موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٦

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٦

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٥٢

[٤٩] حسن الاعتراف :

قال عليه‌السلام : حسن الاعتراف يهدم الاقتراف.

إنّ حسن الاعتراف بالخطإ يهدم اقتراف السيّئات.

[٥٠] تحمّل زلّة الصديق :

قال عليه‌السلام : احتمل زلّة وليّك لوقت وثبة عدوّك.

إنّ الإنسان الكامل يحتمل زلّة صديقه ولا يقابله بالمثل فيدّخر ذلك لوثبة عدوّه.

[٥١] إنفاق المال لإصلاح الحال :

قال عليه‌السلام : لم يضع من مالك ما بصّرك صلاح حالك.

إنّ المال الذي ينفقه الإنسان على إصلاح حاله فإنّه ليس بضائع ، وهو من أفضل ما يملكه الإنسان من الأموال وأكثرها عائدة عليه.

[٥٢] القصد في الامور :

قال عليه‌السلام : القصد أسهل من التّعسّف ، والكفّ أودع من التّكلّف.

إنّ القصد في الامور أسهل بكثير من التعسّف ، كما أنّ الكفّ وعدم التدخّل في الامور التي لا فائدة فيها أولى من التكلّف فيما لا يعني الإنسان.

[٥٣] ظلم العباد :

قال عليه‌السلام : شرّ الزّاد إلى المعاد احتقاب ظلم العباد.

إنّ أسوأ وزر يذخره الإنسان ليوم معاده ظلم العباد والاعتداء عليهم.

١٠١

[٥٤] شكر النعمة :

قال عليه‌السلام : لا نفاد لفائدة إذا شكرت ، ولا بقاء لنعمة إذا كفرت.

إنّ النعم التي يهبها الله لعباده إذا قوبلت بالشكر لا نفاد لها ، وإذا كفر بها فلا بقاء لها.

[٥٥] حسن الخلق :

قال عليه‌السلام : ربّ عزيز أذلّه خلقه ، وذليل أعزّه خلقه ».

إنّ العزيز في قومه إذا كان سيّئ الخلق فإنّه يعيش بينهم ذليلا كما أنّ الذليل يعيش عزيزا في قومه إذا كان حسن الخلق.

[٥٦] التجارب :

قال عليه‌السلام : من لم يجرّب الامور خدع ، ومن صارع الحقّ صرع.

إنّ التجارب في الامور هي المقياس في نجاح الشخص في حياته ، كما أنّ من صارع الحقّ ووقف مناجزا له فإنّ الحقّ يصرعه.

[٥٧] الأجل :

قال عليه‌السلام : لو عرف الأجل قصر الأمل.

إنّ الإنسان إذا عرف أجله ومتى سيرحل عن هذه الحياة فإنّ آماله سوف تقصر.

[٥٨] المشاورة في الامور :

قال عليه‌السلام : من شاور ذوي الألباب دلّ على الصّواب.

١٠٢

إنّ من يشاور في اموره ذوي الأفكار السديدة فإنّه يرشد إلى الصواب.

[٥٩] القناعة :

قال عليه‌السلام : من قنع باليسير استغنى عن الكثير ، ومن لم يستغن بالكثير افتقر إلى الحقير.

القناعة كنز لا يفنى ، فمن قنع باليسير استغنى عن الكثير ، وكان في راحة نفسية ، كما أنّ من لم يستغن بالكثير فإنّه يفتقر بخساسة نفسه إلى الحقير من الأشياء.

[٦٠] من أمّل إنسانا هابه :

قال عليه‌السلام : من أمّل إنسانا هابه ، ومن قصر عن معرفة شيء عابه.

إنّ من يؤمّل شخصا ليسدي إليه معروفا فإنّه يهابه ويعظمه كما أنّ من قصر عن معرفة شيء فإنّه يحتقره ويعيبه.

[٦١] الاستصحاب :

قال عليه‌السلام : من كان على يقين فأصابه شكّ فليمض على يقينه ؛ فإنّ اليقين لا يدفع بالشّكّ.

أسّس عليه‌السلام بهذه الكلمات قاعدة اصولية وهي الاستصحاب ، وهي عدم نقض اليقين بالشكّ ، وإنّما ينقض بيقين مثله.

[٦٢] المؤمن في تعب :

قال عليه‌السلام : المؤمن من نفسه في تعب ، والنّاس منه في راحة.

١٠٣

إنّ المؤمن في تعب دائم لأنّه يناهض رغباته وميوله وهواه ، كما أنّ الناس منه في راحة لأنّه لا يصدر منه سوى الخير.

[٦٣] الكسل :

قال عليه‌السلام : من كسل لم يؤدّ حقّا لله تعالى.

إنّ الشخص إذا اصيب بالكسل فإنّه لا يقوم بأي عمل يرضي الله تعالى.

[٦٤] من كنوز الجنة :

قال عليه‌السلام : ثلاثة من كنوز الجنّة ، كتمان الصّدقة ، وكتمان المصيبة ، وكتمان المرض.

إنّ هذه الخصال الكريمة من أسمى ما يتّصف به الإنسان من المثل الكريمة.

[٦٥] الاستغناء والاحتياج :

قال عليه‌السلام : احتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغن عمّن شئت تكن نظيره ، وأفضل على من شئت تكن أميره.

وهذه الحكم من روائع الأدب العلوي ، فقد حكت واقع الحياة الاجتماعية ، وصنوف الناس.

[٦٦] الجود :

قال عليه‌السلام : الجود من كرم الطّبيعة ، والمنّ مفسدة للطّبيعة.

إنّ السخاء من أفضل الصفات الشريفة ، ولكنّ المنّ يفسده.

١٠٤

[٦٧] ترك التعاهد للصديق :

قال عليه‌السلام : ترك التّعاهد للصّديق داعية للقطيعة.

إنّ إهمال زيارة الصديق وعدم تعاهده ممّا يدعو إلى القطيعة.

[٦٨] طلب الرزق :

قال عليه‌السلام : اطلبوا الرّزق فإنّه مضمون لطالبه.

حثّ الإمام عليه‌السلام على السعي لطلب الرزق ، وأنّه مضمون لمن سعى إليه.

[٦٩] خير الغنى :

قال عليه‌السلام : خير الغنى ترك السّؤال ، وشرّ الفقر لزوم الخضوع.

إنّ أسمى صورة لغنى النفس ترك السؤال ، وعدم إظهار الحاجة إلى الناس ، وشرّ الفقر الخضوع والتذلّل إلى الناس.

[٧٠] التجارب :

قال عليه‌السلام : لو لا التّجارب عميت المذاهب.

إنّ التجارب هي التي أوصلت الإنسان إلى أرقى مستويات الرقي ، وأبصرته حقيقة الأشياء.

[٧١] سعة الأمل :

قال عليه‌السلام : من اتّسع أمله قصر عمله.

إنّ من يتّسع أمله في الدنيا ويبعد الموت عن نفسه فإنّه يقصر عمله لدار الآخرة.

١٠٥

[٧٢] أشكر الناس وأكفرهم :

قال عليه‌السلام : أشكر النّاس أقنعهم ، وأكفرهم للنّعم أجشعهم.

إنّ من يقنع بما قسم الله له ، حتّى لو كان قليلا ، يعدّ أشكر الناس لله ، ومن لا يقنع بما أنعم الله عليه ، يعدّ كفّارا للنّعم.

[٧٣] إمهال الله لفرعون :

قال عليه‌السلام : إنّما امهل فرعون مع دعواه لسهولة إذنه وبذل طعامه (١).

إنّ الله تعالى إنّما أمهل فرعون مع عظيم ذنبه وادّعائه للربوبية ولم يؤاخذه ويعجّل عليه العقوبة وسبب ذلك سهولة الدخول عليه ، وبذله الطعام.

[٧٤] صفحات الوجه مرآة للإنسان :

قال عليه‌السلام : ما أضمر إنسان شيئا إلاّ ظهر في صفحات وجهه وفلتات لسانه (٢).

إنّ ما يضمره الإنسان في دخائل نفسه يظهر على سحنات وجهه وفلتات لسانه.

[٧٥] قيمومة الرجل على أهله :

قال عليه‌السلام : لا يكون الرّجل قيّم أهله حتّى لا يبالي ما سدّ به فورة

__________________

(١) ربيع الأبرار ٤ : ٢٤٥.

(٢) صبح الأعشى ٧ : ٢٦٧.

١٠٦

الجوع ، ولا يبالي أيّ ثوبيه ابتذل (١).

إنّ الرجل إنّما يكون قيّما على أهله إذا قام بشئونهم ، ورعى مصالحهم ، وقدّمها على نفسه.

[٧٦] سعادة الإنسان :

قال عليه‌السلام : من سعادة المرء أن تكون زوجته موافقة ، وأولاده أبرارا ، وإخوانه صالحين ، ورزقه في بلده الّذي فيه أهله (٢).

إنّ من ظفر بهذه الامور فهو من أسعد الناس ، ومن أكثرهم حظّا في الدنيا.

[٧٧] الكرم :

قال عليه‌السلام : كلّ عيب الكرم يغطّيه (٣).

وقد صحّفت هذه الكلمة الذهبية إلى : « كلّ عيب الكرم يعطيه ».

[٧٨] جمال الرجل والمرأة :

قال عليه‌السلام : جمال الرّجل في عمّته ، وجمال المرأة في خفّها (٤).

إنّ جمال الرجل الظاهري في صورته وعمّته ، والمرأة زينتها في حليّها ومنها الخفّ.

__________________

(١) حلية الأولياء ٧ : ٣٠٦.

(٢) بهجة المجالس ١ : ٢٢١ ـ ٢٢٢.

(٣) مفتاح السعادة ١ : ٥٤.

(٤) البيان والتبيين ٢ : ٨٨.

١٠٧

[٧٩] بعض الخصال السيّئة :

قال عليه‌السلام : لا تكوننّ كمن يعجز عن شكر ما اوتي ، ويبتغي الزّيادة فيما بقي ، ينهى ولا ينتهي ، ويأمر النّاس بما لا يأتي ؛ ويبغض المسيئين وهو منهم ، يكره الموت لكثرة ذنوبه ، ولا يدعها في طول حياته (١).

نهى الإمام عن هذه الخصال السيّئة التي تكشف عن ضعف ما اتّصف بها.

[٨٠] موعظة :

ذمّ رجل الدنيا عند الإمام عليه‌السلام فردّ عليه بقوله :

الدّنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار نجاة لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزوّد منها ، ومهبط وحي الله تعالى ، ومصلّى ملائكته ، ومسجد أنبيائه ، ومتجر أوليائه. ربحوا فيها الرّحمة ، واكتسبوا فيها الجنّة.

فمن ذا الّذي يذمّها وقد آذنت ببينها ، ونادت بفراقها ، وشبّهت بسرورها السّرور ، وببلائها البلاء ترغيبا وترهيبا.

فيا أيّها الذّام للدّنيا! المعلّل نفسه ، متى خدعتك الدّنيا أم متى استذمّت إليك؟ أبمصارع آبائك في البلى؟ أم بمضاجع امّهاتك في الثّرى؟ كم مرّضت بيديك؟ وكم علّلت بكفّيك؟ تطلب له الشّفاء ، وتستوصف له الأطبّاء غداة لا يغني عنه دواؤك ، ولا ينفعه بكاؤك ، ولا تنجيه شفقتك ، ولا تشفع فيه طلبتك (٢).

__________________

(١) البيان والتبيين ٢ : ١١١.

(٢) المصدر السابق : ١٩٠ ـ ١٩١.

١٠٨

وحفلت هذه الكلمات بالمواعظ القيّمة والنصائح الرفيعة التي تضمن النجاة والسلامة لمن أخذ بها.

[٨١] التواضع للأغنياء :

قال عليه‌السلام : ومن أتى غنيّا فتواضع له لغناه ذهب ثلثا دينه (١).

إنّ الإسلام ينشد العزّة والكرامة للمسلمين ، فالتواضع ينبغي أن يكون لله تعالى وحده ، دون غيره فإنّه ليس من الإسلام في شيء التواضع للأغنياء.

[٨٢] الصدقة :

قال عليه‌السلام : إذا أملقتم فتاجروا الله بالصّدقة (٢).

إنّ الصدقة مفتاح الرزق ، وقد تظافرت الأخبار بالحثّ عليها ، وأنّها من أسباب السعة في العيش.

٨٣ الكريم :

قال عليه‌السلام : الكريم لا يلين على قسر ـ أي عسر ـ ولا يقسو على يسر (٣).

إنّ الكريم إذا ضاقت اموره لا يلين لغيره ، وإذا اتّسعت اموره فلا يقسو على غيره.

__________________

(١) ربيع الأبرار ٤ : ١٤٩.

(٢) البصائر والذخائر : ٣٧.

(٣) الحكمة ٨٣ إلى الحكمة ٨٨ عن كتاب التمثيل والمحاضرة ـ الثعالبي : ٣٠.

١٠٩

[٨٤] التوبة آخر العمر :

قال عليه‌السلام : بقيّة عمر المؤمن لا ثمن لها يدرك بها ما فات ويحيي بها ما أمات.

إنّ آخر عمر الإنسان من أثمن أيام حياته إن بادر إلى التوبة إلى الله تعالى عمّا اقترفه من الذنوب أيام حياته.

[٨٥] الدنيا والآخرة :

قال عليه‌السلام : الدّنيا بالأموال ، والآخرة بالأعمال.

إنّ جاه الدنيا وسيادتها بالأموال ، أمّا الآخرة فسيادتها بالأعمال الصالحة.

[٨٦] الخوف من الذلّ :

قال عليه‌السلام : النّاس من خوف الذّلّ في الذّلّ.

إنّ الخوف من الذلّ يوقع الإنسان حتما في الذلّ.

[٨٧] السكوت :

قال عليه‌السلام : إنّ من السّكوت ما هو أبلغ من الجواب.

إنّ السكوت في بعض المواضع أبلغ بكثير من الكلام.

[٨٨] الصبر :

قال عليه‌السلام : الصّبر مطية لا تكبو.

الصبر من أفضل الصفات النفسية ، ويعود بالخير الكثير لمن اتّصف به.

١١٠

[٨٩] التثبّت من صحّة الخبر :

قال عليه‌السلام : اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية ، فإنّ رواة العلم كثير ، ورعاته قليل (١).

إنّ هذه الحكمة من روائع حكم الإمام عليه‌السلام ، فقد أهاب بمن يقرأ الأخبار أو يسمعها أن لا يأخذ بها أخذ المسلّمات ، ويبني على صحّتها ، بل عليه أن يفحص عن سندها لئلا يكون رواتها من الوضّاعين والكذّابين ، كما أنّ عليه أن يتأمّل في دلالتها لئلا تكون مجافية للكتاب والسنّة فيكون بذلك قد وعى الأخبار عن فكر ووعي.

[٩٠] الاستعداد للآخرة :

قال عليه‌السلام : من تذكّر بعد السّفر استعدّ.

إنّ من يتأمّل فيما يصير إليه أمره من بعد الموت من السؤال عمّا عمله من خير أو شرّ فلا بدّ أن يستعدّ لسفره بالعمل الصالح الذي هو خير زاد له.

[٩١] أهمّية العلم :

قال عليه‌السلام : قطع العلم عذر المتعلّلين.

إنّ العلم أبوابه مفتوحة وهو يدعو إلى الانتهال من نميره ، وبذلك لم يبق عذرا للجاهل.

__________________

(١) اقتبسنا هذه الحكمة وما بعدها من نهج البلاغة ـ الجزء الرابع.

١١١

[٩٢] الحرمان من العلم :

قال عليه‌السلام : إذا أرذل الله عبدا حظر عليه العلم.

إنّ الإنسان إذا لم ينوّر فكره بطلب العلم فهو من أراذل المخلوقين.

[٩٣] كلام الحكماء :

قال عليه‌السلام : إنّ كلام الحكماء إذا كان صوابا كان دواء ، وإذا كان خطأ كان داء.

إنّ كلمات الحكماء إن كانت صوابا فهي ضياء ونور لمن أخذ بها ، وإن كانت خطأ فإنّها تكون داء لمن عمل بها.

[٩٤] الحدّة :

قال عليه‌السلام : الحدّة ضرب من الجنون ، لأنّ صاحبها يندم ، فإن لم يندم فجنونه مستحكم.

إنّ الحدّة تخرج الإنسان من توازنه ، وتجعله حيوانا مفترسا وعاقبة الحدّة الندم فإن لم يندم صاحبها فجنونه مستحكم.

[٩٥] الكرم :

قال عليه‌السلام : الكرم أعطف من الرّحم.

إنّ الإحسان إلى الناس والبرّ بهم أوثق من الرحم وأقرب من النسب.

[٩٦] معرفة الله تعالى :

قال عليه‌السلام : عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم ، وحلّ العقود

١١٢

ونقض الهمم.

إنّ من وسائل معرفة الله تعالى نقض العزائم ؛ فإنّ الإنسان قد يعقد نيّته على أمر ويصمّم على تنفيذه ، ولكن سرعان ما ينقضه ويعرض عنه لأنّ الله تعالى صرفه عنه.

[٩٧] شكر النعمة :

قال عليه‌السلام : إنّ لله في كلّ نعمة حقّا ، فمن أدّاه زاده منها ، ومن قصّر فيه خاطر بزوال نعمته.

إنّ النعمة التي ينعم بها الله تعالى سواء كانت في الأموال أم في الجاه منوطة بشكر الله تعالى وإسعاف الفقراء وقضاء حوائج الناس ، ومن لم يؤدّ ذلك عرّض نعمته للزوال.

[٩٨] حسد الصديق :

قال عليه‌السلام : حسد الصّديق من سقم المودّة.

إنّ المودة للصديق إذا كانت واقعيّة لا يشوبها حسد ، وإذا عراها الحسد فإنّها سقيمة.

[٩٩] وعاء العلم :

قال عليه‌السلام : كلّ وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم ، فإنّه يتّسع به.

إنّ هذه الكلمة من روائع الأدب العلوي فإن كلّ وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم فإنّه يتّسع وينمو بما اودع فيه من صنوف العلوم.

١١٣

[١٠٠] فعل المعروف :

قال عليه‌السلام : لا يزهّدنّك في المعروف من لا يشكره لك فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشيء منه ، وقد تدرك من شكر الشّاكر أكثر ممّا أضاع الكافر ، ( وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ).

دعا الإمام عليه‌السلام إلى صنع المعروف حتى لمن لا يستحقّه ويزهد فيه ، فإنّ غيره ممّن بلغه ذلك فإنّه يشكره ويبجّله ، وبذلك لا يضيع معروف ويبقى نديا عاطرا.

[١٠١] آلة الرئاسة :

قال عليه‌السلام : آلة الرّئاسة سعة الصّدر.

إنّ الزعامة تستدعي سعة الصدر والخلق الرفيع ، ومن لا يتّصف بذلك فليس له نصيب في الرئاسة.

[١٠٢] أوضع صور العلم :

قال عليه‌السلام : أوضع العلم ما وقف على اللّسان ، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان.

إنّ أحقر صور العلم وأقلّها شأنا هي التي تكون في اللسان فقط من دون أن يتأثّر بها الإنسان في سلوكه ، وإنّ أرفع صور العلم هي التي يتأثّر بها الإنسان في عمله لا بلسانه.

[١٠٣] الاتّصال بالله تعالى :

قال عليه‌السلام : من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين

١١٤

النّاس ، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه ، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ.

إنّ أعظم سعادة للإنسان في حياته وأفضل مكسب له أن يظفر برضاء الله تعالى ، ويقيم بينه وبين خالقه المودّة فيفعل ما يرضيه ، ويجتنب عمّا يسخطه ، فإذا فعل ذلك أصلح الله له امور دنياه وآخرته.

[١٠٤] البخل عار :

قال عليه‌السلام : البخل عار ، والجبن منقصة ، والفقر يخرس الفطن عن حجّته ، والمقلّ (١) غريب في بلدته ، والعجز آفة ، والصّبر شجاعة ، والزّهد ثروة ، والورع جنّة.

تحدّث الإمام عليه‌السلام بهذه الكلمات عن الصفات السيّئة كالجبن والبخل ، كما تحدّث عن الصفات الحسنة كالصبر والزهد ، وذكر آثارها الوضعية.

[١٠٥] الفتنة :

قال عليه‌السلام : كن في الفتنة كابن اللّبون (٢) ، لا ظهر فيركب ، ولا ضرع فيحلب.

أوصى الإمام عليه‌السلام بالخلود إلى العزلة إذا اندلعت نيران الفتن ، فإنّ السلامة تكمن بالاعتزال وعدم الظهور.

__________________

(١) المقل : الفقير.

(٢) ابن اللبون : هو ابن الناقة المستكمل سنتين وهو لا ظهر له فيركب ولا ضرع فيحلب.

١١٥

[١٠٦] الطمع :

قال عليه‌السلام : أزرى بنفسه (١) من استشعر الطّمع ، ورضي بالذّلّ من كشف عن ضرّه ، وهانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه.

إنّ من ينطلق وراء أطماعه فقد احتقر نفسه لأنّ الطمع من أرذل الصفات وأخسّها ، كما أنّ من يشكو إلى الناس ما ألمّ به من ضرر وفاقة فقد رضي بالذلّ والهوان ، وكذلك من جعل للسانه سلطانا عليه فقد ازدرى بنفسه.

[١٠٧] الرضا والعلم :

قال عليه‌السلام : نعم القرين الرّضى. والعلم وراثة كريمة ، والآداب حلل مجدّدة ، والفكر مرآة صافية.

إنّ من يتحلّى بهذه الصفات الكريمة فقد حاز الفضائل النفيسة والآداب الرفيعة.

[١٠٨] الصدقة :

قال عليه‌السلام : الصّدقة دواء منجح ، وأعمال العباد في عاجلهم ، نصب أعينهم في آجالهم.

حثّ الإمام عليه‌السلام على الصدقة ، وأنّها دواء من كلّ داء ، وأنّها تدفع البلاء المبرم ، كما تظافرت الأخبار بذلك ، كما عرض الإمام عليه‌السلام إلى أنّ جميع ما يعمله الإنسان من خير أو شرّ يكون نصب عينيه

__________________

(١) أزرى بنفسه : أي احتقرها.

١١٦

في حشره ، قال تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ) (١).

[١٠٩] الانفاق في سبيل الخير :

قال عليه‌السلام : من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة.

إنّ من ينفق أمواله في سبيل الله تعالى ، وكان على يقين أنّ الله تعالى سوف يعوّضه عمّا أنفق فإنّه يجود بالعطية.

[١١٠] الاقتصاد :

قال عليه‌السلام : ما عال من اقتصد.

إنّ هذه الكلمة من دعائم الاقتصاد فإنّ من يقتصد لا يصيبه ضيق ولا بؤس.

[١١١] الصديق :

قال عليه‌السلام : لا يكون الصّديق صديقا حتّى يحفظ أخاه في ثلاث : في نكبته ، وغيبته ، ووفاته.

حدّد عليه‌السلام واقع الصداقة وأنّها تقوم على ثلاث : في مواساة الصديق في نكبته ، والمحافظة على كرامته في غيبته ، والوفاء له بعد وفاته وذلك بالترحّم والثناء عليه.

[١١٢] العمل الباقي :

قال عليه‌السلام : شتّان ما بين عملين : عمل تذهب لذّته وتبقى تبعته

__________________

(١) النجم : ٣٩ و٤٠.

١١٧

وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره.

إنّ العمل الذي تذهب لذّته وتبقى تبعته هو الانقياد للشهوات النفسية واللذائذ المحرّمة فإنّها سرعان ما تذهب وتبقى تبعاتها وعقابها ، وأمّا العمل الخالص لوجه الله تعالى فإنّ مؤونته قد انقضت ولكن يبقى أجره مدّخرا له عند الله تعالى.

[١١٣] إضاعة الفرصة :

قال عليه‌السلام : إضاعة الفرصة غصّة.

إنّ الفرصة إذا أتت على الإنسان يجب عليه أن يستغلها ، فإنّ فواتها يكون غصّة وحسرة عليه.

[١١٤] العمل مع التقوى :

قال عليه‌السلام : لا يقلّ عمل مع التّقوى ، وكيف يقلّ ما يتقبّل؟

إنّ العمل وإن كان قليلا إذا كان مشفوعا بالإخلاص والتقوى فإنّه لا يكون قليلا.

[١١٥] الذي يقيم أمر الله تعالى :

قال عليه‌السلام : لا يقيم أمر الله سبحانه إلاّ من لا يصانع ، ولا يضارع ، ولا يتّبع المطامع.

عرض عليه‌السلام إلى من يقيم الحقّ في البلاد ، وينشر دين الله تعالى بين العباد ، فلا بدّ أن تتوفّر فيه هذه الصفات :

١ ـ لا يصانع ولا يخشى أحدا.

٢ ـ أن لا يضارع أي مخلوق في أعماله الشريرة.

٣ ـ أن لا يتّبع المطامع.

١١٨

فإذا توفّرت فيه هذه الصفات فهو حري بإقامة الحقّ.

[١١٦] الهمّ :

قال عليه‌السلام : الهمّ نصف الهرم.

إنّ الهمّ يذوي بجسم الإنسان ويعرّضه للهرم والفناء.

[١١٧] عاقبة الإنسان :

قال عليه‌السلام : لكلّ امرئ عاقبة حلوة أو مرّة.

إنّ كل إنسان إذا عمل خيرا وصلحت سريرته ، واتّصل بخالقه العظيم ، فإنّ عاقبته تكون على خير ، وإذا اقترف شرّا وابتعد في سلوكه عن الله تعالى فإنّ عاقبته الخيبة والخسران.

[١١٨] الصبر :

قال عليه‌السلام : لا يعدم الصّبور الظّفر وإن طال به الزّمان.

إنّ من يصبر على عمل ويجهد نفسه عليه لا بدّ أن يظفر بنتائجه خصوصا طلب العلم.

[١١٩] طاعة من لا يعذر بجهالته :

قال عليه‌السلام : عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته.

لعلّه يشير بذلك إلى طاعة أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، فإنّ طاعتهم لا يعذر المسلم في تركها.

[١٢٠] الاستبداد :

قال عليه‌السلام : من استبدّ برأيه هلك ، ومن شاور الرّجال شاركها

١١٩

في عقولها.

إنّ الاستبداد بالرأي من دون تبصّر في عواقب الامور مظنّة للهلاك ، كما أنّ مشاورة الرجال مكرمة لأنّها مشاركة لهم في عقولهم.

[١٢١] كتمان السرّ :

قال عليه‌السلام : من كتم سرّه كانت الخيرة بيده.

من كتم سرّه نجا من كثير من المهالك ، ومن أذاعه كان عرضة للخطر والدمار.

[١٢٢] الفقر :

قال عليه‌السلام : الفقر الموت الأكبر.

أمّا الفقر فهو الكارثة المدمّرة للإنسان ، وأثر عن الإمام عليه‌السلام : « إنّ الفقر رديف الكفر ».

[١٢٣] مصاحبة المائق (١):

قال عليه‌السلام : لا تصحب المائق فإنّه يزيّن لك فعله ، ويودّ أن تكون مثله.

حذّر الإمام عليه‌السلام من مصاحبة الأحمق فإنّه يحبّذ لصاحبه أن يكون مثله في حماقته ، وذهب علماء الاجتماع إلى أنّ الحياة الاجتماعية حياة تأثير وتأثّر ، ومصاحبة الأحمق توجب أن يتأثّر صاحبه بهذه الصفة الشريرة.

__________________

(١) المائق : الأحمق.

١٢٠