تبصرة الفقهاء - ج ٣

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-020-0
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٤٣٨

والتذكرة (١) والتحرير (٢) والمختلف (٣).

ويلوح ذلك من صاحب المدارك (٤). واختاره جماعة من متأخري المتأخرين.

وبه قال الشيخ في السلت في النهاية (٥) حيث عدّه في جملة الحبوب التي يستحب فيها الزكاة.

وتوقّف في المعتبر (٦) بعد ما حكى القول بالاندراج فيهما عن الشيخ وبعض أهل اللغة.

وربّما يلوح ذلك من الدروس حيث أسند الحكم باندراجهما فيهما إلى الشيخ.

وفي كلام أهل اللغة أيضا اختلاف في ذلك ؛ ففي الصحاح (٧) : إن العلس ضرب من الحنطة تكون حبّتان في قشر ، وهو طعام أهل صنعاء.

ونحوه ما في القاموس (٨).

وفي المصباح المنير : إنه نوع من الحنطة تكون في القشر منه حبّتان ، وقد تكون واحدة أو ثلاث.

وعن ابن دريد (٩) : إن العلس حبّة سوداء تخبز في الجدب أو تطبخ.

وعن بعضهم : هو مثل البرّ إلّا أنه عسر الانقاع.

وظاهر الأخيرين مغايرته للحنطة.

وفي الصحاح (١٠) : ان السلت ضرب من الشعير لا قشر فيه كأنّه الحنطة تكون في الحجاز.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ٥ / ١٧٨.

(٢) تحرير الأحكام ١ / ٣٥٥.

(٣) مختلف الشيعة ٣ / ١٨٧.

(٤) مدارك الأحكام ٥ / ١٣٠.

(٥) النهاية : ١٧٦.

(٦) المعتبر ٢ / ٤٩٧.

(٧) الصحاح ٣ / ٩٥٢ ( علس ).

(٨) القاموس المحيط ٢ / ٢٣٢ ( علس ).

(٩) أنظر مدارك الأحكام ٥ / ١٣١.

(١٠) الصحاح ١ / ٢٥٣ ( سلت ).

١٢١

وفي القاموس (١) : السلت الشعير أو ضرب منه (٢) أو الحامض منه.

وفي المغرب : (٣) إنّه شعير لا قشر له يكون بالحجاز.

وعن ابن فارس : (٤) إنّه ضرب من الشعير رقيق القشر صغار الحبّ.

وعن الأزهري : (٥) إنّه حبّ بين الحنطة والشعير ، ولا قشر له كقشر الحنطة ، فهو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته.

وعن ابن دريد : (٦) السلت حبة يشبه الشعير أو هو بعينه.

وعن ابن الصلاح : إنه قال الصيدلاني : هو كالشعير في صورته كالقمح (٧) في طبعه.

وهذا بظاهره مخالف لما ذكره الأزهري ، وهو الموافق لما يوجد في كلام الفقهاء بين (٨) احتمال ضمّه إلى الشعير ؛ لموافقته له صورة ، واحتمال ضمّه إلى الحنطة لاتفاقهما تبعا.

وكيف كان ، فظاهر الجماعة الأخيرة عدم اندراجه في الشعير.

فقد ظهر ممّا قلناه (٩) من كلمات الأصحاب ونقلة اللغة أنّ الحكم فيهما محلّ إشكال إلّا أنّ الأظهر عدم وجوب الزكاة فيهما ؛ للأصل بعد (١٠) عدم وضوح اندراجهما في الحنطة والشعير على سبيل الحقيقة ؛ لما عرفت من اختلاف كلمات أهل اللغة مع احتمال حمل كلام (١١) الحاكمين بالاندراج على إرادة مطلق الإطلاق ، ولو على سبيل التوسعة ؛ نظرا إلى الموافقة في الصورة كما

__________________

(١) القاموس المحيط ١ / ١٥٠ ( سلت ).

(٢) لفظتا « منه » من ( د ).

(٣) انظر جواهر الكلام ١٥ / ٢٠٦.

(٤) نقل في هامش مسند أبي يعلى ٢ / ٦٨.

(٥) نقل في هامشى مسند أبي يعلى ٢ / ٦٨ والموطأ ١ / ٢٧٢.

(٦) انظر مدارك الأحكام ٥ / ١٣١.

(٧) أنظر جواهر الكلام ١٥ / ٢٠٦.

(٨) في ( د ) : « من ».

(٩) في ( د ) : « نقلناه ».

(١٠) في ( ب ) : « بعدم ».

(١١) في ( ب ) : « اختلاف ».

١٢٢

قد يشهد له ملاحظة العرف أنّه لا ينصرف الإطلاق إلى ما يعمهما قطعا.

وبعد تسليم اندراجهما في الحنطة والشعير على سبيل الحقيقة فلا ينبغي التأمل في عدم اندراجهما في الإطلاقات الواردة في الزكاة ؛ لما هو معلوم بملاحظة العرف من انصراف الإطلاق إلى غيرهما كما أشرنا إليه.

وهو كاف في المقام ، وإن كان التبادر إطلاقيا ، ولذا لا يحكم بإرادة (١) ما يشملهما عند إطلاق الحنطة أو (٢) الشعير في الوصايا والأقارير وغيرهما. مضافا إلى أنّهما مع عدم اندراجهما في إطلاق اللفظين يدخلان في عموم ما عدا الأشياء التسعة المذكورة المنصوص في تلك النصوص بعفو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ويدلّ عليه أيضا ظاهر الموثق : « الذرة والعدس والسلت والحبوب فيها مثل ماء الحنطة والشعير » (٣).

ويشير إليه أيضا ما في الصحيح (٤) وغيره من عطف السلت في عدّة من الحبوب على الشعير ؛ لظهوره في المغايرة ، وكونه من قبيل عطف الخاص على العام وإن كان ممكنا إلّا أنّه لا يخلو عن بعد بالنظر إلى ظاهر السابق.

وحكى في الايضاح (٥) عن بعض الأصحاب قولا بإلحاق السلت بالحنطة الموافقة لها في الطبيعة (٦) المختصّة بها.

واحتمله في القواعد ، (٧) وهو قول لبعض العامّة.

وهو موهون جدّا لخروجه عن مقتضى العرف وكلمات أهل اللغة.

__________________

(١) الكافي ٣ / ٥١٠ ، باب ما يزكى من الحبوب ح ١.

(٢) في ( د ) : « واو ».

(٣) تهذيب الاحكام ٤ / ٦٥ ، باب حكم الحبوب بأسرها في الزكاة ح ٣.

(٤) الكافي ٣ / ٥١٠ ، باب ما يزكى من الحبوب ح ١.

(٥) إيضاح الفوائد ١ / ١٨٢.

(٦) في ( د ) : « الطبعة ».

(٧) قواعد الأحكام ١ / ٣٤٢.

١٢٣

وربّما يفسّر العلس بالعدس كما ذكره في القاموس (١) وغيره ، والسلت بالشعير الحامض كما قطع به في الوافي.

وذكره في القاموس أيضا.

وهما بهذين المعنيين لا إشكال فيهما ؛ لوضوح خروج الأوّل عن الحنطة ، واندراج الأخير في الشعير لكونه نوعا معروفا منه.

ثمّ إنّ الابل يشمل سائر أنواعها من العراب والبخاتي والذلول وغيرها ، والبقر يشمل الجاموس.

وقد دلّ عليه النص الصحيح.

وحكى في التذكرة (٢) إجماع العلماء عليه.

وفي المعتبر (٣) : إنّ عليه اتّفاق العلماء.

ولا يندرج فيها البقر الوحشيّة وإن تأنست.

وفي المعتبر : إنّ عليه الإجماع إلّا على قول شاذ لأحمد ، وعزاه في التذكرة إلى أكثر العلماء.

وحكى من (٤) أحمد في رواية وأنه شمولها لبقر الوحش لاندراجها في الاسم.

وهو ضعيف جدا.

والغنم يشمل الضّأن والمعز بلا خلاف بين الخاصّة والعامّة.

وفي المعتبر (٥) : إنّ عليه أهل العلم.

ولا فرق في الأنعام الثلاث بين الصغير والكبير ، ولا يندرج فيها الحمل. وإنّما يعتبر من عين الانفصال أو خروج المعظم في وجه.

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ / ٢٣٢.

(٢) تذكرة الفقهاء ٥ / ٧٧.

(٣) المعتبر ٢ / ٥٠١.

(٤) في « د » : « عن ».

(٥) المعتبر ٢ / ٥٠١.

١٢٤

وقد يستشكل في الرضيع من جهة انتفاء النوم (١) ، وهو كلام آخر يجي‌ء البحث فيه.

وكذا لا فرق فيها بين الذكر والأنثى على المعروف من المذهب.

وتفرد الديلمي باشتراط الأنوثة فيها ، فلا زكاة عنده في ذكور الأنعام بالغا ما بلغت ، وهو بخلاف الإجماع كما في السرائر (٢) (٣) لكن المذكور في كلامه خصوص الغنم.

وباقي الأصحاب على عدمه كما في المختلف. ونحوه ما في التذكرة ؛ لإطلاق الأدلّة وعدم قيام دليل على اختصاص الحكم بالإناث.

واحتجّ العلامة (٤) والديلمي بأنّ الشرط اتخاذها للدر والنسل ، ولا يتحقّق إلّا في الإناث ربّما ورد في الأخبار من قولهم : « في خمس من الإبل شاة » لاختصاصها بالإناث.

وضعف الاول ظاهر ، وكذا الثاني ؛ إذ مقتضاه (٥) عدم دلالة تلك الأخبار على الوجوب ، وليس فيها دلالة على نفي الوجوب في غيرها ففي الإطلاقات المتظافرة كفاية في ذلك.

ويثبت مقدار المخرج حينئذ بالإجماع ؛ إذ لا قائل بالفرق بين الذكر والأنثى في قدر المخرج.

مضافا إلى شمول إطلاقات تلك الروايات للذكور أيضا.

وحذف التاء في العدد لا يدلّ على تأنيث المعدود ؛ إذ مدخوله في المقام من أسماء (٦) الأجناس الجمعيّة ممّا لا مفرد لها. ويتعيّن فيها حذف التاء في المقام كما نصّ عليه الرضي.

وفي البيان (٧) : إن التأنيث باعتبار التأويل لا بالنفس أو بالدابّة ، وفي الغنم باعتبار الشاة

__________________

(١) كذا ، والظاهر : السوم.

(٢) السرائر ١ / ٤٣٧ ، الدروس ١ / ٤٣٨.

(٣) في ( ب ) : « الدروس ».

(٤) تذكرة الفقهاء ٥ / ٧٢.

(٥) في ( د ) : « أقصاه ».

(٦) لم ترد في ب : « من أسماء ... في المقام ».

(٧) البيان : ١٧٧ ، وفيه : « لأن التأنيث باعتبار التأويل في الإبل بالنفس ».

١٢٥

التي تطلق على الذكر وأراد بالآخر (١) دفع ما احتجّ له بقوله : « في سائمة الغنم زكاة ».

وقد عرفت أن لا حاجة إلى التأويل ، والظاهر أنه يعتبر في الأنعام حلية لحمها ، فلو حرمت مؤبدا كموطوء الإنسان ونسله والشاة المربّاة بلبن الخنزيرة لم يجب فيها الزكاة ، فلا يلفق النصاب عنه وعن المحلّل ، فلا زكاة.

وأما الجلّال إن كان بحيث لا يمنع صدقه من صدق اسم السوم (٢) فقد يتأمّل فيه من جهة حرمة اللحم ، لكن لا يبعد القول بالوجوب لارتفاع تحريمه بالاستبراء ، فلا باعث فيه للخروج عن ظاهر الاطلاقات.

والعبرة في المتولّد بين الزكاتين (٣) أو غيرهما أو المختلفين بالاندراج تحت اسم الزكاة (٤) كما نصّ عليه جماعة ويعتبر فيه حلية اللحم ، فلو حكم بحرمة لحمه بناء على حرمة أصله لم يتعلق به زكاة.

والذهب والفضة يشملان العالي (٥) والدون ، والخالص والمخلوط بغيره ما لم يستهلك فيه.

ولا عبرة بالغش الحاصل فيهما ، وإن كان مستهلكا وأطلق على المجموع اسم الذهب أو الفضة ، بل يعتبران صافيين.

وسيجي‌ء الإشارة إن شاء الله.

ولنفصّل القول في الأجناس المذكورة في فصول :

__________________

(١) في ( د ) : « الأخير ».

(٢) في ( ألف ) : « النوم ».

(٣) في ( د ) : « الزكويين ».

(٤) في ( د ) : « الزكوي ».

(٥) في ( د ) : « العال ».

١٢٦

الفصل الأوّل

في زكاة الأنعام

والكلام فيها في الشروط واللواحق ، فهاهنا بحثان :

البحث الأوّل

في بيان شروط وجوب الزكاة فيها

تبصرة

[ في اشتراط النصاب ]

النصاب شرط وجوب زكاة الأنعام بإجماع علماء الإسلام ، وهو مختلف باختلاف الأنعام ، فللإبل اثنا عشر نصابا :

أوّلها الخمس وفيها شاة ، ثمّ العشر وفيها شاتان ، ثمّ الخمس عشر وفيها ثلاث شياه ، ثمّ العشرون وفيه أربع ، ثمّ الخمس والعشرون وفيه خمس ، ثمّ الست والعشرون وفيها بنت مخاض ، ـ وهي ما دخلت في السنة الثانية.

ثمّ الست والثلاثون وفيها بنت لبون ، وهي ما دخلت في الثالثة.

ثمّ الست والأربعون [ و ] فيها حقّة ، وهي ما دخلت في الرابعة.

ثمّ الإحدى والستون وفيها جذعة ، وهي ما دخلت في الخامسة.

ثمّ الست والسبعون وفيها بنتا لبون.

ثمّ الإحدى والتسعون وفيها حقّتان.

ثمّ مائة وإحدى وعشرون فما زاد عليها زاد عليها وفيها في كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ

١٢٧

أربعين بنت لبون.

فالزيادة في النصب الخمس إلى النصاب السادس وفيه بواحدة ، ثمّ بعشر في السابع والثامن ، ثمّ بخمس عشر في التاسع والعاشر والحادي عشر ، ثمّ بثلاثين في الثاني عشر.

وهذا التفصيل هو المعروف بين الأصحاب بل استقرّ المذهب عليه.

ويدلّ عليه الصحاح المستفيضة المصرّحة بالتفصيل المذكور المعتضدة بالعمل بل الاتفاق ، غير أن الموجود في صحيحتين منها (١) تعيين الحقة في كلّ خمسين في النصاب الأخير.

وقد وقع التصريح في صحيحة زرارة بالنحو المشهور ، فيحمل تينك الصحيحتين على ذلك ؛ جمعا بين الأخبار.

مضافا إلى اعتضادها بالعمل.

وقد حكى الإجماع على التفصيل المذكور في شرح الجمل والغنية (٢).

ثمّ إن النصب الأربعة (٣) الأول عددا وحكما ممّا اتّفق عليه الإسلام كما نصّ عليه في المعتبر (٤) والتذكرة (٥).

وكذا النصاب السابع والثامن والتاسع والحادي عشر.

وقد وقع (٦) في غير النصب المذكورة خلاف ضعيف في مواضع :

أحدها وثانيها النصاب الخامس والسادس ، فذهب الإسكافي إلى أن الواجب في النصاب الخامس بنت المخاض ، فإن لم تكن في الإبل فابن اللبون ، فإن لم تكن فخمس شياة. كذا حكاه في المختلف (٧).

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « منها ... تينك الصحيحتين ».

(٢) غنية النزوع : ١٢٢.

(٣) في ( د ) « لأربعة ».

(٤) المعتبر ٢ / ٥٠٠.

(٥) تذكرة الفقهاء ٥ / ٥٩.

(٦) كلمة ( في ) زيدت من ( د ).

(٧) مختلف الشيعة ٣ / ١٦٨.

١٢٨

والظاهر أن المحكيّ فيه عبارته بلفظه ، والمحكي عنه في المعتبر (١) والمنتهى (٢) والتذكرة (٣) وجوب بنت المخاض أو ابن اللبون أوّلا ثمّ الشياه الخمس.

وفي شرح الجمل إيجابه فيه بنت المخاض أو ابن اللبون من غير ذكر للشياه.

وعن العماني تعيين بنت المخاض بدل الشياه ، وقال بسقوط النصاب السادس ، فأوجب ذلك إلى الست والثلاثين.

وأسند هذا القول في المعتبر إلى جماعة من محققي الأصحاب ، وذكر ان الرواية الآتية التي هي الحجة في ذلك ممّا رواه البزنطي واختاره ، وهي صحيحة الفضلاء عن الصادقين عليهما‌السلام أنهما قالا في صدقة الإبل : « في كلّ خمس شاة إلى أن تبلغ خمسا وعشرين ، فإن بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض ، وليس فيها شي‌ء حتى يبلغ خمسا وثلاثين ففيها ابنة لبون .. » (٤) الخبر.

وأوّلها الشيخ (٥) تارة بحصول إضمار في الرواية ، فيراد ثبوت ذلك مع زيادة الواحد ، وأخرى بالحمل على التقيّة ؛ إذ ذلك ممّا أطبقت عليه العامة ؛ لما رووه من كتاب أبي بكر لأنس لمّا وجّهه إلى البحرين.

وقد ضعّفهما في المعتبر (٦) ببعد الإضمار ، وبعد الحمل على التقيّة لكونه مذهب جماعة من محققي الأصحاب قال : وكيف يذهب على مثل ابن أبي عقيل والبزنطي وغيرهما ممّن اختار ذلك مذهب الاماميّة؟

وفيه : أنّ غاية ما يفيده ذلك عدم انعقاد الإجماع على خلافه هناك ، وهو لا ينافي الحمل على التقية بعد موافقة الرواية لما أطبقت عليه العامة ، ومخالفته لما في الروايات المعتبرة

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٥٠٠.

(٢) منتهى المطلب ١ / ٤٧٩.

(٣) تذكرة الفقهاء ٥ / ٥٨.

(٤) الكافي ٣ / ٥٣١ ، باب صدقة الابل ح ١ وفيه : « ثم ليس فيها شي‌ء حتى تبلغ خمسا وثلاثين فإذا بلغت خمسا وثلاثين ففيها ابنة لبون ».

(٥) تهذيب الأحكام ٤ / ٢٣.

(٦) المعتبر ٢ / ٤٩٩.

١٢٩

المنجبرة بعمل الفرقة.

ويشير إليه ما ذكره عبد الرحمن بن الحجاج على ما في الكافي (١) بعد ما روى في صحيحته ثبوت بنت المخاض في ست وعشرين إلى خمس وثلاثين : ان هذا فرق بيننا وبين الناس.

ويؤيد الإضمار سقوط الواحدة في تلك ( الرواية في المراتب المتأخرة أيضا وقد وقع الاتفاق على اعتبارها هناك كما في المنتهى ، وإذا التزم في تلك ) (٢) المراتب التزم به في المقام أيضا.

وكأنّ الغاية في المراتب المذكورة داخلة في المغيّى ، فيكون المراد بما بعده بيان حكم الزائد على تلك المرتبة بالتزام إضمار فيه.

وبذلك يظهر ضعف حملها على التقية لا بما ذكره.

وكأنّ الأولى التزام نقص في الرواية.

ويدلّ عليه أنه قد رواها الصدوق في معاني الأخبار (٣) في الصحيح مع التصريح باعتبار الزيادة في تلك المراتب على ما حكي عن بعض النسخ الصحيحة.

وبذلك يظهر ضعف القول المذكور وما في المعتبر (٤) بعد تضعيفه الحملين المذكورين من أن الأولى أن يقال : فيه روايتان أشهرها (٥) ما اختاره المشايخ الخمسة وأتباعهم.

وكيف كان ، فالعمل بالأخبار المتقدمة متعيّن ، وهذه الصحيحة لا بدّ من حملها على أحد الوجوه المذكورة.

وفي المنتهى (٦) : إنه خبر شاذّ لا يعارض ما تقدم من الأحاديث الصحاح المعتضدة بعمل

__________________

(١) الكافي ٣ / ٥٣٢.

(٢) ما بين الهلالين أضيفت من ( د ).

(٣) معانى الأخبار : ٣٢٧.

(٤) المعتبر ٢ / ٥٠٠.

(٥) كذا ، والظاهر : أشهرهما.

(٦) منتهى المطلب ١ / ٤٧٩.

١٣٠

الأصحاب. وحكاية الإجماع على المشهور مستفيضة حكاه في المختلف (١) والغنية وشرح الجمل.

وفيه : أنّ الإجماع سابق له ومتأخر عنه. وأما ما ذهب إليه الإسكافي فلم نقف على مستنده.

نعم ، ذكر السيد في [ ... ] (٢) والقاضي في شرح الجمل أنّه عوّل في ذلك على بعض الأخبار الواردة من طرقنا.

قال القاضي : والذي يتضمن ذلك من أخبار الآحاد. ويمكن أن يحمل ذكر بنت المخاض أو ابن اللبون في خمس وعشرين على سبيل القيمة.

ثالثها : النصاب العاشر ، فأسقطه الصدوقان في الرسالة والهداية (٣) والمقنع (٤).

وذكر إمكانه الواحد والثمانين ، وأوجبا فيه ثلثا. وهو ما أكمل الخامسة ودخل في السادسة. قيل : إنّ مستندهما في ذلك كتاب الفقه الرضوي ؛ فإنّ ذلك بعينه موجود فيه ، وهو شاهد على وجود الكتاب عندهما [ و ] كونه أصحّ عندهما من ساير الأخبار حيث قدّماه عليها.

قلت : وهذا الحكم موجود في حديث مسند في الخصال (٥) عن الصادق عليه‌السلام. وكأنّ ذلك هو مستندهما في الحكم المذكور.

وأما استنادهما إلى الكتاب المذكور فلم يظهر منهما في شي‌ء من الموارد ، بل ولا أسندا الحكم المذكور فيه إلى الرواية أصلا.

وكيف كان ، فضعف كل من المستندين ظاهر ؛ إذ لا يقاومان ما عرفت من الروايات

__________________

(١) مختلف الشيعة ٣ / ١٧٠.

(٢) هنا فراغ في ( د ).

(٣) الهداية :

(٤) المقنع : ١٧١.

(٥) الخصال : ٦٠٥.

١٣١

الواضحة المعتضدة بعمل الطائفة والإجماعات المحكية.

وظاهره في الفقيه موافقة المشهور في نصب الإبل. ونصّ فيه بأن الأسنان التي أخذ في الصدقة من ابن المخاض إلى الجذع.

رابعها : أنّه زاد الصدوق في الهداية (١) بعد النصاب المذكور نصابا آخر ، وهو التسعين. وأوجب فيه بنتي لبون ، ثم جعل النصاب بعده واحدا وتسعين وأوجب فيه حقتين على ما هو المعروف ، فيكون عنده نصابان لا عفو بينهما.

وهو أيضا ضعيف مخالف للأخبار المستفيضة.

والظاهر أنّ مستنده في ذلك أيضا الرواية المتقدمة عن الخصال (٢) لوجود ذلك فيها. وفيه دلالة على استناده إليها في الحكم المتقدّم.

خامسها : النصاب الأخير. وقد خالف فيه السيد في الانتصار حيث ذهب إلى عدم اختلاف الغرض بذلك ، فلا شي‌ء من جهة زيادة الواحد على مائة وعشرين إلى مائة وثلاثين ، فأوجب فيها حقّة وبنتي لبون ، فيكون ذلك هو لنصاب الثاني عشر عنده.

وباقي الأصحاب على خلافه حيث نصّوا بما ذكرناه ، وحكاية الإجماع عليه مستفيضة في كلامهم حكاه في الناصريات (٣) وشرح الجمل والغنية (٤) والسرائر (٥).

وفي المبسوط (٦) نفى عنه الخلاف بين أصحابنا. وحكى في الخلاف (٧) الإجماع على الراوية الدالّة على ثبوت الحقّة في كل خمسين وبنت اللبون في كل أربعين بعد زيادة الإبل على مائة

__________________

(١) الهداية : ١٧٢.

(٢) الخصال : ٦٠٥.

(٣) الناصريات : ٢٧٨.

(٤) غنية النزوع : ١٢٢.

(٥) السرائر ١ / ٤٤٩.

(٦) المبسوط ١ / ١٩١.

(٧) الخلاف ٢ / ٩.

١٣٢

وعشرين. وظاهر إجماع العامة والخاصة ، وعزي الحكم المذكور في المعتبر (١) والتذكرة (٢) إلى علمائنا مؤذنا بالإجماع عليه.

وكذا في المنتهى (٣) إلّا أنّه ذكر خلاف السيد ، قال : ورجع إلى ما اخترناه (٤) في المسائل الناصرية (٥).

احتجّ السيد لما ذهب إليه بإجماع الإمامية عليه. وذكر في آخر كلامه أنّ هناك أخبارا لا تحصى من طرق الخاصة يوافق ذلك.

ويضعّف ما حكاه من الإجماع تفرّده بالقول المذكور ؛ إذ لم نقف على من وافقه فيه ، وهو رحمه‌الله قد خالف نفسه فاختار المشهور في الجمل والناصريات (٦).

ومن الغريب أنّه رحمه‌الله ادعى الإجماع في الناصريات على ذلك أيضا كما مرّ.

وأمّا ما ذكره من الأخبار فلم نقف عليها.

نعم ، في صحيحتي أبي بصير (٧) وعبد الرحمن بن الحجاج (٨) ثبوت الحقة في كل خمسين مع الزيادة على المائة والعشرين.

ولا منافاة فيهما للمشهور ، وظاهر إطلاقهما أن نافي المشهور ، فينافي ما اختاره أيضا.

سادسها : المعروف أنّ الحقة المأخوذة في النصاب الثامن والحقّتان المأخوذتان في النصاب الحادي عشر لا يعتبر فيهما أن تكونا حوائل.

وعن العماني والإسكافي تقييدهما بكونهما طروقي الفحل. وعن الثاني تقييد الحقة

__________________

(١) المعتبر ٢ / ٥٠٠.

(٢) تذكرة الفقهاء ٥ / ٥٩.

(٣) منتهى المطلب ١ / ٤٨٠.

(٤) في المصدر المطبوع : « ما أحضرناه ».

(٥) الناصريات : ٢٧٨.

(٦) الناصريات : ٢٧٨.

(٧) الكافي ٣ / ٥٣١ ، باب صدقة الإبل ح ١.

(٨) الكافي ٣ / ٥٣٢ ، باب صدقة الإبل ح ٢.

١٣٣

المأخوذة عن كل خمسين بكونها طروقة الفحل أيضا ، وقد ورد التقييد المذكور في صحيحة الفضلاء في النصابين المذكورين.

وكأنّهما مستندهما في ذلك.

ولا يبعد حمل الرواية على بيان الشأن فيها حيث إنّها بلغت إلى حيث استحقّت أن يطرقها الفحل حسبما ذكره الأصحاب في سبب تسميتها حقّة ؛ نظرا إلى إطلاق ساير الروايات ، وإن كان قضية حمل المطلق على المقيّد حمل إطلاقها على ما في الصحيحة المذكورة إلّا أنّها لمّا أمكن حملها على الوجه المذكور واعتضد ذلك بفتوى الأصحاب ـ بل قام الدليل على عدم تسلط الساعي على أخذ الحامل كما سيجي‌ء الإشارة إليه ـ تعيّن الأخذ بتلك الإطلاقات ، وحمل تلك الصحيحة على الوجه المذكور ، فإن حمل كلامهما على ذلك أيضا فلا خلاف في البين.

سابعها : ظاهر ما ذكره جماعة من القدماء كالشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) وجمل العقود ، والسيد في الجمل ، والديلمي والقاضي (٣) والحلي (٤) وغيرهم كون النصاب الثاني والثالث والرابع والخامس هو العشر والخمس عشر والعشرون والخمس وعشرون ، فيكون السابق على كل مرتبة جزء منه.

والمنصوص به في كلام جماعة منهم الطوسي (٥) والمحقق في كتبه الثلاثة (٦) والعلامة في عدة من كتبه (٧) والشهيدان (٨) وغيرهم أنّ كلا من النصب الخمسة خمسة.

__________________

(١) النهاية : ١٧٩.

(٢) المبسوط ١ / ١٩١.

(٣) المهذب ١ / ١٦١.

(٤) تحرير الأحكام ١ / ٣٥٦.

(٥) المبسوط ١ / ١٩١.

(٦) لاحظ : المعتبر ٢ / ١٩ وشرائع الإسلام ١ / ١٠٧.

(٧) منها تحرير الأحكام ١ / ٣٥٦ ، تذكرة الفقهاء ٥ / ٤٦ ، نهاية الإحكام ٢ / ٣٢٢ ، منتهى المطلب ١ / ٤٧٩.

(٨) البيان : ١٧٣ ، مسالك الإفهام ١ / ٣٦٤.

١٣٤

فلا يكون النصاب الأول جزء من الثاني ولا الثاني جزء من الثالث إلى الخامس ، فإذا بلغ السادس كان نصابا واحدا يندرج فيه ما تقدمه.

ويتفرع على الوجهين ما إذا اختلف أول ملكه لكل خمس إلى أن بلغت خمسا وعشرين ، فيؤخذ لكل واحد حولا منفردا على الثاني وعلى الأول يشكل الحال فيه ، بل لا يصح اعتباره كذلك كما سيجي‌ء بيانه إن شاء الله.

وقد ورد التعبير عن تلك النصب في الروايات بكل من الوجهين ، والظاهر البناء على الوجه الثاني.

وقد ورد التعبير به في صحيحة الفضلاء وزرارة ، وأكثر أخبار الباب التعبير بالأول لكن لا بعد في حملها على ذلك ، بل هو المتعيّن بعد دلالة غيرها عليه.

وعليه فيمكن تنزيل كلام من عبّر به من الأصحاب عليه فلا خلاف.

وكأنّه لذا قطع به جماعة من المتأخرين من غير إشارة إلى خلاف فيه.

ثامنها : المعروف بينهم أنّ نصب الإبل اثنا عشر.

ويوجد في كلام جماعة منهم الشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) والجمل ، والطوسي في الوسيلة (٣) ، والعلامة في التذكرة (٤) أنّها ثلاثة عشر ؛ نظرا إلى عدّ المائة واحد وعشرين نصابا ، والأربعين والخمسين الملحوظين عند تكثر الإبل نصابا آخر.

وقد يتفرع عليه ما سيجي‌ء إن شاء الله من احتمال كون الواحدة الزائدة جزء من النصاب لو جعلنا المائة والأحد وعشرين نصابا مستقلا ، وإن جعلنا النصاب هو الأربعين والخمسين فلا إشكال إذن في الخروج.

وهو كما ترى.

__________________

(١) النهاية : ١٧٩.

(٢) المبسوط ١ / ١٩١.

(٣) الوسيلة : ١٢٤.

(٤) تذكرة الفقهاء ٥ / ٤٥.

١٣٥

فالظاهر أنّ الاختلاف المذكور إنّما هو في مجرد الاعتبار ، ولا خلاف في المعنى.

نعم ، على ما حكيناه من الصدوق في الهداية يكون النصب ثلاثة عشر على الحقيقة.

وقد عرفت ضعفه.

وهاهنا أمران ينبغي الإشارة إليهما :

أحدهما : أنّ الواحدة الزائدة على المائة والعشرين هل هي جزء من النصاب فيتعلق بها حصة من الزكاة أو أنّها شرط في تحقق النصاب وليس بجزء؟

وفرّع عليه فيما لو تلفت بعد حلول الحول قبل إخراج الزكاة بغير تفريط من المالك ، فعلى الأول يسقط من الزكاة بالنسبة بخلاف الأخير ؛ قولان :

فالأول مختار العلامة في النهاية (١). وربما يظهر من الشيخ في المبسوط (٢) وجمل العقود حيث جعل الوقص المتقدم على مائة وثلاثين ثمانية أو لو لا بناؤه على ذلك لجعله تسعة كما جعل في المراتب المتأخرة عن المائة والثلاثين.

والثاني محكي عن جماعة من المتأخرين.

وبه قطع المحقق الكركي (٣).

واختاره الشهيد الثاني في المسالك (٤) وصاحب المدارك (٥).

وهو الظاهر من الغنية حيث حكم بعدم ثبوت شي‌ء بين العشرين والثلاثين بعد المائة.

وظاهر الشهيد في البيان (٦) التوقف في ذلك إلّا أنّه نفى البعد عن كونها شرطا. والأظهر خروجها عما يخرج عنه الزكاة ؛ أخذا بظاهر الروايات.

وكون ذلك نصابا لا ينافي عدم وجوبها في بعض منه ، فإنّ النصاب هو القدر الذي يناط

__________________

(١) نهاية الإحكام ٢ / ٣٢٢.

(٢) المبسوط ١ / ١٩١.

(٣) في جامع المقاصد ٣ / ١٠.

(٤) مسالك الإفهام ١ / ٣٧٣.

(٥) مدارك الأحكام ٥ / ٧٩.

(٦) البيان : ١٧٣.

١٣٦

وجوب الزكاة أو قدر معيّن منها بالبلوغ إليه وإن لم يجب في بعض منه كما في المقام حسبما قضت به الروايات.

هذا إذا جعلنا النصاب هو بلوغها إلى المائة وإحدى وعشرين ، وأمّا إن قلنا بأنّ النصاب عند البلوغ إلى القدر المذكور هو الأربعون والخمسون ، ولأنّه القدر المذكور (١) يجب فيه الزكاة فلا إشكال.

وهو الذي يظهر من كثير من المتقدمين منهم المفيد في المقنعة (٢) ، والسيد في الجمل ، والشيخ في النهاية (٣) وجمل العقود ، والحلبي في الكافي (٤) ، والقاضي في شرح الجمل ، وابن زهرة في الغنية (٥) ، والطوسي في الوسيلة ، والحلي في السرائر (٦) وغيرهم ؛ لنصّهم بأنها إذا بلغت هذا المقدار ترك هذا الاعتبار وأخذ من كل خمسين حقة ، ومن كلّ أربعين بنت لبون.

وفي الوسيلة (٧) : صار النصاب حينئذ الأربعين والخمسين.

فظهر بما ذكرنا أن قضية كلام هؤلاء أيضا ما اخترناه ، فينطبق النصوص والفتاوى على ذلك ، فالاحتمال الآخر موهون جدا.

ثانيهما : أن الظاهر من الروايات بعد الجمع بينهما وبين ظاهر إطلاق جماعة من الأصحاب التخيير في النصاب الأخير بين الإخراج عن كل خمسين حقة وعن كل أربعين بنت لبون ، سواء حصل الاستيعاب بهما أو بأحدهما دون الآخر أو كان أحدهما أقرب إلى الاستيعاب أو لا.

وهذا هو الذي حكم به الشهيد الثانى رحمة الله في فوائد القواعد ، وعزاه إلى ظاهر الأصحاب.

__________________

(١) في ( د ) : « الذى ».

(٢) المقنعة : ٢٣٧.

(٣) النهاية : ١٨٠.

(٤) الكافي للحلبي : ١٦٧.

(٥) غنية النزوع : ١٢٢.

(٦) السرائر ١ / ٤٣٥.

(٧) الوسيلة : ١٢٤.

١٣٧

وإليه ذهب جماعة من المتأخرين كصاحب المدارك (١) والذخيرة (٢) والحدائق (٣) والرياض (٤).

ويظهر ذلك من المحقّق الأردبيلي (٥) والمجلسي رحمة الله (٦).

ويدلّ عليه صحيحتا أبي بصير (٧) وعبد الرحمن بن الحجاج (٨) المشتملين على وجوب حقّة في كلّ خمسين بعد زيادة العدد على المائة والعشرين ؛ لتصريحه عليه‌السلام إذن ما بعد الوجهين.

وصحيحة الفضلاء وزرارة الحاكمتان بالتخيير بين الوجهين إذا زادت على المائة والعشرين واحدة لتعين ثلاث بنات لبون فيه على الوجه الآخر وإطلاق غيرها ممّا ظاهره التخيير بين الوجهين فيما إذا زادت الإبل على المائة والعشرين أو ما إذا كثرت الإبل بعد البلوغ إليها.

مضافا إلى الأصل ، وموافقته للإرفاق بالمالك العشر في نظر الشارع في المقام.

قطع المحقّق الكركي (٩) والشهيد الثاني في المسالك (١٠) إلى أنّ التعدية بهما ليس على وجه التخيير مطلقا ، بل يجب التقدير بما يحصل به الاستيعاب إن أمكن ، سواء حصل من ملاحظته بأحد الوجهين أو بالتلفيق منهما وإلّا لزم مراعاة أقربهما إلى الاستيعاب ؛ رعاية لحق الفقراء ، وإن تساويا في الاستيعاب أو في مقدار القرب تخيّر بين الوجهين.

أقول : وهذا هو الذي قطع به معظم الأصحاب ممّن وصل إلينا كلامهم إلى الشهيد الثاني من غير خلاف تعرف فيه.

__________________

(١) مدارك الأحكام ٥ / ٥٧.

(٢) ذخيرة المعاد ١ / ٤٣٧.

(٣) الحدائق الناضرة ١٢ / ٤٩.

(٤) رياض المسائل ٥ / ٦٠.

(٥) بحار الأنوار ٩٣ / ٥٤.

(٦) مجمع الفائدة ٤ / ٦٣.

(٧) الكافي ٣ / ٥٣١ ، باب صدقة الإبل ح ١.

(٨) الكافي ٣ / ٥٣٢ ، باب صدقة الإبل ح ٢.

(٩) جامع المقاصد ٣ / ١٥.

(١٠) مسالك الإفهام ١ / ٣٧٤.

١٣٨

وممّن نصّ عليه الشيخ في الخلاف (١) والمبسوط (٢).

وفي الأوّل : إنّ الذي يقتضيه المذهب هو ذلك.

وفيه أيضا حكاية الإجماع على أنّ في مائة وخمسين ثلاث أحقاق.

وفي الأخير : أنّ الأصحاب لم يفصّلوا ، والأخبار مطلقة ، والذي يقتضيه عمومها هو ذلك.

وفي الوسيلة : إنّ الفريضة في المائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون ، وفي المائة وثلاثين بنتا لبون وحقّة .. وعلى ذلك.

وفي الغنية : إن الواجب عندنا وعند أكثر من المخالفين في مائة وثلاثين حقة وبنتا لبون.

وظاهره إجماعنا على تعيين ذلك في القدر المذكور.

وفي الإجماع المتقدم عن السيد في الانتصار (٣) إشارة إليه أيضا.

وفي السرائر (٤) : إنّ الذي يقتضيه أدلّتنا ويشهد به أصول مذهبنا والتواتر والإجماع منعقد عليه ما ذكره شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ، ثمّ ذكر عبارة الشيخ في الخلاف (٥) المشتملة على أنّ ما يقتضيه المذهب هو ذلك.

وقد فصّل فيه بيان الواجب في خصوص كلّ من الأعداد إلى المائتين ، وحكم فيها بالتخيير بين أربع حقاق وخمس بنات لبون ، وجعل الحكم فيه على هذا الحساب بالغا ما بلغ ، قال : وهذا هو تصحيح (٦) المتّفق عليه المجمع.

وهذا كما ترى صريح في حكاية الإجماع إلّا أنّ ما ذكره في مقام الرد على السيد حيث

__________________

(١) الخلاف ٢ / ١٤.

(٢) المبسوط ١ / ١٩٢.

(٣) في هامش السرائر ١ / ٤٤٩ : الانتصار : كتاب الزكاة ، المسألة الخامسة.

(٤) السرائر ١ / ٤٤٩.

(٥) الخلاف ٢ / ٧.

(٦) في ( د ) : « صحيح ».

١٣٩

حكم بعدم (١) ثبوت شي‌ء في الزائد على المائة والعشرين إلى المائة والثلاثين.

وفي المعتبر بعد ما ذكر نصب الإبل كما مرّ ، وأسنده إلى (٢) علمائنا : فيكون في مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون. ثمّ ذكر أقوال العامة. وظاهر كلامه بل صريحه تعيين (٣) ذلك في العدد المذكور سيّما بعد ملاحظة ما حكاه من أقوال العامّة.

وقد صرّح بعد ذلك بأنّه إذا اجتمع في مال الأمران كالمائتين ، فالخيار إلى المالك في إخراج أربع حقاق أو خمس بنات لبون.

وهو يدلّ أيضا على عدم قوله بالتخيير مطلقا.

وفي التذكرة (٤) : إذا زادت على مائة وعشرين واحدة وجب في كلّ خمسين حقة ، وفي كلّ أربعين ، بنت لبون فيجب هنا ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين ، ففيها حقّة وبنتا لبون إلى مائة وأربعين ، ففيها حقتان وبنتا لبون إلى مائة وخمسين ، ففيها ثلاث حقاق .. وعلى هذا الحساب بالغا ما بلغ عند علمائنا.

ثم ذكر أقوال العامة.

وذكر نحو ذلك في المنتهى (٥) إلّا أنه أسند الحكم أوّلا إلى علمائنا ، وفرع عليه ذلك.

ولا يبعد أن يكون الجميع مسندا إليهم كما يكشف عنه عبارته في (٦) التذكرة.

وكيف كان ، ففيه أيضا إشارة إلى الإجماع.

وقد قطع به الشهيد في الدروس (٧) ، وهو ظاهر كلامه في البيان (٨).

__________________

(١) في ( ب ) : « بعد ».

(٢) ليس في ( د ) « إلى ».

(٣) في ( ألف ) : « بتعيّن ».

(٤) تذكرة الفقهاء ٥ / ٥٩.

(٥) منتهى المطلب ١ / ٤٧٩.

(٦) ليس في ( د ) : « في ».

(٧) الدروس ١ / ٢٣٤.

(٨) البيان : ١٧٣.

١٤٠