الحمل على الصحّة التي هي محلّ بحثنا.
قال في التقريرات المطبوعة في صيدا : ولكن التحقيق في المقام أن يقال : إنّ أصالة الصحّة إذا كان مدركها هو لزوم حمل فعل المسلم على الصحّة ، فلا ينبغي الريب في كونه من الأُصول الحكمية المحضة ، فتقدّم عليها الاستصحابات الموضوعية لا محالة ، لكنّك عرفت فيما تقدّم عدم كون المدرك ذلك (١).
قلت : لا يخفى أنّه إذا كان المدرك هو حمل فعل المسلم على الصحيح فلا أثر له إلاّ أنّه لم يقدم على مخالفة الحكم الشرعي ، وحينئذ فيتقدّم عليها كلّ أصل حتّى أصالة عدم النقل والانتقال. والذي يظهر من هذه العبارة أنّه إذا لم يكن المدرك لها هو حمل فعل المسلم على الصحيح تكون أصلاً موضوعياً ، وقد عرفت أنّها إنّما تكون أصلاً موضوعياً إذا كانت محرزة لوجود الشرط المشكوك دون ما لو قلنا بأنّها غير محرزة لذلك ، وأنّه لا محصّل لها إلاّمجرّد ترتّب الأثر ، فإنّها حينئذ لا تكون إلاّ أصلاً حكمياً.
ثمّ قال : كما أنّه إذا كان المدرك لها هو الإجماع القولي ، فلابدّ حينئذ من التمسّك باطلاق معقد الإجماع ، ولا ريب في شموله لموارد الاستصحابات الموضوعية فيما لا يرجع الشكّ إلى أهلية المتعاقدين أو قابلية العوضين ، فتكون أصالة الصحّة متقدّمة عليها كتقدّمها على الاستصحابات الحكمية (٢).
قلت : لا يخفى أنّ تقدّمها على الاستصحابات الحكمية التي هي أصالة عدم النقل والانتقال إنّما هو لحكومة أصالة الصحّة عليها ، لما عرفت من كون الصحّة بالقياس إلى هذا الأثر من قبيل الموضوع بالقياس إلى الحكم ، ومن الواضح أنّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٥٩.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٢٥٩.