العموم الأزماني وإن لم نعرف رجوعه إلى الحكم أو المتعلّق ، لما حرّرناه من صحّة الرجوع إلى ذلك العموم على كلّ من التقديرين.
وأمّا بناءً على ما أفاده شيخنا قدسسره من عدم إمكان تقيّد الحكم في الدليل الأوّل بكونه موجوداً في كلّ آن فلا تكون المسألة عنده من الترديد بين الاطلاقين ، بل تكون من قبيل الترديد بين الاطلاق في ناحية المتعلّق وأصالة عدم الحكم على الحكم الأوّل بأنّه موجود في كلّ آن ، لأنّ ذلك العموم الأزماني المستفاد من الدليل الآخر لو كان مصبّه هو الحكم ، لم يكن من باب التقييد لذلك الحكم المستفاد من الدليل الأوّل بالوجود في كلّ زمان ، بل يكون من قبيل الحكم على الحكم المذكور بأنّه موجود في جميع الأزمنة.
قال قدسسره فيما حرّرته عنه ما توضيحه : ولا ريب في أنّ هذه القرينة أعني قرينة الحكمة ( يعني بذلك الدليل العقلي الحاكم بلغوية الحكم الآني ) ليس حالها حال سائر القرائن في كشفها عن أنّ المراد باللفظ على طبق القرينة ، ليكون العموم الأزماني على تقدير رجوعه إلى الحكم موجباً للتصرّف في المراد بالحكم المستفاد من الدليل الأوّل ، بل هي من قبيل الدليل العقلي على مطلب مستقل ، وهو أنّ وجوب الوفاء ثابت في كلّ آن وإلاّ لكان لغواً. ولا يخفى أنّ ذلك لا يكون دليلاً على أنّ المراد من وجوب الوفاء في قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(١) هو الوجوب دائماً ، بل أقصى ما فيه أن يكون موجباً لحكم جديد على ذلك الحكم الأوّل ، بأن ينظر إلى الوجوب المستفاد من قوله تعالى : ( أَوْفُوا ) ، ويحكم عليه بأنّه موجود في جميع الأزمنة ، انتهى.
ولأجل ذلك قلنا إنّه بناءً على مسلكه قدسسره لا يكون الترديد بين رجوع العموم
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.