كالصدوقين والكليني وغيرهم عليه ، واكثارهم الرواية عنه ، مضافا إلى كثرة رواياته في الأصول والفروع ، وسلامتها من وجوه الطعن والضعف ، خصوصا عمّا غُمِزَ به من الارتفاع والتخليط ، فإنّها خالية عنها ، وهي أعدل شاهد على براءته عمّا قيل فيه ، مع أنّ الأصل في تضعيفه ـ كما يظهر من كلام القوم ـ هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، وحال القميّين ـ سيما ابن عيسى ـ في التسرّع إلى الطعن والقدح والإخراج من قمّ بالتهمة والريبة ، ظاهر لمن راجع الرجال ، ولو كان الأمر فيه على ما بالغوا به من الضعف والغلوّ والكذب ، لورد عن الأئمّة عليهمالسلام ذمّه وقدحه والنهي عن الأخذ عنه والرجوع إليه كما ورد في غيره من الضعفاء المشهورين بالضعف ، فإنّه كان في عصر الجواد والهادي والعسكري عليهمالسلام وروى عنهم ، ولم نجد له في الأخبار طعنا ، ولا نقل ذلك أحد من علماء الرجال ، ولولا أنّه بمكانٍ من العدالة والتوثيق ، لما سلم من ذلك (١).
وهكذا غيره ممّن اتّهم بالغلوّ كمحمد بن سنان. قال المحدث النوري في المسـتدرك : إنّ الذي يظهر من تتبع الأخبار ـ خصوصا ما ورد في تراجم الغلاة وما ذكروه في مقالات ارباب المذاهب ، وصريح التوقيع المتقدم ـ : أنّ الغلاة لا يرون تكليفا ، ولا يعتقدون عبادة ، بل ولا حلالاً ولا حراما ، وقد مرّ في ترجمة محمد بن سنان أنّه لما سألَ الحسينُ بن أحمدَ عن أحمد بن هليل الكرخيّ : أخبرني عما يقال في محمد بن سنان من أمر الغلوّ؟ قال : معاذ اللّه ، هو واللّه علّمني الطهور ، وحبس العيال ، وكان متقشّفا متعبّدا (٢).
قال السيّد بن طاووس في فلاح السائل عن الطعون التي وردت في محمد بن سنان : أقول : فمن جملة أخطار الطعون على الأخيار أن يقف الإنسان على طعن
__________________
(١) رجال السيّد بحر العلوم ٣ : ٢١ ـ ٣٠.
(٢) خاتمة المستدرك ٥ : ٢٤٥.