ولا يخفى أنّ الأثر الثاني وهو جواز الصلاة إن كان موضوعه هو مطلق ثبوت الأوّل وهو حلّية الأكل وإن كان بالاستصحاب أو بقاعدة الحل ، كان تحقّقه بجريان الأصل في الأوّل تحقّقاً واقعياً لتحقّق موضوعه بذلك الأصل ، حتّى أنّه لو انكشف الخلاف لم تجب الاعادة ، بل لا يتصوّر فيه انكشاف الخلاف ، لأنّ الأصل قد حقّق موضوع الأثر الثاني وهو جواز الصلاة تحقّقاً واقعياً ، هذا إن كان الأصل جارياً في نفس الأثر الأوّل.
ولو كان جارياً في موضوعه كان ترتّب الأثر الثاني حينئذ محتاجاً إلى توسعة أُخرى في دليل الأثر الثاني ، بأن يكون موضوعه هو مجرّد العمل بالأثر الأوّل ، وإن لم يكن الأثر الأوّل ثابتاً في حدّ نفسه ، بل كان الثابت بالأصل هو موضوعه ، ولا يكفي في تحقّق الأثر الثاني ما ذكرناه من المسامحة الأُولى ، أعني كون موضوعه هو ثبوت الأثر الأوّل ولو بالأصل ، كما لا يخفى.
وإن كان موضوع الأثر الثاني هو الحلّية الواقعية لم ينفع في ترتّب الأثر الثاني مجرّد الأصل العملي في الأثر الأوّل ، مثل قاعدة الحل والبراءة ونحوهما من الأُصول غير الاحرازية ، بل لابدّ حينئذ من كون الأصل إحرازياً مثل استصحاب الحلّية ونحوه ممّا يكون مفاده إحراز الحلّية الواقعية ، فيكون جريان الاستصحاب حينئذ موجباً لترتّب الثاني ترتّباً ظاهرياً ، يجري فيه انكشاف الخلاف وعدم الاجزاء عند انكشاف الخلاف ، وغير ذلك من آثار الحكم الظاهري ، وفي ترتّب الأثر الثاني ولو ظاهراً على جريان الاستصحاب في موضوع الأثر الأوّل تأمّل وإشكال.
وعلى أي حال ، فلا يكون ترتّب الأثر الثاني على الأصل في نفس الأثر الأوّل أو في موضوعه من باب أنّ أثر الأثر أثر ، بل هو إمّا من باب تحقّق موضوع