تبصرة الفقهاء - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-000-6
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٢٨

١
٢

٣
٤

تقديم

بقلم العلّامة الفقيه الشيخ هادي النجفي

من آل العلّامة التقي مؤلّف الكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي فضّل مداد العلماء على دماء الشهداء ، والصلاة والسلام على مبلّغ رسالات الله محمّد المصطفى ، وعلى آله الأمجاد الأطهار.

أما بعد ، فإنّ سماحة العلّامة الثاني ، والمحقّق الكبير ، والأصولي المدقّق ، والفقيه النبيه ، آية الله العظمى الشيخ محمّد تقي الرازي النجفي الأصفهاني قدس‌سره المتوفى عام ١٢٤٨ صاحب كتاب « هداية المسترشدين في شرح أصول معالم الدين » معروف في أندية العلم وعند أهله وهو غنيّ عن التعريف والتبجيل (١).

أذكر لك بعنوان النموذج كلام العلّامة السيّد عبد الحسين شرف الدين قدس‌سره المتوفى عام ١٣٧٧ في كتابه « بغية الراغبين » في شأنه قال : الشيخ محمّد تقي ، فقد كان آية من آيات الله المحكمة ، وحجّة من حججه البالغة ، يمثل أئمة أهل البيت عليهم‌السلام في هديهم ، ويصدع بأمرهم ونهيهم ، بحر علم من بحار علومهم المحيطة ، وعلما راسخا جعله الله من أوتاد البسيطة ، وله في خدمة الدين والمؤمنين سيرة شكرها الله له ورسوله ... وحين رجع إلى اصفهان شمر

__________________

(١) كتبت ترجمته في كتابي « قبيله عالمان دين » ( ٣٩ ـ ١١ ) وفي المقدمة التي كتبتها على كتابه « رساله صلاتيه » ( ٤٣ ـ ٢٤ ) وكلاهما باللغة الفارسية فراجعهما إن شئت.

٥

لنشر العلم عن ساقه وحسر لتربية طالبي العلم عن ساعده ، فكانت حوزته منهم تقارب ثلاث مائة من الفضلاء والأجلّاء وله في تخريج المجتهدين غاية تتراجع عنها سوابق الهمم ، وله في التأليف عزيمة قلّ نظيرها ... وحسبك من آثاره الخالدة « هداية المسترشدين في شرح معالم الدين » وغيرها من الكتب الممتعة في الفقه والأصول ... » (١).

وله كتاب في الفقه الاستدلالي المسمى بـ « تبصرة الفقهاء » لم يطبع حتّى الآن وهو هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم ويرى النور لأول مرّة.

ونسرد هنا بعض ما قاله الأعلام حول الكتاب :

الأقوال حول الكتاب

١ ـ قال في الروضات : « وله أيضا كتاب في الفقه الاستدلالي كبير جدّا كان يشتغل به ايام تشرّفنا بخدمته المقدسة الّا انّه بقى في المسودات ولم يدوّن منه مجلد بعد » (٢).

٢ ـ قال صاحب الروضات في كتابه الآخر الموسوم بـ « علماء الأسرة » في ذكر أساتيده وترجمة شيخنا المؤلّف : « له أيضا في الفقه كثير لم يدوّن ... » (٣).

٣ ـ وقد نقل تلميذه آية الله المجدّد الشيرازي في تقريرات بحثه الشريف عن فقه أستاذه شيخنا المؤلّف وقال : « وقد ذهب بعض من المحققين من متأخري المتأخّرين في فقهه ـ على ما حكي عنه ـ إلى كون الاجازة كاشفة ، والتزم باللازم الأوّل ، وهو جواز تصرّف الأصيل ، وظهر ما فيه ممّا بيّنّا » (٤).

ثم جاء في هامش الأصل : « وهو الشيخ محمّد تقي ـ قدس‌سره ـ على ما حكي عنه » (٥).

__________________

(١) بغية الراغبين في سلسلة آل شرف الدين ١ / ١٥٥.

(٢) روضات الجنات ٢ / ١٢٤.

(٣) علماء الأسرة : ١٨٠.

(٤) تقريرات آية الله المجدد الشيرازي ٢ / ٢٨٢.

(٥) تقريرات آية الله المجدد الشيرازي ٢ / ٢٨٢.

٦

٤ ـ ونقل حفيد المؤلّف ، العلّامة آية الله الشيخ محمّد تقي آقا النجفي الأصفهاني المتوفى عام ١٣٣٢ في كتاب الطهارة من فقه الإمامية أربع مرّات عن جده قال : « قال جدي العلّامة رحمه‌الله وكأنّه مبنيّ على نجاسة البئر أو على استكراه منه ، فيوجب الضرر على الناس أو كان في وقوعه إفسادا للماء بوجه آخر كإفساده بالتغيير مع كون الماء ملكا للغير أو كونه في تصرّفهم أو وقفا يوجب ذلك الإضرار بالموقوف عليهم فلو خلي عن جميع ما ذكر فالظاهر وجوب النزول أخذا بإطلاق الوجدان » (١).

ثم اختاره وقال : « هذا هو الأقوى » (٢).

٥ ـ وقال حفيده أيضا في كتاب الطهارة : « قد وقع الخلاف بين الأصحاب في أنّ الانتقال إلى التيمّم في هذا الباب هل يختصّ بمن لم يتعمّد في الجنابة على الحال المذكور أو يعمّ من تعمّده على أقوال : أحدها : عدم الفرق بينهما ، والظاهر أنّه المعروف بين الأصحاب كما نصّ عليه بعضهم ، وإليه ذهب جدّي العلّامة رحمه‌الله ... » (٣).

٦ ـ وهكذا نقل : « نفي الخلاف من أصحابنا » عن جدّه العلّامة في مسألة أنّ خوف العطش من أسباب العجز عن استعمال الماء في الطهارة فينتقل إلى التيمم (٤).

٧ ـ وقال : « إنّه ذكر جدّي العلّامة طاب ثراه بأنّ الجاهل بالحكم كالعامد إلّا مع الجهل الذي يكون عذرا كالجاهل المطلق الغافل عن المسألة أو المعتقد للإباحة بحيث لا يحتمل الخلاف ليجب عليه السؤال » (٥).

٨ ـ واستدرك ابن حفيده الآخر العلّامة آية الله أبي المجد الشيخ محمّد الرضا النجفي الأصفهاني طاب ثراه على كلام صاحب الروضات بأن « له كتاب في الفقه الاستدلالي » قال : « خرج منه كتاب الطهارة ، وهو في الفقه كالهداية في الأصول ، وله شرح كتاب الوافي

__________________

(١) فقه الإمامية ، كتاب الطهارة ، المطبوع عام ١٢٩٩ ه‍. ق على الحجر : ٤١٦.

(٢) فقه الإمامية ، كتاب الطهارة ، المطبوع عام ١٢٩٩ ه‍. ق على الحجر : ٤١٦.

(٣) فقه الإمامية ، كتاب الطهارة : ٤٢٦.

(٤) فقه الإمامية ، كتاب الطهارة : ٤٢٩.

(٥) فقه الإمامية ، كتاب الطهارة : ٤٤٨.

٧

على ما نقل لي والدي طاب ثراه ... » (١).

٩ ـ وقال ابن حفيده العلّامة الشيخ محمّد باقر ألفت ابن آية الله آقا النجفي الأصفهاني المذكور ما ترجمته بالعربية : « وأيضا صنف كتابا في علم الفقه ولكن ما رأيته » (٢).

١٠ ـ وذكر هذا الكتاب صاحب الذريعة (٣). وقال في الكرام البررة في ترجمة المؤلّف : « كتاب الطهارة ، قال في التكملة : رأيته وهو في غاية التحقيق يبلغ قدر طهارة المعالم ، وله شرح طهارة الوافي للفيض من تقرير أستاذه السيّد مهدي [ بحر العلوم ] ... » (٤).

١١ ـ وقال العلّامة الشيخ محمّد على المعلّم ما ترجمته بالعربية : « ... وله كتاب كبير في الفقه الاستدلالي لم يخرج من المسودّة » (٥).

١٢ ـ وذكر الكتاب العلّامة المؤرّخ السيّد مصلح الدّين المهدوي رحمه‌الله في كتابه في ترجمة المؤلف وآله الأمجاد المسمى بـ « بيان سبل الهداية في ذكر أعقاب صاحب الهداية » (٦).

١٣ ـ وقال والدنا العلّامة آية الله الشيخ مهدي مجد الإسلام النّجفي قدس‌سره في مقدمته على هداية المسترشدين : « وجدنا نسخة كتاب فقه صاحب الهداية في قريب من خمسمائة صفحة (٧) سمّي بـ « تبصرة الفقهاء » وفيه جلّ مسائل الطهارة وبحث مواقيت الصلاة وبعض الزكاة وقسم من البيع. وهذا الكتاب « تبصرة الفقهاء » في الفقه ، كالهداية في الأصول ... » (٨).

١٤ ـ وقال العلّامة المحقّق السيّد أحمد الحسيني الإشكوري مدّ ظلّه في ترجمة المؤلّف المطبوعة في أوّل الهداية : « اشتغل الشيخ في أيام الدراسة والطلب بالفقه والأصول

__________________

(١) أغلاط الروضات : ١٠ ، طبع عام ١٣٦٨ ق في طهران.

(٢) خاندان من : ٨ من المخطوطة.

(٣) الذريعة ١٦ / ٢٨٣ الرقم ١٢٢٨.

(٤) الكرام البررة ١ / ٢١٧.

(٥) مكارم الآثار ٤ / ١٣٣١.

(٦) بيان سبل الهداية في ذكر أعقاب صاحب الهداية أو تاريخ علمي واجتماعي اصفهان در دو قرن اخير ١ / ١٦٨.

(٧) أي من المخطوطة.

(٨) مقدمة هداية المسترشدين ١ / ٣٠.

٨

معا ، ثم درّس فيهما طيلة حياته ممارسا لهما معا وفاحصا عن أدلّتهما سوية ، ولذا نراه في كتابه تبصرة الفقهاء مستوعبا لجوانب المسائل الفقهية كما هو الحال في كتابه الهداية المسترشدين. لم يوفّق الشيخ إلى إكمال الشوط لكلّ أبواب الفقه في كتابه تبصرة الفقهاء ، بل كتب منه نبذا من كتاب الطهارة والصلاة والزكاة والبيع ، وبهذه النبذ دلّنا على قوّة عارضته في الاجتهاد الفقهي ، وتسلّطه على الأقوال والآراء ، وقدرته الفائقة على نقدها وتمحيصها ، ثم لباقته الممتازة في عرض الأدلة من الكتاب الكريم والسنّة المأثورة عن أهل البيت عليهم‌السلام واستخراج الحكم الأوفق بها.

نرى شيخنا الفقيه عند ما يتعرّض لموضوع ما ، يبدأ بما ذكره اللغويون مع الجرح والتعديل لما ذكروه وتطبيقه بالذوق العرفي ، ثم يستعرض أهم الآراء لكبار الفقهاء ويتناولها بالفحص والنقد العلمي ، ثم يأتي بالأدلة الفقهيّة من الآيات والأحاديث ، ويسندها بما يؤدّي إليه نظره ، ويستخرج بالتالي فتواه غير مشوبة بالضعف على الأغلب ، وبهذه الطريقة المتأنية يدلّنا على تمكّنه من الاجتهاد ويعرّفنا الطريقة الصحيحة للاستنباط » (١).

١٥ ـ وقد ذكرت الكتاب في ترجمة المؤلف في كتابي المطبوع « قبيله عالمان دين » (٢) فراجعه إن شئت.

والآن أقول : قد كتب مؤلفنا الفقيه الكبير كتاب الطهارة من الكتب الفقهية ثلاث مرات :

أحدها : في ضمن كتابه هذا تبصرة الفقهاء ، وسيأتي منّا ذكر نسخه.

ثانيها : كتاب الطهارة ، ألّفها مستقلا ، وقد طبعت الصفحة الأولى منها بخطّه الشريف في كتابي « قبيله عالمان دين » (٣).

ثالثها : شرح كتاب الطهارة من الوافي الشريف من تقرير بحث أستاذه آية الله السيّد مهدي بحر العلوم النجفي قدس‌سره وقد عرّفه العلّامة الطهراني قدس‌سره في ثلاثة مواضع من الذريعة في

__________________

(١) ترجمة المؤلف في هداية المسترشدين ١ / ٤٤.

(٢) قبيله عالمان دين : ٢٢.

(٣) قبيله عالمان دين : ٢٨.

٩

٤ / ٣٧٤ بعنوان التقريرات و ١٣ / ٣٦٦ بعنوان شرح طهارة الوافي و ١٤ / ١٦٥ بعنوان شرح الوافي.

تنبيه

وقد كتب العلّامة الفقيه المتتبّع السيّد جواد العاملي المتوفى عام ١٢٢٦ صاحب مفتاح الكرامة نفس هذه التقريرات من السيّد بحر العلوم قدس‌سرهما ، وقد عرّفها العلّامة السيّد حسن الصدر في التكملة وقال : « له كتاب شرح طهارة الوافي تقرير درس السيّد بحر العلوم لم يتم » (١).

وقد عرّفها صاحب الذريعة في ثلاثة مواضع من الذريعة ٤ / ٣٧٤ و ١٣ / ٣٦٦ و ١٤ / ١٦٥.

وأما تبصرة الفقهاء

هذا المؤلّف الجليل يشمل على أكثر أبحاث كتاب الطهارة وبحث أوقات الصلاة وقسم من الزكاة وبعض أبحاث كتاب البيع. وبحث طهارته يستوعب قريبا من نصف الكتاب يمكن أن يستظهر من صاحب الروضات انّ المؤلّف دوّنه حين تدريسه حيث يقول : « كان يشتغل به أيام تشرّفنا بخدمته المقدسة » (٢).

ولكنه مع الأسف لم يدوّن ولمّا يطبع إلى الحين.

وأحسن مقال في حق الكتاب كلام جدنا العلّامة أبي المجد الشيخ محمّد الرضا النجفي الأصفهاني حيث قال : « وهو في الفقه كالهداية في الأصول » (٣).

__________________

(١) تكملة أمل الآمل : ١٢٧.

(٢) روضات الجنات ٢ / ١٢٤.

(٣) أغلاط الروضات : ١٠.

١٠

وبعبارة اخرى : يدلّ الكتاب بأحسن وجه على قوة استنباط مؤلّفه وقدرة اجتهاده وكيفية وروده وخروجه في المسائل الفقهية وآرائه المتكاملة وتسلّطه على الأقوال وقدرته على نقدها وتمكّنه من الجمع بين الروايات المتعارضة بالذوق الفقهي السليم ، وبالجملة استخراج الأحكام الالهية من مداركها.

نسخ الكتاب

بالرغم من عدم تدوين الكتاب على يد مؤلّفه الفقيه ، بعد الفحص التام وجدنا عدة نسخ من هذا الكتاب الشريف ، وأكثرها بأيدينا في عمليّة التحقيق والطبع.

منها : نسخة مكتبة ابن عمّتنا العلّامة المحقّق ، سادن تراث الإماميّة ، آية الله السيّد محمّد على الروضاتي مدّ ظلّه العالي ـ وهو من أعلام بيت المؤلّف ـ باصفهان أرسل إلينا نسخة كتاب تبصرة الفقهاء ، وكانت بأيدينا أكثر من عامين ، أشكره وأدعوا له بالصحة والعافية وطول العمر ، فإنّه من ذخائر العصر.

ومنها : نسخة مكتبة آية الله السيّد عبد الحسين سيّد العراقين ( ١٣٥٠ ـ ١٢٩٤ ) باصفهان في أكثر من مأئة صفحة وهي قطعة من الكتاب في ضمن مجموعة ، دلّنا على وجودها العلّامة الروضاتي ، وتمكنت من أخذ صورتها بإجازة حجة الإسلام والمسلمين السيّد ابراهيم مير عمادي سيد العراقين دامت بركاته نجل مؤسس المكتبة ، أشكره وأدعوا للابن بطول العمر والعافية وللأب بالمغفرة والرحمة.

ومنها : نسخة مكتبة آية الله المرعشي بقم المقدسة بالرقم ٤٨٨٣ والمفهرس في فهرسها ١٣ / ٦٤ باسم العناوين. ولكن الصحيح أنّه نفس هذا الكتاب ولذا جاء في عطفه عنوان « التبصرة » وهي بخط ملا مصطفى التفرشي وعليها تملّك السيّد ريحان الله الموسوي. أشكر نجل آية الله المرعشي سماحة حجة الإسلام والمسلمين الدكتور السيّد محمود المرعشي ـ دامت بركاته ـ حيث أرسل إلينا صورة من هذه النسخة الشريفة لوجه الله تعالى ، سلام الله على الوالد وما ولد.

١١

ومنها : نسخة مكتبة كلية الالهيات ( الشهيد المطهري ) في جامعة الفردوسى بمدينة المشهد الرضوي المقدس على ساكنها آلاف التحية والثناء ، وقد عرّفت في فهرس مخطوطها ٢ / ٢٢٢ في ضمن مجموعة بالرقم ١٠٦٢ [٢٢٣٥٥] ويجب عليّ أن أشكر إدارة هذه المكتبة العامرة سيّما من مديرها الأستاذ الدكتور محمّد على الرضائي ـ دامت بركاته ـ حيث أرسل إليّ صورة هذه النسخة الشريفة خالصا مخلصا لله تعالى وأكرمني بوجه الطلق وخلقه الحسن (١).

ومنها : نسخة مكتبة آية الله الشيخ زين العابدين الگلپايگاني ( ١٢٨٩ ـ ١٢١٨ ) بمدينة گلپايگان بخطه ، وهو من تلاميذ المؤلّف في مجموعة أوّلها : قطعة من تبصرة الفقهاء ، وثانيها : المجلد الثاني من كتاب هداية المسترشدين إلى آخر الكتاب وقد عرّفت في فهرس مخطوطات مكتبته (٢).

ومع الأسف بالرغم من كثرة تتبّعي لهذه النسخة وإرسال بعض الأفاضل على إثرها لم أجدها ، والله هو العالم بمحلّها وعاقبتها.

ومنها : نسخة مكتبة آية الله الشيخ رضا الأستادي ـ دامت بركاته ـ وقد عرفت في فهرسها (٣) بعنوان كتاب الطهارة ، ولكنه في الحقيقة قطعة من تبصرة الفقهاء وأبحاث طهارتها بحسب ما نقل من اوّلها ، لا كتاب الطهارة التي صنفها المؤلف مستقلا. وقد انتقل هذه النسخة إلى مكتبة آية الله المرعشي العامة. ولكنها لم تفهرس إلى الآن ولذا لم نتمكن من تصويرها والاستفادة منها.

__________________

(١) من الجدير بالذكر أنّه دلّنا على نسختي مكتبة آية الله المرعشي ومكتبة كلية الالهيات بجامعة فردوسي المشهد ، المحقّق الخبير الأستاذ رحيم قاسمي حيّاه الله وبيّاه.

(٢) فهرست نسخه‌هاى خطي كتابخانه‌هاي گلپايگان : ٩٤ الرقم ١١٦ بقلم السيّد جعفر الحسيني الاشكوري.

(٣) يكصد وشصت نسخه از يك كتابخانه شخصى : ٢٧ بقلم الشيخ رضا الأستادي.

١٢

شكر وتقدير

وفي الختام لا بدّ لي أن أشكر المحقّق الجليل الأستاذ السيّد صادق الحسيني الإشكوري ـ دامت بركاته ـ حيث حقّق هذا السفر الذي يرى النور لأوّل مرّة بتحقيقه وتصحيحه ، وأدعو له بالتوفيق والتسديد.

صحّح متن الكتاب على أربعة من النسخ التي ذكرتها ، وأنت ترى بداية هذه النسخ ونهايتها قبل شروع الكتاب. وجاء بمتن مصحّح وتحقيق دقيق مع تخريج الآيات والروايات وكثير من الأقوال الواردة فيه.

وأثبت حفظه الله تعالى مع هذا التحقيق المنيف أنّ له باعا طويلا في إحياء التراث الفقهي في مكتبة أهل البيت عليهم‌السلام (١).

* * *

إلى هنا تمت هذه المقدمة بقلم العبد هادي ابن الشيخ مهدي ابن الشيخ مجد الدين ابن الشيخ محمّد الرضا ابن الشيخ محمّد حسين ابن الشيخ محمّد باقر ابن الشيخ محمّد تقي الرازي النجفي الاصفهاني مؤلّف الكتاب ـ قدّس الله أسرارهم ـ في مساء يوم الثلاثاء غرّة ذي القعدة الحرام عام ١٤٢٥ يوم ولادة سيدتنا ومولاتنا فاطمة المعصومة عليها‌السلام بنت الإمام

__________________

(١) ساعدني في تصحيح ومقابلة هذا السفر المبارك سماحة الأفاضل : السيد علي المعلم والسيد محمود نريماني والشيخ عباس ملايي ، دامت نشاطاتهم العالية. على أن للسيد نريماني جهدا متواصلا في تخريج أقوال الفقهاء ، فجزاه الله خير جزاء المحسنين.

وبما أن بدء عملنا كانت مع نسخة ( ألف ) ، وهي نسخة كثيرة الأغلاط وفيها سقط كثير ، وآخر ما وصل إلى أيدينا كانت نسخة ( د ) ، وهي أحسن النسخ وأمتنها ، فتعبنا كثيرا لتطبيق النصوص والهوامش ، وإضافة ما ميّز بها نسخة ( د ) ، إلا أن الوقت قليل ، والوعد لازم الوفاء .. فصار كما بين يدي القارئ الكريم ، ولله الحمد على كل حال. ( المحقق ).

١٣

موسى بن جعفر عليهما‌السلام بمدينة أصبهان ، صانها الله تعالى عن الحدثان.

والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ، وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين.

١٤

ترجمة المؤلف

مستل من موسوعة

« المفصل في تراجم الأعلام »

للعلامة المحقق

السيد أحمد الحسيني

الشيخ محمد تقي بن محمد رحيم بيك ( استاجلو ) ابن محمد قاسم الرازي الأيوان كيفي النجفي الأصبهاني (١)

كان والده يعرف بـ « محمد رحيم بيك استاجلو » ، وقد سماه بعض أرباب التراجم « عبد الرحيم » ، ولكن الموجود بخط صاحب الترجمة « محمد رحيم » ، وهو الأشهر الأصح.

عشيرته وأسرته :

ينتهي نسب الأسرة إلى عشيرة تعرف بـ « استاجلو » التي كان لها صلة وثيقة بالسلاطين الصفوية منذ بداية حكومتها في ايران ، وتصدى بعض رجالها وظائف حكومية هامة في أيام الصفويين والقاجاريين كما جاء في تواريخ تلك العصور.

__________________

(١) الأيوان كيفي نسبة إلى قرية « إيوان كي » أو « إيوان كيف » من قرى ورامين في شرقي طهران ، تبعد عن طهران ٧١ كم ، اشتهرت بذلك لبناية فيها أثرية قديمة يقال إنها من أبنية سلاطين ايران الكيانية.

و « استاجلو » عشيرة كبيرة اتصلت بالأعمال الحكومية منذ سلطنة الشاه اسماعيل الصفوي. ونسبة النجفي لاعتزاز الأسرة بمنشإ صاحب الترجمة العلمي النجف الأشرف ، ولم تزل تعرف بهذه النسبة.

وهي تعرف بـ « المسجد شاهي » أيضا نسبة إلى مسجد شاه بأصبهان ، حيث كان علماؤها يقيمون صلاة الجماعة فيه.

١٥

أشغل والد الشيخ صاحب الترجمة الحاج محمد رحيم بيك بعض الوظائف الحكومية في « إيوان كيف » ، إلا أنه في سنواته الأخيرة ترك الوظيفة وهاجر إلى العتبات المقدسة بالعراق وأقام بالنجف الأشرف منصرفا إلى العبادة حتى وافاه الأجل في سنة ١٢١٧.

جده الأمي الأعلى ميرزا مهدي قلي خان بيكدلي ، كان من سكنة كرمانشاه وأرسله السلطان نادر شاه أفشار إلى النجف لتولي شئون تعمير الصحن العلوي الشريف وتذهيب القبة والأيوان والمنارتين ، فتصدى ذلك وسجل اسمه على القاشي لبعض الكتائب قرب باب الطوسي ، وكان إنجاز هذه المهمة على يده في سنوات ١١٥٦ ـ ١١٦٠.

بزغ نجم هذه الأسرة العلمي في أصبهان منذ نحو سنة ١٢٢٥ ، حيث هاجر الشيخ فيما يقرب من هذا التاريخ من يزد إليها ، واشتهر بالمقام العلمي الرفيع والزهد والتقوى والتف حوله الخاصة والعامة وانتهت إليه الزعامة العلمية والإمامة.

اشتهر من الأسرة علماء مشاهير وفضلاء ذوو الأقدار والمكانة ، كانوا ولم يزالوا موضع احترام العلماء وحفاوة سائر الطبقات المؤمنة في أصبهان وغيرها ، نذكر أسماء بعضهم كنماذج بارزة لا للحصر :

ـ أخو صاحب الترجمة ، الشيخ محمد حسين الأصبهاني ( ت ١٢٦١ ) ، العالم الكبير مؤلف الكتاب السائر في الأوساط العلمية « الفصول الغروية ».

ـ ابنه الشيخ محمد باقر المسجد شاهي الأصبهاني ( ت ١٣٠١ ) ، من أعاظم علماء أصبهان الفقهاء صاحب شرح هداية المسترشدين.

ـ الشيخ محمد حسين النجفي الأصبهاني ( ت ١٣٠٨ ) ، من وجوه تلامذة الامام المجدد ميرزا محمد حسن الشيرازي ومؤلف التفسير القيم « مجد البيان ».

ـ الشيخ أبو المجد الحاج آقا رضا المسجد شاهي الأصبهاني ( ت ١٣٦٢ ) ، العالم الكبير والأديب الشاعر المشهور ، مفخرة القرن الرابع عشر في العلم والفضل والأدب. ـ

١٦

الشيخ محمد تقي آقا نجفي الأصبهاني ( ت ١٣٣٢ ) ، حفيد الشيخ وصاحب المؤلفات الكثيرة المطبوعة الذائعة والمتقدم على علماء عصره بأصبهان.

ـ الحاج آقا نور الله النجفي الأصبهاني ( ت ١٣٤٦ ) ، من تلامذة المجدد الشيرازي والمشارك في النهضة المعروفة بايران.

ـ الأستاذ محمد باقر النجفي الأصبهاني المعروف بألفت ( ت ١٣٨٤ ) ، العلامة الأديب الفاضل المشهور.

ـ الشيخ محمد علي النجفي الأصبهاني ( ت ١٣١٨ ).

ـ الشيخ مهدي بن محمد علي النجفي الأصبهاني ( ت ١٣٩٣ ) ، صاحب المؤلفات الكثيرة المتجاوزة على العشرين.

ـ الشيخ جمال الدين النجفي الأصبهاني ( ت ١٣٥٤ ) ، من أعلام علماء أصبهان وذي المكانة المحترمة في مختلف الأوساط.

ـ الشيخ محمد اسماعيل النجفي الأصبهاني ( ت ١٣٧٠ ) ، صاحب المؤلفات الكثيرة التي لا زالت مخطوطة.

ـ الشيخ مجد الدين الملقب بمجد العلماء النجفي الأصبهاني ( ت ١٤٠٣ ) ، العالم الجليل الوجيه عند العامة.

يتصل بيت النجفي مصاهرة ببيوتات علمية كبيرة معروفة في الأوساط العراقية والايرانية ، بواسطة : بنت الشيخ جعفر الكبير النجفي صاحب كشف الغطاء المسماة « نسمة خاتون » أو « حبابة » ، وهي زوجة الشيخ صاحب الترجمة ، لعله تزوجها عند سفر الشيخ جعفر إلى أصبهان ، وتوفيت سنة ١٢٩٥ ودفنت بجوار قبر زوجها في مقبرة « تخت‌فولاد » (١).

__________________

(١) ينقل بعض أفاضل الأسرة : أن الشيخ جعفر كاشف الغطاء سأل الشيخ صاحب الترجمة في مجلس الدرس : هل له زوجة؟ فأجاب خجلا بالنفي. فأمر التلامذة بالانتظار وذهب مع تلميذه إلى البيت وقال له : عندي بنتان إحداهما بارعة في الكمال والأخرى في الجمال فاختر أيتهما شئت. فاختار

١٧

والعلوية بنت السيد صدر الدين العاملي ، زوجة الشيخ محمد باقر النجفي.

والعلوية « ربابة سلطان بيكم » بنت السيد محمد علي المعروف بآقا مجتهد حفيد السيد محمد باقر حجة الإسلام الشفتي ، زوجة الشيخ محمد حسين الأصبهاني وأم أبي المجد.

قال الشيخ آقا بزرك الطهراني :

( آل صاحب الحاشية ) بيت علم جليل في أصفهان ، يعدّ من أشرفها وأعرقها في الفضل ، فقد نبغ فيه جمع من فطاحل العلماء ورجال الدين الأفاضل ، كما قضوا دورا مهما في خدمة الشريعة ، ونالوا الرئاسة العامة لا في أصبهان فحسب بل في ايران مطلقا .. ففيهم علماء وفضلاء وأجلاء .. ».

مولده وشي‌ء عن نشأته :

لم يتعرض أصحاب التراجم لتأريخ ولادة الشيخ ومحلها على التحديد ، إلا أن السيد المهدوي يحتمل أن تكون الولادة نحو سنة ١١٨٥ ـ ١١٨٧ في قرية « إيوان كيف » ، حيث كانت مسكن والده قبل هجرته إلى العتبات المقدسة. والسيد الخوانساري صاحب الروضات يصرح أنه انتقل في عنفوان الشباب إلى عتبات الأئمة الأطياب ، وهذا يؤيد كونه ولد في القرية المذكورة.

كان الشيخ أول من انصرف من أسرته عن الوظائف الحكومية على دأبهم واتجه إلى طلب العلم متمحضا فيه تاركا العناوين الدنيوية.

كانت دراسته في الحوزات العلمية بالنجف الأشرف وكربلاء والكاظمية ، فبقي أكثر من اثنتي عشرة سنة في كربلاء قبل وفاة المولى محمد باقر الوحيد البهبهاني ( ت ١٢٠٥ ) ، ويذكر المترجمون له من أساتذته الذين درس لديهم في المراحل العالية

__________________

المتسمة بالكمال ، وعاد الأستاذ إلى مجلس الدرس وانتهى المجلس بعقد الزواج بين التلميذ وبنت الأستاذ.

يبدو من هذه القصة أن الزواج كان في النجف الأشرف وليس في أصبهان.

١٨

واستفاد من علمهم جماعة لم نعرف تفصيل ما تتلمذ لديهم (١) ، وهم :

١ ـ السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي النجفي ، استفاد منه علما وعملا.

٢ ـ الشيخ جعفر صاحب « كشف الغطاء » النجفي ، وله منه إجازة الحديث والاجتهاد ، وصاهره على بنته كما سبق ذكره.

٣ ـ المولى محمد باقر الوحيد البهبهاني ، وهو أول أساتذته.

٤ ـ السيد علي الطباطبائي الحائري ، صاحب « رياض المسائل ».

٥ ـ السيد محسن الأعرجي الكاظمي ، صاحب « المحصول في علم الأصول ».

٦ ـ الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (٢).

يبدو من بعض القرائن في أحوال الشيخ أنه كان ذا جدّ وسعي كبير في تحصيل العلم واكتساب الفضائل أيام الدراسة والتحصيل ، فانه ـ كما يظهر من قائمة أسماء أساتذته وشيوخه ـ كان يختار أحسن رجال العلم وأشهر المدرسين المتقدمين في التدريس ، ولو أدى ذلك إلى التنقل في الحوزات العلمية وعدم الاخلاد إلى الاستقرار والطمأنينة في حوزة ما. بهذا وبما نرى من مؤلفاته العلمية المتناهية في الدقة والاحاطة والموقع الدراسي والعلمي الذي حصله زمن الإفادة ، نستشف مدى جهده أيام الطلب وذكائه في تلقي العلوم وتقدمه على كثير من أترابه ومعاصريه.

اضطر إلى الهجرة من العتبات المقدسة إلى إيران على أثر صدمة الوهابيين وابتلائه بمرض القلب ، ولو كان باقيا بها لكان له شأن عظيم أكثر مما حصل له في أصبهان ، ولكن الله تعالى يقدر الأمور وليس مما قدر من مفر.

__________________

(١) نقل المرحوم الحبيب‌آبادي في مكارم الآثار عن شخص مجهول أن الشيخ صاحب الترجمة أخذ في العرفان وتهذيب النفس من درويش حسن المعروف بـ « درويش كافي » النجف‌آبادي الأصبهاني.

وأنكر بعض أخذ الشيخ منه في السير والسلوك ، والانكار في محله.

(٢) علق السيد المهدوي هنا ما ملخصه : يظهر أن حضور الشيخ لدى الأحسائي لم يكن للاستفادة العلمية بل للوقوف على آرائه وأقواله التي كانت سببا لإقبال جمع عليه وتكفير آخرين له.

١٩

الهجرة الى ايران :

هاجر الشيخ من العراق إلى إيران بعد سنة ١٢١٦ التي كان فيها واقعة حملة الوهابيين على كربلاء والمجزرة الدامية التي أجروا فيها وهتكوا الحرم الحسيني وظهرت منهم فضائع وجرائم لا يسع المقام شرحها ، ويقال في سبب هجرته كثرة ديونه وابتلائه بمرض القلب واضطراب الوضع في كربلاء والنجف بسبب الحملة الوهابية عليهما.

ربما كانت الهجرة بعيد وفاة والد الشيخ في سنة ١٢١٧ ، حيث التقى في هذا التأريخ بالميرزا أبى القاسم الجيلاني القمي صاحب « قوانين الأصول » في قم.

قصد أول دخوله إيران زيارة الامام الرضا عليه‌السلام ، بعد أن بقي في قم أياما ، فنزل بالمشهد في بيت الحاج ميرزا داود الخراساني الأصبهاني الذي كان من أجلاء فضلاء المدينة ( ت ١٢٢٠ ) ، وأقام في ضيافته لمدة أربعة عشر شهرا بكل تجلة واحترام ، وكان الميرزا يدرس لديه في هذه المدة علم الفقه والأصول ، ويذكرون أنه أدى كل ديون شيخه البالغة في ذلك الوقت ألف تومان.

ثم انتقل من المشهد الرضوي إلى يزد ، واشتغل فيها بتدريس الفقه والأصول العاليين ، واجتمع عليه طلاب العلوم الدينية للاستفادة من علمه وفضله.

بعد بقاء مدة في يزد ـ لا نعلم مقدارها بالتحديد ويقال إنها كانت نحو سنة واحدة ـ انتقل الشيخ إلى أصبهان مهد العلم يومذاك ومجمع كبار العلماء والفحول ، وكان ذلك نحو سنة ١٢٢٥ احتمالا ، فاحتفى به العلماء والطلاب وبقية الطبقات المؤمنة ، وبقي بها إلى حين وفاته معززا مكرما.

كان الشيخ ـ كما علمنا مما سبق ـ موضع حفاوة العلماء والطلاب أينما حلّ وحيثما ارتحل ، يهتم بالتدريس وإفادة الطلاب مما رزقه الله تعالى من العلم والدراية ، حريصا على وقته أن يضيع فيما لا طائل تحته ، وعلى علمه أن لا يؤدي زكاته بتعليم الآخرين ، وبهذا كان منبعا فياضا أينما أقام ومأسوفا عليه حيث انتقل.

٢٠