أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

غير عذر عد) في العرف (عاصيا وذلك) اي كونه عاصيا(معلوم من العرف ولو لا افادته الفور لم يعد من العصاة واجيب عنه بان ذلك) اي كون الامر للفور في المثال (انما يفهم بالقرينة لان العادة قاضية بان طلب السقي) من المولى (انما يكون عند الحاجة اليه) اي الى السقي (عاجلا) ومحل النزاع ما تكون الصيغة فيه مجردة عن القرينة هنا حاجة المولى الى السقي (الثاني انه تعالى ذم ابليس على ترك السجود لآدم بقوله ما منعك ألا تسجد اذا امرتك) والمراد من الامر اسجدوا فى قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) وحينئذ فلا يراد ان الكلام في الصيغة لا في «ا ـ م ـ ر» (ولو لم يكن الامر) في الآية(للفور لم يتوجه عليه) اي على الشيطان «لع» (الذم) من الله سبحانه وتعالى (ولكان له) اي للشيطان (ان يقول) لله تعالى (انك لم تأمرني بالبدار) والسرعة(وسوف اسجد والجواب ان الذم) في الآية(باعتبار كون الامر مقيدا بوقت معين) فليس بمطلق والنزاع انما فيه (ولم يأت) الابليس (بالفعل فيه) أي في الوقت المعين (والدليل على التقييد قوله تعالى (فَإِذا سَوَّيْتُهُ) أى الادم (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) وتوضيحه ان السجود المأمور به في الآية الشريفة ليس من قبيل الواجب الفوري اخّر عن زمان الفور بل من قبيل الواجب الموقت فات وقته وذم ابليس على ترك السجود لتفويت السجود في وقته لا على تأخيره عن زمان الفور والدليل على كونه من قبيل الموقت هو الفاء في قوله تعالى (فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) لانها وقعت بعد كلمة اذا في قوله تعالى اذا (نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) وقد افادت توقيت مدخولها بوقت حصول مدخول اذا كقولك اذا غربت الشمس فصل

١٠١

المغرب مثلا ويمكن الجواب ايضا ان الذم لعله من جهة الاستكبار كما هو المحتمل ايضا ويدل عليه قوله تعالى (أَبى وَاسْتَكْبَرَ) وقول ابليس (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) لا لان الامر للفور فافهم (الثالث انه لو شرع) وجاز التأخير(لوجب ان يكون) التأخير(الى وقت معين واللازم) أي كونه في الوقت المعين (منتف) فتأخيره منتف لان رفع التالي يوجب رفع المقدم (اما) بيان (الملازمة فلانه لولاه) اي لو لا الوقت المعين (لكان) التأخير جائزا(الى آخر ازمنة الامكان اتفاقا ولا يستقيم) اي كونه في آخر ازمنة الامكان (لانه غير معلوم والجهل به) اي بآخر ازمنة الامكان (يستلزم تكليف المحال اذ يجب على المكلف حينئذ) اي حين جواز التأخير عن اول الامكان (ان لا يؤخر الفعل عن وقته) اي عن آخر وقت الامكان (مع انه) اي المكلف والمأمور(لا يعلم ذلك الوقت الذي كلف بالمنع عن التأخير عنه وأما انتفاء اللازم) اي تعيين الوقت (فلانه ليس في الامر اشعار بتعيين الوقت ولا عليه) اي على الوقت المعين (دليل من خارج) فيجب الفور وبعبارة اوضح انه لو لم يجب الفور في اتيان المامور به لجاز تأخيره الى وقت معين او الى آخر وقت الامكان وكلاهما باطلان اما الاول فلعدم دلالة صيغة الامر على وقت معين واما الثاني فلأن آخر وقت الامكان غير معلوم للمكلف وتكليفه بعدم تأخير الفعل عنه تكليف بالمحال فيلزم من بطلان الأمرين كون الامر للفور فافهم (والجواب من وجهين احدهما النقض) اي نقض هذا القول (بما لو صرح) الأمر (بجواز التأخير) بان يقول افعل ونفيت عنك الفور فان هذا الامر جائز ولا يلزم المحذور اصلا (اذ لا نزاع في امكانه) حتى ان الخصم معترف به

١٠٢

(وثانيهما) الحل وهو (انه انما يلزم تكليف المحال لو كان التأخير) اي تأخير الفعل الى آخر ازمنة الامكان (متعينا) بحيث لا يجوز تقديمه عن آخر ازمنة الامكان (اذ يجب حينئذ) اي حين تعيين التأخير(تعريف الوقت الذي يؤخر) الفعل (اليه) اي الى هذا الوقت (واما اذا كان ذلك) اي التأخير(جائزا فلا) اي فلا يلزم التكليف بالمحال ولا يجب تعيين الوقت أيضا(لتمكنه من الامتثال بالمبادرة فلا يلزم التكليف بالمحال) وقد اورد عليه سلطان العلماء «ره» في الحاشية بان هذا وان يرفع التكليف بالمحال إلّا انه التزام بوجوب الفورية في مقام العمل لتحصيل البراءة اذ جواز التأخير حينئذ مشروط بمعرفة لا يمكن تلك المعرفة فينحصر الامتثال بالمبادرة فيجب الفور وفيه نظر فان جواز التأخير غير مشروط بمعرفة ممتنعة نعم العلم بجواز التأخير واقعا مشروط بمعرفة ممتنعة واللازم منه عدم حصول العلم بالجواز لا عدم الجواز في الواقع وتوقف الجواز على العلم به ممنوع (الرابع قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)) ان قلت ان سرعة العبد الى فعل الله الذي هو المغفرة غير متصور فلا يمكن التكليف به فكيف ذلك في الآية قلنا (فان المراد بالمغفرة) في الآية(سببها) مجازا من باب تسمية السبب باسم المسبب (وهو فعل المأمور به لا حقيقتها لانها) اي المغفرة(فعل الله سبحانه فيستحيل مسارعة العبد اليها) اي الى المغفرة (وحينئذ) اي حين كون المراد من المغفرة سببها(فيجب المسارعة الى فعل المأمور به) وحاصله ان فعل المأمور به سبب المغفرة وكل ما هو سبب المغفرة يجب المبادرة اليه ففعل المأمور به يجب المبادرة اليه أما الصغرى فظاهر واما

١٠٣

الكبرى فبالآية الشريفة وفيه اشكال والتفصيل في الحواشي فراجع وايضا استدلوا(بقوله تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) فان) وجه الاستدلال في الآية هو ان (فعل المأمور به من) جملة(الخيرات فيجب الاستباق اليه) اي الى فعل المأمور به لكونه من الخيرات (وانما يتحقق المسارعة والاستباق بان يفعل بالفور واجيب بان ذلك) اي الامر بالمسارعة والاستباق (محمول على افضلية المسارعة والاستباق) والقرينة عليه مادتهما اعني السرعة والسبقة(لا على وجوبهما وإلّا) اي وان لم يحمل على الافضلية بل بقيا وحملا على الوجوب (لوجب الفور) بمقتضى الآيتين ويكون وقت الفعل مضيقا(فلا يتحقق المسارعة والاستباق) حينئذ(لانهما انما يتصور ان في) الوقت (الموسع دون) الوقت (المضيق ألا ترى انه لا يقال لمن قيل له صم غدا فصام) هذا الشخص (انه سارع اليه) اي الى الصوم (واستبق) باعتبار ان وقت الصوم كان مضيقا بل يقال له انه اتى بالفعل المأمور به في وقته بخلاف ما اذا قيل له صم في هذا الشهر يوما فصام في اول يومه فانه يقال له فلان سارع الى الامر واستبق لان فيه وسعة(والحاصل ان العرف قاض بان الاتيان بالمأمور به في الوقت الذي لا يجوز تأخيره عنه) اي عن ذلك الوقت (لا يسمى مسارعة واستباقا فلا بد حينئذ من حمل الامر في الآيتين على الندب وإلّا) اي وان لم يحمل على الندب (لكان مفاد الصيغة) اي مفهومها (فيهما) اي في الآيتين (منافيا لما يقتضيه المادة) لان مفاد الصيغة في الآيتين هو الوجوب الفوري وهو يقتضي عدم جواز تأخير المأمور به ومقتضى المادة اعني المسارعة والاستباق يقتضي جواز تأخيره وبينهما منافاة

١٠٤

(وذلك ليس بجائز فتأمل) لا يخفى ان هذا الجواب من الحاجبي ووافقه المصنف «قدس‌سره» إلّا انه تأمل فيه ووجهه ان حمل سارعوا على الندب مجاز كما حمل المجيب عليه دفعا لوجوب الفور والمنافاة ويمكن ان يكون سارعوا بمعنى بادروا مجازا وحينئذ يندفع المنافاة أيضا لكن يثبت الفورية ولا يستقيم الجواب وغايته تعارض المجازين وتساقطهما فيبقى الدليل حينئذ على حاله ثم قال «ره» ولعل الحمل على الندب ارجح لانه اذا شك في الفورية فالاصل عدمها هذا وفيه نظر اما اولا فللقطع بان الآمر اذا امر بالصوم ثم قال اوجبت المسارعة اليه كان كلامه صحيحا متجها فالمسارعة لا تنافي وجوبها وتحقيق ذلك في الفصول فراجع واما ثانيا فبعدم الفرق بين المسارعة والمبادرة فتأمل (الخامس ان كل مخبر كالقائل زيد قائم وعمرو عالم وكل منشئ كالقائل هي طالق وانت حر انما يقصد الزمان الحاضر فكذلك الآمر الحاقا له) اي للامر (بالاعم الاغلب) اي الحاقا للمشكوك بالشائع الاغلب (وجوابه اما اولا فبأنه قياس في اللغة لانك قست الامر في افادته الفور على غيره من الخبر والانشاء وبطلانه) اي بطلان القياس (بخصوصه) وان لم نقل ببطلانه في الاحكام (ظاهر) هذا وقد تنظر فيه صاحب الفصول «ره» وقال بان هذا استقراء لا قياس كما يظهر من دعواه الاغلبية وعدم تعرضه للجامع وفيه انه لو سلم ليس بتام ولو تم تعارض الدليل الدال على عدم كون الامر للفور (واما ثانيا فبالفرق بينهما) اي بين الامر وبين الاخبار وسائر الإنشاءات (بان الامر لا يمكن توجيهه الى الحال) اى الى الحال الحاضر بخلاف غير الامر فانه متوجه الى الحال كوقوع الطلاق في قوله انت

١٠٥

طالق فانه لا يتأخر عن التلفظ بهذه الصيغة (اذ الحاصل لا يطلب) بل الاستقبال اما مطلقا واما الاقرب بالانشاء لاستحالة تحصيل الحاصل (بل) لا بد ان يتوجه الى (الاستقبال) وكونه للاستقبال (اما مطلقا) اي سواء كان اقرب الى الحال ام لا (واما الاقرب الى الحال الذي هو عبارة عن الفور وكلاهما محتمل فلا يصار الى الحمل على الثاني) اي الى الاقرب الى الحال (إلّا بدليل السادس ان النهي) اي قولنا لا تزن ولا تضرب مثلا(يفيد الفور) قطعا(فيفيده الامر) اي يفيد الامر الفور ايضا(لانه) اي الامر(طلب مثله) اي مثل النهي يعني ان الجامع بينهما هو الطلب (وايضا الامر بالشيء) اي قول القائل اضرب معناه (نهي عن) جميع (اضداده وهو) اي النهي عن جميع الاضداد (يقتضي الفور) في المأمور به (بنحو ما مر في التكرار آنفا) اي سابقا (وجوابه) اي جواب دليل السادس (يعلم من الجواب السابق) في الاصل المتقدم (فلا يحتاج الى تقريره) اي الى تقرير الجواب السابق وبيانه وحاصل الجواب انه قياس مع الفارق لان النهي يقتضي انتفاء الحقيقة وهو انما الخ وايضا النهي متفرع على الامر ان كان الامر للفور فالنهي ايضا للفور وإلّا فلا(احتج السيد) على كونه مشتركا لفظا بين الفور والتراخي (بان الامر قد يرد في القرآن واستعمال اهل اللغة ويراد به الفور وقد يرد ويراد به التراخي وظاهر استعمال اللفظ في شيئين يقتضي انها) اي صيغة افعل (حقيقة فيهما ومشتركة بينهما) اي بين الفور والتراخي اشتراكا لفظيا (وايضا فانه يحسن بلا شبهة ان يستفهم المأمور مع فقد العادات والامارات هل اريد منه) اي من الامر

١٠٦

(التعجيل او التأخير والاستفهام لا يحسن إلّا مع الاحتمال في اللفظ) ولو اختص اللفظ باحدهما او بالقدر المشترك لتبادر ذلك الى الفهم ولا يحتاج الى الاستفهام (والجواب) عن الاول (ان الذي يتبادر من اطلاق الامر ليس إلّا طلب الفعل واما الفور والتراخي فانهما يفهمان من لفظه) اي من لفظ الامر(بالقرينة) وثانيا بالمنع من وقوع الاستعمال فيها وانما المسلم اطلاقه على المقيد بهما(و) الجواب عن الثاني ان الاستفهام لا يدل على كونه بالاشتراك اللفظي لا غير بل (يكفي في حسن الاستفهام كونه) اي كون الأمر(موضوعا للمعنى الأعم) الذي هو طلب الفعل (اذ) الشاهد عليه انه (قد يستفهم عن افراد المتواطئ) مثل لفظ الانسان مثلا مع كونه موضوعا للمعنى الاعم اعني الحيوان الناطق وانما يستفهم عن افراد الكلي المتواطي (لشيوع التجوز) والمجازية(به) اي بالمتواطي (عن احدها) اي عن أحد الافراد اعني الانسان الكامل او ذا رأس واحد مثلا ويصح ان يستفهم المأمور باتيان الانسان هل اردت منه الانسان الكامل أو غيره (فيقصد بالاستفهام رفع الاحتمال ولهذا) اي ولاجل كون الامر موضوعا للطلب الذي هو المعنى الاعم (يحسن فيما نحن فيه ان يجاب) للمستفهم (بالتخير بين الأمرين) اي انت مخير بين الفور والتراخي وهذا(حيث يراد المفهوم) والمعنى اي طلب الفعل (من حيث هو) اي من حيث هو طلب الفعل (من دون ان يكون فيه) اي في الجواب التخيري (خروج) المجيب (عن مدلول اللفظ) يعني انه لا يقال عليه انه في الجواب خرج عما وضع له (ولو كان) الامر(موضوعا لكل واحد منهما) اي من الفور والتراخي (بخصوصه) كما قال به السيد

١٠٧

(لكان في ارادة التخيير بينهما) اي بين الفور والتراخي في قوله انت مخيّر في جواب السائل بقوله هل تريد منه الفور او التراخي (منه) اي من الامر(خروج عن ظاهر اللفظ وارتكاب للتجوز) حين كون طلب الفعل مرادا(و) الحال انه (من المعلوم خلافه) اي خلاف الخروج وخلاف ارتكاب التجوز وهذا يدل على ان الامر موضوع لطلب الفعل لا على الفور ولا على التراخي (فائدة) انا اذا قلنا بان الامر يجوز فيه التراخي فلا نزاع في انه ان فات في اول اوقات الامكان وجب الاتيان به في غيره بمقتضى ذلك الامر و (اما اذا قلنا بان الامر للفور ولم يات المكلف بالمأمور به في اول اوقات الامكان فهل يجب عليه الاتيان به) اي بالمأمور به (في الثاني) اي في ثاني الوقت (ام لا) يجب (فذهب الى كل) واحد(فريق) من الفرقة الاولى ابو بكر الرازي وابو الحسين البصري والقاضي عبد الجبار ومن الثانية ابو الحسن الكرخي وابو عبد الله البصري (احتجوا للاول) اي لوجوب الاتيان في الثاني (بأنّ الامر يقتضي كون المأمور فاعلا على الاطلاق وذلك يوجب استمرار الامر) وفيه ان هذا مناف لما اختاره من البناء على انه للفور ولازمه اقتضاء الامر كون المأمور فاعلا على سبيل الفور لا على سبيل الاطلاق كما قالوا(و) احتجوا(للثاني) اي لعدم وجوب الاتيان في الثاني بل سقوطه فيه (بان قوله افعل يجري مجرى قوله افعل فى الآن الثاني من الامر) اي في الآن الذي اتصل على الامر وذلك لان الامر لو كان للفور والفور عبارة عن الاتيان بالفعل في الزمان المتصل بزمان الامر لكان قوله افعل يجري منه مجرى قوله افعل في الزمان المتصل بزمان التكلم غايته انه

١٠٨

اطلق لفظ افعل مجردا(ولو صرح بذلك لما وجب الاتيان به) اي بالمأمور به (فيما بعد) اي فيما بعد الآن الثاني (هكذا نقل المحقق والعلامة الاحتجاج) اي احتجاج القوم (ولم يرجحا شيئا وبنى العلامة الخلاف) اي جعله مبنيا(على ان قول القائل افعل) مجردا(هل معناه افعل في الوقت الثاني فان عصيت ففي الثالث وهكذا او) لا بل (معناه افعل في الزمن الثاني من غير بيان حال الزمن الثالث وما بعده) قال «ره» (فان قلنا بالاول) اي بان معنى افعل افعل في الآن الثاني فان عصيت ففي الثالث الخ (اقتضى الامر الفعل) اي اتيان المأمور به (في جميع الازمان وان قلنا بالثاني) اي بان معنى افعل افعل في الآن الثاني من دون نظر الى الآن الثالث وما بعده (لم يقتضيه) اي لم يقتض الامر الفعل في جميع الازمان (فالمسألة لغوية) يعني انه لا بد من التحقيق بانه هل هو موضوع لغة لهذا او لذلك انتهى (وقد سبقه) اي العلامة(الى مثل هذا الكلام بعض العامة وهو) اي هذا الكلام اعني بناء العلامة(وان كان صحيحا إلّا انه قليل الجدوى) لان المقصود في المقام تعيين احد الوجهين وإلّا فتحصيل مفهومين ملزومين بطرفي الخلاف مما يمكن في كل خلاف ولا ثمرة فيه بعد خفاء المبنى وبعبارة اخرى (اذ الاشكال) والخلاف (انما هو في مدرك الوجهين) ودليلهما(الذين بنى) العلامة(عليهما) اي على الوجهين (الحكم لا فيهما) اي لا في نفس الوجهين (فكان الواجب ان يبحث عنه) اي عن المدرك وإلّا فلا فائدة في القول ان كان كذا فكذا لانه لا يفيد في مقام الافادة والاستفادة كما قاله العلامة «ره» وجعله مبنى الخلاف ومنشائه بل المبنى والمدرك ما حققه المصنف حيث قال

١٠٩

(والتحقيق) هذا ويمكن دفع هذا الكلام عن العلامة بان يقال ان مقصوده «ره» كون الخلاف في المقام في مدلول الصيغة بحسب اللغة انها هل تفيد لفظا بقاء المطلوب بعد فوات الفور او انها لا تفيد الا وجوب الفعل فورا ولا دلالة فيها كذلك على وجوب الفعل بعد ذلك ولذا قال فالمسألة لغوية والقول ببقاء الوجوب من جهة الاستصحاب مما لا ربط له بمدلول الصيغة فتأمل (في ذلك ان الادلة) السابقة(التي استدلوا بها على ان الامر للفور ليس مفادها) ومفهومها(على تقدير تسليمها) اي تسليم الأدلة وإلّا فقد علمت ضعفهما(متحدا بل) الادلة المتقدمة على قسمين (منها ما يدل على ان الصيغة بنفسها تقتضيه) اي الفور(وهو اكثرها) اي اكثر الادلة وهي تمام الادلة المتقدمة الا السادس (ومنها ما لا يدل على ذلك) اي على كون الصيغة بنفسها تقتضي الفور(وانما تدل على وجوب المبادرة الى امتثال الامر وهو الآيات المأمور فيها الى المسارعة والاستباق) حاصله ان الدليل السادس يعطي الفورية في الاوامر وإلّا فالاوامر في نفسها لا تدل على الفور انما تدل على مطلق طلب الفعل واذا كان كذلك (فمن اعتمد) واستند(في استدلاله على الاولى) اي على ان الصيغة بنفسها تقتضيه (ليس له عن القول بسقوط الوجوب حيث يمضي اول اوقات الامكان مفر) اسم ليس حاصله انه من اعتمد على الادلة الاولى في استدلاله فلا بد له من القول بسقوط وجوب الاتيان اذا فات اول الوقت ولم يات بالمأمور به (لان ارادة الوقت الاول على ذلك التقدير) اي على تقدير اقتضائها بنفسها الفور(بعض مدلول صيغة الامر فكان) قول القائل افعل مجردا(بمنزلة ان يقول اوجبت عليك الامر

١١٠

الفلاني في اول اوقات الامكان ويصير) ما نحن فيه (من قبيل) الواجب (الموقت) ومعنى الموقت هو تقييد المطلوب بوقت معين كتقييد الركعتين المطلوبتين بما بين الفجر وطلوع الشمس مثلا(ولا ريب في فواته) اي في فوات الموقت (بفوات وقته) يعنى أن قوله افعل يدل على الطلب والفور اي ان الامر اراد من هذه الصيغة الطلب مقيدا بالوقت الاول وحيث يمضي اول الوقت يفوت جزء مدلول الصيغة يعني قيده فاذا فات القيد فات المقيد اي الجزء الاول وهو الطلب (ومن اعتمد) في استدلاله (على الاخيرة) اي على ان الصيغة بنفسها لا تقتضي الفور(فله ان يقول بوجوب الاتيان بالفعل) المأمور به (في الثاني) اذا فات اول الوقت ولم يأت بالمأمور به (لان الامر اقتضى باطلاقه وجوب الاتيان بالمأمور به في اي وقت كان) فورا او غيره (و) وجوب الفور بآية سارعوا واستبقوا لا يضر لان (ايجاب المسارعة والاستباق) في الآيتين (لم يصيره) اي المأمور به (موقتا) اي من قبيل الواجب الموقت بل (وانما اقتضى) كل واحد من الآيتين (وجوب المبادرة) الى فعل المأمور به (فحيث يعصي المكلف بمخالفته) اي حيث عصى المكلف بسبب مخالفة الآيتين اللتين تدلان على المبادرة بفعل المأمور به (يبقى مفاد الامر الاول) اي قوله اقيموا الصلاة مثلا(بحاله) ويجب الاتيان في الوقت الثاني ويفوت مقتضى الامر الثاني اعني سارعوا واستبقوا فقط(هذا والذي يظهر من مساق) وسياق (كلامهم ارادة معنى الاول) اي ان الصيغة بنفسها تقتضي الفور(فينبغي حينئذ القول بسقوط الوجوب) اي سقوط وجوب الاتيان في الوقت الثاني اذا فات في الوقت الاول هذا وقد

١١١

رده سلطان «ره» اولا بمنع صيرورته كالموقت على الاول لاحتمال ان يكون التعجيل مرادا من دون مدخلية الزمان فيه مثل الموقت غايته انه اذا لم يفعل فيجب التعجيل ايضا في الزمان الثاني وهكذا وثانيا ان وجوب الفور ان اقتضى التوقيت وخصوصية الزمان المعين فلا يتفاوت الامر بين ما ثبت وجوبه من الصيغة او من الخارج كما اذا ثبت التوقيت من دليل خارج في الموقت فان من يقول بفوات الموقت بفوات وقته لا يفرق بين ما ثبت التوقيت من دليل خارج ام لا واجاب صاحب القوانين «ره» عن الاول بما حاصله ان الظاهر من الصيغة على القول بالفور هو الوجوب في اول الوقت لا ما ذكره المحقق المذكور وعن الثاني بالفرق بين استفادة الفور من الخارج والداخل وقال ان في الاول تكليفين الوجوب والفور والاول اي الوجوب لا ينتفي بانتفاء الثاني اعني الفور بخلاف الثاني لانه تكليف واحد فافهم وكلا الجوابين لا يخلو عن اشكال وليسا الا التحكم والمكابرة فتدبر وتبصر والله الهادي.

(تذنيب) اعلم انه ثمرة القول بالماهية جواز تأخير الفعل وعدم وجوب المبادرة اليه بالدليل الاجتهادي الذي هو دلالة اللفظ وثمرة الاشتراك والوقف هو التوقف الى ان توجد القرينة وثمرة الفور الحمل على الفور

١١٢

(اصل) الامر بالشيء على الاطلاق هل يقتضي ايجاب ما لا يتم إلّا به من المقدمات اولا وتحقيق الكلام فيه يقتضي رسم مقدمات الاولى فى بيان تعريف الواجب المطلق والمقيد وقد ذكر لكل منهما تعريفات منها ما في الفصول من ان المطلق ما لا يتوقف وجوبه بعد الشرائط العامة وهي البلوغ والعقل والقدرة والعلم على شيء كالصلاة بالنسبة الى الوضوء ويقابله المشروط وهو ما يتوقف وجوبه بعدها على شيء كالحجّ بالنسبة الى الاستطاعة ومنها ما عن المشهور من ان الأول ما لا يتوقف وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده كالمثال ايضا والثاني ما يتوقف وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده كالحج ايضا كما ان الحج وجوده موقوف على الاستطاعة كذلك وجوبه ايضا الثانية ان المتبادر من الواجب اذا اطلق هو الواجب المطلق لا المقيد الثالثة ان النزاع المعروف بين القوم هو في مقدمات الواجب المطلق بعد العلم بكونه واجبا مطلقا نعم نزاع السيد «رض» مع بعض العامة انما هو فيما لا يعلم كونه واجبا مطلقا او مقيدا فبعض العامة يحمل ما لا يعلم تقييده ولا اطلاقه على المطلق لما ذكرنا في المقدمة الثانية والسيد يتوقف في ذلك بناء على مذهبه من ان الاصل في الاستعمال ان يكون حقيقة فيما استعمل فيه وقد استعمل الواجب في المطلق والمقيد والمحكي اقوال اربعة الوجوب مطلقا وهو المنسوب الى الاكثر بل حكي عن الآمدي دعوى الاجماع عليه وعدمه

١١٣

كذلك كما عن ظاهر المختصر والمنهاج والوجوب في السبب دون غيره كما عن المصنف «قدس‌سره» وفي الشرط الشرعى دون غيره كما عن الحاجبي والعضدي الرابعة ان ما يتوقف عليه الواجب اما سبب او شرط والسبب ما يلزم من وجوده وجود الشيء ومن عدمه عدمه لذاته فخرج الشرط والمانع فان الشرط هو ما يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط والمانع ما لا يلزم من عدمه عدم شيء ولكن يلزم من وجوده عدمه وكل منها اما شرعي او عقلي او عادي فالسبب الشرعي كالصيغة بالنسبة الى العتق الواجب والغسل بالنسبة الى الطهارة عن الحدث والعقلي كالنظر المحصل للعلم الواجب طلبه بوصف كونه محصلا فانه يلزم من وجود النظر المحصل وجود العلم الواجب ومن عدمه عدمه والعادي كجز الرقبة وقطعها في القتل الواجب وكطي المساحة للوصول الى المكان البعيد ولو بنحو الطيران والركوب والشرط الشرعي كالوضوء بالنسبة الى الصلاة والعقلي كترك الاضداد في الاتيان بالمأمور به والعادي كغسل شيء من العضد لغسل اليد في الوضوء والمانع الشرعي كالحيض للصلاة والعقلي كفعل الضد لفعل الضد الآخر والعادي كالمرض المانع من اتيان الواجب الخامسة ان المراد من الوجوب المتنازع فيه هو الوجوب المولوي للمقدمة وعدمه وانه هل يترشح من وجوب ذي المقدمة وجوب غيري مولوي للمقدمة او لا بل الحاكم بلزوم اتيان المقدمة هو العقل من غير تعلق وجوب غيري وارادة غيرية مترشحة الى المقدمة من جانب المولى وكيف كان اللابدية العقلية لا نزاع فيها من

١١٤

غير فرق بين السبب وغيره والكلام انما هو في الوجوب المولوي ووجود الملازمة عقلا بين وجوب ذي المقدمة وارادته وبين الوجوب المولوي للمقدمة وارادتها او لا ثم انه يظهر من بعضهم جعل النزاع في الوجوب المولوي النفسي من جهة ترتب استحقاق العقوبة على ترك المقدمة بنفسها وهكذا استحقاق الثواب على فعل المقدمة بما هي مقدمة وهو بعيد جدا وسيجيء ما هو التحقيق عن قريب اذا عرفت ذلك فاعلم انه ذهب (الأكثرون على ان الامر بالشيء مطلقا يقتضي ايجاب ما لا يتم إلّا به شرطا كان او سببا او غيرهما) والمراد من الشرط والسبب هو الشرعي ومن الغير العقلي والعادي (مع كونه) اي ما لا يتم والمراد منه هو المقدمة(مقدورا) وقوله مطلقا اما اشارة الى الشرط والسبب وغيرهما ويكون قوله شرطا كان او سببا الخ حينئذ تفصيلا له واما للاحتراز عن الواجب المقيد ويكون قوله مقدورا حينئذ توضيحا له (وفصّل بعضهم فوافق في السبب وخالف في غيره) اي في غير السبب وهو الشرط(فقال بعدم وجوبه) في غير السبب (واشتهرت حكاية هذا القول) اي القول بالتفصيل (عن المرتضى «ره» وكلامه في) كتاب (الذريعة والشافي غير مطابق للحكاية ولكنه) اي كلام السيد «ره» (يوهم ذلك) اي التفصيل (في بادي الرأي) اي في ابتداء النظر الى كتابيه (حيث حكا) السيد(فيهما) اي في الذريعة والشافي (عن بعض العامة اطلاق القول بان مجرد الامر بالشيء) اي بذي المقدمة(امر بما لا يتم إلّا به) اي بالمقدمة من دون نظر الى ان الشيء هل من المطلق او المقيد نظرا الى ان المتبادر من الامر المطلق هو الواجب المطلق كما قلنا في

١١٥

المقدمة الثانية(وقال) المرتضى «ره» (ان الصحيح في ذلك) اي في قول العامة(التفصيل) بناء على مذهبه كما علم في المقدمة الثالثة والنظر الى ان الشيء الذي امر به هل هو من قبيل الواجب المطلق او المقيد والقول على وجوبه في الاول مطلقا وعدمه في الثاني لا التفصيل بين السبب والشرط كما توهم من عبارته ولا كما توهم بعض من انه تفصيل بين المطلق والمقيد في قبال قول العامة لانهم قائلون بوجوبه مطلقا بل اجماع العامة والخاصة واقع على ان مقدمة الواجب المقيد ليست واجبة بهذا الوجوب بل الحق ما ذكرناه في المقدمة الثالثة وبعبارة اخرى الصحيح التفصيل والقول (بانه ان كان الذي لا يتم الشيء الا به سببا فالامر بالمسبب يجب ان يكون امرا به) قطعا باعتبار عدم معقولية المقدمة السببي للواجب المشروط(وان كان) الذي لا يتم الشيء الا به (غير سبب وانما هو) اي غير سبب (مقدمة للفعل) الذي هو ذو المقدمة(وشرط فيه) اي في الفعل وذي المقدمة(لم يجب ان يعقل من مجرد الامر) بذي المقدمة(انه) اي الامر(امر به) اي بالمقدمة لاحتمال الامرين كونه مقدمة للواجب المطلق او مقدمة للواجب المقيد وحينئذ لا بد من التوقف والنظر بكونه من المطلق او المقيد والقول بكونه واجبا في الاول دون الثاني وحاصل مذهبه ان مقدمة المطلق واجبة مطلقا سببا او شرطا ومقدمة المقيد ليست واجبة إلّا ان الترديد والنظر في الشرط لاجل التباسه بين المقدمتين فتدبر حتى لا يختلج بالبال غير ما ذكرنا والله الهادي (ثم) بعد ذكر المبنى (اخذ) اي شرع (في الاحتجاج لما صار اليه) اي الاحتجاج على مذهبه ومبناه واحتج عليه بحجج

١١٦

كثيرة (وقال في جملته) اي في جملة الاحتجاج (ان الامر ورد في الشرع على ضربين) واستعمل في القسمين ايضا(احدهما يقتضي ايجاب الفعل) وذي المقدمة(دون مقدماته كالزكاة والحج فانه لا يجب علينا ان نكتسب المال ونحصل النصاب) هذا في الزكاة(ونتمكن من الزاد والراحلة) وهذا في الحج ويعبر عنه بالواجب المقيد(والضرب الآخر يجب فيه مقدمات الفعل كما يجب هو) اي الفعل (في نفسه وهو الصلاة وما جرى مجريها) اي مجرى الصلاة(بالنسبة الى الوضوء) كصورة نذر الشخص مس كتابة القرآن والمس حينئذ واجب وهو لا يتم إلّا بالوضوء فهو واجب ايضا ويعبر عنه بالواجب المطلق (فاذا انقسم الامر في الشرع الى قسمين) المطلق والمقيد واستعمل فيهما ايضا(فكيف نجعلهما قسما واحدا) بان الامر بالشيء امر بما لا يتم إلّا به حتى يتوهم باعتبار الاستعمال فيهما ان مقدمة كلتيهما واجبة بل لا بد من التفصيل المتقدم (وفرّق) السيد «ره» (في ذلك) اي في مقدمات الواجب المطلق بين السبب وغيره بانه محال ان يوجب علينا المسبب بشرط اتفاق وجود السبب اذ مع وجود السبب لا بد من وجود المسبب اي اذا كان السبب موجودا يكون المسبب موجودا قهرا(إلّا ان يمنع مانع ومحال ان يكلفنا الفعل بشرط وجود الفعل بخلاف مقدمات الافعال) اي التي ليست من المقدمات السببية(فانه يجوز ان يكلفنا الصلاة بشرط ان نكون قد تكلفنا) الظاهر انه بصيغة المتكلم مع الغير من ماضي التفعل (الطهارة كما في الزكاة والحج) اي كما ان الزكاة كان التكليف بها بعد حصول النصاب والحج بعد حصول الاستطاعة ويجوز أيضا

١١٧

التكليف بالصلاة بعد حصول الوضوء وبشرط وقوعه مثل ان يقول ان كنت متوضئا فصل (وبنى) السيد «ره» (على هذا) اي على مختاره من اشتراك الامر لفظا بين الاطلاق والتقييد وعدم وجوب مقدمات الثاني (في) كتاب (الشافي نقض استدلال المعتزلة) يعني ان المعتزلة استدلوا(لوجوب نصب الامام عليه‌السلام على الرعية بان اقامة الحدود واجبة ولا يتم) اي اقامة الحدود(الا به) اي الا بالامام عليه‌السلام وعلى هذا فالنصب واجب على الرعية وحاصل نقض السيد «ره» ان الامر الذي في اقامة الحدود يحتمل ان يكون على وجه التقييد بان يكون وجود الامام عليه‌السلام شرطا في وجوبه يعني ان وجد الامام عليه‌السلام كانت اقامة الحدود واجبة وإلّا فلا واذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال فافهم حتى لا يختلط الامر(وهذا) اي قول السيد ومذهبه (كما تراه ينادي بالمغايرة للمعنى المعروف في كتب الاصول المشهورة لهذا الاصل) وجه المغايرة ان النزاع المعروف بين الاصوليين فيما هو مقدمة للواجب المطلق بعد فرض ذي المقدمة مطلقا ونزاع السيد «ره» مع بعض العامة انما هو فيما لا يعلم كونه مطلقا او مقيدا كما عرفت في المقدمة الثالثة والمستفاد منه ان مقدمات المطلق واجبة قطعا ولا نزاع فيه وانما النظر دفع احتمال وجوب المقيد والحال ان النزاع المعروف كما قلنا في مقدمات المطلق هل هي واجبة مطلقا او لا مطلقا او التفصيل بين السبب والشرط(و) مع ذلك اي مع كونه مغايرا للمعنى المعروف (ما اختاره السيد «ره») من التوقف في الامر المطلق (فيه محل تأمل) لان المتبادر من الامر المطلق فيما اذا قال السيد لعبده مثلا

١١٨

اشتر اللحم من غير تقييد في اللفظ ولا قرينة عليه مع كون الاشتراء موقوفا على المشي مثلا هو كونه واجبا مطلقا كما اشرنا اليه في المقدمة الثانية يعني أنّ اشتراء اللحم مطلوب مطلقا سواء مشى نحوه ام لا(وليس التعرض لتحقيق حاله) اي حال السيد «ره» (هنا بمهم) يعني ان الاعراض عن تحقيق حاله اجدر(فلنعد الى البحث في المعنى المعروف) من جعل النزاع في مقدمات المطلق والبحث فيها فنقول (والحجة) والدليل (لحكم السبب فيه) اي في المعنى المعروف بوجهين اما اولا فهو (انه) اي حكم السبب (ليس محل خلاف يعرف) توصيفه «ره» للخلاف بالمعروفية نظرا الى انه ولو اختلف فيه إلّا انه غير معروف (بل ادعى بعضهم) اي بعض من الاصوليين (فيه) اي في حكم السبب (الاجماع) واما ثانيا فهو (ان القدرة غير حاصلة مع المسببات) والصحيح على المسببات (بدون السبب) يعني ان الكون على السطح بدون الصعود الذي هو سبب له ليس بمقدور حينئذ(فيبعد تعلق التكليف بها) اي بالمسببات وحدها(بل قد قيل ان الوجوب) المفهوم من الامر في قوله كن على السطح مثلا وان تعلق ظاهرا بالمسبب إلّا انه (في الحقيقة لا يتعلق بالمسببات) بل يتعلق بالاسباب (لعدم تعلق القدرة بها) اي بالمسببات وحدها مطلقا سواء كانت بلا أسباب او معها(اما بدون الاسباب فلامتناعها) اي المسببات يعني ان الكون على السطح ممتنع وليس بمقدور بدون الصعود(واما معها) اي مع الاسباب اي مع الصعود مثلا(فلكونها) اي المسببات (حينئذ) اي حين وجود الاسباب (لازمة لا يمكن تركها) اي ترك المسببات مع ان القدرة ما ان

١١٩

شاء فعل وان شاء ترك وبالجملة(فحيثما يرد امر متعلق ظاهرا بمسبب) اي بالكون على السطح مثلا(فهو) اي الامر(في الحقيقة متعلق بالسبب) اي بالصعود(فالواجب حقيقة هو السبب وان كان في الظاهر وسيلة له) اي للمسبب (وهذا الكلام) اي القول بان الوجوب في الحقيقة لا يتعلق بالمسببات باعتبار عدم تعلق القدرة بها(عندي منظور فيه لان المسببات وان كانت القدرة لا يتعلق بها ابتداء لكنها) اي القدرة(تتعلق بها) اي بالمسببات (بتوسط الاسباب وهذا القدر) اي تعلق القدرة بالمسببات بتوسط الاسباب (كاف في جواز التكليف بها) اي بالمسببات وحدها ان قلت ان تعلق التكليف بها وحدها مستبعد قلت : (ثم ان انضمام الاسباب اليها) اي الى المسببات (في التكليف) والقول بان وجوب المسببات مستلزم لوجوب الاسباب (يرفع ذلك الاستبعاد المدعى في حال الانفراد) اي في حال تعلق التكليف بالمسببات وحدها(ومن ثم) اي من اجل ان القدرة تتعلق بالمسببات بتوسط الاسباب (حكى بعض الاصوليّين القول بعدم الوجوب فيه) اي في السبب (ايضا عن بعض ولكنه) اي القول بعدم الوجوب (غير معروف وعلى كل حال فالذي اراه ان البحث في السبب قليل الجدوى لان تعليق الامر بالمسبب نادر) بل الغالب التعليق بالاسباب كالامر بالوضوء والغسل دون رفع الحدث مثلا وعلى هذا لا يرتبط السبب بالمقام اصلا لان البحث في المقام فيما اذا تعلق الامر بذي المقدمة وكان اقتضاؤه ايجاب المقدمة محلا للخلاف والبحث في السبب ليس كذلك (واثر الشك في وجوبه هيّن) لما عرفت من ان القول بعدم وجوبه غير معروف بل كاد ان يكون

١٢٠