يظهر من حواشيه على العروة (١) ورسالته الوسيلة (٢) بعد التغيير المشار إليه في الكتاب (٣) في صور المسبوق بالقلّة.
ولا يخفى أنّه قدسسره أشار إلى صور المسبوق بالكرّية إشارة إجمالية ، وكنت أتخيّل أنّ الحكم عنده قدسسره في صورة الجهل بتاريخ كلّ من القلّة والملاقاة هو الطهارة ، لما عرفته من جريان أصالة بقاء الكرّية إلى حين الملاقاة ، وعدم جريان أصالة عدم الملاقاة إلى حين النقصان لكونه مثبتاً ، ولكن حينما عرضت ذلك بخدمته قدسسره ، أفاد أنّ الحكم في هذه الصورة هو النجاسة لتعارض الأصلين فيها وهما أصالة بقاء الكرّية إلى حين الملاقاة وهو مقتض للطهارة ، وأصالة عدم هذه الملاقاة إلى حين النقصان وهو مقتض للنجاسة ، وبعد التعارض والتساقط يرجع إلى قاعدة المقتضي والمانع ، أعني ما عرفت من لزوم إحراز الكرّية عند الملاقاة في الحكم بالطهارة ، وليس هذا الأصل ـ أعني أصالة عدم حدوث هذه الملاقاة في حال الكرّية ـ مثبتاً ، لعدم توقّف الحكم بالنجاسة على لازمه الذي هو وقوع الملاقاة بعد النقصان ، وذلك لأنّ هذه الملاقاة معلومة بالوجدان ، ويكفي في الحكم بالنجاسة أصالة عدم وقوع هذه الملاقاة في حال الكرّية ، لأنّ العاصم هو وقوع الملاقاة في حال الكرّية ، فإذا جرى أصالة عدم هذه الملاقاة في حال الكرّية ، لم يتحقّق كون هذه الملاقاة مع العاصم الذي هو الكرّية ، فيترتّب الحكم بالنجاسة.
ومن ذلك يظهر لك أنّ الحكم بالنجاسة في الصورة الأخيرة ـ أعني ما لو
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٨٤ م ٨ / الماء الراكد.
(٢) وسيلة النجاة : يز [ لا يخفى أنّه قد رمز للصفحات الأُولى منها بالحروف ].
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٥٣٠.