وهي للاستفهام (اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) من كلا الجنسين؟ (نَبِّئُونِي) خبّروني (بِعِلْمٍ) أي عن أمر معلوم متيقّن (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ما ادّعيتم به من التحريم. وبعبارة أخرى : بيّنوا من أين جاء التحريم؟ ولم لم يكن التحريم للذكورة فقط ، أو للأنوثة فقط ، أو لسائر ما اشتملت عليه أرحام الصّنفين؟ ومن أين جاء التّخصيص ببعض دون بعض؟.

١٤٤ ـ (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ...) الآية معطوفة على سابقتها. ومن الإبل : أي العراب ، وهذا خلاف البخاتي. والبخاتي هي الخراسانية. ومن البقر اثنين : الأهلي والوحشي (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ، أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) مرّ تفسيرها (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) أي : أكنتم حاضرين ناظرين شاهدين بهذا (إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) أي أمركم بهذا التحريم الذي وصفتموه مع أنكم لم تؤمنوا بنبيّ ، ولا طريق لكم إلى معرفته إلا المشاهدة ، ولا مشاهدة ، فمن أين قلتم بهذا التحريم؟ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً؟) أي : هل أحد أظلم ممّن يكذب على الله صراحة؟ والمراد به كبراؤهم الّذين سنّوا ذلك وأقرّوه ، أو هو عمر بن لحي المبتدع المؤسس الذي بحر البحائر ، وسيّب السوائب (لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) بقصد إضلال الناس عن غير معرفة جاءته من السماء (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) قال داود الرقّي : سألني بعض الخوارج عن هذه الآية : ما الّذي أحلّ من ذلك وما الّذي حرّم؟ فلم يكن عندي جواب من ذلك ، فدخلت على أبي عبد الله ـ جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام ـ وأنا حاجّ ، فأخبرته بما كان ، فقال : إن الله تعالى أحلّ في الأضحية بمنى الضأن والمعز الأهلية ، وحرّم الجبليّة. وأمّا قوله : (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) ، فإن الله تعالى أحلّ في الأضحية الإبل العراب وحرّم منها البخاتي ، وأحلّ البقر الأهليّة أن يضحّى بها ، وحرّم الجبلية. فانصرفت إلى الرّجل فأخبرته بهذا الجواب فقال : هذا شيء حملته الإبل من الحجاز!. فالظاهر يقينا أن