العقد فاسداً ، ومقتضى أصالة الصحّة كون ذلك العقد صادراً عن البالغ فيكون صحيحاً ، وليس أحد الأمرين مسبّباً عن الآخر لأنّها قضية واحدة ، إن نظر فيها إلى طرف العاقد كان مقتضاه أصالة عدم بلوغه ، وإن نظر إلى نفس العقد كان مقتضاه أصالة صحّته.
وبعبارة أُخرى : هذه القضية الواحدة تارةً يجعل موضوعها العاقد الذي أوقع ذلك العقد فيقال إنّه مشكوك البلوغ ، وأُخرى يجعل موضوعها العقد الذي وقع من هذا العاقد وأنّه هل وقع من البالغ فيكون صحيحاً أم وقع من غير البالغ فيكون فاسداً ، وحينئذ يكون محكوماً بالصحّة ، فيتعارض الأصلان مع عدم تقدّم لأحدهما على الآخر ، وحينئذ فالتعارض بين الأصلين باقٍ بحاله. ومنه يتّضح صحّة ما عليه الطبقة الوسطى من عدم جريان أصالة الصحّة في موارد الشكّ في شروط المتعاقدين ، أمّا فيما لا يرجع منها إلى مرتبة العقد كشروط القابلية فلما تقدّم مفصّلاً ، وأمّا فيما يرجع إلى مرتبة العقد كالبلوغ في الوكيل والفضولي ونحوهما فللمعارضة المذكورة.
ثمّ قال : إنّه إذا كان المقابل لأصالة الصحّة أصالة الفساد كانت أصالة الصحّة هي الحاكمة ، وإلاّ لم يبق لها مورد ، إذ ليس لنا مورد من الموارد لا يكون مجرى لأصالة الفساد. وإذا كان المقابل لها أصلاً موضوعياً مثل أصالة عدم بلوغ العاقد المالك ، فالظاهر منهم أنّهم لا يجرون أصالة الصحّة رأساً ويجرون أصالة عدم البلوغ ، لكون الشرط في مثل ذلك راجعاً إلى القابلية ، لا أنّهم يبنون على التعارض والتساقط والرجوع إلى أصالة الفساد.
نعم ، الظاهر منهم في مثل الشكّ في الاختبار ونحوه ممّا لا يرجع إلى القابلية أنّهم يجرون أصالة الصحّة ويحكّمونها على أصالة عدم اختبار المبيع ،