الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٤
شاء الله ، والسلام على أنبياء الله ورسله ، السلام(١) على رسول الله ( وآله ، السلام )(٢) على إبراهيم ، والحمدلله ربّ العالمين . فإذا دخلت
المسجد ، فانظر إلى الكعبة وقل : الحمد لله الذي عظمك وشرّفك وكرمك ، وجعلك مثابة للناس وأمناً مباركاً وهدى للعالمين ، ثم ارفع يديك وقل : اللهم إني أسألك في مقامي هذا ، في أوّل مناسكي أن تقبل توبتي ، وتجاوز عن خطيئتي ، وتضع عنّي وزري ، الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام ، اللهم إنّي أشهد أن هذا بيتك الحرام ، الذي جعلته مثابة للناس وأمناً مباركاً وهدى للعالمين . ٦ ـ (
باب استحباب دخول المسجد الحرام من باب بني شيبة ، والسواك عند إرادة الطواف والاستلام ) [١١٠٠٥] ١
ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : « وادخل المسجد من باب بني شيبة ، فقل : بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ». [١١٠٠٦] ٢
ـ الصدوق في المقنع : فإذا أردت أن تدخل المسجد الحرام ، فادخل من باب بني شيبة بالسكينة والوقار وأنت حافٍ ، فإنه من دخله بخشوع غفر له . ____________________________
(١) في المصدر : والسلام .
(٢) وفيه : ( صلى الله عليه وآله ) والسلام .
باب ٦
١ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ٢٧ .
٢ ـ المقنع ص ٨٠ .
٧ ـ ( باب استحباب كسوة الكعبة ) [١١٠٠٧] ١
ـ علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصية : مرسلاً أن إسماعيل ( عليه السلام ) أوّل من ركب الخيل ، وكسا البيت ، ولبس العمائم ، وأطعم الحاج . ٨ ـ (
باب وجوب بناء الكعبة إن انهدمت ، وكيفيّة بنائها ) [١١٠٠٨] ١
ـ محمد بن مسعود العياشي في تفسيره : عن أبي سلمة ، عن أبي
عبدالله ( عليه السلام ) : « ان الله عزّ وجلّ أنزل الحجر الأسود من الجنّة لآدم ( عليه السلام ) ، وكان البيت درّة بيضاء فرفعه الله إلى السماء ، وبقي أساسه ، فهو حيال هذا البيت ، وقال : يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبداً ، فأمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت على القواعد » . [١١٠٠٩] ٢
ـ وعن عطا ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ في حديث طويل ـ قال : « إن الله أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك : أن اهبط إلى آدم وحوّاء فنحّهما عن مواضع قواعد بيتي ، فإني أُريد أن أهبط في ظلال من ملائكتي إلى أرضي ، فارفع أركان بيتي لملائكتي ، ولخلقي من ولد آدم . قال : فهبط
جبرئيل على آدم وحوّاء فأخرجهما من الخيمة ، ____________________________
باب ٧
١ ـ إثبات الوصية ص ٣٥ .
باب ٨
١ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ٦٠ ح ٩٨ .
٢ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ٣٧ ح ٢١ .
ونحّاهما(١) عن ترعة(٢) البيت الحرام ، ونحى الخيمة عن موضع الترعة ، قال : ووضع آدم على الصفا ، ووضع حوّاء على المروة ، ورفع الخيمة إلى السماء ، فقال آدم وحوّاء : يا جبرئيل أبسخطة من الله حوّلتنا(٣)
أم برضى تقديراً من الله علينا ؟ فقال لهما : لم يكن ذلك سخطاً من الله عليكما ، ولكن الله لا يسأل عمّا يفعل ، يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض ليونسوك ، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة ، سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتاً على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور ، فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، فأوحى الله إليّ أن انحيك وحوّاء ، وارفع الخيمة إلى السماء » الخبر . [١١٠١٠] ٣
ـ علي بن إبراهيم في تفسيره : عن أبيه ، عن النضر بن سويد
، عن هشام ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في حديث طويل ـ إلى أن قال ـ : « فلمّا بلغ إسماعيل مبلغ الرجال ، أمر الله إبراهيم ( عليه السلام ) أن يبني البيت ، فقال : يا رب في أيّ(١) بقعة ؟ قال : في البقعة التي أنزلت على آدم القبّة فأضاء لها الحرم ، فلم تزل القبة التي أنزلها الله تعالى على آدم قائمة ، حتى كان أيّام الطوفان ـ أيام نوح ( عليه السلام ) ـ فلمّا غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة ، وغرقت الدنيا إلّا موضع البيت ، فسمّيت البيت العتيق ، لأنه أعتق من الغرق . ____________________________
(١) في المصدر : ونهاهما .
(٢) الترعة : الدرجة ، وقيل الروضة . .
والترعة : الباب . وقيل : الترعة المتن المرتفع من الأرض ( لسان العرب ج ٨ ص ٣٣ ) .
(٣) في المصدر زيادة : وفرقت بيننا .
٣ ـ تفسير القمي ج ١ ص ٦١ .
(١) وفي نسخة : أية ، ( منه قده ).
فلما أمر الله
عزّ وجلّ إبراهيم ( عليه السلام ) أن يبني البيت ، لم يدر في أيّ مكان يبنيه ، فبعث الله تعالى جبرئيل فخطّ له موضع البيت ، فأنزل الله تعالى عليه القواعد من الجنّة ، وكان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشدّ بياضاً من الثلج ، فلمّا مسّته أيدي الكفّار اسودّ ، فبنى إبراهيم ( عليه السلام ) البيت ، ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى ، فرفعه في السماء تسعة أذرع ، ثم دلّه على موضع الحجر فاستخرجه إبراهيم ( عليه السلام ) ، ووضعه في موضعه الذي هو فيه الآن . فلما بنى جعل
له بابين : باباً إلى المشرق ، وباباً إلى المغرب ، والباب الذي إلى المغرب يسمّى المستجار ، ثم ألقى عليه الشجر والإِذخر ، وعلقت هاجر على بابه كساء كان معها ، وكان يكونون تحته » الخبر . [١١٠١١] ٤
ـ دعائم الاسلام : روينا عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، أنه
قال في قول الله عزّ وجلّ : ( وَإِذْ قَالَ
رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ
الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ
)(١) ، قال : « كان في قولهم هذا منة على الله لعبادتهم ، وإنّما قال ذلك بعض الملائكة ، لما عرفوا من حال من كان في الأرض من الجن قبل آدم ، فأعرض الله عزّ وجلّ عنهم ، وخلق آدم ( عليه السلام ) وعلّمه الأسماء ، ثم قال للملائكة : ( أَنبِئُونِي
بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ
الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ____________________________
٤ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٢٩١ .
(١) البقرة ٢ : ٣٠ .
قَالَ
يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ )(٢) ، قال لهم : اسجدوا لآدم فسجدوا ، فقالوا في أنفسهم وهم سجود : ما كنّا نظنّ أن الله يخلق خلقاً أكرم عليه منّا ، ونحن جيرانه وأقرب الخلق إليه ، فلما رفعوا رؤوسهم ، قال الله عزّ وجلّ : ( إِنِّي أَعْلَمُ
غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )(٢)
يعني ما أبدوه
بقولهم : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا
مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) وما كتموه في أنفسهم ، فقالوا : ما ظننّا أن الله يخلق خلقاً أكرم عليه منّا ، فعلموا أنّهم قد وقعوا في الخطيئة ، فلاذوا بالعرش وطافوا حوله يسترضون ربّهم ، ورضي عنهم . وأمر الله
الملائكة أن تبني في الأرض بيتاً ، ليطوف به من أصاب ذنباً من ولد آدم ( عليه السلام ) ، كما طافت الملائكة بعرشه ، فيرضى عنهم كما رضي عن ملائكته ، فبنوا مكان البيت بيتاً رفع زمن الطوفان ، فهو في السماء الرابعة ، يلجه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبداً ، وعلى أساسه وضع إبراهيم ( عليه السلام ) بناء البيت » الخبر . [١١٠١٢] ٥
ـ وعن علي ( عليه السلام ) ، أنه قال : « أوحى الله إلى
إبراهيم ( عليه السلام ) : أن ابن لي بيتاً في الأرض تعبدني فيه ، فضاق به ذرعاً ، فبعث الله إليه(١) السكينة ـ وهي
ريح لها رأسان يتبع أحدهما صاحبه ـ فدارت على أُسّ البيت الذي بنته الملائكة ، فوضع إبراهيم ( عليه السلام ) البناء على كلّ شيء استقرت عليه السكينة ، وكان إبراهيم ( عليه السلام ) يبني وإسماعيل ( عليه السلام ) يناوله ____________________________
(٢) البقرة ٢ : ٣١ ـ ٣٣ .
٥ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٢٩٢ .
(١) أثبتناه من المصدر ، وفي المخطوط : عليه .
الحجارة ، ويرفع إليه القواعد ، فلمّا صار إلى مكان الركن الأسود ، قال إبراهيم لإِسماعيل : أعطني حجراً لهذا الموضع ، فلم يجده [ وتلكأ ](٢) قال : إذهب فاطلبه ، فذهب ليأتيه به ، فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) بالحجر الأسود ، فجاء إسماعيل وقد وضعه [ إبراهيم ](٣) موضعه ، فقال : من جاءك بهذا ؟ فقال : من لم يتّكل على بنائك ، فمكث البيت حيناً فانهدم ، فبنته العمالقة ، ثم مكث حيناً فانهدم فبنته جرهم ، ثم انهدم فبنته قريش ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يومئذٍ غلام قد نشأ على الطهارة وأخلاق الأنبياء ، فكانوا يدعونه الأمين ، فلما انتهوا إلى موضع الحجر ، أراد كلّ بطن من قريش أن يلي رفعه ووضعه موضعه ، فاختلفوا في ذلك ، ثم اتفقوا على أن يحكّموا في ذلك أوّل من يطلع عليهم ، فكان ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقالوا : هذا الأمين قد طلع ، وأخبروه بالخبر ، فانتزع ( صلى الله عليه وآله ) إزاره ( ودعا بثوب فوضع )(٤) الحجر فيه ، وقال
: يأخذ من كلّ بطن من قريش رجل بحاشية الثوب وارفعوا معاً ، فاعجبهم ما حكم به وأرضاهم ، وفعلوا حتى إذا صار إلى موضعه ، وضعه فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » . [١١٠١٣] ٦
ـ سعيد بن هبة الله الراوندي في قصص الأنبياء : بإسناده
إلى الصدوق ، بإسناده(١) عن إبراهيم بن محرز ، ( عن أبي حمزة )(٢) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « إن آدم ( عليه السلام ) نزل ____________________________
(٢ ، ٣) أثبتناه من المصدر .
(٤) في المصدر : ووضع .
٦ ـ قصص الأنبياء ص ١٩ ، وعنه في البحار ج ١١ ص ١٨٠ ح ٣٢ .
(١) في المصدر زيادة : عن أبي بصير .
(٢) ليس في المصدر .
بالهند ، فبنى الله تعالى له البيت ، وأمره أن يأتيه » الخبر . [١١٠١٤] ٧
ـ وبإسناده إلى الصدوق ، بإسناده إلى وهب ، قال : كان مهبط
آدم ( عليه السلام ) على جبل في شرقي أرض الهند يقال له : باسم ، ثم أمره أن يسير إلى مكّة ، فطوى له الأرض فصار على كلّ مفازة يمرّ به خطوة ، ولم يقع قدمه على شيء من الأرض إلّا صار عمراناً ، وبكى على الجنّة مائتي سنة ، فعزّاه الله بخيمة من خيام الجنّة فوضعها له بمكة في موضع الكعبة ، وتلك الخيمة من ياقوتة حمراء ، لها بابان شرقي وغربي من ذهب ، منظومان معلّق فيها ثلاث قناديل من تبر الجنّة تلتهب نوراً ، ونزل الركن وهو ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنّة ، وكان كرسيّاً لآدم ( عليه السلام ) يجلس عليه ، وإنّ خيمة آدم لم تزل(١) في مكانها حتى قبضه الله تعالى إليه ، ثم رفعها الله تعالى إليه ، وبنى بنو آدم في موضعها بيتاً من الطين والحجارة ، ولم يزل معموراً ، وأُعتق من الغرق ، ولم ( يجر به )(٢) الماء حتى ابتعث الله إبراهيم ( عليه السلام ) . [١١٠١٥] ٨
ـ وفي كتاب الخرائج : روي أن الحجاج بن يوسف لمّا خرّب الكعبة بسبب مقاتلة عبدالله بن الزبير ، ثم عمروها ، فلما أُعيد البيت وأرادوا أن ينصبوا الحجر الأسود ، فكلّما نصبه عالم من علمائهم ، أو قاض من قضاتهم ، أو زاهد من زهّادهم يتزلزل ويضطرب ، ولا يستقر الحجر في مكانه فجاء علي بن الحسين ( عليهما السلام ) وأخذه من ____________________________
٧ ـ قصص الأنبياء ص ٤٥ ، وعنه في البحار ج ١١ ص ٢١١ ح ١٧ .
(١) أثبتناه من المصدر ، وفي المخطوط : يزل .
(٢) في المصدر : يخربه .
٨ ـ الخرائج والجرائح ص ٧٠ .
أيديهم ، وسمّى الله ونصبه فاستقر في مكانه ، وكبّر الناس ، ولقد أُلهم الفرزدق في قوله : يكاد يمسكه
عرفان راحته
ركن الحطيم
إذا ما جاء يستلم .
[١١٠١٦] ٩
ـ وفي فقه القرآن : عن الباقر ( عليه السلام ) ، أنه قال :
« إن الله وضع تحت العرش أربعة أساطين ، وسمّاه الضراح ، وهو البيت المعمور ، قال للملائكة : طوفوا به ، ثم بعث ملائكة ، فقال لهم : أبنوا في الأرض بيتاً بمثاله وقدره ، وأمر من في الأرض أن يطوفوا به ، وقال : ولمّا أهبط الله آدم من الجنّة قال : إنّي منزل معك بيتاً تطوف حوله كما يطاف حول عرشي ، وتصلّي عنده كما يصلّى عند عرشي ، فلمّا كان زمن الطوفان رفع ، فكانت الأنبياء ( عليهم السلام ) يحجّونه ولا يعلمون مكانه ، حتى بوّأه الله لإِبراهيم ( عليه السلام ) فأعلمه مكانه ، فبناه من خمسة أجبل من حراء ، وثبير ، ولبنان ، وجبل الطور ، وجبل الحمر » . وروي أن آدم
بناه ثم عفّى أثره فجدّده إبراهيم ( عليه السلام ) . [١١٠١٧] ١٠
ـ البحار ، عن العلل لعلي بن محمد بن إبراهيم : سأل رجل من اليهود ، رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : أخبرني عن الكلمات التي علّمها الله إبراهيم حيث بنى البيت ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « نعم ، هي سبحان الله ، والحمدلله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر » . ____________________________
٩ ـ فقه القرآن ج ١ ص ٢٩٢ .
١٠ ـ البحار ج ٩٩ ص ٦٥ ح ٤٨ .
٩ ـ ( باب وجوب احترام الحرم ، وحكم صيده وشجره ) [١١٠١٨] ١
ـ علي بن إبراهيم في تفسيره : [ حدثني أبي ](١) ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « إن آدم بقي على الصفا أربعين صباحاً ساجداً يبكي على الجنّة ، وعلى خروجه(٢) من جوار الله عزّ وجلّ ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا
آدم مالك تبكي ؟ قال : يا جبرئيل مالي لا أبكي وقد أخرجني الله(٣)
من جواره ، وأهبطني إلى الدنيا ، قال : يا آدم تب إليه ، قال : وكيف أتوب ؟ فأنزل الله عليه قبّة من نور في موضع البيت ، فسطع نورها في جبال مكّة ، فهو الحرم ، فأمر الله جبرئيل أن يضع عليه الأعلام » الخبر . [١١٠١٩] ٢
ـ محمد بن مسعود العياشي في تفسيره : عن جابر الجعفي ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، قال في حديث يأتي : « وكان نور القناديل يبلغ إلى موضع الحرم ، وكان أكبر القناديل مقام إبراهيم ( عليه السلام ) ، فكان القناديل ثلاثمائة وستين قنديلاً » الخبر . [١١٠٢٠] ٣
ـ وعن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ،
قال : قلت : أرأيت قوله : ( وَمَن دَخَلَهُ
كَانَ آمِنًا ) البيت عنى ، أو ____________________________
باب ٩
١ ـ تفسير القمي ج ١ ص ٤٤ .
(١) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال ، « راجع معجم رجال الحديث ج ١٤ ص ٢٨٨ .
(٢ ، ٣) في المصدر زيادة : من الجنة .
٢ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ٣٩ ح ٢٢ .
٣ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٩ ح ١٠١ .
الحرم ؟ قال : « من دخل الحرم من الناس مستجيراً به فهو آمن ـ إلى أن قال ـ ومن دخل الحرم من الوحش والسباع ، والطير ، فهو آمن من أن يهاج أو يؤذى ، حتى يخرج من الحرم » . [١١٠٢١] ٤
ـ ابن شهرآشوب في المناقب : عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أنه قال : « كان آدم ( عليه السلام ) لما أراد أن يغشى حوّاء خرج بها من الحرم ، ثم كانا يغتسلان ويرجعان إلى الحرم » . [١١٠٢٢] ٥
ـ البحار ، عن الدر المنثور للسيوطي : عن تاريخ الخطيب ، عن
يحيى بن أكثم ، أنه قال في مجلس الواثق : من حلق رأس آدم حين حجّ ؟ فتعايا الفقهاء عن الجواب ، فقال الواثق : أنا أُحضر من ينبئكم بالخبر ، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ( عليهم السلام ) [ فسأله ](١) فقال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أمر جبرئيل أن ينزل ياقوتة من الجنّة ، فهبط بها فمسح بها رأس آدم ، فتناثر الشعر منه ، فحيث بلغ نورها صار حرماً » . [١١٠٢٣] ٦
ـ دعائم الاسلام : روينا عن علي بن الحسين ( صلوات الله عليهما ) : أنه نظر إلى حمام مكّة ، فقال : « هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام بالحرم ؟ » فقالوا : أنت أعلم ياابن رسول الله ، فأخبرنا ، قال : « كان فيما مضى رجل قد آوى إلى داره حمام فاتخذ عشّاً في خرق في جذع نخلة كانت في داره ، فكان الرجل ينظر إلى فراخه فإذا همّت ____________________________
٤ ـ المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ١٦٠ .
٥ ـ البحار ج ٩٩ ص ٥٠ ح ٥٠ .
(١) أثبتناه من المصدر .
٦ ـ دعائم الإِسلام ج ٢ ص ٣٣٦ ح ١٢٦٧ .
بالطيران رقى إليها فأخذها فذبحها ، والحمام ينظر إلى ذلك ، فيحزن(١) له حزناً عظيماً ، فمرّ له على ذلك دهر طويل لا يطير له
فرخ ، فشكا ذلك إلى الله عزّ وجلّ ، فقال الله تعالى : لئن عاد هذا العبد إلى ما يصنع بهذا الطائر لأُعجْلنّ منيته قبل أن يصل إليه . فلمّا أفرخ
الحمام واستوت أفراخه ، صعد الرجل للعادة فلمّا ارتقى بعض النخلة وقف سائل ببابه ، فنزل فأعطاه شيئاً ، ثم ارتقى فأخذ الفراخ فذبحه [ والطير ينظر ما يحل به فقال : ما هذا يا رب ](٢) فقال الله عزّ وجلّ : إنّ عبدي سبق بلائي بالصدقة ، وهي تدفع البلاء ، ولكنّي سأُعوض هذا الحمام عوضاً صالحاً ، وأبقي له نسلاً لا ينقطع [ ما أقامت الدنيا فقال الطير : ربِّ وعدتني بما وثقت بقولك وانك لا تخلف الميعاد ](٣) ، فألهمه(٤) عزّ وجلّ المصير إلى هذا الحرم ، وحرّم صيده ، فأكثر ما ترون من نسله وهو أوّل حمام سكن الحرم » . [١١٠٢٤] ٧
ـ أحمد بن محمد بن فهد الحلي يفي كتاب التحصين : نقلاً من كتاب المنبىء عن زهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، بإسناده عنه ( صلى الله عليه وآله ) ، أنه قال في جملة كلام له في وصف إخوانه الذين يأتون من بعده : « يا أباذر لو [ أن ](١) أحداً منهم
يسبّح تسبيحة خير له من أن يصير له جبال الدنيا ذهباً ، ونظرة إلى واحد منهم أحبّ إليّ من نظرة إلى بيت الله الحرام ، ولواحد منهم يموت في شدّة بين ____________________________
(١) في المخطوط : وتحزن ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢ ، ٣) أثبتناه من المصدر .
(٤) في المصدر : فحينئذ ألهمه الله .
٧ ـ التحصين ص ١١ .
(١) أثبتناه من المصدر .
أصحابه ( له حجّ مقبول )(٢) بين الركن
والمقام ، وله أجر من يموت في حرم الله ، ومن مات في حرم الله آمنه الله من الفزع الأكبر ، وأدخله الجنّة » الخبر . ١٠ ـ (
باب حكم من جنى ثم لجأ إلى الحرم ، لم يقم عليه حدّ ولا قصاص ولا يبايع ولا يطعم ولا يسقى ، حتى يخرج ، فإن جنى في الحرم أُقيم عليه الحدّ فيه ، وعدم جواز التحصّن بالحرم ) [١١٠٢٥] ١
ـ الجعفريات : أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمد ، حدثني موسى
، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من قتل قتيلاً وأذنب ذنباً ثم لجأ إلى الحرم فقد أمن ، لا يقاد فيه ما دام في الحرم ، ولا يؤخذ ، ولا يؤذى [ ولا يؤوى ](١) ، ولا يطعم ، ولا يسقى ، ولا يبايع ، ولا يضيف ، ولا يضاف » . [١١٠٢٦] ٢
ـ وبهذا الإِسناد قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ألا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، على من أحدث في الإِسلام حدثاً ـ يعني يحدث في الحلّ فيلجأ إلى الحرم ـ فلا يؤويه أحد ، ولا ينصره ، ولايضيفه حتى يخرج إلى الحل فيقام عليه الحدّ » . ____________________________
(٢) وفيه : إلا كان له أجر مقتول .
الباب ١٠
١ ـ الجعفريات ص ٧١ .
(١) أثبتناه من المصدر .
٢ ـ الجعفريات ص ٧١ .
[١١٠٢٧] ٣
ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : « إن كان لك على رجل حقّ فوجدته بمكّة ، أو في الحرم فلا تطالبه ، ولا تسلم عليه فتفزعه ، إلّا أن تكون أعطيته(١) حقّك في الحرم فلا بأس أن تطالبه في الحرم » . وفي بعض نسخه(٢) : « ومن قتل رجلاً في الحلّ ثم دخل الحرم ، لم يقتل ولا يطعم ، ولا يسقى ، ولا يؤوى ، حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدّ . ومن قتل في
الحرم أُقيم عليه الحدّ في الحرم ، لأنه لم يرع للحرم(٣) حرمة ، قال الله تعالى : ( فَمَنِ
اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ )(٤) وقال : ( فَلَا عُدْوَانَ
إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ )(٥) » . [١١٠٢٨] ٤
ـ دعائم الإِسلام : عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) : أنه سئل
عن رجل قتل أو سرق ثم لجأ إلى الحرم ؟ قال : « لا يؤوى ولا يطعم ، ولا يسقى ، ولا يبايع ، فإذا خرج إلى الحلّ أُقيم عليه الحدّ » . ____________________________
٣ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ٣٣ .
(١) في المخطوط : أعطيت ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢) بعض نسخ الرضوي ص ٧٤ « المتضمنة في كتاب نوادر أحمد بن عيسى » وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٦ .
(٣) في المخطوط « في الحرم » وما أثبتناه من المصدر والبحار .
(٤) البقرة ٢ : ١٩٤ .
(٥) البقرة ٢ : ١٩٣ .
٤ ـ دعائم الاسلام .
١١ ـ ( باب استحباب المجاورة بمكّة ، مع التحول
في أثناء السنة ) [١١٠٢٩] ١
ـ عوالي اللآلي : عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال
في مكّة : « ما أطيبك من بلد ! وأحبّك إليّ ! ولولا أنّ قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك » . [١١٠٣٠] ٢
ـ تفسير الإِمام ( عليه السلام ) : ( عن الحسن بن علي ( عليهما السلام ) )(١) عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ في حديث يأتي(٢) ـ أنّه قال مشيراً إلى مكّة : « ولولا أن أهلك أخرجوني عنك ، لما آثرت عليك بلداً ، ولا ابتغيت عنك بدلا » . ١٢ ـ (
باب وجوب احترام الكعبة وتعظيمها ، وتحريم هدمها ، وأذى مجاوريها ) [١١٠٣١] ١
ـ محمد بن مسعود العياشي : عن زرارة : عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : كنت عنده قاعداً خلف المقام ، وهو محتب مستقبل القبلة ، فقال : « [ أما ](١) النظر إليها
عبادة ، وما خلق الله بقعة من الأرض أحبّ إليه منها ـ ثم أهوى بيده إلى الكعبة ـ ولا أكرم عليه منها ، ولها حرّم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات ____________________________
الباب ١١
١ ـ عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٦ ح ٢٦٠ .
٢ ـ تفسير الإِمام العسكري ( عليه السلام ) ص ٢٣٠ .
(١) في المصدر : قال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) .
(٢) يأتي في الحديث ٤ من الباب ١٣ من هذه الأبواب .
باب ١٢
١ ـ تفسير العياشي ج ٢ ص ٨٨ ح ٥٧ .
(١) أثبتناه من المصدر .
والأرض ، ثلاثة أشهر متوالية ، وشهر مفرد للعمرة » . [١١٠٣٢] ٢
ـ وعن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال :
« كان الله تبارك وتعالى كما وصف نفسه ، وكان عرشه على الماء ، والماء على الهواء(١) لا يجري ولم يكن غير الماء خلق ، والماء يومئذٍ عذب فرات ، فلمّا أراد الله أن يخلق الأرض ، أمر الرياح الأربع فضربن الماء حتى صار موجاً ، ثم أزبد زبدة واحدة فجمعه في موضع البيت ، فأمر الله فصار جبلاً من زبد ، ثم دحا الأرض من تحته ، ثم قال : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ )(٢) الآية » . [١١٠٣٣] ٣
ـ عن الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : «
إنه وجد في حجر من حجرات البيت مكتوباً : إنّي أنا الله ذوبكّة(١) خلقتها يوم خلقت السموات والأرض ، ويوم خلقت الشمس والقمر ، وخلقت الجبلين ، وحففتهما بسبعة أملاك حفيفاً ، وفي حجر آخر : هذا بيت الله الحرام ببكة ، تكفّل الله برزق أهله من ثلاثة سبل مبارك لهم في اللحم والماء ، أوّل من نحله إبراهيم ( عليه السلام ) » . [١١٠٣٤] ٤
ـ وعن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر(١) ، عن آبائه ____________________________
٢ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٦ ح ٩١ .
(١) في المصدر زيادة : والهواء .
(٢) آل عمران ٣ : ٩٦ .
٣ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٧ ح ٩٧ .
(١) قال ابن الأثير في النهاية : قيل بكة موضع البيت ومكة سائر البلد وقيل هما اسم البلدة والباء والميم للتعاقب . وسميت بكّة لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تدقها وقيل لأن الناس يبك بعضهم بعضاً في الطواف أي يزحم ويدفع ( النهاية ج ١ ص ١٥٠ ) .
٤ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ٣٩ ح ٢٢ ، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٦٣ ح ٣٩ .
( عليهم السلام ) ، قال : « إن الله اختار من الأرض جميعاً مكّة ، واختار من مكّة بكّة ، فأنزل في بكّة سرادقاً [ من نور ](٢) محفوفاً بالدر والياقوت ، ثم أنزل في وسط السرادق عمداً أربعة ، وجعل بين العمد الأربعة لؤلؤة بيضاء ، وكان طولها سبعة أذرع في ترابيع البيت ، وجعل فيها نوراً من نور السرادق بمنزلة القناديل ، وكانت العمد أصلها في الثرى والرؤوس تحت العرش ، وكان الربع الأول من زمرّد أخضر ، والربع الثاني من ياقوت أحمر ، والربع الثالث من لؤلؤ أبيض ، والربع الرابع من نور ساطع ، وكان البيت ينزل فيما بينهم مرتفعاً من الأرض ، وكان نور القناديل يبلغ إلى موضع الحرم ، وكان أكبر القناديل مقام إبراهيم ( عليه السلام ) ، فكان القناديل ثلاثمائة وستين قنديلاً ، فالركن الأسود باب الرحمة إلى الركن الشامي فهو باب الإِنابة ، وباب الركن الشامي باب التوسل ، وباب الركن اليماني باب التوبة ، وهو باب آل محمد ( عليهم السلام ) وشيعتهم إلى الحجر . فهذا البيت حجّة
الله في أرضه على خلقه ، فلما هبط آدم إلى الأرض هبط إلى(٣) الصفا ، ولذلك
اشتقّ الله له اسماً من اسم آدم لقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ
اصْطَفَىٰ آدَمَ )(٤) ونزلت حواء على المروة فاشتق الله له اسماً من اسم المرأة ، وكان آدم نزل بمرآة(٥) من الجنّة ، فلما
لم يخلق آدم المرآة(٦) إلى جنب المقام ، وكان يركن إليه ، سأل ربّه أن يهبط
البيت إلى ____________________________
(١) في المصدر والبحار : عن جعفر بن محمد عن آبائه .
(٢) أثبتناه من المصدر .
(٣) في المصدر : على .
(٤) آل عمران ٣ : ٣٣ .
(٥) في المصدر : مرأة .
(٦) في المصدر : مرأة ، وورد في هامش الطبعة
الحجرية : كذا في نسخ
الأرض فأهبط فصار على وجه الأرض ، فكان آدم ( عليه السلام ) يركن إليه ، وكان ارتفاعها من الأرض سبعة أذرع ، وكانت له أربعة أبواب ، وكان عرضها خمسة وعشرين ذراعاً في خمسة وعشرين ذراعاً ترابيعه ، وكان السرادق مائتي ذراع في مائتي ذراع » . [١١٠٣٥] ٥
ـ وعن عطا ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عن علي ( عليهم السلام ) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، في حديث طويل في قصّة آدم ( عليه السلام ) ، إلى أن قال ( صلى الله عليه وآله ) : « وأوحى إلى جبرئيل أنا الله الرحمن الرحيم ، وإني قد رحمت آدم وحوّاء لما شكيا إلي ، فاهبط إليهما بخيمة من خيام الجنّة وعزّهما عني بفراق الجنّة ، واجمع بينهما في الخيمة فإني قد رحمتهما لبكائهما ، ووحشتهما ، ووحدتهما ، وانصب لهما الخيمة على الترعة التي بين جبال مكّة ، قال : والترعة مكان البيت وقواعدها التي رفعتها الملائكة قبل ذلك . فهبط جبرائيل
على آدم بالخيمة ، على مقدار أركان البيت وقواعده فنصبها ، قال : وأنزل جبرئيل آدم من الصفا ، وأنزل حوّاء من المروة ، وجمع بينهما في الخيمة قال : وكان عمود الخيمة قضيب ياقوت أحمر ، فأضاء نوره ووضوءه جبال مكّة وما حولها ، وامتد(١) ضوء العمود ـ إلى
أن قال ـ ومدت أطناب الخيمة حولهما ، فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام . قال : وكانت
أوتادها من غصون الجنّة ، وأطنابها من ضفائر(٢) ____________________________
العياشي والبرهان والبحار .
٥ ـ تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦ ح ٢١ .
(١) في المصدر : وكلّما امتد .
(٢) الضفيرة : نسج الشعر وغيره عريضاً ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٣٧٤ ) .
الأرجوان(٣) ، قال : فأوحى
الله إلى جبرئيل اهبط على الخيمة سبعين ألف ملك يحرسونها(٤) من مردة الجن
، ويؤنسون آدم وحوّاء ، ويطوفون حول الخيمة تعظيماً للبيت والخيمة . قال ( صلى الله
عليه وآله ) : فهبطت الملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشياطين والعتاة ، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كلّ يوم وليلة ، كما يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، قال : وأركان البيت ( في البيت )(٥) في الأرض حيال(٦) البيت المعمور الذي في السماء » الخبر . [١١٠٣٦] ٦
ـ الشيخ المفيد في أماليه : عن علي بن بلال المهلبي ، عن عبدالواحد بن عبدالله بن يونس ، عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلّى ، عن العمّيّ ، عن جعفر بن بشير ، عن سليمان بن سماعة ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) ، قال : لمّا قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة لهدم البيت ، تسرعت الحبشة فاغاروا عليها فأخذوا سرحاً(١) لعبد المطلب بن هاشم ، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه ، فأذن له وهو في قبّة ديباج على سرير له ____________________________
(٣) الأرجُوان : بضم الهمزة وسكون الراء وضم الجيم : ورد أحمر شديد الحمرة يصبغ به ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٧٥ ) .
(٤) في المصدر : يحرسونهما .
(٥) في المصدر : الحرام .
(٦) حياله : أي تلقاء وجهه ( النهاية ج ١ ص ٤٧٠ ) .
٦ ـ أمالي المفيد ص ٣١٢ ح ٥ .
(١) السَّرح : الإِبل السائمة التي ترعى بنفسها ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٣٧١ ) .
فسلّم عليه فردّ أبرهة السلام ـ إلى أن قال ـ ثم قال لعبد المطلب : فيم جئت ؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك ، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك ، فسلني ما شئت ، وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكّة . فقال له عبد
المطلب : إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم بردّه علي . قال : فتغيظ
الحبشي من ذلك ، وقال لعبد المطلب : لقد سقطت من عيني ، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك ، وشرف قومك ، ومكرمتكم التي تتميّزون بها من كلّ جيل ، وهو البيت الذي يحجّ إليه من كلّ صقع في الأرض ، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك ؟ فقال له عبد
المطلب : لست بربّ البيت الذي قصدت لهدمه وأنا ربّ سرحي الذي أخذه اصحابك ، فجئت أسألك فيما أنا ربّه ، وللبيت ربّ هو أمنع [ له ](٢) من الخلق كلّهم ، وأولى به منهم . فقال الملك : ردّوا
عليه سرحه [ وازحفوا إلى البيت فانقضوه حجراً حجراً ، فأخذ عبد المطلب سرحه ](٣) وانصرف إلى مكّة ، واتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت ، فكانوا إذا حملوا على دخول الحرم أناخ ، وإذا تركوه رجع مهرولاً ، فقال عبد المطلب لغلمانه ادعوا لي ابني فجيىء بالعباس ، فقال : ليس هذا أريد ، ادعوا لي ابني ، فجيىء بأبي طالب ، فقال : ليس هذا اريد ، ادعوا لي ابني ، فجيىء بعبدالله ـ ابي النبي ( صلى الله عليه وآله ) ـ فلمّا أقبل إليه ، قال : إذهب ____________________________
(٢و٣) أثبتناه من المصدر .
يا بني حتى تصعد أبا قبيس ، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر أيّ شيء يجيىء من هناك ، وخبّرني به . قال : فصعد عبد
الله أبا قبيس ، فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السيل والليل ، فسقط على أبي قبيس ، ثم صار إلى البيت فطاف [ به ](٤) سبعاً ، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعاً ، فجاء
عبدالله إلى أبيه فأخبره الخبر ، فقال : انظر يا بني ما يكون من أمرها بعد فأخبرني به . فنظرها فإذا هي
قد أخذت نحو عسكر الحبشة ، فأخبر عبد المطلب بذلك ، فخرج عبد الطلب وهو يقول : يا أهل مكّة اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم ، قال : فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النخرة ، وليس من الطير إلّا ما(٥) معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه ، يقتل بكل حصاة منها واحداً من القوم ، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير ، ولم ير قبل ذلك ولا بعده ، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلّق بأستاره وقال : يا حابس
الفيل بذي المغمس
حبسته كأنّه
مكوّس(٦)
في مجلس تزهق
فيه الأنفس »
[١١٠٣٧] ٧
ـ أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد : عن الحسين بن عبيد
الله الواسطي ، عن التلعكبري ، عن محمد بن همام وأحمد بن هوذة جميعاً ، عن الحسن بن محمد بن جمهور ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، ____________________________
(٤) أثبتناه من المصدر .
(٥) في المصدر : و .
(٦) كوّسته على رأسه : إذا قلبته وجعلت رأسه أسفله ( مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠٠ ) .
٧ ـ كنز الفوائد ص ٨١ .