أيّام الجمع ، بحيث إنّا فرضنا أنّ الآمر لاحظ أيّام الجمع شيئاً واحداً وحكم بوجوب الاكرام فيها ، أو أوجب فيها الاكرام ، فإنّ وحدة الحكم حينئذ تكون بوحدة تلك الأيّام ، ولا دخل لهذه الأيّام بما يفصل تلك الجمع بعضها عن بعض بسائر أيّام الاسبوع ، ولا ينقص تلك الوحدة إلاّبخروج بعض الجمع ، ولا يتوقّف ذلك على لحاظ العموم في الجمع مجموعياً ، بل المفروض أنّه قد لاحظ الدوام والاستمرار في الحكم الوارد على الاكرام في أيّام الجمع ، أو أنّه لاحظ الدوام والاستمرار في الاكرام الذي أوجبه أيّام الجمع ، على إشكال في ذلك.
وبالجملة : أنّ الظاهر في أمثال ذلك هو العام الأزماني الشمولي أو المجموعي ، لكن لو ادّعى مدّع أنّه لوحظ الدوام في الحكم المذكور كان له معنى آخر غير ما نحن بصدده ، وذلك المعنى هو المعبّر [ عنه ] في كلمات شيخنا قدسسره بكونه فوق الحكم ، وأين هذا من الدوام الذي نحن بصدده ، الذي أخذناه في وجوب الاكرام أو في الاكرام المتعلّق به الوجوب ، الذي قلنا إنّه مباين لما يدلّ على عدم الوجوب في بعض الأيّام ، سواء كان من أحد الطرفين أو من الوسط ، وأنّه لا يتصوّر فيه التبعيض في الاطاعة والعصيان ، وأنّه حكم واحد من جميع الجهات خارجاً وواقعاً وثبوتاً وإثباتاً وإطاعة وعصياناً.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أفاده بقوله : وأمّا حديث تعدّد الواحد والاتّصال بعد الانفصال ـ إلى قوله ـ فتدبّره فإنّه حقيق به (١) ، خصوصاً ما أحال به على ما تقدّم منه (٢) من تصوير الاطاعة والعصيان في مثل قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٢٢١ ـ ٢٢٢.
(٢) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٢١٨.