موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٦

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٦

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٥٢

فكأنّهم قد بلغوه.

وكم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتّى يبلغها! وما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه ، وطالب حثيث من الموت يحدوه ، ومزعج في الدّنيا حتّى يفارقها رغما! فلا تنافسوا في عزّ الدّنيا وفخرها ، ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها ، ولا تجزعوا من ضرّائها وبؤسها ، فإنّ عزّها وفخرها إلى انقطاع ، وإنّ زينتها ونعيمها إلى زوال ، وضرّاءها وبؤسها إلى نفاد ، وكلّ مدّة فيها إلى انتهاء ، وكلّ حيّ فيها إلى فناء.

أوليس لكم في آثار الأوّلين مزدجر ، وفي آبائكم الماضين تبصرة ومعتبر ، إن كنتم تعقلون! أولم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون ، وإلى الخلف الباقين لا يبقون! أو لستم ترون أهل الدّنيا يصبحون ويمسون على أحوال شتّى : فميّت يبكى ، وآخر يعزّى ، وصريع مبتلى ، وعائد يعود ، وآخر بنفسه يجود ، وطالب للدّنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ؛ وعلى أثر الماضي ما يمضي الباقي! » (١).

ونكتفي بهذه النماذج من مواعظه ونصائحه التي هي جزء من أنظمته التربوية الهادفة لإشاعة الإصلاح ، وتهذيب النفوس وتوازنها في سلوكها لتبتعد عن شرور الحياة ومآثمها.

__________________

(١) نهج البلاغة ١ : ١٩١ ـ ١٩٢.

٨١
٨٢

حكمه القيّمة

٨٣
٨٤

بلغت حكم الإمام عليه‌السلام قمّة الجمال في روعتها وأصالتها وبما احتوت عليه من محاسن الفكر والآداب ، بالإضافة إلى سموّ فصاحتها وبلاغتها ... وإنّا لا نجد من روائع الفكر السليم والمنطق المحكم مثل ما نجده في حكم الإمام التي تمثّل العبقرية بأسمى صورها والإلهام بأروع معانيه ... وهذه أمثلة منها :

[١] قيمة المرء ما يحسنه :

قال عليه‌السلام : قيمة كلّ امرئ ما يحسنه.

هذه الكلمة من روائع الأدب العلوي ، قال محمّد بن حفصة : لا نعرف كلمة بعد القرآن وبعد كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخصر لفظا ولا أعمّ نفعا من قول أمير المؤمنين قيمة كلّ امرئ ما يحسنه. وكان ينشد :

قيمة المرء مثل ما يحسن المرء

قضاء من الوصيّ عليّ (١)

ونظم العبدليّ هذه الكلمة الذهبية بقوله :

قال عليّ بن أبي طالب

و هو الإمام العالم المتقن

كلّ امرئ قيمته عندنا

و عند أهل العقل ما يحسن (٢)

ونظم شاعر آخر هذه الكلمة بقوله :

__________________

(١) و (٢) نور القبس المختصر من المقتبس ـ المرزباني : ١٦٨.

٨٥

فيا لائمي دعني اغالي بقيمتي

فقيمة كلّ الناس ما يحسنونه (١)

إنّ هذه الكلمة الذهبية من مناجم الأدب العلوي الذي أضاء سماء الفكر الإسلامي ، وعلّق عليها الجاحظ بقوله :

وأجمعوا على أنّهم لم يجدوا كلمة أقلّ حرفا ، ولا أكثر ريعا ، ولا أعلم نفعا ، ولا أحثّ على بيان ، ولا أهجى لمن ترك التفهم ، وقصر في الافهام من قول عليّ : قيمة كلّ امرئ ما يحسنه (٢).

[٢] العلم أكثر من أن يحصى :

قال عليه‌السلام : العلم أكثر من أن يحصى فخذوا من كلّ شيء أحسنه (٣).

إنّ هذه الكلمة من محاسن الأدب العلوي ، وقد نظمها بعض الشعراء بقوله :

ما حوى العلم جميعا رجل

لا ولو مارسه ألف سنه

إنّما العلم بعيد غوره

فخذوا من كلّ شيء أحسنه (٤)

وليس من شكّ أنّ الإمام عليه‌السلام وقف على واقع الفكر المتطوّر فاختار أثمن ما فيه.

[٣] رأي الشيخ :

قال عليه‌السلام : رأي الشّيخ خير من مشهد الغلام (٥).

__________________

(١) صبح الأعشى ١ : ٨٩.

(٢) رسائل الجاحظ ٣ : ٢٩.

(٣) التمثيل والمحاضرة ـ الثعالبي : ١٦٥.

(٤) أمثال الميداني ١ : ٢٦٧. البيان والتبيين ٢ : ٦٥.

(٥) في رسائل الجاحظ : رأي الشيخ الضعيف أحبّ إلينا من جلد الشباب القويّ. وقريب من ذلك في نهاية الأرب ٦ : ٧٥.

٨٦

ومن المؤكّد أنّ هذه الكلمة من روائع الحكم ، فإنّ الغلام لم تهذّبه الأيام ، ولم تصقله التجارب ، بخلاف الشيخ الطاعن في السنّ الذي مرّت عليه الأيام بثقلها ، وعرف واقع الحياة فهو أدرى بالامور من الغلام.

[٤] المرء الذي لا يعرف قدره :

قال عليه‌السلام : هلك امرؤ لم يعرف قدره.

من روائع الحكم هذه الكلمة ، فإنّ جهل الإنسان بنفسه يقوده إلى الهلاك والدمار ، ويلقيه في شرّ عظيم.

[٥] الناس أعداء ما جهلوا :

قال عليه‌السلام : النّاس أعداء ما جهلوا.

وألمّت هذه الكلمة بواقع حياة الناس ، فهم في كلّ زمان ومكان أعداء ما جهلوه من الحقائق ، ولا أقل من أنّهم لا يقيمون لها وزنا ولا يحفلون بها.

[٦] من عرف نفسه عرف ربّه :

قال عليه‌السلام : من عرف نفسه عرف ربّه.

إنّ معرفة الخالق العظيم تكمن بمعرفة الإنسان لنفسه ، وما فيه من الأجهزة العجيبة التي تدلّل بصورة واضحة على وجود العظيم المبدع لخلق الإنسان ، يقول عليه‌السلام :

٨٧

أتحسب أنّك جرم صغير

وفيك انطوى العالم الأكبر؟

إنّ الإنسان إذا تأمّل في خلق نفسه فإنّه يصل ـ من دون شكّ ـ إلى معرفة الخالق الحكيم.

[٧] إغاثة الملهوف :

قال عليه‌السلام : من كفّارات الذّنوب العظام إغاثة الملهوف ، والتّنفيس عن المكروب (١).

إنّ إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب من أفضل الأعمال عند الله تعالى ومن أحبّها إليه ، ولها الآثار الوضعية المهمّة التي منها دفع البلاء في الدنيا وكفّارة الذنوب العظام في دار الآخرة.

[٨] وصف الدنيا :

قال عليه‌السلام : ما أصف من دار أوّلها عناء ، وآخرها فناء؟ في حلالها حساب ، وفي حرامها عقاب. من استغنى فيها فتن ، ومن افتقر فيها حزن (٢).

وهذا الوصف دقيق للغاية ، وملمّ بواقع الحياة الدنيا التي لم يعرف حقيقتها وكنهها سوى إمام المتّقين وسيّد العارفين صلوات الله عليه.

[٩] الزاهدون في الدنيا :

قال عليه‌السلام : الزّاهدون في الدّنيا قوم وعظوا فاتّعظوا ، وأيقنوا فعملوا ،

__________________

(١) البصائر والذخائر ـ أبو حيّان التوحيدي : ١١١.

(٢) نصرة الثائر على المثل السائر : ١١٦.

٨٨

إن نالهم يسر شكروا ، وإن نالهم عسر صبروا (١).

وأحاط كلام الإمام عليه‌السلام بحقيقة الزاهدين في الدنيا .. فقد طلّقوها وابتعدوا عن زخارفها وملاذها.

[١٠] عطاء الله في الدنيا والآخرة :

قال عليه‌السلام : إنّ الله عزّ وجلّ يعطي الدّنيا من يحبّ ومن لا يحبّ ، ولا يعطي الآخرة إلاّ من يحبّ ، وقد يجمعهما الله لأقوام (٢).

إنّ الله تعالى يعطي زينة الحياة الدنيا من مال وبنين لمن أحبه ومن جحده ، أمّا الآخرة فلا ينال ما فيها من نعيم وبقاء إلاّ من أحبّه الله تعالى ورضي عنه.

[١١] الراحة والبؤس :

قال عليه‌السلام : ما أقرب الرّاحة من التّعب والبؤس من النّعم والموت من الحياة (٣)!

على الإنسان أن لا يطمئنّ إلى سعادة الحياة الدنيا! فما أسرع أن يعقب الراحة التعب! والنعم بؤسا! والحياة موتا!

[١٢] حقّ الصديق :

قال عليه‌السلام : قليل للصّديق الوقوف على قبره .. (٤)

__________________

(١) بهجة المجالس ٣ : ٣٠١.

(٢) المصدر السابق ٣ : ٣٨١.

(٣) النجوم الزاهرة ٨ : ٢٥٧.

(٤) البصائر والذخائر : ٢٥.

٨٩

إنّ للصديق حقّا على صديقه ، ومن حقّه بعد وفاته ، الوقوف على قبره مع إهداء سورة الفاتحة له.

[١٣] أعجز الناس :

قال عليه‌السلام : أعجز النّاس من عجز عن اكتساب الإخوان ، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم (١).

إنّ من يعجز عن اكتساب الاخوان والأصدقاء فهو من أعجز الناس ، وأعجز منه المضيّع لإخوانه وأصحابه.

[١٤] الملك والدين :

قال عليه‌السلام : الملك والدّين أخوان لا غنى لأحدهما عن الآخر ، فالدّين آس ـ أي رأس ـ والملك حارس ، فمن لم يكن له آس فمهدوم ، ومن لم يكن له حارس فضائع (٢).

وهذا الكلام تصوير رائع للحكم القائم على الدين والحكم المجرّد منه.

[١٥] الكلام :

قال عليه‌السلام : لو لا أنّ الكلام يعاد لنفد الكلام.

إنّ إعادة كلمات الكلام وجمله وحروفه هي التي حفظت بقاءه.

__________________

(١) الأمالي ـ أبي علي القالي ٣ : ١١١.

(٢) بهجة المجالس ١ : ٣٣٢.

٩٠

[١٦] الدهر يومان :

قال عليه‌السلام : الدّهر يومان : يوم لك ، ويوم عليك ؛ فإذا كان لك فلا تبطر ، وإذا كان عليك فاصبر! فبكلاهما أنت مختبر (١).

وحفل كلام الإمام عليه‌السلام بوصف دقيق لحياة الإنسان فإنّها يومان : يوم سعادة ويوم شقاء ، وينبغي له أن لا يتبطّر في أيام سعادته ولا يجزع في أيام شقائه.

[١٧] الجاهل والعالم :

قال عليه‌السلام : قصم ظهري رجلان : جاهل متنسّك وعالم متهتّك ، فالجاهل يغرّ النّاس بنسكه ، والعالم ينفّرهم بتهتكه (٢).

إنّ الجاهل المتنسّك الذي لا معرفة له بأحكام الدين فإنّ أعماله ـ على الأكثر ـ مخالفة للواقع ، ويكون موردا لإغراء الناس ، وأمّا العالم المتهتّك الذي يقترف الآثام فإنّه يضلّل الرأي العامّ بسلوكه.

[١٨] العبادة مع العلم :

قال عليه‌السلام : لا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا خير في علم لا فهم فيه ، ولا خير في قراءة لا تدبّر فيها (٣).

إنّ العبادة إذا لم تكن مشفوعة بالعلم والمعرفة فلا خير فيها ، كذلك العلم إذا لم يكن عن وعي وفهم لا خير فيه ، كما لا خير

__________________

(١) البصائر والذخائر : ١٥٥.

(٢) مفتاح السعادة ومصباح السيادة ١ : ٤٩.

(٣) حلية الأولياء ١ : ٧٧.

٩١

في قراءة لا تدبّر فيها.

[١٩] طرائف الحكمة :

قال عليه‌السلام : أجمّوا (١) هذه القلوب والتمسوا لها طرائف الحكمة ، فإنّها تملّ كما تملّ الأبدان (٢).

إنّ القلوب يعتريها النصب والعناء ، وأبدع وصفة لها أن تعرض عليها طرائف الحكم ونوادر العلماء ، فإنّها تحسم ما بها من عناء.

[٢٠] التفكّر :

قال عليه‌السلام : نبّه بالتّفكّر قلبك ، وجاف عن النّوم جنبك ، واتّق الله تعالى ربّك (٣)

إنّ التفكّر في عجائب مخلوقات الله تعالى يدعو إلى الإيمان المطلق بالخالق العظيم ، كما أنّ مجافاة النوم ممّا يزيد على الإقبال على الله تعالى.

[٢١] الاستغفار :

قال عليه‌السلام : أتعجّب ممّن يهلك ومعه النّجاة ، فقيل له : وما هي؟ قال : الاستغفار(٤).

إنّ الاستغفار يمحو الذنوب ، ولكن بشرط أن لا يعود الإنسان إلى

__________________

(١) أجموا : أي اطلبوا لها الراحة.

(٢) معجم الادباء ١ : ٩٤.

(٣) بهجة المجالس ١ : ١١٥.

(٤) النجوم الزاهرة ٢ : ١٢٣.

٩٢

ما اقترفه من ذنب.

[٢٢] اقتران الهيبة بالخيبة :

قال عليه‌السلام : قرنت الهيبة بالخيبة ، والحياء بالحرمان ، والفرصة تمرّ مرّ السّحاب ، والحكمة ضالّة المؤمن ، فخذ ضالّتك حيثما وجدتها (١).

وهذه الكلمات من روائع الأدب العلوي ، وقد حفلت بما يلي :

١ ـ اقتران الهيبة بالخيبة والخسران ، فإنّ الإنسان إذا هاب الإقدام على شيء فقد فاته ما يرومه.

٢ ـ أنّ الحياء دوما مقرون بالحرمان.

٣ ـ أنّ الفرصة تمر مرّ السحاب ، وينبغي أن لا تفوت على الإنسان وأن يغتنمها.

٤ ـ المسارعة في أخذ الحكمة من أي شخص كان.

[٢٣] جنود الله :

قال عليه‌السلام : أشدّ جنود ربّك عشرة : الجبال الرّواسي ، والحديد يقطع الجبال ، والنّار تذيب الحديد ، والماء يطفئ النّار ، والسّحاب المسخّر بين السّماء والأرض يحمل الماء ، والرّيح تقطع السّحاب ، وابن آدم يغلب الرّيح بستر الثّوب أو الشّيء ويمضي لحاجته ، والسّكر يغلب ابن آدم ، والنّوم يغلب السّكر ، والهمّ يغلب النّوم ، فأشدّ خلق الله عزّ وجلّ الهمّ (٢).

__________________

(١) الأمالي ـ أبو علي القالي ٣ : ٩٤.

(٢) ذيل الأمالى : ١٧٤.

٩٣

وهذه المواد العشر علّل الإمام عليه‌السلام موادها وبنودها وكان أشدّها صلابة الهمّ الذي يذيب القلوب.

[٢٤] أفضل العبادة :

قال عليه‌السلام : أفضل العبادة الصّمت وانتظار الفرج (١).

إنّ الصمت يقي الإنسان من كثير من المشاكل ويجنّبه المزيد من الكوارث ، فلذا كان من أفضل العبادة ، وكذلك انتظار الفرج والالتجاء إلى الله تعالى.

[٢٥] مواصلة الأخ :

قال عليه‌السلام : لا تقطع أخاك على ارتياب ، ولا تهجره دون استعتاب (٢).

وضع الإمام عليه‌السلام منهجا للاخوة والصداقة ، فليس للإنسان أن يهجر أخاه لمجرّد شبهة قد يكون لا نصيب لها من الصحّة كما أنّه لا ينبغي له أن يهجره دون استعتاب.

[٢٦] الكلمة الطيّبة :

قال عليه‌السلام : من لانت كلمته وجبت محبّته. وأنشد :

كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا

ينبت الودّ في فؤاد الكريم (٣)؟

إنّ من يقابل الناس بالكلام الطيّب ولا يزعجهم فقد وجبت محبّته وتكريمه.

__________________

(١) البيان والتبيين ١ : ٢٩٧.

(٢) العقد الفريد ٢ : ٣٠٩.

(٣) المصدر السابق : ٣١٠.

٩٤

[٢٧] لا راحة للحسود :

قال عليه‌السلام : لا راحة لحسود ، ولا إخاء لملول ، ولا محبّة لسيّئ الخلق (١).

لا راحة للحسود لأنّه في همّ وحزن حينما يرى النعمة على المحسود ، فإنّه يتمنّى زوالها ، كما أنّه لا إخاء للملول ، الذي لا استقرار له نفسيا ، وكذلك لا محبّة لسيئ الخلق فإنّ الناس تنفر منه.

[٢٨] الحليم :

قال عليه‌السلام : أوّل عوض الحليم عن حلمه أنّ النّاس أنصاره على الجاهل (٢).

إنّ أوّل ما يكسبه الإنسان عن هذه الظاهرة الفذّة أنّ الناس أنصاره وأعوانه على الجاهل.

[٢٩] البصير والأحمق :

قال عليه‌السلام : ربّما أخطأ البصير قصده ، وأصاب الأحمق رشده (٣).

إنّ البصير قد يضلّ عن قصده ويتّجه خلاف الواقع ، وإنّ الأحمق قد يصيب الواقع ، ويبلغ رشده ولكنّ ذلك نادر جدّا ، فقد عبّر الإمام عليه‌السلام عن ذلك بكلمة « ربّما » التي تفيد التقليل.

__________________

(١) العقد الفريد ٢ : ٣١٩.

(٢) المصدر السابق : ٢٨١.

(٣) ربيع الأبرار ٤ : ١٥٧.

٩٥

[٣٠] مكانة الأنصار في الإسلام :

قال عليه‌السلام : هم والله! ربّوا الإسلام كما يربّى الفلو مع غنائهم بأيديهم السّباط وألسنتهم السّلاط (١).

الأنصار هم الذين نصروا الإسلام في أيام محنته وغربته ووقفوا إلى جانب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحموه من كيد القرشيّين الذين جهدوا على محو الإسلام وقلع جذوره.

[٣١] أقلّ ما يلزم به الله تعالى :

قال عليه‌السلام : أقلّ ما يلزمكم الله أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه (٢).

إنّ في هذه الكلمة موعظة للعارفين ، فإنّ أقلّ ما يلزم به الله تعالى عباده أن لا يستعينوا بما أغدق عليهم من النعم على معاصيه.

[٣٢] أضرار الفرقة :

قال عليه‌السلام : إيّاكم والفرقة! فإنّ الشّاذّ من النّاس للشّيطان ، كما أنّ الشّاذّ من الغنم للذّئب (٣).

إنّ الفرقة واختلاف الكلمة من العوامل المدمّرة للمجتمع ومن يدع إليها فإنّه مخرّب ونصيبه الشيطان.

__________________

(١) ربيع الأبرار ٤ : ١٥٧.

(٢) المصدر السابق : ٣١٩.

(٣) المصدر السابق ٢ : ١٤٠.

٩٦

[٣٣] كظم الغيظ :

قال عليه‌السلام : تجرّع الغيظ فإنّي لم أر جرعة أحلى منها عاقبة (١).

إنّ كظم الغيظ من أفضل الصفات النفسية التي تعود بالخير العميم على الإنسان.

[٣٤] حسن الخلق :

قال عليه‌السلام : عنوان صحيفة المؤمن حسن الخلق (٢).

إنّ حسن الخلق من أهمّ ما يمتاز به الإنسان من الصفات الكريمة.

[٣٥] الله أسمى من أن تتصوّره الأوهام :

قال عليه‌السلام : كلّ ما يتصوّر في الأوهام فالله بخلافه (٣).

إنّ جميع ما يتصوّره الإنسان من صفات الله تعالى الثبوتية والسلبية وغيرها فإنّ الله تعالى أسمى وأعظم من ذلك.

[٣٦] الغوغاء :

قال عليه‌السلام : نعوذ بالله من قوم إذا اجتمعوا لم يملكوا أمرا ، وإذا تفرّقوا لم يعرفوا (٤).

وأشار عليه‌السلام إلى الغوغاء : أتباع كلّ ناعق ، فإنّهم إذا اجتمعوا

__________________

(١) ربيع الأبرار ٢ : ٢٨.

(٢) المصدر السابق : ٥٠.

(٣) المصدر السابق : ٥٧.

(٤) رسائل الجاحظ ١ : ٢٥٣.

٩٧

لا يملكون شيئا ، وإنّما يضرّون ويخرّبون ، وإذا انصرفوا لم يعرفوا.

[٣٧] أصناف الناس :

قال عليه‌السلام : النّاس ثلاثة : عالم ربّانيّ ، ومتعلّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع يميلون مع كلّ ريح (١).

دلّت هذه الكلمات على أصناف الناس ، وذكر خصائصهم.

[٣٨] أصناف القرّاء :

قال عليه‌السلام لأياس بن عامر : إنّك إن بقيت فسيقرأ القرآن على ثلاثة أصناف : صنف لله تعالى ، وصنف للدّنيا ، وصنف للجدل ، فمن طلب به أدرك (٢).

أحاطت هذه الكلمات بأصناف القرّاء لكتاب الله تعالى وذكر خصائصهم.

[٣٩] النهي عن المزاح :

قال عليه‌السلام : ما مزح امرؤ مزحة إلاّ مجّ من عقله مجّة (٣).

إنّ المزاح يذهب بهيبة الشخص ، ويمجّ عقله.

[٤٠] الضحك :

قال عليه‌السلام : إيّاك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا ، وإن حكيت

__________________

(١) العقد الفريد ٢ : ٢٩٤.

(٢) أخلاق حملة القرآن ـ أبي بكر البغدادي : ٦٠

(٣) ربيع الأبرار ٤ : ١٦٧.

٩٨

ذلك عن غيرك (١).

حذّر الإمام عليه‌السلام من الكلام المضحك ، وإن حكاه الإنسان عن غيره لأنّه يتنافى مع سلوك الإنسان المتميّز بالاستقامة.

[٤١] حسن الأدب :

قال عليه‌السلام : حسن الأدب ينوب عن الحسب (٢).

إنّ حسن الأدب سمة شرف للإنسان يغنيه عن حسبه ونسبه.

[٤٢] اجتناب المحارم :

قال عليه‌السلام : من أحبّ المكارم اجتناب المحارم.

إنّ الذي تتوخّى نفسه إلى السمو والشرف لا بدّ أن يجتنب محارم الله تعالى لأنّها تهوي به إلى مستوى سحيق.

[٤٣] الزاهد في الدنيا :

قال عليه‌السلام : الزّاهد في الدّنيا كلّما ازدادت له تحلّيا ازداد عنها تولّيا (٣).

وألّمت هذه الكلمات بواقع الزاهدين للدنيا فإنّها كلّما تحلو لهم ازدادوا عنها بعدا ونفورا.

[٤٤] جهل المرء بعيوبه :

قال عليه‌السلام : جهل المرء بعيوبه من أكثر ذنوبه (٤).

__________________

(١) ربيع الأبرار ٤ : ١٦٧.

(٢) و (٣) الإرشاد ١ : ٢٩٨.

(٤) المصدر السابق : ٢٩٩.

٩٩

إنّ جهل الإنسان بنقائصه وعيوبه من أعظم ذنوبه لأنّه لا يلتفت إلى ما فيه من النقص.

[٤٥] تمام العفاف :

قال عليه‌السلام : تمام العفاف الرّضا بالكفاف (١).

إنّ هذه الكلمة ـ على إيجازها ـ من روائع الأدب العلوي ، فإنّ من أسمى صور العفاف الرضا بالكفاف.

[٤٦] من حسنت به الظنون :

قال عليه‌السلام : من حسنت به الظّنون رمقته الرّجال بالعيون.

إنّ الإنسان إذا حسنت به الظنون لحسن سيرته فإنّه يحتلّ المكانة الكريمة عند الناس وترمقه عيونهم إجلالا وتعظيما.

[٤٧] أظهر الكرم :

قال عليه‌السلام : أظهر الكرم صدق الإخاء في الشّدّة والرّخاء.

من أبرز وأسمى صور السخاء صدق الإخاء والمواساة مع الصديق في الشدّة والرخاء.

[٤٨] صفات الفاجر :

قال عليه‌السلام : الفاجر إن سخط ثلب ، وإن رضي كذب ، وإن طمع خلب.

وهذه الصفات اللئيمة من أبرز صفات الفاجر الذي طبعت نفسه على الخبث واللؤم.

__________________

(١) الحكمة ٤٥ إلى الحكمة ٧٢ عن الإرشاد ١ : ٢٩٩.

١٠٠