الشيخ محمّد بن أحمد بن سالم بن محمّد المالكي المكّي [ الصبّاغ ]
المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٧٤
تتضمن تعظيم النبي الكريم صلىاللهعليهوسلم بالذّكر والدعاء والعبادة وقراءة القرآن ، وقد أشار صلىاللهعليهوسلم إلى فضل هذا الشهر ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم للذي سأله عن صوم يوم الاثنين قال له : «[ذاك](١) يوم ولدت فيه» (٢) ، فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي هو فيه ، فينبغي أن يحترم غاية الاحترام ؛ بشغله بالعبادة والصيام والقيام ، وإظهار السرور بظهور سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام.
وأما المبتدعات والمنكرات فهي محرّمة في كل مقام ، والله ولي الاعتصام. انتهى ما ذكره القطب.
واختلف في أيّ يوم ولد من شهر ربيع الأول ، قال العلامة الدردير في مولده : والصحيح أنه ولد في ربيع الأول يوم الاثنين ، والأصح : لثمان خلت منه ، والمشهور أنه ولد ثاني عشر ربيع الأول ، والمشهور أنه ولد يوم الاثنين نهارا بعد الفجر ، وقيل : ليلا. انتهى.
وما ذكره القطب من الاجتماع هو باق في زماننا.
فائدة : قال محمد بن جار الله : لم أقف على أول من عمل الدفوف والزفاف إلى مولد النبي صلىاللهعليهوسلم ، وسألت مؤرخي العصر فلم أجد عندهم علما ، وهذا القاضي كان موجودا في سنة تسعمائة [وتسع](٣) وتسعين. انتهى من منائح الكرم (٤).
ومنها : الموضع الذي يقال له : [مولد](٥) علي بن أبي طالب رضي الله
__________________
(١) في الأصل : ذلك. والمثبت من الإعلام (ص : ٤٤٠).
(٢) أخرجه مسلم (٢ / ٨١٩ ح ١١٦٢) ، وأحمد (٥ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧).
(٣) في الأصل : وتسعة.
(٤) منائح الكرم (٤ / ٤٥٢).
(٥) في الأصل : موضع. والتصويب من الغازي (١ / ٧٤٦).
عنه ، وهذا الموضع مشهور عند الناس بقرب مولد النبي صلىاللهعليهوسلم ، أي : قريب من الجبل ، ولم يذكره الأزرقي ، وذكره ابن جبير (١). وعلى بابه حجر مكتوب فيه : هذا مولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وفيه ربّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفي الحجر مكتوب : أن الناصر العباسي أمر بعمارته في سنة ثمان وستمائة (٢).
وقيل : ولد علي بن أبي طالب في جوف الكعبة ، وهو ضعيف عند العلماء ، كما قاله النووي في تهذيب الأسماء (٣).
وفي هذا [البيت موضع](٤) مثل التنور يقال : أنه مسقط رأسه رضياللهعنه ، وطولها نصف ذراع وعرضها كذلك.
قال سعد الدين الإسفرائيني في كتابه زبدة الأعمال (٥) : وفي جداره في الزاوية حجر مركب ، [يقولون : كان هذا الحجر يكلّم](٦) النبي صلىاللهعليهوسلم. ذكره القرشي (٧).
وقال القطب (٨) : إنه بشعب علي إلا أنه تهدم. انتهى.
قلت : هو الآن عمار ، أمر بعمارته السلطان عبد المجيد خان على ما هو مكتوب في حجر على بابه في سنة ألف ومائتين ونيف وستين.
__________________
(١) رحلة ابن جبير (ص : ١٢٣).
(٢) شفاء الغرام (١ / ٥١٢).
(٣) تهذيب الأسماء (١ / ١٦٩).
(٤) في الأصل : وفي هذا الموضع. والتصويب من الغازي (١ / ٧٤٦).
(٥) زبدة الأعمال (ص : ١٥٤).
(٦) في الأصل : يقول هذا الحجر كلم. والتصويب من زبدة الأعمال (ص : ١٥٤).
(٧) البحر العميق (٣ / ٢٩٠).
(٨) الإعلام (ص : ٤٤٥).
وذكر الفاسي في شفاء الغرام (١) هذا المكان وصفته إلى أن قال : هو رواقان بينهما عقدان [كالبابين](٢) ، طول الرواق المقدّم من الجدار الذي فيه الباب إلى الجدار المقابل له الذي يلي الجبل : أربعة وعشرون ذراعا [ونصف](٣) وثمن ، وطول الرواق المؤخر : خمسة وعشرون ذراعا ونصف ، وعرض الرواقين جميعا : خمسة عشر ذراعا وثلث ذراع ، وفي الرواق المقدّم [ثلاثة](٤) محاريب ، وفي طرف الرواق المؤخر درجة يصعد منها إلى أعلا هذا المكان ، [وهي الآن متخربة](٥) ، وفي طرف هذا الرواق مما يلي المشرق خوخة صغيرة يدخل منها إلى هذا المكان ، وفي طرف الرواق المقدم باب هذا المكان.
ومنها موضع يقال له : موضع سيدنا حمزة بن عبد المطلب ، وهو بأسفل مكة بقرب باب الماجن بلصق بازان. ذكره القرشي (٦).
وقال القطبي (٧) : هو بأسفل مكة بلصق موضع يقال له : بازان ، [وهو](٨) مجرى عين حنين إلى بركة ماجن (٩).
__________________
(١) شفاء الغرام (١ / ٥١٢ ـ ٥١٣).
(٢) في الأصل : كالبابان. والتصويب من الغازي (١ / ٧٤٦).
(٣) زيادة من شفاء الغرام (١ / ٥١٢).
(٤) في الأصل : ثلاث.
(٥) زيادة من شفاء الغرام (١ / ٥١٣).
(٦) البحر العميق (٣ / ٢٩٠).
(٧) الإعلام (ص : ٤٤٥).
(٨) في الأصل : هو. والتصويب من الإعلام ، الموضع السابق.
(٩) بركة ماجن : أسفل مكة بدرب اليمن. وهي أحد المنتزهات التي يخرج إليها أهل مكة كل مساء في زمن الصيف ، وقد انتشر العمران الآن حتى تعدّاها (حاشية : شفاء الغرام ١ / ٤١).
قال التقي الفاسي رحمهالله (١) : لم أر شيئا يدل على صحة هذا المكان ـ أي : مولد سيدنا حمزة رضياللهعنه ـ ؛ لأن هذا المحل ليس لبني هاشم.
وطول هذا المحل : خمسة عشر ذراعا وثلث ، وعرضه سبعة أذرع وربع وثمن ، وذلك من الجدار الذي فيه بابه إلى الجدار المقابل له وهو القبلي ، وبابه إلى جهة باب ماجن. انتهى.
ثم قال القطب (٢) : وقد خرب الآن وامتلأ بالتراب ، ولا يظهر محرابه ولا بابه ولا جدرانه ، عمّر الله من عمّره.
قلت : أمر بعمارته السلطان عبد المجيد خان بعد أن كان داثرا ، وهو مسجد مسقّف بخشب الدوم والجريد. انتهى.
ومنها : موضع في أعلا جبل النوبة يقال له : أنه مولد أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، يطلع الناس إلى الجبل للفرجة والتمشية فيه لإشرافه على مكة ، ومن الناس من يقصد زيارته. ذكره القطبي (٣).
قال السيد تقي الدين الفاسي (٤) : لا أعلم في ذلك شيئا يستأنس به ، غير أن جدي أبا الفضل النويري كان يزور هذا الموضع في جمع من أصحابه في [ليلة](٥) الرابع عشر من ربيع الأول في كل سنة. انتهى.
قال القطبي (٦) : هو باق إلى الآن يجتمع فيه الفقراء في ليلة الرابع عشر من ربيع الأول في كل سنة يذكرون الله تعالى فيه إحياء لتلك الليلة. انتهى.
__________________
(١) شفاء الغرام (١ / ٥١٣).
(٢) الإعلام (ص : ٤٤٥).
(٣) الإعلام ، الموضع السابق.
(٤) شفاء الغرام (١ / ٥١٣).
(٥) في الأصل : الليلة ، وكذا وردت في الموضع التالي. انظر شفاء الغرام ، الموضع السابق.
(٦) الإعلام (ص : ٤٤٥).
وقال القرشي في البحر العميق (١) : ومن المواضع موضع في أعلا جبل النّوبة (٢) يقال : أنه مولد سيدنا عمر بن الخطاب.
وقال السيد المحجوب الميرغني في كتاب الإنابة في موضع الإجابة : ومن الموالد مولد سيدنا عمر بن الخطاب في أعلا جبل النّوبة.
وقال القليوبي : مولد عمر بن الخطاب في أعلا جبل النّوبة.
قلت : وهذا الجبل يعرف الآن بجبل عمر ، وهو الجبل المشرف على الهجلة ، ومسجده قد بناه بعض تجار الهنود في سنة ... ١٢ (٣).
ومنها : الموضع الذي يقال له : مولد جعفر بن أبي طالب رضياللهعنه في الدار المعروفة بدار أبي سعيد عند باب العجلة ، أي : والآن يعرف بباب الباسطية ، وعلى باب الدار حجر مكتوب فيه : هذا مولد جعفر الصادق ، ودخله النبي صلىاللهعليهوسلم. وفيه أن بعض المجاورين عمّره في سنة [ثلاث](٤) وعشرين وستمائة (٥). ذكره القرشي (٦).
وطول هذا الموضع على ما حرره الفاسي (٧) من الجدار الذي فيه بابه إلى الجدار المقابل له وهو القبلي : ستة عشر ذراعا وثلث ذراع ، وعرضه سبعة إلا ربعا ، الجميع بذراع الحديد.
__________________
(١) البحر العميق (٣ / ٢٩٠).
(٢) جبل النّوبة : أحد نعوف ثبير الزنج ، يسمّى جبل النوبة ، يلتقي تحته وادي إبراهيم بوادي طوى ، حيث كان يسمّى الليط (معجم معالم الحجاز ٩ / ٩٦).
(٣) كذا في الأصل.
(٤) في الأصل : ثلاثة.
(٥) شفاء الغرام (١ / ٥١٤) ، وإتحاف الورى (٣ / ٤١).
(٦) البحر العميق (٣ / ٢٩٠).
(٧) شفاء الغرام (١ / ٥١٤).
وقال القطبي (١) : إنه بقرب باب العجلة. انتهى.
أي : وهو باب الباسطية.
قلت : وهذا المحل يعرف الآن في الدار [التي](٢) فيها الخرزة التي هي من بيوت الشريف غالب ، يسكنه الشيخ حسن عرب على ما أخبرني به بعض الثقات من الناس ، والآن في هذا الموضع كتّاب يقرأ فيه الأطفال القرآن.
ذكر المواضع المعروفة بمكة بالدور
فمنها : دار السيدة خديجة بنت خويلد رضياللهعنها زوجة النبي صلىاللهعليهوسلم بالزقاق المعروف الآن بزقاق الحجر (٣) ، وسمّاه القرشي : زقاق العطارين ، ويقال لهذه الدار أيضا : مولد ستّنا فاطمة الزهراء رضياللهعنها ؛ لأنها ولدت في هذه الدار.
قال الأزرقي (٤) : وكان يسكنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع خديجة رضياللهعنها ، وفيها تزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخديجة رضياللهعنها ، وولدت للنبي صلىاللهعليهوسلم جميع أولادها الذي منه صلىاللهعليهوسلم ، وهم : فاطمة ، ورقية ، وأم كلثوم ، والقاسم (٥) ، وفيها توفيت رضياللهعنها ، فلم يزل النبي صلىاللهعليهوسلم ساكنا فيها
__________________
(١) الإعلام (ص : ٤٤٦).
(٢) في الأصل : الذي ، وكذا وردت في الموضع التالي.
(٣) زقاق الحجر : يقع في شرقي المسجد الحرام مقابل لباب النبي صلىاللهعليهوسلم حيث كان عليهالسلام يسلك منه إلى بيت أم المؤمنين خديجة رضياللهعنها ، عرف بزقاق العطارين ، وكذلك بزقاق الحذائين ، ثم عرف بزقاق الحجر (انظر : الأزرقي ٢ / ٧٨ ، ٨٧ ، ١٩٩ وحاشية ص : ٢٣٤ ، ٢٥٤ ، ٢٥٦ ، ٢٦٠). وعرف هذا الزقاق في وقتنا الحاضر بسوق الذهب ، هدم مؤخرا ودخل في توسعة الحرم الشريف.
(٤) الأزرقي (٢ / ١٩٩) ، وانظر : شفاء الغرام (١ / ٥١٤ ـ ٥١٥).
(٥) في الأصل : وأبو القاسم. وهو خطأ.
حتى خرج إلى المدينة مهاجرا ، فأخذها عقيل بن أبي طالب ، واشتراها معاوية بن أبي سفيان رضياللهعنه وهو خليفة ، وجعلها مسجدا يصلّى فيه ، وبناها.
وفتح فيها معاوية رضياللهعنه بابا من دار أبي سفيان بن حرب ، وهي الدار التي قال فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من دخل دار أبي سفيان كان آمنا» (١). اه.
ودار [أبي](٢) سفيان الآن تعرف بالقبان.
قال الأزرقي رضياللهعنه (٣) : وفي بيت خديجة رضياللهعنها صحيفة من حجر مبني عليها في الجدار ـ جدار البيت ـ الذي كان يسكنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد اتّخذ مسجدا.
قال بعض أهل العلم : إن أهل مكة كانوا يتّخذون في بيوتهم صفائح من حجارة تكون شبه الرفاف يضع عليها المتاع وغيره ، وقلّ بيت يخلو منه. انتهى.
وغالب هذه الدار الآن على صفة المسجد ، وفيها قبة يقال لها : قبة الوحي.
قال سعد الدين الإسفرائيني (٤) : وفي هذه القبة حفرة عند الباب ، [يقولون](٥) : كان يجلس النبي صلىاللهعليهوسلم فيها وقت نزول الوحي وجبريل عليهالسلام ، يجلس في محرابه ـ أي : مكانه ـ وإلى جانبه موضع يزوره الناس
__________________
(١) أخرجه مسلم (٣ / ١٤٠٧ ح ١٧٨٠).
(٢) في الأصل : أبو. وقد هدمت وأدخلت في توسعة ساحات المسجد الحرام.
(٣) الأزرقي (٢ / ١٩٩ ـ ٢٠٠).
(٤) زبدة الأعمال (ص : ١٥٤).
(٥) في الأصل : يقول. والتصويب من زبدة الأعمال (ص : ١٥٤).
يسمى المختبأ ، ويتصل بهذه القبة أيضا الموضع الذي ولدت فيه السيدة فاطمة رضياللهعنها.
قال سعد الدين الإسفرائيني (١) : وفي بيت من بيوت هذه الدار مثل التنور يقولون : إنه محل مسقط رأس السيدة فاطمة الزهراء رضياللهعنها. ذكره القرشي (٢).
قلت : وبجنب المكان الذي مثل التنور كرسي عليه حجر يشبه الرحى يقولون : إن هذا الحجر رحى السيدة فاطمة الزهراء رضياللهعنها الذي كانت تطحن عليه ، ولم أر من ذكر ذلك مطلقا. انتهى.
قال القرشي (٣) : وممن عمّر هذه الدار الملك الناصر العباسي ، وبعده الملك المظفر صاحب اليمن ، ووقف عليها بعض الملوك حوشا كبيرا إلى جانبها عمّره الناصر العباسي وأوقفه على مصالح دار السيدة خديجة رضياللهعنها. ذكره القرشي.
قلت : الحوش باقي إلى الآن ، وهو وقف.
قال القطبي (٤) : وممن عمّرها الأشرف شعبان صاحب مصر ، وممن عمّره أيضا السلطان سليمان في سنة [خمس](٥) وثلاثين وتسعمائة. انتهى.
قلت : وممن عمّرها أيضا السلطان عبد المجيد ، وهي الآن عمار.
وممن عمّرها السلطان أحمد خان على يد حسن باشا جدة سنة ألف
__________________
(١) زبدة الأعمال (ص : ١٥٤).
(٢) البحر العميق (٣ / ٢٩٠ ـ ٢٩١).
(٣) البحر العميق (٣ / ٢٩١).
(٤) الإعلام (ص : ٤٣٨).
(٥) في الأصل : خمسة.
ومائة [واثنتين](١) وعشرين.
وصفة هذه الدار على ما ذكره الفاسي في شفاء الغرام ونصه (٢) : وغالب الدار الآن على صفة المسجد ؛ لأن فيه رواق فيه سبعة عقود على ثمانية أساطين ، وفي وسط جداره القبليّ ثلاثة محاريب ، [وفيه ست وعشرون سلسلة في صفين](٣) ، وأمامه رواق فيه أربعة عقود على خمس أسطوانات ، وبين هذين الرواقين صحن ، والرواق الثاني أخصر من الرواق المقدم ؛ لأن بقربه بعض المواضع التي يقصدها الناس بالزيارة في هذه الدار ، وهي ثلاثة مواضع :
الموضع الذي يقال له : مولد فاطمة ، والموضع الذي يقال له : قبة الوحي ، وهو ملاصق لمولد فاطمة ، والموضع الذي يقال له : المختبأ ، وهو ملاصق لقبة الوحي ، زعموا أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يختبئ فيه من الحجارة التي كان يرميه بها المشركون (٤).
وذرع الموضع الذي يقال له المختبأ : أربعة أذرع وثلث ذراع ، وذلك من الجدار الذي فيه المحراب إلى الجدار المقابل له ، وهو طرف حد جدار قبة الوحي الغربي ؛ هذا ذرعه طولا. وذرعه عرضا : ثلاثة أذرع وثلثا ذراع ، وذلك من الجدار الذي فيه بابه إلى الجدار المقابل له.
وذرع الموضع الذي يقال له : قبة الوحي : ثمانية أذرع وثلثا ذراع ؛ هذا ذرعه طولا ، وأما عرضا : فثمانية أذرع ونصف.
__________________
(١) في الأصل : واثنين.
(٢) شفاء الغرام (١ / ٥١٥ ـ ٥١٦).
(٣) ما بين المعكوفين زيادة من شفاء الغرام (١ / ٥١٥).
(٤) رحلة ابن جبير (ص : ١٤٢).
وذرع مولد فاطمة : طوله خمسة أذرع إلا [ثمنا](١) ، وعرضه من وسط جداره : ثلاثة أذرع وربع وثمن كل ذلك بذراع الحديد ، وفي هذا الموضع موضع صغير محوط على صفة البركة مدور ، وسعة فمها طولا من داخل البناء والمحوط عليه : ذراع ، وعرضه كذلك ، وفي وسطه حجر أسود يقال له : إنه مسقط رأس فاطمة رضياللهعنها.
وذرع الرواق المقدم من هذه الدار من وسط جداره على الاستواء : ثمانية وثلاثون ، هذا ذرعه طولا ، وذرعه عرضا : سبعة أذرع وربع ، وذرع كل ما بين أسطوانتين : خمسة أذرع وربع.
وذرع الرواق المؤخر من هذه الدار : [ثلاثة وعشرون ذراعا ؛ هذا ذرعه طولا ، وذرعه عرضا](٢) عشرة أذرع. اه.
أقول : وصفة هذه الدار الآن تدخل من الباب ، وهذا الباب جهة مشرق الشمس تنزل منه بدرج إلى أن تنتهى إلى صحن الدار تجد بابا على يمينك وأنت في وسط صحن الدار ، وداخل هذا الباب ثلاثة بيوت ، [بيت](٣) مقابلك هو قبة الوحي ، وبيت على يمينك هو مولد السيدة فاطمة رضياللهعنها ، وبيت على يسارك هو المختبأ ، على ما ذكره سعد الدين الإسفرائيني في زبدة الأعمال (٤). وعلى يدك اليسار وأنت في وسط صحن الدار إذا دخلت من الباب بيت يقال له : مسجد العشرة ، لكن لم أر من ذكر هذا المحل وسمّاه بهذا الاسم. انتهى.
__________________
(١) في الأصل : ثمن.
(٢) ما بين المعكوفين زيادة من شفاء الغرام (١ / ٥١٦).
(٣) في الأصل : بيتا.
(٤) زبدة الأعمال (ص : ١٥٤).
قال المحب الطبري رحمهالله (١) : هذه الدار أفضل الأماكن المأثورة بمكة بعد المسجد الحرام. انتهى (٢).
ومنها : دار سيدنا أبو بكر الصديق رضياللهعنه ، وهي بزقاق الحجر ، وكان يسمى زقاق العطارين ، وزقاق المرفق على ما ذكره القرشي ، وهذه الدار معروفة مشهورة ، وعلى بابها حجر مكتوب فيه : إنها دار أبي بكر رضياللهعنه ، وأنها عمّرت بأمر الأمير نور الدين عمر بن علي المسعودي (٣) في سنة ثلاث وعشرين وستمائة (٤) ، وهي دار مباركة.
قلت : هي الآن عمار ، أمر بعمارتها السلطان عبد المجيد رحمهالله ، وهي دار مباركة. انتهى.
قال القرشي : ويقابل هذه الدار حجر ـ أي : بقربها على يمين الذاهب إلى المسجد ـ يقال : أنه الذي كلّم النبي صلىاللهعليهوسلم على ما ذكره ابن رشيد ـ بضم الراء ـ في رحلته نقلا عن [أحمد بن أبي بكر العسقلاني ، عن عمه سليمان بن خليل عن ابن](٥) أبي الصيف اليمني عن كل من لقيه بمكة ، وذكر ذلك
__________________
(١) القرى (ص : ٦٦٤).
(٢) زيادة من ب.
(٣) عمر بن علي بن رسول : تولى حصون اليمن ومكة للمسعودي ، ثم ناب عنه في إدارة البلاد ، ثم جعل الأمر له من بعده ، وقد أسس دولة بني رسول في اليمن من عام ٦٢٦ ه حتى عام ٨٥٨ ه (انظر ترجمته في : شفاء الغرام ٢ / ٣٤١ ، وغاية المرام ١ / ٥٩٥ ، والعقد الثمين ٥ / ٣٦٠ ، ومرآة الزمان ٨ / ٧٧١ ، وتاريخ الإسلام للذهبي ٢٠ / ٩٠ ، والعقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية للخزرجي ١ / ٤٤ ـ ٨٨ ، وبهجة الزمن في تاريخ اليمن لعبد الباقي اليماني ٨٥ / ٨٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٧٣ ، ومعجم الأسرات ١ / ٢٠٦).
(٤) شفاء الغرام (١ / ٥١٧) ، وإتحاف الورى (٣ / ٤١) ، والعقد الثمين (٦ / ٣٤٠) ، طبعة مصر.
(٥) ما بين المعكوفين زيادة من رحلة ابن جبير (ص : ٩٣) ، والبحر العميق (٣ / ٢٩١).
ابن جبير (١) ، والناس يتبركون بهذا الحجر ، ومكتوب فوقه :
أنا الحجر المسلّم كلّ حين |
|
على خير الورى فلي البشارة |
ونلت فضيلة [وذي](٢) المعاني |
|
خصصت بها [وإنّ](٣) من الحجارة |
روى الترمذي ومسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن ينزل عليّ الوحي» (٤).
قال المحب الطبري في أحكامه في ذكر تسليم الحجر والشجر عليه صلىاللهعليهوسلم : عن جابر بن سمرة : «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث وإني لأعرفه الآن». أخرجه مسلم (٥) وأبو حاتم.
وأخرجه الترمذي (٦) وقال : «كان يسلم عليّ ليالي بعثت». وقال : حسن غريب.
وقال عياض : إنه الحجر الأسود.
قال المحب الطبري : والظاهر أنه غيره ، فإن شأن الحجر الأسود عظيم ولو كان إياه لذكره.
قال : واليوم بمكة حجر عند أبنية يعرف بدكان أبي بكر الصديق رضياللهعنه ، أخبرنا شيخنا أبو الربيع سليمان بن خليل : أن أكابر أشياخ مكة أخبروا أنه الحجر الذي كان يسلّم على النبي صلىاللهعليهوسلم. ذكره القرشي (٧).
__________________
(١) رحلة ابن جبير (ص : ٩٣).
(٢) في الأصل : بحاذي.
(٣) في الأصل : وإني.
(٤) انظر : التخريج الآتي.
(٥) أخرجه مسلم (٤ / ١٧٨٢ ح ٢٢٧٧).
(٦) أخرجه الترمذي (٥ / ٥٩٢ ح ٣٦٢٤).
(٧) البحر العميق (٣ / ٢٩١).
وذكر سعد الدين الإسفرائيني في زبدة الأعمال (١) : أن أهل مكة يمشون من المولد الشريف ـ أي : ليلة [اثنتي عشرة](٢) من ربيع الأول ـ إلى دار خديجة رضياللهعنها ثم إلى مسجد يقولون : إنه كان دكان أبي بكر الصديق رضياللهعنه ، وأنه كان يبيع فيه رضياللهعنه الخز ، وأسلم فيه على يده سيدنا عثمان بن عفان رضياللهعنه وطلحة والزبير وغيرهم.
قال : وفي قرب جدار هذا الدكان أثر مرفق النبي صلىاللهعليهوسلم ، يروى أنه جاء النبي صلىاللهعليهوسلم إلى دار أبي بكر الصديق رضياللهعنه ذات يوم واتكأ على هذا الجدار ونادى : يا أبا بكر ـ مرتين ـ ، إلى أن قال : وفي هذا الزقاق حجر مركب على جدار يزار ، ويقولون : هذا الحجر سلّم على النبي صلىاللهعليهوسلم ليالي بعثته. انتهى.
قال القطب (٣) : قلت : الجدار الذي فيه المرفق بعيد عن دكان أبي بكر رضياللهعنه إلى ناحية القبلة ، بينهما دور ، وما رأيت في كلام أحد من المؤرخين من حقق شيئا في ذلك. والله أعلم. انتهى.
قلت : وبين دكان أبي بكر الصديق رضياللهعنه وبين هذا المحل الذي يقال له محل أثر مرفق النبي صلىاللهعليهوسلم ـ وهو حفرة في حائط بيت عبد الجبار ـ نحو من أربعين ذراعا ، ولعله كان جدارا لدكان متصل بهذا المحل. والله أعلم.
وذرع هذه الدار [التي](٤) هي لأبي بكر على ما حرره الفاسي (٥) : ثمانية أذرع ، وعرضه ستة أذرع ؛ وذلك من جدار المحراب إلى باب المسجد.
__________________
(١) زبدة الأعمال (ص : ١٥٤).
(٢) في الأصل : اثنا عشر.
(٣) الإعلام (ص : ٤٤٦).
(٤) في الأصل : الذي.
(٥) شفاء الغرام (١ / ٥١٨).
ومنها : دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي المعروفة الآن بدار الخيزران التي عند الصفا ، والمقصود من زيارتها مسجد مشهور فيها. ذكره الأزرقي (١).
وذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان مختفيا فيها ، وفيها أسلم عمر بن الخطاب رضياللهعنه (٢) ، وحمزة رضياللهعنه عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وغيرهما ، ومنها ظهور الإسلام ، ولها فضل كثير.
قال المرجاني : وأرقم بن أبي الأرقم رضياللهعنه اشترى المهدي العباسي رحمهالله داره ووهبها للخيزران أم هارون الرشيد ، ولذلك سمّيت دار الخيزران. ذكره القرشي (٣).
وقال القطبي (٤) : دار الخيزران قرب الصفا كانت تسمى دار الأرقم المخزومي ، ثم عرفت بدار الخيزران.
والمختبأ هو أفضل المواضع بمكة بعد دار أم المؤمنين خديجة رضياللهعنها ؛ لكثرة مكث النبي صلىاللهعليهوسلم فيها يدعو الناس إلى الإسلام مختفيا عن أشرار قريش الكفار. ذكره الفاسي في شفاء الغرام (٥).
وقد وقّت بعض العلماء الدعاء فيها بين المغرب والعشاء.
والمختبأ [قبة تزار](٦) ، وهو الذي كان النبي صلىاللهعليهوسلم [مختبأ](٧) فيه من كفار
__________________
(١) الأزرقي (٢ / ٢٠٠).
(٢) انظر : السيرة النبوية لابن هشام (٢ / ١٩٠).
(٣) البحر العميق (٣ / ٢٩١).
(٤) الإعلام (ص : ٤٤٠).
(٥) شفاء الغرام (١ / ٥١٨).
(٦) في الأصل : فيه يزار ، والتصويب من الإعلام (ص : ٤٤٠).
(٧) في الأصل : مختبئ.
قريش ويجتمع فيه من آمن به إلى أن أسلم عمر بن الخطاب رضياللهعنه وأعزّ الله الإسلام به.
ودار الخيزران هي دور حول المختبأ ملكتها الخيزران أم الرشيد ، وتناقلت في يد الملوك إلى أن صارت الآن من جملة أملاك السلطان مراد خان. ذكره القطبي (١).
وطول هذا المسجد على ما حرره الفاسي : ثمانية أذرع إلا قيراطين ، وعرضه : سبعة وثلث (٢).
قلت : والمختبأ في زقاق ضيّق بين دور بني شيبة ، وهو عمار الآن.
ومنها : دار سيدنا العباس بن عبد المطلب عم النبي صلىاللهعليهوسلم وهي بالمسعى ، وهي الآن رباط قدام باب العباس.
ومنها : رباط الموفق (٣) بأسفل مكة ، وهو من الأماكن التي يستجاب فيه الدعاء. ذكره القرشي (٤).
وقال القطب : هو رباط قديم يسكنه [فقراء](٥) المغاربة ، يسمى رباط الموفق ، أوقفه القاضي الموفق جمال الدين بن عبد الوهاب الاسكندراني في سنة [أربع](٦) وستمائة. انتهى (٧).
__________________
(١) الإعلام (ص : ٤٤١).
(٢) شفاء الغرام (١ / ٥١٨).
(٣) رباط الموفق : هو علي بن عبد الوهاب الاسكندري. وقفه على فقراء العرب الغرباء ذوي الحاجات المتجردين ، ليس للمتأهلين فيه حظ في سنة ٦٠٤ ، وهو بأسفل مكة (العقد الثمين ١ / ٢٨٥ ، وشفاء الغرام ١ / ٦١٥).
(٤) البحر العميق (٣ / ٢٩١).
(٥) قوله : فقراء ، زيادة من الإعلام (ص : ٤٤٣).
(٦) في الأصل : أربعة.
(٧) الإعلام (ص : ٤٤٣).
قلت : يعرف الآن برباط عثمان بن عفان رضياللهعنه ؛ لأنه مكتوب على بابه في حجر : أوقف القاضي الموفق جمال الدين بن عبد الوهاب الإسكندراني إلى آخره. انتهى.
وذكر القطب ، قال : وحكي عن الشيخ خليل المالكي صاحب المختصر أنه كان يكثر إتيانه ويقول : إن الدعاء يستجاب فيه ، أو عند بابه.
ويروى عن الولي المشهور الشيخ عبد الله بن مطرف أنه قال : ما وضعت يدي في حلقة هذا الباب إلا تذكرته ووقع في نفسي كم ولي من أولياء الله وضع يده في هذه الحلقة. انتهى (١).
وهذا الرباط بزقاق المغاربة بالسوق الصغير ، وفيه بئر يغتسل منه الناس لأجل الشفاء من الأمراض فيشفيهم الله ، وإنما الأعمال بالنيات. انتهى.
وفي حاشية السيد يحيى المؤذن : وبهذا الحوش موضع يقال : إنه محل العشرة ، وفيه بئر مالحة يقال : إنها مأثورة ، وشجرة هناك اشتهر عند أهل مكة أن المحموم إذا تبخّر بشيء من قشرها واغتسل من بئرها وقت الخطبة يوم الجمعة ، يشفى بإذن الله ، وقد جرّب مرارا. انتهى.
ثم قال : ولم أقف على مولد سيدنا عثمان بن عفان رضياللهعنه.
ومنها : دار أبي سفيان ، هو المحل الذي يعرف الآن بالقبان ، وهي الدار التي قال فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من دخل دار أبي سفيان كان آمنا» ، قال ذلك يوم فتح مكة ؛ إكراما لأبي سفيان ـ أي : آمنا من القتل ـ. والمراد من الدار مسجد بباطنها يصلّى فيه [ويدعا](٢) الله تعالى.
أقول : وهذا المحل بوقتنا الآن جعل دارا للأطباء يداوى فيه المرضى ،
__________________
(١) الإعلام (ص : ٤٤٣).
(٢) في الأصل : ويدعو.
ومصرف ذلك على والدة السلطان عبد العزيز خان ، ورأيت فيه من الأدوية الغريبة التي لم توجد في غيره ، وتصرف عليه أموال عظيمة ، كل ذلك لأجل الأجر والثواب ، والشفاء من الله.
ومنها : معبد الجنيد رضياللهعنه بلحف الجبل الذي يقال له : الأحمر ، وهو أحد أخشبي مكة وهو مشهور عند الناس (١).
قال الشيخ سعد الدين الإسفرائيني رحمهالله (٢) : وهو معبد الجنيد وإبراهيم بن أدهم رضياللهعنهما. ذكره القرشي (٣).
قلت : وهذا الجبل هو المشرف على مقبرة الشبيكة من جهة اليمن ، وهذا المحل بلحف الجبل الذي يسمى الآن جبل عمر على يمين الصاعد إلى الجبل من جهة المقبرة ، وقد تهدّم أكثره ، وقد أدركنا منه عقدا واحدا مبني بالحجر الشميسي على عمودين ، عمّر الله من عمّره. انتهى.
__________________
(١) الفاسي (١ / ٥١٩).
(٢) زبدة الأعمال (ص : ١٥٥).
(٣) البحر العميق (٣ / ٢٩١ ـ ٢٩٢).
الباب الخامس : في فضل مكة المشرفة
وما جاء في تحريم حرمها ، وفضل أهلها ، وحكم المجاورة بها وفضلها ، وأن
مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض ، وما جاء في اختلاف العلماء أيهما
أفضل ، والمواضع التي يستجاب فيها الدعاء
وفيه خمسة فصول :
الفصل الأول : في فضل مكة المشرفة وما جاء في احترام حرمها
وقد تقدمت أسمائها (١). وزاد بعضهم أسماء لها زيادة على ما تقدم.
قال : فمن أسمائها : الأمينة ، سميت بذلك ؛ لأنها بلدة الأمين صلىاللهعليهوسلم وأصحابه.
ومن أسمائها : المروية ؛ لأنها مروية خلفا عن سلف ، فهي مروية عن الله عزوجل ، أخبرنا بها في عظيم كتبه المنزلة على أنبيائه ، وما من نبي ولا رسول إلا أتى إليها وحج البيت الحرام.
ومن أسمائها : البلدة المرزوقة.
وفي الزبور : اسم مكة : صهيون ، يخرج منها [إكليل محمود](٢) ، وهو النبي صلىاللهعليهوسلم.
وفي الإنجيل : اسمها : فاران ، يظهر محمد صلىاللهعليهوسلم بفاران ، وفي التوراة ، أن إسماعيل أقام بفاران وهي مكة. انتهى من السيرة الحلبية (٣).
__________________
(١) ص : ٤٨٤.
(٢) في الأصل : إكليلا محمودا.
(٣) السيرة الحلبية (١ / ٣٤٨).
قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) [البقرة : ١٢٦]. فلما دعا الله سبحانه وتعالى أمر الله جبريل عليهالسلام أن ينقل قرية من قرى فلسطين ـ أي : الشام ـ كثيرة الثمار ، فأتى جبريل عليهالسلام وقلع قطعة منها وجاء بها وطاف بها حول البيت سبعا ، ثم وضعها على ثلاثة مراحل من مكة ، وهو الطائف ، ولذلك سميت بالطائف وتهامة (١).
قال في القاموس (٢) : تهامة ـ بكسر التاء ـ : مكة شرفها الله تعالى.
والحجاز ، وفيه (٣) : الحجاز : مكة والمدينة والطائف ومخاليفها (٤) ؛ لأنها حجزت بين نجد [وتهامة ، أو بين نجد](٥) والسراة (٦) ، والمحاجزة : الممانعة.
[والمعنى](٧) : أن من لاذبها وتأدب في أماكنها حجزه الله عن النار.
والحجزة ـ بالفتح ـ : الذين يمنعون الناس عن بعض ، ويفصلون بينهم بالحق ، جمع حاجز (٨). وفي الحديث : «إن الإسلام [ليأرز](٩) إلى الحجاز كما [تأرز](١٠) الحية إلى جحرها» (١١). ذكره القرشي.
__________________
(١) تهامة : الأرض الجبلية التي تمتد من الجنوب عن الليث إلى العقبة في الأردن ، بين سلسلة جبال السراة شرقا والسهل السهل الساحلي غربا (معجم معالم الحجاز ٢ / ٤٧).
(٢) القاموس المحيط (ص : ١٤٠٠).
(٣) أي في القاموس ، القاموس المحيط (ص : ٦٥٣).
(٤) المخاليف : جمع مخلاف ، وهو مجموعة من القرى والبلاد.
(٥) زيادة من القاموس المحيط.
(٦) السّراة : يطلق على جبال الحجاز الفاصلة بين تهامة ونجد ، وبها سمّي الحجاز حجازا (معجم البلدان ٣ / ٢٠٥).
(٧) في الأصل : أو المعنى.
(٨) القاموس المحيط (ص : ٦٥٢).
(٩) في الأصل : ليزأر ، والتصويب من صحيح البخاري (٢ / ٦٦٣) ، ومسلم (١ / ١٣١).
(١٠) في الأصل : تزأر ، والتصويب من المصدرين السابقين.
(١١) أخرجه الترمذي (٥ / ١٨ ح ٢٦٣٠) من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف
وأما ألقابها : المشرفة ؛ وذلك لشرفها على غيرها من سائر البلدان.
[ومن](١) ألقابها : المكرمة. حكاه بعضهم وقال : لأن الله أكرمها بنزول ذكرها في كتابه العزيز ، ووفود جميع الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين إليها.
ومنها : المفخمة. قال في القاموس (٢) : [الفخم](٣) : العظيم القدر ، والتفخيم : التعظيم.
ومنها : المهابة ، لقّبت به ؛ لوقوع الهيبة في قلوب أعداء الله من الوصول إليها بسوء.
ومنها : الوالدة ؛ لإياب الناس إليها ـ أي : رجوعهم إلى أوطانهم بعد قضاء مناسكهم ـ.
ومنها : الجامعة ؛ لأنها تجمع الفرق الإسلامية وسائر الجنوس المختلفة في كل عام فيها كما وعدها الحق.
ومنها : المباركة. ذكره القرشي.
ذكر ما جاء في فضلها وتحريم حرمها
أما فضلها : فيكفي في ذلك إنزال ذكرها في مواضع كثيرة في كتابه العزيز ؛ منها قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ* فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) [آل
__________________
بن زيد بن ملحة عن أبيه عن جده. وقال : حديث حسن صحيح.
(١) في الأصل : فمن.
(٢) القاموس المحيط (ص : ١٤٧٧).
(٣) في الأصل : المفخم ، والمثبت من القاموس ، الموضع السابق.