وهذا بخلاف ما لو لم تكن صورة العمل محفوظة ، بأن يكون قد صلّى ولم يعلم إلى أيّ جهة قد صلّى مع فرض كونه عند صلاته غير عالم بجهة القبلة ، وفرض كونه بعد الصلاة قد علم بها ، فإنّ شكّه حينئذ ممحض للشكّ في نفس العمل ، وأنّه هل هو منطبق على المأمور به أم لا ، لأنّ هذا الشكّ لم يكن إلاّفي ناحية العمل ، بحيث إنّه لولا ذلك العمل لم يكن الشكّ المذكور موجوداً ، فتجري فيه قاعدة الفراغ بناءً على هذا الضابط الذي أفاده قدسسره. نعم بناءً على الضابط الذي ذكرناه في صدر المبحث لا تجري فيه القاعدة المذكورة.
ولا يخفى أنّه في هذه الصورة لو كان بعد الفراغ غير عالم بالقبلة بل بقي على حاله السابق جاهلاً بها ، كان ملحقاً بما كانت صورة العمل فيه محفوظة ، لأنّ كلّ جهة يفرض أنّها قد وقعت إليها صلاته تكون تلك الجهة في حدّ نفسها مع قطع النظر عن وقوع الصلاة فيها ممّا يشكّ في كونها هي القبلة ، فلابدّ أن تكون هذه الصورة خارجة عن مورد حكمه قدسسره بالصحّة ، إذ لو كانت هذه الصورة محكومة بالصحّة أيضاً لكان اللازم هو الحكم بالصحّة في من كانت وظيفته الصلاة إلى أربع جهات ، وقد أتى بواحدة منها ونسي الجهة التي صلّى إليها مع بقائه على حاله من الجهل بجهة القبلة. نعم لو كان بعد الفراغ من الصلاة قد عيّن
__________________
دون الفحص عن القبلة إلى جهة غفلة أو مسامحة يجب إعادتها إلاّ إذا تبيّن كونها القبلة مع حصول قصد القربة منه [ العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٢ : ٣٠٩ ـ ٣١٠ ]. فإنّ قوله : إلى جهة غفلة ، لو لم يكن ظاهره الاختصاص بكون تلك الجهة معيّنة ، فلا أقل من كونه شاملاً لذلك ، وكذلك قوله : يجب إعادتها ، لو لم يكن مختصّاً بخصوص صورة الشكّ بكونها القبلة ، فلا أقل من كونه شاملاً له ولصورة تبيّن العلم بكونها غير قبلة ، فلاحظ وتأمّل [ منه قدسسره ].