باب جعل المماثل بل من باب الرضا بالبقاء ، ويكون نفس الحكم السابق باقياً لكن برضا من صاحب شريعتنا ، لكان استصحاب بقائه وعدم نسخه مثبتاً لما هو المطلوب من رضا صاحب شريعتنا ببقائه ، على أنّ الرضا إذا لم يكن راجعاً إلى جعل المماثل ولا إلى مجرّد عدم النسخ ، كان غير معقول كما هو واضح.
قوله : وما أجاب به الشيخ قدسسره عن دعوى اختلاف الموضوع : بأنّا نفرض كون الشخص مدركاً للشريعتين فيجري في حقّه استصحاب عدم النسخ ، لا يحسم مادّة الإشكال ـ إلى قوله ـ وذلك واضح ... الخ (١).
لا يخفى أنّ دعوى عدم انحسام مادّة الإشكال تارةً يكون مستندها هو اختصاص الاستصحاب المذكور بنفس ذلك المدرك للشريعتين ، لكونه هو المتيقّن والشاكّ ، دون غيره ممّن لم يدرك الشريعة السابقة لعدم تحقّق اليقين والشكّ في حقّه كما يعطيه قوله : فإنّ مؤدّيات الأُصول إنّما تختصّ بمن يجري في حقّه الأصل الخ (٢).
وفيه : أنّ الحكم المستصحب وإن كان هو حكم من أدرك الشريعتين ، إلاّ أنّ من لم يدرك الشريعة السابقة يمكنه استصحاب حكم ذلك المدرك ، ويرتّب أثر بقائه وهو اشتراكه معه في التكليف ، وذلك نظير استصحاب المجتهد حكم الحائض مثلاً ويرتّب أثر بقائه وهو إخباره ببقاء حكمها.
وتارةً يكون عدم انحسام مادّة الإشكال لأجل أنّ استصحاب غير المدرك حكم المدرك لا يترتّب عليه أثر بالنسبة إلى غير المدرك ، إلاّبالملازمة بين الحكمين كما هو قضية الاشتراك ، وحينئذ يكون الأصل مثبتاً.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٨٠.