تلك العبارة المختصرة ، أعني قوله قدسسره في الجواب عن إشكال المعارضة : قد حقّقنا في محلّه في مسألة اللباس المشكوك أنّ ارتفاع الحلّية عند الحكم بالحرمة أو بالعكس لا يكون موجباً لكون الأصل مثبتاً ، بل إنّ ارتفاع أحدهما عين ثبوت الآخر ، ولا أقل من كونه مترتّباً شرعاً على الحكم به. فإنّ هذا الجواب ذكره في درس مستقل بعد أن أفاد الجواب في سابقه بما هو موجود في التحارير ، أو ما هو قريب منه ، وقد تقدّم نقل ذلك مفصّلاً ، وهذا التأخّر ممّا يشهد بأنّ المتأخّر مشتمل على نحو عدول أو شرح لما سبقه.
وأمّا ما أشار إليه في مسألة اللباس المشكوك فإنّي لم أتوفّق للعثور عليه صريحاً في رسالته المطبوعة ، ولكن فيما حرّرته عنه في تلك المسألة في التعرّض لتقريب الجواز بقاعدة الحل أفاد أنّ التعبّد بأحد الأضداد الشرعية عين التعبّد بعدم الآخر ، وليس ذلك من الأصل المثبت (١)
__________________
(١) قال قدسسره فيما حرّرته عنه في مسألة اللباس المشكوك : وقد يشكل أيضاً على الأصل المذكور أعني قاعدة الحل في الحيوان المأخوذ منه اللباس بأنّه مثبت ، بتقريب أنّ الحرمة والحل ضدّان ، فجريان الأصل في أحدهما وهو الحل لاحراز عدم الآخر وهو الحرمة يكون مثبتاً ، فلا يترتّب على أصالة حل الأكل في الحيوان عدم حرمة الصلاة في وبره الذي هو محصّل المانعية إلاّعلى تقدير الأصل المثبت.
وفيه : أنّه بعد تسليم السببية والمسبّبية لا ورود لهذا الإشكال ، فإنّ التعبّد بأحد المتضادّين بعد الفراغ عن كون كلّ منهما مجعولاً شرعياً يغني عن التعبّد بعدم الآخر ، بل يكون التعبّد بوجود أحدهما عين التعبّد بعدم الآخر ، وهذا مطلب سيّال في كلّ أمرين متضادّين مجعولين شرعاً إذا كان الأثر المطلوب في المورد مترتّباً على عدم أحدهما ، فإنّه لا حاجة في إحراز ذلك العدم إلى تعبّد فيه بالخصوص ، بل يكفي فيه