كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

رَاحَةٌ طَوِيلَةٌ تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا وَلَمْ يُرِيدُوهَا وَأَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا.

أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَ تَرْتِيلاً يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ وَيَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ فَإِذَا (١) مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً وَتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ (٢) مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ وَأَكَفِّهِمْ وَرُكَبِهِمْ وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ (٣) يَطْلُبُونَ إِلَى اللهِ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ.

وَأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ (٤) يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ وَيَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَلَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلِ وَلَا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ إِذَا زَكَا أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي وَرَبِّي أَعْلَمُ مِنِّي بِنَفْسِي اللهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ وَاجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ وَاغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِينٍ وَحَزْماً فِي لِينٍ وَإِيمَاناً فِي يَقِينٍ وَحِرْصاً فِي عِلْمٍ وَعِلْماً فِي حِلْمٍ وَقَصْداً فِي غِنًى وَخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ وَتَحَمُّلاً فِي فَاقَةٍ وَصَبْراً فِي شِدَّةٍ

________________

(١) استثاره بمعنى هاجه قال ان أبي الحديد وهذا إشارة الى البكاء فانه دواه دا الحرين قال الشاعر :

فقلت لها ان البكاء لراحة

به يشتفى من ظن ان لا تلافي

(٢) حنى العود او الظهر : عطفهما. يصف (ع) هيئة ركوههم وانحناتهم في الصلوة.

(٣) قوله (علیهما السلام) مفترشون لجبا ههم اى باسطون ثم ذكر الاعضاء السبعة التى مباشرتها بالارض فروض في الصلاة وهى الجبهة والكفان والركبتان والقدمان.

(٤) بى السهم برياً : نحته. والا قداح : السهام واحدها : قدح.

١٠١

وَطَلَباً فِي حَلَالٍ وَنَشَاطاً فِي هُدًى وَتَحَرُّجاً فِي طَمَعٍ إِلَى آخِرِهَا (١).

. وهي من محاسن الكلام وبديعه وكيف لا ومصدرها من بحر العلوم ومرعاها جنى الشيخ والقيصوم (٢) سيد العرب وأميرها ووصي الرسالة ووزيرها

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ لِأَبِي الْمُؤَيَّدِ الْخُوَارِزْمِيِّ ره عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ يَا عَلِيُّ لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَ مَا قَامَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَباً فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمُدَّ فِي عُمُرِهِ حَتَّى حَجَّ أَلْفَ عَامٍ عَلَى قَدَمَيْهِ ثُمَّ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَظْلُوماً ثُمَّ لَمْ يُوَالِكَ يَا عَلِيُّ لَمْ يَشَمَّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَدْخُلْهَا.

وَمِنْهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَالِياً (٣) الْإِمَامُ الْحَافِظُ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْفَهَانِيُّ مَرْفُوعاً إِلَى عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِي لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ادْعُوا لِي حَبِيبِي فَدَعَوْتُ أَبَا بَكْرٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِي حَبِيبِي فَقُلْتُ وَيْلَكُمْ ادْعُوا لَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَوَ اللهِ مَا يُرِيدُ غَيْرَهُ فَلَمَّا رَآهُ فَرَّجَ الثَّوْبَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَضِنُهُ (٤) حَتَّى قُبِضَ وَيَدُهُ عَلَيْهِ.

" وَمِنْهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلِيٌّ يُصَلِّي أَمَامَهُ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا تُحَدِّثُنِي بِأَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْكَ فَوَ اللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَبَّهُمْ إِلَيْكَ أَحَبُّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ أَجَلْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَحَبَّهُمْ إِلَيَّ أَحَبُّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ ذَاكَ الشَّيْخُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى

________________

(١) وهي خطبة (١٩١) من الخطب.

(٢) جنى الثمر : تناوله من شجرة. وثمر جنى ـ بتشديد الياء ـ : ثمر جنى من ساعته. والشيخ : نبات أنواعه كثيرة وكله طيب الرائحة ومنه نوع ينبت في بلاد العرب ترعاه المواشي. والقيصوم : نبات ذهبي الزهر ورقه كالسداب وثمره كحب الاس إلى غبرة طيب الرائحة يتداوى به.

(٣) أي أقل رجلا.

(٤) احتضن الصبى : جعله في حضنه وهو ما دون الإبط

١٠٢

عَلِيٍّ عليه السلام.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ أَيْضاً قَالَ رَجُلٌ لِسَلْمَانَ مَا أَشَدَّ حُبُّكَ لِعَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيّاً فَقَدْ أَبْغَضَنِي.

وَمِنْهُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَعَثَ عَلِيّاً فِي سَرِيَّةٍ قَالَتْ فَرَأَيْتُهُ رَافِعاً يَدَيْهِ يَقُولُ اللهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُرِيَنِي عَلِيّاً ـ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي صَحِيحِهِ : وَمِثْلُهُ مِنْ كِتَابِ الْيَوَاقِيتِ لِأَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ إِلَّا أَنَّ فِيهِ حَتَّى تُرِيَنِي وَجْهَ عَلِيٍ

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ قَالَ أَنْبَأَنِي الْإِمَامُ الْحَافِظُ صَدْرُ الْحُفَّاظِ أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَلَقَ اللهُ مِنْ نُورِ وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَلِمُحِبِّيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَمِنْهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقْعُدُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْفِرْدَوْسِ وَهُوَ جَبَلٌ قَدْ عَلَا عَلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَمِنْ سَفْحِهِ (١) تَتَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ وَتَتَفَرَّقُ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ نُورٍ يَجْرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ التَّسْنِيمُ لَا يَجُوزُ أَحَدٌ الصِّرَاطَ إِلَّا وَمَعَهُ بَرَاءَةٌ بِوَلَايَتِهِ وَوَلَايَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ يُشْرِفُ عَلَى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُدْخِلُ مُحِبِّيهِ الْجَنَّةَ وَمُبْغِضِيهِ النَّارَ.

[التسنيم ماء في الجنة سمي بذلك لأنه يجري فوق الغرف والقصور يقال تسنمه إذا علاه].

وَمِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخاً مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ إِسْرَافِيلُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ جَبْرَئِيلُ وَأَوَّلُ مَنْ أَحَبَّهُ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ وَإِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يَتَرَحَّمُ عَلَى مُحِبِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام كَمَا يَتَرَحَّمُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ علیهما السلام.

________________

(١) سفح الجبل : اصله واسفله.

١٠٣

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ لَا تُؤَدِّيَ مَا سَمِعْتَ مِنِّي فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى أَدْرَكَتْكَ الْعُقُوبَةُ (١) وَلَوْ لَا اسْتِغْفَارُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَكَ مَا شَمَمْتَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ أَبَداً وَلَكِنْ أَبْشِرْ فِي بَقِيَّةِ عُمُرِكَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ عَلِيٍّ وَذُرِّيَّتِهِ وَمُحِبِّيهِمْ السَّا بِقُونَ الْأَوَّلُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ جِيرَانُ اللهِ وَأَوْلِيَاءُ اللهِ حَمْزَةُ وَجَعْفَرٌ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَهُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ لَا يَخْشَى الْقِيَامَةَ مَنْ أَحَبَّهُ.

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً قَبِلَ اللهُ عَنْهُ [مِنْهُ] صَلَاتَهُ وَصِيَامَهُ وَقِيَامَهُ وَاسْتَجَابَ دُعَاءَهُ أَلَا وَمَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً أَعْطَاهُ اللهُ بِكُلِّ عِرْقٍ فِي بَدَنِهِ مَدِينَةً فِي الْجَنَّةِ أَلَا وَمَنْ أَحَبَّ آلَ مُحَمَّدٍ أَمِنَ مِنَ الْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ أَلَا وَمَنْ تَابَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ فَأَنَا كَفِيلُهُ بِالْجَنَّةِ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ أَلَا وَمَنْ أَبْغَضَ آلَ مُحَمَّدٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوباً بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ.

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحِبَّ أَرْبَعَةً مِنْ أَصْحَابِي أَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ قَالَ فَقُلْنَا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ فَإِنَّ مِنْهُمْ عَلِيّاً ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقُلْنَا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ إِنَّ عَلِيّاً مِنْهُمْ ثُمَّ قَالَ

________________

(١) روى الكشّيّ بإسناده عن زر بن حبيش قال:خرج عليّ بن أبي طالب «ع» من القصر فاستقبله ركبان متقلدون بالسيوف عليهم العمائم فقالوا السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته السلام عليك يا مولانا ، فقال عليّ عليه السلام:من هاهنا من أصحاب رسول اللّه(ص)؟ فقام خالدين زيد أبو أيّوب وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وقيس بن سعد بن عبادة وعبد اللّه بن بديل بن ورقاء فشهدوا جميعا انهم سمعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوم غدير خم: من كنت مولاه،فقال عليّ عليه السلام لانس بن مالك وبراء بن عازب:ما منعكما ان تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم؟ ثم قال:اللّهمّ ان كانا كتماها معاندة فابتلهما فعمى البراء بن عازب،وبرص قدما انس بن مالك،فحلف انس بن مالك ان لا يكتم منقبة لعلى بن أبي طالب(ع) ولا فضلا ابدا.

١٠٤

مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقُلْنَا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً مِنْهُمْ وَأَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ وَمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيَّ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

وَمِنْهُ عَنِ الْإِمَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَنْ أَبِيهِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَنْ أَبِيهِ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهِيدِ علیهما السلام قَالَ سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي وَيَمُوتَ مِيتَتِي وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ الَّتِي وَعَدَنِي رَبِّي فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَذُرِّيَّتَهُ الطَّاهِرِينَ أَئِمَّةَ الْهُدَى وَمَصَابِيحَ الدُّجَى مِنْ بَعْدِهِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ بَابِ الْهُدَى إِلَى بَابِ الضَّلَالَةِ.

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَسَنَةٌ لَا يَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ وَبُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لَا يَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ.

وَمِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ آمَنَ بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ وَهُوَ يُبْغِضُ عَلِيّاً فَهُوَ كَاذِبٌ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ

وَمِنْهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَمْسِكَ بِالْقَضِيبِ الْأَحْمَرِ الَّذِي غَرَسَهُ اللهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ بِيَمِينِهِ (١) فَلْيَسْتَمْسِكْ بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وقد تقدم مثله

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ (٢) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَنَحْنُ جُلُوسٌ ذَاتَ يَوْمٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَزُولُ قَدَمُ عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَسْأَلَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ وَعَنْ مَالِهِ مِمَّا كَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ حُبِّ أَهْلِ الْبَيْتِ (٣) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَمَا آيَةُ حُبِّكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ فَوَضَعَ يَدَهُ

________________

(١) استعارة للقوة والقدرة مثل قولة تعالى «لَأَخَذْنٰا مِنْهُ بِالْيَمِينِ».

(٢) أبو برزة الاسلمى هو نضلة بن عبيد صاحب النبيّ صلّى اللّه عليه وآله مات ما بين سنة ستين الى سبعين.

(٣) وفي بعض النسخ«حبناأهل البيت».

١٠٥

عَلَى رَأْسِ عَلِيٍّ علیهما السلام وَهُوَ إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ إِنَّ حُبِّي مِنْ بَعْدِي حُبُّ هَذَا

وَمِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَسُئِلَ بِأَيِّ لُغَةٍ خَاطَبَكَ رَبُّكَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ قَالَ خَاطَبَنِي بِلُغَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَلْهَمَنِي أَنْ قُلْتُ يَا رَبِّ أَنْتَ خَاطَبْتَنِي أَمْ عَلِيٌّ فَقَالَ يَا أَحْمَدُ أَنَا شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ وَلَا أُقَاسُ بِالنَّاسِ وَلَا أُوصَفُ بِالْأَشْيَاءِ () خَلَقْتُكَ مِنْ نُورِي وَخَلَقْتُ عَلِيّاً مِنْ نُورِكَ فَاطَّلَعْتُ عَلَى سَرَائِرِ قَلْبِكَ فَلَمْ أَجِدْ إِلَى قَلْبِكَ أَحَبَّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَخَاطَبْتُكَ بِلِسَانِهِ كَيْمَا يَطْمَئِنُّ قَلْبُكَ.

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢)

مِنَ الْكَشَّافِ رُوِيَ أَنَّهَا لَمَّا أُنْزِلَتْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ قَرَابَتُكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ قَالَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَابْنَاهُمَا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم حَسَدَ النَّاسِ لِي فَقَالَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ رَابِعَ أَرْبَعَةِ أَوَّلِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَنَا وَأَنْتَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَزْوَاجُنَا عَنْ أَيْمَانِنَا وَشَمَائِلِنَا وَذُرِّيَّاتُنَا خَلْفَ أَزْوَاجِنَا.

وَعَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم حَرُمَتِ الْجَنَّةُ عَلَى مَنْ ظَلَمَ أَهْلَ بَيْتِي وَآذَانِي فِي عَشِيرَتِي وَمَنِ اصْطَنَعَ صَنِيعَةً إِلَى أَحَدٍ مِنْ وُلْدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يُجَازِهِ عَلَيْهَا فَأَنَا أُجَازِيهِ عَلَيْهَا غَداً إِذَا لَقِيَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَرُوِيَ أَنَّ الْأَنْصَارَ قَالُوا فَعَلْنَا وَفَعَلْنَا كَأَنَّهُمْ افْتَخَرُوا فَقَالَ عَبَّاسٌ أَوِ ابْنُ عَبَّاسٍ لَنَا الْفَضْلُ عَلَيْكُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَأَتَاهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ تَكُونُوا أَذِلَّةً فَأَعَزَّكُمُ اللهُ بِي قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَلَمْ تَكُونُوا ضُلَّالاً فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَفَلَا تُجِيبُونَنِي قَالُوا فَمَا نَقُولُ

________________

(١) وفي بعض النسخ«بالاشباه»بدل«بالاشياء».

(٢) الشورى:.

(٣) وفي بعض النسخ«عترتى»بدل«عشيرتى».

(٤) وفي نسخة«أفلا تجيبون».

١٠٦

يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَفَلَا تَقُولُونَ أَلَمْ يُخْرِجْكَ قَوْمُكَ فَآوَيْنَاكَ أَوَلَمْ يُكَذِّبُوكَ فَصَدَّقْنَاكَ أَوَلَمْ يَخْذُلُوكَ فَنَصَرْنَاكَ قَالَ فَمَا زَالَ يَقُولُ حَتَّى جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ (١) وَقَالُوا أَمْوَالُنَا وَمَا فِي أَيْدِينَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَلَا مَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ شَهِيداً أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ مَغْفُوراً لَهُ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ تَائِباً أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ مُؤْمِناً مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ بَشَّرَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِالْجَنَّةِ وَمُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ يُزَفُّ إِلَى الْجَنَّةِ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا (٢) أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ فُتِحَ لَهُ فِي قَبْرِهِ بَابَانِ إِلَى الْجَنَّةِ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ جَعَلَ اللهُ قَبْرَهُ مَزَارَ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ عَلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى بُغْضِ آلِ مُحَمَّدٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى بُغْضِ آلِ مُحَمَّدٍ مَاتَ كَافِراً أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى بُغْضِ آلِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَشَمَّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَقِيلَ لَمْ تَكُنْ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ إِلَّا وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَبَيْنَهُمْ قُرْبَى فَلَمَّا كَذَّبُوهُ وَأَبَوْا أَنْ يُبَايِعُوهُ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ قَالَ مِنَ الْمَرَاسِيلِ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ علیهما السلام قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَاهَى بِكُمْ وَغَفَرَ لَكُمْ عَامَّةً وَلِعَلِيٍّ خَاصَّةً وَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ غَيْرُ هَائِبٍ لِقَوْمِي وَلَا مُحَابٍّ لِقَرَابَتِي هَذَا جَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي أَنَّ السَّعِيدَ كُلَّ السَّعِيدِ مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَأَنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ أَبْغَضَ عَلِيّاً فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ

ومنه قال قال البديع الهمداني

يقولون لي ما تحب الوصي

فقلت الثرى بفم الكاذب

أحب النبي وآل النبي

وأختص آل أبي طالب

________________

(١) جثا الرجل:جلس على ركبته.

(٢) زف العروس الى زوجها : اهداها.

(٣) الثرى:التراب.

١٠٧

وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ كِفَايَةِ الطَّالِبِ فِي مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَأْلِيفِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَنْجِيِّ الشَّافِعِيِّ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ فِي مَجْلِسَيْنِ آخِرُهُمَا الْخَمِيسُ سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتَّمِائَةٍ وَأَجَازَ لِي وَخَطُّهُ بِذَلِكَ عِنْدِي قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَنْجِيُّ الشَّافِعِيُّ بِإِرْبِلَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْقَبِيطِيِّ بِبَغْدَادَ وَالشَّرِيفُ أَبُو تَمَّامٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْفَخَّارِ بْنِ الْوَاثِقِ بِاللهِ بِالْكَرْخِ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْمَعْرُوفُ بِابْنِ النَّبْطِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَحِيمٍ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ سَعِيدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي بُهْلُولٍ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي الْمُطَهَّرِ الرَّازِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ الثَّقَفِيِّ عَنْ سَلَّامٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْداً فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلْتُ يَا رَبِّ بَيِّنْهُ لِي فَقَالَ اسْمَعْ فَقُلْتُ سَمِعْتُ فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً رَايَةُ الْهُدَى وَمَنَارُ الْإِيمَانِ وَإِمَامُ الْأَوْلِيَاءِ وَنُورُ مَنْ أَطَاعَنِي وَهُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ مَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَنِي فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ فَجَاءَ عَلِيٌّ فَبَشَّرْتُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا عَبْدُ اللهِ وَفِي قَبْضَتِهِ فَإِنْ يُعَذِّبُنِي فَبِذُنُوبِي وَإِنْ يُتِمَّ لِي الَّذِي بَشَّرْتَنِي بِهِ فَاللهُ أَوْلَى بِي قَالَ فَقُلْتُ اللهُمَّ أَجْلِ قَلْبَهُ وَاجْعَلْ رَبِيعَهُ الْإِيمَانَ فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَعَلْتُ بِهِ ذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ إِلَيَّ أَنَّهُ سَيَخُصُّهُ مِنَ الْبَلَاءِ بِشَيْءٍ لَمْ يَخُصَّ بِهِ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِي فَقُلْتُ يَا رَبِّ أَخِي وَصَاحِبِي فَقَالَ إِنَّ هَذَا شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ مُبْتَلًى وَمُبْتَلًى بِهِ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ فِي الْحِلْيَةِ.

وَمِنْهُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَوْصَى مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام مَنْ تَوَلَّاهُ فَقَدْ تَوَلَّانِي وَمَنْ تَوَلَّانِي فَقَدْ تَوَلَّى اللهَ عَزَّ وَجَلَ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ رَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَامِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ فَأَقُومُ آخُذُ بِيَدِهِ فَيَبْيَضُّ وَجْهُهُ وَوُجُوهُ أَصْحَابِهِ فَأَقُولُ مَا

١٠٨

خَلَفْتُمُونِي فِي الثَّقَلَيْنِ بَعْدِي فَيَقُولُونَ تَبِعْنَا الْأَكْبَرَ وَصَدَّقْنَاهُ وَوَازَرْنَا الْأَصْغَرَ وَنَصَرْنَاهُ وَقَاتَلْنَا مَعَهُ فَأَقُولُ رِدُوا رِوَاءً مَرْوِيِّينَ فَيَشْرَبُونَ شَرْبَةً لَا يَظْمَئُونَ بَعْدَهَا أَبَداً وَجْهُ إِمَامِهِمْ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ وَوُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَوْ كَأَضْوَاءِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ

" وَمِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُودُهُ فَمَرَّ عَلَى صُفَّةِ زَمْزَمَ فَإِذَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَشْتِمُونَ [يَسُبُّونَ] عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رُدَّنِي إِلَيْهِمْ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَيُّكُمُ السَّابُّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالُوا سُبْحَانَ اللهِ مَا فِينَا أَحَدٌ سَبَّ اللهَ فَقَالَ أَيُّكُمُ السَّابُّ رَسُولَ اللهِ قَالُوا مَا فِينَا أَحَدٌ سَبَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ فَأَيُّكُمُ السَّابُّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالُوا أَمَّا هَذَا فَقَدْ كَانَ قَالَ فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم سَمِعْتُهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَا عَلِيُّ مَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِي وَمَنْ سَبَّنِي فَقَدْ سَبَّ اللهَ وَمَنْ سَبَّ اللهَ فَقَدْ كَبَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ (١) ثُمَّ وَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا بُنَيَّ مَا ذَا رَأَيْتَهُمْ صَنَعُوا قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا أَبَةِ

نَظَرُوا إِلَيْكَ بِأَعْيُنٍ مُحْمَرَّةٍ

نَظَرَ التُّيُوسِ إِلَى شِفَارِ الْجَازِرِ

فَقَالَ زِدْنِي فِدَاكَ أَبُوكَ فَقُلْتُ

خُزْرَ الْعُيُونِ نَوَاكِسَ أَبْصَارِهِمْ

نَظَرَ الذَّلِيلِ إِلَى الْعَزِيزِ الْقَاهِرِ

فَقَالَ زِدْنِي فِدَاكَ أَبُوكَ فَقُلْتُ لَيْسَ عِنْدِي مِنْ مَزْيَدٍ فَقَالَ لَكِنْ عِنْدِي

أَحْيَاؤُهُمْ عَارٌ عَلَى أَمْوَاتِهِمْ

وَالْمَيِّتُونَ مَسَبَّةٌ لِلْغَابِرِ

الْغَابِرُ مِنَ الْأَضْدَادِ الْغَابِرُ هُنَا الْبَاقُونَ

وَمِنْهُ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْداً بِسَبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام

________________

(١) كب فلانا على وجهه:صرعه.

(٢) التيوس جمع التيس:الذكر من الظباء والمعز. والشفار جمع الشفرة:السكين العظيمة العريضة. والجازر:الذابح.

١٠٩

فَامْتَنَعَ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثٌ قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَلَنْ أَسُبَّهُ لَئِنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَهُ وَقَدْ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيّاً فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دَعَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً فَقَالَ اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ.

قال محمد بن يوسف الكنجي نعوذ بالله من الحور بعد الكور [أي من النقصان بعد الزيادة]. (٢)

وأورد صاحب كفاية الطالب بعد هذا الحديث هذا الذي أذكر وهو :

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً (٣).

ثُمَّ قَرَأَ (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (٤).

أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ علیهما السلام أَلَا وَإِنَّ [أُ] نَاساً مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي [أَصْحَابِي] قَالَ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُذْ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى علیهما السلام (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً

________________

(١) آل عمران:.

(٢) واصلهما من كور العمامة وحورها ، وهما ادارتها ونقضها لان الادارة فيها زيادة وفي النقض نقص وقيل غير ذلك.

(٣) الغرلة:القلفة،والاغرل:الاقلف وهي أحد الحروف التي جاءت حذف اللام فيها بعد الراء(ه‍ م).

(٤) الأنبياء:.

١١٠

ما دُمْتُ فِيهِمْ) إِلَى قَوْلِهِ (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). (١)

قلت هذا حديث صحيح متفق على صحته من حديث المغيرة بن النعمان رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن كثير عن سفيان ورواه مسلم في صحيحه عن محمد بن بندار (١) عن محمد بن جعفر غندر (٣) عن شعبة ورزقناه بحمد الله عاليا من هذا الطريق هذا آخر كلامه وليس هذا موضع هذا الحديث ولعله ذكره من أجل قوله نعوذ بالله من الحور بعد الكور

وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ فِي حِلْيَتِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ادْعُ لِي سَيِّدَ الْعَرَبِ يَعْنِي عَلِيّاً علیهما السلام فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَلَسْتَ سَيِّدَ الْعَرَبِ فَقَالَ أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَعَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ فَلَمَّا جَاءَهُ أَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ فَأَتَوْهُ فَقَالَ لَهُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ هَذَا عَلِيٌّ فَأَحِبُّوهُ بِحُبِّي وَأَكْرِمُوهُ بِكَرَامَتِي فَإِنَّ جَبْرَئِيلَ علیهما السلام أَمَرَنِي بِالَّذِي قُلْتُ لَكُمْ عَنِ اللهِ عَزَّ وَعَلَا

في فضل مناقبه وما أعده الله تعالى لمحبيه وذكر غزارة علمه

وكونه أقضى الأصحاب

مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ

________________

(١) المائدة:.

(٢) كتب في هامش تهذيب التهذيب:بندار في الأصل من في ده؟؟؟ القانون وهو اصل ديوان الخراج،وانما قيل له بندار لانه كان بندارا في الحديث،جمع حديث بلده وبندار لقب الرجل كما ان غندر لقب محمّد بن جعفر.

(٣) حكى العسقلانى عن غندر قصة لطيفة وهي انه قال:اشترى غندر سمكا وقال لاهله:اصلحوه ونام،فاكلوا السمك ولطخوا يده،فلما انتبه قال:هاتوا السمك، فقالوا : قد اكلت؟ قال:لا ، قالوا : فشم يدك ففعل،فقال:صدقتم ولكنى ما شبعت!.

١١١

رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَوْ أَنَّ الرِّيَاضَ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرَ مِدَادٌ وَالْجِنَّ حُسَّابٌ وَالْإِنْسَ كُتَّابٌ مَا أَحْصَوْا فَضَائِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ لِأَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَضَائِلَ لَا تُحْصَى كَثْرَةً فَمَنْ ذَكَرَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ مُقِرّاً بِهَا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَمَنْ كَتَبَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا بَقِيَ لِتِلْكَ الْكِتَابَةِ رَسْمٌ وَمَنِ اسْتَمَعَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بِالاسْتِمَاعِ وَمَنْ نَظَرَ إِلَى كِتَابٍ مِنْ فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بِالنَّظَرِ ثُمَّ قَالَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام عِبَادَةٌ وَذِكْرُهُ عِبَادَةٌ لَا يَقْبَلُ اللهُ إِيمَانَ عَبْدٍ إِلَّا بِوَلَايَتِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِ " وَبِالْإِسْنَادِ قَالَ الْخَطِيبُ الْخُوَارِزْمِيُّ أَنْبَأَنِي الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ مَرْفُوعاً إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَقَدْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ سُبْحَانَ اللهِ مَا أَكْثَرَ مَنَاقِبَ عَلِيٍّ وَفَضَائِلَهُ إِنِّي لَأَحْسُبُهَا ثَلَاثَةَ آلَافِ مَنْقَبَةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَلَا تَقُولُ إِنَّهَا إِلَى ثَلَاثِينَ ألف [أَلْفاً] أَقْرَبُ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم لَوْ حَدَّثْتُ بِكُلِّ مَا أُنْزِلَ فِي عَلِيٍّ مَا وَطِئَ عَلَى مَوْضِعٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا أُخِذَ تُرَابُهُ إِلَى الْمَاءِ.

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ قَالَ حَدَّثَنِي الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ فَخْرُ خُوَارِزْمَ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ مَرْفُوعاً إِلَى الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ مَجْنُونَةٍ حُبْلَى قَدْ زَنَتْ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ وَمَا قَالَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنِ الْغُلَامِ حَتَّى يُدْرِكَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ قَالَ فَخَلَّى عَنْهَا.

وَقَدْ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ رِوَايَةً عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الطِّفْلِ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ قَالَ فَخَلَّى عَنْهَا عُمَرُ قَالَهُ لِعُمَرَ حِينَ أَرَادَ رَجَمَ الْمَجْنُونَةَ رِوَايَةً عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم.

وَمِنْهُ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ لَمَّا كَانَ فِي وَلَايَةِ عُمَرَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ حَامِلٍ فَسَأَلَهَا

١١٢

عُمَرُ فَاعْتَرَفَتْ بِالْفُجُورِ فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ فَلَقِيَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ مَا بَالُ هَذِهِ فَقَالُوا أَمَرَ بِهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُرْجَمَ فَرَدَّهَا عَلِيٌّ فَقَالَ أَمَرْتَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ فَقَالَ نَعَمْ اعْتَرَفَتْ عِنْدِي بِالْفُجُورِ فَقَالَ هَذَا سُلْطَانُكَ عَلَيْهَا فَمَا سُلْطَانُكَ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَلَعَلَّكَ انْتَهَرْتَهَا (١) أَوْ أَخَفْتَهَا فَقَالَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ قَالَ أَوَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَا حَدَّ عَلَى مُعْتَرِفٍ بَعْدَ بَلَاءٍ إِنَّهُ مَنْ قَيَّدْتَ أَوْ حَبَسْتَ أَوْ تَهَدَّدْتَ فَلَا إِقْرَارَ لَهُ فَخَلَّى عُمَرُ سَبِيلَهَا ثُمَّ قَالَ عَجَزَتِ النِّسَاءُ أَنْ تَلِدَ مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَقْضَى أُمَّتِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

قَالَ وَأَخْبَرَنِي سَيِّدُ الْحُفَّاظِ أَبُو مَنْصُورٍ شَهْرَدَارُ بْنُ شِيرَوَيْهِ بْنِ شَهْرَدَارَ الدَّيْلَمِيُّ الْهَمْدَانِيُّ مَرْفُوعاً إِلَى سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم أَنَّهُ قَالَ أَعْلَمُ أُمَّتِي بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ شَهْرَدَارَ هَذَا يَرْفَعُهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم قُسِمَتِ الْحِكْمَةُ عَلَى عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ فَأُعْطِيَ عَلِيٌّ تِسْعَةً وَالنَّاسُ جُزْءاً وَاحِداً وَرَوَاهُ الْحَافِظُ فِي الْحِلْيَةِ أَيْضاً.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي صِفَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام بِالْأَنْزَعِ الْبَطِينِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ : أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ فِي الصِّحَاحِ أَنَا دَارُ الْحِكْمَةِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا.

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِ الْبَابَ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ وَإِلَى نُوحٍ فِي فَهْمِهِ وَإِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فِي زُهْدِهِ وَإِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فِي بَطْشِهِ (٢) فَلْيَنْظُرْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ

________________

(١) انتهره:زجره.

(٢) البطش:الاخذ القوى الشديد والاخذ الشديد كل شيء بطش. والبطشة: السطوة والصولة.

١١٣

الْبَيْهَقِيُّ لَمْ أَكْتُبْهُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُصَنَّفِ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ وَإِلَى نُوحٍ فِي تَقْوَاهُ وَإِلَى إِبْرَاهِيمَ فِي حِلْمِهِ (١) وَإِلَى مُوسَى فِي هَيْبَتِهِ وَإِلَى عِيسَى فِي عِبَادَتِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام

فقد ثبت لعلي علیهما السلام ما ثبت لهم علیهما السلام من هذه الصفات المحمودة واجتمع فيه ما تفرق في غيره

تركت فيك المنى مفرقة

وأنت منها بمجمع الطرق

وَمِنْهُ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِلَى الْيَمَنِ فَقُلْتُ تَبْعَثُنِي وَأَنَا شَابٌّ أَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلَا أَدْرِي (٢) مَا الْقَضَاءُ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ اللهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لِسَانَهُ قَالَ فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ مَا شَكَكْتُ بَعْدُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَسَاقَهُ فِي صَحِيحِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ : قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِلَى الْيَمَنِ وَأَنَا حَدَثُ السِّنِّ (٣) قَالَ قُلْتُ تَبْعَثُنِي إِلَى قَوْمٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَحْدَاثٌ وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ قَالَ صلی الله علیه وسلم إِنَّ اللهَ سَيَهْدِي لِسَانَكَ وَيُثَبِّتُ قَلْبَكَ فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدُ

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي فَقَالَ قُلْ رَبِّي اللهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ فَقُلْتُهَا وَزِدْتُ (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) فَقَالَ لِيَهْنِئْكَ الْعِلْمَ يَا أَبَا الْحَسَنِ لَقَدْ شَرِبْتَ الْعِلْمَ شُرْباً وَنَهِلْتَهُ نَهَلاً وهو الشرب الأول وقد ذكرته قبل.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيٌّ وَوَارِثٌ وَإِنَّ عَلِيّاً وَصِيِّي وَوَارِثِي.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا أَنَسُ اسْكُبْ لِي وَضُوءاً ثُمَ

________________

(١) وفي بعض النسخ «فتواه» بدل «تقواه» و «حكمه» مكان «حلمه».

(٢) وفي نسخة «وما أدرى».

(٣) وفي نسخة حديث الحسن.

(٤) سكب الماء:صبه.

١١٤

قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ يَا أَنَسُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَخَاتَمُ الْوَصِيِّينَ قَالَ قُلْتُ اللهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلاً مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَتَمْتُهُ إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ فَقَالَ مَنْ هَذَا يَا أَنَسُ فَقُلْتُ عَلِيٌّ فَقَامَ مُسْتَبْشِراً فَاعْتَنَقَهُ ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَرَقَ وَجْهِهِ وَيَمْسَحُ عَرَقَ وَجْهِ عَلِيٍّ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ شَيْئاً مَا صَنَعْتَهُ بِي قَبْلُ قَالَ وَمَا يَمْنَعُنِي وَأَنْتَ تُؤَدِّي عَنِّي وَتُسْمِعُهُمْ صَوْتِي وَتُبَيِّنُ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ بَعْدِي وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي حِلْيَتِهِ ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَرَقَ وَجْهِهِ بِوَجْهِهِ وَعَرَقَ وَجْهِ عَلِيٍّ بِوَجْهِهِ.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ (١) فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِيكُمْ رَجُلاً يُقَاتِلُ النَّاسَ بَعْدِي عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى تَنْزِيلِهِ وَهُمْ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَيَكْبُرُ قَتْلُهُمْ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَطْعُنُوا عَلَى وَلِيِّ اللهِ وَيَسْخَطُوا عَمَلَهُ كَمَا سَخِطَ مُوسَى أَمْرَ السَّفِينَةِ وَقَتْلَ الْغُلَامِ وَأَمْرَ الْجِدَارِ وَكَانَ خَرْقُ السَّفِينَةِ وَقَتْلُ الْغُلَامِ وَإِقَامَةُ الْجِدَارِ لِلَّهِ رِضًا وَسَخِطَ ذَلِكَ مُوسَى أَرَادَ بِالرَّجُلِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع.

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ صَاحِبِ رَايَةِ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم وَكَانَ فِي جَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أُرِيكُمْ آدَمَ فِي عِلْمِهِ وَنُوحاً فِي فَهْمِهِ وَإِبْرَاهِيمَ فِي حِكْمَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ طَلَعَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ أَقِسْتَ رَجُلاً بِثَلَاثَةٍ مِنَ الرُّسُلِ بَخْ بَخْ لِهَذَا الرَّجُلِ مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم أَلَا تَعْرِفُهُ يَا أَبَا بَكْرٍ قَالَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو الْحَسَنُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ـ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَخْ بَخْ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَأَيْنَ مِثْلُكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ.

بخ كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وتكرر للمبالغة فيقال بخ بخ فإن

________________

(١) قال الجزريّ:البقيع من الأرض المكان المتسع ولا يسمى بقيعا الا وفيه شجر أو اصولها ، وبقيع الغرقد : موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها ، كان به شجر الغرقد (وهى العوسج إذا عظم) فذهب وبقى اسمه.

١١٥

وصلت خفضت ونونت يقال بخ بخ وربما شددت كالاسم وقد جمعها الشاعر فقال يصف بيتا

ووافدت أكرم الوافدات

بخ لك بخ لبحر خضم

وبخبخت الرجل إذا قلت له ذلك

"وَمِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ شَامَمْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمْ انْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللهِ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ثُمَّ شَامَمْتُ السِّتَّةَ فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمْ انْتَهَى إِلَى رَجُلَيْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ثُمَّ شَامَمْتُ الِاثْنَيْنِ فَوَجَدْتُ عَلِيّاً يَفْضُلُ عَلَى عَبْدِ اللهِ

يقال شاممت الرجل إذا قاربته ودنوت منه وشاممه انظر ما عنده

وَمِنْهُ قَالَ عَلِيٌ وَاللهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إِلَّا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ إِنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْباً عَقُولاً وَلِسَاناً سَئُولاً

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيّاً علیهما السلام صَعِدَ الْمِنْبَرَ بِالْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مُتَقَلِّداً بِسَيْفِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مُتَعَمِّماً بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فِي إِصْبَعِهِ خَاتَمُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ فَقَالَ سَلُونِي مِنْ قَبْلِ أَنْ تَفْقِدُونِي فَإِنَّمَا بَيْنَ الْجَوَانِحِ (١) مِنِّي عِلْمٌ جَمٌّ هَذَا سَفَطُ الْعِلْمِ هَذَا لُعَابُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم هَذَا مَا زَقَّنِي رَسُولُ اللهِ زَقّاً مِنْ غَيْرِ وَحْيٍ أُوحِيَ إِلَيَّ فَوَ اللهِ لَوْ ثُنِيَتْ (٢) لِي وِسَادَةٌ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا لَأَفْتَيْتُ لِأَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَلِأَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ حَتَّى يُنْطِقَ اللهُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ فَتَقُولَ صَدَقَ عَلِيٌّ قَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أُنْزِلَ فِيَ (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ).

وَمِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ ره مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ علیهما السلام أَلَا تَرْضَيْنَ أَنِّي زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَ أُمَّتِي سِلْماً وَأَكْثَرَهُمْ عِلْماً وَأَعْظَمَهُمْ حِلْماً.

وَنَقَلْتُ مِمَّا خَرَّجَهُ صَدِيقُنَا الْعِزُّ الْمُحَدِّثُ الْحَنْبَلِيُّ الَّذِي قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم أَقْضَاكُمْ عَلِيٌ

________________

(١) الجوانح واحدها جانحة:الاضلاع تحت الترائب ممّا يلي الصدر كالضلوع مما يلي الظهر.

(٢) ثنى الشيء:عطفه.

١١٦

" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاللهِ لَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ وَايْمُ اللهِ لَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي الْعُشْرِ الْعَاشِرِ.

وَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ شَهِدْتُ عَلِيّاً يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ سَلُونِي فَوَ اللهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ وَاسْأَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللهِ فَوَ اللهِ مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ نَهَارٍ أَمْ فِي سَهْلٍ أَمْ فِي جَبَلٍ

وَرَوَاهُ أَبُو الْمُؤَيَّدِ فِي مَنَاقِبِهِ أَيْضاً " وَقِيلَ لِعَطَاءٍ أَكَانَ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ " وَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ يَا عَمِّ لِمَ كَانَ صَغْوُ النَّاسِ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ عَلِيّاً كَانَ لَهُ مَا شِئْتَ مِنْ ضِرْسٍ قَاطِعٍ فِي الْعِلْمِ وَكَانَ لَهُ السُّلْطَةُ فِي الْعَشِيرَةِ وَالْقِدَمُ فِي الْإِسْلَامِ وَالصِّهْرُ لِرَسُولِ اللهِ وَالْفِقْهُ فِي السُّنَّةِ وَالنَّجْدَةُ (١) فِي الْحَرْبِ وَالْجُودُ فِي الْمَاعُونِ.

يقال صغا يصغو ويصغي صغوا إذا مال وكذلك صغي بالكسر يصغي صغى وصغيا وصغت النجوم إذا مالت إلى الغروب ويقال صغوه معك وصغوه وصغاه أي ميله ووسطت القوم أسطهم وسطا وسطة أي توسطتهم وفلان وسط في قومه إذا كان أوسطهم نسبا وأرفعهم محلا والماعون في الجاهلية كل منفعة وعطية وفي الإسلام الطاعة والزكاة ومن الناس من يقول أصله معونة والألف عوض من الهاء.

" وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَلِيٌّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالسُّنَّةِ.

" وَمِنْ مَنَاقِبِ أَبِي الْمُؤَيَّدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَطَبَنَا عُمَرُ فَقَالَ عَلِيٌّ أَقْضَانَا وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا.

" وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْعِلْمُ سِتَّةُ أَسْدَاسٍ لِعَلِيٍّ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَلِلنَّاسِ سُدُسٌ وَلَقَدْ شَارَكَنَا فِي السُّدُسِ حَتَّى لَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا" وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضاً وَقَالَ مِثْلَهُ.

" وَمِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم سَبْعِينَ سُورَةً وَخَتَمْتُ الْقُرْآنَ

________________

(١) النجدة:الشجاعة. الشدة والبأس.

١١٧

عَلَى خَيْرِ النَّاسِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

وَمِنْهُ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَقْسَمْتُ أَوْ حَلَفْتُ (١) لَا أَضَعُ رِدَائِي عَنْ ظَهْرِي حَتَّى أَجْمَعَ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَضَعْتُ رِدَائِي عَنْ ظَهْرِي حَتَّى جَمَعْتُ الْقُرْآنَ.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ وَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَمَّ بِرَجْمِهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً فَقَالَ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهَا رَجْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ فَقَالَ عَلِيٌ (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) (٢) وَقَالَ (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٣) فَسِتَّةُ أَشْهُرٍ حَمْلُهُ وَحَوْلَانِ تَمَامُ الرَّضَاعَةِ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَإِنْ شِئْتَ لَا رَجْمَ عَلَيْهَا قَالَ فَخَلَّى عَنْهَا.

" وَمِنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ اللهُمَّ لَا تُبْقِنِي لِمُعْضِلَةٍ لَيْسَ لَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَيّاً.

يقال أمر معضل لا يهتدى لوجهه

وَمِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّيِّ قَالَ خَطَبَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَوْ صَرَفْنَاكُمْ عَمَّا تَعْرِفُونَ إِلَى مَا تُنْكِرُونَ مَا كُنْتُمْ صَانِعِينَ قَالَ فَأَزَمُوا قَالَ مُحَمَّدٌ فَسَكَتُوا وَهُمَا بِمَعْنًى فَقَالَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَقَامَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَقَالَ إِذًا كُنَّا نَسْتَتِيبُكَ فَإِنْ تُبْتَ قَبِلْنَاكَ قَالَ وَإِنْ لَمْ أَتُبْ قَالَ إِذًا نَضْرِبُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ إِذَا اعْوَجَجْنَا أَقَامَ أَوَدَنَا (٤) وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الْمُؤَيَّدِ الْخُوَارِزْمِيُ. وهو عجيب وفيه خبء يظهر لمن تأمله.

" وَمِنْهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ كَانَتْ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَابِقَةً فَخُصَّ مِنْهَا عَلِيٌّ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ وَشَرِكْنَا فِي الْخَمْسِ.

________________

(١) الترديد من الراوي.

(٢) البقرة:.

(٣) الأحقاف:.

(٤) ود ـ ‎كفرس ـ ‎:الاعوجاج.

١١٨

" وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ الْعُلَمَاءُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ بِالشَّامِ يَعْنِي نَفْسَهُ وَرَجُلٌ بِالْكُوفَةِ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ يَعْنِي عَلِيّاً فَالَّذِي بِالشَّامِ يَسْأَلُ الَّذِي بِالْكُوفَةِ وَالَّذِي بِالْكُوفَةِ يَسْأَلُ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وَالَّذِي بِالْمَدِينَةِ لَا يَسْأَلُ أَحَداً.

وَمِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيّاً علیهما السلام أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ بِسْمِ اللهِ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ (الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ثُمَّ حَمِدَ اللهَ ثَلَاثاً وَكَبَّرَ ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ قَدْ (ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِمَّا ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِمَّا ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ يُعْجِبُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَيَقُولُ عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي.

وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ يَوْماً مَرْحَباً بِسَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ ، وقال ابن طلحة وإذا وصفه بكونه إمام أهل التقوى كان مقدما عليهم بزيادة تقواه والتقوى ثابتة له بصفة الزيادة على غيره من المتقين وأما زهده في الدنيا فقد ذكرنا في الفصل المعقود له ما فيه غنية وكفاية فيلزم من حصول صفة التقوى وصفة الزهد له أن يترتب عليهما مقتضاهما من حصول العلم المفاض على قلبه من غير دراسة بل بتعليم الله تعالى إياه.

وقال ابن طلحة في الفصل الذي أفرده في فضله وعلمه هذا فصل في أرجائه مجال المقال واسع ولسان البيان ضارع (١) وثاقب المناقب لامع وفجر المآثر طالع ومراح الامتداح جامع وفضاء الفضائل شاسع (٢) فهو لمن تمسك بهداه نافع ولمن تمسك بعراه رافع فيا له من فضل فضل كئوس ينبوعه لذة للشاربين ودروس مضمونه مفرحة للكرام الكاتبين وغروس مستودعه من مستحسنات حسنات المقربين يعظم عند التحقيق قدر وقعه ويعم أهل التوفيق شمول نفعه ويتم أجر

________________

(١) الضارع:الضعيف النحيف.

(٢) شسع المنزل:بعد.

١١٩

مؤلفه بجمعه وهو لمن وقف عليه قيد بصره وسمعه ولم أورد فيه ما يصل إليه وارد الاضطراب ولا أودعته ما يدخل عليه زائد الارتياب ولا ضمنه غثا تمجه أصداف الأسماع ولا غثاء تقذفه أصناف الألباب بل مرتب له أخلاف رواية الخلف عن السلف حتى اكتنف بزبد الأوطاب ونظمت فيه جواهر در صرحت بها ألسن السنن ونطقت بها آيات الكتاب وقررته بأدلة نظر محكمة الأسباب بالصواب هامية السحاب بالمحاب ومفتحة الأبواب للطلاب مثمرة إن شاء الله لجامعها جميل الثناء وجزيل الثواب فمن ذلك قوله تعالى وتقدس (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٣)

رَوَى الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام سَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ قَالَ عَلِيٌّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئاً بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ لِي أَنْ أَنْسَى.

وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَالْوَاحِدِيُّ فِي تَصْنِيفِهِ الْمَوْسُومِ بِأَسْبَابِ النُّزُولِ إِلَى بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَلَا أُقْصِيَك وَأَنْ أُعَلِّمَكَ وَأَنْ تَعِيَ وَحَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ تَعِيَ قَالَ فَنَزَلَتْ (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ).

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) رَوَاهُ الْمَذْكُورَانِ فِي تَفْسِيرِهِمَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام وَفِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَخِي عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِأُمِّهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ فِي شَيْءٍ

________________

(١) مج الشراب والشيء من فيه:رمى به. وقولهم«هذا كلام تمجه الاسماع» اى تقذفه وتستكرهه انما هو على الاستعارة من مج الشراب.

(٢) الزبد ـ ‎كصرد ـ ‎:ما يستخرج من اللبن بالمخض. والاوطاب جمع الوطب: الثدى.

(٣) الحاقة : ١٢.

(٤) السجدة ١٨.

١٢٠