• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • تفسير سورة الفاتحة

  • تفسير سورة البقرة

  • الصواب» (١).

    إن الحقيقة التي ينبغي التنويه بها والإشارة إليها في هذا المقام ، أن فرقة المرجئة على الرغم من خروجها من رحم الأحداث السياسية ، فإنها مذهب ديني فلسفي ، موضوعه البحث عن حقيقة الإيمان وعلاقة العمل به ، وكانت الغاية التي تهدف إليها ـ أصلا ـ الامتناع عن التسرع في إصدار الأحكام على أعمال الصحابة والتابعين ، ولا سيما تلك التي صدرت في خلال المنازعات التي وقعت بينهم ، فنظرة هذا المذهب إذن كانت إلى الماضي ، وكان حكمه على أعمال تاريخية (٢).

    وقد صور ثابت قطنة ـ شاعر المرجئة ـ عقيدة الإرجاء خير تصوير في قصيدة له ، نجتزئ منها بهذه الأبيات :

    يا هند فاستمعي لي إن سيرتنا

    أن نعبد الله لم نشرك به أحدا

    نرجي الأمور إذا كانت مشبهة

    ونصدق القول فيمن جار أو عندا

    المسلمون على الإسلام كلهم

    والمشركون استووا في دينهم قددا

    ولا أرى أن ذنبا بالغ أحدا

    م الناس شركا إذا ما وحدوا الصمدا

    بدع المرجئة وضلالهم (٣) :

    إن تحرج المرجئة من الحكم على أعمال الصحابة ، وتأثمهم من تكفير صاحب الكبيرة يحمد لهم من غير مماراة ، وهم في ذلك لا يخالفون المسلمين من حيث تفويض أمر مرتكب الكبيرة إلى الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء تغمده برحمته وأدخله الجنة.

    بيد أن المرجئة المتأخرين قد بالغوا في فصل الإيمان عن العمل ، فأتوا بدعا وضلالات تخرجهم من دائرة الإسلام أصلا ، فزعموا ـ كما أشرنا في صدر الحديث عنهم ـ أنه لا يضر مع الإيمان ذنب جلّ أو صغر ، كما لا يجدي مع الشرك والكفر طاعة ، فالإيمان في القلب واللسان ، وهو المعرفة بالله تعالى ، والمحبة والخضوع له بالقلب (٤).

    __________________

    (١) محمد أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية (ص ١١٩).

    (٢) انظر : ضياء الدين الريس ، النظريات السياسية ، (ص ٨٦).

    (٣) ينظر : أصول الدين للبزدوي (ص ٢٥٢) ، نشر الطوالع (ص ٣٩٠) ، الفرق بين الفرق (١ / ١٩٠) ، والفصل في الملل والنحل (٤ / ١٥٤) ، والمواقف (٣ / ٧٠٥) ، والتنبيه والرد على أهل الأهواء (١ / ٤٣) ، كشاف اصطلاحات الفنون (٣ / ٣) ، فجر الإسلام (٢٧١) ، التفكير الفلسفي في الإسلام (١ / ٢٠٥) ، الخطط والآثار للمقريزي (٤ / ١٧١) ، الفرقان بين الحق والباطل لابن تيمية (ص ٢٩) ، الموسوعة الإسلامية العامة (ص ١٢٨٠).

    (٤) الفرق بين الفرق (ص ٢١٢).