• الفهرس
  • عدد النتائج:

فنقول : إما أن يكون محل هذين المربعين الواقعين على الطرفين شيئا واحدا ، أو شيئين متباينين بحسب الوضع والحيز ، والأول باطل. لأن هذين المربعين متساويان في تمام الماهية وفي جميع لوازمها فيكونان متساويين في قابلية جميع الصفات والأحوال. فإذا فرضنا حصولهما في محل واحد فحينئذ يمتنع أن يمتاز أحدهما عن الآخر بالماهية أو بشيء من لوازم الماهية. ويمتنع أيضا حصول الامتياز بشيء من عوارض الماهية ، لأن كل أمر يفرض كونه عارضا لأحدهما ، كان الثاني قابلا له ، وتكون نسبة ذلك العارض إلى أحدهما ، كنسبته إلى الثاني. لأنا قد فرضناهما حالين في محل واحد. وإذا كان الأمر كذلك فحينئذ يستحيل كون أحدهما موصوفا بذلك العارض دون الآخر ، بل يكون كل واحد منهما موصوفا به ، فيصير ذلك العارض مشتركا فيه بينهما ، والمشترك فيه لا يفيد الامتياز ، فيثبت أن هذين المربعين ، لو حصلا في محل واحد ، لما بقي الامتياز البتة ، لكن الامتياز حاصل لا محالة ، فهما حصلا في محلين ، يمتاز كل واحد منهما عن الآخر بالوضع والحيز ، فيثبت أن مدرك هذه الصورة وأمثالها لا بد وأن يكون جسما أو جسمانيا وواجب الوجود قد ثبت أنه ليس بجسم ولا بجسماني ، فيمتنع كونه مدركا لها.

فهذا تمام الكلام في تقرير هذه الشبهة.

ولقائل أن يقول : هذا الكلام بناء على أن إدراك الشيء مشروط بكون المعلوم حاضرا في ذهن العالم. وقد سبق إبطاله بوجوه ، لا يبقى للعاقل فيها شك البتة.

الحجة الثالثة : للقوم على امتناع كونه تعالى عالما بالجزئيات : أن قالوا : إن العلم بأن الشيء الفلاني موجود ، وبأن الشيء الفلاني معدوم تابع للمعلوم. فإن كان ذلك الشيء موجودا تعلق العلم بكونه موجودا ، وإن كان معدوما تعلق العلم بكونه معدوما. ولا يصح أن يقال : إن ذلك الشيء إنما وجد ، لأن العلم تعلق بوجوده ، وإنما عدم لأن العلم تعلق بعدمه. وذلك لأن