إكرام كلّ عالم يكون بالتخصيص لا بالتخصّص. وبالجملة : إنّ هذا الدليل الثالث لا تعرّض له بالنسبة إلى الدليل الثاني ، ويكون مخصّصاً للدليل الأوّل.
أمّا لو كان مفاد الدليل الثالث عدم وجوب إكرام زيد في خصوص يوم السبت ، بحيث إنّا فهمنا منه أنّ عدم وجوب إكرامه مختصّ بيوم السبت دون غيره من الأيّام ، على وجه كان في باقي الأيّام محكوماً بوجوب الإكرام ، كان حال هذا الدليل على العكس من حال السابق ، يعني أنّه يكون غير متعرّض للدليل الأوّل ، ويكون مخصّصاً للدليل الثاني ، فإنّه يكون بالنسبة إلى الدليل الأوّل غير مخصّص ، بمعنى أنّ الدليل الأوّل القاضي بوجوب إكرام كلّ عالم يكون باقياً بحاله من شموله لزيد ، لفرض أنّ إكرامه في باقي الأيّام باقٍ على ما هو عليه من الوجوب ، وإنّما لم يجب إكرامه في خصوص يوم السبت فقط ، وذلك لما تقرّر في محلّه من أنّ السالبة الجزئية لا تنافي الموجبة الجزئية ، فلا تنافي بين كون زيد لا يجب إكرامه في خصوص يوم السبت كما هو مقتضى ذلك الدليل ، وبين كونه واجب الإكرام في الجملة كما هو مقتضى الدليل الأوّل ، وحيث إنّه أمكن الجمع بين هذا الدليل الثالث والدليل الأوّل ، فلا يكون لهذا الدليل الثالث أثر ، إلاّ أنّه يكون مخصّصاً للدليل الثاني القائل إنّ كلّ واحد من تلك الوجوبات ثابت في كلّ آن أو إنّه دائمي ، ويكون محصّل الجمع بين الدليل الثالث والدليل الثاني هو أنّ وجوب إكرام زيد ثابت في كلّ آن إلاّفي يوم السبت ، فإنّه لا يكون وجوب إكرامه ثابتاً فيه.
ثمّ بعد هذا نقول : إنّه لو شككنا في خروج زيد العالم في جميع الأزمنة بمعنى أنّا احتملنا أنّه في جميع الأزمنة غير واجب الإكرام ، لكان العموم الأفرادي ـ أعني الدليل الأوّل ـ متكفّلاً بأنّه واجب الإكرام ، وبعد دخوله تحت من يجب