قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

منهج التربية في القرآن والسنّة

منهج التربية في القرآن والسنّة

منهج التربية في القرآن والسنّة

تحمیل

منهج التربية في القرآن والسنّة

298/336
*

(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (١٣)

٣ ـ وهو منهج متوازن معتدل :

يوفق بين جوانب الإنسان الجسدية والعقلية والروحية دون أن يسمح بطغيان جانب على غيره. ولقد كان اليونان القدماء في اسبارطة يضحون بالتربية الروحية في سبيل التربية الجسدية ؛ إذ كانت القوة الجسدية والقدرة الحربية هي الخصال المفضلة لدى الأسبارطيين الذين جعلوا هدفهم الأوحد تكوين أبطال وجنود ، فكانت نتيجة هذه التربية لديهم جهلا وغلظة في الطباع أما المشرع الأثيني" صولون" فقد جعل تمارين الجسد وتمارين الروح في مرتبة واحدة ، وقرر أن على الأطفال أن يتعلموا السباحة والقراءة قبل كل شيء.

وكانت التربية الجسدية موضع العناية في أول عهد الجمهورية الأثينية ، إلا أن التربية فيها ما لبثت بعد ذلك حتى غدت أميل إلى الثقافة الفكرية الأدبية ، ولا سيما في القرن السادس قبل الميلاد فأصبح اليونان يهتمون بالفكر والفلسفة ، وغلبت الناحية العقلية الفلسفية على التربية عندهم. ثم أعقبهم الرومان فأصبحوا على العكس منهم ، يعنون بقوة الأجسام ، ويدربون الأبطال على مصارعة بعضهم بعضا حينا ، وعلى مصارعة الثيران والوحوش حينا آخر ، وهم يمجدون القوي المنتصر ، ويسخرون من الضعيف الخاسر ؛ فغلبت الناحية المادية العملية على التربية الرومانية حتى سيطرت الكنيسة على أوربا في العصور الوسطى ، فأولت الناحية الروحية والخلقية اهتمامها ، وغلبت الناحية المثالية الخلقية على تربيتها ، فلم يعد للجسد عند القديس" جيروم" قيمة ، ولم يبق ثمة مجال للبحث في أمر تقويته والعناية به لنخلق منه أداة صالحة لنفس جميلة ، بل غدا عدوا يجب قهره بالصوم والامتناع عن الطعام. ومما قاله هذا القديس : (احرص على ألا تأكل بولا (١٤) أبدا أمام جمع ، وألا تحضر الموائد والحفلات العائلية ، خشية أن تصبو إلى ما يقدم فيها من صنوف اللحم ، ولتعتد الامتناع عن الخمرة ، فهي مصدر كل دنس ، ولتغتذ بالبقول غالبا وبالسمك نادرا ، ولتحاول إذا أكلت ألا تشبع) وذهب في احتقاره للجسد إلى أبعد من هذا فقال : (لو أن الرأي لي لمنعت الفتاة من الاغتسال منعا باتا). غير أنه أباح للأطفال الصغار الاغتسال وتناول الخمرة واللحم" عند ما تقضي الضرورة بذلك ، وخوفا من أن تخونهم أقدامهم قبل أن يصبحوا قادرين على المشي"(١٥) فكانت التربية المدرسية قبل عصر