محمّد بن الحسن الشيباني
المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤٤٦
ومن سورة الماعون
وهي سبع آيات.
مكّية [بغير خلاف] (١).
قوله ـ تعالى ـ : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (١) :
نزلت هذه السّورة في العاص بن وائل السّهميّ ، كان يكذّب بالبعث والنّشور (٢).
ويوم الدّين هو يوم الجزاء على الأعمال من خير أو (٣) شرّ.
قوله ـ تعالى ـ : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (٢) ؛ أي : يدفعه عن حقّه.
روي : أنّ «اليتيم» هاهنا ، رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. لأنّه كان يدعى في قريش : يتيم أبي طالب ـ رحمه الله ـ ، لأنّه كفله (٤) بعد موت أبيه وربّاه وأحسن
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) أسباب النزول / ٣٤٢ نقلا عن مقاتل.
(٣) ج ، د : و.
(٤) ليس في د.
تربيته (١) وأوصى بنيه بنصره وآمن به.
وأراد ـ سبحانه ـ : أنّ العاص بن وائل كان يدفع (٢) محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن حقّه الّذي جعله الله ـ تعالى ـ له من الطّاعة والانقياد له (٣) والقيام بما يأمرهم به ، وكان يمنعه عن (٤) تأدية ما أمره الله بتأديته إلى قريش وغيرهم (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) (٥) :
مقاتل قال : هم لاهون (٦) عن الصّلاة (٧).
الضّحّاك قال : هم تاركون (٨) لها (٩).
وروي في أخبارنا ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ : أنّهم لم يسهوا عنها جملة ، ولكن أخّروها من أوّل الوقت إلى آخره من غير عذر (١٠).
__________________
(١) م زيادة : ونصره.
(٢) ج ، د ، م : يدعّ.
(٣) ليس في م.
(٤) ج ، د ، م : من.
(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا الآية (٣)
(٦) م : الأهون.
(٧) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٠٢ نقلا عن مجاهد.
(٨) م : التاركون.
(٩) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٠٢ نقلا عن مجاهد.
(١٠) روي الصدوق مسندا عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال : ... ليس عمل أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من الصّلاة ، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شىء من أمور الدّنيا فانّ الله عزّ وجلّ دمّ أقواما فقال (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها.
قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) (٦) ؛ يعني : يراؤون النّاس وينافقونهم.
قوله ـ تعالى ـ : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) (٧) :
السدّي ، عن عبد خير ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ وعن ابن عمر وعن الحسن والضّحّاك قالوا : «الماعون» الزّكاة (١).
وعن ابن عبّاس وابن مسعود وعكرمة قالوا : «الماعون» العواري (٢).
وعن مقاتل والزّهريّ قالا : هو المال والزّكاة (٣).
وعن الكلبيّ قال : المعروف كلّه ماعون (٤).
وعن جماعة من المفسّرين قالوا : «الماعون» كلّها يستعار من آلة البيت (٥) ؛ مثل : القدر والقصعة والصفريّة (٦) والفأس والسّكّين والسّفرة (٧) والمقدحة إلى غير ذلك ، فإنّ العرب يسمّونه (٨) : ماعونا (٩).
وروى الفرّاء ، عن بعض العرب : أنّ «الماعون» هو الماء (١٠).
__________________
(١) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٠٣ نقلا عن علي عليه السّلام.
(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٠٥ نقلا عن ابن مسعود.
(٣) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ١٨٤.
(٤) مجمع البيان ١٠ / ٨٣٤.
(٥) ج زيادة : من.
(٦) ج : والصفر.
(٧) ج : والشفّرة.
(٨) ج ، د ، م : تسمّيه.
(٩) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٠٥ و٢٠٦ نقلا عن أبا عبد الرحمن وابن عبّاس ملفّقا.
(١٠) معاني القرآن ٣ / ٢٩٥.
وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ : أنّ «الماعون» هو القرض تقرضه أخاك المؤمن عند حاجته ، والمتاع تعيره جارك عند حاجته ، والمعروف تصنعه إليه. فكلّ ذلك ماعون (١).
__________________
(١) روي الكليني عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في قوله عزّ وجلّ : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) قال : هو القرض يقرضه والمعروف يصطنعه ومتاع البيت يعيره. الكافي ٣ / ٤٩٩ وعنه نور الثقلين ٥ / ٦٧٩ والبرهان ٤ / ٥١١ وكنز الدقائق ١٤ / ٤٥٧.
ومن سورة الكوثر (١)
ثلاث آيات.
مكيّة [بغير خلاف] (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) (١) (٣) :
الخطاب ، هاهنا ، للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
و «الكوثر» هاهنا ، نهر في الجنّة أحلى من العسل وأبرد من الثّلج ، وعليه أقداح عدد نجوم السّماء. خصّ الله ـ تعالى ـ به نبيّه محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ في الآخرة ، تشريفا له (٤) وتفضيلا ، كما خصّه بالشّفاعة. وروي ذلك في أخبارنا عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ (٥).
__________________
(١) ج زيادة : وهي.
(٢) ليس في ج.
(٣) ج ، د ، م زيادة : هذا.
(٤) ليس في ج.
(٥) ورد مؤدّاه في البرهان ٤ / ٥١٢ ـ ٥١٤ وكنز الدقائق ٤٥٩ ـ ٤٦٥ ونور الثقلين ٥ / ٦٨٠ ـ ٦٨٢ والبحار ٨ / ١٦ و١٨ و٢٧ و١٣٥ وج ١٦ / ٣١١ وج ١٧ / ٢٠٩ وج ٣٩ / ٢٩٩.
وقال الكلبيّ : «الكوثر» هو الخير الكثير (١). وأنشد :
وأنت كريم يا ابن مروان مكثر وكان أبوك ابن الأكارم (٢) كوثرا (٣) وقال الحسن : «الكوثر» القرآن (٤).
وقال عكرمة : «الكوثر» ما أعطاه الله ـ تعالى ـ لنبيّه [محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٥) من الخير والنّبوّة والقرآن والإيمان (٦).
وقال مقاتل : «الكوثر» الصّلاة المكتوبة (٧).
قوله ـ تعالى ـ : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٢) :
الحسن ومجاهد وعطاء قالوا : أمر الله نبيّه محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يصلّي الفجر من يوم النّحر ، وينحر البدنة. وكان ذلك واجبا عليه ـ صلّى الله عليه وآله ـ (٨).
وعن عليّ ـ عليه السّلام ـ وجابر بن عبد الله ـ رحمه الله ـ قالا : «صلّ لربّك وانحر» ؛ أي : ارفع يدك لربّك (٩) في الصّلاة وافتتاحها [في التّكبير] (١٠) إلى نحرك (١١).
__________________
(١) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٠٨ نقلا عن سعيد بن جبير.
(٢) م : المكارم.
(٣) للكميت. لسان العرب ٥ / ١٣٣ وفيه :
وأنت كثير يا ابن مروان طيّب |
|
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا |
(٤) التبيان ١٠ / ٤١٨.
(٥) ليس في م.
(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٠٨.
(٧) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ١٨٨ من دون ذكر للقائل.
(٨) تفسير الطبري ٣٠ / ٢١١ نقلا عن مجاهد.
(٩) ليس في ج ، د ، م.
(١٠) م : بالتكبير.
(١١) روي الطبرسي عن مقاتل بن حيّان عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال : لمّا نزلت هذه السّورة قال النّبيّ صلّى الله عليه وآله لجبرئيل : ما هذه النحيرة الّتي أمرى بها ربّي؟ قال : ليست بنحيرة ، ولكن يأمرك إذا تحرّمت الصّلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فإنّه صلاتنا وصلاة الملائكة في السموات السّبع. مجمع البيان ١٤ / ٤٦٦ وعنه وعن غيره كنز الدقائق ١٤ / ٤٦٦ ونور الثقلين ٥ / ٦٨٣ والبرهان ٤ / ٥١٤.
وقال الفرّاء : استقبل القبلة بنحرك (١٢).
وقيل (١٣) : ثلاثة أشياء كانت واجبة على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ دون أمّته : الأضحيّة ، والسّواك ، والوتر (١٤).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٣) :
نزلت هذه الآية (١٥) في العاص بن وائل السّهميّ ، كان يشنأ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ [ويبغضه (١٦) ويقول : هو أبتر ؛ أي : لا ولد له ولا عقب (١٧). فردّ الله عليه ولعنه وأبعده من رحمته ، وقال لنبيّه (١٨) ـ عليه السّلام ـ] (١٩) : «إنّ شانئك هو
__________________
(١٢) معاني القرآن ٣ / ٢٩٦.
(١٣) ج ، د ، م : وقال.
(١٤) قال العلامة في رحمة الله في التذكرة : فأمّا الواجبات عليه دون غيره من أمّته أمور : الأوّل السّواك ، الثّاني الوتر ، الثالث الأضحيّة ، روي عنه عليه السّلام أنّه قال : ثلاث كتب عليّ ولم تكتب عليكم : السّواك ، والوتر ، والأضحيّة : بحار الأنوار ١٦ / ٣٨٢.
(١٥) ليس في ج.
(١٦) ليس في د.
(١٧) أسباب النزول / ٣٤٣.
(١٨) م : للنّبي.
(١٩) ليس في أ.
الأبتر» ؛ يعني : من عفو الله ورحمته وثوابه.
وقيل : إنّها نزلت في أبي جهل بن هشام ، وفي عقبة بن أبي معيط ، والعاص بن وائل (١). كانوا يشنؤون النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ ويبغضونه ، ويقولون : هو أبتر.
فردّ الله عليهم ولعنهم ، وبترهم من عفوه ورحمته وثوابه.
__________________
(١) أنظر : كشف الأسرار ١٠ / ٦٣٨ و٦٣٩ ، تفسير الطبري ٣٠ / ٢١٢ و٢١٣.
ومن سورة [قل يا أيّها] (١) الكافرون
[الكافرون]
وهي ستّ آيات [بغير خلاف] (٢) ، مكيّة.
وتسمّى هذه السّورة ، وسورة الإخلاص المقشقشتين. لأنّهما يبرئان من النّفاق.
وقيل : السّبب في هذه السّورة ، أنّ (٣) رهطا من كفّار قريش قالوا للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : اعبد آلهتنا شهرا حتّى نعبد إلهك دهرا ، أو اعبد آلهتنا يوما حتّى نعبد إلهك شهرا أو سنة. فأنزل الله ـ تعالى ـ على نبيّه محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ :
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٣) (الآية) (٤).
وأصل العبادة : التّذلّل والخضوع للمعبود.
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) ليس في ج.
(٣) ليس في أ.
(٤) أسباب النزول / ٣٤٣.
وقد جاء في التّفسير : أنّ العبادة ، هاهنا ، بمعنى : الجحد والأنفة ، في قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ ، فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (١) ؛ [أي : أوّل الجاحدين] (٢) ؛ أي : أنا (٣) أوّل الجاحدين الآنفين عن (٤) عبادته.
والمعنى في الآية نفي الولد عن الله ـ تعالى ـ. وعلى هذا التّفسير ليس (٥) في هذه السّورة تكرار.
وقيل في معناها ـ أيضا ـ : ممّا (٦) يمنع من التّكرار «لا أعبد ما تعبدون» في الحال والاستقبال «ولا أنتم عابدون» في الحال والاستقبال (٧).
قوله ـ تعالى ـ : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) (٤) في الماضي.
قوله ـ تعالى ـ : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٥) في المستقبل.
(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (٦) ؛ أي : لكم عبادتكم ولي عبادتي.
وقيل : إنّها منسوخة بآية القتال (٨).
وقيل : إنّه ما آمن منهم أحد حتّى الممات (٩).
__________________
(١) الزخرف (٤٣) / ٨١.
(٢) ليس في م.
(٣) ليس في م.
(٤) ج ، د ، م : من.
(٥) ليس في ج.
(٦) ليس في أ.
(٧) مجمع البيان ١٠ / ٨٤١ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٨) كشف الأسرار ١٠ / ٦٤٤ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٩) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
ومن سورة النّصر
وهي ثلاث آيات.
مدنيّة (١) [بلا خلاف] (٢).
روي : أنّه لمّا نزلت هذه السّورة على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ نعى نفسه إلى النّاس (٣).
[(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ)].
و «الفتح» هاهنا ، فتح مكّة.
و «النّصر» نصره ـ عليه السّلام ـ على العرب وعليهم.
قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : «إذا جاء نصر الله والفتح» ؛ يعني : نصر الله (٤) لنبيّه (٥) ـ صلّى الله عليه وآله ـ على أهل خيبر ، [لأن خيبر] (٦) كانت (٧) قبل فتح
__________________
(١) ج : مكيّة.
(٢) ليس في ج.
(٣) روى الطبرسي مسندا أعن ابن عبّاس قال : لمّا نزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نعيت إلىّ نفسي كأنّي مقبوض في تلك السنة تفسير الطبري ٣٠ / ٢١٦.
(٤) ج ، د ، م زيادة : محمّدا.
(٥) ج ، د ، م : نبيه.
(٦) ليس في أ.
(٧) أ : وكانت.
مكّة (٨).
مقاتل قال : نزلت هذه السّورة بعد فتح الطّائف ، وعاش النّبيّ (٩) بعد (١٠) ذلك سنتين (١١).
قوله ـ تعالى ـ : (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) (٢) ؛ أي (١٢) : جماعات ؛ جماعة بعد جماعة. لأنّهم [عند الفتح] (١٣) أذعنوا كلّهم له بالطّاعة طوعا وكرها ، واتّفقت كلمتهم.
قوله ـ تعالى ـ : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [وَاسْتَغْفِرْهُ]) ؛ أي : صلّ له واعبده ، واستغفر لأمّتك.
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) (٣) ؛ أي : يقبل التّوبة لمن أخلص له فيها.
__________________
(٨) البحر المحيط ٨ / ٥٢٣.
(٩) أ زيادة : من.
(١٠) م زيادة : فتح.
(١١) مجمع البيان ١٠ / ٨٤٤.
(١٢) ليس في م.
(١٣) د : الفتح.+ ج : بالفتح.
ومن سورة المسد
وهي خمس آيات.
مكّية [بغير خلاف] (١).
قوله ـ تعالى ـ : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١) ؛ أي : خسرت وخسر.
وروي : أنّ السّبب في هذه الآية ، أنّ أبا لهب أراد أن يرمي النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بحجر ليقتله ، فمنعه الله من ذلك ويبست يداه عليه. فأنزل الله الآية على نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ بذلك (٢).
وكان اسم أبي لهب : عبد العزّى فالعزّى (٣) صنم كان لهم [وإنّما] (٤) ذكره الله ـ تعالى ـ [باسمه في القرآن] (٥) ، لشهرته بها.
وقيل : ذكره الله بها ، لأنّه توعدّه بالنّار (٦) ولهيبها (٧).
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) التبيان ١٠ / ٤٢٦.
(٣) ليس في أ.
(٤) م : ربما.
(٥) ليس في ج ، د ، م.
(٦) ليس في د.
(٧) تفسير القرطبي ٢٠ / ٢٣٧ من دون نسبة القول إلى أحد.
وسمّي أبا لهب ، لحسن وجنتيه وتلهبهما.
[قوله ـ تعالى ـ : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) (٢) ؛ يعني : ما أغنى عنه ماله] (٨) ، وما اكتسبه من عذاب الله شيئا.
قوله ـ تعالى ـ : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) (٣) ؛ أي : ذات اشتعال وتلهّب.
قوله ـ تعالى ـ : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) (٤) : وكانت زوجته أمّ جميل ؛ عمّة معاوية بن أبي سفيان. وكانت تحمل النمائم إلى قومها في رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وتحطب عليه.
وقيل : كانت تترك الحطب وكلّ ما له شوك في طريق النّبيّ ـ عليه السّلام ـ لتؤذيه به (٩).
قوله ـ تعالى ـ : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (٥) ؛ أي : في عنقها حبل من ليف (١٠) ممسود ؛ أي : مفتول ، تقاد به إلى النّار.
__________________
(٨) ليس في م.+ ج : قوله تعالى : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ).
(٩) تفسير الطبري ٣٠ / ٢١٩ نقلا عن ابن عبّاس.
(١٠) ج ، د ، م زيادة : المقل.
ومن سورة الإخلاص
وهي أربع آيات.
مكيّة [بلا خلاف] (١).
قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) :
قال مقاتل : السّبب في هذه السّورة ، أنّ جماعة (٢) من قريش قالوا للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : صف لنا ربّك. فنزل (٣) جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بالسّورة ، فتلاها عليهم (٤).
وقال قتادة والضّحّاك : جاء أناس من اليهود [إلى النّبيّ ـ عليه السّلام ـ] (٥) فقالوا : صف لنا ربّك ، فإنّ الله أنزل (٦) صفته في التّوراة. [فأنزل الله] (٧) عليه
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) ج ، د ، م : رهطا.
(٣) ج ، د ، م زيادة : عليه.
(٤) أسباب النزول / ٣٤٦.
(٥) ليس في ج ، د ، م.
(٦) ليس في ج.
(٧) ليس في ج.
جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بالسّورة ، فتلاها عليهم (١).
قوله ـ تعالى ـ : (اللهُ الصَّمَدُ) (٢) :
عكرمة ، عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ قال : «الصّمد» الّذي يصمد (٢) إليه الخلق كلّهم في حوائجهم. إذا نزل بهم كرب أو بلاء أو حاجة ، صمدوا إليه فيها [وسألوه كشفها عنهم] (٣) وسألوه العافية (٤).
وقال الحسن (٥) : «الصّمد» الباقي بعد فناء خلقه (٦).
وقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : «الصّمد» السّيّد الّذي كمل سؤدده (٧).
وقال أبو عبيدة : «الصّمد» الّذي ليس فوقه أحد (٨).
وقال الخليل والرّبيع ، «الصّمد» الّذي ذكره الله ـ تعالى ـ في السّورة ونعته ، فقال (٩) : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤) (١٠).
و «الكفو» و (١١) «النّدّ» هو المثل ، وخلافه الضّدّ.
__________________
(١) أسباب النزول / ٣٤٥.
(٢) م : تصمد.
(٣) ليس في ج.
(٤) التبيان ١٠ / ٤٣١ من دون ذكر للقائل.
(٥) ليس في ج ، د ، م.
(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٣.
(٧) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٣.
(٨) مجاز القرآن ٢ / ٣١٦.
(٩) ج ، د ، م زيادة : الّذي.
(١٠) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٢١٢ نقلا عن أبيّ كعب.
(١١) ج : أو.
ومن سورة الفلق
وهي خمس آيات.
مكيّة [بغير خلاف] (١).
قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (١) :
قال قوم من المفسّرين : «الفلق» الصّبح إذا انفلق من الظّلمة (٢).
وقال قوم : «الفلق» سجن في جهنّم. و (٣) روي ذلك عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ (٤).
وقال الكلبيّ : «الفلق» واد في جهنّم (٥).
وقال مقاتل والضّحّاك : «الفلق» الخلق كلّهم (٦).
قوله ـ تعالى ـ : (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) (٢) :
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٥ نقلا عن ابن عباس.
(٣) ليس في ج ، د ، م.
(٤) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٥.
(٥) تفسير أبي الفتوح ١٢ / ٢١٥.
(٦) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٦ نقلا عن ابن عبّاس.
الكلبيّ قال : من شرّ كلّ ذي شرّ (١).
مقاتل قال : من شرّ (٢) الإنس والجنّ (٣).
الحسن قال : من شرّ إبليس وذريّته وأعوانه (٤).
قوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) (٣) :
ابن عبّاس والحسن ومجاهد قالوا : «الغاسق» اللّيل إذا أقبل بظلامه (٥).
وروي عن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : «الغاسق إذا وقب» (٦) هو اللّيل إذا أدبر (٧).
الكلبيّ والفرّاء ومقاتل قالوا : «الغاسق» القمر «إذا وقب» ؛ أي : إذا دخل في ساهوره ؛ أي (٨) : في غلافه فخسف. واستدلّوا بما روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال لعائشة ؛ تعوّذي بالله من شرّ هذا الغاسق (٩) الشّيطان (١٠).
قوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) (٤) ؛ يعني (١١) : من شرّ
__________________
(١) التبيان ١٠ / ٤٣٣ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٢) ليس في ج.
(٣) مجمع البيان ١٠ / ٨٦٥ من دون نسبة القول إلى أحد.
(٤) تفسير القرطبي ٢٠ / ٢٥٦ من دون ذكر للقائل.
(٥) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٦ نقلا عن مجاهد.+ تفسير مجاهد ٢ / ٧٩٦.
(٦) ليس في أ.
(٧) عنه البرهان ٤ / ٥٢٨.
(٨) ليس في أ.
(٩) م زيادة : وقيل الغاسق.
(١٠) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٧.
(١١) ج : أي.
السّواحر اللّاتي ينفثن في عقد الخيط إذا رقين وسحرن.
قوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) (٥) :
قال النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : تعوّذوا بالله من شرّ الحاسد (١).
وروي : أنّ العين تدخل (٢) الرّجل القبر ، والجمل القدر (٣).
__________________
(١) تفسير الطبري ٣٠ / ٢٢٨ : أمر النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يستعذ من شرّ كل حاسد.
(٢) م : يدخل.
(٣) بحار الأنوار ٦٣ / ٢٠.
ومن سورة النّاس
وهي ستّ آيات.
مكيّة [بغير خلاف] (١).
قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (١) ؛ أي : امتنع بالله (٢) والتجئ إليه.
و «الرّبّ» الملك والمالك. و «الربّ» المدبّر. و «الرّبّ» (٣) المصلح. وقد مضى ذكر ذلك والاستشهاد عليه في أوّل التّفسير.
قوله ـ تعالى ـ : (مَلِكِ النَّاسِ) (٢) :
ويقرأ : «مالك النّاس» وقد ذكرنا ذلك (٤) في تفسير الفاتحة.
والفرق بين «ملك» و «مالك» ، أنّ صفة «ملك» تدلّ على تدبير من يشعر
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) ليس في د.
(٣) ليس في ج.
(٤) ليس في م.