حينئذ من الالتزام بكون الشرط هو التعقّب فراراً من الالتزام بالشرط المتأخّر ، كما هو الحال فيما لو قلنا بأنّ الزمان قيد للامساك لا لوجوبه ، ومقتضاه هو أن لا يكون الوجوب في الآن الأوّل متحقّقاً لمن كان في آخر النهار خارجاً عن هذه الشروط ، فلا وجه حينئذ لوجوب الكفّارة عليه ، بل لا وجه للالتزام بكون الامساك واجباً عليه فيما لو كان قد علم بأنّه في آخر النهار يطرؤه زوال بعض الشرائط ، اللهمّ [ إلاّ ] أن يستفاد من الإجماع ونحوه وجوب الامساك عليه وجوباً احترامياً ، لا أنّه صيام حقيقي ، والشاهد على ذلك هو عدم التزامهم بوجوب القضاء في مثل الموت والجنون ونحوهما ، أمّا الكفّارة فمقتضى القاعدة هو عدم وجوبها في مخالفة ذلك الحكم الاحترامي ، إلاّ أن يدّعى أنّه يستفاد من أدلّتها التوسعة لمثل هذه الجرأة على المخالفة ، وإن لم يكن ذلك الذي خالفه وهو الأمر بالامساك صوماً حقيقة.
وقد استدلّ الجماعة قدسسرهم لوجوب الكفّارة عليه في بعض فروع المسألة وهي مسألة السفر بعد الافطار العمدي فراراً من الكفّارة ، بما اشتملت عليه صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم ـ في حديث طويل ـ قالا « قال أبو عبد الله عليهالسلام : أيّما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنّه يزكّيه. قلت له : فإن وهبه قبل حلّه بشهر أو يومين؟ قال : ليس عليه شيء أبداً ». قال وقال زرارة عنه إنّه قال : « إنّما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوماً في إقامته ثمّ خرج في آخر النهار في سفر ، فأراد بسفره ذلك إبطال الكفّارة التي وجبت عليه ». وقال : « إنّه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة ولكنّه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شيء بمنزلة من خرج ثمّ أفطر » (١) انتهى (٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٠ : ١٣٤ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٨ ح ١.
(٢) عن الحدائق [ منه قدسسره. الحدائق الناضرة ١٣ : ٢٣٤ ].