• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • رسالة سمطا اللئال في مسألتي الوضع والاستعمال

  • وقاية الأذهان والألباب ولباب أصول السنّة والكتاب
  • مباحث الأدلة العقلية

  • مباحث الظن
  • رسالة إماطة الغين عن استعمال العين في معنيين
  • ثقة آخذ منه معالم ديني؟ (١) يدلّ على أنّ قبول قول الثقة كان أمرا مفروغا عنه عند الراوي ، كما نبّه عليه في الرسالة (٢) ، ولكنه ليست المفروغيّة لتعبّد ونصّ من الشرع ، بل لحكم الفطرة والعقل ، وعلى هذا النموذج سائر الأدلة الموردة في هذا البحث ، ويأتي التنبيه عليها في مواضعها ، وللكلام بقيّة تسمعها إن شاء الله في بحث تعارض الأدلة ، وبالجملة المتّبع في هذه المسألة سيرة العقلاء.

    ثانيهما : لم يسلك العقلاء سبيل التعبّد الوعر فيما حكموا بحجّيته ، ولم يعرفوا قط معنى لسببية الأمارة ، ولا لمدخليّة سلوك الأمارة في مصلحة العمل وإن خالف الواقع ، بل المعنى المعقول لديهم هو المعنى المستفاد من لفظ الحجّة ، أعني ثبوت آثار التكليف بوجودها ، وعدم ترتّبها مع عدم قيامها ، فالمولى يعاقب عبده ، والصديق يعاقب صديقه بترك حقّ له أقام الحجّة عليه ، ويعذره إذا تدلّى بحجّة على الترك ، فإذا أخبرك الثقة بحمى صديقك وتركت عيادته ، فإنّك ترى من نفسك استحقاقها العتاب ، كما ترى لها العذر في تركها إذا أخبرك بأنه أبلّ (٣) من الداء.

    هذا هو المحجّة الواضحة التي سنّتها الفطرة ، وجرى عليها العقلاء كافة ، وأمضاها الشارع ، فتجدهم على اختلاف الأعصار والأمصار متّفقين على ما وصفناه فيما لهم أو عليهم من الحقوق وإن اختلفوا في أغراضهم الشخصية إقداما وإحجاما ، فبينا ترى الرّجل المقدام يخاطر بنفسه وماله في مزاولة الأسفار ويقذف بهما في لهي أهوال القفار والبحار ، لا يستصحب معه دينارا أودعه عنده صديقه ، فضلا عن حمل عياله وأولاده معه ، إلاّ مع قيام الحجّة على سلامة

    __________________

    (١) رجال الكشي : ٤٩٠ ـ ٩٣٥.

    (٢) فرائد الأصول : ٨٥.

    (٣) بلّ الرّجل من مرضه وأبلّ : إذا برئ. الصحاح ٤ : ١٦٣٩ ( بلل ).