كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

وَفَاطِمَةُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِنَّ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ شَتَّى.

وَفِي الشِّيعَةِ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّ فَاطِمَةَ صلی الله علیه وسلم أَسْقَطَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم ذَكَراً كَانَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ حَمْلٌ مُحَسِّناً فَعَلَى قَوْلِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَوْلَادُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَداً وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ طَلْحَةَ رَحِمَهُ اللهُ الْفَصْلُ الْحَادِي عَشَرَ فِي ذِكْرِ أَوْلَادِهِ علیهما السلام اعْلَمْ أَيَّدَكَ اللهُ بِرُوحٍ مِنْهُ أَنَّ أَقْوَالَ النَّاسِ اخْتَلَفَتْ فِي عَدَدِ أَوْلَادِهِ علیهما السلام ذُكُوراً وَإِنَاثاً فَمِنْهُمْ مَنْ أَكْثَرَ فَعَدَّ مِنْهُمُ السِّقْطَ وَلَمْ يُسْقِطْ ذِكْرَ نَسَبِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَهُ وَلَمْ يَرَ أَنْ يَحْتَسِبَ فِي الْعِدَّةِ بِهِ فَجَاءَ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمُقْتَضَى مَا اعْتَمَدَهُ فِي ذَلِكَ وَيَحْسُبُهُ وَالَّذِي نُقِلَ مِنْ كِتَابِ صَفْوَةِ الصَّفْوَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ تَأْلِيفِ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ أَوْلَادَهُ الذُّكُورَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذَكَراً وَأَوْلَادَهُ الْإِنَاثَ تِسْعَةَ عَشَرَ أُنْثَى وَهَذَا تَفْصِيلُ أَسْمَائِهِمْ.

الذُّكُورُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدٌ الْأَكْبَرُ وَعُبَيْدُ اللهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ وَعُثْمَانُ وَجَعْفَرٌ وَعَبْدُ اللهِ وَمُحَمَّدٌ الْأَصْغَرُ وَيَحْيَى وَعَوْنٌ وَعُمَرُ وَمُحَمَّدٌ الْأَوْسَطُ ع.

الْإِنَاثُ زَيْنَبُ الْكُبْرَى وَأُمُّ كُلْثُومٍ الْكُبْرَى وَأُمُّ الْحَسَنِ وَرَمْلَةُ الْكُبْرَى أُمُّ هَانِئٍ وَمَيْمُونَةُ وَزَيْنَبُ الصُّغْرَى وَرَمْلَةُ الصُّغْرَى وَأُمُّ كُلْثُومٍ الصُّغْرَى وَرُقَيَّةُ وَفَاطِمَةُ وَأُمَامَةُ وَخَدِيجَةُ وَأُمُّ الْكِرَامِ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ جَعْفَرٍ وَجُمَانَةُ وَتَقِيَّةُ ، بِنْتٌ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا مَاتَتْ صَغِيرَةً.

وَذَكَرَ قَوْمٌ آخَرُونَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرُوا فِيهِمْ مُحَسِّناً شَقِيقاً لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ علیهما السلام كَانَ سِقْطاً فَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَزَيْنَبُ الْكُبْرَى وَأُمُّ كُلْثُومٍ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِنَ الطُّهْرِ الْبَتُولِ ـ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَمُحَمَّدٌ الْأَكْبَرُ هُوَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَاسْمُهَا خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ قَيْسٍ الْحَنَفِيَّةُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَعُبَيْدُ اللهِ وَأَبُو بَكْرٍ أُمُّهُمَا لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودٍ وَالْعَبَّاسُ وَعُثْمَانُ وَجَعْفَرٌ وَعَبْدُ اللهِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ الْبَنِينَ بِنْتُ حِزَامِ بْنِ خَالِدٍ وَيَحْيَى وَعَوْنٌ أُمُّهُمَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَمُحَمَّدٌ الْأَوْسَطُ أُمُّهُ أُمَامَةُ بِنْتُ

٤٤١

أَبِي الْعَاصِ وَهَذِهِ أُمَامَةُ هِيَ بِنْتُ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأُمُّ الْحَسَنِ وَرَمْلَةُ الْكُبْرَى أُمُّهُمَا أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ عُرْوَةَ فَهَؤُلَاءِ مِنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِنَّ نِكَاحاً وَبَقِيَّةُ الْأَوْلَادِ مِنْ أُمَّهَاتٍ شَتَّى أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ.

وَكَانَ يَوْمَ قَتْلِهِ علیهما السلام عِنْدَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ فِي نِكَاحٍ وَهُنَّ أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ بِنْتُ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَوْتِ خَالَتِهَا الْبَتُولِ فَاطِمَةَ علیهما السلام وَلَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودٍ التَّمِيمِيَّةُ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ وَأُمُّ الْبَنِينَ الْكِلَابِيَّةُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أُمَّ وَلَدٍ.

هذا آخر ما أردت إثباته من مناقب مولانا أمير المؤمنين علیهما السلام وأنا أعتذر إلى كرمه من التقصير وأتنصل من ميلي في جميع مزاياه إلى المعاذير كوني إذ شرعت في إثباتها لم أستقصها وحين عددتها لم أحصها وقد ضرب قبل المثل مكره أخوك لا بطل وما ذاك إلا لعجزي عن الإحاطة بمفاخره وقصوري عن الإتيان بمآثره وكيف أحصي شرف من صاحبه المجد فما جانبه ووافقه السداد فما فارقه وحالفه الرشاد فما خالفه الله يؤيده والقرآن يعضده والرسول يسدده وهمته تنجده والطاهرة زوجته وولدها ولده الطهارة تكتنفه والنسب الهاشمي يعرفه والقرابة القريبة تشرفه والإخوة تقدمه والصهر يعظمه وأنفسنا تكرمه والأب شريف الفخار والعم أسد الله الكرار والأخ جعفر الطيار والأم ذات الشرف والفخار في الدين متين ومن النبي مكين وعلى أسراره أمين ولكشف الكروب عن وجهه ضمين فما الليث الخادر أجرى منه جنانا ولا الغيث الماطر أندى منه بنانا ولا السيف الباتر أمضى منه لسانا الفتى بشهادة جبرئيل المؤمن بأسجال التنزيل المجاهد في ذات الله بحكم البرهان والدليل المتصدق وكل مانع أو بخيل المناجي لما جفا الصديق وضن بالقليل الهادي فما عراه لبس ولا تضليل سيد أبو سيدين فارس بدر وأحد وحنين زوج البتول أبو الريحانتين قرار القلب قرة العين وأي شرف ما افترع هضابه وأي فخر ما أفضى

٤٤٢

ركابه (١) وأي معقل عز ما فتح بابه وأي منار مجد ما امتطى غاربه (٢) وأي أمد جلال ما حاز مشارقه ومغاربه أحاطت به الرئاسة من كل جهاته وظهرت السماحة والحماسة من صلاته (٣) وصولاته وبذ النظراء ولا نظير له في دينه المتين وصلواته وجرى بإرادة الله ورسوله في حركاته وسكناته فعفافه وطهارته متساويان في منامه ويقظاته سيف الله وحجته وصراطه المستقيم ومحجته وما ذا عسى أن أقول وفي أي جلباب أوصافه أجول وفي أي نعوته أطلق لساني وبأي روية أفكر فيما له من المعاني وأين ثمرات سوده من يد الجاني وما قصرت عنها إلا وغيري مقصر ولا قهقرت إلا وغيري مقهقر وما اعتذرت إلا في موضع الاعتذار ولا ثنيت جواد بلاغتي إلا بعد أن قصرت الجياد في هذا المضمار وحبي يقتضي المبالغة في الإكثار وصعوبة هذه السبيل تحملني على الاقتصار وما أشبه الحال بقول من قال

أحبك حبا لو يفض يسيره

على الخلق مات الخلق من شدة الحب

وأعلم أني بعد ذاك مقصر

لأنك في أعلى المراتب من قلبي

فالبيت الثاني وصف حالي ومن الله ذي المعالي أسأل أن يجعل ما اعتمدته في جميع هذا الكتاب خالصا لوجهه الكريم وموجبا لإحسانه العميم وامتنانه الجسيم فبه تعالى وتقدس اهتدينا إلى محبتهم وإليه جل وعلا نتقرب بمودتهم وهم الأدلاء على الكريم والهداة إلى نهجه القويم وصراطه المستقيم والملازمة واضحة الدليل (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ).

________________

(١) فرع الجبل : صعده. وافترع بمعناه. وافترع البكر : أزال بكارتها. والهضاب : أعالي الجبل. والافضاء : الوصول إلى الشئ. وافضى إلى المرأة غشيها وقيل : إذا خلا بها افضى غشى أو لم يغش ، وكأنّ من هذا الباب افضاء المرأة لمن جعل مسلكها مسلكا واحد وفي الكلام استعارة لطيفة لا تخفى على المتأمل.

(٢) امتطى الشيء. جعلها مطية وركبها. والغارب : الكاهل وهو ما بين الكتفين أو موصل العنق في الصلب.

(٣) إشارة إلى قصة اعطائه الخاتم في الركوع ونزول آية«إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ»الخ

٤٤٣

نجز الجزء الأول من كشف الغمة في معرفة الأئمة نقلا من نسخة بخط المولى الصدر الكبير العالم العامل الكامل جامع شتات الفضائل المبرز على الأواخر والأوائل مجد الدين الفضل بن يحيى بن علي بن المظفر بن الطيبي تغمده الله برحمته وحشره بكرمه مع ساداته وأئمته والنسخة المشار إليها منقولة من نسخة الأصل بخط المصنف قدس الله روحه ونور ضريحه مقابلة به وقع الفراغ منه يوم السبت لثلاث ليال بقين من شهر رمضان المبارك من سنة تسع وسبعمائة الهلالية (١) على يد كاتبه أضعف عباد الله وأحوجهم إلى رحمته ـ محمد بن محمد بن حسن بن الطويل الحلي الصفار الساكن يومئذ بواسط القصب رحم الله من نظر فيه وسأل الله مغفرة ذنوبه وستر عيوبه والحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على خير خلقه محمد بن عبد الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الكرام المنتجبين وهو حسبي (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ويتلوه في الجزء الثاني أخبار سيدة نساء العالمين ـ فاطمة ابنة سيد المرسلين محمد صلی الله علیه وسلم وأخبار الأئمة من ولدها علیهما السلام حسب ما شرط في صدر الكتاب والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد النبي وآله الطاهرين.

صورة ما كان مكتوبا على مجلد الأصل بخط المصنف

أسكنه الله بحبوحة جنانه

نجز الجزء الأول من كشف الغمة في معرفة الأئمة على يد جامعه أفقر عباد الله إلى رحمته وشفاعة نبيه وأئمته علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي عفا الله عنه في ثالث شعبان من سنة ثمان وسبعين وستمائة ببغداد في داره بالجانب الغربي على شاطئ دجلة ويتلوه بعون الله وحسن توفيقه في المجلد الثاني أخبار سيدة نساء العالمين فاطمة ابنة سيد المرسلين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليها وعلى بعلها وأخبار الأئمة من ولدها علیهما السلام حسب ما شرطناه في صدر هذا الكتاب والحمد لله بجميع محامده كما هو أهله ومستحقه وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين

________________

(١) وقد اختلفت النسخ هنا ففي نسخة «يوم الاثنين» بدل «السبت» وتسع عشرة وسبعمائة ـ بزيادة «عشرة» بعد تسع.

٤٤٤

الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.

إلى هنا كلام المؤلف ره ورضي عنه وأرضاه بحق سيد العالمين محمد وآله المعصومين وحشره معهم في عقبى.

وكان على أصل هذه النسخة إجازة ـ لمجد الدين الفضل بن يحيى الطيبي

رحمه‌الله تعالى

من جامع هذا الكتاب قدس الله روحه ونور ضريحه وجعل الأئمة الاثني عشر علیهما السلام في الجنة مصابيحه بمنه وسعة رحمته وهذه صورتها :

قرأت هذا الكتاب وهو الجزء الأول من كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة على جامعه المولى الصدر والصاحب الكبير المعظم مولى الأيادي ملك العلماء والفضلاء واسطة العقد أبي الحسن علي بن السعيد فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الإربلي أطال الله عمره وأجزل ثوابه وحشره مع أئمته وسمعه الجماعة المسمون فيه وهم الصدر عماد الدين عبد الله بن محمد بن مكي والشيخ العالم الفقيه شرف الدين أحمد بن عثمان النصيبي المدرس المالكي وشرف الدين أحمد بن الصدر تاج الدين محمد ولد مؤلفه ووالده المذكور سمعا بعضا وأجيز لهما الباقي والصدر الكبير عز الدين أبو علي الحسن بن أبي الهيجاء الإربلي وتاج الدين أبو الفتح بن حسين بن أبي بكر الإربلي سمع الجميع والشيخ العالم مولانا ملك الفضلاء والعلماء أمين الدين عبد الرحمن بن علي بن أبي الحسن الجزري الأصل الموصلي المنشأ سمعه أجمع معارضا بنسخة الأصل وحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن عياش الموصلي سمعه جميعه ومحمود بن علي بن أبي القاسم سمع بعضا وأجيز البعض والشيخ العالم تقي الدين إبراهيم بن محمد بن سالم سمع المجلسين الأخيرين وأجيز له الباقي وكتب العبد الفقير إلى رحمة الله وشفاعة نبيه محمد صلی الله علیه وسلم والأئمة الطاهرة الفضل بن يحيى بن علي بن المظفر بن الطيبي كاتبه وذلك في مجالس عدة آخرها الإثنين رابع عشري شهر رمضان المبارك من سنة إحدى وتسعين وستمائة

٤٤٥

وصلواته على سيدنا محمد صلی الله علیه وسلم وسمع السيد شمس الدين محمد بن الفضل العلوي الحسني بعضا وأجيز له البعض وكتب في التاريخ المذكور وهو رابع عشر شهر رمضان من السنة.

هذا صحيح وقد أجزت لهم نفعهم الله لهم وإيانا رواية ذلك عني بشروطه وكتب العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى عبد الله علي بن عيسى بن أبي الفتح في التاريخ حامدا لله ومصليا على رسوله وآله الطاهرين وسمع علي [عيسى] بن محمد ابن جامعه بعضا وأجيز الباقي وكتب علي بن عيسى.

تمت

٤٤٦

الجزو الثانى

من كتاب الغمة في معرفة الأئمة صلوت الله عليهم اجمعين

جمع الصاحب الكبير المعظم جامع شتات الفضائل المبرز في جلسات السبق على الأواخر والأوائل مالك أزمة البيان واسطة عقد الزمان ملك الفصحاء قدوة البلغاء بهاء الحق والملة والدين ركن الإسلام والمسلمين أبي الحسن علي بن السعيد فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الإربلي تغمده الله برحمته ورضوانه وأجزل له مضاعفات الخير من فضله وكرمه وإحسانه وأسكنه على الغرفات في دار خلده وجنانه بكرمه وامتنانه إنه جواد كريم ذو الطول العظيم والفضل العميم وهو حسبنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى).

قال المؤلف علي بن عيسى بن أبي الفتح أيده الله تعالى لا شبهة أن بني علي علیهما السلام لهم شرف ظاهر على بني الأعمام وفضائل تجري على ألسنة الخاص والعام ومناقب يرويها كابر عن كابر (١) وسجايا يهديها أول إلى آخر لما ثبت لأمير المؤمنين

________________

(١) الكابر : الكبير الرفيع الشأن والشرف.

٤٤٧

علیهما السلام من المفاخر المشهورة والمآثر المأثورة والأفعال التي هي في صفحات الأيام مسطورة وبألسنة الكتاب والأثر مشكورة ولما له من حق السابقة إلى الإسلام والجهاد الذي ثل به عروش عباد الأصنام (١) ولمواقفه التي ذب بها عن رسول الله وقد لاذ من لاذ بالانهزام ولمواساته له في اليقظة وبذل نفسه دونه في المنام ولموضع تربيته إياه وتفرسه فيه الاستعداد وما قارب سن الاحتلام وهذه الصفات تستند إلى نصوص لا شك فيها ولا لبس وكيف لا وقد خصه من تقريبه بما لم يزل يومه فيه مربيا على الأمس ورفعه في درج الاصطفاء منتقلا من الكوكب إلى القمر إلى الشمس ونبه على مكانه منه بلسان القرآن نائبا عنه فجعله بمنزلة النفس فعلا شرفه بذلك عن المحاولة وارتفعت سماؤه عن اللمس ومع هذه الشيم والخلال فقد استضافوا بفاطمة علیهما السلام إلى مزاياهم مزايا وأنار بها شرفهم فأشرق إشراق المزايا وزادوا بها عزا أفادهم المرباع من المجد والصفايا (٢) وقضى لهم القدر بعلو القدر في كل القضايا ولبني فاطمة علیهما السلام على إخوتهم من بني علي شرف إذا عدت مراتب الشرف ومكانة حصلوا منها في الرأس وإخوتهم في الطرف وجلالة أدرعوا برودها وعزة ارتضعن برودها وعلاء بلغ السماء ذات البروج ومحل علا توقلوه فلم يطمع غيرهم في الارتقاء إليه والعروج فإنهم شاركوا بني أبيهم في سؤدد الآباء وانفردوا بسؤدد الأمهات وقد أوضح الله ذلك فقال (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) فجمعوا بين مجدين تليد وطريف وضموا إلى علامة تعريفهم علامة تعريف وعدوا النبي صلی الله علیه وسلم أبا وجدا وارتدوا من نسبه من قبل أبيهم بردا ومن قبل أمهم بردا فأصبح كل منهم معلم لطرفين ظاهر الشرفين مترفعا عن الأمثال والأنظار متعاليا عن أعين النظار سابقا من يجاريه إلى المضمار وهذا مجال للقلم فيه سنح وإجمال له إيضاح وشرح.

فلنبدأ الآن بذكر فاطمة علیهما السلام التي زاد إشراق هذا النسب بإشراق أنوارها واكتسب فخرا ظاهرا من فخارها واعتلى على الأنساب بعلو منارها

________________

(١) ثل عرش القوم اي ذهب عزهم وهدم ملكهم.

(٢) المرباع : ربع الغنيمة الذي كان يأخذه الرئيس لنفسه.

٤٤٨

وشرف قدره بشرف محلها ومقدارها فهي مشكاة النبوة التي أضاء لألاؤها وتشعشع ضياؤها وسحت بسحب الغر أنواؤها وعقيلة الرسالة التي علت السبع الشداد مراتب على وعلاء ومناصب آل وآلاء ومناسب سنا وسناء الكريمة الكريمة الأنساب الشريفة الشريفة الأحساب الطاهرة الطاهرة الميلاد الزهراء الزاهرة الأولاد السيدة بإجماع أهل السداد الخيرة من الخير ثالثة الشمس والقمر بنت خير البشر أم الأئمة الغرر الصافية من الشوب والكدر الصفوة على رغم من جحد أو كفر الحالية بجواهر الجلال الحالة في أعلى رتب الكمال المختارة على النساء والرجال صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها السادة الأنجاب وارثي النبوة والكتاب وسلم وشرف وكرم وعظم.

فاطمة عليها سلام

قال المؤلف علي بن عيسى بن أبي الفتح أيده الله تعالى أذكر على عادتي ما ورد في أمرها من طرق الجمهور وأذكر بعد ذلك ما أورده أصحابنا.

قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ فِي تَارِيخِ مَوَالِيدِ وَوَفَاةِ أَهْلِ الْبَيْتِ نَقَلَهُ عَنْ شُيُوخِهِ يَرْفَعُهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ وُلِدَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ مَا أَظْهَرَ اللهُ نُبُوَّةَ نَبِيِّهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيَ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْبَيْتَ وَتُوُفِّيَتْ وَلَهَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَخَمْسَةً وَسبعين [سَبْعُونَ] يَوْماً وَفِي رِوَايَةِ صَدَقَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهْرٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً وَكَانَ عُمُرُهَا مَعَ أَبِيهَا علیهما السلام بِمَكَّةَ ثَمَانِيَةَ سِنِينَ وَهَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَشْرَ سِنِينَ فَكَانَ عُمُرُهَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَقَامَتْ مَعَ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْماً وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَرْبَعِينَ يَوْماً وَقَالَ الذَّارِعُ أَنَا أَقُولُ فَعُمُرُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهْرٌ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَوَلَدَتِ الْحَسَنَ وَلَهَا إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ آخر كلامه.

ونقلته من نسخة بخط ابن وضاح على ما كتبه بصورته وقد أجاز لي رواية

٤٤٩

كلما يرويه ونقلت من كتاب معالم العترة النبوية العلية ومعارف أئمة أهل البيت الفاطمية العلوية تصنيف الحافظ أبي محمد عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي رحمه‌الله وهذا الكتاب أرويه إجازة عن الشيخ تاج الدين علي بن أنجب بن الساعي رحمه‌الله عن مصنفه قال أم الأئمة فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وسلم وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد رضوان الله عليها.

وَرَوَى بِأَسَانِيدِهِ مَرْفُوعاً إِلَى قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ وَخَيْرُ نِسَائِهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ.

وَبِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَرْفَعُهُ إِلَى أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ.

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام.

وَمِنْهُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لِفَاطِمَةَ علیهما السلام أَلَا أُبَشِّرُكِ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ.

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَاطِمَةُ خَيْرُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ.

وَمِنْهُ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَمْعِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَعَلَيْهَا رَيْطَتَانِ (١) خَضْرَاوَانِ قال أبو مسلم قال لي أبو قلابة وكان معنا عند عبد الحميد حلتان حمراوان.

وَبِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم قَالَتْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ

________________

(١) الريطة : الملاءة (وهو ثوب رقيق لين) إذا كانت قطعة واحدة ونسجا واحدا.

٤٥٠

اللهِ صلی الله علیه وسلم عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَقَالَ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَاهَى بِكُمْ وَغَفَرَ لَكُمْ عَامَّةً وَلِعَلِيٍّ خَاصَّةً وَإِنِّي رَسُولُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْكُمْ غَيْرُ مُحَابٍّ لِقَرَابَتِي إِنَّ السَّعِيدَ كُلَّ السَّعِيدِ مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيّاً يَقُولُ اسْتَأْذَنَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَا مُضَاجِعُ فَاطِمَةَ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ إِلَى جَنْبِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ هَذَا يَعْنِي عَلِيّاً وَابْنَيْكِ (١) وَهُمَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَكَانَ وَاحِدٍ.

قلت كذا رأيته في هذه النسخة وأنا أنقله من غير هذا الكتاب أوضح من هذا أذكره في مكانه إن شاء الله تعالى.

وَنَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَقَالَ مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَمِنْهُ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذَا سَافَرَ آخِرُ عَهْدِهِ بِإِنْسَانٍ مِنْ أَهْلِهِ فَاطِمَةُ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِذَا قَدِمَ فَاطِمَةُ علیهما السلام قَالَ فَقَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ فَأَتَاهَا فَإِذَا هُوَ بِمَسْحٍ عَلَى بَابِهَا (٢) وَرَأَى عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ علیهما السلام قُلْبَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ (٣) فَرَجَعَ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ فَاطِمَةُ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ مَا رَأَى فَهَتَكَتِ السِّتْرَ وَنَزَعَتِ الْقُلْبَيْنِ مِنَ الصَّبِيَّيْنِ فَقَطَعَتْهُمَا فَبَكَى الصِّبْيَانُ فَقَسَمَتْهُ بَيْنَهُمَا فَانْطَلَقَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُمَا يَبْكِيَانِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مِنْهُمَا وَقَالَ يَا ثَوْبَانُ اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى بَنِي

________________

(١) كذا في أكثر النسخ وفي نسخة «وابناه».

(٢) المسح ـ بالكسر ـ الكساء من شعر.

(٣) قال الجزريّ وفي حديث ثوبان : ان فاطمة أحلت الحسن والحسين بقلبين من فضة القلب : (بالضم) : السوار. قلت : ويقال له بالفارسية «دستبند».

٤٥١

فُلَانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ وَاشْتَرِ لِفَاطِمَةَ قِلَادَةً مِنْ عَصَبٍ (١) وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَأْكُلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا.

وَمِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ سَأَلَتْنِي أُمِّي مَتَى عَهْدُكَ بِالنَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ فَقُلْتُ لَهَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَنَالَتْ مِنِّي (٢) وَسَبَّتْنِي قَالَ فَقُلْتُ لَهَا دَعِينِي فَإِنِّي آتِي النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم فَأُصَلِّي مَعَهُ الْمَغْرِبَ ثُمَّ لَا أَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لِي وَلَكِ قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ فَصَلَّى النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم الْعِشَاءَ ثُمَّ انْفَتَلَ (٣) فَتَبِعْتُهُ فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ فَنَاجَاهُ ثُمَّ ذَهَبَ فَاتَّبَعْتُهُ فَسَمِعَ صَوْتِي فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ حُذَيْفَةُ قَالَ مَا لَكَ فَحَدَّثْتُهُ بِالْأَمْرِ فَقَالَ غَفَرَ اللهُ لَكَ وَلِأُمِّكَ ثُمَّ قَالَ أَمَا رَأَيْتَ الْعَارِضَ الَّذِي عَرَضَ لِي قَبْلَ قَالَ قُلْتُ بَلَى قَالَ هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ يَهْبِطْ إِلَى الْأَرْضِ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ وَيُبَشِّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ.

وَمِنْهُ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم

________________

(١) العصب ـ بفتح اللام وسكون العين ـ ضرب من برود اليمن سمى عصبا لان غزله يعصب اي يدرج ثمّ يحاك ، وقال الجزريّ في الحديث أنه قال لثوبان اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج ، قال الخطابي في المعالم : ان لم تكن الثياب اليمانية فلا أدرى ما هي وما أرى ان القلادة تكون منها ، وقال أبو موسى يحتمل عندي ان الرواية انما هي العصب بفتح الصاد وهي أطناب مفاصل الحيوانات. وهو شيء مدور فيحتمل انهم كانوا يأخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز ، فإذا يبس يتخذون منه القلائد وإذا جاز وأمكن أن يتخذ من عظام السلحفاة (دابة برية ونهرية وبحرية) وغيرها الأسورة جاز وأمكن ان يتخذ من عصب أشباهها خرز تنظم منه القلائد ، قال : ثم ذكر لي بعض أهل اليمن ان العصب سن دابة بحرية تسمى فرس فرعون يتخذ منها الخرز وغير الخرز من نصاب سكين وغيره ويكون أبيض.

(٢) نال من عرض فلان : سبه.

(٣) انفتل : صلي النوافل.

٤٥٢

إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ.

وَمِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ علیهما السلام تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ مَرْحَباً يَا ابْنَتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثاً فَبَكَتْ فَقُلْتُ اسْتَخَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِحَدِيثِهِ ثُمَّ تَبْكِينَ ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثاً فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحاً أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأَفْشِي سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم سَأَلْتُهَا فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَيَّ فَقَالَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ علیهما السلام كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقاً بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ فَقَالَ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.

وَمِنْهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم دَعَا ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ فَسَارَّهَا فَبَكَتْ ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ أَمَّا حَيْثُ بَكَيْتُ فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ فَبَكَيْتُ ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ لُحُوقاً بِهِ فَضَحِكْتُ.

" وَرَوَى الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْجَنَابِذِيُّ الْمَذْكُورُ آنِفاً فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشْبَهَ حَدِيثاً وَكَلَاماً بِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مِنْ فَاطِمَةَ وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَخَذَ بِيَدِهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ وَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَأَجْلَسَتْهُ فِي مَكَانِهَا (مِنْ غَيْرِ الْكِتَابِ وَلَعَلَّ النَّاسِخِ سَهَا فَالْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ) فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَذَكَرَتْ بِمَعْنَاهُ مِنَ السِّرَارِ وَالضَّحِكِ وَالْبُكَاءِ.

٤٥٣

أقول هذا الحديث قد ورد من عدة طرق وقد دل بمضمونه على أن فاطمة علیهما السلام هي سليلة النبوة ورضيعة در الكرم والأبوة ودرة صدف الفخار وغرة شمس النهار وذبالة مشكاة الأنوار وصفوة الشرف والجود وواسطة قلادة الوجود نقطة دائرة المفاخر قمر هالة المآثر الزهرة الزهراء والغرة الغراء العالية المحل الحالة في رتبة العلاء السامية المكانة المكينة في عالم السماء المضيئة النور المنيرة الضياء المستغنية باسمها عن حدها ووسمها قرة عين أبيها وقرار قلب أمها الحالية بجواهر علاها العاطلة من زخرف دنياها أمة الله وسيدة النساء جمال الآباء شرف الأبناء يفخر آدم بمكانها ويبوح نوح بشدة شأنها ويسمو إبراهيم بكونها من نسله وينجح إسماعيل على إخوته إذ هي فرع أصله وكانت ريحانة محمد من بين أهله فما يجاريها في مفخر إلا مغلب ولا يباريها في مجد إلا مؤنب ولا يجحد حقها إلا مأفون ولا يصرف عنها وجه إخلاصه إلا مغبون.

وبيان ذلك وتفصيل جمله أن الطباع البشرية مجبولة على كراهة الموت مطبوعة على النفور منه محبة للحياة مائلة إليها حتى الأنبياء علیهما السلام على شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله تعالى ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تئول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه وقصة آدم علیهما السلام مع طول عمره وامتداد أيام حياته معلومة.

قِيلَ إِنَّهُ وَهَبَ دَاوُدَ علیهما السلام حِينَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ ذُرِّيَّتُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ فَلَمَّا اسْتَوْفَى أَيَّامَهُ وَحَانَتْ مَنِيَّتُهُ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ أَجَلِهِ وَحُمَّ حِمَامُهُ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ يَقْبِضُهُ نَفْسَهُ الَّتِي هِيَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ فَلَمْ تَطِبْ بِذَلِكَ نَفْسُهُ وَجَزِعَ وَقَالَ إِنَّ اللهَ عَرَّفَنِي مُدَّةَ عُمُرِي وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَقَالَ إِنَّكَ وَهَبْتَهَا ابْنَكَ دَاوُدَ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ.

وَنُوحٌ علیهما السلام كَانَ أَطْوَلَ الْأَنْبِيَاءِ عُمُراً أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ لَبِثَ فِي قَوْمِهِ (أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) فَلَمَّا دَنَا أَجَلُهُ قِيلَ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا فَقَالَ كَدَارٍ

٤٥٤

ذَاتِ بَابَيْنِ دَخَلْتُ فِي بَابٍ وَخَرَجْتُ مِنْ بَابٍ ؛ وهذا يدل بمفهومه على أنه لم يرد الموت ولم يؤثر مفارقة الدنيا ولا استطال أمد الإقامة فيها.

وَإِبْرَاهِيمُ علیهما السلام رُوِيَ أَنَّهُ سَأَلَ اللهَ تَعَالَى أَنْ لَا يُمِيتَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ الَّتِي قُدِّرَتْ لَهُ خَرَجَ فَرَأَى مَلَكاً عَلَى صُورَةِ شَيْخٍ فَانٍ كَبِيرٍ قَدْ أَعْجَزَهُ الضَّعْفُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ الْخِرَافُ (١) وَلُعَابُهُ يَجْرِي عَلَى لِحْيَتِهِ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ يَخْرُجَانِ مِنْ سَبِيلِهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَقَالَ لَهُ يَا شَيْخٌ كَمْ عُمُرُكَ فَأَخْبَرَهُ بِعُمُرٍ يَزِيدُ عَلَى عُمُرِ إِبْرَاهِيمَ سَنَةً فَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ أَنَا أُصَيِّرُ بَعْدَ سَنَةٍ إِلَى هَذِهِ الْحَالِ فَسَأَلَ الْمَوْتَ.

وَمُوسَى علیهما السلام لَمَّا جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ لَطَمَهُ فَأَعْوَرَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ رَبِّ إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُحِبُّ الْمَوْتَ فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ ضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ وَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ وَارَتْهَا يَدُكَ سَنَةٌ فَقَالَ ثُمَّ مَا ذَا فَقَالَ الْمَوْتُ فَقَالَ انْتَهِ إِلَى أَمْرِ رَبِّكَ في كلام هذا معناه فإن الحديث لم يحضرني وقت نقل هذا الموضع فأثبته بصورة ألفاظه.

فهؤلاء الأنبياء صلی الله علیه وسلم وهم ممن عرفت شرفهم وعلا شأنهم وارتفاع مكانهم ومحلهم في الآخرة وقد عرفوا ذلك وأبت طباعهم البشرية إلا الرغبة في الحياة وفاطمة علیهما السلام امرأة حديثة عهد بصبى ذات أولاد صغار وبعل كريم لم تقض من الدنيا إربا (٢) وهي في غضارة عمرها وعنفوان شبابها يعرفها أبوها أنها سريعة اللحاق به فتسلو موت أبيها صلی الله علیه وسلم وتضحك طيبة نفسها بفراق الدنيا وفراق بنيها وبعلها فرحة بالموت مائلة إليه مستبشرة بهجومه مسترسلة عند قدومه وهذا أمر عظيم لا تحيط الألسن بصفته ولا تهتدي القلوب إلى معرفته وما ذاك إلا لأمر علمه الله من أهل هذا البيت الكريم وسر أوجب لهم مزية التقديم فخصهم بباهر معجزاته وأظهر عليهم آثار علائمه وسماته وأيدهم ببراهينه الصادعة

________________

(١) الخراف : فساد العقل من الكبر.

(٢) الإرب ـ بالكسر ـ : الحاجة.

٤٥٥

ودلالاته والله أعلم حيث يجعل رسالاته الحديث ذو شجون

وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَفَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَائِهِمْ صلی الله علیه وسلم إِلَّا مَا كَانَ لِمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ فأما آية الطهارة :

فقد أوردها أحمد بن حنبل رحمة الله عليه في مسنده عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما بطرق كثيرة لفاطمة علیهما السلام ولولديها علیهما السلام فيها من الحظ ما لعلي علیهما السلام وقد أوردتها في أخباره صلی الله علیه وسلم فلم أعدها هنا وَرَوَى ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ الْآلِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَنْبَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ قُضَاعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاذٍ عَبْدَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَوْلَايَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَبَخْتَرَا فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ آدَمُ لِحَوَّاءَ مَا خَلَقَ اللهُ خَلْقاً هُوَ أَحْسَنُ مِنَّا فَأَوْحَى اللهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ ائْتِ بِعَبْدِي الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى فَلَمَّا دَخَلَا الْفِرْدَوْسَ نَظَرَ إِلَى جَارِيَةٍ عَلَى دُرْنُوكٍ مِنْ دَرَانِيكِ الْجَنَّةِ (١) وَعَلَى رَأْسِهَا تَاجٌ مِنْ نُورٍ وَفِي أُذُنَيْهَا قُرْطَانِ مِنْ نُورٍ قَدْ أَشْرَقَتِ الْجِنَانُ مِنْ نُورِ وَجْهِهَا فَقَالَ آدَمُ حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ مَنْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي قَدْ أَشْرَقَتِ الْجِنَانُ مِنْ حُسْنِ وَجْهِهَا (٢) فَقَالَ هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ نَبِيٍّ مِنْ وُلْدِكَ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَالَ فَمَا هَذَا التَّاجُ الَّذِي عَلَى رَأْسِهَا قَالَ بَعْلُهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الْبَعْلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ الزَّوْجُ وَالصَّنَمُ مِنْ قَوْلِهِ (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) وَالْبَعْلُ اسْمُ امْرَأَةٍ وَبِهَا سُمِّيَتْ بَعْلَبَكَ وَالْبَعْلُ مِنَ النَّخْلِ مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ وَالْبَعْلُ السَّمَاءِ وَالْعَرَبِ تَقُولُ السَّمَاءُ بَعْلُ الْأَرْضِ)

________________

(١) الدرنوك : ستر له خمل.

(٢) وفي نسخة «من نور وجهها».

٤٥٦

قَالَ فَمَا الْقُرْطَانِ اللَّذَانِ فِي أُذُنَيْهَا قَالَ وَلَدَاهَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ قَالَ آدَمُ حَبِيبِي أَخُلِقُوا قَبْلِي قَالَ هُمْ مَوْجُودُونَ فِي غَامِضِ عِلْمِ اللهِ (١) قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ.

وَعَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ مِنْ كِتَابِ الْآلِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهما السلام عَنْ عَلِيٍّ صلی الله علیه وسلم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم.

وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ رِجَالِهِ يَعْرِفُهُ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ يَا أَهْلَ الْجَمْعِ نَكِّسُوا رُءُوسَكُمْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ علیهما السلام عَلَى الصِّرَاطِ فَتَمُرُّ وَمَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ جَارِيَةٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ.

وَمِنْهُ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَرَّ بِبَابِ فَاطِمَةَ علیهما السلام فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ الصَّلَاةَ (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

وَمِنْ كِتَابِ الْآلِ مَرْفُوعاً إِلَى مَالِكِ بْنِ حَمَامَةَ قَالَ طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مُتَبَسِّماً يَضْحَكُ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا الَّذِي أَضْحَكَكَ قَالَ بِشَارَةٌ أَتَتْنِي مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ابْنِ عَمِّي وَأَخِي وَابْنَتِي أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا زَوَّجَ فَاطِمَةَ علیهما السلام أَمَرَ رِضْوَانَ فَهَزَّ شَجَرَةَ طُوبَى فَحَمَلَتْ رِقَاقاً يَعْنِي بِذَلِكَ صِكَاكاً (٢) بِعَدَدِ مُحِبِّينَا أَهْلَ الْبَيْتِ ثُمَّ أَنْشَأَ مِنْ تَحْتِهَا مَلَائِكَةً مِنْ نُورٍ مِنْ بَعْدُ فَأَخَذَ كُلُّ مَلَكٍ رِقّاً فَإِذَا اسْتَوَتِ الْقِيَامَةُ بِأَهْلِهَا مَاجَتِ الْخَلَائِقُ وَالْمَلَائِكَةُ

________________

(١) الغامض من الشيء خلاف الواضح.

(٢) وهو الكتاب.

٤٥٧

فَلَا يَلْقَوْنَ مُحِبّاً لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَحْضاً إِلَّا أَعْطَوْهُ رِقّاً فِيهِ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ فَنِثَارُ أَخِي وَابْنِ عَمِّي وَابْنَتِي فَكَاكُ رِقَابِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ مِنْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ هذا الحديث ذكرته في أخبار علي علیهما السلام وذكرته هنا لما فيه من ذكر فاطمة علیهما السلام وكان ذكره عند تزويجه بها علیهما السلام أولى وأينما ذكر فهو دال على شرفهما صلى الله عليهما.

وَمِنْ كِتَابِ الْآلِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم أَنَّهُ قَالَ يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللهَ لَيَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ.

وقد جمع الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي نزيل الري رحمه‌الله من أصحابنا كتابا مقصورا على مولد فاطمة علیهما السلام وفضائلها وتزويجها وظلامتها ووفاتها ومحشرها صلوات الله على أبيها وعليها وعلى بعلها وعلى الأئمة من ذريتها وأنا أذكر على عادتي ما يسوغ ذكره وإن كان مما نقله الجمهور نبهت عليه جريا على طريقتي فيه وبالله التوفيق.

رَوَى حَدِيثاً مَرْفُوعاً إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَنِي وَخَلَقَ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنْ نُورٍ فَعَصَرَ ذَلِكَ النُّورَ عَصْرَةً فَخَرَجَ مِنْهُ شِيعَتُنَا فَسَبَّحْنَا فَسَبَّحُوا وَقَدَّسْنَا فَقَدَّسُوا وَهَلَّلْنَا فَهَلَّلُوا وَمَجَّدْنَا فَمَجَّدُوا وَوَحَّدْنَا فَوَحَّدُوا ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَخَلَقَ الْمَلَائِكَةَ فَمَكَثَتِ الْمَلَائِكَةُ مِائَةَ عَامٍ لَا تَعْرِفُ تَسْبِيحاً وَلَا تَقْدِيساً فَسَبَّحْنَا فَسَبَّحَتْ شِيعَتُنَا فَسَبَّحَتِ الْمَلَائِكَةُ وَكَذَلِكَ فِي الْبَوَاقِي فَنَحْنُ الْمُوَحِّدُونَ حَيْثُ لَا مُوَحِّدَ غَيْرُنَا وَحَقِيقٌ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا اخْتَصَّنَا وَاخْتَصَّ شِيعَتَنَا أَنْ يَنْزِلَنَا وَشِيعَتَنَا فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَانَا وَاصْطَفَى شِيعَتَنَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَكُونَ أَجْسَاماً فَدَعَانَا فَأَجَبْنَا فَغَفَرَ لَنَا وَلِشِيعَتِنَا مِنْ قَبْلِ أَنْ نَسْتَغْفِرَ اللهَ تَعَالَى.

قلت قد اختصرت بعض ألفاظ هذا الحديث بقولي وكذا في البواقي لأن فيه وقدسنا فقدست شيعتنا فقدست الملائكة إلى آخرها ونبهت على ذلك لتعلمه

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

٤٥٨

خَلَقَنِي وَعَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ دَخَلَتْ عَائِشَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ يُقَبِّلُ فَاطِمَةَ صلی الله علیه وسلم فَقَالَتْ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُقَبِّلُهَا وَهِيَ ذَاتُ بَعْلٍ فَقَالَ لَهَا أَمَا وَاللهِ لَوْ عَلِمْتِ وُدِّي لَهَا إِذًا لَازْدَدْتِ لَهَا حُبّاً إِنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَصِرْتُ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ أَذَّنَ جَبْرَئِيلُ وَأَقَامَ مِيكَائِيلُ ثُمَّ قَالَ لِيَ ادْنُ فَقُلْتُ أَدْنُو وَأَنْتَ بِحَضْرَتِي فَقَالَ لِي نَعَمْ إِنَّ اللهَ فَضَّلَ أَنْبِيَاءَهُ الْمُرْسَلِينَ عَلَى مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَفَضَّلَكَ أَنْتَ خَاصَّةً فَدَنَوْتُ فَصَلَّيْتُ بِأَهْلِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَلَمَّا صَلَّيْتُ وَصِرْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ إِذَا أَنَا بِمَلَكٍ مِنْ نُورٍ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِهِ صَفٌّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَعَنْ يَسَارِهِ صَفٌّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ فَأَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَيُّهَا الْمَلَكُ سَلَّمَ عَلَيْكَ حَبِيبِي وَخِيَرَتِي مِنْ خَلْقِي فَرَدَدْتَ السَّلَامَ عَلَيْهِ وَأَنْتَ مُتَّكِئٌ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَتَقُومَنَّ وَلَتُسَلِّمَنَّ عَلَيْهِ وَلَا تَقْعُدَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَوَثَبَ الْمَلَكُ وَهُوَ يُعَانِقُنِي وَيَقُولُ مَا أَكْرَمَكَ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُحَمَّدُ.

فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْحُجُبِ نُودِيتُ (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ) فَأُلْهِمْتُ فَقُلْتُ (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) ثُمَّ أَخَذَ جَبْرَئِيلُ علیهما السلام بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ وَأَنَا مَسْرُورٌ فَإِذَا أَنَا بِشَجَرَةٍ مِنْ نُورٍ مُكَلَّلَةٍ بِالنُّورِ وَفِي أَصْلِهَا مَلَكَانِ يَطْوِيَانِ الْحُلِيَّ وَالْحُلَلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامِي فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ لَا صَدْعَ فِيهَا وَلَا وَصْلَ فَقُلْتُ حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالَ لِابْنِكَ الْحَسَنُ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامِي فَإِذَا أَنَا بِتُفَّاحٍ لَمْ أَرَ تُفَّاحاً هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ فَأَخَذْتُ تُفَّاحَةً فَفَلَقْتُهَا فَإِذَا أَنَا بِحَوْرَاءَ كَأَنَّ أَجْفَانَهَا مَقَادِيمُ أَجْنِحَةِ النُّسُورِ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتِ فَبَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ أَنَا لِابْنِكَ الْمَقْتُولِ ظُلْماً الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامِي فَإِذَا أَنَا بِرُطَبٍ أَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ الزُّلَالِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ فَأَكَلْتُ رُطَبَةً مِنْهَا وَأَنَا أَشْتَهِيهَا فَتَحَوَّلَتِ الرُّطَبَةُ نُطْفَةً فِي صُلْبِي فَلَمَّا هَبَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ فَفَاطِمَةُ حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ فَإِذَا اشْتَقْتُ إِلَى رَائِحَةِ الْجَنَّةِ شَمَمْتُ رَائِحَةَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَا وَعَلَى أَبِيهَا وَبَعْلِهَا.

٤٥٩

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَفِيهِ زِيَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِفَضْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَفِيهِ شَجَرَةٌ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةُ فَقَالَ لِأَخِيكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهَذَانِ الْمَلَكَانِ يَطْوِيَانِ الْحُلِيَّ وَالْحُلَلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ علیهما السلام وَفِيهِ فَأَخَذْتُ رُطَبَةً فَأَكَلْتُهَا فَتَحَوَّلَتْ وَفِيهِ قَبْلَ هَذَا فَصَلَّيْتُ بِأَهْلِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ثُمَّ الْتَفَتُّ عَنْ يَمِينِي فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ علیهما السلام فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَدِ اكْتَنَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَفِيهِ فَنُودِيتُ فِي السَّادِسَةِ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْأَبُ أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ وَنِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ عَلِيٌ.

أقول ربما سمع أمثال هذه الأحاديث التي تفرد أصحابنا الشيعة بنقلها في هذا المعنى وغيره بعض المتسرعين فيطلق لسانه بالطعن فيها وتكذيب من رواها غير ناظر في الأمر الذي من أجله صدق ما رواه وكذب غيره وأنا أذكر فصلا غرضي فيه الإنصاف وقصدي فيه توخي الحق والله يعلم أنها عادتي في كل ما أورده وطريقي كلما أتيته وأنت أيدك الله متى نظرت في ذلك نظر من يريد تحقيق الحق ظهر لك صحة ما أوردته وحقيقة ما أردته.

وبيان هذا أنه لا يقتضي عقل من يؤمن بالله واليوم الآخر ويقول بالبعث والنشور ويصدق بالجنة والنار أن يسعى لنفسه في البعد من الله ورسوله وجنته والقرب من عذاب الله وسخطه وناره نعوذ بالله من ذلك فمن المحال أن الشيعي يعلم أن حديثا ورد في حق أحد من الصحابة فيقول ببطلانه ويميل إلى تكذيبه أو يحرفه عما ورد لأجله مكابرة للحق ودفعا له بالراح وإقداما على الله ورسوله وكذبا على الله ورسوله وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَقَالَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ شَعِيرَتَيْنِ مِنْ نَارٍ وَلَيْسَ بِعَاقِدٍ فعلى هذا لا يكون الرجل مسلما وهو يكذب على الله ورسوله وكيف يفعل الشيعي مثل هذا أو يقدم عليه وفيه من الخطر وسوء العاقبة ما ذكرت لك.

والذي يجب أن يقال أن الشيعة روت أحاديث نقلها رجالهم المعروفون عندهم بالأمانة والعدالة فنقلوها عنهم ولم يعرفوا رجال الجمهور لينقلوا عنهم و

٤٦٠