الحكم ، بل إنّما أقصى ما فيه هو عدم تحقّق الحكم والتوقّف من هذه الناحية.
نعم ، هنا أمر آخر وهو مسألة المانعية التي يشرحها قدسسره في محلّها (١) من أنّ تعليق الحكم الترخيصي على أمر وجودي ، كالطهارة فيما نحن فيه المعلّقة على أمر وجودي وهو الكرّية ، يستفاد منه أنّ الحكم الترخيصي بالأعمّ من الترخيص الظاهري والواقعي يتوقّف على إحراز ذلك الأمر الوجودي ، فما لم يكن ذلك الأمر الوجودي ـ الذي هو الكرّية فيما نحن فيه ـ محرزاً يكون الحكم هو الاجتناب ، لأنّ ذلك التعليق يكون موجباً لانقلاب الأصل في المسألة من البراءة مثلاً أو قاعدة الطهارة فيما نحن فيه ، إلى الاحتياط. وهذا الانقلاب هو الذي أوجب عدم الرجوع في هذه المسألة ـ أعني مسألة العلم بتاريخ الكرّية والجهل بتاريخ الملاقاة ـ إلى قاعدة الطهارة. وكان ذلك الأصل هنا مساوقاً للأصل الناشئ عن الأخذ بالمقتضي الذي هو الملاقاة مع الشكّ في وجود المانع الذي هو الكرّية.
قوله : نعم ، لو كان الماء مسبوقاً بالكرّية ثمّ طرأ عليه القلّة ، فاستصحاب بقاء الكرّية إلى زمان الملاقاة يجري ويحكم عليه بالطهارة (٢).
هذا فيما إذا كانا مجهولي التاريخ أو كانت الملاقاة معلومة التاريخ ، أمّا لو كانت القلّة معلومة التاريخ فإنّ استصحاب عدم الملاقاة إلى ما بعد القلّة لا يجري ، إذ لا يثبت بها وقوع الملاقاة في حال القلّة ، وحينئذ نبقى نحن والملاقاة والشكّ في الكرّية عندها ، فإن قلنا بالمانعية كما هو مسلكه قدسسره كان الحكم حينئذ هو
__________________
(١) لم نعثر عليه في مظانّه.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٣٠.