على ذلك الوجوب بأنّه موجود في كلّ زمان ، فيكون ذلك الحكم العقلي موجباً لتقييد الوفاء بكلّ زمان قبل الوصول إلى مرتبة الحكم على الوجوب بالوجود في كلّ زمان ، كما أنّه يندفع الإشكال الثاني أيضاً الراجع إلى أنّ هذا الحكم العقلي بمنزلة الدليل المتّصل الذي يتعيّن فيه رجوع العموم إلى المتعلّق ، وكأنّ قوله : ومن جملة مقدّمات الحكمة في المقام إطلاق المتعلّق وعدم تقييده بالعموم الزماني ، فإنّه مع تقييد المتعلّق بذلك لا تصل النوبة إلى التمسّك بمقدّمات الخ (١) ، إشارة إلى ذلك ، فلاحظه وتأمّل فيه.
لأنّا نقول : إنّ الأمر في الوفاء الذي هو متعلّق الوجوب بعد فرض كون الاهمال في مقام الثبوت محالاً ، يدور بين كون المراد منه هو الوفاء في زمان مخصوص ، أو الوفاء في جميع الأزمنة ، أو الوفاء في زمان ما. ولا سبيل إلى الأوّل لأنّ المفروض عدم البيان عليه ، كما أنّه لا سبيل إلى الثالث لكونه موجباً للغوية ، فيتعيّن الثاني.
ولا معنى للقول بأنّ الشارع يجعل الوجوب وارداً على الوفاء المطلق الواقع في زمان ما ، ثمّ بعد ذلك يرى لغوية الحكم المذكور ، فدفعاً أو رفعاً للغوية التي لزمت حكمه المذكور يجعل حكماً آخر على الحكم المذكور ، بأن يوسّعه ويحكم عليه بأنّه موجود في كلّ زمان ، بل هو من أوّل الأمر يجعل حكمه وارداً على الوفاء المقيّد بوجوده في كلّ زمان.
فنحن من أجل لزوم لغوية الحكم نقول : لابدّ أن يكون حكمه هذا وارداً على الوفاء المقيّد بالوجود في كلّ زمان ، وقد اكتفى عن ذكر هذا القيد اعتماداً على حكم العقل به من جهة لزوم اللغوية بعد فرض أنّه لم يقيّده بزمان خاصّ ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٤٧.