والقطعات ، بل لم يكن في البين إلاّقوله : أكرم كلّ عالم ، وقلنا إنّ مقتضى الإطلاق أنّ هذا الحكم غير مقيّد بزمان خاصّ ، فلازمه الاستمرار من أوّل وجود الفرد إلى آخره ، فإذا خرج زيد يوم الجمعة وشككنا في حكم زيد المذكور في يوم السبت ، دار الأمر بين تخصيص العام بالنسبة إلى زيد ، أو التصرّف في ظهور الاطلاق الذي يقتضي استمرار الحكم ، ولو فرضنا أنّ الثاني متعيّن من جهة أنّ ظهوره إطلاقي يرفع اليد عنه في مقابل الظهور الوضعي ، فلا يجوز أن يقيّد موضوع الحكم بما عدا ذلك الزمان الخارج ليقال بثبوت الحكم لذلك الموضوع دائماً ، لأنّ ذلك فرع انعقاد ظهورات بالنسبة إلى الأزمان حتّى تحفظ فيما لم يعلم بالخروج والمفروض خلافه ، بل اللازم على فرض القول بدخول الفرد في الجملة ، القول بعدم دلالة القضية على زمان الحكم ، فافهم (١).
قلت : لا يخفى أنّ ما أفاده أوّلاً من التمسّك بعموم قوله : يجب في يوم السبت إكرام كلّ عالم ، محصّله إرجاع التمسّك إلى العموم الأفرادي ، ولكنّه لا يتمّ إلاّ بعد التمسّك بالعموم الأزماني بأن يقال : إنّ يوم السبت يوم من الأيّام ، وكلّ يوم يجب فيه إكرام كلّ عالم ، فهذا اليوم يجب فيه إكرام كلّ عالم ، ثمّ بعد ذلك نتمسّك بعموم إكرام كلّ عالم في يوم السبت على وجوب إكرام زيد فيه.
وأمّا ما أفاده أخيراً في صورة أخذ الزمان قطعة واحدة ، فلا يخفى أنّه قدسسره بعد أن التزم بعدم التخصيص وبقاء زيد داخلاً تحت العموم ، وأقصى ما صنعنا هو تقييد الاطلاق الدالّ على دوامه بما عدا يوم الجمعة ، فيبقى حاله في باقي الأيّام التي ثبت فيها وجوب إكرامه في الجملة على حاله من الاطلاق القاضي بالدوام ،
__________________
(١) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٥٦٨ ـ ٥٧٣.