يحتمل أنّها هي هند ويحتمل أنّها امرأة أُخرى ، فإن كانت هنداً فقد ارتفعت الحرمة فيها بالعقد عليها ، وإن كانت غيرها فقد بقيت حرمتها ، فيجري في حقّه استصحاب عدم العقد على هذه الامرأة الموجودة أمامه.
ونظير ذلك ما لو علمنا بموت زيد ، ورأينا شخصاً نائماً في هذه الغرفة ، فإن كان هو زيداً فقد مات ، وإن كان هو غيره فهو باقي الحياة. وكذا لو ذكّينا هذه الذبيحة ثمّ رأينا حيواناً مذبوحاً ، فإن كان هو ذلك الحيوان فقد ذكّيناه ، وإن كان غيره فقد مات حتف أنفه. وكذا لو علمنا بأنّ زيداً العادل قد فسق ثمّ رأينا شخصاً يصلّي ، فإن كان هو زيداً فلا يمكننا الصلاة خلفه ، وإن كان هو عمراً جازت الصلاة خلفه لبقاء عدالته ، إلى غير ذلك من الأمثلة المشتملة على طروّ ناقض الحالة السابقة مع الاشتباه بما لم يطرأه ذلك الناقض.
ومن الواضح أنّ تلك الجنابة الواقعية التي كانت عند خروج هذا المني من قبيل الحرمة التي كانت على هذه المرأة الموجودة أمامه ، فيجري فيها الاستصحاب ، ويكون معارضاً لاستصحاب الطهارة الحاصلة له من غسله عند الزوال ، وليس استصحاب الجنابة في ذلك من قبيل استصحاب الفرد المردّد مثل الجمعة والظهر بعد فعل أحدهما ، أو الأصغر والأكبر بعد واحد من الغسل أو الوضوء ، لأنّ الجنابة هنا على تقديرها تكون فرداً ثانياً بعد الفرد الأوّل الذي فرغ من الاغتسال [ منه ] ، ويكون الاغتسال واقعاً في محلّه ، لا أنّه يكون لغواً كما في مسألة التردّد بين الفريضتين أو الحدثين (١).
__________________
(١) وحاصل الفرق : أنّه في مثل مسألة الفريضتين أو الحدثين لا يكون الواقع إلاّ أحد الأمرين ، من دون احتمال اجتماعهما ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ تلك الجنابة التي