• الفهرس
  • عدد النتائج:

والثاني : أنه بمعنى الإفعال ، فيكون استفعل وأفعل بمعنى ، وقد جاءت منه ألفاظ ؛ نحو : أقرّ واستقرّ ؛ وأبلّ المريض واستبلّ وأحصد الزّرع واستحصد ، واستثار الشّيء وأثاره ، واستعجله وأعجله ، ومنه استجابه وأجابه ، وإذا كان استفعل بمعنى أفعل ، فقد جاء متعدّيا بنفسه ، وبحرف الجرّ ، إلا أنه لم يرد في القرآن إلّا معدّى بحرف الجرّ نحو : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) [الأنبياء : ٨٤] (فَاسْتَجابَ لَهُمْ) [آل عمران : ١٩٥] ومن تعدّيه بنفسه قول كعب الغنوي : [الطويل]

٩٤٩ ـ وداع دعا يا من يجيب إلى النّدى

فلم يستجبه عند ذاك مجيب (١)

ولقائل أن يقول : يحتمل هذا البيت : أن يكون ممّا حذف منه حرف الجرّ.

واللام لام الأمر ، وفرّق الرّمّانيّ بين أجاب واستجاب : بأنّ «استجاب» لا يكون إلا فيما فيه قبول لما دعي إليه ؛ نحو : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ* فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ،) وأمّا «أجاب» فأعمّ ، لأنه قد يجيب بالمخالفة ، فجعل بينهما عموما وخصوصا.

والجمهور على «يرشدون» بفتح الياء وضمّ الشين ، وماضيه : رشد بالفتح ، وقرأ (٢) أبو حيوة وابن أبي عبلة بخلاف عنهما بكسر الشين ، وقرىء بفتحها ، وماضيه رشد بالكسر ، وقرىء : «يرشدون» مبنيّا للمفعول ، وقرىء : «يرشدون» بضم الياء وكسر الشين من «أرشد» ، والمفعول على هذا محذوف ، تقديره : يرشدون غيرهم «والرّشد» هو الاهتداء لمصالح الدّين والدّنيا ؛ قال تبارك وتعالى : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) [النساء : ٦] وقال (أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً) [الحجرات : ٧ ـ ٨].

قال القرطبي (٣) : و «الرّشد» خلاف الغيّ ، وقد رشد يرشد رشدا ورشد ـ بالكسر ـ يرشد رشدا لغة فيه وأرشده الله والمراشد : مقاصد الطّرق والطريق الأرشد نحو الأقصد وأمّ راشد كنية للفأرة ، وبنو رشدان بطن من العرب عن الجوهريّ.

وقال الهرويّ : الرّشد والرّشد والرّشاد : الهدى والاستقامة ؛ ومنه قوله تعالى : «يرشدون».

فإن قيل : إجابة العبد لله تعالى إن كانت إجابة بالقلب واللّسان ، فذاك هو الإيمان ، وعلى هذا ، فيكون قوله : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي) تكرارا محضا ، وإن كانت إجابة العبد لله تعالى عبارة عن الطاعات كان الإيمان مقدّما على الطاعات ، وكان حقّ النّظم أن يقول : «فليؤمنوا بي وليستجيبوا لي» فلم جاء على العكس.

__________________

(١) تقدم برقم ٢٢٩.

(٢) انظر الشواذ ١٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٥٦ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٤ ، والدر المصون ١ / ٤٧٢.

(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ٢٠٩.