الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٥٨
المطلب الثاني : في الواجب بالعمد
ويجب بالقتل العمد القصاص عينا لا أحد الشيئين : القود أو الدّية ، وإنّما يجب القصاص بشروط ينظمها فصول.
الفصل الأوّل : التساوي في الحرّيّة شرط في القصاص
وفيه أربعة وعشرون بحثا :
٧٠١٥. الأوّل : يقتل الحرّ بالحرّ ، سواء كان القاتل مجدع (١) الأطراف معدوم الحواسّ والمقتول صحيح أو بالعكس ، لعموم الآية (٢) وكذا إن تفاوتا في العلم ، والشّرف ، والغنى والفقر ، والصحّة والمرض ، وإن أشرف به على الهلاك ، والقوّة ، والضعف ، والكبر والصغر ، وإن ولد في الحال ، والسلطان والسوقة.
ولا يشترط في وجوب القصاص كون القتل في دار الإسلام ، بل متى قتل في دار الحرب مسلما عامدا عالما بإسلامه ، وجب القود ، سواء كان قد هاجر أو لم يهاجر.
وقتيل الغيلة كغيره في وجوب القصاص والعفو للوليّ ، فله الخيرة بين
__________________
(١) في مجمع البحرين : الجدع : قطع الأنف والأذن والشفة واليد.
(٢) اشارة إلى قوله تعالى (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ...) المائدة : ٤٥.
القصاص والعفو ، وليس للسّلطان معه اعتراض ، والغيلة أن يخدع الإنسان فيدخل بيتا أو نحوه ، فيقتل أو يؤخذ ماله.
ويجري القصاص بين الولاة والعمّال ورعيّتهم.
٧٠١٦. الثّاني : يقتل الحرّ بالحرّ والحرّة بالحرّة ، وتقتل الحرّة بالحرّ ، وليس لأوليائه المطالبة بتفاوت الدّيتين على الأشهر ، ويقتل الحرّ بالحرّة بعد ردّ نصف الدّية عليه ، ويقتل كلّ من الرّجل والمرأة بالخنثى وبالعكس ، فان كان الخنثى قد ظهر إلحاقه بأحد الصنفين ، كان حكمه حكمه ، وإن لم يظهر واشتبه حاله ، فالوجه أنّ المرأة تقتل به ، وليس لوليّه المطالبة بالتفاوت ، ويقتل بالمرأة بعد ردّ تفاوت ديته ، وهي نصف دية الرجل ونصف دية المرأة ، وكذا يقتل بالرّجل ولا ردّ ، ويقتل الرّجل به بعد ردّ فاضل دية الرّجل عن ديته.
٧٠١٧. الثالث : كلّ من يقتصّ بينهم في النفس ، يقتصّ بينهم في الأطراف ، فيقتصّ للمرأة من الرّجل من غير ردّ ، وتتساوى ديتهما في الطّرف ما لم يبلغ ثلث دية الرّجل ، فإذا بلغت ذلك رجعت المرأة إلى النصف ، فيقتص لها منه مع ردّ التفاوت حينئذ ، وكذا البحث في الجراح ، يتساويان فيها دية وقصاصا ما لم تبلغ ثلث الدّية ، فإذا بلغت الثلث ، نقصت المرأة إلى النصف ، وبه روايات صحيحة (١) وقال الشيخ رحمهالله ما لم يتجاوز الثلث (٢) وبه رواية (٣).
٧٠١٨. الرابع : يقتل العبد بالعبد وبالأمة ، والأمة بالأمة والعبد ، وهل يشترط
__________________
(١) لاحظ الوسائل : ١٩ / ٢٦٨ ، الباب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء.
(٢) النهاية : ٧٤٨.
(٣) لاحظ الوسائل : ١٩ / ٢٩٥ ، الباب ٣ من أبواب ديات الشجاج والجراح.
التساوي في القيمة أم لا؟ أطلق علماؤنا القصاص ، ولم يعتبروا ذلك ، ويقتصّ بينهم في الأطراف كما يقتصّ في النّفس ، ولو أعتق القاتل لم يسقط القصاص ، ولا ردّ.
ولو اختار سيّد العبد المقتول الدّية ، كان له استرقاق العبد القاتل ، ولا يضمن مولاه شيئا ، سواء أعتقه بعد القتل أو لا.
ولو جرح عبد عبدا ثمّ أعتق الجارح ومات المجروح قتل به.
٧٠١٩. الخامس : لا يقتل الحرّ بالعبد ولا الأمة ، ولو اعتاد قتل العبيد قال الشيخ رحمهالله (١) : يقتل حسما لمادّة الفساد وإنّما يجب على القاتل قيمة العبد أو الأمة يوم قتل ، ولا يتجاوز بقيمة العبد دية الحرّ ، ولا بقيمة الأمة دية الحرّة ، فإن تجاوزت قيمة العبد دية الحرّ ردّت إلى دية الحرّ ، وكذا الامة.
ولا يقتل المولى بعبده بل يعزّر ويكفّر ، وقيل : يغرم قيمته ، ويتصدّق بها (٢).
والقول قول الجاني في قيمة العبد مع يمينه إن لم يكن مع المولى بيّنة تشهد له بالقيمة ، ولو كان العبد ذميّا لذمّي لم يتجاوز بالذكر دية مولاه ولا بقيمة الأنثى دية الذمّية ، وفي المسلم عبد الذمّي إشكال ، أمّا الذّمّي عبد المسلم فإنّ فيه قيمته ما لم يتجاوز دية مولاه المسلم.
__________________
(١) لاحظ التهذيب : ١٠ / ١٩٢ ، ذيل الحديث ٧٥٧.
(٢) ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة : ٧٤٩ ، والشيخ في النهاية : ٧٥٢ ؛ والحلّي في السرائر : ٣ / ٣٥٥ وابن زهرة في الغنية قسم الفروع : ٤٠٧ ؛ والكيدري في إصباح الشيعة : ٤٩٤ ؛ وسلّار في المراسم : ٢٣٧ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ٤٣٣.
ولو كان العبد لامرأة كان على قاتله قيمته وإن تجاوزت دية مولاته ، ولو تجاوزت دية الحرّة ردّت إليها ، والأمة لو كانت لرجل كان على قاتلها قيمتها ما لم يتجاوز دية الأنثى الحرّة ، فإن تجاوزت ردّت إليها.
٧٠٢٠. السّادس : العبد يقتل بالحرّ إن قتله عمدا ، ولورثة الحرّ الخيار بين قتله واسترقاقه ، وليس لمولاه خيار ، فلو اختار الوليّ أحد الأمرين لم يكن لمولاه افتكاكه.
ولو جرح العبد حرّا ، فللمجروح القصاص أو استرقاقه إن أحاطت جنايته بقيمته ، وإلّا استرق منه بقدر جنايته ، وليس لمولاه خيار ، ولو كانت الجناية أكثر من القيمة ، لم يضمن مولاه الفاضل.
ولو طلب المجنّي عليه الأرش ، فكّه مولاه بأرش الجناية ، أو سلّمه إن أحاطت الجناية بقيمته ، وإن زادت القيمة أخذ بالنّسبة.
ولو باعه أخذ أرش الجناية من الثّمن ، والفاضل للمولى.
ولو اشتراه المجنيّ عليه من مولاه بأرش الجناية ، سقط القصاص ، لأنّ عدوله إلى الشّراء اختيار للمال ، ثمّ إن كان الأرش معلوما صحّ البيع ، وإلّا فلا.
٧٠٢١. السّابع : لو قتل العبد عبدا عمدا قتل به إن اختار مولى المقتول ، وإن طلب الدّية تعلّقت برقبة الجاني ، فلمولى المقتول استرقاقه إن تساوت القيمتان ، أو كانت قيمة القاتل أقلّ ، ولا يضمن المولى شيئا ، وإن كانت قيمته أزيد ، استرقّ مولى المقتول منه بقدر قيمة عبده ، ولا يضمنه المولى ، فإن تبرّع المولى بفكّه فكّه بأرش الجناية.
ولو كان القتل خطأ ، تخيّر مولى القاتل بين فكّه بقيمته ودفعه أو ما يساوي القيمة إن كانت قيمة القاتل أكثر ، ولا خيار لمولى المقتول ، ولو أعوز لم يضمنه المولى.
٧٠٢٢. الثامن : المدبّر كالقنّ ، فإن قتل مدبّر حرّا قتل به ، وإن شاء الوليّ استرقّه ، ولا ينعتق بموت المدبّر ، وكذا لو قتل عبدا قنّا ، ولو كان قتله خطأ تخيّر مولاه بين فكّه بأرش الجناية ، ويبقى على التّدبير ، وبين تسليمه للرّقّ ، فإذا مات المدبّر ، قيل : ينعتق ويسعى في فكّ رقبته (١) فقيل بالدّية (٢) وقيل بقيمته (٣) والصّحيح بطلان التدبير بالاسترقاق (٤) وبقاؤه رقّا بعد موت المدبّر.
ولا يقتل الحرّ بالمدبّر ولا من انعتق بعضه ، ويقتل المدبّر بمثله وبالقنّ.
٧٠٢٣. التاسع : المكاتب المشروط والمطلق الّذي لم يؤدّ شيئا كالقنّ ، يقتل كلّ منهما بالقنّ وبمثلهما وبالحرّ ، ولو كان المطلق قد أدّى شيئا ، تحرّر منه بقدر ما أدّى ، فلا يقتل بالقنّ ، ولا بالمدبّر ، ولا بالمشروط ، ولا بمن انعتق منه أقلّ ، ولو قتل حرّا عمدا قتل به ، وللمولى استرقاق نصيب الرّقية ، ولو قتل عبدا لم يقتل به ، ولكن يسعى في نصيب الحرّية ، ويسترقّ الباقي منه ، أو يباع في نصيب الرّق ، وإن كان القتل خطأ أدّى الإمام قدر نصيب الحرّية من الدّية ، لأنّه عاقلته ، ويتخيّر المولى بين فكّ نصيب الرّقيّة من الجناية ،
__________________
(١) قال المحقّق في الشرائع : ومع القول بعتقه ، هل يسعى في فكّ رقبته؟ فيه خلاف ، الأشهر أنّه يسعى. شرائع الإسلام : ٤ / ٢٠٦. لكن في متن الجواهر : ٤٢ / ١٠٩ «لا يسعى».
(٢) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧٥١.
(٣) ذهب إليه الصدوق في المقنع : ٥٣٣.
(٤) كذا في «ب» : ولكن في «أ» : وقيل بقيمته وهو الصحيح لبطلان التدبير بالاسترقاق.
ويبقى مكاتبا ، وبين تسليم الحصّة ليقاصص بالجناية ، وتبطل الكتابة فيها.
ورجّح الشيخ رحمهالله في الاستبصار رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام الدّالّة على مساواة المكاتب الّذي انعتق نصفه للحرّ. (١)
٧٠٢٤. العاشر : لو قتل العبد حرّا عمدا ، يقتل به ، وللوليّ استرقاقه ، ولو طلب الوليّ من المولى بيعه ودفع ثمنه لم يجب ، لأنّه لم يتعلّق بذمّة المولى شيء ، وإنّما تعلّق بالرّقبة الّتي سلّمها ، ويحتمل الوجوب كالرّهن.
ولو قتل العبد مولاه ، قتل به ، وللوليّ استرقاقه ، ولو كان العبدان لمالك واحد ، فقتل أحدهما الاخر عمدا ، كان للمولى قتله ، والعفو عنه ، وليس له قتله في الخطأ.
٧٠٢٥. الحادي عشر : لو قتل العبد خطأ أو جرح ، حرّا كان المقتول والمجروح أو عبدا ، تخيّر المولى بين افتكاكه وبين دفعه على ما قلناه ، وكلّ موضع خيّرنا المولى بين الفكّ والدفع ، فإنّه تخيّر بالفكّ بأرش الجناية ـ سواء زادت عن قيمة العبد الجاني أو لا ـ وبالدفع ، وقيل : بل تخيّر بالفكّ بأقلّ الأمرين من الأرش وقيمة الجاني ، وهو أحد قولي الشيخ (٢) وليس بعيدا من الصواب.
ولو عفا وليّ المقتول على مال لم يجب على المولى دفعه ، بل يدفع العبد ، وله دفع المال ، فإن كان المقتول عبدا ، وعفا مولاه على مال ، فالوجه أنّ المولى يتخيّر بين دفع الجاني إن أحاطت جنايته بقيمته ، أو دفع ما ساواها منه ، وبين
__________________
(١) الاستبصار : ٤ / ٢٧٧ في ذيل الحديث ١٠٤٩.
(٢) المبسوط : ٧ / ١٦٠.
فكّه بأقلّ الأمرين من قيمته القاتل أو المقتول ، وعلى القول الاخر يفديه بقيمة المقتول أو يدفعه.
٧٠٢٦. الثّاني عشر : لو قتل عبد عبدين عمدا ، كلّ واحد لمالك ، واختارا القود ، فالوجه اشتراكهما في القود ما لم يختر الأوّل استرقاقه قبل الجناية الثانية ، فإن اختار استرقاقه قبل الجناية الثّانية ، كان للثاني خاصّة ، وقيل : يقدّم الأوّل لسبق حقّه ، ويسقط الثاني ، لفوات محلّ الاستيفاء (١).
ولو اختار الأوّل المال وضمنه المولى ، تعلّق حقّ الثاني برقبته ، فإن اقتصّ ، بقي المال المضمون في ذمّة المولى ، ولو لم يضمنه المولى ، واسترقّه الأوّل ، تعلّق حقّ الثاني به ، فإن قتله فلا شيء للأوّل ، وإن استرقّ اشترك الموليان ، والوجه عندي أنّه للثاني بعد استرقاق الأوّل له.
٧٠٢٧. الثالث عشر : لو قتل العبد عبدا لاثنين ، اشتركا في القود والاسترقاق ، فإن طلب أحدهما القود والثّاني المال ، لم يجب على المولى ، لكن إن افتكّ نصيب الباقي على المال ، كان للآخر قتله بعد ردّ نصيب من عفاه من قيمته على مولاه لا ما دفعه مولاه ، ولو لم يفتكه المولى ، كان لطالب المال منه بقدر حصّته من العبد المقتول والاخر القود مع ردّ قيمة حصّة شريكه.
٧٠٢٨. الرابع عشر : لو قتل عشرة أعبد عبدا لرجل عمدا ، فعليهم القصاص ، فللمولى قتلهم أجمع ، ويؤدّي إلى سيّد كلّ واحد منهم ما فضل من قيمته عن جنايته إن كان هناك فضل ، ولو فضل لبعضهم خاصّة ردّ عليه ، ولو لم يفضل لأحدهم شيء ، بأن كانت قيمة المقتول تساوي قيمة العشرة ، لم يكن لمواليهم
__________________
(١) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٧ / ٨.
شيء ، ولو زادت قيمة المقتول عن دية الحرّ هنا ، فالوجه الرّد إلى دية الحرّ ، ويجعل أصلا ، وعلى كلّ عبد عشرها ، فإن زادت قيمة العشرة على الدّية ، وزادت قيمة المقتول ، فالأقرب ردّ قيمة المقتول إلى دية الحرّ ، وكذا قيمة كلّ من زادت قيمته عن دية الحرّ من العشرة.
ولو طلب المولى الدّية ، تخيّر مولى كلّ واحد بين فكّه بأرش جنايته أو دفعه ، وقيل بأقلّ الأمرين من أرش الجناية وقيمة الجاني (١).
ولو دفع كلّ واحد العبد وفضل له من قيمته شيء ، كان الفاضل عن أرش الجناية له.
ولو قتل البعض ردّ مولى كلّ واحد من الأحياء عشر الجناية ، أو دفع كلّ واحد من عبده بقدر أرش جنايته إلى مولى المقتصّ منهم ، فإن لم ينهض ذلك بقيمة المقتولين ، أتمّ مولى المقتول ما يعوز ، أو اقتصر على قتل من ينهض الرّد بقيمته.
ولو كانت قيمة المقتصّ منهم لا ينهض بقيمة المجنّي عليه ، كان الرّد على مولاه إن كانت قيمة كلّ واحد من المقتصّ منهم بقدر أرش جنايته.
٧٠٢٩. الخامس عشر : لو قتل حرّ حرين ، فليس لأوليائهما سوى قتله ، وليس لهما المطالبة بالدّية ، فإن قتلاه فقد استوفيا حقّهما ، ولو بدر أحدهما فقتله استوفى حقّه ، وكان للآخر المطالبة بالدّية من التركة ، لأنّها بدل عن النفس عند التّعذر كقيم المتلفات ، ولو لم يكن هناك تركة ، أخذت من الأقرب فالأقرب.
ولو قطع يمين رجلين ، قطعت يمينه بالأوّل ويساره بالثاني ، فإن قطع يد
__________________
(١) لاحظ المبسوط : ٧ / ١٦٠.
ثالث ، قيل قطعت رجله (١) ، وقيل : تجب الدّية ، (٢) لفوات محلّ القصاص ومساويه ، وكذا لو قطع يمين رابع.
ولو قطع ولا يد له ولا رجل فالدّية.
٧٠٣٠. السّادس عشر : لو قتل العبد حرّين على التّعاقب ، فالأقرب اشتراكهما فيه ما لم يحكم به للأوّل ، فيكون لأولياء الأخير ، إن اختاروا قتلوه ، وإن أرادوا استرقّوه ، وقيل : يكون لأولياء الأخير (٣) والمعتمد الأوّل.
ويكفي في اختصاص الأوّل به ، أن يختار استرقاقه وإن لم يحكم له الحاكم ، فإذا اختار وليّ الأوّل استرقاقه ، ثمّ قتل بعد الاختيار ، كان للثّاني.
٧٠٣١. السّابع عشر : لو أعتقه مولاه بعد أن قتل حرّا عمدا ، فالأقرب عندي الصّحة ، لكن لا يسقط حقّ الوليّ من القود والاسترقاق ، فإن اقتصّ منه أو استرقّه بطل عتقه ، وإن عفا على مال وافتكّه مولاه ، عتق ، وكذا لو عفا عنه مطلقا ، وكذا البحث في البيع والهبة.
ولو كان القتل خطأ قيل (٤) : يصحّ العتق ويضمن المولى الدية ، وعليه دلّت رواية عمرو بن شمر [عن جابر] عن الباقر عليهالسلام (٥) وعمرو ضعيف وقيل (٦) : لا يصحّ الّا ان يتقدّم ضمان الدية أو دفعها.
__________________
(١) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧٧١ ـ ٧٧٢.
(٢) القائل هو الحلّي في السرائر : ٣ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧.
(٣) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧٥٢.
(٤) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧٥٣.
(٥) الوسائل : ١٩ / ١٦٠ ، الباب ١٢ من أبواب ديات النّفس ، الحديث ١.
(٦) القائل هو الحلّي في السرائر : ٣ / ٣٥٨.
ولو قتل عبدا عمدا ، فإن لم نعتبر القيمتين فالبحث كالحرّ ، وإن اعتبرناهما وكانت قيمة القاتل أكثر ، فإن اقتصّ ظهر بطلان العتق ، وكان الفاضل لمولاه ، ويحتمل عدم القصاص ، وإن عفا عنه على مال (١) وافتكّه مولاه ، نفذ العتق ، وإلّا استرقّ المولى منه بقدر قيمة عبده ، وحكم بحرّيّة الباقي.
٧٠٣٢. الثامن عشر : قيمة العبد مقسومة على أعضائه ، كما أنّ دية الحرّ مقسومة عليها ، والحرّ أصل للعبد فيما فيه مقدّر ، وكلّ ما فيه واحد ، ففيه كمال قيمته ، كما أنّ الحرّ في عضوه الواحد منه كمال ديته ، وما فيه اثنان ففيهما كمال القيمة ، كالعينين ، واليدين ، والرّجلين ، وفي كلّ واحد منهما نصف قيمته.
وكلّ ما فيه عشرة ، ففي كلّ واحد عشر القيمة ، كالأصابع ، وكلّ ما لا تقدير فيه فالعبد فيه أصل للحرّ ، فإنّ الأرش ، انّما يتقدّر بأن يفرض الحرّ عبدا سليما من الجناية ، وينظر قيمته حينئذ ، ثمّ يفرض عبدا معيبا بالجناية ، وينظر قيمته حينئذ ، ثمّ يؤخذ من الدّية بنسبة تفاوت القيمتين.
إذا عرفت هذا فلو جني على العبد بما فيه كمال القيمة ، تخيّر مولاه بين إمساكه ولا شيء له ، وبين دفعه وأخذ قيمته ، فلو قطع يده ورجله دفعة ، ألزمه مولاه بالقيمة ودفعه إليه ، أو أمسكه بغير شيء ولو قطع يده خاصّة ، كان له إلزامه بنصف قيمته ، ولا يدفع من العبد شيئا.
ولو قطع واحد يده ، وآخر رجله ، قيل (٢) : تخيّر مولاه بين دفعه إليهما وأخذ القيمة بكمالها منهما ، وبين إمساكه بغير شيء.
__________________
(١) في «ب» : إلى مال.
(٢) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٧ / ١٦٠.
والحقّ أنّ له إلزامهما بكمال قيمته ، ولا يدفع العبد.
٧٠٣٣. التاسع عشر : لو جرح الحرّ العبد المملوك فسرت إلى نفسه ، كان لمولاه أخذ القيمة منه بأعلى القيم من حين الجناية إلى وقت الموت ، فإن تحرّر وسرت إلى نفسه ومات حرّا ، فللمولى أقلّ الأمرين ، من قيمة الجناية أو الدّية عند السراية (١) فإنّ القيمة إن كانت أقلّ ، فهي الّتي يستحقّها المولى ، والزّيادة الحرّيّة فلا يملكها ، وإن نقصت مع السّراية ، لم يلزم الجاني ضمان النقصان ، فإنّ دية الطّرف تدخل في دية النفس ، وذلك بأن يقطع واحد يده وهو رقّ ، فعليه نصف قيمته إن كانت بقدر الدية ، ثمّ قطع آخر يده بعد تحرّره ، ثمّ آخر رجله ، وسرى الجميع ، سقطت دية الطّرف ، وكانت دية النّفس عليهم أثلاثا ، فيأخذ المولى ثلث الدية من الاوّل بعد أن كان له نصف الدّية منه ، وللورثة الثلثان ، وقيل : للمولى هنا أقلّ الأمرين من ثلث القيمة وثلث الدية. (٢)
٧٠٣٤. العشرون : لو قطع حرّ يد عبد ، ثمّ أعتق وسرت ، فلا قود لعدم التساوي وقت الجناية ، وعليه دية حرّ ، لأنّها مضمونة ، فكان الاعتبار بها حال الاستقرار ، فللسيّد نصف القيمة وقت الجناية ، ولورثة المجنيّ عليه ما زاد ، ولو تجاوزت قيمته دية الحرّ ، فللمولى نصف دية الحرّ خاصّة.
ولو قطع آخر رجله بعد الحرّيّة وسرى الجرحان ، فلا قصاص في الأوّل في الطرف ولا النفس ، لأنّ انتفاء القصاص في الجناية يوجب انتفاءه في السراية ، وعلى الثاني القود بعد ردّ نصف الدية عليه ، وعلى الأوّل نصف
__________________
(١) في الشرائع : ٤ / ٢١٠ : «من قيمة الجناية والدّية عند السراية».
(٢) القائل الشيخ في المبسوط : ٧ / ٣٤ ـ ٣٥.
دية الحرّ ، فيأخذ المولى أقلّ الأمرين من نصف قيمة العبد ومن نصف الدية.
٧٠٣٥. الحادي والعشرون : لو قطع يد عبد ، ثمّ أعتق ، ثمّ قطع رجله ، فعلى الجاني نصف قيمته وقت الجناية لمولاه ، وعليه القصاص في الجناية حال الحرّيّة للعبد ، فإن اقتصّ المعتق في الرّجل جاز ، وإن طلب الدّية اختصّ بالنصف فيها إن رضي الجاني ، فإن سرى الجرحان فلا قصاص في الأولى ويثبت في الثانية ، فيكون للمولى الأقلّ من نصف القيمة ونصف الدية ، ولورثة المعتق القصاص في النفس بعد ردّ نصف الدية على الجاني.
ولو اقتصّ الوارث في الرّجل خاصّة ، أخذ المولى نصف القيمة وقت الجناية ، وكان الفاضل للوارث ، فيجتمع له القصاص في الرّجل وفاضل دية اليد إن زادت ديتها عن نصف قيمة العبد.
٧٠٣٦. الثاني والعشرون : لو قلع عين عبد ، ثمّ أعتق ، ثمّ قطع ثان يده ، ثمّ ثالث رجله ، فلا قود على الأوّل ، سواء اندمل جرحه أو سرى ، وأمّا الآخران فعليهما القود في الطرفين إن اندملت ، وإن سرت الجراحات كلّها ، فعليهما القصاص في النّفس بعد ردّ ما يفضل لهما عن جنايتهما ، ولو عفا الوارث عنهما ، فعليهم الدّية أثلاثا.
وفي مستحقّ السيّد وجهان : أحدهما أقلّ الامرين من نصف القيمة أو ثلث الدية ، لأنّه بالقطع استحقّ نصف القيمة ، فإذا صارت نفسا ، وجب ثلث الدية ، فكان له الأقلّ ، والثاني أقلّ الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية ، فإنّ الجناية حيث سرت ، كان الاعتبار بما آلت إليه.
ولو قطع الأوّل إصبعه ، وقطع الآخران يديه بعد الحريّة ، فعلى الوجه
الأوّل تثبت الدية عليهم أثلاثا ، للسيّد منها أقلّ الأمرين من أرش الإصبع ـ وهو عشر القيمة ـ أو ثلث الدية.
ولو كان الجاني حال الرّق قطع يديه ، والآخران قطعا رجليه ، وجبت الدّية أثلاثا ، وكان للسيّد منهما أقلّ الأمرين من جميع قيمته أو ثلث الدية ، وعلى الوجه الاخر ثبت للمولى في المسألتين أقلّ الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية.
ولو كان الجانيان في حال الرقّ ، والاخر في حال الحرّية فمات ، فعليهم الدية ، وللسيّد من ذلك في أحد الوجهين أقلّ الأمرين من أرش الجنايتين أو ثلثي الدّية ، وعلى الاخر أقلّ الأمرين من ثلثي القيمة أو ثلثي الدّية.
ولو كانت الجناة أربعة ، واحد في الرّق وثلاثة في الحرّيّة ، وسرت الجنايات ، فللسيّد في أحد الوجهين الأقلّ من أرش الجناية (١) أو ربع الدّية ، وفي الاخر الأقلّ من ربع القيمة أو ربع الدية.
ولو انعكس الفرض ، فله في أحد الوجهين الأقلّ من أرش الجنايات الثلاث أو ثلاثة أرباع الدّية ، وفي الاخر الأقلّ من ثلاثة أرباع القيمة أو ثلاثة أرباع الدّية.
٧٠٣٧. الثالث والعشرون : يجري القصاص بين العبيد في الأطراف ، كما يجري القصاص بينهم في النّفس.
٧٠٣٨. الرابع والعشرون : لا يقتل الكافر الحرّ بالعبد المسلم ، بل يجب عليه
__________________
(١) في «ب» : من أرش الجنايات.
قيمته لمولاه ، ويقتل حدّا لنقضه العهد ، ولو قتل عبد مسلم حرّا كافرا ، لم يقتل به ، بل لورثته المطالبة بدية الذّمّي ، فإن دفعها المولى ، وإلّا استرقّوا العبد إن كانوا مسلمين ، وبيع على المسلمين إن كانوا كفّارا.
ولو قتل من نصفه حرّ عبدا ، لم يقتل به ، وكذا لو قتله حرّ لم يقتل به ، ولو قتله مثله قتل به.
ولو اشترى المكاتب المشروط أباه ثمّ قتله ، احتمل القصاص وعدمه ، ولو قتل غير أبيه من عبيده فلا قصاص ، ولو كان المكاتب مطلقا قد انعتق بعضه انعتق من الأب بنسبته ، ولا يقتل به أيضا اعتبارا بنصيب الرّقّيّة.
الفصل الثاني : [في] التساوي في الدّين
وفيه اثنا عشر بحثا :
٧٠٣٩. الأوّل : يشترط في المقتصّ منه مساواته للجاني أو كونه أخفض منه ، فيقتل المسلم بمثله ، والكافر بمثله ، وإن كانا حربيّين على إشكال وبالمسلم.
ولا يقتل المسلم بالكافر ، سواء كان ذمّيّا ، أو حربيّا أو مستأمنا ، أو غيره ، لكن يعزّر ويغرم دية الذّمّي ، وقيل : إن اعتاد قتل أهل الذمة اقتصّ منه بعد ردّ فاضل ديته (١) ومنع ابن إدريس ذلك. (٢)
٧٠٤٠. الثاني : يقتل الذّمّي بمثله وبالذمّية بعد ردّ فاضل ديته ، والذميّة بالذّمّية ،
__________________
(١) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧٤٩.
(٢) السرائر : ٣ / ٣٥٢.
ولا يرجع عليها بالفضل ، وسواء اتّفق القاتل والمقتول في الملّة أو اختلفا ، فيقتل اليهوديّ بالنصراني والمجوسيّ وبالعكس.
٧٠٤١. الثالث : الذّمّي إن قتل مسلما عمدا ، دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، ولهم الخيرة في قتله واسترقاقه ، ولا فرق في تملّك أمواله بين ما ينقل منها وما لا ينقل ، ولا بين العين والدّين.
وهل يسترقّ الأولياء أولاده الأصاغر؟ قال الشيخ : نعم (١) ومنعه ابن إدريس (٢).
وإذا اختار الأولياء القتل تولّى ذلك عنهم السّلطان ، قال ابن إدريس : وإذا اختاروا قتله لم يكن لهم على ماله سبيل ، لأنّه لا يدخل في ملكهم إلّا باختيارهم استرقاقه.
ولو أسلم فإن كان قبل الاسترقاق ، لم يكن لهم على ماله وأولاده سبيل ، وليس لهم استرقاقه ، بل لهم قتله ، كما لو قتل وهو مسلم ، وإن كان بعد الاسترقاق ، لم يسقط عنه شيء من الأحكام ، ويكفي في الاسترقاق اختيار الوليّ رقّه وإن لم يكن حاكم.
٧٠٤٢. الرابع : لو قتل الكافر كافرا ، ثمّ أسلم القاتل ، أو جرح الكافر مثله ثمّ أسلم الجارح ، وسرت جارحة الكافر ، لم يقتل به ، كما لو كان مؤمنا حال قتله ، ولعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) نقله المصنّف عن الشيخ أيضا في الإرشاد : ٢ / ٢٠٤ ، وقال الشهيد في المسالك ، بعد نقل ذلك عن الشيخ : أنّه لم يوجد في كتبه. لاحظ المسالك : ١٥ / ١٤٥.
(٢) السرائر : ٣ / ٣٥١.
«لا يقتل مؤمن بكافر» (١).
نعم تجب الدّية على القاتل إن كان المقتول ذا دية.
٧٠٤٣. الخامس : لو جرح مسلم ذمّيا فأسلم المجروح ، ثمّ سرت الجناية إلى النّفس ، فلا قصاص ولا قود ، وكذا لو قطع يد عبد ثمّ أعتق ، وسرت الجناية ، وكذا الصّبي ، لو قطع يد بالغ ثمّ بلغ الجانيّ ، وسرت بعد ذلك جنايته ، لأنّ التساوي غير حاصل وقت الجناية ، فلم يوجب قصاصا حال ثبوتها ، ويثبت في جميع ذلك دية النّفس الكاملة للمسلم ، لأنّ الجناية وقعت مضمونة ، فكان الاعتبار بأرشها حين الاستقرار.
أمّا لو قطع يد حربيّ ، أو يد مرتدّ فأسلم ، ثم سرت ، فلا قود ولا دية ، لأن الجناية وقعت غير مضمونة ، فلم يضمن سرايتها.
ولو رمى ذمّيا بسهم فأسلم ، ثمّ أصابه فمات ، فلا قود ، وعليه دية المسلم ، وكذا لو رمى عبدا فأعتق ، ثمّ أصابه ، وكذا لو رمى حربيّا أو مرتدّا فأسلم قبل الإصابة ، ثمّ أصابه فمات ، فعليه دية المسلم ، لأنّ الإصابة حصلت في محقون الدّم مسلم. (٢)
٧٠٤٤. السّادس : لو قطع مسلم يد مثله ، فارتدّ ثمّ مات بالسراية ، فلا قصاص في النفس ، ولا دية لها ، ولا كفّارة ، وكذا لو قطع يد ذمّي فصار حربيّا ، ثمّ مات
__________________
(١) المحلّى : ١٠ / ٣٥٥ ونقله الرافعي في الشرح الكبير : ١٠ / ١٦٠.
(٢) هكذا في النسختين والصّحيح في مسلم محقون الدّم وفي الشرائع : ٤ / ٢١٢ : «لأنّ الإصابة صادفت مسلما محقون الدّم».
بالجناية ، ويضمن اليد ، فإن كانت يد مسلم وجب فيها القصاص ، ويستوفيه وارثه المسلم ، فإن لم يكن مسلم استوفاه الإمام.
وقال في المبسوط : الّذي يقتضيه مذهبنا انتفاء القصاص والدية ، لأنّ الطرف يدخل في النّفس قصاصا ، ودية النفس هنا غير مضمونة (١) وفيه نظر من حيث إنّ الجناية وقعت مضمونة فلا يسقط باعتراض الارتداد ، ولا يلزم من دخوله في ضمان النفس سقوطه عند سقوط ضمان النّفس باعتبار عارض عرض بعد الاستحقاق فيه.
فإن عاد إلى الإسلام ، ثمّ مات بالسّراية ، فإن كان إسلامه قبل أن تحصل سراية ، ثبت القصاص في النّفس ، وإن حصلت سراية وهو مرتدّ ، ثمّ كملت السّراية وهم مسلم ، قيل : لا قصاص في النّفس ، لأنّ وجوبه مستند إلى الجناية وكلّ السّراية ، والسّراية هنا يسقط حكم بعضها (٢) والأقرب وجوب القصاص في النّفس ، لأنّ الاعتبار في الجناية المضمونة بحال الاستقرار.
وإن كانت الجناية خطأ تثبت الدّية ، لأنّ الجناية صادفت محقون الدّم ، وكانت مضمونة في الأصل.
إذا عرفت هذا فإنّه يضمن المقطوع بأقلّ الأمرين من ديته أو دية النّفس ، فلو قطع يديه ورجليه ، ثمّ ارتدّ ومات ، ففيه دية النّفس خاصّة ، لأنّه لو لم يرتدّ لم يجب أكثر من الدّية ، فمع الرّدّة أولى ، ويحتمل ضمانه بدية المقطوع ، فتجب
__________________
(١) المبسوط : ٧ / ٢٨.
(٢) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٧ / ٢٦ ؛ والقاضي في المهذّب : ٢ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦.
ديتان ، لأنّ الرّدّة قطعت حكم السّراية ، فأشبه (١) انقطاع حكمها باندمالها أو بقتل آخر له ، والأوّل أقرب.
٧٠٤٥. السّابع : لو قطع مسلم يد يهوديّ فتنصّر ، فإن قلنا لا يقرّ على دينه ، فهو كما لو جنى على مسلم فارتدّ ، وإن قلنا يقرّ ، وجبت دية يد نصرانيّ.
ولو قطع يد مسلم فارتدّ ، ثمّ قطع آخر رجله ، ثمّ أسلم ، وسرى القطعان إلى النّفس ، فعلى الأوّل القصاص إن قلنا إنّ اعتراض بعض السّراية غير مؤثّر في وجوب القصاص ، وإذا اقتصّ منه في النّفس ، وجب ردّ نصف الدّية ، وإلّا فعليه دية اليد ، وإلّا (٢) فعليه دية يد مسلم ، وللوليّ القصاص في اليد أو المطالبة بديتها.
وأمّا الثّاني فلا قصاص عليه في النّفس ولا في الرّجل ، ولا دية فيهما.
٧٠٤٦. الثامن : لا يقتل الذمّي بالحربيّ ، ويقتل بالمرتدّ ، لأنّه محقون الدّم بالنسبة إليه ، ولو قتل مرتدّ ذمّيا ففي القود إشكال ينشأ من تحرّم المرتدّ بالإسلام ، ومن التساوي في الكفر ، والأقرب القتل ، نعم لو رجع إلى الإسلام لم يقتل الذمّي ، وعليه ديته.
ولو جرح مسلم نصرانيا ، ثمّ ارتدّ الجارح وسرت الجراحة ، فلا قود ، لعدم التكافؤ حال الجناية ، وعليه دية الذمّي.
٧٠٤٧. التاسع : لو قتل المسلم مرتدّا ، فلا قصاص ، والأقرب أنّه لا دية عليه أيضا ، وإن أساء بقتله ، وإنّ أمره إلى الإمام.
__________________
(١) في «أ» : فاشتبه.
(٢) شرطية لا استثنائيّة راجع إلى قوله «إن قلنا ان اعتراض بعض السراية ...» أي إن لم نعمل به ، فالواجب عليه دية يد مسلم ، لأنّه قطع يد مسلم.
ولو وجب على مسلم قصاص ، فقتله غير الوليّ ، وجب عليه القود.
ولو وجب قتله بزنا أو لواط ، فقتله غير الإمام ، فلا قود ولا دية ، لأنّ عليا عليهالسلام قال لرجل قتل رجلا ادّعى أنّه وجده مع امرأته :
«عليك القود إلّا أن تأتي ببيّنة» (١).
وفي تخصيص الحكم بذلك نظر ، والأقرب انتفاء القود مطلقا ، لأنّه مباح الدّم ، وقتله واجب ، فصار كالحربيّ ، ولا يجب في ذلك كلّه كفّارة ولا دية.
٧٠٤٨. العاشر : يقتل المرتدّ بالمسلم وبالمرتدّ ، ويقدّم القصاص على قتل الرّدّة ، ولو عفا الوليّ إلى الدّية ، ورضي الجاني ، فقتل بالرّدّة ، أخذت الدية من تركته.
٧٠٤٩. الحادي عشر : لو قتل عبد مسلم عبدا مسلما لكافر ، ففي القود إشكال ، ينشأ من المساواة الموجبة للتكافؤ في الدّماء ، ومن كون المستحقّ كافرا ، والأقرب عدم القصاص ، وله المطالبة بالقيمة.
أمّا لو قتل مسلم مسلما ولا وارث له سوى الكافر ، كان المطالب بالقود الإمام ، (٢) لأنّ الكافر لا يرث المسلم.
٧٠٥٠. الثّاني عشر : يقتل ولد الرّشدة (٣) بولد الزّنية مع تساويهما في الإسلام ، وعند من يرى أنّ ولد الزّنا كافر لا يقتل به المسلم ، والمعتمد ما قلناه.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٣ / ٦٠٠ ، رقم الحديث ٥٩ ، ونقله الشيخ في المبسوط : ٧ / ٤٨ ، والمحقّق في الشرائع : ٤ / ٢١٣.
(٢) في «أ» : كان المطالبة بالقود للإمام.
(٣) قال الشهيد في المسالك : ولد الرّشدة ـ بفتح الراء وكسرها ـ خلاف ولد الزنية. مسالك الأفهام : ١٥ / ١٤٦.
الفصل الثالث : [في] انتفاء الأبوّة
وفيه سبعة مباحث :
٧٠٥١. الأوّل : لا يقتل الأب بولده بل يجب على الأب الدية لورثة الولد غيره ، ويعزّر ، ويجب عليه كفّارة الجمع ، وكذا لا يقتل الجدّ للأب وإن علا بالابن وإن نزل ، ويقتل الولد بالأب والجدّ وإن علا وبالأمّ ، وتقتل الأمّ وآباؤها وأجدادها الذّكور والاناث بالولد ، وكذا الأقارب ، سواء تقرّبوا بالأب كالإخوة والأعمام ، أو بالأمّ أو بهما ، سوى الاجداد من قبل الأب ، وتقتل الجدّات من قبل الأب بالولد ، كما تقتل الأمّ به.
ولا فرق في الولد بين الذّكر والأنثى ، وكذا لا يقتل الجدّ للأب بابن بنته ولا ببنت ابنه ولا ببنت بنته ، وسواء قتله حذفا بالسّيف أو ذبحه. (١)
٧٠٥٢. الثاني : لا فرق بين كون الأب مساويا للولد في الدّين ، والحرّيّة ، أو مخالفا ، فلا يقتل الأب الكافر بولده المسلم ، ولا الأب العبد بولده الحرّ ، لأنّ المانع من القصاص شرف الأبوّة ، ولا يقتل الولد المسلم بالأب الكافر ، لعدم التكافؤ والولد الحرّ بالأب العبد.
٧٠٥٣. الثالث : لو تداعى اثنان صغيرا مجهولا ، ثمّ قتلاه ، لم يقتلا به ،
__________________
(١) ناظر إلى قول مالك حيث ، قال : إن قتله حذفا بالسّيف ونحوه لم يقتل به ، وإن ذبحه أو قتله قتلا لا يشك في أنّه عمد إلى قتله دون تأديبه ، أقيد به. لاحظ المغني لابن قدامة : ٩ / ٣٥٩ ؛ والحاوي الكبير : ١٢ / ٢٢ ؛ والعزيز شرح الوجيز للرّافعي : ١٠ / ١٦٦.