استصحاب عدم الوضوء بعده ، إلاّ أنّه ليس هو عبارة عن استصحاب عدم ذلك الوضوء الذي كان قد تيقّن بتحقّقه أوّل النهار ، بل هو عبارة عن استصحاب عدم الوضوء الكلّي بعد الحدث ، فإنّ الأمر فيما هو المفروض وإن كان انحصار الوضوء المحتمل بالوضوء الذي كان قد وقع أوّل النهار ، إذ لا يحتمل المكلّف أنّه توضّأ وضوءاً آخر غير ذلك الوضوء ، إلاّ أنّ ذلك الانحصار الاتّفاقي فيما نحن فيه لا يوجب أن يكون المراد من استصحاب الحدث الراجع إلى استصحاب عدم الوضوء هو استصحاب عدم ذلك الوضوء الواقع أوّل النهار ، بل أقصى ما فيه هو أن يكون المراد من استصحاب الحدث استصحاب عدم تحقّق كلّي الوضوء بعد ذلك الحدث ، لا استصحاب عدم وقوع خصوص ذلك الوضوء الواقع أوّل النهار.
قوله : ودعوى عدم اتّصال زمان الشكّ في بقاء الوضوء والحدث بزمان اليقين قد عرفت ضعفها ... الخ (١).
ظاهره أنّ شبهة عدم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين جارية فيما لو كان أحد الحادثين معلوم التاريخ كالوضوء وكان الآخر وهو الحدث مجهول التاريخ ، فإنّها تجري فيما هو مجهول التاريخ وإن لم تكن جارية فيما هو معلوم التاريخ ، وقد صرّح بذلك المرحوم السيّد قدسسره في العروة ، فإنّه قال : وإن علم الأمرين وشكّ في المتأخّر منهما ، بنى على أنّه محدث إذا جهل تاريخهما أو جهل تاريخ الوضوء ، وأمّا إذا جهل تاريخ الحدث وعلم تاريخ الوضوء بنى على بقائه ، ولا يجري استصحاب الحدث حينئذ حتّى يعارضه ، لعدم اتّصال الشكّ باليقين به حتّى يحكم ببقائه ، والأمر في صورة جهلهما أو جهل تاريخ الوضوء وإن كان
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢٤.