي ٧ : ٣٩٦ ح ٨ ، التهذيب ٦ : ٢٤٤ ح ٦١٤ .
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٣ ح ١٠٨١ ، مسند أبي يعلىٰ ٣ : ٣٨١ ح ١٨٥٦ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٩٠ ، ١٧١ .
جرير الطبري بجواز إمامة المرأة الرجال في التراويح (١) ضعيف ، مسبوق بالاجماع وملحوق به .
ولا يؤمّ الخنثىٰ مثله ، لجواز كون الامام امرأة والمأموم رجلاً . وجوّزه ابن حمزة (٢) لتكافؤ الاحتمالين فيهما ، والاصل الصحة . وجوابه انّ من صور الامكان تخالفهما في الذكورة والانوثة كما قلناه ، والأصل وجوب القراءة علىٰ المصلّي الّا بعد العلم بالمسقط .
ولا كراهة في إمامة الرجل بالاجنبية وان خلا بها ، لان العدالة تمنع من تطرّق التهمة . قاله الفاضل (٣) .
ولو صلّىٰ خلف الخنثىٰ رجل ، فبان انه رجل بعد الصلاة أعاد ، لعدم صحة الدخول . اما لو ظنه رجلا فتبيّن رجلاً فالوجه الصحة ، لمطابقة ظنه نفس الامر .
ولا يشترط نيّة الرجل استتباع النساء في صحة اقتدائهنّ به .
وثانيها : القيام ، وهو شرط في امامة القائمين ، فلا يؤمّ القاعد القيام ، فلو فعل بطلت صلاتهم ، لما روي من قول النبي صلىاللهعليهوآله : « لا يؤمّن أحد بعدي جالساً » (٤) .
وعن أمير المؤمنين علیهالسلام : « لا يؤمّ المقيد بالمطلقين ، ولا صاحب الفالج الأصحاء » (٥) .
ولو أمّ مثله جاز ، وان كان المأموم يرجو البرء ولا يرجوه الامام ،
__________________
(١) المجموع ٤ : ٢٥٥ ، المغني ٢ : ٣٤ ، بداية المجتهد ١ : ١٤٥ .
(٢) الوسيلة : ١٠٥ .
(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٦ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٤٩ ح ١١١٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٩٨ ، السنن الكبرىٰ ٣ : ٨٠ .
(٥) الكافي ٣ : ٣٧٥ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢٤٨ ح ١١٠٨ ، التهذيب ٣ : ٢٧ ح ٩٤ .
لتساويهما حال الاقتداء .
ولو أمّ الاعرج أو الأقطع جاز مع القدرة علىٰ القيام .
وجوّز الشيخ ـ في الخلاف ـ ائتمام القاعد بالمومىء (١) . وكأنه عنىٰ به المضطجع والمستلقي ، ويمكن القول بالمنع ، لان صلاة المؤتمّ اكمل .
وثالثها : القراءة اذا أمّ قارئاً ، فلو أمّ الاُمي القارىء لم يصح اجماعا ـ والاُمي من لا يحسن قراءة الفاتحة والسورة ـ فلو أمّ مثله جاز إذا عجزا عن التعلم . ولو عجز الامام دون المأموم لم يصح اقتداؤه .
ولو احسن أحدهما الفاتحة والآخر السورة ، جاز ائتمام من يعجز عن الفاتحة بالقادر عليها دون العكس ، للاجماع علىٰ وجوبها في الصلاة بخلاف السورة .
ولو احسن أحدهما بعض الفاتحة والآخر بعض السورة ، فصاحب بعض الفاتحة أولىٰ بالامامة .
ولو احسن الآخر كمال السورة ، ففي ترجيح من يحسن بعض الفاتحة عليه نظر ، من حيث الاجماع علىٰ وجوب ما يحسنه ، ومن زيادة الآخر عليه . والاول أقرب ، مع احتمال جواز امامة كل منهما بالآخر .
ولا يجوز ان يأتمّ محسن السورة بمحسن الفاتحة ، ثم يأتمّ به محسن الفاتحة ليقرأ السورة ، فاذا انتهيا الىٰ الفاتحة ائتم به محسن السورة ، وهكذا ، لما فيه من تعاكس الامامة وهو غير معهود . وفي كلام التذكرة اشارة الىٰ احتمال جوازه (٢) .
والأخرس في معنىٰ الاُمي ، فيجوز ان يؤمّ مثله . ولو أمّ الأخرس
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٢١ المسألة ٥ .
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٧ .
الاُمي الناطق ، ففي الجواز نظر ، من عجزه عن التكبير ، ومن انّ الامام لا يتحمله ، وهما متساويان في عدم القراءة .
ولو احسن كل منهما بعض الفاتحة ، فان تساويا في ذلك البعض صحّ اقتداء كل منهما بصاحبه . وان اختلفا ، فان زاد أحدهما علىٰ الآخر جاز امامة الناقص دون العكس ، وان اختلف محفوظاهما لم يؤمّ أحدهما الآخر لنقص كل منهما بالنسبة الىٰ الآخر .
ولو كان يلحن في القراءة ، فان قدر علىٰ الاصلاح لم تصح صلاته إماماً ولا منفرداً ، وان عجز عنه جاز ان يؤمّ مثله لا غيره ، وان كان الغير يلحن ايضاً ، لاختلاف مواضع اللحن . ولا فرق بين كون اللحن مغيّر المعنىٰ ـ مثل : ضم تاء « انعمت » أو لا ـ مثل : فتح ميم « بسم » ـ لانّ القرآن عربي واللحن ليس بعربي .
وقول الشيخ بكراهية امامة من يلحن في قراءته ، احال المعنىٰ أو لم يحل ، في الحمد وغيرها ، إذا تعذّر عليه الاصلاح (١) .
وقول ابن ادريس : لا تجوز امامة اللحنة الذي يغير بلحنه معاني القرآن (٢) ويدلّ بمفهومه علىٰ جواز غير المغيّر للمعاني .
بعيدان . وتوجيههما بانّ صلاته صحيحة بالنسبة اليه مدخول ، وإلّا لصحّ الاقتداء بالاُمي .
وفي حكم اللاحن مؤوف اللسان مع عجزه عن الاصلاح تصح صلاته ، ولا يصح اقتداء غيره به . ولو أمّ مثله في ذلك الحرف صح ، وكذلك من في لسانه لكنة من آثار العجمة . ومن ذلك :
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٣ .
(٢) السرائر : ٦٠ .
الأرتّ ، وهو الذي يبدل حرفاً بغيره .
والالثغ ـ بالثاء المثلثة ـ وهو الذي يجعل الراء لاماً ، قاله الفراء (١) . قال : والارت هو الذي يجعل اللام تاء (٢) . وفي المبسوط : الالثغ الذي يبدل حرفاً مكان حرف (٣) .
والاليغ ـ بالياء المعجمة بنقطتين من تحت ـ وهو الذي لا يبين الكلام .
فلا تصح امامتهم إلّا بأمثالهم .
وفي المبسوط : الارت الذي يلحقه في أول كلامه رتج ، فيتعذر عليه ، فاذا تكلم انطلق لسانه (٤) . فعلىٰ هذا تجوز امامته مطلقا ، وكذا التمتام ـ وهو الذي يكرر التاء ـ والفأفاء ـ وهو الذي يكرر الفاء ـ اي : لا تتيسر لهما التاء والفاء الا بترديدها مرتين فصاعداً ، لان هذه زيادة غير مخرجة عن صحة القراءة . نعم يكره الائتمام بهما لمن لا يساويهما ، قاله في التذكرة (٥) . ولم يذكر الكراهية في المعتبر (٦) .
وفي المبسوط فسّر التمتام والفأفاء بأنه الذي لا يحسن ان يؤدي التاء والفاء ، وحكم بكراهة إمامته (٧) لصحة صلاته باعتبار عجزه . ومنعه الفاضل كالأخرس (٨) وهو حسن .
__________________
(١) حكاه عنه في تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٨ .
(٢) حكاه عنه في تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٨ .
(٣) المبسوط ١ : ١٥٣ .
(٤) المبسوط ١ : ١٥٣ .
(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٨ .
(٦) المعتبر ٢ : ٤٣٨ .
(٧) المبسوط ١ : ١٥٣ .
(٨) مختلف الشيعة : ١٥٥ .
اما من به لثغة خفيفة مع من يخلص الحرف ولا يبلغ به تبديله بغيره ، فجائز إمامته للقارئ وان كان القارئ افضل ، لانّ ذلك يعد قرآنا .
ورابعها : ستر العورة اذا أمّ لمستورها . فلو أمّ العاري بالمستور فالاقرب المنع ، لنقص صلاته من حيث الشرط ومن حيث الاركان ، لانه يومىء بها ايماء ، وربما صلّىٰ قاعدا والقائم لا يؤمّه القاعد .
وربما قال الفاضل : ان اقتدىٰ بالعاري مكتس عاجز عن الركوع والسجود لمرض جاز (١) . وهذا بناءً علىٰ انّ المانع انما هو عجزه عن الاركان ، واما اذا علّل بنقصه من حيث الستر فلا .
واطلق الشيخ جواز اقتداء المكتسي بالعاري (٢) لان صلاته صحيحة بالنسبة اليه .
ولو امّ العاري بمثله جاز . نعم ، لو تمكّن أحدهما من ستر احدىٰ العورتين ، وعجز الآخر ، جاز الائتمام بالمستور احداهما للآخر . وفي العكس الأوجُه .
وخامسها : القدرة علىٰ الاستقبال . فلو عجز عن الاستقبال لم يؤمّ القادر عليه ، ويجوز ان يؤم مثله .
وسادسها : الختان ـ وقد قيل انه من الشروط العامة (٣) ـ لما روي عن زيد عن آبائه عن علي علیهالسلام : « الاغلف لا يؤم القوم وان كان أقرأهم ، لانّه ضيّع من السنة اعظمها ، ولا تقبل له شهادة ، إلّا ان يكون ترك ذلك خوفاً علىٰ نفسه » (٤) .
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ١ : ١٧٩ .
(٢) الخلاف ١ : ١٢١ المسألة ٥ .
(٣) راجع : المقنع : ٣٥ ، المعتبر ٢ : ٤٤٢ ، نهاية الاحكام ٢ : ١٤٣ .
(٤) الفقيه ١ : ٢٤٨ ح ١١٠٧ ، التهذيب ٣ : ٣٠ ح ١٠٨ .
ويمكن ردّ هذا الىٰ اشتراط العدالة ، وانما ذكرناه هنا لان الشيخ ابا الصلاح ـ رحمهالله ـ جوّز إمامة الاغلف للاغلف لا للمطَّهِّر (١) .
والأقرب انه متىٰ تمكّن من الختان بطلت إمامته مطلقاً لفسقه ، وإلّا صحت مطلقاً ، والخبر محمول علىٰ التمكّن صريحاً .
وهنا مسائل :
الاُولىٰ : اختلف في إمامة العبد .
فقال في المبسوط والنهاية : لا يجوز ان يؤمّ الأحرار ، ويجوز ان يؤمّ بمواليه اذا كان أقرأهم (٢) .
وقال ابن بابويه ـ في المقنع ـ : ولا يؤم العبد إلّا أهله (٣) لرواية السكوني عن الصادق علیهالسلام عن أبيه عن علي عليهماالسلام قال : « لا يؤم العبد إلّا أهله » (٤) .
واطلق ابن حمزة ان العبد لا يؤمّ الحر (٥) .
وجوز امامته مطلقاً ابن الجنيد وابن ادريس (٦) .
واطلق الشيخ ـ في الخلاف ـ جواز امامته ، قال : وفي بعض رواياتنا ان العبد لا يؤمّ إلّا مولاه (٧) .
وقال أبو الصلاح : يكره (٨) .
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٤٤ .
(٢) المبسوط ١ : ١٥٥ ، النهاية : ١١٢ .
(٣) المقنع : ٣٥ .
(٤) التهذيب ٣ : ٢٩ ح ١٠٢ ، الاستبصار ١ : ٤٢٣ ح ١٦٣١ .
(٥) الوسيلة : ١٠٥ .
(٦) السرائر : ٦١ ، مختلف الشيعة : ١٥٣ .
(٧) الخلاف ١ : ١٢١ المسألة ٨ .
(٨) الكافي في الفقه : ١٤٤ .
والبحث عن الجواز ، وان كان الحر مقدماً عليه عند التعارض ، لان الصفات المعتبرة كافية ، وقد قال علیهالسلام « يؤمكم أقرؤكم » (١) .
وقد روي في الصحيح عن محمد بن مسلم ـ تارة يرويه عن الصادق علیهالسلام ، وتارة عن أحدهما ـ جوازه صريحا (٢) . ولا يعارضه رواية السكوني ، مع امكان حملها علىٰ الكراهية ، كما قاله ابو الصلاح .
فرع :
المعتق بعضه أولىٰ من القن ، وممّن انعتق منه أقل ، والحر أولىٰ منهما . وفي ترجيح من تشبث بالحرية قبل حصول حقيقتها ـ كالمدبر ، والمكاتب المشروط والمطلق قبل الاداء ، والموصىٰ بعتقه ـ علىٰ القن ، أو ترجيح بعضهم علىٰ بعض ، نظر . ولعل الاقرب عدم الترجيح ، اذ لم يثبت جعل ذلك مرجحاً ، فتبقىٰ المرجحات المشهورة سليمة عن المعارض .
الثانية : قال المرتضىٰ ـ رحمهالله ـ : لا يؤمّ الاجذم ، والابرص ، والمحدود ، ولا صاحب الفالج الاصحّاء ، ولا المتيمم المتوضئين (٣) .
وقال في الانتصار : تكره إمامة الابرص ، والمجذوم والمفلوج (٤) .
وقال الصدوق : لا يؤمّ الاعرابي المهاجرين ، ولا باس ان يؤم المتيمم المتوضئين (٥) .
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٨٥ ح ٨٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٠ ح ٧٢٦ ، سنن ابي داود ١ : ١٦١ ح ٥٩٠ ، مسند ابي يعلىٰ ٤ : ٢٣١ ح ٢٣٤٣ ، السنن الكبرىٰ ١ : ٤٢٦ .
(٢) التهذيب ٣ : ٢٩ ح ٩٩ ، ١٠٠ ، الاستبصار ١ : ٤٢٣ ح ١٦٢٨ ، ١٦٢٩ .
(٣) جمل العلم والعمل ٣ : ٣٩ .
(٤) الانتصار : ٥٠ .
(٥) المقنع : ٣٥ .