أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

(فلا بد في استعمال اللفظ العام في الخصوص من تحقق كثرة تقرب من مدلول العام ليتحقق) بين العام والخاص العلاقة(المشابهة المعتبرة) عند اهل اللسان وانما اعتبروها(لتصحيح الاستعمال) في المعنى المجازي (وذلك) اى تحقق هذه العلاقة اعنى المشابهة(هو المعنى) والمقصود(بقولهم لا بد) في استعمال العام في الخاص (من بقاء جمع يقرب) من مدلول العام (و) الجواب (عن الثانى) اعنى قوله لو امتنع ذلك لكان لتخصيصه الخ (بالمنع من كون الامتناع) اى امتناع استعمال العام في الفرد الواحد او الاثنين (للتخصيص مطلقا بل) الامتناع (لتخصيص خاص وهو ما يعدّ في اللغة لغوا وينكر عرفا) اعنى من استعمال العام في الفرد الواحد مثلا لا الاستعمال في الافراد التى تقرب من مدلول العام (و) الجواب (عن الثالث) اعنى قولهم وانّا له لحافظون اما اولا(بانه غير محل النزاع فانه) اى قوله تعالى (إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (للتعظيم وليس من التعميم والتخصيص في شيء وذلك) اى عدم التعميم والتخصيص (لما جرت العادة من ان العظماء يتكلمون عنهم وعن اتباعهم فيغلبون المتكلم) حاصله انه خارج عن محل النزاع لعدم التعميم والتخصيص بل النظر الى التعظيم باعتبار جريان العادة اذا اراد المتكلم الاخبار عن نفسه يغلب وينسب المقصود من الكلام لنفسه ولغيره (فصار ذلك) التغليب (استعارة عن العظمة ولم يبق معنى العموم ملحوظا فيه اصلا) واما ثانيا فلان الكلام في صيغة العموم لا في صيغة الجمع (و) الجواب (عن الرابع) اى عن قولهم الذين قال لهم الناس الخ ، (انه على تقدير ثبوته) يعنى انه لا نسلم كون نعيم بن مسعود مرادا

٣٠١

بل الناس على معناه الاصلى وهو الجمع المعهود وعلى تقدير تسليمه وثبوته وهو (كالثالث في خروجه عن محل النزاع لان البحث في تخصيص العام والناس على هذا التقدير) اى على تقدير كون المراد من الناس نعيم بن مسعود(ليس بعامّ بل للمعهود) كما قلتم ومن المعلوم ان (المعهود غير عام وقد يتوقف في هذا) الجواب (لعدم ثبوت صحة اطلاق الناس المعهود على) شخص (واحد) لان الناس اسم جمع ولم يثبت اطلاقه على الشخص الواحد وانما المسلّم ثبوته هو اطلاق المفرد المعهود على الواحد وعلى هذا يصح قول الخصم من اطلاق العام على الواحد ولا يخفى ان هذا انما يصح اذا قيل بان الناس اسم جمع كما هو الحق واما على القول بانه اسم جنس اطلق على الواحد كما قال به بعض فلا والتحقيق في الجواب هو القول بعدم ثبوت كون نعيم بن مسعود مرادا بل الجمع المعهود من المنافقين كما مرّ واليه اشار بقوله (والامر عندنا سهل و) الجواب (عن الخامس) اى عن الاحتجاج بنحو اكلت الخبز وشربت الماء(انه غير محل النزاع ايضا فإنّ كل واحد من الماء والخبز في المثالين ليس بعام) توضيح المطلب ان اسم الجنس المعرف على اقسام وقد يكو للعموم وقد يكون للمعهود الخارجى المعين عند المخاطب والمتكلم وقد يكون للمعهود الذهنى المعين عند المتكلم دون المخاطب اذا عرفت ذلك فاعلم ان المثالين ليسا من قبيل الاول للعلم بعدم امكان ذلك فضلا عن الوقوع ولا من الثانى (بل هو) من الثالث اى (للبعض الخارجى) اى للفرد المعين عند المتكلم دون المخاطب (المطابق للمعهود الذهنى اعنى) من المعهود الذهنى (الخبز

٣٠٢

والماء المقدر في الذهن) اى في ذهن جميع الناس (انه يؤكل ويشرب وهو) الى المقدر في الذهن عبارة عن (مقدار ما) اى مقدار قليل من الماء والخبز(معلوم) في جميع الاذهان (وحاصل الأمر انه اطلق المعرف بلام العهد الذهنى) في المثالين المذكورين (الذى هو) اى العهد الذهنى (قسم من) اقسام (تعريف الجنس على موجود معين) عند المتكلم (يحتمله) اى الموجود المعين (وغيره اللفظ) اى لفظ الخبز والماء(واريد) اى الموجود المعين (بخصوصه من بين تلك المحتملات بدلالة القرينة) وهى قوله اكلت وشربت (وهذا) اى اطلاق المعرف بلام العهد الذهنى (مثل اطلاق المعرف بلام العهد الخارجى على موجود معين) عند المتكلم والمخاطب (من بين المعهودات) اى معلومات (خارجية) اعنى الافراد الموجودة في الخارج (كقولك لمخاطبك ادخل السّوق مريدا به) اى بالسوق (واحدا من اسواق معهودة بينك وبينه) اى بين المخاطب (عهدا خارجيا معينا له) اى للمخاطب (من بينها) اى من بين الأسواق المعهودة(بالقرينة ولو) كانت هي (بالعادة) كأن يكون معاملة المتكلم كثيرا في السوق الفلانى ويعلم المخاطب ايضا بحال المتكلم بانه يبيع ويشترى من السوق الفلانى وايضا هذا نظير اطلاق النكرة وكما ان للنكرة اطلاقين احدهما ما كان معينا عند المتكلم وغير معين عند المخاطب مثل جاءنى رجل والثانى ما كان غير معين عند المتكلم والمخاطب مثل جئنى برجل فكذلك العهد الذهنى فمثال اكلت الخبز وشربت الماء على الاطلاق الاول ومثال ادخل السوق على الاطلاق الثانى (فكما ان ذلك) اى اطلاق المعرف بلام العهد الخارجى

٣٠٣

والنكرة على الفرد المعين (ليس من تخصيص العموم في شيء فكذا هذا) اى اطلاق المعرف بلام العهد الذهنى على الفرد المعين في الخارج والحاصل ان المراد به المعهود الذهنى دون العموم (حجّة مجوّزية) اى تخصيص العام (الى الثلاثة والاثنين ما قيل في الجمع) يعنى انهم يقولون ان الجمع يصلح للكل والكثير والقليل فكذلك العام وبعبارة اخرى (كأنهم جعلوه) اي جواز التخصيص الى الاثنين والثلاثة(فرعا لكون الجمع حقيقة في الثلاثة او في الاثنين) يعنى انه اذا ثبت ان الجمع حقيقة في الثلاثة او الاثنين يصح القول بجواز التخصيص الى ان يبقيا ايضا(والجواب ان الكلام في اقل مرتبة يخصّص اليها العام) يعنى ان الكلام في اقل مرتبته قصر العام (لا في اقل مرتبة يطلق عليها الجمع) مع وضوح الفرق بينهما فان العام بمعنى كل فرد فرد والجمع هو جماعة الافراد وبالجملة(فان الجمع من حيث هو) احتراز عن الجمع المعرف والمضاف فانهما يفيدان العموم باعتبار التعريف والاضافة(ليس بعام ولم يقم دليل على تلازم حكميهما) يعنى انه لا ملازمة بين الجمع العام في الحكم وبعبارة اوضح لا يلزم من القول بان الجمع حقيقة في الاثنين او الثلاثة القول بجواز التخصيص الى الاثنين او الثلاثة وحينئذ(فلا تعلّق) ولا ربط(لاحدهما بالآخر) يعنى ان بينهما بونا بعيدا وعلى هذا(فلا يكون) الدليل (المثبت لاحدهما) يعنى انه لا يكون الدّليل المثبت في اصل المتقدم بأنّ الجمع حقيقة في الاثنين او الثلاثة مثلا(مثبتا للآخر) اى مثبتا بجواز استعمال العام وقصره الى الاثنين والثلاثة هذا ولما لان حجج المفصلين بمكان من الضعف فلا جدوى

٣٠٤

للتعرض لنقلها والجواب عنها مع خروجه عن وضع الكتاب والتفصيل في المطولات فراجع.(تذنيب) اعلم ان ثمرة الخلاف تظهر فيما اذا وردت رواية مشتملة على التخصيص الذى اختلف في صحته كاشتمالها على التخصيص الى الواحد مثلا مع كونها مشتملة على شرائط القبول فعلى القول بجواز التخصيص الى الواحد مقبولة لسلامته عنده من العيب سندا ومتنا ومطروح عند الثانى والثالث من الأقوال لاشتماله على اللحن الدال قطعا على عدم صدوره عنهم عليهم‌السلام لانه لا يجوز صدور هذا التخصيص عندهما عن فصيح فضلا عن ينابيع الفصاحة فلا وجه للقبول اصلا فتبصّر والله الهادى (اصل) اختلفوا في انه اذا خصّ العام واريد به الباقى فهل هو فيه حقيقة او مجاز على اقوال (و) الحق في المسألة هو ان يقال انه (اذا خص العام واريد به) اى من العام (الباقى فهو) اى العام فيما بقى (مجاز مطلقا) سواء كان الباقى من العام بعد التخصيص منحصرا او غير منحصر وسواء كان المخصص مستقلا او غير مستقل (على الاقوى وفاقا للشيخ والمحقق والعلامة في احد قوليه وكثير من اهل الخلاف) وهو السكّاكى ومن تبعه (وقال قوم) وهم الجبائية(انه) اى العام فيما بقى (حقيقة مطلقا) اشارة الى التفصيل المذكور(وقيل) القائل هو ابو بكر الرّازى (هو حقيقة) فى الباقى (ان كان الباقى) بعد التخصيص (غير منحصر بمعنى ان له) اى للباقى (كثرة يعسر العلم بعددها) اي بعدد الأفراد التى بقيت بعد تخصيص العام (وإلّا) اى وان لم يكن الباقى غير منحصر بل كان الباقى من العام بعد التخصيص منحصرا ومعلوما(فمجاز وذهب آخرون) هم ابو الحسن

٣٠٥

البصرى ومن تبعه (الى كونه) اى كون العام في الباقى (حقيقة ان خص) العام (بمخصّص لا يستقل بنفسه) وهو الذى يعبّرون عنه بالمخصص المتصل سواء كان المخصص المتصل (من شرط) نحو اكرم القوم ان كانوا عالين (او صفة) نحو اكرم الرجال المسلمين (او استثناء) نحو واعتزل الناس الا العلماء(او غاية) نحو اكرم القوم حتى تطلع الشمس وانما كانت هذه الامور المذكورة غير مستقلة لاحتياج الشرط الى المشروط والصفة الى الموصوف والاستثناء الى المستثنى منه والغاية الى المغيّا(وان خصّ) العام بمخصص (مستقل) وهو الذى يعبّر عنه بالمخصص المنفصل سواء كان (من سمع) وهو ما يكون المخصص فيه ملفوظا ومسموعا نحو اكرم العلماء ثم قال بعده لا تكرم الفساق منهم (او عقل) والمراد منه ما عدا السمع اعنى ما يكون المخصص فيه غير ملفوظ ومسموع نحو ان الله خالق كل شيء فان العقل يحكم هنا باستثناء افعال عباده فانه تعالى ليس خالقا لها(فمجاز وهو القول الثانى للعلامة «ره» اختاره في التهذيب وينقل هاهنا للناس مذاهب كثيرة سوى هذه) الاقوال الأربعة منها انه حقيقة ان خص بشرط او استثناء لا بصفة او غيرها ومنها انه حقيقة ان خص بشرط او صفة لا باستثناء او غيره كما حكى عن عبد الجبار ومنها غير ذلك (لكنها شديدة الوهن فلا جدوى) ولا منفعة(للتعرض لنقلها) اى لنقل الاقوال الضعيفة(لنا) على المختار اعنى المجازية مطلقا(انه لو كان) العام (حقيقة في الباقي كما) كان حقيقة(في الكل) اى في الجميع قبل التخصيص (لكان) اي العام (مشتركا) لفظيا(بينهما) اى بين الكل والباقى (واللازم) اى

٣٠٦

الاشتراك اللفظى (منتف) والملزوم اعنى كونه حقيقة فى الباقي كما في الكل منتف ايضا(بيان الملازمة) هو ان يقال (انه ثبت) فيما مرّ(كونه) اى العام (للعموم حقيقة ولا ريب ان البعض) اي الباقي بعد التخصيص (مخالف له) اى للعموم (بحسب المفهوم) فان مفهوم البعض غير مفهوم العموم (وقد فرض كونه حقيقة فيه) اى فى البعض (ايضا) كما فى الكل وعلى هذا(فيكون) العام (حقيقة في معنيين مختلفين) اعنى البعض والعموم (وهو) اى كونه حقيقة في معنيين مختلفين (معنى المشترك) اللفظى (وبيان انتفاء اللازم) اى كونه حقيقة فى الباقي ايضا هو ان يقال (ان الفرض واقع في مثله) اى فيما لا يكون مشتركا لفظيا بين العام والخاص (اذ الكلام في الفاظ العموم التي قد ثبت اختصاصه) اى العام (بها) اى بالالفاظ لا يخفى ان الالفاظ مختصة بالعموم لا ان العموم مختص بها فتدبر(في اصل الوضع حجة القائل) والمراد منه الجبائية كما ذكرنا في اول الاصل (بانه حقيقة مطلقا) سواء كان الباقى منحصرا او غير منحصر الى آخر ما بيناه سابقا(امران احدهما ان اللفظ) اى العام (كان متناولا) وشاملا(له) اى للباقى قبل التخصيص (حقيقة) لا مجازا(بالاتفاق) وانما الشك بعد التخصيص (و) من البداهة ان (التناول) للباقي بعد التخصيص (باق على ما كان) قبل التخصيص يعني انه كما كان التناول للباقي قبل التخصيص من باب الحقيقة وكذا بعد التخصيص (لم يتغيّر) وغاية ما في الباب انه (انما طرأ) وعرض بعد التخصيص (عدم تناول) العام (الغير) الذي خرج عن تحت العام وذلك لا يوجب كونه مجازا فيما يتناوله قبل التخصيص

٣٠٧

(الثانى انه) اى الباقي (يسبق الى الفهم) لتناوله بالاتفاق (اذ مع القرينة) وهي التخصيص (لا يحتمل غيره) اى غير الباقي بعد التخصيص (وذلك) اى السبق والتبادر(دليل الحقيقة) اى دليل على كون العام في الباقي حقيقة(والجواب عن الاول) تارة بالنقض بما لو استعمل اللفظ الموضوع للكل في الجزء مثل وضعت الأصبع على اذنى لجريان ذلك فيه مع انه مجاز قطعا واخرى بالحلّ وهو (ان تناول اللفظ) اى العام (له) اى للباقي (قبل التخصيص انما كان مع غيره) الذى خرج عن تحت العام (وبعده) اى بعد التخصيص (يتناوله وحده) اى يتناول العام للباقي منفردا(وهما) اى التناولان (متغايران) ومتضادان حيث ان العام بعد التخصيص مستعمل في تمام ما وضع له فيكون حقيقة واما بعد التخصيص (فقد استعمل في غير ما وضع له) فيكون مجازا(واعترض بانّ عدم تناوله) اى العام (للغير) بعد التخصيص (او تناوله له) اى للغير قبل التخصيص (لا يغيّر صفة تناوله لما يتناوله) حاصله ان العام يتناول للباقي حقيقة سواء تناول معه الغير ام لا(وجوابه) اى جواب هذا الاعتراض (ان كون اللفظ حقيقة) في الباقي (قبل التخصيص ليس باعتبار تناوله) اى تناول اللفظ(للباقي) فقط(حتى يكون بقاء التناول) الذي كان قبل التخصيص (مستلزما لبقاء كونه) اى كون اللفظ اى العام (حقيقة) في الباقي بعد التخصيص ايضا(بل) كون العام حقيقة في الباقي قبل التخصيص (من حيث انه) اى اللفظ العام (مستعمل) قبل التخصيص (في المعنى) والمراد منه تمام الافراد(الذي ذلك الباقي) بعد التخصيص (بعض منه) اى من هذا المعنى يعني من

٣٠٨

تمام الافراد(و) لكن (بعد التخصيص يستعمل) العام (في نفس الباقي) فقط وحينئذ يكون مجازا(فلا يبقى حقيقة) ان قلت ان اللفظ كان متناولا قبل التخصيص للباقي حقيقة وهكذا بعده قلت (والقول بانه كان متناولا له) اى للباقي قبل التخصيص (حقيقة) كما قاله الخصم (مجرد عبارة) اى مسامحة في التعبير وليس المراد من لفظ الحقيقة هنا الحقيقة المقابلة للمجاز بل المراد منه هو الواقع وعلى هذا يكون معنى العبارة ان اللفظ كان متناولا له في الواقع وفي نفس الأمر والآن كما كان ولكن هذا خارج عن محل الكلام (اذ الكلام) والبحث (في الحقيقة المقابلة للمجاز وهي) اى الحقيقة المقابلة للمجاز(صفة للفظ) دون الصدق وبعبارة اخرى محل البحث بين القوم هو ان اللفظ هل هو حقيقة في الباقي بعد التخصيص اولا ، لا انه كان يصدق على الباقي قبل التخصيص في الواقع وهكذا بعده وهذا مما لا ينكر(و) الجواب (عن الثانى) اعنى قوله انه يسبق الى الفهم الخ (بالمنع من السبق الى الفهم) يعنى ان الباقي لا يتبادر الى الفهم من حاق اللفظ(وانما يتبادر) الباقي (مع القرينة) وهي التخصيص (وبدونها) اى بدون القرينة(يسبق العموم وهو) اى سبق العموم عند عدم القرينة(دليل المجاز) اى دليل على كون اللفظ مجازا في الباقي لعدم تبادره من اللفظ عند الاطلاق بل المتبادر هو العموم كما مرّ والحاصل ان علامة الحقيقة هي التبادر بدون القرينة وإلّا فالمعنى المجازى ايضا يتبادر من اللفظ بعد ملاحظة القرينة فتبادر الباقي منه بعد ملاحظة قرينة التخصيص دليل المجازية فتدبّر(واعترض) على هذا الجواب (بان ارادة الباقي) من العام (معلومة

٣٠٩

بدون القرينة) ومن دون حاجة الى التخصيص (انما المحتاج الى القرينة) والى التخصيص هو (عدم ارادة المخرج) اى ما سوى الباقي وبعبارة اخرى ان المحتاج الى القرينة والتخصيص في مثل اكرم العلماء الا النحويين هو المستثنى اعنى النحويين واما الباقي من العلماء فهو مراد من قوله اكرم العلماء من دون حاجة الى القرينة هذا(وضعفه) اى ضعف هذا الاعتراض (ظاهر لان العلم بارادة الباقي) من العام اعنى غير النحويين (قبل القرينة) وقبل التخصيص (انما هو باعتبار دخوله) اى دخول الباقي (تحت المراد) وهو العموم (وكونه) اى كون الباقي (بعضا منه) اي من المراد لا يوجب كونه حقيقة فيه (والمقتضى لكون اللفظ حقيقة فيه) اى في الباقي (هو العلم بارادته على انه) اى الباقي (نفس المراد) لا بعضه (وهذا) اى كونه نفس المراد(لم يحصل) فيما نحن فيه (الا بمعونة القرينة) وهي التخصيص اعنى قوله الا النحويين في المثال المذكور(وهو) اى كون الباقي مرادا بمعونة القرينة(دليل المجاز) اى دليل على كون العام في الباقي بعد التخصيص مجازا فافهم (حجّة من قال) القائل هو ابو بكر الرّازي كما ذكرنا في اول الاصل (بانه) اى العام (حقيقة) في الباقي (ان بقى) من العام بعد التخصيص عدد(غير منحصر ان معنى العموم حقيقة هو كون اللفظ دالا على امر غير منحصر في عدد واذا كان الباقي) من العام بعد التخصيص (غير منحصر) في عدد(كان) اى الباقي من العام (عاما) ايضا كما قبل التخصيص (والجواب منع كون معناه) اى معنى العموم (ذلك) اي معنى غير منحصر في عدد(بل معناه) اى معنى العموم هو (تناوله للجميع) اى لجميع

٣١٠

افراد مفهومه واما كون الافراد محصورة او غير محصورة فلا مدخل له في ذلك (و) اذا عرفت ذلك فاعلم انه (كان للجميع اولا و) الحال انه (قد صار لغيره فكان مجازا) في الباقي لا محالة(ولا يذهب) المطلب ولا يخفى (عليك) لا يخفى ان هذا من العضدى وتبعه المصنف قدس‌سره (ان منشأ الغلط في هذه الحجة اشتباه كون النزاع في لفظ العام او في الصّيغ) يعنى كون اللفظ متناولا لما لا ينحصر معنى لفظ العام لا معنى الصيغة المبحوث عنها في المقام ولا يخفى ما فيه اذ لا نسلّم ان ذلك معنى العام ايضا وإلّا لكان ذلك مدلول الصيغة ايضا بل معناه اعم من ذلك فالاولى في الجواب ان يقال ان هذا غلط في غلط فافهم (وقد وقع مثله لكثير من الاصوليين في مواضع متعددة ككون الامر) اى مادة الأمر اعنى المركب من ـ ا ـ م ـ ر ـ (للوجوب) مع كون البحث في صيغة الامر دون مادته وهذا اشتباه من الاصوليين (و) هكذا وقع الاشتباه منهم وقالوا ان (الجمع) المركب من ـ ج ـ م ـ ع (للاثنين) مع ان البحث في صيغة الجمع مثل لفظ رجال لا في مادته (و) اشتبهوا ايضا وقالوا بكون (الاستثناء) اى لفظ الاستثناء(مجازا في المنقطع) لان لفظ الاستثناء في اللغة موضوع لمعنى الاخراج عن شيء ففي المنقطع ليس كذلك فيكون مجازا قلنا هذا اشتباه لانه باعتبار مادة لفظ الاستثناء واما الهيئة الاستثنائيّة اعنى ادوات الاستثناء كما هو مورد البحث في محلّه في الموارد المذكورة(من باب اشتباه العارض بالمعروض) وملخص الكلام ان لفظ العام باعتبار اطلاقه على صيغ العموم فيما نحن فيه كان منشأ للغفلة او عدم الفرق بين العارض اعنى

٣١١

لفظ العام وبين المعروض اعنى صيغ العموم مع كون النزاع في الثانى دون الاول وهكذا في نظائر هذه الشبهة(حجّة القائل) وهو ابو الحسن البصرى ومن تبعه (بانه حقيقة ان خص) العام (بغير مستقل) يعنى ان العام اذا خصّ بمخصص غير مستقل اى بمخصص متصل مثل اكرم العلماء الا الفساق مثلا فهو حقيقة في الباقي بعد التخصيص دون غيره والدليل عليه (انه لو كان التقييد بما لا يستقل يوجب تجوزا) يعنى انه لو كان المخصص الغير المستقل موجبا للتجوّز(في نحو الرجال المسلمون من المقيّد بالصفة) اعنى المسلمين في المثال (واكرم بنى تميم ان دخلوا من المقيد بالشرط) وهو قوله ان دخلوا(واعتزل الناس الا العلماء من المقيد بالاستثناء) اعنى قوله الا العلماء(لكان نحو مسلمون للجماعة) وكذا مسلمان الاثنين (مجازا ولكان نحو المسلم للجنس او العهد مجازا ولكان نحو الف سنة الّا خمسين عاما مجازا) ما قبله فلبث فيهم الف سنة الخ (واللّوازم الثلاثة) اعنى كون المسلمون للجماعة والمسلم للجنس او للعهد والف سنة الخ مجازات (باطلة اما الاوّلان) اعنى كون المسلمون للجماعة والمسلم للجنس او للعهد مجازا(فاجماعا واما الاخير) اعنى قوله الف سنة الخ (فلكونه) اى الاخير(موضع وفاق من الخصم) حيث قال بكونه حقيقة(بيان الملازمة) بين ما نحن فيه وبين الامثلة الثلاثة(ان كل واحد من المذكورات) اعنى المسلمين والمسلم والف سنة الا خمسين عاما(يقيّد بقيد هو) اى القيد(كالجزء له) اى لكل واحد من المذكورات فان المسلمون مقيد بالواو والنون والمسلم مقيد بالالف واللام والف سنة مقيد بإلّا خمسين عاما(وقد صار)

٣١٢

المذكورات (بواسطته) اى بواسطة القيد(لمعنى غير ما وضع له اولا وهي) اى المذكورات (بدونه) اى بدون القيد(لما نقلت عنه) وهو الموضوع له اولا(ومعه) اى مع القيد(لما نقلت اليه) وهو غير الموضوع له اولا(ولا يحتمل غيره) اى غير ما نقل اليه والحاصل ان المسلمين كان قبل لحوق علامة الجمع دالا على جنس المسلم من دون نظر على الفرد ثم بعد اللحوق يدل على جمع من الجنس المعلوم وهكذا لفظ مسلم عاريا عن لام العهد فانه قبل دخول اللّام كان دالا على الجنس من دون ان يكون عهدا فيه وبعد الدخول للمسلم المعهود وهكذا الف سنة فانه قبل الاستثناء منه كان دالا على العدد المعلوم وبعده مقدارا منه (وقد جعلتم ذلك) اى المقيد بقيد متصل (موجبا للتجوّز) اى موجبا للمجازيّة(فالفرق) بين العام المخصص وبين ما ذكر من الامثلة(تحكّم) اى حكم بلا دليل يعنى لو قلتم بالمجازية في العام المخصص فلا بد من القول في الامثلة المذكورة وإلّا فلا(والجواب ان وجه الفرق) بينهما اى بين العام المخصص وبين الامثلة الثلاثة(ظاهر فان الواو في مسلمون) ليست بكلمة بل هي علامة يعرف بها ان مسلمون للجمع بوضع الواضع له وهذا(كالف ضارب وواو مضروب) وكما ان الف ضارب وواو مضروب ليستا بكلمة بل هما علامتان للفاعل في الاول وللمفعول في الثاني وبعبارة اخرى كما ان كل واحد من الالف والواو (جزء الكلمة) وليستا شيئا مستقلا(و) ان (المجموع) اى مجموع ضارب ومضروب (لفظ واحد) فكذا الواو في مسلمون فانه جزء من الكلمة وعلامة للجمع وليست شيئا مستقلا ان قلت ان الالف

٣١٣

واللام في نحو المسلم كلمة مستقلة ويدل على المعنى المستقل ايضا فكما لا مجازية في هذا فكذا فيما نحن فيه من الامثلة المذكورة قلت (والالف واللام في نحو المسلم وان كانت كلمة الّا انّ المجموع يعدّ في العرف كلمة واحدة ويفهم منه معنى واحد من غير تجوز ونقل من معنى الى آخر فلا يقال ان مسلم للجنس والالف واللام للعهد) في اطلاق واحد(و) اما(الحكم بكون الف سنة الا خمسين عامّا حقيقة) فمردود فانه ليس من الحقيقة فيه من شيء و (على تقدير تسليمه) اى على تقدير تسليم كونه حقيقة فهو (مبنيّ على ان المراد به) اى من الف سنة الخ (تمام مدلوله وان الاخراج) والاستثناء بقوله الاخمسين عاما(منه) اى من قوله الف سنة(وقع قبل الاسناد والحكم) اعنى من قوله فلبث فيهم الف سنة الخ (وانت خبير) اى عالم (بانّه لا بشيء ممّا ذكرناه) وهو كون المجموع كلمة واحدة وان المراد من المستثنى منه تمام مدلوله وان الاخراج وقع قبل الاسناد والحكم (في هذه الصّور الثلاث بمتحقق في العام المخصوص) اى فيما نحن فيه (لظهور الامتياز بين لفظ العام وبين المخصص) وبيان الامتياز ان الرجال مثلا موضوع للعموم والمسلمون موضوع للجماعة المتّصفة بالمسلم فكل منهما يدل على معنى غير ما دل به الآخر(وكون كل منهما) اى كل من الموصوف والصّفة في المثال (كلمة براسها) مثل الرجال المسلمون فكلمة الرجال عام كلمة برأسها وكلمة المسلمون مخصّص كلمة على حده وكذا في الاستثناء والشرط والغاية(ولان المفروض ارادة الباقي من لفظ العام لاتمام المدلول مقدما على الاسناد وح) اى حين اذ علم بيان الفرق بين الامثلة الثلاثة وبين ما

٣١٤

نحن فيه (فكيف يلزم من كونه) اى من كون العام المخصّص (مجازا كون هذه) الامثلة(مجازات) فلا ملازمة بينهما فتدبّر وهذا الجواب كما تراه مبنى على خلاف التحقيق الذى مرّ منّا مرارا في تضاعيف الكتاب في مقدمات الجمع المحلّى من ان كافّة المنضمّات اللفظية حتى الهيئات والعلامات موضوعة باوضاع مستقلة فالفرق بين واو مسلمون والف ضارب وبين اللّام في نحو المسلم لا وجه له اذ التحقيق ان الضمائم حتى مثل حروف المضارعة وهيئة ضارب بل الهيئات في الجموع المكثرة بل عامة الهيئات تدل على جزء المعنى وجوهر الكلمات وموادّها تدل على الجزء الآخر من غير لزوم تجوّز في ذلك ولا نقل بل هذا هو فائدة وضع المفردات وليس مدار الاستدلال على الصدق العرفي وعدمه حتى يجعل ذلك فارقا بل على كونهما دالّين بالوضع سواء عد في العرف كلمة واحدة او كلمتان اذ لا اثر لذلك في ذلك وكون الاستثناء اخراجا بعد ارادة العموم لا ينافي غرض المستدل بل يعاضده.

٣١٥

(اصل) اعلم ان مقصود القوم من عقد هذه المسألة هو بيان ان العام اذا خصّص بامر مبيّن معلوم لا اجمال فيه لا مفهوما ولا مصداقا فهل يوجب تخصيصه به سقوطه عن الحجّيّة بالنسبة الى الباقي ام لا يوجب ، فيه اقوال (الاقرب عندى ان تخصيص العام لا يخرجه) اى العام (عن الحجّيّة في غير محلّ التخصيص) يعنى انه لو قال المولى اكرم العلماء ثم خصّص بالمخصّص المتصل او المنفصل وقال ولا تكرم فساق العلماء او الا الفسّاق من العلماء فالباقى يكون حجّته في غير الفساق فيجب اكرامه (ان لم يكن المخصّص مجملا) لانه اذا تخصّص العام بمجمل سقط عن الحجّيّة في مورد الاجمال اتفاقا وانّما خصّصناه بمورد الاجمال لانه اذا اشتمل على مورد غير مجمل كما في قولنا اكرم الذين في الدار الّا بعض علمائهم دخل باعتبار غير مورد الاجمال في محلّ النّزاع والحاصل انه في الباقي بعد التخصيص حجّة(مطلقا) سواء كان المخصّص متصلا او منفصلا وسواء كان جمعا او غيره وسواء كان زائدا على اقل الجمع من اثنين او ثلاثة على اختلاف في ذلك او غير ذلك بل العام حجّة في الباقي كائنا ما كان (ولا اعرف في ذلك) اى في حجّيّة الباقي (من الاصحاب مخالفا نعم يوجد في كلام بعض المتأخرين ما يشعر بالرغبة) اى بالاعراض (عنه) اى عن هذا القول واشار اليه بقوله (ومن الناس من انكر حجّيّته مطلقا) على ما ذكرنا(ومنهم من فصّل واختلفوا في التّفصيل على اقوال شتّى) اى متفرّقة(منها) اى من

٣١٦

الاقوال (الفرق بين المتّصل) وهو المخصّص الغير المستقل كالوصف والشرط ونحوهما(والمنفصل فالأوّل) اى المتصل (حجّة لا الثاني) اي المنفصل (ولا حاجة بنا الى التّعرض لباقيها) اى لباقي الاقوال (فانّه) اى التّعرض (تطويل بلا طائل) اي بلا فائدة(اذ هي) اي الاقوال الباقية(في غاية الضّعف والسّقوط) عن درجة الاعتبار(وذهب بعض الى انّه) اى العام (يبقى حجّة في اقل الجمع) وهو عبارة(من اثنين او ثلاثة على الرّأيين) والقولين في أقل الجمع والمختار هو الحجّيّة مطلقا والدليل (لنا بأنّ السّيّد اذا قال لعبده كلّ من دخل داري فاكرمه ثم قال بعد) اى بعد هذا القول (لا تكرم فلانا) اي زيدا مثلا هذا في المخصّص المنفصل (او قال في الحال) وبلا فصل (الّا فلانا) وهذا في المخصّص المتّصل (فترك) العبد(اكرام غير من وقع النّص) والتصريح من المولى (على اخراجه) اي اخراج من وقع النّص والتصريح باستثنائه بقوله لا تكرم فلانا او الّا فلانا(عدّ) هذا العبد(في العرف عاصيا وذمّه العقلاء على المخالفة) واذا ثبت العصيان في العرف ثبت في اللغة ايضا بضميمة(اصالة) عدم النقل كما مرّ مرارا(وذلك) اى عده عاصيا(دليل ظهوره) اى العام بعد التخصيص (في ارادة الباقي) يعنى ان الباقي هو مراد المولى (وهو) اي الظهور في الباقي (المطلوب) وايضا فان الصحابة وتابعيهم كانوا يستدلون بالعمومات المخصّصة من غير نكير وذلك منهم اجماع على حجّيتها(احتجّ منكر الحجّية مطلقا بوجهين) الوجه (الاول ان حقيقة اللفظ) اي اللفظ العام في مثل كلّ من دخل داري في المثال (هي العموم ولم يرد) اي العموم لان المفروض العام المخصّص (وسائر ما تحته) اي تحت العام (من المراتب) اي مراتب الخصوص (مجازاته) هذا بناء على ان العام المخصص مجاز(واذا لم ترد الحقيقة)

٣١٧

لانه المفروض (وتعدّدت المجازات) لان ايّ مرتبة من المراتب يراد فهو مجاز على هذا القول (كان اللفظ) اي لفظ العام (مجملا فيها) اي في المجازات (فلا يحمل) اللفظ العام (على شىء منها) اي في المجازات ان قلت يحمل على تمام الباقي بعد التخصيص قلت (وتمام الباقي احد المجازات) يعنى ان المجازات متعدّدة وتمام الباقى احدها(فلا يحمل المجازات) يعنى ان المجازات متعدّدة وتمام الباقى احدها(فلا يحمل عليه) اي على الباقي لاحتمال ارادة سائر مراتب الخصوص ولا مرجّح (بل يبقى متردّدا بين جميع مراتب الخصوص) فيصير مجملا(فلا يكون حجّة في شىء منها) اي من المجازات (ومن هذا) اي من وجه جعل عدم ارادة الحقيقة مع تعدد المجازات دليلا على عدم الحجّيّة(يظهر حجّة المفصّل) اي حجة من قال بانه حجة في المتصل دون المنفصل والوجه في ذلك (فان المجازية عنده) اي عند هذا المفصل (انما يتحقق في المنفصل) واذا كان كذلك فيتعدد المجازات ولا مرجح في البين فيكون مجملا فلا يكون حجة بخلاف المتصل لانه كجزء الكلمة بلا ملاحظة تخصيص وغيره فكان الكلّ كلمة واحدة واجماله انه (للبناء على الخلاف في الاصل السابق) وقد مرّ تفصيله فراجع (الثاني) من الوجهين الذين استدل المفصل بهما(انه) اي العام (بالتخصيص) بالمنفصل (خرج عن كونه ظاهرا) في العموم (وما لا يكون ظاهرا) في العموم (لا يكون حجّة) يعنى انه قبل التخصيص ظاهر في العموم وبعد التخصيص بالمنفصل لا يبقى ظهور ولا يكون حجّة بخلاف المخصّص المتصل فان الظهور معه باق (والجواب عن الاول) اي عن الوجه الاول للمنكر الحجّيّة مطلقا(أن ما ذكرتموه) من الاستدلال بعدم الحجّيّة(صحيح) وقبول (اذا كانت المجازات) بعد التخصيص (متساوية) اي (لا دليل على تعيين احدها) اي احد المجازات (امّا اذا كانت بعضها اقرب

٣١٨

الى الحقيقة) كالباقي بعد التخصيص (ووجد الدّليل على تعيينه) اي تعيين هذا البعض وهو الباقي (كما في موضع النّزاع) فان الدّليل فيما نحن فيه على تعيين الباقي موجود ان قلت اين الدّليل قلت (فانّ) الأدلة الثلاثة موجودة احدها(الباقي اقرب الى الاستغراق) الّذي قبل التخصيص (و) ثانيها انّ (ما ذكرناه من الدّليل) وهو ان السيد اذا امر عبده الخ (يعينه) اي يكون معينا ، لهذا الجواب ايضا(لإفادته) اي لإفادة هذا الدّليل من جهة تبادر الباقي من قول السّيد هو ان منشأ التبادر ليس الا(كون التخصيص قرينة ظاهرة في ارادته) اي ارادة الباقي وثالثها ما اشار اليه بقوله (مضافا الى منافاة عدم ارادته) اي ارادة الباقي بعد التخصيص مع ملاحظة عدم ذكر مخصّص آخر(للحكمة) لان عدم ارادته يوجب الاجمال ويوجب الإغراء بالجهل وهو ما دام الحكيم في مقام بيان المراد ليس بجائز الّا اذا كان المولى في مقام الاجمال او الاهمال لمصلحة ومن هذا البيان يظهر فساد ما ذكره ملّا ميرزا «ره» في الحاشية اشكالا ودفعا يعنى انه لا موقع للاشكال حتى يحتاج الى الدفع مع ما فيه من الاشكال فتدبّر جيدا(حيث يقع في كلام الحكيم بتقريب ما مرّ) توضيح ذلك (في بيان افادة المفرد المعرّف للعموم) وقلنا بان المفرد المعرّف مثل لفظ البيع في قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) يفيد العموم من باب الحكمة لانه لو لم يفد العموم لأخلّ بالحكمة لانه لا يخلو امّا ان يراد منه الماهية من دون نظر الى الوجود فهو لا معنى له اذ الاحكام انّما تجري على الماهيات باعتبار الوجود وامّا ان يراد الوجود في ضمن جميع الافراد او ببعض غير معين لكن ارادة البعض الغير المعين مناف للحكمة للزوم الاغراء بالجهل والبعض المعين لا دليل عليه فيتعين العموم وهو المطلوب وهكذا نقول فيما نحن

٣١٩

فيه (اذ المفروض انتفاء الدّلالة على المراد هاهنا من غير جهة التخصيص) يعنى ان الموجود من الدّال هو جهة التخصيص لا غير(فحينئذ) اي فحين ما ذكرنا من الأدلة الثلاثة(يجب الحمل) اي حمل العام بعد التخصيص (على ذلك البعض) اي على الباقي (وسقط ما ذكرتموه) من الاستدلال بالوجهين على المنع (هذا) اي خذ الجواب المذكور عن المستدل (مع ان الحجّة) يعنى ان الاستدلال بالاجمال تارة وعدم الظهور اخرى (غير وافية بدفع القول بحجّيّته في اقلّ الجمع) يعنى ان حجّتكم واستدلالكم لا يصلح ان يدفع قول من قال بان العام المخصص حجّة في اقل الجمع لانه متيقّن ومراد ولا اجمال فيه اصلا(ان لم يكن المحتجّ بها) اي بتلك الحجة والاستدلال (ممن يرى جواز التّجاوز في التخصيص الى الواحد) يعنى انه اختلف في قصر العام بانه هل يجوز قصر العام الى ان يبقى واحد مثل اكلت كلّ رمانة في البستان وقد اكل واحدة او انّا له لحافظون او لا يجوز مذهب الى كل فريق على ما مرّ تفصيله وعلى هذا لو كان المستدل بعدم الحجّية ممن قال بالقول الاول فله ان يدفع ايضا من قال بحجّيّته في اقل الجمع من جهة الاجمال وعلى الثاني فلا يمكن للمستدل ان يدفع (لكون اقل الجمع) وهو الاثنين او الثلاثة(ح) اي حين عدم جواز التّجاوز(مقطوعا به على كل تقدير) سواء كان غير ذلك مرادا ام لا(و) الجواب (عن) الوجه (الثاني بالمنع من عدم الظهور) اي ظهور العام في الباقي يعنى ان العام بعد التخصيص ظاهر في الباقي (وان لم يكن حقيقة) يعنى انه مع كونه في الباقي مجازا فله ظهور في الباقي (وسند هذا المنع يظهر من دليلنا السابق) وقلنا بان السيد اذا قال لعبده الخ والحاصل ان الظهور في الباقي موجود(وانتفاء الظهور) قبل التخصيص (بالنسبة الى العموم)

٣٢٠