جهة القبلة ولكنّه نسي الجهة التي صلّى إليها ، كانت صلاته المذكورة بناءً على ما أفاده قدسسره مجرى لقاعدة الفراغ ، لدخول هذه الصورة تحت الضابط الذي أفاده ، وهو كون صورة العمل غير محفوظة عنده مع فرض أنّه قد عيّن جهة القبلة بعد الفراغ من صلاته.
ولا يخفى أنّ الملاك في الحكم بصحّة الصلاة فيما لو كان بعد الفراغ قد عيّن جهة القبلة ـ وهو احتمال انطباق المأتي به على المأمور به ـ متحقّق فيما لو لم يكن قد عيّن جهة القبلة بعد الفراغ ، لأنّ تلك الصلاة التي قد فرغ منها ولم يعلم أنّها إلى أيّ جهة وقعت يحتمل مطابقتها لما هو المأمور به واقعاً ، وهو الصلاة إلى القبلة الموجودة بين تلك الجهات.
وكيف كان ، فلا يخفى أنّ هذا الضابط ـ أعني انحفاظ صورة العمل وعدمه ـ جارٍ حتّى في النحو الثالث أعني مسألة استصحاب الحدث والصلاة ، فإنّه إن احتمل أنّه قد توضّأ لم تكن صورة العمل وهو الصلاة محفوظة عنده ، وإن علم بأنّه لم يتوضّأ ولم يكن في البين إلاّ احتمال خطأ استصحابه كانت صورة عمله محفوظة ، ولم يكن شكّه راجعاً إلى ذلك العمل وممحضاً فيه ، بل كان ذلك الشكّ ناشئاً عن الشكّ في بقاء حدثه السابق ، وهذا الشكّ موجود سواء كان قد صلّى أو لم يكن قد صلّى ، فيرجع الأمر بالأخرة إلى أنّه لم يكن شاكّاً في مطابقة عمله للمأمور به ، وإنّما كان شاكّاً في انطباق المأمور به على الفعل المأتي به.
قوله : أو صلّى في الثوب المعيّن المشكوك كونه من المشكوك ... الخ (١).
المراد بالثوب الذي هو من المشكوك هو مثل الفاصونة التي يحتمل كونها
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٥١.