موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٦

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٦

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٥٢

وفي هذه الكلمات أعرب الإمام عليه‌السلام أنّ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أنبأ عن الله تعالى بما لم ينبّئ عنه أحد قبله ، فقد أخبر عن قدرة الله تعالى اللاّمتناهية ، وعن علمه كذلك ، وعن صفاته الثبوتية والسلبية ، فهو رائد التوحيد ، وداعية الله الأكبر في الأرض ، واللازم أن يتّخذه إلى النجاة قائدا وهاديا ومرشدا. ويستمر الإمام في عرض وصيّته قائلا :

واعلم يا بنيّ! أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنّه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضادّه في ملكه أحد ، ولا يزول أبدا ولم يزل.

أوّل قبل الأشياء بلا أوّليّة ، وآخر بعد الأشياء بلا نهاية.

عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر. فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله في صغر خطره ، وقلّة مقدرته ، وكثرة عجزه ، وعظيم حاجته إلى ربّه ، في طلب طاعته ، والخشية من عقوبته ، والشّفقة من سخطه ؛ فإنّه لم يأمرك إلاّ بحسن ، ولم ينهك إلاّ عن قبيح ...

تحدّث الإمام عليه‌السلام في هذا المقطع الذهبي من كلامه عن بعض قضايا التوحيد وهي :

١ ـ نفي الشريك عن الله تعالى في خلقه للأكوان ، وإحاطته التامّة بجميع شئون الموجودات ، ولو كان له تعالى شريك لأتت به رسله ورأينا آثار ملكه التي تدلّ على وجوده ، إنّه ليس هناك إلاّ إله واحد لا شريك له.

٢ ـ أنّ الله تعالى الخالق المبدع الذي لا أوّلية له ، ولا ابتداء لوجوده ، كما أنّه الآخر بلا نهاية له ، أمّا تفصيل هذه البحوث والاستدلال عليها فقد عرضت لها كتب الكلام ..

٣ ـ أنّ الخالق العظيم أعظم من أن تحيط بمعرفته القلوب والأبصار التي هي

٢١

محدودة المدارك ..

كما تحدّث الإمام في آخر المقطع عن الأوامر والنواهي التي صدرت من الشارع ، فقد ذهبت العدلية من الإمامية والمعتزلة إلى أنّ الأمر من الشارع لم يتعلّق إلاّ بشيء حسن ، فيه مصلحة تعود على العباد ، ولم ينه عن شيء إلاّ وهو قبيح وفيه مفسدة كامنة تعود بالضرر على الناس ..

ثمّ يستمر الإمام عليه‌السلام في وصيّته الخالدة قائلا :

يا بنيّ! إنّي قد أنبأتك عن الدّنيا وحالها ، وزوالها وانتقالها ، وأنبأتك عن الآخرة وما أعدّ لأهلها فيها ، وضربت لك فيهما الأمثال ، لتعتبر بها ، وتحذو عليها. إنّما مثل من خبر الدّنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جديب ، فأمّوا منزلا خصيبا وجنابا مريعا ، فاحتملوا وعثاء الطّريق ، وفراق الصّديق ، وخشونة السّفر ، وجشوبة المطعم ، ليأتوا سعة دارهم ، ومنزل قرارهم ، فليس يجدون لشيء من ذلك ألما ، ولا يرون نفقة فيه مغرما. ولا شيء أحبّ إليهم ممّا قرّبهم من منزلهم ، وأدناهم من محلّتهم.

ومثل من اغترّ بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب ، فنبا بهم إلى منزل جديب ، فليس شيء أكره إليهم ولا أفظع عندهم من مفارقة ما كانوا فيه ، إلى ما يهجمون عليه ، ويصيرون إليه ...

تحدّث الإمام عليه‌السلام في هذا المقطع عن فناء الدنيا وزوالها ، وأنّ الدار الآخرة هي دار الخلود والبقاء ، وحذّر عليه‌السلام من حبّ الدنيا والغرور بها ، وضرب لذلك بعض الأمثال الهادفة إلى الاستقامة ، ونبذ التهالك في حبّ الدنيا التي ليس وراءها

٢٢

إلاّ السراب. ويستمرّ الإمام عليه‌السلام في وصيّته قائلا :

يا بنيّ! اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك ، فأحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك ، واكره له ما تكره لها ، ولا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم ، وأحسن كما تحبّ أن يحسن إليك ، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك ، وارض من النّاس بما ترضاه لهم من نفسك ، ولا تقل ما لا تعلم وإن قلّ ما تعلم ، ولا تقل ما لا تحبّ أن يقال لك.

واعلم أنّ الإعجاب ضدّ الصّواب ، وآفة الألباب. فاسع في كدحك ، ولا تكن خازنا لغيرك ، وإذا أنت هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربّك ...

وضع الإمام المربّي عليه‌السلام في هذه الفقرات الذهبية آداب السلوك ، ومحاسن الأخلاق التي يسمو بها الإنسان ، فقد حفلت بما يلي :

١ ـ أن يجعل الإنسان نفسه ميزانا فيما بينه وبين غيره ، فيحبّ له ما يحبّ لنفسه ، ويكره له ما يكره لها ، ومن الطبيعي أنّ هذه الظاهرة الفذّة إذا سادت في المجتمع فإنّه يبلغ القمّة في كماله وآدابه.

٢ ـ التحذير من ظلم الغير ، فكما أنّ الإنسان يشجب من يعتدي عليه كذلك عليه أن يحمل هذا الشعور مع الغير.

٣ ـ على الإنسان أن يحسن للغير كما يحبّ أن يحسن إليه.

٤ ـ أن يستقبح الأعمال السيّئة التي تصدر منه كما يستقبح صدورها من الغير كما عليه أن يرضى من الناس ما يرضاه لنفسه.

٥ ـ أنّه عليه‌السلام نهى عن القول بغير علم ؛ فإنّه يؤدّي إلى المضاعفات السيّئة

٢٣

للشخص ولغيره.

٦ ـ حذّر الإمام من إعجاب الإنسان بنفسه ، فإنّه من مساوئ الرذائل التي تهبط بالإنسان إلى مستوى سحيق.

٧ ـ أنّه عليه‌السلام نهى من الافراط في جمع الأموال التي تجرّ الويل والعطب ، فإنّ من يبتلى بذلك يكون خازنا لغيره وذلك إذا فارقته الحياة ، خصوصا إذا لم يؤدّ الإنسان حقوق الله منها ، فإن الوزر يكون عليه والمهنأ بها لغيره .. ويأخذ الإمام عليه‌السلام في وصيّته قائلا :

واعلم أنّ أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة ، ومشقّة شديدة ، وأنّه لا غنى بك فيه عن حسن الارتياد ، وقدّر بلاغك من الزّاد ، مع خفّة الظّهر ، فلا تحملنّ على ظهرك فوق طاقتك ، فيكون ثقل ذلك وبالا عليك ، وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة ، فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحمّله إيّاه ، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه ، فلعلّك تطلبه فلا تجده. واغتنم من استقرضك في حال غناك ، ليجعل قضاءه لك في يوم عسرتك ...

إنّ الإنسان إذا فكّر عن وعي لوجد أنّ الحياة الدنيا التي يعيشها إنّما هي لحظات ، ولا بدّ أن يغادرها ويرحل عنها ، وإنّ أمامه طريقا شائكا ذا مسافة بعيدة يحتاج إلى وفرة من الزاد ليوصله إلى مأمنه ، وهو العمل الصالح الذي ينجيه من عذاب الله تعالى ، هذا بعض ما حفلت به هذه الكلمات ، ولنقرأ بندا آخر من هذه الوصية. قال عليه‌السلام :

واعلم أنّ أمامك عقبة كئودا ، المخفّ فيها أحسن حالا من المثقل ،

٢٤

والمبطئ عليها أقبح حالا من المسرع ، وأنّ مهبطك بها لا محالة إمّا على جنّة أو على نار ، فارتد لنفسك (١) قبل نزولك ، ووطّئ المنزل قبل حلولك ، « فليس بعد الموت مستعتب » ، ولا إلى الدّنيا منصرف ...

إنّ الإنسان أمامه عقبة كئود تحفّ بها المخاطر والأهوال والشدائد فعليه أن ينقذ نفسه فلا يقترف ما يبعده عن الله تعالى ، وعليه أن يمهّد الطريق لرضاه. ويأخذ الإمام في وصيّته قائلا :

واعلم أنّ الّذي بيده خزائن السّماوات والأرض قد أذن لك في الدّعاء ، وتكفّل لك بالإجابة ، وأمرك أن تسأله ليعطيك ، وتسترحمه ليرحمك ، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه ، ولم يمنعك إن أسأت من التّوبة ، ولم يعاجلك بالنّقمة ، ولم يعيّرك بالإنابة ، ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى ، ولم يشدّد عليك في قبول الإنابة ، ولم يناقشك بالجريمة ولم يؤيسك من الرّحمة ، بل جعل نزوعك عن الذّنب حسنة ، وحسب سيّئتك واحدة ، وحسب حسنتك عشرا ، وفتح لك باب المتاب ، وباب الاستعتاب ؛ فإذا ناديته سمع نداك ، وإذا ناجيته علم نجواك ، فأفضيت إليه بحاجتك ، وأبثثته ذات نفسك ، وشكوت إليه همومك ، واستكشفته كروبك ، واستعنته على أمورك ، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره ، من زيادة الأعمار ، وصحّة الأبدان ، وسعة الأرزاق. ثمّ جعل في يديك

__________________

(١) فارتد لنفسك : أي ابعث لك رائدا من طيّبات الأعمال.

٢٥

مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته ، فمتى شئت استفتحت بالدّعاء أبواب نعمته ، واستمطرت شآبيب رحمته ، فلا يقنّطنّك إبطاء إجابته ، فإنّ العطيّة على قدر النّيّة.

وربّما أخّرت عنك الإجابة ، ليكون ذلك أعظم لأجر السّائل ، وأجزل لعطاء الآمل. وربّما سألت الشّيء فلا تؤتاه ، وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك ، فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته ، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله ، وينفى عنك وباله ؛ فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له ...

حوى هذا المقطع بعض الامور البالغة الأهمّية وهي :

١ ـ أنّ الله تعالى قد أذن لعباده بالدعاء وضمن لهم الإجابة.

٢ ـ أنّ الله تعالى لم يجعل بينه وبين عباده حجابا ، فقد فتح أبوابه للسائلين تفضّلا منه ورحمة.

٣ ـ أنّ الله تعالى قد تفضّل وتكرّم على عباده ففتح لهم أبواب التوبة إذا شذّوا في سلوكهم واقترفوا ما لا يرضيه ولم يعجّل لهم بالعقوبة ، ولم يفضحهم بين العباد.

٤ ـ وكان من لطف الله تعالى على عباده بأن جعل من يرتكب سيّئة تسجّل له سيّئة واحدة ، ومن يفعل حسنة تسجّل له عشر حسنات تشجيعا على عمل الخيرات والمبرّات.

٥ ـ أنّ من ألطاف الله تعالى على عباده أن جعل بأيديهم مفاتيح خزائنه ، وهو الدعاء ، فإنّه من فيوضاته تعالى على العباد ، والدعاء ربّما يجاب بالوقت ، وربّما يؤخّر لمصلحة تعود على العبد يجهلها ، وقد عرضنا إلى تفصيل ذلك في بعض أجزاء هذه الموسوعة. ويستمرّ الإمام عليه‌السلام في وصيّته قائلا :

٢٦

واعلم يا بنيّ! أنّك إنّما خلقت للآخرة لا للدّنيا ، وللفناء لا للبقاء ، وللموت لا للحياة ؛ وأنّك في منزل قلعة ودار بلغة ، وطريق إلى الآخرة ، وأنّك طريد الموت الّذي لا ينجو منه هاربه ، ولا يفوته طالبه ، ولا بدّ أنّه مدركه ، فكن منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيّئة ، قد كنت تحدّث نفسك منها بالتّوبة ، فيحول بينك وبين ذلك ، فإذا أنت قد أهلكت نفسك ...

انّ الإنسان خلق للآخرة لا للدنيا ، وللموت لا للبقاء ، وأنّ الموت يلاحقه حتى ينتزعه من الدنيا ، وعلى الإنسان الواعي أن يبادر للتوبة عمّا صدر منه من المعاصي قبل فوات الأوان منه .. ثمّ قال الإمام عليه‌السلام :

يا بنيّ! أكثر من ذكر الموت ، وذكر ما تهجم عليه ، وتفضي بعد الموت إليه ، حتّى يأتيك وقد أخذت منه حذرك ، وشددت له أزرك ، ولا يأتيك بغتة فيبهرك.

وإيّاك أن تغترّ بما ترى من إخلاد أهل الدّنيا إليها ، وتكالبهم عليها ، فقد نبّأك الله عنها ، ونعت هي لك عن نفسها ، وتكشّفت لك عن مساويها ، فإنّما أهلها كلاب عاوية ، وسباع ضارية يهرّ بعضها على بعض ، ويأكل عزيزها ذليلها ، ويقهر كبيرها صغيرها.

نعم معقّلة ، وأخرى مهملة ، قد أضلّت عقولها ، وركبت مجهولها.

سروح عاهة (١) بواد وعث ، ليس لها راع يقيمها ، ولا مسيم يسيمها (٢).

__________________

(١) السروح العاهة : هي الإبل السائبة التي ترعى الآفات.

(٢) يسيمها : أي يسرحها إلى المرعى.

٢٧

سلكت بهم الدّنيا طريق العمى ، وأخذت بأبصارهم عن منار الهدى ، فتاهوا في حيرتها ، وغرقوا في نعمتها ، واتّخذوها ربّا ، فلعبت بهم ولعبوا بها ، ونسوا ما وراءها.

رويدا يسفر الظّلام ، كأن قد وردت الأظعان ؛ يوشك من أسرع أن يلحق!

واعلم يا بنيّ أنّ من كانت مطيّته اللّيل والنّهار ، فإنّه يسار به وإن كان واقفا ، ويقطع المسافة وإن كان مقيما وادعا ...

تحدّث الإمام عليه‌السلام في هذا المقطع عن الاكثار لذكر الموت والتبصّر بما بعده فإنّه يصرف الإنسان من فتن الدنيا وبوائقها ويهدي إلى الطريق المستقيم ، كما حذّر عليه‌السلام من الافتتان بما يراه الإنسان من تكالب أهل الدنيا وتصارعهم على الحصول على غنائمها فإنهم الكلاب العاوية والسباع الضارية ، يأكل القوي منهم الضعيف ، ويقهر الكبير الصغير ، فهم كالأنعام بل أضلّ سبيلا. هذا بعض ما احتوت عليه هذه الكلمات ، ويأخذ الإمام في عرض وصاياه قائلا :

وأعلم يقينا أنّك لن تبلغ أملك ، ولن تعدو أجلك ، وأنّك في سبيل من كان قبلك. فخفّض في الطّلب ، وأجمل في المكتسب ، فإنّه ربّ طلب قد جرّ إلى حرب (١) ؛ فليس كلّ طالب بمرزوق ، ولا كلّ مجمل بمحروم.

وأكرم نفسك عن كلّ دنيّة وإن ساقتك إلى الرّغائب ، فإنّك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا.

ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّا. وما خير خير لا ينال

__________________

(١) الحرب : سلب المال.

٢٨

إلاّ بشرّ ، ويسر لا ينال إلاّ بعسر؟! ...

وهذه اللوحة من كلام الإمام عليه‌السلام من ذخائر الآداب الإسلامية ، وقد حفلت بما يلي :

١ ـ الإجمال في طلب الرزق ، وأنّ ليس من الفكر التهالك على طلب الرزق ، فإنّه مكتوب للإنسان ، فليس الطالب بمرزوق ولا المجمل بمحروم.

٢ ـ صيانة النفس عن كلّ دنيّة ومنقصة ، فإنّ كرامتها أغلى وأثمن من كلّ شيء.

٣ ـ أن لا يكون الإنسان عبدا لغيره ، فقد جعله الله تعالى حرّا ، والحرية من أثمن ما يملكه الإنسان في حياته .. ومن بنود هذه الوصية قوله عليه‌السلام :

وإيّاك أن توجف (١) بك مطايا الطّمع ، فتوردك مناهل الهلكة.

وإن استطعت ألاّ يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فإنّك مدرك قسمك ، وآخذ سهمك ، وإنّ اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلّ منه ...

عرض الإمام عليه‌السلام إلى الكفّ عن الطمع الذي يورد الناس موارد الهلكة ، وعلى الإنسان أن يعتصم بالله تعالى الذي بيده جميع مجريات الأحداث ، فالتمسّك به من أثمن ما يظفر به الإنسان في حياته .. ومن مواد هذه الوصية قوله عليه‌السلام :

وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك.

وحفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء. وحفظ ما في يديك أحبّ إليّ من طلب ما في يدي غيرك. ومرارة اليأس خير من الطّلب إلى النّاس. والحرفة مع العفّة خير من الغنى مع الفجور. والمرء أحفظ لسرّه. وربّ ساع فيما

__________________

(١) توجف : أي تسرع.

٢٩

يضرّه! من أكثر أهجر. ومن تفكّر أبصر.

قارن أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشّرّ تبن عنهم. بئس الطّعام الحرام! وظلم الضّعيف أفحش الظّلم. إذا كان الرّفق خرقا كان الخرق رفقا (١). ربّما كان الدّواء داء ، والدّاء دواء. وربّما نصح غير النّاصح ، وغشّ المستنصح (٢) ...

عرض الإمام عليه‌السلام في هذه الكلمات إلى جواهر الحكمة وخلاصة العرفان والآداب ، فقد استهدفت بناء شخصيّة الإنسان على اصول الاستقامة والفضائل.

ويستمرّ الإمام المربّي في عرض وصاياه ونصائحه الذهبية قائلا :

وإيّاك والاتّكال على المنى فإنّها بضائع النّوكى ، والعقل حفظ التّجارب ، وخير ما جرّبت ما وعظك.

بادر الفرصة قبل أن تكون غصّة. ليس كلّ طالب يصيب ، ولا كلّ غائب يؤوب. ومن الفساد إضاعة الزّاد ، ومفسدة المعاد. ولكلّ أمر عاقبة ، سوف ياتيك ما قدّر لك. التّاجر مخاطر ، وربّ يسير أنمى من كثير! لا خير في معين مهين ، ولا في صديق ظنين. ساهل الدّهر ما ذلّ لك قعوده (٣) ، ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه ...

أرأيتم هذه الحكم التي صاغها أمير البيان والتي هي منحوتة من صميم الواقع وخلاصة التجارب؟ ويقول عليه‌السلام :

__________________

(١) المراد أنّ المقام إذا كان يلزم العنف فيكون إبداله بالرفق عنفا ويكون العنف من الرفق.

(٢) المستنصح : من يطلب منه النصح.

(٣) القعود : ما يعقده الراعي من الإبل.

٣٠

وإيّاك أن تجمح بك مطيّة اللّجاج. احمل نفسك من أخيك عند صرمه (١) على الصّلة ، وعند صدوده على اللّطف والمقاربة ، وعند جموده على البذل ، وعند تباعده على الدّنوّ ، وعند شدّته على اللّين ، وعند جرمه على العذر ، حتّى كأنّك له عبد ، وكأنّه ذو نعمة عليك ، وإيّاك أن تضع ذلك في غير موضعه ، أو أن تفعله بغير أهله.

لا تتّخذنّ عدوّ صديقك صديقا فتعادي صديقك ، وامحض أخاك النّصيحة ، حسنة كانت أو قبيحة ، وتجرّع الغيظ فإنّي لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ، ولا ألذّ مغبّة (٢).

ولن لمن غالظك ، فإنّه يوشك أن يلين لك ، وخذ على عدوّك بالفضل فإنّه أحلى الظّفرين (٣). وإن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقيّة يرجع إليها إن بدا له ذلك يوما ما. ومن ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه ، ولا تضيعنّ حقّ أخيك اتّكالا على ما بينك وبينه ، فإنّه ليس لك بأخ من أضعت حقّه. ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك ، ولا ترغبنّ فيمن زهد عنك ، ولا يكوننّ أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته ، ولا تكوننّ على الإساءة أقوى منك على الإحسان.

ولا يكبرنّ عليك ظلم من ظلمك ، فإنّه يسعى في مضرّته ونفعك ، وليس جزاء من سرّك أن تسوءه ...

وضع الإمام الحكيم مناهج الاجتماع وقواعد الصداقة وما تستلزمه من

__________________

(١) الصرم : القطيعة.

(٢) المغبة : العاقبة.

(٣) الظفران : هنا ظفر الانتقام ، وظفر الإحسان ، والثاني أحلى.

٣١

الأخلاق والآداب ، وهذه النصائح من أثمن ما اثر عن علماء الأخلاق والاجتماع.

ولنستمع إلى بعض فصول هذه الوصية الخالدة ، يقول عليه‌السلام :

واعلم يا بنيّ! أنّ الرّزق رزقان : رزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن أنت لم تأته أتاك. ما أقبح الخضوع عند الحاجة ، والجفاء عند الغنى! إنّما لك من دنياك ، ما أصلحت به مثواك ، وإن كنت جازعا على ما تفلّت من يديك ، فاجزع على كلّ ما لم يصل إليك. استدلّ على ما لم يكن بما قد كان ، فإنّ الأمور أشباه ؛ ولا تكوننّ ممّن لا تنفعه العظة إلاّ إذا بالغت في إيلامه ، فإنّ العاقل يتّعظ بالآداب ، والبهائم لا تتّعظ إلاّ بالضّرب. اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصّبر وحسن اليقين. من ترك القصد (١) جار والصّاحب مناسب (٢) ، والصّديق من صدق غيبه (٣). والهوى شريك العمى ، وربّ بعيد أقرب من قريب ، وقريب أبعد من بعيد ، والغريب من لم يكن له حبيب.

من تعدّى الحقّ ضاق مذهبه ، ومن اقتصر على قدره كان أبقى له.

وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله سبحانه. ومن لم يبالك (٤) فهو عدوّك. قد يكون اليأس إدراكا ، إذا كان الطّمع هلاكا. ليس كلّ عورة تظهر ، ولا كلّ فرصة تصاب ، وربّما أخطأ البصير قصده ، وأصاب الأعمى رشده.

__________________

(١) القصد : الاعتدال.

(٢) الصاحب مناسب : أي يراعى فيه ما يراعى في النسب.

(٣) المراد مراعاة حقّ الصديق في حال غيبته.

(٤) من لم يبالك : أي لم يهتمّ بأمرك.

٣٢

أخّر الشّرّ فإنّك إذا شئت تعجّلته ، وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. من أمن الزّمان خانه ، ومن أعظمه أهانه. ليس كلّ من رمى أصاب. إذا تغيّر السّلطان تغيّر الزّمان. سل عن الرّفيق قبل الطّريق ، وعن الجار قبل الدّار ...

وحوت هذه البنود المشرقة آيات محكمات من الوصايا القيّمة ، والنصائح الرفيعة التي هي من ذخائر الحكمة ومن مناجم الآداب ، والتي لم يؤثر مثلها من أحد من عظماء الدنيا سوى الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد وضعت المناهج الكاملة لحسن السلوك ، ولما يسمو به ويسعد به هذا الكائن الحيّ من بني الإنسان .. ولنقرأ البند الأخير من هذه الوصية ، قال عليه‌السلام :

إيّاك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا ، وإن حكيت ذلك عن غيرك.

وإيّاك ومشاورة النّساء فإنّ رأيهنّ إلى أفن (١) ، وعزمهنّ إلى وهن.

واكفف عليهنّ من أبصارهنّ بحجابك إيّاهنّ ، فإنّ شدّة الحجاب أبقى عليهنّ ، وليس خروجهنّ بأشدّ من إدخالك من لا يوثق به عليهنّ ، وإن استطعت ألاّ يعرفن غيرك فافعل. ولا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فإنّ المرأة ريحانة ، وليست بقهرمانة (٢). ولا تعد بكرامتها نفسها ، ولا تطمعها في أن تشفع لغيرها. وإيّاك والتّغاير في غير موضع غيرة (٣) ، فإنّ ذلك يدعو الصّحيحة إلى السّقم ، والبريئة إلى الرّيب.

واجعل لكلّ إنسان من خدمك عملا تأخذه به ، فإنّه أحرى ألاّ يتواكلوا

__________________

(١) الأفن : ضعف الرأي.

(٢) القهرمان : الذي يحكم في الامور ويتصرّف فيها بأمره.

(٣) التغاير : إظهار الغيرة على المرأة بسوء الظنّ فيها من غير موجب.

٣٣

في خدمتك (١). وأكرم عشيرتك ، فإنّهم جناحك الّذي به تطير ، وأصلك الّذي إليه تصير ، ويدك الّتي بها تصول.

استودع الله دينك ودنياك ، واسأله خير القضاء لك في العاجلة والآجلة ، والدّنيا والآخرة ، والسّلام » (٢).

وانتهت هذه الوصية وهي حافلة بالقيم الكريمة ، والمثل العليا ، والنصائح الرفيعة التي لم يؤثر نظيرها عن أي خليفة من خلفاء المسلمين ، وقد جاءت معبّرة عن مثل الإمام عليه‌السلام وطاقاته العلمية التي أضاءت سماء الإسلام.

وصيّة اخرى لولده الإمام الحسن عليه‌السلام

وأوصى الإمام عليه‌السلام ولده الزكي الإمام الحسن عليه‌السلام بهذه الوصية :

اوصيك أي بنيّ! بتقوى الله ، وإقام الصّلاة لوقتها ، وإيتاء الزّكاة عند محلّها ، وحسن الوضوء ؛ فإنّه لا صلاة إلاّ بطهور ، ولا تقبل صلاة من مانع زكاة ، واوصيك بغفر الذّنب ، وكظم الغيظ ، وصلة الرّحم ، والحلم عند الجهل ، والتّفقّه في الدّين ، والتّثبّت في الأمر ، والتّعاهد للقرآن ، وحسن الجوار ، والأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ، واجتناب الفواحش كلّها في كلّ ما عصي الله فيه » (٣).

__________________

(١) يتواكلوا : أي يتّكل بعضهم على بعض في خدمتك.

(٢) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ٣ : ٣٧ ـ ٥٧.

(٣) نهج السعادة ١ : ١٥١.

٣٤

وصيّته

للإمام الحسين عليه‌السلام

« يا بنيّ! اوصيك بتقوى الله في الغنى والفقر ، وكلمة الحقّ فى الرّضى والغضب ، والقصد فى الغنى والفقر ، وبالعدل على الصّديق والعدوّ ، وبالعمل في النّشاط والكسل ، والرّضى من الله في الشّدّة والرّخاء.

وحفلت هذه الفقرات بجميع القيم الكريمة ، والمثل الإنسانية ، وقد غرسها في أعماق سيّد الشهداء وأبي الأحرار لتكون منهجا له في حياته ، ويأخذ الإمام في وصيّته قائلا :

واعلم أي بنيّ! إنّه من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره.

ومن رضي بقسم الله لم يحزن على ما فاته. ومن سلّ سيف البغي قتل به.

ومن حفر بئرا لأخيه وقع فيها. ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته. ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره. ومن كابد الامور عطب. ومن اقتحم الغمرات غرق.

ومن اعجب برأيه ضلّ. ومن استغنى بعقله زلّ. ومن تكبّر على النّاس ذلّ. ومن سفه عليهم شتم. ومن دخل مداخل السّوء اتّهم. ومن خالط الأنذال حقّر. ومن جالس العلماء وقّر. ومن مزح استخفّ به.

ومن اعتزل سلم. ومن ترك الشّهوات كان حرّا. ومن ترك الحسد كانت له المحبّة عند النّاس.

٣٥

أرأيتم هذه الوصايا القيّمة التي تسمو بالإنسان ، وتجعله في مصاف الملائكة! وحسبها عظمة أنّها وصايا إمام المتّقين وسيّد العارفين .. ويأخذ الإمام في وصيّته قائلا :

يا بنيّ! عزّ المؤمن غناه عن النّاس. والقناعة مال لا ينفد. ومن أكثر ذكر الموت رضي من الدّنيا باليسير. ومن علم أنّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما ينفعه. العجب ممّن خاف العقاب ورجا الثّواب فلم يعمل. الذّكر نور.

والغفلة ظلمة. والجهالة ضلالة. والسّعيد من وعظ بغيره. والأدب خير ميراث. وحسن الخلق خير قرين.

يا بنيّ! رأس العلم الرّفق ، وآفته الخرق. ومن كنوز الإيمان الصّبر على المصائب.

والعفاف زينة الفقر ، والشّكر زينة الغنى. ومن أكثر من شيء عرف به ، ومن كثر كلامه كثر خطؤه ، ومن كثر خطاؤه قل حياؤه ، ومن قل حياؤه قل ورعه ، ومن قلّ ورعه مات قلبه ، ومن مات قلبه دخل النّار.

يا بنيّ! لا تؤيس مذنبا ، فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير ، وكم من مقبل على عمله مفسد له في آخر عمره صائر إلى النّار. من تحرّى الصّدق خفّت عليه الامور.

يا بنيّ! كثرة الزّيارة تورث الملالة.

يا بنيّ! الطّمأنينة قبل الخبرة ضدّ الحزم. وإعجاب المرء بنفسه يدلّ على ضعف عقله.

أرأيتم هذه الحكم التي تفجّرت من أمير البيان ، وهي تبني صرحا للأخلاق والآداب؟ وتؤسّس مناهج التربية التي ترفع مستوى الإنسان ، وتجعله خليفة الله

٣٦

في أرضه؟ ويستمر الإمام في وصيّته قائلا :

يا بنيّ! كم من نظرة جلبت حسرة! وكم من كلمة جلبت نعمة.

لا شرف أعلى من الإسلام ، ولا كرم أعلى من التّقوى. ولا معقل أحرز من الورع. ولا شفيع أنجح من التّوبة. ولا لباس أجمل من العافية.

ولا مال أذهب للفاقة من الرّضى بالقوت. ومن اقتصر على بلغة الكفاف تعجّل الرّاحة وتبوّأ خفض الدّعة. الحرص مفتاح التّعب ومطيّة النّصب وداع إلى التّقحّم في الذّنوب والشّرّ جامع لمساوي العيوب وكفاك أدبا لنفسك ما كرهته من غيرك. لأخيك مثل الّذي عليك. ومن تورّط في الامور من غير نظر في الصّواب فقد تعرّض لمفاجأة النّوائب. التّدبير قبل العمل يؤمنك النّدم. من استقبل وجوه العمل والآراء عرف مواقع الخطأ. الصّبر جنّة من الفاقة. في خلاف النّفس رشدها. السّاعات تنتقص الأعمار. ويل للباغين من أحكم الحاكمين وعالم بضمير المضمرين. بئس الزّاد للمعاد العدوان على العباد. في كلّ جرعة شرقة ، وفي كلّ اكلة غصص. لا تنال نعمة إلاّ بفراق اخرى. ما أقرب الرّاحة من التّعب! والبؤس من النّعيم! والموت من الحياة! فطوبى لمن أخلص لله عمله وعلمه وحبّه وبغضه وأخذه وتركه وكلامه وصمته وبخّ بخّ لعالم علم فكفّ ، وعمل فجدّ ، وخاف التباب (١) فأعدّ واستعدّ ، إن سئل أفصح ، وإن ترك سكت ، كلامه صواب وصمته من غير عيّ جواب.

والويل كلّ الويل لمن بلي بحرمان وخذلان وعصيان واستحسن لنفسه ما يكرهه لغيره ، من لانت كلمته وجبت محبّته ، من لم يكن له حياء

__________________

(١) التباب : الهلاك والخسران ، ومنه قوله تعالى : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ... ).

٣٧

ولا سخاء فالموت أولى به من الحياة ، لا تتمّ مروءة الرّجل حتّى لا يبالي أيّ ثوبيه لبس ، ولا أيّ طعاميه أكل ... » (١).

وأنت ترى هذه الوصية قد تمثّلت بها جميع القيم التربوية والأخلاقية التي تكون منهجا لحياة فضلى تتوفّر فيها آداب السلوك ومحاسن الفضائل.

__________________

(١) حياة الإمام الحسين عليه‌السلام ١ : ٤٩ ـ ٥١ ، نقلا عن الإعجاز والإيجاز : ص ٣٣.

٣٨

وصاياه

لأبنائه

أوصى الإمام عليه‌السلام أبناءه بهذه الوصية التي رسم فيها سلوكهم مع المجتمع ، قال عليه‌السلام :

« يا بنيّ! عاشروا النّاس بالمعروف معاشرة إن عشتم حنّوا إليكم وإن متّم بكوا عليكم » (١).

وهذه الوصية تدعو إلى تعامل الإنسان مع المجتمع معاملة كريمة وذلك بمواساة الناس في أحزانهم ومسرّاتهم ، والبرّ بضعيفهم وفقيرهم. ومن الطبيعي أنّ هذه السيرة توجب أن يحتلّ المتّصف بها قلوب الناس وعواطفهم.

وأوصى الإمام أبناءه بهذه الوصية حينما ضربه ابن ملجم عليه لعنة الله ، قال عليه‌السلام :

« عليكم بتقوى الله وطاعته ، ولا تأسوا على ما صرف عنكم منها ـ أي من الدنيا ـ وانهضوا إلى عبادة ربّكم ، وشمّروا عن ساق الجدّ ، ولا تثاقلوا إلى الأرض ، وتقرّوا بالخسّ ، وتبوءوا بالذّلّ.

اللهمّ اجمعنا وإيّاهم على الهدى ، وزهّدنا وإيّاهم في الدّنيا ،

__________________

(١) تذكرة الخواص ـ ابن الجوزي : ١٥٢.

٣٩

واجعل الآخرة خيرا لنا ولهم من الاولى ... » (١).

دعا الإمام في هذه الوصية أبناءه إلى عبادة الله تعالى وطاعته ، وأن يعيشوا في هذه الحياة عيشة كريمة عارية من الذلّ والعبودية.

__________________

(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ٢ : ٢٥١ ، نقلا عن ابن قتيبة.

٤٠