الحرمة التعليقية التي اتّصف بها العصير العنبي بعد فرض وجوده ، لم يرد عليه سوى ما أُفيد من كونها عقلية ، دون كونها مقطوعة البقاء ، لكونها حينئذ مشكوكة البقاء بواسطة الشكّ في مدخلية العنبية في تلك الحرمة ، وبعد التسامح العرفي في اتّحاد القضية المتيقّنة مع القضية المشكوكة يكون الاستصحاب فيها جارياً ، ولا إشكال فيه سوى إشكال أنّها ليست بشرعية ، من جهة كون تلك الحرمة التعليقية التي اتّصف بها ذلك العصير العنبي بعد وجوده لازماً عقلياً لجعل الحرمة ، مرتّبة على الموضوع المركّب منه ومن الغليان ، فإنّ لازم جعل الحرمة مرتّبة على العصير والغليان أنّ العصير إذا وجد قبل غليانه يكون متّصفاً بالحرمة التعليقية وهي أنّه لو غلى لكان حراماً.
لا يقال : قد تحقّق في محلّه صحّة جريان الاستصحاب في جزء الموضوع إذا كان جزؤه الآخر محرزاً بالوجدان ، والمصحّح لجريان الاستصحاب في الجزء المذكور إنّما هو الأثر اللاحق له باعتبار كونه جزءاً لموضوع الحكم ، فذلك الأثر اللاحق للجزء إذا كان مصحّحاً للاستصحاب في نفس الجزء فلِمَ لا يصحّح الاستصحاب الجاري في نفس ذلك الأثر ، أعني الأثر اللاحق لجزء الموضوع.
لأنّا نقول : المصحّح لاستصحاب جزء الموضوع عند الشكّ في بقائه مع فرض إحراز جزئه الآخر بالوجدان ليس هو الأثر اللاحق له باعتبار كونه جزءاً من الموضوع ، وإنّما المصحّح للاستصحاب المذكور هو ترتّب الحكم عليه ولو بعد جريان ذلك الاستصحاب المحقّق لاحراز جزء الموضوع ، ومن الواضح أنّ هذا المعنى غير متحقّق فيما نحن فيه.
والحاصل : أنّ المستصحب لابدّ من أحد الأمرين ، إمّا كونه في حدّ نفسه أثراً شرعياً عملياً ، أو كونه بحيث يترتّب عليه الأثر العملي الشرعي ، وفي