العقلائية التي جرى عليها العقلاء بحسب مرتكزاتهم الفطرية ، وإن كان ذلك لا يخلو عن منشأ من عادة وغلبة وناموس طبعي ونحو ذلك ، وكلّ ذلك لا يرجع إلى الكشف الظنّي كي يكون من باب الأمارة. ولو سلّمنا أنّ ذلك من باب الظنّ النوعي العقلائي فلا يلزمه أن يكون من قبيل الأمارة ، بل هو تابع لكيفية جريهم على مقتضى ذلك ، وهل هو من باب تتميم الكشف الناقص ليكون بمنزلة العلم الطريقي في ترتيب مطلق الآثار ، أو أنّه من باب مجرّد الجري العملي على طبق وجود الشيء الذي لا يقتضي إلاّمجرّد ترتيب الآثار اللاحقة لنفس ذلك الشيء دون مقارناته ولوازمه وملزوماته ، وهذا هو الفارق بين ما نسمّيه أمارة عندهم وما نسمّيه أصلاً عندهم ، وعليه يترتّب كونه مثبتاً للوازم وغير مثبت لها ، فراجع ما شرحناه في مبحث الأصل المثبت. والغرض هو أنّه ليس الميزان في الأصل هو كونه تعبّداً صرفاً لكي ينسدّ باب الأُصول العقلائية بالمرّة ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : لأنّ الغالب في مواردها كون ذي اليد مالكاً لما في يده ... الخ (١).
الظاهر أنّ خروج يد الاجارة والأمانة والعارية ونحوها عن عموم كون اليد أمارة على الملكية بالتخصّص ، نظير خروج هذه الأيدي عن عموم « على اليد ما أخذت » فإنّ هذه الأيدي في الحقيقة إنّما هي يد المالك ، ولأجل ذلك نقول بتقدّم استصحاب حال هذه اليد في كونها أمانة على ما تقتضيه اليد من مالكية العين ، لأنّ هذه اليد لمّا كانت في الحقيقة هي يد المالك الأصلي ، فهي إنّما تدلّ على مالكية المالك الأصلي ، ولا تدلّ على مالكية صاحب نفس هذه اليد ، فإنّ ما
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٠٣.