خصوصاً سادات بني حسين. فلمّا وصلوا إلى استنبول أمر السلطان لهم بالضيافة والإحترام ، فقال لوزيره : نحبّ أن نصلّي هذه الجمعة خلف أعلمهم لأنّهم من أهل المدينة ، فعيّنوا يوم الجمعة إماماً منهم ، وصلّى السلطان والناس خلفه ، فلمّا أتى على القراءة ترك قراءة البسملة مع أنه شافعي المذهب ومن مذهبه وجوبها ، فلمّا فرغ من الصلاة سأله السلطان : لم تركت قراءة البسملة؟ فقال : رعاية لمذهب السُّلطان لأنه حنفيّ. فقال له السلطان : الدين خصوصاً العبادة لا يجوز فيه رعاية السلاطين لأنها عبادة الله سبحانه لا للسّلطان ولا تقية هنا الجأتك إلى هذا ؛ لأن الكلّ عندنا محق ، الحنفي والشافعي ، وأيضاً بترك البسملة يبطل صلاتك لاعتقادك وجوبها ، وإذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم ، فأمر عليهم بضرب الأعناق ، فالتمس الوزير منه بالعفو عن قتلهم وأن يخرجوا من البلد في تلك الساعة على أخسّ حال وأقبح هيئة.
فركبوا في السفن قادمين إلى المدينة ، فلمّا توسّطوا البحر مات منهم جماعة وقدم أقلهم إلى المدينة ، فما بقوا إلّا أياماً قليلة حتى أتى الله سبحانه على أعمارهم ، فانقطعت مادة الفساد».
وانظر أيّها اللبيب أنّ الله سبحانه كيف يجازي العمل ، وكيف يُدبّر ، وكيف يحدث الخيال ، فتفرّغ وانقطع إليه في جميع الأحوال ، وقد رأيت عجائب من مجازات الأعمال وإحداث الخيال في المحصّلات والمنقولات ، ولنعم ما حكي من يوسف من التعجّب من تدابير الله سبحانه.