ذووهم أو ليمنّ هو عليهم (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) أي لا يجوز له ذلك إلّا بعد أن يبالغ في قتل المشركين وقهرهم ، يأخذ الأسرى ليرتدع بهم غيرهم. وأثخن في الأرض : يعني غلّظ الحال بكثرة القتل وإيقاع الجرحى (تُرِيدُونَ) أيها المؤمنون ، والخطاب لهم وحدهم دون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أي ترغبون في أسر أعدائكم لتأخذوا الفدية منهم منذ أول وقعة ـ في بدر ـ وقبل أن تثخنوا في الأرض وتخوضوا غمار حروب طاحنة ، محبّين (عَرَضَ الدُّنْيا) وهو مالها وما يعرض فيها مما هو زائل من مظاهرها الكثيرة (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي يريد لكم ثواب الآخرة لا الحظّ العاجل من الدّنيا (وَاللهُ عَزِيزٌ) لا يغلب هو ولا يخذل أنصاره وهو (حَكِيمٌ) أفعاله دائما طبق الحكمة والصواب.

٦٨ ـ (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ ...) أي : لولا حكم أو قضاء سبق منه سبحانه وتعالى (لَمَسَّكُمْ) لأصابكم (فِيما) بسبب ما (أَخَذْتُمْ) من الأسرى (عَذابٌ عَظِيمٌ) وقد ورد في تعليل ذلك وجوه :

أولها : أنه سبحانه لولا ما مضى من حكمه بأن لا يعذّب قوما حتى يبيّن لهم ما ينبغي أن يتجنّبوه لعذّبكم بأخذ الأسرى وأخذ الفداء.

وثانيها : أنه لولا إباحته لكم أخذ الغنائم والفداء في سابق علمه وفي اللوح المحفوظ لعذّبكم بسبب أسرهم لأنكم استبحتم ذلك قبل تحليله.

وثالثها : أنه لو لا كتاب ، وهو القرآن الكريم ، آمنتم به فوجبت لكم المغفرة بفضله لكنّا عذّبناكم.

ورابعها : أن الكتاب الذي سبق هو قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ.)

٦٩ ـ (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً ...) أي أبيح لكم أكل ما أخذتموه غنيمة من أموال الأعداء الذين قاتلوكم (وَاتَّقُوا اللهَ) بتجنّب المعاصي (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) متجاوز عن السيئات (رَحِيمٌ) يرأف بعباده.