تبصرة الفقهاء - ج ٣

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-020-0
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٤٣٨

وتسلّط للمشتري على حقّه دون حقّ الآخر ، فليس القبض هنا حاصلا إلّا بالنسبة إلى ذلك دون مال الغير.

ولا يخفى قوّة الوجه المذكور ووهن الأوّل ، ولذا اختار الشهيد الثاني والمحقق الأردبيلي وغيرهما ، وإنّما يتّجه الوجه الثاني في المنقولات ، وسيجي‌ء الكلام فيه.

نعم ، قد يقال في المقام بأنّ التخلية تتوقّف على إزالة الموانع من (١) تصرف المشتري ، والشريك هنا مانع عن تصرّفه ، فلا تتحقّق التخلية من دون إذنه على نحو ما مرّ في إقباض العين الموجرة.

ويمكن دفعه بظهور الفرق بين المقامين ؛ نظرا إلى تسلّط المستأجر هناك على حين البيع من جهة استيفاء المنافع المملوكة له بخلاف المقام ؛ إذ لا سلطان لأحد الشريكين على حصّة شريكه ، وإنّما له المنع من تصرفه فيها نظرا إلى استلزام ذلك التصرف في حقّه ، [ و ] ذلك أمر حاصل من الجانبين ، فلا يستحق الشريك قبض المبيع والتصرف فيه حتّى يكون دفعه (٢) في المقام منافيا لما يستحقّه كما هو الحال في العين الموجرة ، بل المانع من التصرف هنا أمر تبعي لا ينافي تسليط المشتري على حقّه على نحو تسليط كلّ من الشريكين على حصته.

فإن قلت : إنّ استحقاق الغير لمنع المشتري عن التصرف في العين ينافي تخلية المبيع له سواء كان من جهة استحقاق البائع للتصرّف فيه أو بسبب آخر ، والمفروض في المقام حصول الاستحقاق المذكور للشريك وإن لم يكن سببا من (٣) استحقاقه التصرف في المبيع.

قلت : كون الاستحقاق المذكور منافيا لحصول القبض ممنوع بل فاسد ؛ لصدق مقبوضيّة الأموال المشتركة لأربابها ـ منقولة كانت أو غير منقولة ـ مع حصول المنع المفروض ، والتخلية المعتبرة للقبض لم يؤخذ في تفسيرها ما ينافي ذلك ، بل ظاهر حدّها المذكور يعمّ المال

__________________

(١) في ( د ) : « عن ».

(٢) في ( د ) : « رفعه ».

(٣) في ( د ) : « مسببا عن » بدل : « سببا من ».

٤٠١

المشترك أيضا إذا رفع البائع يده (١) عن حصّة المبيعة ، وسلّط المشتري عليه على نحو تسليط الشركاء على حصصهم ، وليس للشريك الآخر يد على المبيع ليعتبر دفعه (٢) في المقام كما في العين الموجرة ونحوها ، بل إنّما كانت في يد البائع وانتقل من يده إلى يد المشتري.

ويؤيّد ذلك أنّه ليس دفع (٣) المنع المذكور من وظيفة (٤) البائع ، وإنّما هو دعوى بين الشريكين إن ارتفع بتراضيهما (٥) فلا كلام ، وإلّا رفعا أمرهما إلى الحاكم ، وذلك (٦) بخلاف العين الموجرة ؛ إذ الظاهر أنه بعد انقضاء زمان الإجارة لو أبى المستأجر عن الدفع كان من وظيفة البائع رفع يده عن العين ، وتسليمه إلى المشتري.

ويشهد لما قلناه ملاحظة العرف لحكمه بحصول القبض بالنسبة إلى المال المشترك لحصول التخلية على الوجه المذكور ، بخلاف العين الموجرة.

ويومي إليه أيضا أنه لو باع دارا لاثنين على وجه الإشاعة ورفع يده ويد الغير عنه ، وسلّطهما على المبيع عدّ ذلك تخلية ، وكان قبضا بالنسبة إليهما مع أنه لا يجوز لكلّ منهما التصرف فيه إلّا بإذن الآخر.

ولو كان ما ذكر مانعا عن حصول القبض لمنع هناك أيضا.

ويدلّ عليه أيضا مضافا إلى جميع ما ذكر الأصل ؛ إذ وجوب ما يزيد على ذلك على البائع غير ظاهر من الأدلّة ، فقضيّة الأصل عدمه.

هذا ، وأمّا القبض بالنسبة إلى المنقولات فقد اختلفوا فيه على أقوال عديدة بعد اتفاقهم ظاهرا على عدم ثبوت حقيقة شرعيّة للقبض وأن المرجع فيه العرف واللغة كما هو الشأن في

__________________

(١) زيادة « يده » من ( د ).

(٢) في ( د ) : « رفعه ».

(٣) في ( د ) : « رفع ».

(٤) لم ترد في ( ب ) : « من وظيفة .. إلى الحاكم ».

(٥) في ( ألف ) : « تراخيهما ».

(٦) لم ترد في ( ب ) : « وذلك ».

٤٠٢

نظائرها من الألفاظ ، فذهب المحقّق في الشرائع (١) والنافع (٢) أنه التخلية أيضا كما هو الحال في غير المنقول.

واختاره الشهيد في الدروس (٣) بالنسبة إلى الحكم بارتفاع الضمان لا زوال التحريم أو الكراهة عن بيعه قبل القبض.

وقيل : إنه فيما يتناول من الأقمشة ونحوها هو الإمساك باليد ، وفي المكيل والموزون هو الكيل والوزن ولو تقديرا كما إذا أخبر البائع كذلك (٤) ورضي المشتري به مع رفع يده عنه. ولا يبعد ادراج الدراهم والدنانير في الأوّل وإن كانت موزونة ؛ نظرا إلى انضباط وزنها في المعتاد ، ويؤخذ بظاهر الحال.

وفي الحيوان نقله من ذلك المكان إلى مكان آخر بأن يمش بالعبد إلى مكان آخر ، ويقيم الدابّة في غير ذلك المحلّ.

وحكي القول بذلك عن الشيخ في المبسوط (٥) والقاضي (٦) والطوسي (٧).

وقيل : إنه في الحيوان نقله وفيما يعتبر باعتبار مخصوص لدفع الجهالة كيله أو وزنه أو عدّه أو نقله ، وفي الثوب وضعه في اليد.

وحكي اختياره في الدروس.

وقيل إنّ القبض فيه هو النقل أو الأخذ في غير المكيل والموزون ، وأمّا فيهما فإمّا ذلك أو الكيل أو الوزن. ذهب إليه العلّامة في المختلف (٨).

__________________

(١) شرائع الإسلام ٢ / ٣٠٨.

(٢) مختصر النافع : ١٢٤.

(٣) الدروس ٣ / ٢١٣.

(٤) في ( د ) : « لك ».

(٥) المبسوط ٢ / ١٢٠.

(٦) المهذب ١ / ٣٨٥.

(٧) الوسيلة : ٢٥٢.

(٨) مختلف الشيعة ٥ / ٢٧٩.

٤٠٣

وأنت تعلم بملاحظة الأقوال المذكورة كون اعتبار النقل هنا في الجملة مشهورا بين الأصحاب.

وممّا اتّفق عليه أكثر الأقوال المذكورة ، وحكاية الشهرة عليه كذلك مستفيضة على ما ذكره بعض الأجلّة.

وقد عرفت حكاية الإجماع عليه في الغنية (١).

وكأنّه لا شكّ في شهادة العرف بحصول القبض معه مطلقا ، وإن كان في المكيل والموزون ، فلا حاجة إلى حصول الكيل والوزن فيهما و (٢) ملاحظة قبض الدراهم والدنانير أقوى شاهد عليه إلّا أن ينزّل ظاهر الحال في ذلك هناك منزلة الوزن لكن في (٣) اعتبار خصوص النقل في صدق القبض في المقام تأمّل.

وتوضيح المقام أنّ الّذي يقتضيه القاعدة من ذلك أنه بعد انتقال كل من العوضين إلى الآخر بعقد (٤) البيع لا بدّ من إيصال كلّ عوض إلى صاحبه ورفعه (٥) إليه كسائر حقوق الناس من المضمونة للقابض كالمغصوب ، والمقبوض بالبيع الفاسد ونحوهما ، وغير المضمونة كالوديعة والعارية وغيرهما ، فإذا أخرجه القابض عن يده وسلطانه وجعله تحت يد المالك وسلطانه فقد أدّى القابض ما عليه وخرج من ضمانه إن كان قبضه على وجه الضمان.

والظاهر أنّ ذلك مفاد القبض إلّا أنّه يختلف الحال فيه بحسب اختلاف الأشياء ، ففي الأمور الغير المنقولة كالدور والمزارع والبساتين يحصل بتخلية القابض يده ويد غيره وتسلّط المالك عليها حسبما مرّ ، فيندرج بذلك تحت سلطانه في (٦) الأمور المنقولة بكون (٧) ذلك بنقله

__________________

(١) غنية النزوع : ٢٢٩.

(٢) في ( د ) : « وفي ».

(٣) زيادة : « في » من ( د ).

(٤) في ( ألف ) : « يعقد ».

(٥) في ( د ) : « دفعه ».

(٦) في ( د ) : « وفي ».

(٧) في ( د ) : « يكون ».

٤٠٤

وبإمساكه باليد على وجه الاستيلاء عليه حتى في الحيوان ، فإنه لو دفع إليه لجام الدابّة وأمسكها مستوليا عليها كان قبضا لها في العرف قطعا ، خصوصا إذا وهب البائع عنها من غير حاجة إلى إقامتها في محلّ آخر.

ولو ساق الدابّة إليه وأتى به إلى إصطبله ورفع يده عنها فغلّق (١) المشتري باب الإصطبل عليها مريدا بذلك قبضه ، فلا تأمّل ظاهر في صدق القبض به عرفا.

ولو باعه سريرا فرفع البائع يده عنه ومكّن المشتري عنه فجلس عليه كان قبضا له وإن لم ينقله عن محلّه.

ولو باعه كتابا فوضعه البائع بين يديه مريدا إقباضه بوضع يده عليه لأجل قبضه ، فالظاهر حصول القبض به.

وكذا الحال في نحوه من الأعيان المنقولة ، بل لو أتى بها إليه فقال المشتري : ضعه في صندوقي مثلا ، فوضعه فيه لم يبعد كونه قبضا سيّما إذا ذهب البائع عنه.

ولو غفل المشتري حينئذ باب الصندوق فالظاهر القطع بصدق القبض في العرف.

وقد يعدّ التخلية في المنقولات مع التصرف في بعضها قبضا كما إذا باعه مقدارا معيّنا من الحنطة وسلّمه مفتاح الحبّة (٢) الموضوعة فيها ومكّنه منه ، فذهب إليه وتصرّف بالنقل أو الوضع إلى الغير ونحوهما فإنّه لا يبعد على الكلّ مقبوضا له في العرف.

ولو باعه عبدا فأتى به إليه ورفع يده عنه ومكّنه من التصرف فيه ورضي به المشتري وذهب البائع عنه كان ذلك قبضا له في العرف سيّما إذا بعثه في حوائجه وكان تحت أمره ونهيه.

والحاصل أنّ القبض أمر عرفي يحصل على وجوه شتّى ولو في المنقولات ، فاختصاص حصوله بصورة النقل أو الإمساك باليد ونحوهما ممّا لا يظهر الوجه فيه.

نعم ، يحصل القبض بهما حسبما عرفت ، والأصل في المسألة هو ما قرّرناه.

حجّة القول بالاكتفاء بالتخلية أنّه قد كان ذلك مفاد القبض في غير المنقول كما مرّ ،

__________________

(١) في ( ألف ) : « تعلّق ».

(٢) في ( ألف ) : « الهبة ».

٤٠٥

فيكون ذلك مفاده في غيرها ؛ حذرا من الاشتراك والمجاز المخالفين للأصل.

وردّ بأنّه لا مانع من الالتزام بأحدهما بعد شهادة العرف بإرادة غيرها في غيره ، وقيام الدليل عليه. ولا يعدّ مجرّد التخلية في المنقول قبضا ، والمتبادر منه في العرف واللغة خلافه (١) فيكون ذلك حجّة ظاهر [ ة ] على تغاير المعنيين.

والأولى أن يقال : إنّه لا يلزم من اختلاف حصول القبض في المقامين أن يكون حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر ، أو مشتركا لفظيا بينهما ؛ لاحتمال الاشتراك المعنوي على الوجه الّذي بيّناه.

وكيف كان ، فالقول المذكور بعيد جدّا ، بل لا وجه له أصلا.

نعم ، قد ينزّل التخلية على بعض الوجوه منزلة القبض في المنقولات فيما إذا أبى المشتري عن القبض حسبما مرّ بيانه ، وذلك أمر آخر.

وقد يعد قبضا إذا ضمّ إليه بعض أمور أخر كما في بعض الأمثلة المتقدّمة ، ولا ربط له أيضا بالقول المذكور.

ثمّ إنّ ما ذهب إليه في الدروس من الاكتفاء بالتخلية في سقوط الضمان من البائع دون غيره إن أراد به أن إحضار المبيع عند المشتري وتمكينه من قبضه بوصوله بحيث يحصل منه ما عليه من تسليطه على حقّه فقصر المشتري في تركه يوجب (٢) سقوط الضمان ( عن البائع فهو مما لا تأمل فيه حسبما مر بيانه في المسألة المتقدمة ، ولا ربط له بحصول القبض ، وإن أراد به أن التخلية كيف ما كان قبض بالنسبة إلى سقوط الضمان ) (٣) ، فمع وضوح عدم اختلاف صدق القبض عرفا بحسب اختلاف الأحكام لا دليل على سقوط الضمان به.

حجة القول باعتبار النقل (٤) دلالة العرف عليه والإجماع المحكي المتقدّم ، وظاهر الخبر

__________________

(١) في ( ألف ) : « خلافا ».

(٢) في ( ب ) : « لوجب ».

(٣) ما بين الهلالين أضيفت من ( د ).

(٤) « النقل » لم ترد في ( ألف ).

٤٠٦

المذكور في مسألة تلف المبيع قبل القبض حيث اعتبر فيه في انتقال الضمان من البائع إلى المشتري المتوقف على قبضه المبيع إخراجه من بيته ، قال : فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه ، فإنّ المراد به نقل المتاع من عنده ؛ إذ خصوص الإخراج من بيته ممّا لا يتوقّف عليه انتقال الضمان إجماعا.

وفيها : أنّه إن أريد دلالة العرف على حصول القبض به فمسلّم ، وإن أريد توقف القبض عليه فهو في محلّ المنع ؛ لصدق القبض مع عدمه أيضا كما مرّ.

وكذا الحال فيما حكي من الإجماع ، فإنه إن أريد به الأوّل فمسلّم ، وإن أريد به الثاني فممنوع سيّما بعد كون المسألة عرفيّة وشهادة العرف بخلافه. ودلالة الرواية على ما ادّعاه غير ظاهرة ؛ إذ ظاهرها غير مراد قطعا.

وبعد انفتاح سبيل التأويل فيها لا يتعيّن الوجه في اعتبار خصوص النقل ، بل قد يكون الملحوظ إخراجه عن يده وجعله تحت يد المشتري وتصرفه ، فلا تقيد المدّعى.

وكأنّ حجج الأقوال الأخر الاستناد إلى العرف أيضا ؛ إذ ليس في الروايات يستفاد منه التفصيل المذكور فيها.

نعم ، قد يستند في اعتبار الكيل والوزن في المكيل والموزون إلى ظواهر الأخبار المتقدّمة المانعة عن بيع المكيل والموزون قبل الكيل أو الوزن نظرا إلى فهم الفقهاء من ذلك المنع من بيعه قبل قبضه.

ولذا استدلّوا بها عليه تحريما أو كراهة ، وقد وقع التعبير به أيضا في بعض الأخبار.

وفي الصحيح : عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه؟ فقال : « ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه » (١) الخبر.

وقد عرفت الحال في فهم العرف ، وأما الاخبار المذكورة فبعد حملها على إرادة القبض بضميمة فهم الأصحاب يمكن أن يكون الوجه فيه حصول الكيل والوزن غالبا عند الإقباض ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٧ / ٣٥ ، باب بيع المضمون ح ٣٤.

٤٠٧

فعبّر عنه بذلك إلّا أنّ مجرّد الكيل أو الوزن إقباض له وإن لم يدفعه البائع إليه مع شهادة صريح العرف بخلافه. كيف ، ومن البيّن عدم ثبوت حقيقة شرعية للقبض كما يقتضيه الأصل والظاهر ، ونصّ عليه الجماعة.

وحينئذ فلا وجه في الرجوع في بيانه إلى الروايات مع ما فيها من القصور في الدلالة والمخالفة لما يقتضيه العرف واللغة.

ومن ذلك يعرف الحال في الصحيحة المذكورة. وذكر القبض في السؤال لا يفيد كون الكيل والوزن المذكورين في الجواب قبضا ، فالحال فيها كغيرها من الأخبار الواردة في ذلك.

وقد يستند إلى تلك الأخبار في اعتبار الكيل والوزن في قبض المكيل والموزون ، ولا دلالة في تلك الأخبار عليه أيضا إلّا أنّ الشهرة محكيّة على القول المذكور. ولا عبرة بها بعد شهادة العرف بخلافها ، فالقول به لا يخلو عن بعد.

وأبعد منه القول باعتبار العد في المعدود أيضا ؛ إذ لا وجه له إلّا قياسه على المكيل والموزون بعد استنباط كون العلّة لزوم اعتباره في بيعه.

هذا ، والمرجع في المنقول وغير المنقول إلى العرف ، فالأبواب المثبتة والأخشاب المبنيّة من غير المنقول وكذا الحال في الصخور والأحجار واللبن المبنيّة وإن كان الجميع من المنقول قبل البناء. ولا فرق بين ما إذا أريد قلعها (١) وعدمها ، وكونه على وجه ينتفع بها بدون القلع أولا ، والأشجار والثمار الكائنة عليها من غير المنقول ، وإن كان المقصود احتطاب الشجرة أو كان أوان اقتطاف الثمرة ، وكذا الحال في الزروع.

وأمّا الماء فإن كان في القرب ونحوها فهو من المنقول قطعا ، وأمّا نحو مياه الآبار والأنهار فلا يبعد إدراجها في غير المنقول ، وفي مياه الحياض ونحوها ممّا يقصد بقاؤها في المحل لأجل الاستعمال ففيها وجهان.

وهل تعدّ السفينة من المنقول أو غيرها؟ وجهان أظهرهما الأوّل.

__________________

(١) في ( ألف ) : « تلفها ».

٤٠٨

والرحى الغير المبني من المنقول ، والمبني من غير المنقول.

وقد يفصّل بين صخرها الفوقاني والتحتاني ، ولا يبعد عدّهما من غير المنقول إن كان أحدهما موضوعا على الآخر على النحو المعمول ، وإن كان الفوقاني موضوعا في محلّ آخر فهو معدود من المنقول.

والخوابي ونحوها المثبتة في الأرض معدودة من غير المنقول بخلاف غير المثبتة وإن كانت كبيرة جدّا الّا أن تكون خارجة عن المعتاد بحيث لا يمكن حملها في العرف.

ولو كان المبيع منقولا في حال البيع غير منقول بعده أو بالعكس فالعبرة بحال الإقباض.

المبحث الثالث : في بيان ما يدخل في المبيع ويندرج فيه ويحكم بانتقاله إلى المشتري عند تعلّق البيع بلفظه الموضوع له.

وقد جرت طريقة الفقهاء رضي‌الله‌عنهم بذكر ألفاظ مخصوصة في المقام وبيان ما يندرج فيها عند تعلّق البيع بها ، وليس (١) من الأحكام المأخوذة من الشرع في تلك الموارد ليرجع إليه في إثباتها ونفيها ، وإنّما الحكم الشرعي في المقام هو الضابط الملحوظ (٢) في حمل تلك الألفاظ ، وهو الرجوع في ذلك إلى ما هو المفهوم من اللفظ في عرف المتعاقدين ، ولو بملاحظة القرائن المنضمّة إليه من عرف أو (٣) عادة أو قرائن خاصّة ، فإن وجدت القرائن وفهم المقصود بانضمامها فذاك ، وإلّا رجع فيه إلى مفاد اللفظ في عرف المتعاقدين ، فيندرج في البيع ما يندرج في ظاهر اللفظ بحسب ذلك العرف ، فإن كان لهما عرف خاص حمل عليه ، وإلّا فإن كان هناك عرف عام حمل عليه ، وإلّا حمل على المعنى اللغوي.

وفي الروضة (٤) : وكذا يراعى الشرع بطريق أولى ، بل هو مقدم عليهما بمعنى العرف واللغة ، قال : ولعلّه يبني المصنّف إدراجه في العرف ؛ لأنه عرف خاصّ ، ثم إن اتفقت وإلّا قدّم

__________________

(١) في ( د ) : « وذلك ليس ».

(٢) في ( ألف ) زيادة لفظة « ما » هنا.

(٣) في ( د ) : واو العطف بدل « أو ».

(٤) الروضة البهية ٣ / ٥٣٠.

٤٠٩

الشرعي ثمّ العرفي ثمّ اللغوي.

ويرد عليه أن تقديم الشرع في المقام ممّا لا وجه له ، فإنّ مخاطبات الناس إنّما تقع على مقتضى عرفهم دون عرف الشارع ، وما ذكروه من تقديم الحقيقة الشرعية ( على العرفية واللغوية إنما هو فيما إذا ورد اللفظ في كلام الشارع أو المتشرعة في بيان الأحكام الشرعيه ) (١) لتبعيّتهم (٢) في المقام لعرف الشريعة ، وأمّا ما (٣) يرد في كلام المتشرعة في غير ذلك المقام فلا يحمل إلّا على مقتضى عرفهم كما هو الحال في غير البيع من ساير العقود والإيقاعات الحاصلة منهم على نحو سائر المخاطبات الصادرة منهم في إخباراتهم وأمور معاشهم.

وأمّا (٤) في الشريعة من تعيين بعض المبهمات العرفيّة في باب الوصايا ونحوها فمع خروجه عن محلّ البحث لا ينافي المدّعى ؛ لخروجه إذن عن الأصل من جهة النصّ والإجماع إن تمّا في (٥) المقام.

ولا وجه إذن للتسرية عن مورد الدليل.

ويمكن الذبّ عنه بتنزيل كلام الشهيد رحمه‌الله على ما إذا كان المعاقدان (٦) من أهل الشرع ، ووقعت معاقدتهما على عرف الشريعة ؛ ( دون ما إذا كانا من الكفّار أو من أهل الشرع مع عدم وقوع مخاطبتهم في المقام على عرف الشريعة ) (٧) لوضوح عدم حمل الألفاظ الجارية في كلامهم على المعاني الشرعيّة ، ولا مجال لتوهّم الحمل عليه.

وكأنّ مقصوده بعرف الشريعة ما كان عرفا سابقا بين المتشرّعة قائما مقام سائر المعاني العرفيّة.

__________________

(١) ما بين الهلالين أضيفت من ( د ).

(٢) في ( ألف ) : « ليقينهم ».

(٣) ليس في ( د ) : « ما ».

(٤) في ( د ) : « وما ورد ».

(٥) في ( د ) زيادة : « ذلك ».

(٦) في ( د ) : « المتعاقدان ».

(٧) ما بين الهلالين لم ترد إلّا في ( د ).

٤١٠

ويشهد له إدراجه في العرفية المذكورة في عبارة المصنف.

هذا كلّه بالنسبة إلى ما يحمل عليه اللفظ عند الإطلاق أو يستعمل فيه ولو بمعونة القرينة فيحكم بالاندراج على حسب المفروض.

وأمّا ما يحكم بكونه تابعا للمبيع منتقلا منه على سبيل التبعيّة وإن لم يندرج فيما أريد من اللفظ ، فإن كان الحاكم بالتبعيّة هو الشرع قدّم على غيره قطعا كما إذا دلّ على تبعية ثمن (١) النخل لبيع الأصل مع عدم التأبير ، وإلّا رجع فيه إلى مقتضى العرف ، فيحكم بتابعية ما يحكم بتبعيّته لا لكونه مفهوما من اللفظ المستعمل ؛ إذ المفروض عدم الكافي ما استعمل اللفظ فيه ، بل لكونه إذن من مقتضيات العقد ، فيندرج تحت ما دلّ على لزوم الوفاء به.

والفرق بينه وبين الأوّل ظاهر ، أو ما يندرج في مدلول اللفظ هناك مندرج (٢) في المبيع فيقسط الثمن على الجميع بخلاف المقام ؛ لكون الثمن حينئذ بإزاء نفس المبيع ، وانتقال ما ينتقل معه إنّما يكون على سبيل التبعيّة فيما (٣) مرّ الكلام فيه.

ويتفرع عليه أيضا أنّ الجهالة بما يندرج في المبيع قاض بمجهولية المبيع ، فيقتضي ذلك فساد المعاملة بخلاف التابع ، وقد ينزّل على ذلك كلام الشهيد رحمه‌الله.

ولا يخلو عن بعد.

ثمّ إنّه مع اتّحاد العرفين وعرف البلد فلا إشكال ، وأمّا مع الاختلاف فإن قامت قرينة معيّنة على المقصود فلا كلام أيضا ، وإلّا قام (٤) الإشكال في تقديم عرف المحل أو المتعاقدين ، وقد يفصّل من طول مكثهما في المحلّ وقصره.

ولا يبعد ترجيح عرف المتعاقدين إلّا أن يقوم شاهد في المقام على إرادة عرف المحلّ.

__________________

(١) في ( د ) : « ثمرة ».

(٢) في ( ألف ) : « فيندرج ».

(٣) في ( د ) : « حسبما ».

(٤) في ( ألف ) : « تمام ».

٤١١

ولو اختلف عرف المتعاقدين قدّم عرف البائع مع تقديم الايجاب على القبول (١) ولو قدّم القبول بناء على جوازه قدّم عرف القابل.

ولو وافق (٢) عرف المحل عرف الموجب أو القابل مع تقديم عرفه حسبما ذكر فالأمر واضح.

وإن وافق الآخر احتمل تقديمه.

وكأنّ الأولى أيضا تقديم عرف السابق إلّا أن يقوم شاهد على حمله على العرف الآخر.

وحيث جرت طريقتهم على ذكر عدّة من الألفاظ في المقام ، وبيان ما يندرج فيها وما لا يندرج كان الأولى التعرض لذكرها وبيان ما هو المفهوم منها :

فمنها : الدار ، ويدخل فيها العرصة والبناء الكائن فيه من الحيطان والغرف (٣) والجدران والصخور والأخشاب المبنيّة فيها والأبواب والشبائك (٤) المضوءة ونحوها والبيوت الفوقانيّة والتحتانيّة والسراديب والمطبخ وبئر الماء والكنيف والحياض.

ولو كان لها بيوت خارجة عن حدّ حيطان الدار كالسّاباط الموضوع على الشارع أو الغرف المبنيّة على بيوت الجيران فإن كانت وجهها نحو تلك الدار وكانت متعلّقة بها ومعدودة من بيوتها اندرجت في بيعها ، وإن لم يعدّ من بيوتها عرفا لم يندرج في بيعها.

وكذا مع الشك فيه.

ولو كان كلّ من الفوقاني والتحتاني معدودا دارا مستقلا كما قد يتّفق في بعض البلدان لم يندرج فيه.

وفي اندراج السقف الحاصل بينهما في البيع ـ غاية الأمر استحقاق الفوقاني للانتفاع به

__________________

(١) ليس في ( ب ) : « الايجاب على القبول .. مع تقديم ».

(٢) في ( ألف ) : « رافق ».

(٣) في ( د ) : « والسقوف ».

(٤) في ( د ) : « الشبابيك ».

٤١٢

والتصرف بالكون عليه ونحوه كما انّه يستحق وضع بيوته على بيته وكونها (١) عليه أو أنّه يكون مشاعا بينهما ـ وجهان ، وكأنّ أظهرهما الثاني لانتسابه إلى الطرفين ، وقوام الجانبين به ، بل ربّما كان تصرّف الفوقاني فيه أبين ؛ نظرا إلى كونه عليه ، وقيامه وقعوده وساير تصرفاته فوقه.

واستظهر في المجمع (٢) اندراجه في التحتاني.

ووجهه غير واضح.

وهل يتوقف تصرّف كلّ من الفوقاني والتحتاني على إذن الآخر كما هو الحال في الأموال المشتركة او أن لكلّ منهما التصرف فيه على حسبما تسمعه على وجه لا يتضرر به الآخر ، ولا يقتضي بالتصرف في جهة استحقاقه ولو من دون إذن الآخر ورضاه؟ وجهان.

وقضية ظاهر الأصل هو الأول ، وملاحظة جهة الاستحقاق يقضي بالثاني ، فإنّه وإن كان (٣) العين مشتركة بينهما إلّا أنّ جهة استحقاق كل منهما يغاير جهة استحقاق الآخر.

وكأنّ الثاني أرجح بالنظر وأقرب إلى الطريقة الجارية ، بل لا يبعد قضاء الأصل به أيضا.

والحائط الواقع بين الدارين لا يحتسب من أحد الجانبين بخصوصه إلّا أن يكون هناك ما يعيّنه عليه.

ومع عدمه فالظاهر الاشتراك ؛ لاستواء النسبة إليهما.

وفي جواز تصرف كلّ منهما في جانبه من دون إذن الآخر ما عرفت من الوجهين.

ويدخل فيه الأغلاق المثبتة والأبواب المنصوبة.

وهل يندرج فيه مفاتيحها المفصّلة عنها وجهان.

وقطع جماعة منهم الشهيدان (٤) بالدخول لظاهر العرف.

ولا يخلو عن قرب إلّا أن تشهد الحال بخروجها.

__________________

(١) في ( د ) : « كونه ».

(٢) أنظر مجمع الفائدة والبرهان ٩ / ٣٥٣.

(٣) كذا ، والظاهر : « كانت ».

(٤) اللمعة الدمشقية : ١١٢ ، والروضة البهية ٣ / ٥٣١.

٤١٣

ولا يندرج في الدار الأمور الموضوعة فيها وإن كانت من متعلّقات الدار كالخوايى الموضوعة فيها ، وإن كانت مثبتة.

ونحوها الرحى وإن كانت مبنية والإجّانة والمدق والأقفال المفصلة والأبواب والشبابيك الغير المنصوبة ، ولو كانت مغلوعة بعد النصب على إشكال. وكذا الأخشاب والصخور والأحجار الغير المبنيّة (١).

ولو كانت مبنية فخربت وبقيت فيها ففي اندراجها وجهان.

ولو قال بجميع حقوقها ونحوه فالظاهر الاندراج.

وكذا لا يندرج فيه البكرة والرشاد والدلو (٢) والسلّم إلّا أن تكون مثبتة فيها.

ولا تدخل فيها الشجر الكائن فيها على ما قطع به جماعة ؛ لخروجه عن مسمّى الدار وإن قال بحقوقها ( إذ ليس مما يتعلق بالدار.

وفيه اشكال ، ولا يبعد قضاء العرف بدخول الأشجار فيها سيما مع قوله بحقوقها ) (٣) إلّا أن تكون كثيرة بحيث يظهر ويشك في اندراجها في المبيع.

وقد نبّه عليه بعض أفاضل المتأخرين.

ولو قال : « بما أغلق عليه بابه » أو « ما دار عليه حائطه » فالظاهر عدم الإشكال في الاندراج.

وقد نبّه عليه جماعة.

ولو لم يكن له باب أو حائط فالظاهر أيضا ذلك لكونه حينئذ كناية عن شمول الجميع ، وينتقل به الطريق الخاص بها أو المشترك بينها وبين دار أخرى كالدارين الواقعتين في زقاق.

__________________

(١) في ( ألف ) : « المثبتة ».

(٢) في ( ألف ) و ( ب ) : « والرشاد الدلو » ، وفي ( د ) : « والرشا والدلو ». قال في البستان ص ٤٠٩ مادة ( رشا ) : الرشاء : حبل الدلو ، ج : أرشية ، وفي المثل : أتبع الدلو رشاءها ، يضرب في اتباع أحد الصاحبين للآخر.

(٣) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).

٤١٤

وكذا الحال في الحق الثابت له من الماء والحريم المتعلّق به.

وليس انتقال المذكورات من جهة اندراجها في مسمّى الدار ؛ لظهور خروجها عن مسمّاها بل من جهة التبعيّة حسبما يقتضيه العرف والعادة ، فبيع الدار قاض بانتقال المذكورات تبعا لانتقالها في حكم العرف.

وحيث كان ذلك من مقتضيات العقد المذكور عرفا لزم الوفاء به شرعا ؛ نظرا إلى ظاهر الآية الشريفة وغيرها.

وعلى هذا فلا يقع شي‌ء من الثمن بإزاء شي‌ء منها لخروجها عن المبيع كما هو الحال في سائر التوابع حسبما مرّ الكلام فيه من محلّه.

ومنها : البيت من الدار ، ويدخل فيه حيطانه وسقفه وأبوابه وشبابيكه.

ولا يندرج فيه البيت الذي فوقه إذا كان مستقلا للأصل وشهادة العرف.

وأمّا إذا كان من توابعه وملحقاته فلا يبعد دخوله فيه كالمخدع الذي في البيت.

وفي مكاتبة الصفار الصحيحة أنّه كتب إلى العسكرى عليه‌السلام في رجل اشترى بيتا في داره بجميع حقوقه وفوقه بيت آخر ، هل يدخل (١) الأعلى حقوق البيت الأسفل أم لا؟ فوقع عليه‌السلام : ليس (٢) إلّا ما اشتراه باسمه وموضعه إن شاء الله » (٣).

وله مكاتبه أخرى صحيحة أيضا دالّة على عكس ذلك.

ويمكن الجمع بينهما بما أشرنا إليه من الفرق بين ما إذا كان البيت الفوقاني مستقلا ومن توابع التحتاني ولواحقه.

وكيف كان ، فالفرق بين الدار والبيت في ذلك ظاهر حيث إنّ الدار يشمل البيت الفوقاني والتحتاني قطعا إلّا أن بعد الفوقاني دار أخرى كما يتفق في بعض البلدان.

__________________

(١) في ( د ) زيادة : « بيت ».

(٢) في ( د ) زيادة : « له ».

(٣) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٤٢ ، تهذيب الأحكام ٧ / ١٥٠.

٤١٥

وأمّا البيت التحتاني فلا يشمل الفوقاني إلّا أن يكون هناك من (١) القرينة ما يفيد كونه من لواحقه وضمائمه فيهما متعاكسان فيما ذكرناه.

ثمّ إنّه يتبعه الطريق إلى البيت ، وهل له سهم في سائر ما يحتاج إليه الساكن فيه بين الأمور المتعلّقة به كالبئر والكنيف ونحوهما؟ وجهان ، أظهرهما عدم الدخول.

ومنها : الأرض ، ويندرج فيها ظاهرها وباطنها ، فلو كانت مشتملة على صخور مخلوقة فيها اندرجت في المبيع من غير فرق بين علمهما بالحال أو الجهل به إلّا أنّه مع الجهل لو حصل هناك غبن بالنسبة إلى البائع يثبت (٢) له خيار الغبن.

ولو لم يكن هناك غبن ففي ثبوت الخيار وجهان ، والأظهر أنّه إن كان ذلك مخالفة للوصف الملحوظ في المبيع ثبت الخيار من تلك الجهة بالنسبة إلى من اعتبرت الصفة من جهته.

ومن ذلك ما لو بنيت المعاملة على ظاهر الحال فتبيّن خلافه.

ثمّ إنّه يتبعه ماؤه الكائن فيه فيما إذا استنبط بالحفر كالبئر وعيّن الماء ، وكذا لو كان البئر محفورا والعين مستنبطة ؛ لدخول المبيع (٣) في اسم الأرض فيتبعه الماء.

وبه قطع في التحرير (٤) وعلى ما مرّ من مذهب القاضي من عدم دخول ماء البئر في بيع الدار ـ لعدم جواز بيعه منفردا فلا يدخل في البيع أيضا ـ لا يندرج الماء الموجود في البئر في البيع هنا أيضا. وكذا الحال في عين الماء حسبما مرّت الإشارة إليه.

وقد بينّا ضعفه.

وهل يندرج فيه المياه الجارية النابعة من تلك الأرض الخارجة إلى مكان آخر والمصروفة فيها؟ الظاهر لا إلّا أن يقوم دخولها شاهدا في المقام أو يكون هناك عرف خاص يفيد اندراجها في المبيع.

__________________

(١) في ( د ) : « عن ».

(٢) في ( د ) : « ثبت ».

(٣) في ( د ) زيادة : « حينئذ ».

(٤) تحرير الأحكام ٢ / ٢٣٠.

٤١٦

ويقضي بانصراف الإطلاق إليه ، ولا تندرج فيها الحجارة والصخر الموضوعين فيها ، وكذا المدفونين المعرضتين للنقل.

وأمّا المثبتة فيها كأساس الحيطان والدكّة فالظاهر دخولها إلّا أن يكون في المقام قرينة على خلافه.

ولو كان هناك ( قرينة على الخروج أو كان مودعا للنقل والتحويل ، فإن علم المشتري بوجودها هناك ) (١) فلا كلام ، وله إلزام البائع بالتخلية ، ولا يستحق المشتري عليه أجرة عن زمان التخلية إذا أتى بها على النحو المتعارف ، وليس له مطالبته بطمّ الحفر وتسوية الأرض.

ولو أخّر البائع إخراجها لم يتسلّط المشتري على (٢) الفسخ ، وكان له أجرة الأرض عن اشتغالها به ولو منعه (٣) التأخير عن انتفاعه بالزراعة وفات بسببه وقت الذراع ففي إلزامه بعض (٤) المنافع الفائتة من جهته وجهان.

وإن لم يعلم به وكان تبقيته هناك مانعا عن انتفاع المشتري به فإن أخرجه بحيث لم يتضرر (٥) المشتري أصلا فالظاهر عدم الخيار.

نعم ، لو كان إخراج المالك عنه قاضيا بنقص في الأرض كهبوط زائد يعدّ نقصا في العرف أو يكون خارجا عما أقدم عليه المشتري ولوحظ في المبيع ثبت له الخيار.

وإن توقّف على مضيّ زمان يتضرر بسببه المشتري لفوات المنفعة عليه تخيّر بين الفسخ والإمضاء ، ومع إمضائه يجب على الآخر طمّ الحفر وتسوية الأرض على الوجه الّذي كان حال البيع وأقدم المشتري عليه.

وكذا الحال في الصورة.

__________________

(١) ما بين الهلالين لم ترد إلّا في ( د ).

(٢) في ( ألف ) : « على اخر ».

(٣) في ( ألف ) : « ولوضعه ».

(٤) في ( د ) : « بعوض ».

(٥) في ( ألف ) : « يتصرّف ».

٤١٧

وهل له حينئذ مطالبة أجرة الأرض في زمان التحويل إذا لم يتأخر تحويله عن القدر اللازم؟ فيه وجهان ، أظهرهما ذلك.

وعن الشيخ اختيار العدم ، وكأنّه لرضاه به حيث أجاز البيع فكان بمنزلة ما لو علمه قبل العقد.

وفيه ظهور الفرق بين الوجهين ؛ لإقدامه هناك على العقد بالوجه المذكور ، وهنا قد أقدم عليه من دون ذلك ، فينتقل إليه المنفعة بوقوع العقد على العين المفروضة.

وبالجملة إنّ مقتضى إطلاق العقد انتقال المنفعة إلى المشتري بانتقال العين ، وحيث إنّه استوفاها المشتري بوضع ماله فيها كان عليه عوضها ، وعدم إمكان التفريغ في أقل من تلك المدّة لا يقضي بعدم استحقاق الأجرة عليه مع كون المنفعة المستوفاة ملكا لغيره بمقتضى البقية ، ولا يجري ذلك فيما إذا علم به قبل البيع لإقدامه على انتقال العين إليه على الوجه (١) المذكور ، وليس إمضاء المعاملة حينئذ منزلا في ذلك منزلة العقد ؛ لانتقال العين إليه بنفس العقد (٢). ولو اندفع عنه الضرر حينئذ باستحقاق الأجرة ففي سقوط الخيار به مع دفعها إليه وجهان ، أظهرهما العدم.

[ فروع ]

ثمّ إنّ هنا فروعا لا بأس بالاشارة إلى جملة منها ، فنقول : إنّ بقاء ذلك الأمر المودع في الأرض إمّا أن يكون مضرّا بالأرض من الجهة المقصودة منها من زرع أو غرس أو بناء أو لا.

ثمّ إنّه إمّا أن تكون تلك الأرض مزروعة أو مغروسة أو مبنيّة حين البيع أو لا.

وعلى الثاني فإمّا أن تكون مزروعة أو مغروسة أو مبنيّة بعد ذلك أو لا.

وعلى الأوّل فإمّا أن يكون زرعها أو غرسها أو بناؤها بعد العلم بذلك أو قبله.

__________________

(١) ليس في ( ب ) : « على الوجه .. العين إليه ».

(٢) زيادة في ( ب ) : « غاية الأمر ». وزيادة في ( د ) : « غاية الأمر تخييره من جهة الضرر فإذا أمضاه كان له المنفعة على مقتضى ظاهر العقد ».

٤١٨

وعلى التقادير فإمّا أن يكون إخراجه مضرّا بالأرض أو بأحد المذكورات أو لا.

ثمّ إنّ الزرع أو الغرس أو البناء الحاصل في الأرض إمّا مملوك للبائع أو المشتري أو غيرهما ، فإن لم يكن بقاؤه ولا إخراجه مضرا بالأرض ولا بما حصل فيه فلا إشكال في تسلّط المشتري على إخراجه وإلزام البائع به ، ولا في تسليط البائع على أخذه وإن رضي المشتري بابقائه.

وإن كان بقاؤه مضرا بالأرض دون إخراجه فسلطان المشتري على البائع أظهر ، ولا إشكال في سلطان البائع عليه أيضا.

فإن كان المشتري عالما بالحال فالظاهر عدم ثبوت الأرش عليه في بقائه هناك بمقدار لا يتحقق الإخراج عادة فيما دونه وإن تضرّر به ؛ نظرا إلى إقدامه عليه حسبما مرّت الإشارة إليه.

وأمّا لو كان جاهلا فإن أمكن إخراجه على وجه لا يتضرّر به المشتري فلا خيار له ، وإلّا ثبت له الخيار.

ومع عدم فسخه له الأرش على البائع على حسب النقص الحاصل.

ولو تهاون البائع في إخراجه كان للمشتري اخراجه عن ملكه ، ولا يبعد رجوعه على البائع بمئونة الإخراج.

ولو أمكن الرجوع إلى الحاكم في ذلك فالأحوط الرجوع إليه.

ولو كان إخراجه مضرّا بالأرض دون بقائه وأراد المشتري نقله كان له ذلك ، ولا أرش عليه مع علم المشتري بالحال.

وأمّا مع جهله فإن رضي البائع ببقائه فهل يتخير المشتري في الفسخ؟ وجهان.

وقضيّة ما في التحرير عدم الخيار ، ولا يخلو عن تأمّل.

والظاهر سلطان المشتري على إلزام البائع بالتفريع ، ولا يجب عليه القبول لو تركه البائع (١).

__________________

(١) في ( د ) زيادة : « له ».

٤١٩

وهل له حينئذ مطالبة بالأرش؟ وجهان.

وهل للبائع سلطان على نقله مطلقا سيّما مع جهله بالحال أو ليس له ذلك مطلقا ؛ لتضرّر المشتري به أو تفصيل (١) بملاحظة الضرر الوارد عليهما ، فله ذلك مع كون الضرر الوارد عليه من جهة الترك أعظم ومع المساواة يقدّم جانب البائع مطلقا أو مع جهله؟ وجوه ، أظهرها سلطانه على النقل مع وجوب أرش الضرر عليه.

ولو كانت إخراجه مضرا بما في الأرض من الزرع أو الغرس أو البناء أو قاضيا بإتلافه من دون لحوق ضرر بالأرض فإن كان ذلك للبائع كان له السلطان على النقل ، وكذا لو كان لثالث ورضي به.

وأما لو كان ملكا للمشتري أو لثالث ولم يرض بورود الضرر عليه فهل للبائع السلطان على النقل؟ فيه تأمّل سيّما إذا أفضى بتخريب البناء أو إتلاف الزرع أو الغرس ( وكان الضرر الوارد في المقام زائدا على قيمة تلك الأعيان.

هذا إذا كان مالك البناء أو الغرس ) (٢) مثلا مستحقا لتبقيته في الأرض ، وأمّا مع عدمه فلا إشكال في جواز النقل وإن أدّى إلى إتلاف ذلك.

ومن ذلك ما لو رفع (٣) المالك بناء البيت مثلا عليه مع علمه باستحقاق الغير له ، وأمّا مع جهله بالحال فالإشكال.

ولو كان ذلك ملكا للمشتري كان له إخراج ما في ملكه من الأعيان المفروضة من غير إشكال.

وهل له الرجوع إلى مالكه بالمئونة مع امتناعه عن الإخراج؟ وجهان ، أظهرهما ذلك إن قلنا بوجوب الإخراج عليه حينئذ ، وإن لم نقل بوجوبه قبل مطالبة المشتري به.

وهل مطالبة البائع حينئذ بالأرش؟ الظاهر لا ، فإنّ الضرر اللاحق له إنّما أتى من

__________________

(١) في ( د ) : « يفصل ».

(٢) ما بين الهلالين أضيفت من ( د ).

(٣) في ( د ) : « وضع ».

٤٢٠