التكرار بالطريقة المذكورة من الوضوء بالأوّل وغسل أعضائه بالثاني والوضوء منه ، أمّا لو كان متمكّناً من ذلك فلا يشرع له إراقتهما والتيمّم ، بل يلزمه الطريقة المذكورة.
ثمّ إنّ بعض أجلّة العصر (١) أفتى في وسيلته وحاشيته على العروة بأنّه يتوضّأ من الأوّل ويصلّي ، ثمّ يغسل أعضاءه بالثاني ويتوضّأ منه ويعيد الصلاة.
والحاصل : أنّ القائل بتقدّم استصحاب النجاسة لكونها معلومة التاريخ أو لكونها شخصية على استصحاب الطهارة لكونها مجهولة التاريخ أو كونها كلّية مردّدة بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، يمكنه أن يحصل على الصلاة بطهارة واقعية ، بأن يتوضّأ من الأوّل ويصلّي ثمّ يغسل أعضاء وضوئه بالثاني ويتوضّأ منه ويعيد صلاته ، وليس فيه شيء سوى إشكال تأتّي قصد القربة بالصلاة الأُولى مع فرض جريان استصحاب الحدث في حقّه ، للشكّ في صحّة وضوئه للشكّ في طهارة مائه ، كما أنّ الأمر كذلك ـ أعني إشكال قصد القربة ـ جار في الصلاة الثانية ، فإنّه يكون حينئذ مستصحباً للخبث ، ولكن كلّ ذلك لا يضرّ بالاتيان بالصلاة بداعي الاحتمال ، لاحتمال خطأ الاستصحاب الأوّل وخطأ الثاني.
أمّا الإشكال في قصد القربة بوضوئه الأوّل فالأمر فيه أسهل ، لأنّه لم يكن في ذلك إلاّعدم إحراز الشرط وهو طهارة الماء. نعم في الوضوء الثاني يتأتّى عين الإشكال في الصلاة ، لأنّه بعد غسله أعضاءه بالثاني يجري في حقّه استصحاب نجاسة الأعضاء ، وطهارتها شرط في صحّة الوضوء ، ثمّ بعد هذا كلّه يبقى مبتلياً
__________________
(١) وهو السيّد أبو الحسن الأصفهاني قدسسره ، راجع وسيلة النجاة ١ : ٣٤ / م (٢) من شرائط الوضوء ، العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ١١٦ ـ ١١٧ / م (١٠) من الماء المشكوك النجاسة.