ذلك ، والدعوة القائمة على هذا الأساس يختلف أثرها في النفوس حسب اختلاف استعدادها وقابلياتها فلا يصح لنا أن نرمي الجميع بسهم واحد .
إلى هنا خرجنا بهذه النتيجة وهي : أن الأصول التربوية تقضي بأن بعض الصحابة يمكن أن يصل في قوة الإيمان ورسوخ العقيدة إلى درجات عالية ، كما يمكن أن يصل بعضهم في الكمال والفضيلة إلى درجات متوسطة ، ومن الممكن أن لا يتأثر بعضهم بالصحبة وسائر العوامل المؤثرة إلا شيئاً طفيفاً لا يجعله في صفوف العدول وزمرة الصالحين .
هذا هو مقتضى التحليل حسب الأصول النفسية والتربوية غير أن البحث لا يكتمل ، ولا يصح القضاء البات إلا بالرجوع إلى القرآن الكريم حتى نقف على نظره فيهم كما تجب علينا النظرة العابرة إلى كلمات الرسول في حقهم ، وملاحظة سلوكهم وحياتهم في زمنه ( صلی الله عليه وآله ) وبعده .
نرى أن الذكر الحكيم يصنف صحابة النبي الأكرم ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ويمدحهم في ضمن أصناف نأتي ببعضها :
١ ـ السابقون الأولون
يصف الذكر الحكيم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بأن الله رضي عنهم وهم رضوا عنه ، قال عز من قائل : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ، رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١) .
____________________
(١) سورة التوبة : الآية ١٠٠ .